رسالة استشاري مرموق: شجع مرؤوسيك على التحدث بصراحة


إذا كان ريتش ليسر محبوبا من قبل زملائه الذين انتخبوه لرئاسة مجموعة بوسطن الاستشارية لتسعة أعوام، فقد كانت لديهم أحيانا طريقة غريبة لإظهار ذلك.
كان المهندس الكيميائي مستشارا لثلاثة عقود ورئيسا تنفيذيا لست سنوات عندما منحه شركاء مجموعة بوسطن الاستشارية فترة ثالثة وأخيرة رئيسا لهم في عام 2018.
بوصفه الرئيس التنفيذي، أشرف ليسر، البالغ من العمر 59 عاما، على مضاعفة القوة العاملة إلى 22 ألفا وتضاعفت الإيرادات ثلاث مرات تقريبا لتصل إلى 8.6 مليار دولار في عام 2020 في الشركة التي تبيع استشارات استراتيجية لأكبر شركات العالم، مثل شركة ستاربكس للمقاهي، وشركة رويال دتش شل للنفط والغاز، وشركة جلاكسو سميث كلاين للأدوية.
لكن مع بدئه آخر ثلاث سنوات من توليه دفة القيادة، بدأ الشركاء بطرق بابه لمناقشة أمر مختلف عن المبيعات والنمو: تغير المناخ.
يقول، متحدثا من منزله في نيو جيرسي: "كان هناك كبار الشركاء الذين أحترمهم كثيرا في مجموعة بوسطن الاستشارية، والذين، لعدم وجود عبارة أفضل، كانوا يضربونني".
كانت المجموعة تعمل على مشاريع بشأن تغير المناخ للعملاء بالفعل لكن ليسر يقول إن زملاءه كانوا يحثونه "بلا هوادة" على التحرك بشكل أسرع لحشد موارد الشركة لمعالجة المشكلة.
التحدث عن تغير المناخ يحمل مخاطرة إثارة غضب العملاء في الصناعات الملوثة للبيئة. كان النقاش العام يدور بشأن الاحتباس الحراري في جو محموم، ولا سيما في الولايات المتحدة حيث اعتبر كثير من الجمهوريين أنه علم زائف.
كان ليسر يدير بالفعل الشركة سريعة النمو، التي تدخل في مجالات جديدة، مثل التحليلات الرقمية، عندما طالبه زملاؤه بإعطاء الأولوية لمعالجة تغير المناخ.
يقول: "بدأت أعتقد أنهم على حق، لم يكن الأمر أننا لم نأخذ الموضوع على محمل الجد. لكن هناك فرق بين أخذ الأمر بجدية وصب كامل قوى شركة مثل مجموعة بوسطن الاستشارية فيه".
اللحظة الحاسمة، كما يقول ليسر، جاءت عندما أرسل فيليب جيربرت، أحد كبار الشركاء في ألمانيا، بريدا إلكترونيا إلى جميع شركاء مجموعة بوسطن الاستشارية البالغ عددهم حوالي 1500 شريك حول العالم يوضح بعبارات صارخة الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ. وهو يشير إليها الآن باعتبارها "حادثة مضحكة" لكن رد فعله الأولي كان مختلفا.
يتذكر ليسر: "في إحدى وجهات النظر كنا نوعا ما مثل: ’ما الذي يفعله؟ إنه يكتب هذا فقط، دون مراجعة أي شخص ويقوم بإرسال ذلك فقط‘. لكن من الناحية الأخرى... كان جوهر ما كتبه مهما".
جيربرت، الذي تقاعد من مجموعة بوسطن الاستشارية العام الماضي تاركا خلفه علاقات طيبة، أخبر "فاينانشيال تايمز" أن رسالته الإلكترونية تضمنت مقطع فيديو مدته 14 دقيقة، أنتجه بنفسه لتجنب احتمال تعرض مهنة أي من زملائه للضرر من خلال ربطه بتدخله هذا.
قدم جيربرت في مقطع الفيديو، الذي لم يتم نشره خارج الشركة في بادئ الأمر، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى انتقادات لاذعة، بيانات لدعم التصرف الفوري وجادل لصالح حشد المؤسسات والأسواق المالية للتخفيف من تغير المناخ.
جعلت مجموعة بوسطن الاستشارية عملياتها خالية من الكربون في عام 2018، على الرغم من أنها فقط في أيلول (سبتمبر) من عام 2020 ـ بعد مناشدات جيربرت ـ التزمت بهدف أكثر صرامة لتحقيق صافي تأثير مناخي صفري بحلول عام 2030.
ترغب الشركة في خفض الانبعاثات من رحلات العمل – وهي أكبر عامل في تأثيرها على المناخ – بنسبة 30 في المائة لكل موظف بدوام كامل بحلول عام 2025 مقارنة بمستويات عام 2018.
دخلت مجموعة بوسطن الاستشارية لاحقا في شراكة مع قمة "كوب 26" للمناخ وكان ليسر المستشار الرئيسي لتحالف الرؤساء التنفيذيين للمناخ في المنتدى الاقتصادي العالمي.
تقول الشركة إنها أنهت 400 مشروع متعلق بالمناخ والبيئة لصالح 300 عميل في عام 2020، على الرغم من أن ليسر يصر على أن الأساس المنطقي للعمل هو تأثير الاحتباس الحراري "على التنوع البيولوجي وسبل العيش".
يضيف أن الفوائد التجارية للتكيف لتلبية الطلب المتزايد من الشركات للحصول على مشورة بشأن كيفية تخفيف مساهمتها في تغير المناخ كانت أمرا ثانويا.
قال ليسر سابقا إنه لا يعتبر نفسه "صاحب الرؤية العظيم الذي يفكر في كل شيء بنفسه". ويصف النقاش حول تغير المناخ بأنه أحد أفضل الأمثلة على ثقافة التحدي التي حاول أن يحافظ عليها بوصفه رئيسا تنفيذيا، بتشجيع الموظفين على إبداء وجهات نظرهم الصريحة وعدم إخباره أو الزملاء الكبار بما يعتقدون أنهم يرغبون في سماعه ببساطة. يقول: "كلنا نعلم أن المناخ لم يكن فكرة ريتش".
تعتبر رعاية الأصوات المعارضة والاستماع إليها أمرا مهما بسبب ما يسميه "فقاعة الرئيس التنفيذي" حيث يتم تعزيز وجهات نظر الرؤساء التنفيذيين ـ الذين يمتلكون السلطة بسبب التقدم الوظيفي على زملائهم ـ باستمرار من قبل من حولهم. يقول مع مرور الوقت يمكن أن تتطور "فجوة الأمر الواقع"، ما يجعل من غير المرجح أن يتحدى الموظفون الشخص الذي قاد الشركة لسنوات.
يضيف: "عليك العمل بجد أكبر، كما أعتقد، في الأعوام من الرابع إلى الثامن مقارنة بالأعوام من صفر إلى أربعة لإيجاد بيئة تشجع على النقاش، واستدعاء الأشخاص الذين يختلفون معك وشكرهم وأن تظهر لهم كيف تغيرنا نتيجة لذلك".
في رسالة للموظفين في شباط (فبراير) الماضي، حثهم على الإطاحة "بالديكتاتور الداخلي" الخاص بهم من خلال الانفتاح لإعادة التفكير في معتقداتهم، مستشهدا بكتاب "فكر مرة أخرى: قوة معرفة ما لا تعرفه" بقلم آدم جرانت، أستاذ علم النفس التنظيمي في مدرسة وارتون في جامعة بنسلفانيا.
تم تحدي ليسر من خارج مجموعة بوسطن الاستشارية ومن داخل صفوفها كذلك.
مثل غيرها من الشركات الاستشارية التي تحدثت عن تأثيرها الاجتماعي الإيجابي، واجهت مجموعة بوسطن الاستشارية تدقيقا بسبب عملها لمصلحة شركات تعد شديدة التلويث للبيئة.
يقول ليسر: "أعتقد أننا حاولنا طوال فترة الرئاسة (الخاصة بي) أن نكون حذرين جدا بشأن العمل الذي قمنا به والعمل الذي لم نقم به. لقد انسحبنا من عمل قيمته مئات الملايين من الدولارات وذهب إلى شركات استشارية أخرى في مشاريع (...) لا تتناسب مع ما نرغب في القيام به".
تقول الشركة إن لديها مبادئ توجيهية لضمان عدم عملها مع الشركات "غير المبالية علنا بتغير المناخ أو التي تنكره" وأنها لن تعمل مع العملاء المحتملين في القطاعات عالية الانبعاثات ما لم يكن لديهم خطة للتصدي لتغير المناخ.
عقب عقد تقريبا من رئاسة الشركة التي انضم لها عام 1988، في أول تشرين الأول (أكتوبر) المقبل سيصبح ليسر الرئيس العالمي لمجموعة بوسطن الاستشارية، وسيتولى كريستوف شفايتزر، المخضرم منذ 23 عاما في المجموعة، السيطرة اليومية رئيسا تنفيذيا جديدا.
يتوقع ليسر أن يمنحه منصب الرئيس مزيدا من الوقت للعمل مباشرة على عدد صغير من مشاريع العملاء وعلى "القيادة الفكرية" في القضايا المجتمعية مثل المناخ وفيروس كوفيد - 19 والمساواة العرقية.
أصبحت هذه القضايا محط تركيز كبير للشركات لجذب الموظفين والعملاء.

3 أسئلة لريتش ليسر

من بطلك في القيادة؟ نيلسون مانديلا. أشعر بالإعجاب تجاه مزاجه القيادي للمطالبة بالتغيير بجرأة والقيام بذلك من خلال الجمع بين الناس على الرغم من كل ما اضطر لتحمله.
لو لم تكن الرئيس التنفيذي لمجموعة بوسطن الاستشارية، ما الذي كنت ستفعله؟
إما مدرس رياضيات في مدرسة ثانوية وإما باحثا في مجال الوقود الاصطناعي.
ما أول درس تعلمته في القيادة؟ يبدأ كل شيء بإنشاء الفريق المناسب – أفضل المواهب، وأهداف وتطلعات مشتركة، ووجود دعم متبادل، مع الشجاعة للتحدث والدفع نحو التغيير.

تاريخ الخبر: 2021-09-03 22:23:33
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 42%
الأهمية: 45%

آخر الأخبار حول العالم

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:45
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية