«الفن».. سلوك فطري وحاجة إنسانية وليس ترفا زائدا


الإنسان ينقل أفكاره بالكلام ويعبر ويظهر إحساسه عن طريق الفن

الأبحاث والنظريات الجديدة في الذكاء تشير إلى ترابط العلم والإبداع


الأطفال أحوج إلى الممارسة الفنية لأن قدراتهم اللغوية أقل تطورا

يؤدي الفن والتربية الفنية دورا كبيرا على الجانب الوجداني من الشخصية، فينمي الوعي الجمالي والإحساس تجاه الآخرين والرهافة نحو تأمل التفاصيل الصغيرة والكبيرة في هذا الكون، وتقول معلمة التربية الفنية والفنانة التشكيلية والباحثة مريم بوخمسين، إن دور الفن يتعدى ذلك بكثير، فرغم وجود افتراضات شائعة حول اختلاف محتويات الاختصاص في العلوم والفنون، فإن الأبحاث والنظريات الجديدة في الذكاء تشير إلى ترابط المجالين، وأهمية التكامل فيما بينها في الحياة عموما والتعليم خصوصا، فنقلا عن الباحثتين هيث وفولبرايت اللتين أجريتا دراسة على عينة من طلاب المرحلة الثانوية بولاية واشنطن، استغرقت 10 سنوات، واستهدفت معرفة أثر التعلم من خلال برامج الفنون، أظهرت النتائج أن شباب المؤسسات التعليمية الفنية حققوا نتائج عالية، وتفوقوا على زملائهم الذين درسوا بالطرق التقليدية بعلامات فارقة.

القدرات المعرفية

وأضافت بوخمسين، الحاصلة على الماجستير بمرتبة الشرف الأولى في مناهج وطرق تدريس التربية الفنية: الدراسة السابقة أظهرت أيضا أن الفن يعزز ويشجع القدرات المعرفية واللغوية والاجتماعية، وأن خبرة الشباب في مجال الفنون تترجم إلى وسيلة محتملة جدا لحصولهم على دخل مالي وللحصول على عمل ليس في حقل الفنون بالضرورة، وأن ما يجنيه هؤلاء الطلبة الشباب من الفنون يفيدهم في تحسين حياتهم ككل على اعتبار أن الفن والعلم عنصران متلازمان في مجال الخبرة الإنسانية.

ازدهار التعليموتابعت: أتذكر جيدا ما قاله البروفسور «باتريك شينين» في المؤتمر الدولي «معلم المستقبل»، الذي استضافته جامعة الملك سعود عام 2015، حول تجربة فنلندا في المحافظة على مستويات متقدمة لسنوات طويلة في مجال جودة التعليم، إذ أعاد الفضل في ازدهار الدولة إلى ازدهار التعليم، وازدهار التعليم إلى ازدهار الفن، فالنظام التعليمي الفنلندي يعتمد على الفنون بنسبة 40%، وقالت: الفن أساسا تجربة أو خبرة تأتي من تفاعل الفرد مع بيئته، ما يدفعه دائما إلى محاولة التكيف مع هذه البيئة لتحقيق التكامل والتوازن بالإضافة إلى المتعة، وهو وسيلة اتصال بين الناس، فالإنسان ينقل أفكاره إلى الآخرين عن طريق الكلام وينقل إحساسه عن طريق الفن، وهو سلوك فطري نشأ منذ زمن الإنسان البدائي، لذا فهو حاجة إنسانية وليس ترفا زائدا عن الضرورة.

التعبير بالرسموأوضحت أن الأطفال عادة أحوج إلى الممارسة الفنية نظرا إلى أن قدراتهم اللغوية أقل تطورا، فلا تساعدهم بالشكل الكافي للتعبير وإظهار ما في أنفسهم والتواصل بوضوح مع البالغين، قائلة: بالتالي يصبح الأطفال المعبرون بالرسم أكثر نضجا عاطفيا واجتماعيا، وأكثر قدرة على فهم أنفسهم وتحديد هوياتهم، إذ ثبت علميا أن الفنون تساعد كثيرا في تطوير أشكال معقدة وخفية من التفكير.

مزايا رائعةواستطردت قائلة: يجب أن نؤكد أولا أن الفن كما القراءة والرياضة يجب أن يفيد حتى أولئك الذين لا يمتهنونه، فيمكن للجميع من البالغين والأطفال الاستمتاع والاستفادة من المزايا الرائعة التي تحققها الممارسات الثقافية المختلفة، وبالتأكيد عندما يتشارك الآباء أو المعلمون مع الأطفال في الأنشطة الفنية فإن ذلك سيضاعف الفائدة للطرفين. لأن الأطفال يتعلمون من المحاكاة، فيجب ألا نتوقع من طفل أن يكون قارئا مثقفا إذا نشأ بين أبوين لا يطيقان الكتب، ولا أن نتوقع طفلا فنانا لم يمسك أحد والديه أو معلميه الريشة قط، فالبيئة بالإضافة إلى الوراثة تصنع الموهبة.

تقوية التواصلواستكملت: الفن عندما يقام كطقس جماعي يعتمد على المشاركة والتجريب، فإن ذلك يساعد على تقوية التواصل الاجتماعي بين الأفراد، فكثير من الأنشطة الفنية تتطلب التعاون من خلال التخطيط المشترك وحل المشكلات، وتفهم وجهات النظر المختلفة، ويفتح مجالا للتعلم من مصادر معرفية متنوعة، ويدرب الطفل والبالغ أيضا على التعامل مع مواقف الحياة المتقلبة، من خلال كل ذلك قد تكون للفنون إسهامات كبيرة في إعادة موازنة الطبيعة البشرية، وتعزيز التواصل المباشر بين الأفراد الذي أفسدته التكنولوجيا ووسائل التواصل الرقمية.

الثقافة الفنيةوأشارت إلى أن معظم الناس يعتقدون أن تعلم الفن مقصور على تعلم المهارات اليدوية، لكن ذلك غير صحيح، مضيفة: الأولى هو التحلي ببعض الثقافة حول الفن والفنانين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال اقتناء بعض الكتب الفنية البسيطة وقراءتها مع الطفل، أو حتى البحث عبر المواقع الإلكترونية ومتابعة صفحات الفنانين في وسائل التواصل الاجتماعي، والأهم زيارة المعارض التشكيلية والمتاحف -المحلية والعالمية- باستمرار، وإشراك الأطفال في ملاحظة الأعمال الفنية ومحاولة قراءتها وتحليلها وتشجيع الطفل على استنباط المعاني منها، حتى لو كنا نعتقد أنها ساذجة أو مختلفة عن المعنى الأصلي الذي يقصده الفنان، كل ذلك ينمي المهارات الذهنية ويشحذ الذائقة الفنية منذ الصغر.

دور العائلةواختتمت حديثها قائلة: تطوير المهارات اليدوية يأتي كخطوة ثانية، ويكون دور الأهل هنا هو تحضير البيئة الملائمة للإبداع، وتوفير الخامات والبحث عن التقنيات المختلفة، ثم منح الطفل حرية التجريب وأحيانا «التخريب» إذا كان سيتولد عنه اكتشاف ما، وبالتأكيد الاستعانة بالمختصين بإلحاق أبنائهم بالورش والبرامج التدريبية سواء عبر الشاشة أو بشكل مباشر، موضحة أنه في النهاية سيجد كل طفل شغفه، ويكون النجاح في الفن أسهل على الأطفال الذين اختاروا أن يكونوا فنانين، أما أولئك الذين اختاروا مجالات أخرى فقد ساعدتهم الفنون على التمكن من مجالاتهم أيضا.
تاريخ الخبر: 2021-12-01 00:45:57
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

الحكومة: رفع نسبة الاكتفاء الذاتى من القمح لـ45% عام 2026/2025

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:38
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 42%

88% من القراء يطالبون بتشديد الرقابة على مراكز العلاج من الإدمان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:34
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 36%

متى تفيد الثقة المتداول في سوق الأسهم؟ ومتى تؤذيه؟

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:25:04
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 48%

سنن يوم الجمعة.. الاغتسال والتطيب وقراءة سورة الكهف ولبس أحسن الثياب

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:36
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 39%

6 نصائح سحرية للحفاظ على جهازك التنفسى من العدوى فى رمضان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-03-29 09:22:40
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 37%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية