أمضى بيل فرانكي 20 عاما في دحض مقولة وارين بافيت إن شركات الطيران هي "فخ الموت للمستثمرين".
لكن بصفته مديرا تنفيذيا مبتدئا في شركات الأسهم الخاصة حيث روج لأول صندوق له في عام 2002، كافح فرانكي كثيرا لإقناع كبار المستثمرين وصناديق المعاشات التقاعدية من أجل ضخ الأموال في صناعة تشتهر بالتقلبات المتكررة ولا يمكن التنبؤ بها. ويستذكر فرانكي في مقابلة مع فاينانشيال تايمز: "لقد كان لسان حالهم جميعا يقول ’ليس في صناعة الطيران‘".
بعد عقدين من الزمان، بات بعضهم يعتبر فرانكي (84 عاما) أنجح مستثمر في شركات الطيران في التاريخ بعد شرائه حصصا في مجموعة من شركات النقل الصغيرة ودفعها إلى النمو السريع من خلال استخدام أنموذج الأعمال منخفض التكلفة للغاية، الذي ابتكرته شركة ساوث ويست إيرلاينز في الولايات المتحدة وشركة رايان إير في أوروبا.
في حين أن الركاب غالبا ما يستاؤون من أنموذج الطيران الذي يخلو من الرفاهيات، والذي يتضمن تكديس المقاعد في الطائرات وفرض رسوم على الملحقات الإضافية، من المتوقع أن تعزز الجائحة هذه الجزئية من الصناعة، الأمر الذي يعزز سمعة فرانكي بشكل أكبر باعتباره بافيت صناعة الطيران.
تمتلك شركة إنديغو بارتنرز، المملوكة لفرانكي، حصصا في ست شركات طيران، من بينها شركة فرونتير في الولايات المتحدة، وفولاريس في تشيلي، وإنيرجيت في كندا. لكن شركة الطيران المجرية، ويز إير، المملوكة بنسبة 40 في المائة لشركة إنديغو ويترأسها فرانكي، هي التي أثارت إعجاب هذه الصناعة المضطربة.
تأمل شركة ويز في استخدام الأزمة وسيلة لتحقيق طفرة نمو سريعة، وقد تأكدت صدقية طموحها عندما تم الكشف عن محاولة جريئة لشراء إيزي جت، لكن تم رفضها الأسبوع الماضي.
لم يشأ فرانكي مناقشة طرحه لشراء إيزي جت، لكنه قال إن إنديغو "تدرس الفرص بنشاط" في الوقت الذي تخرج فيه صناعة الطيران من الفوضى التي أحدثتها جائحة كوفيد.
أضاف: "لقد حان الوقت لكي تنظر الصناعة في فرص الاندماج، ونحن نريد بشكل واضح أن نكون مشتر مندمج".
كما عرضت على جوزيف فارادي، الرئيس التنفيذي لشركة ويز، مكافأة لافتة للنظر قيمتها 100 مليون جنيه استرليني إذا استطاع رفع سعر السهم لأكثر من الضعفين خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
قال جون ليهي، الرئيس السابق للمبيعات في شركة إيرباص لتصنيع الطائرات، الذي كانت له خبرة مباشرة مع فرانكي لأول مرة في مفاوضات معه بوصفه بائعا لطائرات الركاب لشركاته الجوية: "هذا هو بيل الأنموذجي". أضاف: "لن تحقق هذه القيمة ما لم ينجز [فارادي] هذه المهمة وإذا ما استطاع مضاعفة سعر السهم، فسيكون بيل حينها على استعداد للمشاركة".
لكن من المدهش، بالنظر إلى نجاح فرانكي، أنه لم يقصد أن ينتهي به المطاف في أعمال الطيران التجارية.
لم يبدأ اهتمام فرانكي بشركات الطيران حتى أوائل التسعينيات، عندما كان في منتصف الخمسينات من عمره، حين تواصل معه حاكم ولاية أريزونا. وكان هذا الرجل السياسي قد تابع مسيرة رجل الأعمال المهنية الناجحة، لكن سجله كان ضعيفا في إنجاح الشركات العاملة في صناعات الورق والبيع بالتجزئة، وطلب منه المساعدة في إنقاذ شركة الطيران المفلسة "أمريكا ويست".
قال فرانكي: "لم أكن أعرف أي شيء عن إيرباص أو بوينج أو أي جزئية من هذه التجارة (...) وكان يتحتم علي أن أسير في طريق سريع نحو التعلم، وأحيانا بالطريقة الصعبة".
وبمساعدة رأس المال الذي خصصه له رجل الأعمال الملياردير صاحب شركات الأسهم الخاصة، ديفيد بوندرمان، برهن رئيس شركة الطيران المبتدئ مرة أخرى على لمسته الذهبية في إعادة الهيكلة، وتحويل أمريكا ويست إلى شركة طيران ناجحة منخفضة التكلفة على مدار العقد التالي.
ثم غادر شركة الطيران وتبع صديقه بوندرمان في شركات الأسهم الخاصة، وأسس شركة إنديغو بارتنرز في عام 2002.
ومع دعم مبكر من صندوق الثروة السيادية في سنغافورة، الذي لا يزال مستثمرا حتى اليوم، انتشرت استثمارات الصندوق عبر القارات، لكنها كانت دائما تسترشد بالنهج الثابت المتمثل في البحث عن الأصول التي ظلت فيها التكاليف منخفضة، الأمر الذي خدم فرانكي جيدا في الأيام التي عمل فيها على إنجاح الشركات الخاسرة.
قال بن بالدانزا، الرئيس التنفيذي لشركة سبيريت إيرلايز ـ المدعومة من إنديغو ـ بين عامي 2005 و2016: "لقد كان هناك تركيز جيد حقا ولا هوادة فيه على التكاليف. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن لشركة طيران التحكم فيه حقا".
مع ذلك، بدرت هناك خطوات خاطئة. كانت تلاحق شركة سبريت، التي باعها فرانكي في عام 2013، شكاوى من العملاء بشأن الأنموذج الخالي من الرفاهيات، في حين فشل أحد الاستثمارات في روسيا.
ومن الصعب تحديد مدى جودة أداء كل من إنديغو وفرانكي نفسه في مجموعته للأسهم الخاصة لأنها لا تكشف تقريبا عن أي معلومات مالية.
لن يذهب فرانكي إلى أبعد من القول إن إنديغو ستكون "بالتأكيد ضمن أفضل 10 في المائة" من الشركات العاملة في الصناعة من حيث العائدات على مدار الـ20 عاما الماضية. كما أنه يرفض الكشف عن مستثمريه، على الرغم من أنه يفهم أنهم يشملون بنكا أوروبيا وأشخاصا من أصحاب الثروات المالية العالية.
مع ذلك، من الواضح أن المجموعة قد حققت أرباحا من ويز للطيران، وهو نجاح لا مثيل له من حيث سعر السهم، الذي ارتفع إلى نحو 50 جنيها استرلينيا، صعودا من 11.50 جنيه في عام 2015 عندما تم إدراج شركة الطيران في لندن. خلال تلك الفترة، خفضت إنديغو ببطء حصتها في شركة الطيران، بما فيه بيع أسهم بقيمة 400 مليون جنيه هذا العام.
ليهي، الذي جلس عبر الطاولة من فرانكي أثناء المفاوضات في واحدة من أكبر طلبات شراء الطائرات في التاريخ، منبهر بالتأكيد.
يقول: "إنه مفاوض قوي للغاية، لكنه ليس من هؤلاء الأشخاص الذين يدقون على الطاولات ويومؤون في الصحافة. لقد توصلنا إلى حل وسط، أود أن أقول في المنتصف لكنه ربما كان في اتجاهه أكثر قليلا"، مشيرا إلى طلب فرانكي 430 طائرة نيابة عن أربع من شركات الطيران التابعة له بسعر رئيسي بلغ 49.5 مليار دولار في عام 2017.
أضاف: "أود أن أقول إن معدل أدائه جيد جدا. ليس هناك الكثير من الكوارث لكن الكثير جدا من النجاحات. لقد جنى الكثير من المال"، مشيرا إلى أنه كان يميل أيضا إلى فعل ما يريد رغم المعارضة. "لو كنت أحد شركات الطيران التابعة لبيل، فلا أعتقد أنك كنت ستظل مستقلا بعناد لفترة طويلة، كنت ستتبع توجيهات بيل وإلا."
ووافق بالدانزا على أن فرانكي حافظ على إحكام قبضته على شركات الطيران الخاصة به، حيث كان يتلاعب برؤسائه التنفيذيين ضد بعضهم بعضا.
مايكل أوليري، رئيس شركة رايان للطيران الصريح، وهو نفسه مفاوض صارم في صفقات شركات الطيران، منبهر أيضا. قال عن فرانكي إنه "ذكي للغاية وغني جدا"، ويتمتع أيضا بقدرة على التحمل ولا يظهر أي علامات على التباطؤ.
قال فرانكي: "إنه عمل مثير للاهتمام وصعب، لكن هذا جزء مما يجعلني منخرطا فكريا"، من الواضح أنه يتطلع إلى الاستمرار في ترك بصمة على الشركات التي ساعد في تطويرها على مدار عقود من حياته المهنية مستثمرا ومتخصصا في تحويل الشركات إلى شركات ناجحة.