المدينة النبوية شهدت نقلة نوعية في شتى القطاعات وبما يرتبط بخدمة الحجاج والزوار

تشهد المدينة المنورة بإرثها الروحي الضخم وعبق ماضيها الأصيل حراكاً تنموياً واقتصادياً واجتماعياً غير مسبوق في العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- بإشراف ومتابعة من سمو أمير المنطقة الأمير فيصل بن سلمان وسمو نائبه الأمير سعود بن خالد، مما أحدث نقلة نوعية متسارعة في شتى القطاعات: الصحة والتعليم والإسكان والبنى التحتية، وما يرتبط بخدمة الحجاج والزوار، وتتقدم المشروعات التوسعة العملاقة للمسجد النبوي الشريف التي تعد الأكبر بهدف رفع الطاقة الاستيعابية إلى قرابة مليوني مصل، تأكيدا على حرص القيادة -أيدها الله- على العناية بالحرمين الشريفين وإعمارهما، وكذلك المساجد التاريخية والمعالم التراثية.

مطار وقطار

ويعد مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي ومحطة قطار الحرمين واجهتين حضاريتين تجسدان العناية والرعاية الفائقة، إضافة إلى المشروعات المتعددة ومنها مشروع «مجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للحديث النبوي الشريف» والذي يأتي إنشاؤه تعظيماً لمكانة السنة النبوية لدى المسلمين، كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، واستمراراً لما نهجت عليه الدولة -أيدها الله- من خدمتها للشريعة الإسلامية ومصادرها، ولأهمية وجود جهة تعنى بخدمة الحديث النبوي الشريف وعلومه جمعاً وتصنيفاً وتحقيقاً ودراسة، وتضم طيبة الطيبة المركز الدولي للمؤتمرات كأحد المشروعات الحضارية التطويرية الكبرى التي صمّمت وفق معايير هندسية عالمية، وتتعدد المعالم الحضارية في مهاجر النبي الخاتم ومنها مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية المشروع الثقافي الأهم الذي يجمع مكتبات ثقافية ووقفية تحت سقف واحد، ويعد أحد أبرز المشروعات العلمية والحضارية التي ترسم خارطة جديدة للمكتبات التي كان لها الدور الكبير في الحراك الثقافي، ونظراً لما تحمله المنطقة من مكانة تاريخية ودينية، أطلق الأمير فيصل بن سلمان مبادرة الأنسنة لتحويل الأحياء العشوائية إلى تحف معمارية، لتعزيز البعد الإنساني وتحسين الأحياء القديمة، وتقديم مختلف الخدمات، حماية لأصالة المكان وتنمية العمران وجودة خدمة الإنسان، كما تضم معالم حضارية متعددة ومشروعات ضخمة قائمة تدفع المدينة المباركة إلى مصاف كبريات مدن العالم المتقدمة.

أصالة تاريخية

وتزخر المدينة المنورة بالعديد من الأماكن الدينية والتاريخية، التي تعد شاهداً على عظم مكانة هذه البلدة، وارتباطها بسيرة وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ومن تلك الأماكن «مسجد قباء»، الذي يقع في جانبها الجنوبي الغربي، ويعد أول مسجد أسس على التقوى، مهوى لأفئدة ضيوف الرحمن الذي يحرصون على زيارته، وقد شارك الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في بناء المسجد، ثم جدده الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وزاد فيه، وجدد بناءه من بعده الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز عندما كان أميراً على المدينة المنورة، وأقام له مئذنة، وتوالت التوسعات على مسجد قباء، وصولاً للعهد السعودي الذي تمت فيه أكبر توسعة لمسجد قباء، ليستوعب أكثر من عشرين ألف مصلٍ، وخُصّص الجزء الشمالي منه ليكون مصلى للنساء، بطاقة استيعابية تصل إلى أكثر من 7000 مصلية.

إرث إسلامي

ومن أهم المعالم التي يزورها القادمون إلى المدينة المنورة من الحجاج والزوار، منطقة «المساجد السبعة» التي تقع في الجهة الغربية من جبل سلع، عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، للدفاع عن المدينة المنورة، إبان غزوة «الأحزاب»، في السنة الخامسة للهجرة، حيث يعد مسجد الفتح أكبر تلك المساجد، وقد سمي بهذا الاسم لأنه مصلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام، في تلك الغزوة التي كانت في نتائجها فتحاً للمسلمين، ويعد «مسجد القبلتين» من المساجد التاريخية بالمدينة المنورة، حيث سمي بذلك بعد تحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة أثناء الصلاة فيه، ويطلق عليه مسمى مسجد «بني سلمة» لوقوعه في مواطن بني سلمة، ويقع المسجد على هضبة مرتفعة من حرة الوبرة في طرفها الشمالي الغربي بالنسبة للمدينة المنورة، ويشرف على عرصتي وادي العقيق بمساحة 3920 متراً مربعاً، إضافة إلى «مسجد الجمعة الشهير» وسمي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه أول جمعة حين أقبل من قرية قباء متجهاً إلى المدينة، وأطلق عليه ‹›مسجد بني سالم›› لوقوعه في حي بني سالم بن عوف من الأنصار، وقيل عنه ‹›مسجد الوادي›› ومسجد ‹›عاتكة›› ويقع بين الطريق الرابط بين قباء ووسط المدينة المنورة المسمى طريق قباء. ومن المساجد التاريخية «مسجد السقيا» وسمى بذلك لوقوعه في منطقة السقيا، و»مسجد الغمامة» ويقع في الجنوب الغربي للمسجد النبوي الشريف، ويبعد نحو نصف كيلو متر من باب السلام، وكذلك «مسجد الإجابة» ويقع إلى الناحية الشمالية الشرقية للبقيع في وسط الجهة المقابلة، ويرتفع المسجد عما يحيط به، وهو يُرى في الوقت الراهن من طريق الملك فيصل، كما تضم «مسجد ذي الحليفة» في الناحية الجنوبية للمدينة المنورة، ويعدّ ميقاتاً لأهل المدينة المنورة، ويقع على طريق الهجرة السريع المتجه إلى مكة المكرمة.

جبال وأودية

وعرفت المدينة المنورة بتعدد جبالها وأوديتها، التي ارتبطت بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أهم هذه الجبال «جبل أحد»، الذي يطل بمكانته التاريخية الكبيرة على المدينة المنورة، من الجهة الشمالية، متباهياً بشواهد نبوية عظيمة، تمثلّت في خطى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي مشى على سفحه وصحبه الكرام، وتقع إلى جواره مقبرة «شهداء أحد»، التي تضم قبور 70 شهيداً من الصحابة رضوان الله عليهم، استشهدوا خلال معركة أحد، حيث يعدّ الجبل معلماً بارزاً في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي، ومن جبال المدينة المنورة التي عرفها التاريخ «جبل سلع»، الذي يقع غربي المسجد النبوي على بعد 500 متر تقريباً من سوره الغربي، ويبلغ طوله نحو كيلو متر تقريباً، حيث يصل ارتفاعه إلى 80 متراً وعرضه ما بين 300 إلى 800 متراً، ويمتد من الشمال إلى الجنوب ويتفرع منه أجزاء في وسطه على شكل أجنحة قصيرة باتجاه الشرق والغرب.

بقاع طيبة

ويعد «وادي العقيق» أو «الوادي المبارك» من أهم هذه الأودية، فقد جعله الله تبارك وتعالى من البقاع الطيبة، وذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الوادي في أحاديث كثيرة، تبيّن فضله وجمال طبيعته، حيث كان صلى الله عليه وسلم يخرج إليه يستمتع بهوائه وجوّه اللطيف، إضافة إلى «وادي بطحان» المعروف عند أهل المدينة المنورة بـ»سيل أبو جيدة»، فعندما يسيل يدخل المدينة، ويعمّ الخير ويفرح أهلها بمقدمه، ومصدر هذا الوادي من منطقة الحلابين، ثم «وادي جفاف» ويجري هذا الوادي في ضاحية بطحان الجنوبية، ثم ينحدر لوسط المدينة المنورة حتى يتصل بوادي العقيق في الجهة الشمالية الغربية من المدينة، ثم يتّحدان في مجرى واحد، ينتهي في الغابة بمجمع السيول، ويعد «وادي قناة» أحد أهم أودية المدينة المنورة وأكبرها، ومصادر هذا الوادي كثيرة منها القريبة كتلك الشعاب والأودية المنحدرة من الجبال والحرات، ومنها البعيدة مثل وادي وجّ بالطائف.

جبل أحد
مسجد قباء وساحاته الخارجية
المطار الدولي
قطار الحرمين
مسجد القبلتين
مسجد وميدان الخندق
سد وادي بطحان
أنسنة الأحياء