مع اقتراب رحيلها .. الركض في ظل مستشارة ألمانيا المتمرسة


سيسجل التاريخ أنجيلا ميركل كواحدة من أنجح مستشاري ألمانيا. لكن بالنسبة إلى المحافظين، أصبحت هزيمة حزبها في الانتخابات الوطنية التي حصلت الشهر الماضي جزءا لا يمحى من سجلها.
فقد فشلت ميركل في إحدى الوظائف الأساسية لسياسي رفيع المستوى، الإبقاء على حزبها في السلطة. كان من المفترض أن تعيد انتخابات 26 أيلول (سبتمبر) الماضي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى منصبه، وهذه المرة بقيادة أرمين لاشيت. بدلا من ذلك، كان أداء لاشيت والحزب كارثيا. إن كثيرين يلومون الآن ميركل، الشخصية البارزة في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، لإهمالها تهيئة خليفة يمكن انتخابه، وتنفير ناخبيها المحافظين الأساسيين.
وقال كريستوف بلوس، عضو البرلمان عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي ورئيس فرع هامبورغ في الحزب، "حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في مرحلة متدنية في تاريخه، وبالطبع سيسأل الناس إلى أي مدى أسهمت ميركل في ذلك، من بين أسباب أخرى. لقد كانت، بعد كل شيء، زعيمة حزبنا لمدة 18 عاما".
إن البعض الآخر أكثر إدانة. فقد قال أحد أعضاء مجلس النواب المحافظين، "لقد أهملت الحزب حقا لأعوام. انظر إلى الحالة التي تركته فيها. هذا جزء من إرثها".
حصل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي التابع لميركل، جنبا إلى جنب مع حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الشقيق في ولاية بافاريا، على 24.1 في المائة فقط من الأصوات - بانخفاض تسع نقاط مئوية تقريبا عن 2017. لقد كانت كارثة لتحالف أدار ألمانيا لمدة 52 عاما من الـ72 عاما الماضية ويرى نفسه على أنه الحزب الطبيعي للحكومة.
وفاز الاشتراكيون الديمقراطيون ومرشحهم أولاف شولتز وزير المالية، في الانتخابات بفارق ضئيل. وبدأ الحزب الاشتراكي الديمقراطي محادثات مع حزب الخضر والديمقراطيين الأحرار الليبراليين بشأن تشكيل أول حكومة ائتلافية من ثلاثة أحزاب في ألمانيا منذ الخمسينيات.
في اليوم الذي بدأت فيه تلك المفاوضات، استسلم لاشيت، مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي لمنصب المستشار، للضغط من داخل حزبه وأشار إلى استعداده للتنحي. فإذا فعل ذلك، سيواجه الاتحاد الديمقراطي المسيحي ثالث انتخابات قيادة له في أقل من ثلاثة أعوام.
يلقي كثيرون باللوم على الأداء الانتخابي الضعيف لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي/ الاتحاد الاجتماعي المسيحي على لاشيت، الذي كانت معدلات قبوله متخلفة دائما عن تلك الخاصة بشولتز، ويقولون إنه كان يجب على الأحزاب أن تدخل السباق مع ماركوس سودر ذي الشعبية، وهو زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي. قال بلوس، "كان الخطأ الأساس هو اختيار مرشح لا يتواصل مع أجزاء كبيرة من الناخبين، والقيام بذلك ضد إرادة أعضاء الحزب".
لقد كان قرارا لم يكن لميركل، التي كانت تميل إلى الابتعاد عن السياسة الداخلية للحزب منذ تنحيها كزعيم في 2018، أي يد فيه. لكن بعض كبار الديمقراطيين المسيحيين قالوا إن ميركل مسؤولة جزئيا على الأقل عن مأزق حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
أولا، استقالت من منصبها كقائدة للحزب في 2018 لكنها قررت البقاء في منصب المستشارة. كان هذا يعني أن كلا من خلفيها كقائد للحزب - أولا أنجريت كرامب كارينباور، ثم لاشيت – قد كافح للخروج من ظلها.
كرامب - كارينباور، التي كان ينظر إليها على نطاق واسع على أنها الوريثة المفضلة لميركل، استمرت أكثر من عام بقليل كزعيمة. واستقالت في شباط (فبراير) 2020، وقالت إنها استنتجت أن وظيفتي المستشار وزعيم الحزب "تنتمي ليد واحدة". ونظر إلى التعليق في ذلك الوقت على أنه انتقاد لرفض ميركل إفساح المجال لها في المستشارية.
لقد ردد ولفجانج شويبل، وزير مالية ميركل لمدة ثمانية أعوام، ورئيس البوندستاغ الآن، هذه النقطة الشهر الماضي، قائلا في مقابلة مع صحيفة "تاجشبيجل" إنه "مقتنع تماما بأن وظيفتي زعيم الحزب والمستشار يجب أن يتم القيام بهما من قبل الشخص نفسه".
وأشار شويبل إلى أن لاشيت وجد نفسه يحاول الركض في ظل "مستشارة ناجحة ومتمرسة. فلا يمكنه أن يقول، سنفعل كل شيء بشكل مختلف"، ولكن لا يمكنه أن يقول "سنواصل العمل كالمعتاد". وبعد 16 عاما من تولي أنجيلا ميركل منصب المستشارة، أصبحت هذه مشكلة الآن بالنسبة إلى حزبي".
لقد أدى قرار ميركل بالاستقالة من منصب رئيس الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى إطلاق العنان لصراع على السلطة في الحزب بين فصائله الليبرالية والمحافظة، حيث يواجه كل من كرامب - كارينباور ولاشيت - اللذين ينظر إليهما على أنهما معتدلان متوائمان مع المستشارة - قنصا مستمرا من المعسكر الأكثر يمينية. إنه صراع لا يزال دون حل.
كما يتهم البعض في الاتحاد الديمقراطي المسيحي ميركل بتقويض هوية الحزب. فقد سيطر الديمقراطيون المسيحيون على مركز السياسة الألمانية، اتبعت حكوماتها أجندة تحديثية، إذ فرضت حدا أدنى للأجور، وألغت الخدمة العسكرية الإجبارية، وأغلقت محطات الطاقة النووية في ألمانيا.
في هذه العملية، فتحت الاتحاد الديمقراطي المسيحي على شرائح من الناخبين المعتدلين. لكنها أبعدت المحافظين في الحزب. واشتد الغضب بعد قرارها السماح بدخول مئات الآلاف من لاجئي الحرب السوريين في 2015، وهي خطوة أثارت حفيظة المتشددين وأدت إلى انشقاقات جماعية للناخبين التقليديين إلى الحزب البديل اليميني المتطرف من أجل ألمانيا.
وقال عضو مجلس النواب عن الاتحاد الديمقراطي المسيحي، "على مدى أعوام، قمنا فقط بسن سياسات ديمقراطية اجتماعية. لقد فقدنا هويتنا".
حتى إن البعض بدأ يتساءل عما إذا كان لدى ميركل تعاطف مع حزب الخضر أكثر من تعاطفها مع حزبها. فقد كان هناك غضب عندما استقبلت الناشطين المناخيين غريتا ثونبرج ولويزا نيوباور، رئيسة حملة أيام الجمعة من أجل المستقبل، وهي حملة الإضراب المدرسي في ألمانيا، في المستشارية العام الماضي.
وقال أندرياس رودر، المؤرخ في جامعة ماينز، "من العدل أن نتساءل عما إذا كانت ميركل تريد حتى أن يخلفها شخص من الاتحاد الديمقراطي المسيحي. خاصة بعد حادثة غريتا، يمكنك أن تفهم سبب شكوك الناس الجادة في ذلك".
ويقول نواب محافظون إنه بعد 16 عاما من سياسات ميركل الوسطية، لم يعرف الناخبون ما الذي يمثله حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
قال بلوس، "تظهر استطلاعات الرأي أننا خسرنا في القضايا التي ينبغي أن تكون اختصاصنا الأساس - أشياء مثل السياسة الخارجية والاقتصادية. النتيجة الواضحة من هذه الانتخابات أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يحتاج إلى زيادة جاذبيته".
يستخلص البعض استنتاجات شخصية. إذ أعلنت "كرامب - كارينباور" وبيتر ألتماير وزير الاقتصاد أخيرا، أنهما لن يأخذا مقعديهما في البوندستاغ، من أجل إفساح المجال لزملائهما الأصغر سنا.
قال ألتماير، "بعد هذه الهزيمة يجب على الاتحاد المسيحي الديمقراطي... أن يجدد نفسه. لقد كان ذلك واضحا لي ليلة الانتخابات. وأنه يجب على الجميع أن يبدأوا بأنفسهم".

تاريخ الخبر: 2021-10-17 22:23:39
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 45%

آخر الأخبار حول العالم

"البيجيدي" يحتفظ ببوانو رئيسا لمجموعته النيابية بمجلس النواب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-18 21:25:49
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

"البيجيدي" يحتفظ ببوانو رئيسا لمجموعته النيابية بمجلس النواب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-18 21:25:42
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية