ساعة أو أكثر قليلاً فقط، كانت هي المدة الزمنية الفاصلة بين تصريحات "غير معتادة" لقيادي في حركة حماس حول غزة والتهدئة فيها وملف تبادل الأسرى، وإعلان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد نيته زيارة القاهرة خلال الأيام القريبة القادمة.

وقال القيادي في حماس في تصريحات لقناة "الجزيرة" القطرية إن "القيادتين السياسية والعسكرية للحركة تدرسان خيارات التصعيد مع إسرائيل في ظل استمرار الحصار على قطاع غزة، والتباطؤ في إعادة الإعمار، وتفاقم الأزمات الإنسانية، وانتقد القيادي سياسات مصر تجاه قطاع غزة".

وذكر القيادي أن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى ومصادرة الأراضي وتشديد الإجراءات ضد الأسرى، هو صاعق سيفجر الأوضاع من جديد.

وأشار إلى أن الخيارات المطروحة هي التصعيد الشعبي، وكسر الحصار البحري بقوة المقاومة والخيار العسكري المطروح بقوة. وتابع: "لن نسمح باستمرار الوضع الحالي، والمرحلة القادمة ستثبت مصداقية ما نقول".

كما عبّر المصدر عن استياء الحركة الشديد من سلوك مصر "التي تتلكأ في تنفيذ وعودها تجاه غزة، ولم تلتزم حتى اللحظة ما تعهدت به للحركة والفصائل الفلسطينية في ما يتعلق بإعادة الإعمار"، مشيراً إلى أن مصر أيضاً "تواصل التنغيص على المسافرين الفلسطينيين إلى قطاع غزة"، متهما إياها بمنع آلاف من السفر من القطاع بلا مبرر.

هذه التصريحات غير المعتادة التي وجّهَتها حماس ضد مصر، حظيت باهتمام واسع من وسائل الإعلام العبرية التي رأت فيها تصعيداً جديداً قد يقود المنطقة إلى ما يشبه انفجارات سابقة، ودفعت كذلك الحكومة الإسرائيلية إلى الإعلان الصريح عن الزيارة المزمعة لوزير الخارجية التي سيبحث خلالها في مصر ملفات مختلفة تتعلق بغزة.

لابيد إلى القاهرة

وكشفت القناة 12 العبرية أن لابيد يسافر إلى القاهرة للقاء نظيره المصري سامح شكري، بهدف بحث الأوضاع في قطاع غزة وكذلك صفقة تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.

من جانبها قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن لابيد سيبحث في مصر كل ما يتعلق بإعمار غزة والمساعدات الإنسانية للقطاع في أسرع وقت، مقابل الهدوء طويل الأمد الذي تريد إسرائيل من حماس أن تتعهد به، كما سيبحث تطوير وتحسين قدرات شركة كهرباء غزة، وربط القطاع بالغاز وإقامة محطة لتحلية المياه وتحسين الخدمات الصحية.

وتشير إلى أن لابيد سيبحث أيضاً وضع مخطط اقتصادي لتحسين الظروف في غزة، من ضمنها إنشاء جزيرة مقابل شواطئ القطاع وإقامة ميناء واستقطاب الاستثمار الدولي بالتعاون مع مصر والسلطة الفلسطينية، "لكن توقيت هذا المخطط لم يتضح حتى اللحظة".

ونقلت "هآرتس" عن مصدر في حماس قوله إن "تهديدات الفصائل في غزة وعلى رأسها حماس هي تهديدات جدية. في غزة استياء عارم من تأخير عملية الإعمار وكذلك من عرقلة التسهيلات التي كانت مقررة، ومن ضمنها تسهيل سفر المواطنين عبر معبر رفح".

وأضاف أن "السلطة الفلسطينية أيضاً وصلت إليها جدّية هذه التهديدات، لذلك نجد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يزور الجزائر في هذه الأثناء، ردّ بالإيجاب على الوساطة الجزائرية وتعهد بعقد اجتماع لقيادات جميع الفصائل الفلسطينية قُبيل انعقاد القمة العربية في مارس/آذار المقبل".

إشعال جبهات مختلفة

من جانبه، يقول المحلل العسكري الإسرائيلي يوسي بن مناحيم إن "إسرائيل تستعدّ في هذه الأثناء لاندلاع موجة جديدة من العمليات الفردية التي تحاكي ما عُرف سابقا بـ"انتفاضة السكاكين" التي اندلعت في سبتمبر/أيلول عام 2015".

وأشار إلى "قرار إسرائيلي بتعزيز انتشار قوات الشرطة في القدس ونشر قوات من الجيش في الضفة الغربية، وذلك بعد تقديرات للجيش تفيد بإمكانية التصعيد هناك".

وقال إن "الأوساط الأمنية في إسرائيل ترى أن حماس والجهاد الإسلامي في غزة يسعيان للتصعيد من خلال تشجيع العمليات الفردية، لذلك يمكن أن نرى تصريحات القيادي في حماس الأخيرةَ تأكيداً أن الحركة تدرس جدياً تصعيد الأوضاع على حدود غزة أيضاً".


وأشار إلى أن "الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تسعى لوقف ظاهرة العمليات الفردية في القدس والضفة وعدم السماح لها بالانتشار".

ماذا عن صفقة التبادل؟

قبل شهر أو أكثر من ذلك قليلاً فقط، كانت الأنباء المتواترة حول مساعٍ مصرية-إسرائيلية للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس تسيطر على المشهد الإعلامي الإسرائيلي والفلسطيني، لكنها خفتت مع الأيام حتى كادت تختفي نهائياً، لولا تصريحات حماس الجديدة التي جاءت هي أيضاً لتأكيد أن شيئاً ما جرى مؤخراً وأدَّى إلى اختفاء الصفقة من الأجندة اليومية.

لكن التصريحات كانت كفيلة بإعادة الصفقة إلى الواجهة، بخاصة بعدما أعقبها تحرُّك إسرائيلي في ذات السياق، والقصد في ذلك زيارةُ وزير الخارجية الإسرائيلي المزمعة لمصر، التي ستكون صفقة التبادل هي محورها الأساسي، وفق الإعلام العبري.

في السياق نفسه قالت صحيفة "هآرتس" العبرية إن "رئيس المخابرات المصرية عباس كامل عمل على تأجيل زيارته إسرائيل لمدة شهر، بسبب عدم التقدم على صعيد التفاهمات بين حماس وإسرائيل، بخاصة في ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى بين الجانبين".

وأضافت: "تشير مصادر عربية إلى أن إسرائيل رفضت عرض حماس بما يتعلق بصفقة التبادل، إذ عرضت الحركة بثّ مشهد مصوَّر للأسيرين الإسرائيليين إبراهام منغيستو وهشام السيد مقابل تحرير أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية".

وقالت نقلاً عن مصدر مصري: "إسرائيل طلبت تحرير الأسيرين إلى جانب إعادة جثمانَي جنديين هما هدار غولدين وأرون شاؤول".

TRT عربي