معروف أن الأمثال خلاصة تجارب، ومعانيها تنبيهات لمن يتلقى المثل بحيث لا يجرب من جديد. 

ومن خلال الأمثال الشعبية نستدل على بعض طبائع الشعوب وثقافتهم، وقد جاء المثل الشعبي: "إلى واعدت الجمَّال فواعد عشرة" يبين لنا شيئاً من الماضي، فحياة الجمال تعتمد على مردود خدمات النقل والتجارة التي يقوم بها، يحمل على إبله الركاب والبضاعة، والناس يحتاجون لخدمة الجمَّال فهو الذي يوصلهم لبلدان يرغبون السفر إليها أو ينقل لهم بضائعهم. 

ولأن مثل هذه الخدمة يلزمها ترتيب وموعد واستعداد فإن صاحب الحاجة يتصل بالجمال ليحدد معه موعداً للسفر، لكن جرت العادة في السابق أنه لا يلتزم بالموعد، وذلك لظروف تطرأ، فالجمال لا ينقل واحداً فقط بل يبقى منتظراً لساعات وربما لأيام حتى يكتمل العدد الذي يحقق نقلهم فائدة له، ومجموع أجورهم تكفي لكي يقوم بالمهمة، وأيضًا مناسبة الوقت والجو، فهو قد يلغي السفر لسوء الأحوال الجوية، أو يغير الوجهة تماماً، فبدل ما يذهب لبلدة في الشمال يتجه لبلدة في الشرق، وهكذا. 

فجاء المثل الشعبي هذا لكي يتنبه الراغب في السفر فلا يعلق كل آماله على جمّال واحد، فقد خبر الناس طبيعة العمل في الجمالة أنها ليست محددة بوقت أو وجهة، وأن التغير فيها كثير. 

من هنا قالوا اتفق مع أكثر من جمال ولعلك توفق في واحد يحملك على جمله في الوعد. 

وهذا المثل يضرب في أحوال كثيرة، بحيث يأخذ الواحد منا احتياطه في كل أموره، ولا يعلق تطلعاته على أشياء محدودة فيها احتمال أن تخيب، وهذا ملاحظ عند من يبحث عن وظيفة تجده يقدم الطلب على أكثر من جهة.  

يقول الشاعر: عبدالله بن شايق -رحمه الله - في أبيات تضمنت مثلين شعبيين هما: 

ألاجواد واجد والمراجل لها كساب  

لكن واعد العشرة ليا صرت جمالي 

يطير الشرار وكل نارٍ لها شباب 

ومن ولع النيران يصبر على الصالي 

تجارب حياتي معجزة والدروب صعاب 

ولقيت الرجال أنواع وألوان واشكالي 

صديق الشدايد ما خذا منك علم وجاب 

 وسيع الصدر يضحك ولا هوب زعالي