الروائي محمد توفيق: الجوائز لا تصنع كاتبا ونعيش أزمة نقد ( 2 ــ 2 ) حوار


في الجزء الثاني من حواره لــ"الدستور"، يكشف الروائى والدبلوماسى محمد توفيق عن أحدث أعماله الأدبية٬ موقع الرواية علي خارطة الثقافة العربية، وورش الكتابة وغيرها من الموضوعات التي تشغل الوسط الثقافي.

صدر لــ محمد توفيق: "ليلة في حياة عبد التواب توتو"  ــ "طفل شقي اسمه عنتر" ــ "فتاة الحلوي".
كما صدر له المجموعات القصصية: "الفراشات البيضاء" ــ "عجميست"ــ نوفيلا بعنوان "حتي مطلع الفجر". يدير ورشا للكتابة الإبداعية بانتظام منذ 1998 . له تحت الطبع مجموعة قصصية بعنوان "التمساح رقم 6".


شهد العقدين الأخيرين من الألفية الثانية إنتشارا ورواجا ملحوظا لفن الرواية، هل تري أنها صارت ديوان العرب المعاصر؟

هناك قدر من الرواج للرواية، لكن هل يقارن الأدب بالسينما أو الدراما التلفزيونية من حيث الانتشار؟ معدلات القراءة في مصر والعالم العربي منخفضة للغاية، وعلاوة على ضعف معدلات القراءة بصفة عامة فإن نوعية الأعمال التي تقرأ دون المستوى في كثير من الأحيان، لذلك فإنني لا أصف الرواية أو أي لون أدبي بأنه ديوان العرب، وأعتبر أن المسلسل التلفزيوني أصبح ديوان العرب بلا منازع، بل سادت معاييره بين القراء وحتى بعض الكتاب، وأصبح العديد من الأعمال الأدبية تكتب على طريقة المسلسلات إرضاء للقراء، ومن علامات النجاح للرواية أن تحول إلى فيلم سينمائي أو مسلسل.  

اعمال توفيق 

هل تعاني الساحة الثقافية من أزمة نقد؟ وكيف تري دور الناقد؟
لدينا نقاد متميزون بكافة المعايير، وكنت محظوظا لأن أعمالي حظيت بعدد لا بأس به من القراءات  المتميزة لنقاد مصريين وأجانب، ومع هذا لا أستطيع إنكار أن لدينا أزمة نقد – وأتحدث عن السياق العام وليس الأكاديمي الذي لست في موضع التعليق عليه – أي فيما يتعلق بعلاقة النقد بالقارئ العادي. لماذا؟ لأنه يستحيل على القارئ أن يميز بين عمل جيد وآخر متوسط استنادا إلى ما ينشره النقاد في وسائل الإعلام أو ما يدلون به في الندوات غير المتخصصة، فقد يحظى العمل المتوسط على اهتمام – بل واحتفاء - نقدي يفوق ما يحظى به العمل الجيد. كما نجد من جهة أخرى أن كثيرا من القراءات النقدية تتناول الأعمال الأدبية بمصطلحات أكاديمية متخصصة وفضفاضة، وبشكل يتسم بالعمومية ولا يركز على خصوصية النص ومفاتيحه، وقد ترتب على ذلك ظهور فئة من الـ "ريفيورز" الهواة، يصلون بسهولة إلى ألوف القراء بتوظيف منصات التواصل الاجتماعي، ويقدمون خدمة مطلوبة أقدرها شخصيا مع ملاحظة أن بعضهم ليس لديه خلفية رصينة من القراءات الجيدة، وأن بعض الآراء التي تطرح لا تتسم بالعمق الكبير أو الإدراك الجيد لمعايير الأدب الراقية، فهي تقدم خدمة مطلوبة دون أن تساهم بالضرورة في الإرتقاء بالذائقة العامة.  

اعمال توفيق 

أما عن دور الناقد فهو بدءا لا يقوم بدور الحكم أو المحكم للعمل الأدبي، إنما دوره أن يطرح قراءة مبدعة له استنادا إلى منهج رصين، فقد تتباين القراءات النقدية للعمل الواحد، بل إن هذا التباين هو الأمر الطبيعي، فالناقد الناجح من يحدث التوازن المطلوب بين نزعاته الشخصية كموقفه الأيديولوجي وعلاقاته الشخصية بالمؤلفين من جهة، وما يقوده إليه منهجه وذائقته الأدبية من جهة أخرى.

ما رأيك في "موضات" القراءة والكتابة٬ بمعني في فترة ما سادت وانتشرت روايات الرعب٬ وفي فترة لاحقة ظهرت الروايات التاريخية بكثافة٬ هل توقفت عند هذه الظاهرة وكيف تحللها ؟
 

من الطبيعي أن تتراوح اهتمامات القراء بين الموضوعات والألوان الأدبية المختلفة، وأن تتعايش كل الألوان وتزدهر مع ازدهار صناعة الكتاب بصفة عامة، المهم أن تتطور الذائقة العامة للقراء بحيث ترتقي وتستطيع أن تميز الكتابة الجيدة في كل الألوان وتستمتع بها، وبذلك تساهم القراءة والكتابة في بناء مستقبل أفضل.

لمن يقرأ محمد توفيق ؟
أحاول الموازنة بين الكلاسيكيات العربية والعالمية والإصدارات الحديثة، وقراءة أكبر عدد من الأعمال الحديثة يكون وجوبيا عند عضويتي في لجان التحكيم لبعض الجوائز الأدبية، عندما يطلب الكتاب رأيي في مسوداتهم قبل النشر، وأحرص بطبيعة الحال على متابعة أكبر عدد ممكن من الإصدارات لكتابنا من جيلي والأجيال السابقة واللاحقة، منهم أصدقاء مقربون وآخرون لم تتح لي فرصة الالتقاء بهم،بخلاف الأعمال الكلاسيكية لأجيال الرواد، حرصت على قراءة غالبية أعمال بهاء طاهر، صنع الله إبراهيم، جميل عطية إبراهيم، جمال الغيطاني، فوزية أسعد، ومن الأجانب ألبير كامو، صمويل بيكيت، جونتر جراس، جابرييل جارسيا ماركيز، ريتشارد بروتيجان، سوزان تبرغيان، وغيرهم.  

اعمال توفيق 

ماذا تعني لك الجوائز؟ هل تكتب عملا وعينك علي جائزة بعينها؟
الجوائز لا تصنع الكاتب، فالعمل الفائز بجائزة ليس الأفضل، إنما الذي يحظى على توافق أعضاء لجنة التحكيم، ولكل من هؤلاء موقفه الأيديولوجي وذائقته الفنية، وقد لمست ذلك بنفسي من خلال مشاركتي في لجان للتحكيم، لذلك فالكاتب الذي يعلق آمالا عريضة على الفوز بجائزة يرتكب خطأ جسيما في حق نفسه، والأسوأ أن يكتب عملا وفي ذهنه جائزة بعينها، لأن العمل سيخرج مصطنعا فاقدا للتلقائية والمصداقية، فيخسر المؤلف الجائزة وجودة العمل معا.    

ما هو كتابك المفضل؟ ولماذا؟
كتابي المفضل "طبل الصفيح" للألماني جونتر جراس، لأنه نجح في أن ينقل تجربة شعبه المؤلمة في القرن العشرين بشكل شامل وشخصي، ووظف آليات أدبية مبتكرة في سبيل ذلك، كما تمكن من تجنب الانزلاق في فخ الميلودراما.

إذا كتبت قصة من سطر واحد عن الموت، كيف ستكون؟
"كان الموت بالفعل يطل من عيني أمها، ورائحته تفوح من جسدها. لم تكن امرأة كاملة أبدا وهي على قيد الحياة. لم تكتمل إلا مع الموت. لعلها بالفعل كانت روحا طاهرة، لكنها بالتأكيد لم تكن ساحرة." من رواية "همس العقرب.

 تعترف بقاعدة "أكتب عما تعرفه" أم أن المبدع من حقه خوض آفاق تجريبية حتي لو لم يعرفها؟
اكتب عما تعرفه قاعدة ذهبية، لكنها لا تمنع الكاتب من التطرق إلى مناطق لا خبرة له بها بشرط الدراسة والبحث الجيد، فأنا مثلا لم أذهب أبدا لواحة الكفرة في ليبيا، بل إنني لم أقم بأي رحلة صحراوية، لكن البحث الدقيق مكنني من كتابة رواية "همس العقرب" وما تحويه من تفاصيل دقيقة. وفي نهاية المطاف فإن النفس البشرية هي موضوع الأدب المركزي، وكلنا على دراية بها.

اعمال توفيق 

الكتاب الورقي والإلكتروني أيهما الأقرب إليك ولماذا ؟
أعتز بكتبي الورقية، خاصة التي جمعتها في مرحلة الشباب المبكر، لكن بعد أن اكتظ البيت بالكتب أصبحت أميل للإلكتروني، وهو التوجه الذي تعزز بتطور إمكانات الكتاب الإلكتروني، ويهمني تحديدا أنه يتيح التحكم في حجم الخط ومستوى الإضاءة لتحقيق راحة العين، وأظن أن الكتاب الإلكتروني سيكتسح سوق النشر مع استمرار الكتاب الورقي لنوع من القراء.

هل عانيت صعوبات في أول طريقك مع النشر ؟
أول قصصي نشرت في مجلة القصة بشكل تلقائي في إطار القصص الفائزة بجوائز نادي القصة، وأول كتبي كانت مجموعة قصصية صادرة عن الهيئة العامة للكتاب، ورغم أن عملية النشر استغرقت أكثر من سبع سنوات إلا إني لا أعتبر ذلك من الصعوبات، وعلى الكاتب أن يكون مستعدا لمسيرة طويلة لا تخلو من المشقة، أصعب جوانبها الكتابة ذاتها وأيسرها النشر مهما بدا عسيرا.  

ما رأيك في "جروبات" القراءة وهل تضيف للحراك الثقافي أم هي فقاعة صنعتها السوشيال ميديا؟
منضم بالفعل لعدد من نواد الكتاب، سواء تلك التي تجتمع في الواقع أو تلك القاصرة على العالم الافتراضي، وهي ظاهرة إيجابية بصفة عامة ساهمت في التشجيع على قراءة الأدب ومناقشته، يعيبها أن بعضا من أعضاء هذه المجموعات يسابقون الزمن للانتهاء من القراءة قبل موعد المناقشة، ويركزون على إعداد التعليقات التي سيدلون بها بدلا من التفرغ لمتعة القراءة، والبعض الآخر يكرر ما سمعه من مصادر مختلفة دون أن يهتم بتكوين رأيه الذاتي، وهي مثالب ستزول تدريجيا مع ترسخ عادة القراءة.

اعمال توفيق 

هل تصنع الورش الأدبية كاتبا حقيقيا أم أنها مجرد ظاهرة ثقافية؟
الموهبة في حد ذاتها لا تكفي، بل تتطلب تطويرا مستمرا، والكتابة الأدبية كسائر الفنون بها جانب من الحرفية لا يستهان به، ومن المتعارف عليه أن ينقل الكتاب خبراتهم للأجيال الأحدث، وكان هذا يتم سابقا في المجالس الخاصة والمقاهي، وتطورت آلية نقل الخبرات بشكل أكثر منهجية في الدول المتقدمة من خلال ورش وبرامج الكتابة، وقد انتقلت الظاهرة إلى العالم العربي، فأنا حضرت مئات الورش في الخارج وتعلمت آليات الكتابة الحديثة من كتاب عالميين، وبدأت منذ إثنين وعشرين عاما في نقل ما تعلمته للكتاب العرب من خلال ورشة الكتابة المجانية التي أديرها في إطار منتدى الكتاب العربي على النِت، وفي مكتبة مصر العامة بالجيزة على أرض الواقع، وقد مر بهذه الورشة مئات من الكتاب والمثقفين، كما أن ورش الكتابة يمكن أن تحقق فائدة كبيرة، فإنها قد تتحول إلى مسألة تجارية بحتة بلا مردود حقيقي، أو قد تتحول إلى آلية للتلقين والقولبة بدلا من تشجيع كل كاتب على اكتشاف صوته الأدبي الذاتي، وهي أمور يتعين التحسب منها.

تاريخ الخبر: 2021-09-08 15:24:09
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

نجاة 20 طفلاً مصرياً استنشقوا غاز كلور داخل نادٍ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:37
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

أمطار رعدية على 5 مناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:39
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

ما حقيقة نجاة امرأة سقطت من ارتفاع 15 ألف قدم؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:35
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 51%

هل تشتعل جبهة جنوب لبنان ؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 06:23:34
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية