افتتاحية الدار: المغرب والإمارات.. قصة شراكة السلام والانفتاح على المستقبل


الدار/ افتتاحية

الحضور الوازن الذي قاده رئيس الحكومة عزيز أخنوش في معرض “إكسبو دبي 2020” للاحتفال باليوم الوطني للمملكة المغربية لم يكن مجرد التزام بروتوكولي ودبلوماسي تفرضه قواعد المجاملة ورسميات العلاقات الخارجية. إن هذا الحضور المهم في الاحتفاء بهذه المناسبة من البلدين معا يعكس الصورة الجديدة للعلاقات بين أبو ظبي والرباط التي تعيش أزهى أيامها منذ أكثر من سنتين. صحيح أن العلاقات بين البلدين ضاربة في عمق التاريخ وأن الروابط بين أبناء الشيخ زايد والأسرة العلوية في المغرب من أوثق ما يكون إلا أننا نرصد منذ أكثر من سنتين توجها جديدا نحو تمتين هذه العلاقات ليس بناء على ثوابت وجذور الماضي فقط، وإنما على رؤية مشتركة للمستقبل.

نعم، هذه هي فلسفة العلاقات المغربية الإماراتية التي وُضعت على السكة في عزّ كل المحاولات التي بذلت من طرف بعض الجهات قبل أكثر من سنتين من أجل تسميم أجواء الروابط بين البلدين واختلاق أزمات وهمية. ولعلّ العنوان الأبرز لهذه الشراكة الجديدة والعميقة التي يتم تثبيتها بين البلدين هو ذاك الموقف الحاسم الذي عبّرت عنه الإمارات العربية المتحدة بافتتاح قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية، وتشجيع عدد من البلدان العربية على التحضير لاتخاذ القرار نفسه، وحشد التأييد والدعم للقضية الوطنية والترافع من أجلها في المحافل الدولية، ثم الدفع مؤخرا نحو تبني خريطة عربية موحدة في الجامعة العربية تدمج الصحراء المغربية ضمن أقاليمنا الجنوبية.

لا يمكن أن ينكر أحد أن كل هذه التطورات كانت في جزء كبير منها بفضل مواقف الإمارات العربية المتحدة وبفضل دبلوماسيتها الدولية النشطة والمؤثرة. لا ننسى أن قضية الوحدة الترابية للمغرب أضحت من الملفات التي تصاغ بخصوصها بيانات التضامن بشكل دائم في اجتماعات ومؤتمرات مجلس التعاون الخليجي. ولعلّ اختيار السلام يعتبر عنوانا آخر من أبرز عناوين الشراكة الإماراتية المغربية. لقد قرر البلدان في وقت متزامن وبإرادة حرة واختيارية الدخول في مرحلة جديدة من العلاقات مع إسرائيل، في إطار ما يسمى “اتفاقات أبراهام” التي تعتبر خيارا دبلوماسيا مستقلا للبلدين من أجل الالتفات نحو المستقبل وتجاوز العراقيل الثقافية التي عطّلت كل مشاريع تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.

وبما أننا نتحدث عن الرؤية الجديدة لشراكة المستقبل بين البلدين فإن ما هو آت سيكون لا محالة أعمق وأقوى وأكثر تنوعا مما فات. فالبلدان يمتلكان كثيرا من مقومات التكامل الاقتصادي والسياسي التي تجعلهما يقودان المنطقة نحو أفق جديد قوامه السلام والرخاء والتعايش. لقد تجاوزت دولة الإمارات العربية المتحدة بفضل الرؤية الثاقبة التي يمتلكها قادتها الكثير من العراقيل الثقافية والطائفية التي لا تزال تعيق بعض بلدان الجوار، وتُغرقها في ويلات الصراعات والحروب والتطاحن المدمر. لقد قررت الإمارات أن تكون جزيرة آمنة في وسط ملتهب. وتشبه هذه الصورة الإماراتية النموذجية كثيرا وضعية المغرب، الذي استطاع على مدى عقود أن يتجنب كل أشكال العنف والحروب الأهلية والانقسامات التي عاشتها بعض بلدان المغرب العربي خصوصا في الجزائر وليبيا والساحل الإفريقي.

ولأن الماضي والحاضر متشابهان بين دولتين مستقرتين وآمنتين ومستعدتين للتعايش والسلام ومنفتحتين على العالم، فمن المنطقي أن تنعقد بينهما أواصر الشراكة القوية والمتينة من أجل مستقبل واعد بالاستثمارات الاقتصادية الكبرى والريادة في مجالات الطاقات المتجددة وتبادل الخبرات والبحث عن موطئ قدم بين الدول الكبرى. وربما تمثل هذه الشراكة بين البلدين فرصة لتقديم نموذج حضاري عالمي عن التعاون الذي يقود إلى إيجاد الحلول الناجعة للكثير من معضلات الإنسانية في الوقت الراهن. فلدى المغرب الكثير من التجارب التي يمكن أن تستفيد منها الإمارات، ولدى الإمارات الكثير من المشاريع الرائدة التي يمكن أن تمثل مصدر إلهام للمسار المغربي.

تاريخ الخبر: 2021-12-28 22:31:28
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

بوريل: دمار غزة يفوق ما حل بمدن ألمانيا في الحرب العالمية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 12:25:35
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 69%

وفد اقتصادي مغربي هام يعقد لقاءات في بورصة “وول ستريت”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 12:25:45
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

بوريل: دمار غزة يفوق ما حل بمدن ألمانيا في الحرب العالمية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 12:25:43
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 60%

وفد اقتصادي مغربي هام يعقد لقاءات في بورصة “وول ستريت”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-24 12:25:50
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 57%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية