باحثون وحقوقيون يجمعون على أهمية تثبيت القيم في أفق محاربة الفساد والاستبداد


تناولت الجلسة الثانية من ندوة “المغرب وسؤال المشروع المجتمعي”، التي تنظمها جماعة العدل والإحسان، بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل مرشدها الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى مساء اليوم السبت 6 جمادى الأولى 1443 / 11 دجنبر 2021، موضوع “سؤال القيم المجتمعية” محورا للنقاش والتداول. هذه الجلسة أطرها كل من الأساتذة: خديجة الرياضي، محمد الزهاري، الحسن العزاوي، خالد العسري، وسيرتها الإعلامية هاجر الكيلاني.

وفي جواب عن سؤال مدى حصانة المغرب ضد أصوات تنادي بسياسة واقتصاد وعلم.. متحررين من الأخلاق، والتي أصبحت تجد لها صدى في مجموعة من الدول، أقر الناشط الحقوقي المغربي محمد الزهاري بأن هذا الخطاب أصبح فعلا “متداولا محليا وإقليميا ودوليا، وهو يحاول أن يشرعن لمجموعة من السلوكات التي تهوى الوصول إلى السلطة والركوب عليها، وفرملة كل ما يمكن أن يؤسس للقيم في العمل السياسي.

فشرعنة هذه السلوكات، حسب الزهاري تعني “ممارسة السياسة بعيدا عن الأخلاق.. لكي لا يتشكل إطار حول المبحوث عنه من القوى التي تريد أن تحكم الأخلاق والقيم ممارساتنا السياسية وغيرها”.

واعتبر أن من الأمور التي يجب أن نؤسس لها، لمجابهة هذه الممارسات، “شرعنة سلوكاتنا وكل عملياتها التنظيمية وغيرها، وربطها بالأخلاق”. أي “الوصول إلى إنتاج إطار يؤسس العمل على ٱصرة الأخلاق وسند القيم المشتركة في علاقاتنا المجتمعية، وتكون أرضية للحوار والتوافق”. وأن “محاولة إبعاد الأخلاق هي شرعنة للسلوكات التي تكرسها السلطوية والحكم الفردي، والجهات الداعية لذلك بعيدة عن وحدة الأسرة والفرد والجماعة والمجتمع”.

وأضاف الزهاري، انطلاقا من متابعته بشكل مستمر للمنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي، “أن المجتمع المغربي أصابه هذا الوباء، وأصبحت سياسته مرتبطة بهذا الخطاب بشكل ممنهج”، وذلك ناتج عن “سياسة سلطوية واستبدادية تكرس الحكم الفردي، وتجعل لها مرجعية أحادية، تابعة للمجتمعات الغربية الفيودالية أو الأرستقراطية”.

ورأى الدكتور في القانون الدستوري والعلوم السياسية خالد العسري “أن معركة القيم هي أكبر معركة تحدد مسار الشعوب استراتيجيا”.

ودعا لاستحضار أن “القيم تعرض على شكلين: إما معادلة أو مقايضة، وهو ما نلحظه في تلخيص الأنظمة الاستبدادية للقيم في قيمة الاستقرار، فأصبح الاستقرار هو منة الأنظمة على الشعوب”. وعد “هذه مقدمة تنظيمية تأسيسية لفهم كيف تؤسس القيم عند الأنظمة المستبدة لصناعة خلق الطاعة المطلقة”.

وأضاف أنه “عندما تتمركز القيم في سياسة معينة أو محددة، بالنتيجة هي رسم سياسية تهدف لتدجين جميع من يعمل داخل هذا السياق، ومن دخل إليه لا يمكن أن يخرج منه إلا مذلولا”، فالنظام “المستبد يريد إذلال النخب السياسية بقيمة تخالف مبادئهم وهوياتهم وجزء كبير من ماهيتهم”، مستدعيا للدلالة على ذلك أمثلة حكومة التناوب اليسارية وقيادتها عندما وافقت على قانون الخوصصة، وحكومة الإسلاميين وموافقتها على قرارات تخالف مبادئها كقانون الكيف والفرنسية والتطبيع ..منبها لكون “تبريرهم لذلك وتساهلهم المفرط كان من باب الحفاظ على قيمة الاستقرار بالمفهوم المخزني”.

عضو مكتب جمعية مكارم للقيم والأخلاق، والدكتور في ديداكتيك الفيزياء؛ الحسن العزاوي، عرف القيمة بكونها “وصف لموصوف بإمكانية تقدير يقل وينقص ويزيد”، وأكد أن موضوع القيم والأخلاق أصبح “يستهلك في مجموعة من مجالات الحياة، ويعتبر من باب الرأسمال المادي. فالمناهج التعليمية تدخل القيم في البرامج التربوية، اليابان نموذجا”. وأن “هناك نضال من أجل القيم، لمحاربة السلوكات المضادة؛ كالرشوة والتزوير والاستبداد والظلم..”.

ولفت إلى أن “من القيم ما يبني ومنها ما يهدم، فالنموذج الأول عبر عنه المهدي بن بركة في كتابه “حرب الحضارات” تنبيها للعالم من هذه الحرب القادمة. وعكس ذلك ما ذكره صامويل في كتابه “صدام الحضارات”، ينبه بذلك الغرب من قيم وأخلاق ستكون ضد أخلاق الغرب وخطر عليها، وهي – في نظره -القيم الأسيوية والإسلام”.

وبالرجوع لتاريخ المغرب، يقول العزاوي: “ندرك أنه كانت هناك قيم تفرض نفسها على الواقع؛ فقد استطاع علماء القرويين بفاس عزل ملك وتنصيب ملك بتولية مشروطة، وفرضوا عليه مهام تخدم الوطن”، معتبرا أن الشعب “كان حيا، وله حرية.. واستطاع أن يفرض المحاسبة على المسؤولين، الشيء الذي لم يستطع أحد لحد الٱن أن يفرضها”. وأنه بذلك استطاع “أن يولد المقاومة والتحرير في الريف والجنوب ومناطق أخرى قاد فيها الشعب موحدا بالقيم”. وهو ما أدرك الاستعمار خطورته، “فقام بتمزيق جامعة القرويين وفرق فروعها على تطوان وفاس والجنوب…”.

وعدّ فعل المستعمر “ضربا لقيمة الوحدة التي يمكن أن تبني شعبا يرفض قيم الظلم والاستبداد التي يسعى النظام أن يفرضها”. غير أن “النظام المغربي نجده يطبق في ما بعد هذا على جميع الفرق السياسية المعارضة التي تخالفه، ونحن نعرف أن الاستقلال لم يكن كاملا بل كان ناقصا”.

وفي ربط بموضوع الجلسة الأولى، وجوابا على سؤال حول دور الأخلاق والقيم في مسيرة التحرير، قالت الناشطة الحقوقية البارزة خديجة الرياضي إن “مسألة الأخلاق يجب اعتبارها غير منفصلة عن القيم العامة، وكلما تغيرت المجتمعات تغيرت القيم. فليس هناك قيم موحدة، هناك قيم فردية وأخرى سائدة في المجتمع”. واعتبرت أن هذه الأخيرة “غالبا ما تفرضها النخب الحاكمة والسائدة لتبرير الأزمة وتأبيد الاستبداد. وهي وسيلة لاستمرار الطبقات السائدة ومحاولة لتأبيد إديولوجيته؛ عن طريق المدرسة، والمؤسسات الدينية كالمسجد، وتوظيف الإعلام لصالحها..”، وهي “قيم تبرر الأوضاع المزرية التي تعيش فيها هذه الشعوب، حتى يقبل الناس بها ويعتبرونها مسألة طبيعية، فيعتبرون الفقر عادي والظلم عادي والاستبداد عادي… حتى تسود هذه الأنواع من القيم”.

ونبهت إلى كون “مجالات التحرر ممنوعة، تحاصر من طرف المخزن والقوى المساندة له. والنموذج هو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي تحاصر أنشطتها ومناضليها، وهي تسعى لنشر قيم الحرية والكرامة والعدالة”.

وشددت على أهمية مجال الفكر والقيم، وضرورة “خوض الصراع على القيم بجميع الأشكال”، و”نشر القيم الإنسانية ضد الفساد والاستبداد”.

تاريخ الخبر: 2021-12-11 22:21:57
المصدر: الجماعة.نت - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:33
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 56%

انتخاب مكتب جديد لاتحاد المخرجين والمؤلفين المغاربة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:38
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:40
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

غارات جوية إسرائيلية في قطاع غزة ومواجهات بالضفة الغربية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-28 12:26:45
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية