انسحاب ميركل .. مخاوف من الفراغ داخل الاتحاد الأوروبي في ظل تحديات وجودية


يثير انسحاب أنجيلا ميركل من المشهد السياسي الخوف من حدوث فراغ داخل الاتحاد الأوروبي، في مواجهة مشاريع حاسمة لاستمراريته في ظل تحديات وجودية، ولكن أيضا يعطي أملا بالتجديد.
وفي الأشهر الأخيرة، ضاعف قادة الاتحاد الأوروبي مبادرات التكريم والشكر للمرأة، التي قادت ألمانيا منذ 2005، الفترة نفسها تقريبا التي حكم فيها المستشار المسؤول عن إعادة التوحيد هلموت كول (1982-1998).
وأشاد مارك روته، رئيس الوزراء الهولندي بـ"سلطتها الكبيرة"، بينما أشارت أورسولا فون دير لايين، رئيسة المفوضية الأوروبية إلى أي درجة كانت قدرات ميركل التحليلية حاسمة لتحريك المفاوضات الأوروبية الطويلة أحيانا.
واضطلعت ميركل، رئيسة الحكومة، التي بقيت في السلطة لأطول فترة بين الديمقراطيات الأوروبية، بدور حاسم في الاتحاد الأوروبي، كما أعلن خبير الشؤون السياسية يانيس إيمانويليديس من مركز السياسة الأوروبية.
ووفقا لـ"الفرنسية"، ستتنحى ميركل بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية الألمانية المقررة الأحد، إلى أن تشكل حكومة جديدة.
وقال روته "بالطبع رحيلها سيترك فراغا"، مشيرا إلى "نهاية حقبة"، خلال 16 عاما في السلطة، كان على ميركل التعامل مع "أزمة دائمة" في الاتحاد الأوروبي، من الأزمة المالية 2008 إلى جائحة كورونا، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كما ذكر هذا الخبير.
ولن تدخل خطاباتها حول أوروبا التاريخ، والمستشارة، التي تفتقر إلى رؤية كبيرة، تدين بصورتها الجيدة إلى مهاراتها الإدارية البراجماتية، التي مكنتها من الحفاظ على وحدة الاتحاد الأوروبي في مواجهة المحن من خلال التوصل إلى التسويات اللازمة.
وأظهرت ميركل "استمرارية وحزما"، وهو ما ثمنه عديد من الأوروبيين في أوقات عدم اليقين، وقال روته "سيتعين على المستشار المقبل أن يكتسب مكانة أولا قبل أن يكون قادرا أن يحل مكانها في هذا الدور". وأضاف: "لا يهم إذا كان اسمه أرمين لاشيت (الاتحاد المسيحي الديمقراطي) أو أولاف شولتس (الحزب الديمقراطي الاشتراكي) أو أنالينا بربوك (الخضر).
ووفقا لدراسة أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية في 12 دولة من الاتحاد الأوروبي، قال 41 في المائة، من المستطلعين إنهم سيصوتون لميركل بدلا من إيمانويل ماكرون إذا كان لا بد من انتخاب رئيس لأوروبا.
وخلال أزمة اليورو مطلع العقد الأول من القرن الـ21، أثارت الغضب بعدما تأخرت في تقديم المساعدة للبلدان المثقلة بالديون مثل اليونان، ما أثار مخاوف من انهيار العملة الموحدة.
وأعلن جان كلود يونكر، رئيس المفوضية السابق "أنجيلا ميركل لم تنقذ أوروبا"، مصرحا لصحيفة "لو سوار" البلجيكية بأن "الجانب الألماني هو الذي يزعم أنها وجدت حلولا للأزمات الخطيرة".
وأضاف "لا أقلل من شأن الدور، الذي اضطلعت به لكنني لن أبالغ في تقديره، لأنها ترددت أحيانا خلال هذه الفترة، التي كانت من الأصعب في البناء الأوروبي".
في المقابل، يؤكد أن ميركل تصرفت كامرأة دولة عندما فتحت الحدود الألمانية أمام اللاجئين في 2015 رغم الهجمات، التي وقعت في بلادها و"تصرفت بشكل مناسب" خلال الجائحة عبر الموافقة على خطة إنقاذ تاريخية بقيمة 750 مليار يورو جسدت التضامن الأوروبي.
وانتقدت آنا بالاسيو وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة المستشارة "لاستراتيجيتها التي تنتظر مواقف يائسة للمطالبة بإجراءات يائسة". وأكدت أن هذه الاستراتيجية "أفادت في كثير من الأحيان أولئك الذين يخالفون القواعد"، في إشارة إلى المماطلة الألمانية حيال فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجري، الذي ابتعدت بلاده عن القيم الأوروبية.
ومع ذلك، يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات تاريخية، إعادة بناء اقتصاد قوي بعد الوباء، ومكافحة تغير المناخ وتأكيد دوره الجيوسياسي في مواجهة الولايات المتحدة والصين.
وقال بيوتر بوراس من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "ربما تكون ميركل قد حافظت بمهارة على الوضع القائم في القارة خلال الأعوام القليلة الماضية، لكن التحديات، التي تواجهها أوروبا اليوم تتطلب حلولا جذرية، وليس تغييرات تجميلية، ما يحتاج الاتحاد الأوروبي إليه اليوم هو ألمانيا ذات رؤية".
وفي سياق متصل، نمت أنشطة الأعمال في منطقة اليورو بأبطأ وتيرة في خمسة أشهر في أيلول (سبتمبر) مع تضرر الطلب من التدابير المفروضة لمكافحة انتشار سلالة دلتا من فيروس كورونا، فيما رفعت القيود على سلاسل الإمداد تكلفة الإنتاج لما يزيد على أعلى مستوى في عقدين.
وعلى الرغم من انخفاض كبير في معدلات العدوى يتجلى في تناقص أعداد الإصابات اليومية على مدى الشهر الماضي، من غير المرجح رفع أغلب القيود الباقية قريبا في اقتصادات كبرى منها ألمانيا وفرنسا.
وهبط مؤشر آي.إتش.إس ماركت المجمع لمديري المشتريات، الذي يعد مقياسا جيدا لمتانة الاقتصاد، إلى أقل مستوى في خمسة أشهر، مسجلا 56.1 في أيلول (سبتمبر) من 59.0 في آب (أغسطس)، وعلى الرغم من أن قراءة المؤشر فوق مستوى الـ50، الذي يفصل بين النمو والانكماش للشهر السابع على التوالي، فقد جاءت أقل بكثير من استطلاع لـ"رويترز" توقع قراءة عند 58.5.
وقال كريس وليامسون، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى "آي.إتش.إس" ماركت في بيان "قراءة مؤشر مديري المشتريات في سبتمبر هي مزيج غير مرحب به من نمو اقتصادي متباطئ بشكل حاد وأسعار ترتفع بقوة".
وأضاف "يبدو أن النمو سيضعف أكثر في الأشهر المقبلة إذا لم تظهر الرياح المعاكسة للأسعار والإمدادات أي مؤشر على الهدوء، خاصة إذا ترافق ذلك مع أي ارتفاع في عدد حالات الإصابة بالفيروس في فصل الخريف".
وبلغ مؤشر فرعي يتتبع تكلفة عناصر الإنتاج 70.5 وهو أعلى مستوى سجله منذ أكثر من عقدين، ويشير ذلك إلى أن الاضطرابات في الإمدادات، وهي من الأسباب الرئيسة وراء ارتفاع الأسعار حول العالم على مدى الأشهر الماضية، أبعد ما تكون عن الحل وأن ارتفاع التضخم سيبقى على الأقل لبضعة أشهر مقبلة.
من جهة أخرى، رفع الاتحاد الأوروبي دعوى ضد بولندا لدى أعلى محكمة في التكتل بسبب تعديلات في قانون الاتصالات السلكية واللاسلكية مهدت الطريق لإقالة رئيس الهيئة المنظمة للقطاع.
وذكرت وكالة "بلومبيرج" للأنباء أن المفوضية الأوروبية قالت إنها وجدت تفسيرات بولندا "غير مرضية" لسبب تعديلها لبنود في قانون الاتصالات في البلاد في أيار (مايو) 2020.
وسمحت التعديلات للحكومة بإقالة رئيس الهيئة التنظيمية الوطنية، الذي كان من المفترض أن تستمر ولايته حتى أيلول (سبتمبر) 2021.
وقالت المفوضية الأوروبية في بيان: "بموجب قواعد الاتحاد الأوروبي، يجب وضع الشروط، التي يمكن أن تؤدي إلى فصل مبكر لرئيس الهيئة التنظيمية الوطنية قبل بدء التفويض .. هذا ضمان مهم لاستقلال السلطة التنظيمية الوطنية عن الضغوط السياسية".
ودخلت بولندا في نزاعات قانونية متعددة مع الاتحاد الأوروبي منذ أن تولى الائتلاف القومي الحاكم بقيادة حزب القانون والعدالة السلطة في 2015.

تاريخ الخبر: 2021-09-23 23:23:10
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 39%
الأهمية: 41%

آخر الأخبار حول العالم

جامعة الإسكندرية تتقدم في 18 تخصصًا ضمن تصنيف QS البريطاني

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-16 21:22:01
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 60%

رفع 548 حالة إشغال في حملات ببعض أحياء الإسكندرية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-16 21:22:04
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

“النبراوي” يشيد بقرار رفع الحد الأدنى للأجور للقطاع الخاص

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-16 21:22:05
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

وزيرة التضامن الاجتماعي تتابع تداعيات حريق مول تجاري بأسوان

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-04-16 21:21:58
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية