الحروب على الاستوديو .. معركة شركات بث المحتوى عبر الإنترنت تثير جنونا عقاريا


تسببت جائحة فيروس كورونا بإضافة ضرورة ملحة في معركة البث عبر الإنترنت المستعرة التي تدور رحاها في هوليوود، كان جمهور المشاهدين عالقا في المنزل ويتابعون البرامج التلفزيونية كوسيلة للتهرب من هذا الواقع، لكن قيود فيروس كورونا حالت دون القيام بتصوير عروض جديدة وبالتالي تسببت بإيجاد أزمة في الإنتاج.
ومع عودة التصوير في الوقت الحالي إلى مستويات ما قبل الجائحة، بدأت استوديوهات هوليوود بالتدافع لإنتاج العروض. لكن بالتوازي مع هذه الحمى برز سباق على مواقع التصوير، ما جذب مجموعات الأسهم الخاصة إلى ما كان يعد في السابق سوقا محتكرة لمن يعمل فيها.
لقد ضخ المستثمرون بمن فيهم بلاكستون وتي بي جي أكثر من أربعة مليارات دولار في الأشهر الأخيرة لشراء المنصات الصوتية - وهي مبان كبيرة تشبه المستودعات حيث يضع المنتجون معداتهم - في مراكز الترفيه في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا، وذلك وفقا لشركة الوساطة العقارية جونز لانج لاسال.
فقد قال كارل مولستين، المدير العام لشركة جيه إل إل، "لم أر مثل هذا التدفق للصفقات من قبل". وأضاف، "إن ذلك يتزامن مع التراكم الذي أصاب إنتاج المحتوى بعد كوفيد، والاقتصاد المتغير للاستوديوهات وعولمة هذه الصناعة."
يقود هذا الازدهار الحروب التي اشتعلت نيرانها بين شركات بث المحتوى حيث استثمرت كل من ديزني، وورنر ميديا، ونتفليكس، وأمازون وغيرها بعشرات المليارات من الدولارات في سعيهم لريادة مستقبل الترفيه.
وفي لوس أنجلوس، تجاوز الطلب على مواقع تصوير البرامج التلفزيونية المعروض بشكل كبير، حيث تم تحويل الكنائس، ومراكز التسوق المهجورة، والمستودعات الصناعية حتى أحد متاجر أيكيا السابقة إلى مرافق للإنتاج التلفزيوني.
فيما ازداد الخناق على التوريد حيث وجه القائمون على خدمات البث الطلب في الإنتاج نحو المسلسلات التلفزيونية وبعيدا عن الأفلام. ومن المرجح أن يتم تصوير المسلسلات التليفزيونية على منصات الصوت في لوس أنجلوس، حيث يعيش الممثلون فيها على مدار العام، بينما يتم إنتاج الأفلام في الأغلب في مواقع أخرى.
قالت شركة بلاكستون، أكبر مستثمر عقاري في العالم، إن مساحات الاستوديو المخصصة للإنتاج كانت من بين أفضل خياراتها الاستثمارية.
حيث قال نديم مغجي، رئيس قسم العقارات في الأمريكتين في شركة بلاكستون، "إن هذا هو أحد أكثر الموضوعات التي نتابعها إثارة في أعمالنا العقارية على مستوى العالم". وأضاف، "ما زلنا في بدايات هذا الاتجاه الضخم في إنشاء المحتوى وفي الأعمال التجارية المتعلقة بالاستوديو أيضا".
وفي آب (أغسطس)، خصصت كل من بلاكستون وشركة التطوير العقاري هدسون باسيفيك مبلغا يناهز المليار دولار من أجل تطوير موقع على مساحة 91 فدانا شمال لندن. وجاء ذلك في أعقاب استثمار بلاكستون في حزيران (يونيو) 2020 في أرض مساحتها 2.2 مليون قدم مربع في هوليوود بقيمة 1.65 مليار دولار.
لقد جعل بث المحتوى عبر الإنترنت هذه المسارح موطن استحسان للمستثمرين المؤسسين لعدة أسباب.
فقبل عقد من الزمان، كانت الاستوديوهات تؤجر المساحات لعدة أشهر لتصوير العروض فيها لكن دون تقديم ضمانات بتوافرها مرة أخرى بعد الانتهاء من تصوير موسم واحد.
لقد غيرت نتفليكس هذا النمط كلية، وبدلا من ذلك وقعت على عقود إيجار طويلة الأجل لإنشاء مراكز للإنتاج في كل من لوس أنجلوس، وفانكوفر وألبوكيرك، ونيو مكسيكو.
ونظرا لأن نتفليكس لديها آلاف المسلسلات التلفزيونية المخطط إنتاجها على مدى الأعوام المقبلة، فقد بات من الممكن لعملاق البث أن يلتزم بكل ثقة بتوقيع عقود إيجار تمتد لأعوام عديدة. فيما حذت أبل وأمازون حذوها، حيث وقعت كل منهما على عقود إيجار لمساحات إنتاج في لوس أنجلوس لمصلحة أعمال البث عبر الإنترنت الخاصة بهما.
وقال إريك ويليت، العضو المنتدب لشركة آر سي إل سي أوه ريال إستيت أدفايزرز، "من الأسهل الحصول على عقد إيجار لمدة عشرة أعوام من أبل أكثر من التوقيع على عدة عقود للإيجار لمدة ستة أشهر لكل منها لأنها تأتي مع بعض المخاطر". وقال، "لقد غيرت نتفليكس طبيعة السوق لجميع العاملين فيها". وبحسب تقدير ويليت فإن نحو ثلث عقود الإيجار الجديدة تمتد لفترة أطول من ثلاثة أعوام.
ونظرا لأن معدلات الإشغال لمنصات الصوت في لوس أنجلوس تتجاوز 95 في المائة، وفقا لشركة جيه إل إل، فقد كان على المنتجين أن يفكروا بإبداع من أجل العثور على أماكن للتصوير. عادة ما تكون منصات الصوت عبارة عن أماكن عميقة، وخالية وذات أسقف عالية، ما يجعل المستودعات الصناعية خيارا عمليا لذلك الغرض.
فقد تم تحويل أحد مراكز أيكيا السابقة في بوربانك، كاليفورنيا إلى موقع للإنتاج التلفزيوني حيث تم أخيرا تصوير عروض مثل "فلور إز لافا" لشركة نتفليكس، حيث يجب فيه على المتسابقين التنقل بين غرف مليئة بالوحل الأحمر.
فيما قالت جينيفر فريسك، المديرة العامة لشركة الوساطة العقارية نيومارك نايت فرانك، التي تعد أمازون من بين عملائها، "لقد تسبب فيروس كوفيد بتفاقم الطلب على جميع أنواع المحتوى، وثبت أنه لا يوجد ما يكفي من استوديوهات منصات الصوت المتوافرة".
فيما أنفقت تي بي جي الشهر الماضي أكثر من مليار دولار للاستحواذ على استوديوهات سينيسبيس ستوديوز، التي تملك مساحة 2.9 مليون قدم مربع مخصصة كاستوديوهات في مدينتي تورونتو وشيكاغو، وذلك وفقا لمصدرين مطلعين على هذه الصفقة.
وجاءت عملية الشراء بعد شهرين من موافقة شركة تي بي جي على شراء حصة كبيرة في ستوديو بابلسبيرغ الألماني، حيث تم تصوير رائعة المخرج فريتز لانغ "متروبوليس" في 1927.
فيما يعد أكثر المشترين نشاطا في السوق شركة هاكمان كابيتال، وهي مختصة في الاستثمار العقاري في لوس أنجلوس، التي اشتركت في تشرين الثاني (نوفمبر) مع سكوير مايل كابيتال في صفقات تزيد قيمتها على ملياري دولار.
وقد استحوذ تحالف الشركتين الاستثماريتين على أكبر استوديو في اسكتلندا إضافة إلى كاوفمان أستوريا ستوديوز في نيويورك ومركز سي بي إس ستوديو في جنوب كاليفورنيا، وهو الموقع الذي تم تصوير فيلم سينفيلد فيه. وكان السعر الذي حددته سي بي إس البالغ 1.85 مليار دولار أعلى بـ500 مليون دولار مما كانت تتوقعه شركة فياكوم سي بي إس عندما عرضت الموقع للبيع في آب (أغسطس).
"هذه الأصول عالية الجودة ولا يمكن استبدالها". هذا ما قاله كريغ سولومون، الرئيس التنفيذي لشركة سكوير مايل كابيتال، التي أبرمت، من خلال المشروع المشترك مع هاكمان، صفقات بأكثر من 7.5 مليار دولار للاستحواذ على مواقع استوديوهات منذ 2018.
فيما تسببت هذه الضجة بقفزة في أسعار الإيجارات لمنصات الصوت. حيث أصبحت تكلفة استئجار مساحة مكتبية تبلغ عشرة آلاف قدم مربع في بوربانك نحو 500 ألف دولار سنويا، في حين أن مساحة الاستوديو تبلغ ضعف هذا المبلغ على الأقل، وفقا لنيومارك.
ولكن في حين يتم تقييم الفئات العقارية الأخرى من حيث السعر لكل قدم مربع، فإن تقييم مساحة استوديو الإنتاج أكثر ضبابية. حيث يتقاضى المالكون رسوما من المنتجين مقابل الإضافات مثل الإضاءة، وتقديم الطعام وفنيي "إعداد الكاميرات"، وهي خدمات يمكن أن تكلفهم نصف سعر إيجار العقار، وذلك وفقا للمديرين التنفيذيين في الصناعة.
ومع الاندماج بين الشركات الإعلامية مثل سي بي إس وفياكوم، قامت هذه الشركات ببيع الاستوديوهات المشتركة فيما بينها، من أجل إتاحة مزيد من الأموال لإنفاقها على إنتاج برامج تلفزيونية لتخزين محتوى خدمات البث الخاصة بهم.
ومع ذلك، احتفظت استوديوهات هوليوود المشهورة – مثل باراماونت، ويونيفرسال، ووارنر براذرز، وديزني وسوني - باستوديوهاتها الأسطورية، حيث تم فيها تصوير الأفلام الكلاسيكية مثل كازابلانكا وصوت الموسيقى. وتحتوي هذه الاستوديوهات على العشرات من المنصات الصوتية إضافة إلى الشوارع الخارجية المبنية كخلفيات عامة مخصصة للعروض، وشاحنات خزائن الألبسة وتقديم الطعام، ومساحات لعمليات ما بعد الإنتاج وكذلك المكاتب.
قد تتغير هذه الحال أيضا إذا استمرت السوق في الازدهار. حيث قال مسؤول تنفيذي مخضرم في مجال العقارات، "لن أشعر بالصدمة إذا تم بيع واحدة من هذه الاستوديوهات الكبيرة خلال الأعوام الخمسة المقبلة ". وأضاف، "إن صناعة الترفيه آخذة بالاندماج. فهل نحتاج حقا إلى خمسة استوديوهات؟".

تاريخ الخبر: 2021-12-20 00:23:13
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 41%
الأهمية: 40%

آخر الأخبار حول العالم

الصين تكشف عن مهام مهمة الفضاء المأهولة “شنتشو-18”

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:25:00
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 52%

الولايات المتحدة.. أرباح “ميتا” تتجاوز التوقعات خلال الربع الأول

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:24:55
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 68%

بطولة فرنسا: موناكو يفوز على ليل ويؤجل تتويج باريس سان جرمان

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:24:57
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 64%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-25 09:24:51
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية