«كيف صرنا ما بعد حداثيين».. كتابٌ جديد لستيوارت جيفريز

نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أخيرًا مراجعة لكتاب "كل شيء، في كل وقت، وفي كل مكان.. كيف صرنا ما بعد حداثيين" للكاتب الإنجليزي ستيوارت جيفريز، قدّمها المُنظّر البريطاني البارز تيري إيجلتون مُتطرقًا فيها لارتباطات أفكار ما بعد الحداثة بالواقع الراهن ومُشتبكًا مع الأفكار التي يطرحها الكتاب في هذا الصدد.

الناقد البريطاني تيري إيجلتون

يوضح إيجلتون أنه على مدار النصف قرن المنصرم، حاول مفكرو ما بعد الحداثة التشكيك بالحقيقة والهوية والواقع؛ الهوية قيد والحقيقة مجرد رأي أكاديمي ينتمي للعصور الوسطى، أما الواقع فقد صار باليًا كارتداء ملابس العشاء، والموضوعية خرافة تُوظف لخدمة القوى المهيمنة.

إذا تمكنا فقط من التخلص من هذه الأوهام، يمكن أن نرفل في عالم من الإمكانيات اللانهائية. بدلاً من الاستيقاظ على نفس الذات القديمة المملة كل صباح، يمكننا الانتقال من هوية إلى أخرى بسهولة مثل ديفيد باوي (مغني روك وشاعر وملحن وممثل بريطاني).  يعني التحرر النهائي أن أي شيء يمكن أن يصير أي شيء آخر، بمجرد أن تتخلص من المعاني الثابتة والأسس الراسخة، فأنت حر في أن تجني المتعة.

يضيف إيجلتون: من المفترض أن تكون ما بعد الحداثة هزلية، حتى لو كان تيار العدمية يجري بثبات بها. يرجح جيفريز في هذا الاستطلاع الرائع أن هناك شيئًا فارغًا في قلب حيويتها.  ومع ذلك، فإن ما بعد الحداثة يُقصد بها أن تكون تخريبية؛ بما أن الحضارة تعمل عن طريق النظام والسلطة، فإن تحدي هذه الأشياء لا بُد أن يبدو مدمرًا.

ويرى الكاتب أن ما يقدمه هذا الكتاب الجديد من إنجاز يأتي من كونه جامعًا لمقاربات شتى في إطار واحد، إذ يضم دراسات ثقافية وتاريخية وفلسفية تخص عصر ما بعد الحداثة، موضحًا: "هذا نادر، لأن أولئك الذين يعرفون عن Sid Vicious (موسيقي بريطاني) قد لا يكونوا قراء متحمسين لميشيل فوكو، في حين أن أولئك الذين يتعمقون في جاك دريدا ليسوا دائمًا من المعجبين بكريس كراوس وروايته "أنا أحب ديك". يحزم جيفريز معلومات رائعة عن ثقافة ما بعد الحداثة في هذه الصفحات، من البانك والهيب هوب والأفلام والتصوير الفوتوغرافي إلى مناهضة الطب النفسي والفتاوى الرشدية ونظرية الكوير".

ويتابع إيجلتون: كل هذا تم وضعه في سياق النيوليبرالية في السبعينيات، مما يوضح كيف أن الرأسمالية المستجدة ولدت ثقافة المرن والمؤقت، قصير المدى، الاستهلاك اللامتناهي والهويات المتعددة.

قد تكون ما بعد الحداثة حقيقة تاريخية، لكنها تجد التاريخ نفسه مملًا. الماضي هو ببساطة مجموعة من الأنماط التي يمكن إعادة تدويرها، في حين أن المستقبل سيكون تمامًا مثل الحاضر؛ فقط مع مجموعة أكثر ثراءً من الخيارات.  لم يعد هناك المزيد من الروايات الكبرى مثل فكرة التقدم ولا يوجد تحول بالغ الأهمية يمكن تخوفه أو توقعه. الهدف ليس تغيير العالم ولكن السخرية منه.

ويشير إيجلتون إلى أنه عندما اصطدمت طائرتان بمركز التجارة العالمي، بدأت سردية كبرى جديدة؛ الصراع بين الغرب والإسلاموية تتكشف. وبالنسبة لبعض المراقبين، كان هذا بمثابة نهاية لعصر ما بعد الحداثة، جيفريز نفسه ليس متأكدًا تمامًا: ربما فقدت ما بعد الحداثة بعضًا من حيويتها، لكن روحها الخبيثة لا تزال حية. من المؤكد أن أفكار ما بعد الحداثة ستبقى على قيد الحياة في ظل التشكك الحالي في الحقيقة. بالنسبة لجيل كامل من الشباب، فإن مجرد تبنيك لقناعة ما، يعني أن تكون مُدانًا بالدوغمائية.

ويتابع: حينما سُأل بوريس جونسون عن قناعاته، قال إنه سيختار اثنين منهما للإيجاز. إن الإيحاء بأن رأي شخص ما خاطئ هو شكل من أشكال التمييز. ويجب احترام كل وجهة نظر، باستثناء العنصرية والتمييز على أساس الجنس ورهاب المثلية الجنسية والنخبوية ومعاداة السامية، فهي أمور مسيئة للغاية. هذا صحيح، ولكن كيف تقرر ذلك إن كانت الموضوعية الأخلاقية لا معنى لها؟ إن أكثر نظريات المعرفة عديمة الجدوى هي تلك التي تمنعنا من الحديث بقدر معقول من اليقين.

تاريخ الخبر: 2021-11-23 11:25:11
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 56%

آخر الأخبار حول العالم

ما قصة "نمر" طنجة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 18:26:08
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 53%

ما قصة "نمر" طنجة؟

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 18:26:03
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 64%

إسرائيل تعلن بدء تنفيذ "عملية هجومية" في جنوب لبنان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 18:26:02
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

إسرائيل تعلن بدء تنفيذ "عملية هجومية" في جنوب لبنان

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 18:25:54
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية