أدار الرئيس التنفيذي لشركة تيثر شركة واجهت سلسلة من الدعاوى القضائية في الصين بسبب فواتير غير مدفوعة وغرامات مدفوعات ضرائب متأخرة قبل أن يساعد على إطلاق عملة مشفرة مدعومة بأصول، هي الآن في قلب صناعة التشفير.
مع تحرك العملة المشفرة من هوامش التمويل إلى التيار السائد، اعتمد المستثمرون بشكل متزايد على العملات المشفرة والرموز الرقمية المدعومة بأصول حقيقية، وسيلة لبيع وشراء العملات المتقلبة مثل البيتكوين.
لكن مع توسع دور شركة تيثر في عالم العملات المشفرة عقب تأسيسها في 2014، حيث يتم تداول 78 مليار دولار من عملاتها المدعومة بأصول الآن، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التدقيق من قبل الجهات التنظيمية. كما ألقى الارتفاع السريع للشركة الضوء على رئيسها التنفيذي الذي لا يحب الشهرة - جان لويس فان دير فيلدي.
المسيرة المهنية للمواطن الهولندي الأصل البالغ من العمر 58 عاما، التي امتدت من مبيعات تكنولوجيا المعلومات في هونج كونج، إلى صناعة البرمجيات في ألمانيا، وشركة صينية معتلة لتصنيع الأجهزة الكهربائية، قدمت تلميحات قليلة للدور المهم الذي سيضطلع به لاحقا.
سلطت السجلات القانونية وسجلات الشركات الضوء لأول مرة على فترة إدارة فان دير فيلدي، لشركة هواشون إلكترونكس، وهي شركة في شنزن تنتج أجهزة استقبال البث التلفزيوني ومكبرات الصوت للتصدير، تولى زمام إدارتها في 2006.
منذ 2009، تعرضت شركة هواشون لضغوط من الدائنين الساعين وراء كومة متزايدة من الفواتير، وفقا لسجلات من محكمة صينية وأوامر قضائية جمعتها شركة تيانينشا لتزويد البيانات.
يانغ هيبنج، أحد الدائنين الذي وفرت شركاته أجزاء معدنية لشركة هواشون، أخبر "فاينانشيال تايمز" أن "هواشون كانت تدار بطريقة سيئة ولم تكن قادرة على سداد الأموال".
رفع يانغ دعوى قضائية ضد شركة هواشون وفان دير فيلدي في 2012 لكن لم يستجب أي منهما، كما تظهر سجلات المحكمة في شنجن.
بعد نحو عقد من ذلك التاريخ كان فان دير فيلدي ـ الذي قضى معظم حياته في هونج كونج منذ مغادرته هولندا في العشرينيات من عمره للالتحاق بالجامعة في تايوان ـ لا يزال من الناحية الفنية يملك شركة هواشون من خلال كيان خارجي يحمل اسم بربتشوال أكشن جروب "آسيا"، أو بي أيه جي آسيا، كما تظهر سجلات الحكومة الصينية. يمتلك الكيان أيضا جزءا من شركة تيثر.

تحت الرادار
يبدو أن أعمال شركة هواشون في الصين متوقفة في الغالب وقد أضافتها الجهات التنظيمية إلى لائحة الشركات "غير الجديرة بالثقة بشدة التي تنتهك القانون"، كما تظهر السجلات الحكومية، وهو تصنيف يمنع فان دير فيلدي، الذي لا يزال رئيسها وممثلها القانوني، من إدارة شركات أخرى في الصين.
اليوم يساعد فان دير فيلدي على الإشراف على أصول بقيمة عشرات المليارات من الدولارات في شركة تيثر، وهو مبلغ أكثر بكثير من المبلغ الذي تم مطاردة شركة هواشن لدفعه قبل عقد من الزمان.
تصدر شركة تيثر، المسجلة في جزر فيرجن البريطانية، رموزا مميزة، تعرف أيضا باسم يو إس دي تي، مرتبطة بالدولار الأمريكي عن طريق الاحتياطيات. على الرغم من أن شركة تيثر قالت في البداية إنها ستحتفظ باحتياطيات نقدية، إلا أن رموزها اليوم مدعومة بأصول من بينها أوراق تجارية، وسندات خزانة، ورموز رقمية أخرى، وفقا لإفصاحات الشركة.
تم تغريم الشركة عشرات الملايين من الدولارات من قبل الجهات التنظيمية الأمريكية هذا العام بسبب إفصاحاتها السابقة عن احتياطياتها. في الشهر الماضي طلبت اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأمريكي معلومات من فان دير فيلدي حول عمليات شركة تيثر في إطار من تحقيق أوسع في العملات المشفرة المدعومة بأصول.
وبينما يتسابق السياسيون الأمريكيون لجمع مزيد من المعلومات عن شركة تيثر، يقول حتى بعض أكبر عملاء الشركة إنه كانت لهم تعاملات قليلة مع رئيسها التنفيذي.
سام بانكمان فرايد، الرئيس التنفيذي لبورصة إف تي إكس للعملات المشفرة ـ مقرها هونج كونج ـ التي قدرت قيمتها أخيرا بمبلغ 25 مليار دولار، أخبر "فاينانشيال تايمز" في وقت سابق من هذا العام أنه قابل فان دير فيلدي شخصيا مرة واحدة فقط.
قال بانكمان فرايد، "أشعر أنه أقل انخراطا في مجال العمليات الخارجية للشركة ومنخرط بشكل أكبر في الإدارة الداخلية والقيادة". وقال مدير تنفيذي آخر في مجال العملات المشفرة كانت له تعاملات مع إدارة شركة تيثر بشكل أكثر صراحة، "لا أعلم كثيرا عن جيه إل (جان لويس) ولا يعلم معظم الناس أيضا".
يتمتع فان دير فيلدي بحضور ضئيل على الإنترنت، بما في ذلك صفحة على منصة لينكدن يقول إنه لا يتفقدها أبدا. لديه أيضا حساب قديم على منصة يوتيوب تحت اسم "سنارفنتل" حيث أبدى اهتماما بفنون الدفاع عن النفس التايلاندية.
على الرغم من أنه يحمل اسم جان لويس، أو جيه إل، إلا أن اسمه الرسمي هو لودوفيكوس جان. وهو أيضا الرئيس التنفيذي لشركة بتفاينكس، وهي بورصة عملات مشفرة شقيقة لبورصة تيثر. تشير سيرته الذاتية الرسمية في بورصة بتفاينكس إلى أنه يتحدث خمس لغات.
في بيان تناول أسئلة من "فاينانشيال تايمز"، قالت شركة تيثر "بدلا من التركيز على أهمية العملات المشفرة المدعومة بأصول، وبشكل أكثر تحديدا شركة تيثر ودورها داخل النظام البيئي للعملات المشفرة، يبدو أن الأسئلة معلقة على الآمال في الكشف عن الأمور غير السرية من ماضي رجل أعمال ناجح".
أضافت الشركة، "تركز شركة تيثر على التزامها الطويل الأمد بالشفافية ودورها قادة في الصناعة ولن تضيع الوقت في الرد على الأسئلة التي لا علاقة لها بأعمالها".

شخص يعمل بجد
لفترة في تسعينيات القرن الماضي، عمل فان دير فيلدي مندوب مبيعات في هونج كونج لشركة لنغ إلكترونكس، وهي شركة لإعادة بيع تكنولوجيا تضم منتجاتها فيتا كول، التي من المفترض أن تحول النيكوتين الذي يسبب الإدمان إلى فيتامينات صحية. أخبرت شركة تيثر "فاينانشيال تايمز" سابقا أنه كان يبيع منتجات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركة فقط.
في 1999، انضم فان دير فيلدي لشركة أي جي إي إل، وهي شركة برمجيات لينوكس التي تم الاستحواذ عليها في العام الماضي من قبل شركة إنفوماتك، وهي شركة مدرجة في ألمانيا انهارت وسط مزاعم احتيال في 2001.
ثم شارك فان دير فيلدي في تأسيس شركة توكسيا التي أعادت شراء أصول شركة أي جي إي إل مع بدء انهيار شركة إنفوماتك في أواخر 2000. وأخبرت شركة تيثر "فاينانشيال تايمز" في السابق أن فريق شركة أي جي إي إل السابق أسس شركة توكسيا لإعادة شراء الشركة بسبب مخاوفه بشأن إدارة شركة إنفوماتك.
تظهر سيرة ذاتية تم تقديمها لجهات تنظيم الأعمال في الصين في 2006، تم الاطلاع عليها من قبل "فاينانشيال تايمز"، أن فان دير فيلدي كان "رئيس شركة مدرجة في البورصة في ألمانيا لأعوام عديدة"، دون تحديد اسمها.
قال هولجر إباتش، الذي كان كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة كوتسيا وهو الآن رئيس تنفيذي في وادي السيلكون، إنه يتذكر تجربة عمل مع فان دير فيلدي على أنها "إيجابية من البداية للنهاية"، واصفا إياه بأنه "زميل رائع وشخص يعمل بجهد".
في 2002، غادر فان دير فيلدي شركة توكسيا. ولم يترك مشروع أسسه في العام التالي باسم سيكي تكنولوجيز أي أثر يذكر. ثم تولى أمور شركة هوشوان في 2006 من خلال شركة بي أيه جي آسيا، وأيضا كيان جزر فيرجن البريطانية وشركة شقيقة لشركة أجهزة كهربائية تحمل اسما مشابها يديرها من موناكو جيانكارلو ديفاسيني، كبير مسؤولي المالية لكل من تيثر وبتفاينكس.

كثير من الثقة
شركة تيثر أبلغت "فاينانشيال تايمز" سابقا أن شركة بي أيه جي آسيا "قامت بتصدير منتجات إلكترونية إلى بائعين كبار مثل بست باي وتيسكو"، مضيفة أن شركة بي أيه جي موناكو كانت مستقلة عن شركة بي أيه جي آسيا، على الرغم من أن فان دير فيلدي وديفاسيني "كان لهما مستوى معين من الانخراط مع كلتا الشركتين".
وقال شخص مطلع على علاقتهما إن ديفاسيني، وليس فان دير فيلدي، في النهاية هو الذي "يدير الأمور" في شركة تيثر. أضاف، "إنهما يعرفان بعضهما بعضا منذ زمن بعيد، هناك كثير من الثقة بينهما". وقالت شركة تيثر إن كلاهما يلعب "أدوارا مهمة في شركة بتفاينكس وفي شركة تيثر".
كانت مسيرة ديفاسيني المهنية قبل شركة تيثر مضطربة في بعض الأحيان، كما ذكرت "فاينانشيال تايمز" سابقا، حيث واجهت إحدى شركاته ادعاء بتعد مزعوم على براءات اختراع - ادعاء رفضه هو والكيان - وانهارت شركاته في ميلانو بعد حريق في 2008.
العام التالي هو الذي بدأت تتراكم فيه الفواتير غير المدفوعة في شركة هواشون. كانت الشركة تنتج نحو ثلاثة ملايين قطعة من المعدات في العام من مصنع غير معرف في أطراف شنزن عندما تولى فان دير فيلدي زمام الأمور.
أمرت المحكمة أولا شركة هواشون بسداد 6825 رنمينبي "1068 دولارا" لأحد الدائنين في 2009، وفقا لأوامر المحكمة المجمعة من قبل مزودة البيانات، تيانينشا. وبدءا من حزيران (يونيو) 2011، توقفت شركة هواشون عن الدفع ليانغ مقابل القطع التي كانت تتلقاها وبعد تسعة أشهر كانت مدينة له بـ64 ألف رنمينبي، كما تظهر سجلات محكمة أخرى في شنزن.
عندما رفع يانغ الدعوى القضائية لم يمثل أي أحد في المحكمة ولم يتم تقديم أي رد خطي على الادعاءات، ما دفع أحد القضاة في شنزن إلى مضاعفة المبلغ المستحق ليانغ. يانغ أخبر "فاينانشيال تايمز" أن المبلغ لم يتم تسديده بالكامل قط.
بحلول 2013، أمرت شركة هواشون بسداد 500 ألف رنمينبي في أكثر من عشرة أحكام، كما تظهر السجلات. وتم تغريم الشركة أيضا مبلغا صغيرا بسبب "سلوك غير قانوني في براءات الاختراع" في 2012 وكثيرا ما كانت مدينة بضرائب مستحقة، مع غرامات تأخير في السداد، كما تظهر سجلات مزودة البيانات تيانينشا.
على الرغم من أن السجلات تشير إلى أن دائني شركة هواشون كانوا غير سعداء، يتذكر آخرون علاقاتهم مع فان دير فيلدي بعبارات أكثر إيجابية.
شيه وي لياو، وهو أستاذ مساعد في جامعة تايوان الوطنية يعرف رئيس شركة تيثر لأكثر من 30 عاما، ذكر أن فان دير فيلدي قدم مساهمة كبيرة للطلاب في مساق البلوكتشين التي أداراها معا، ولا سيما في أخلاقيات التدريس.
قال لياو عن فان دير فيلدي، "إنني أتخوف من أولئك الرؤساء التنفيذيين الذين يخبرون طلابنا أن بإمكانهم المجيء والعمل في مجال الذكاء الاصطناعي والبلوكتشين والحصول على أموال طائلة. لكنه مختلف. لقد أعطى وقته وليس المال فقط".