حلقة‏ ‏جديدة‏ ‏في‏ ‏صراع‏ ‏الصحافة‏ ‏من‏ ‏أجل‏ ‏البقاء


يتواصل‏ ‏الحديث‏ ‏هذه‏ ‏الأيام‏ ‏حول‏ ‏معاناة‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏من‏ ‏جراء‏ ‏تراجع‏ ‏الإيرادات‏ ‏في‏ ‏مقابل‏ ‏تفاقم‏ ‏المصروفات‏, ‏فالإيرادات‏ ‏التي‏ ‏تتمثل‏ ‏أساسا‏ ‏في‏ ‏الإعلانات‏ ‏والتوزيع‏ ‏تعاني‏ ‏انكماشا‏ ‏في‏ ‏كلا‏ ‏المجالين‏, ‏والمصروفات‏ ‏التي‏ ‏تتمثل‏ ‏أساسا‏ ‏في‏ ‏الطباعة‏ ‏والأجور‏ ‏تلهث‏ ‏وراء‏ ‏تضخم‏ ‏المجالين‏… ‏وتبقي‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏أسيرة‏ ‏هذه‏ ‏الأوضاع‏ ‏الصعبة‏ ‏تجاهد‏ ‏لتحقيق‏ ‏التوازن‏ ‏المطلوب‏ ‏لتتمكن‏ ‏من‏ ‏الاستمرار‏, ‏كما‏ ‏تظل‏ ‏رهينة‏ ‏هواجس‏ ‏تلاحقها‏, ‏مؤداها‏ ‏أن‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏تشهد‏ ‏أفول‏ ‏عصرها‏ ‏وعزوف‏ ‏الكثير‏ ‏من‏ ‏قرائها‏ ‏عنها‏ ‏نحو‏ ‏الصحافة‏ ‏الإلكترونية‏.‏
والحقيقة‏ ‏أن‏ ‏تلك‏ ‏الهواجس‏ ‏ليست‏ ‏بعيدة‏ ‏عن‏ ‏الواقع‏ ‏المعاش‏, ‏فما‏ ‏من‏ ‏شك‏ ‏أن‏ ‏التكنولوجيا‏ ‏الحديثة‏ ‏ووسائل‏ ‏التواصل‏ ‏الرقمية‏ ‏وأجهزة‏ ‏البث‏ ‏والاستقبال‏ ‏الإلكترونية‏ ‏جعلت‏ ‏من‏ ‏عملية‏ ‏تغطية‏ ‏ونقل‏ ‏الأحداث‏ ‏والأخبار‏ ‏عبر‏ ‏العالم‏ ‏كله‏ ‏عملية‏ ‏فائقة‏ ‏السرعة‏ ‏ومدعومة‏ ‏بالتغطية‏ ‏الحية‏ ‏بالصوت‏ ‏والصورة‏ ‏ومتزامنة‏ ‏مع‏ ‏وقوع‏ ‏الحدث‏, ‏الأمر‏ ‏الذي‏ ‏تعجز‏ ‏عنه‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏بحيث‏ ‏تقف‏ ‏قاصرة‏ ‏متأخرة‏ -‏علي‏ ‏الأقل‏ ‏فيما‏ ‏يخص‏ ‏الأحداث‏ ‏والأخبار‏- ‏لدي‏ ‏وصولها‏ ‏ليد‏ ‏القارئ‏, ‏ولا‏ ‏يتبقي‏ ‏لها‏ ‏من‏ ‏مجالات‏ ‏للتميز‏ ‏ولإشباع‏ ‏قرائها‏ ‏إلا‏ ‏تقارير‏ ‏ما‏ ‏بعد‏ ‏الخبر‏ ‏وتحليل‏ ‏ما‏ ‏وراء‏ ‏الحدث‏ ‏والحوارات‏ ‏والتوثيق‏ ‏التاريخي‏ ‏والدراسات‏ ‏المتعمقة‏, ‏وهي‏ ‏المواد‏ ‏التي‏ ‏قد‏ ‏تستعصي‏ ‏علي‏ ‏الصحافة‏ ‏الإلكترونية‏ ‏التي‏ ‏تلهث‏ ‏علي‏ ‏مدار‏ ‏الساعة‏ ‏في‏ ‏تعقب‏ ‏الأحداث‏ ‏والأخبار‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏اهتمامها‏ ‏بالصحافة‏ ‏المعلوماتية‏.‏
ولعل‏ ‏ذلك‏ ‏هو‏ ‏التحدي‏ ‏الماثل‏ ‏أمام‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏إذا‏ ‏أرادت‏ ‏أن‏ ‏تستمر‏ ‏في‏ ‏الساحة‏ ‏ولا‏ ‏يأتي‏ ‏اليوم‏ ‏الذي‏ ‏تضطر‏ ‏فيه‏ ‏إلي‏ ‏وداع‏ ‏قرائها‏ ‏والاحتجاب‏.. ‏فالصحافة‏ ‏المعلوماتية‏ ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏الصحافة‏ ‏المتخصصة‏ ‏فيها‏ ‏مساحة‏ ‏رحبة‏ ‏لتقديم‏ ‏وجبات‏ ‏شهية‏ ‏للقارئ‏, ‏وذلك‏ ‏هو‏ ‏التحول‏ ‏الأساسي‏ ‏في‏ ‏دور‏ ‏الصحيفة‏ ‏إذا‏ ‏أرادت‏ ‏أن‏ ‏تحافظ‏ ‏علي‏ ‏موقعها‏ ‏وتحتفظ‏ ‏بقرائها‏ ‏وتحجز‏ ‏لنفسها‏ ‏مكانا‏ ‏في‏ ‏صحافة‏ ‏الغد‏.. ‏كما‏ ‏أننا‏ ‏يجب‏ ‏أن‏ ‏ندرك‏ ‏أن‏ ‏ذلك‏ ‏التحدي‏ ‏وحده‏ ‏لا‏ ‏يكفي‏, ‏فمن‏ ‏المحتم‏ ‏علي‏ ‏الصحيفة‏ ‏إذا‏ ‏أرادت‏ ‏الاستمرار‏ ‏أن‏ ‏تعد‏ ‏نفسها‏ ‏وكوادرها‏ ‏التحريرية‏ ‏لتأسيس‏ ‏وإطلاق‏ ‏نسختها‏ ‏الإلكترونية‏ ‏التي‏ ‏تنضم‏ ‏بها‏ ‏إلي‏ ‏أسرة‏ ‏الصحافة‏ ‏الرقمية‏ ‏ووسائل‏ ‏التواصل‏ ‏الحديثة‏ ‏خاصة‏ ‏أن‏ ‏ذلك‏ ‏يربطها‏ ‏بالفئات‏ ‏العمرية‏ ‏الشابة‏ ‏التي‏ ‏عزفت‏ ‏عن‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏.‏
بهذه‏ ‏الرؤية‏ ‏وتلك‏ ‏السياسة‏ ‏تستطيع‏ ‏الصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏التقليدية‏ ‏تغيير‏ ‏واقعها‏ ‏والتأهل‏ ‏لامتلاك‏ ‏أدوات‏ ‏العصر‏ ‏الإلكترونية‏ ‏والتعامل‏ ‏مع‏ ‏المستقبل‏, ‏وذلك‏ ‏المنحي‏ ‏من‏ ‏شأنه‏ ‏أن‏ ‏يجتذب‏ ‏إليها‏ ‏مستهلكين‏ ‏جددا‏, ‏علاوة‏ ‏علي‏ ‏معلنين‏ ‏جدد‏ ‏بأمل‏ ‏أن‏ ‏تتمكن‏ ‏من‏ ‏تجاوز‏ ‏أزماتها‏ ‏في‏ ‏تراجع‏ ‏الإيرادات‏ ‏وتفاقم‏ ‏المصروفات‏. ‏وحتي‏ ‏لو‏ ‏قدر‏ ‏للصحافة‏ ‏المطبوعة‏ ‏أن‏ ‏يأتي‏ ‏اليوم‏ ‏الذي‏ ‏تودع‏ ‏فيه‏ ‏قراءها‏ ‏وتحتجب‏, ‏لن‏ ‏يكون‏ ‏ذلك‏ ‏إلا‏ ‏فيما‏ ‏يخص‏ ‏نسختها‏ ‏المطبوعة‏ ‏ولن‏ ‏يكون‏ ‏إسدال‏ ‏الستار‏ ‏علي‏ ‏رسالتها‏ ‏الإعلامية‏ ‏وتوجهاتها‏, ‏بل‏ ‏ستستمر‏ ‏في‏ ‏أداء‏ ‏دورها‏ ‏الإعلامي‏ ‏وخدمة‏ ‏رسالتها‏ ‏بأدوات‏ ‏وآليات‏ ‏عصر‏ ‏حديث‏… ‏عصر‏ ‏يتلو‏ ‏عصرا‏… ‏وجيل‏ ‏يخلف‏ ‏جيلا‏.‏

تاريخ الخبر: 2021-09-18 13:25:33
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

انخفاض معدل البطالة في السعودية إلى 4.4% في الربع الرابع من 2023 السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-28 09:24:36
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

16% من الأطفال تعرضوا للمضايقات من خلال الإنترنت السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-28 09:24:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

حزب الله وحركة أمل ينعيان 9 قتلى سقطوا في غارات إسرائيلية لي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-28 09:22:30
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 59%

إيلون ماسك يعلن عن ميزة جديدة في منصة X السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-28 09:24:38
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية