مع سرعة تغيير، ووتيرة تحولات لم يسبق لها مثيل، شهدها العالم في العقد الأخير؛ تشكّلت مجموعة من التحديات التي تواجه العالم بأسره، تحديات لا تؤثر فقط على دولة أو إقليم، لكن التأثير يصل للجميع، وبالطبع لا يمكن مواجهة هذه التحديات من قبل حكومة أو دولة بمفردها، إنما يجب العمل بشكل تعاوني من الجميع، وعلى مختلف المستويات، بداية من الحكومات وحتى الأفراد. في الأسطر القادمة، أحاول أن أعرض وجهة نظر، حول دورنا كسعوديين تجاه هذه التحديات، وما تعنيه لنا، فعندما نفهم رؤية 2030، نجد أن دور المملكة يتخطى الدور المحلي والإقليمي، ويصل إلى دور رائد وقيادي على مستوى العالم، وهذا لن يتحقق إلا بالنظر بصورة أشمل وأكبر من مجرد تحسين الاقتصاد ومستوى حياة الأفراد، بل يحتاج إلى إسهامات حكومية وفردية بارزة في حلول التحديات التي تواجه المستقبل.
أبرز التحديات تتعلق بالقدرة على تحقيق التنمية المستدامة في ظل التغير المناخي، وتوفير الطاقة النظيفة، والمدن المستدامة، وتعزيز اقتصادات السوق الأخلاقية، والقضايا الصحية، والأمن المعلوماتي، والتقارب والتواصل التكنولوجي، وحل النزاعات العالمية، وتحقيق التوازن بين النمو السكاني والموارد، وغيرها من التحديات التي تشكلت عبر السنين، أو تحديات جديدة مع التحولات المفاجئة.
هذه التحديات وغيرها، تمثل ميدان كبير وواسع أمام الجميع. فأمام الأفراد؛ هناك فرص واضحة في مجالات تهم البشرية، التعلم والتطور واكتساب الخبرات في هذه المجالات، وخلق حلول ابتكارية ورائدة للمساهمة في تخفيف آثار هذه التحديات وغيرها، يمكن أن يمثل مسار واضح للعديد من الأفراد الذين يسعون إلى أن يكون لهم إسهامات بارزة في المستقبل، وهناك فرصا أمام رواد الأعمال السعوديين في خلق شركات ومنشآت تعمل على إيصال الحلول المبتكرة لهذه التحديات إلى الجميع حول العالم، وهو ما سيصب في النهاية في مصلحة دور ومكانة المملكة عالميا.
على المستوى الحكومي في المملكة؛ هناك دور كبير وهام للغاية، في دعم الجهود الدولية، والانخراط فيها، لمواجهة مختلف التحديات العالمية، من خلال زيادة الأنشطة التي تقوم بها المملكة في هذا الصدد، وها قد بدأت المملكة المسير في طريق الاهتمام بالمدن البيئية المستدامة، وغيرها من الأنشطة التي تدعم جهود المجتمع الدولي في الحفاظ على البيئة والمناخ، حيث بدعم من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تستضيف الرياض، خلال شهر أكتوبر القادم، النسخة الافتتاحية لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء، وقمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر. هذه الأنشطة تعكس حرص المملكة على ترك أثر واضح وإسهامات بارزة، في مواجهة أبرز التحديات التي تواجه المستقبل، حيث تستهدف المبادرات زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، وتخفيض الانبعاثات الكربونية بأكثر من 10٪ من الإسهامات العالمية.
لكن ننتظر دعم ونشاط أكثر، في مواجهة مختلف التحديات، من خلال زيادة الاهتمام بمراكز البحث العلمي والابتكار، وتشجيع الأفراد على ترك بصمة وأثر واضح، بما يتناسب ودور المملكة في رؤية 2030.
* نقلا عن جريدة مال السعودية
