عرفت استكمالا بتجديد المؤسسات: جزائر2021 تطوي صفحة العهد القديم

تنقضي سنة 2021 و معها يكتمل المسار السياسي الخاص بتجديد مؤسسات الدولة المنتخبة كما وعد بذلك رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في برنامجه الانتخابي وفق نظرته لبناء جزائر جديدة.
وفي الواقع فإن المسار السياسي الخاص بالرئيس تبون كان قد بدأ مع مشروع تعديل الدستور الذي عرض للاستفتاء الشعبي في الفاتح نوفمبر من العام 2020، وهو الذي حمل أحكاما دستورية جديدة لتنظيم الحياة السياسية و الفعل السياسي في البلاد بصورة عامة.

 وقد راهن الرئيس تبون في برنامجه ووفق سعيه لبناء جزائر جديدة على تحقيق جملة من الأهداف في المجال السياسي، منها أخلقة الحياة العامة، و فصل العمل السياسي عن المال وبخاصة الفاسد منه، ومنح فرصة أكبر للشباب  والمرأة للمشاركة في الحياة السياسية وفي تعميق الممارسة الديمقراطية، وانتخاب أو تجديد مؤسسات الدولة المنتخبة في جو من النزاهة والشفافية ووفق نمط انتخابي جديد يمنح فرصة وحرية أكبر للمواطن كي يختار من يمثله في المجالس المنتخبة.
نمط انتخابي جديد
 لبرلمان جديد
ومنذ الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، ووفقا للالتزامات التي قطعها على نفسه خلال وبعد انتخابات 12 ديسمبر 2019 بات من الواضح أن الرئيس عبد المجيد تبون يتجه لحل الغرفة السفلى للبرلمان  بتشكيلتها  المنبثقة عن انتخابات مايو 2017 وقد كان ذلك مطلبا ملحا ليس فقط لعامة الشعب خلال الحراك السلمي، ولكن أيضا كان مطلبا متقاطعا لأغلبية الأحزاب السياسية التي كانت ترى أن صورة المجلس الشعبي الوطني للفترة التشريعية السابقة مهزوزة بسبب تدخل المال الفاسد في انتخاب العديد من أعضائه حتى نعت بأبشع الصفات.
و عليه أعلن في 18 فبراير من العام 2021 على حل المجلس الشعبي الوطني والدعوة لانتخابات تشريعية مسبقة يريد لها أن تكون «خالية من المال الفاسد ومفتوحة للشباب».
وقد راهنت السلطات كثيرا على هذا الموعد الانتخابي الذي سينبثق عنه مجلس شعبي وطني جديد بأعضاء جدد  ووفق نمط انتخاب جديد بعيدا عن تأثيرات  دوائر المال وشراء الذمم التي كانت سيدة الموقف في فترات تشريعية سابقة. و تكيفا مع أحكام دستور 2020  عدل القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات في مارس الماضي استعدادا لتشريعيات 12 جوان، والواقع أن هذه التشريعيات التي جاءت وفق نمط انتخابي جديد يقوم على القائمة المفتوحة، واختيار الأشخاص المترشحين عوض القائمة برمتها، ونص على المناصفة بين الرجال والنساء والشباب والجامعيين في القائمة الواحدة، قد لقي قبولا واسعا من طرف الأحزاب و المترشحين  والكثير من المواطنين.
 وعلى الرغم من صعوبة المهمة في الميدان خاصة منها جمع التوقيعات المطلوبة و ضمان المناصفة التي يشترطها القانون بين الفئات سالفة الذكر إلا أن الإقبال على الترشح كان كبيرا حتى وصل عدد قوائم المترشحين في الولاية الواحدة إلى العشرات في سابقة أولى من ونوعها في البلاد .
لقد شكلت انتخابات 12 جوان الماضي في ظل النمط الانتخابي الجديد وبعد كل الذي عرفته البلاد في العامين الأخيرين بريق أمل وفرصة للبحث عن التغيير المنشود في ظل معطيات جديدة وأحداث ميزت الساحة الوطنية في العامين الماضيين، وهو ما يفسر الإقبال الكبير على الترشح للانتخابات التشريعية.
وقال الرئيس عبد المجيد تبون بعد تأدية واجبه الانتخابي صبيحة 12 جوان الماضي « شكرا لحضوركم الذي هو دليل على اهتمامكم بالتغيير الجاري في البلاد، إن هذه الانتخابات هي اللبنة الثانية في مسار التغيير وبناء جزائر جديدة ديمقراطية، أقرب إلى المواطنين أكثر من أي وقت سابق».
وفي نفس التصريح قال تبون أيضا« أنا كرئيس أو مواطن أؤمن إيمانا قويا بالمادة السابعة من الدستور التي تنص على أن السلطة للشعب ويمارسها من خلال منتخبيه»، وقبل ذلك  كان تبون يصر على إعطاء فرصة كبيرة للشباب لدخول قبة البرلمان بطريقة ديمقراطية وفي كنف الشفافية التامة، ولأول مرة في تاريخ الانتخابات في الجزائر تخصص مساعدات مالية للشباب المترشحين دون سن الأربعين.
وعلى الرغم مما قيل عن تشريعيات 12  جوان 2021 خاصة نسبة المشاركة فيها فإنها أفرزت مجلسا وطنيا جديدا بوجوه جديدة في غالبيتها و منهم عدد كبير من الشباب ومن المستقلين الذين جاءوا في المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد المحصل عليها لأول مرة في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية الوطنية.
وبالنسبة للرئيس عبد المجيد تبون فإن نسبة المشاركة ليست الهدف الأول من علمية الاقتراع إنما هو بناء مؤسسات شرعية وفق عملية انتخابية شفافة ونزيهة لا يطعن في صدقيتها أي طرف، وذلك لا يعني إهمال نسبة المشاركة- حسب تصريح له . لقد أدت انتخابات 12 جوان إلى تجديد أول مؤسسة دستورية منتخبة في سياق المسار الذي رسمه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل بناء مؤسسات جديدة في مسعاه الرامي إلى بناء جزائر جديدة حسب برنامجه الانتخابي.
 ووعد الرئيس باستكمال هذا المسار وضرب موعد آخر قبل نهاية العام من أجل إجراء  انتخابات تجديد المجالس الشعبية البلدية والولائية.
محليات 27  نوفمبر آخر حلقة في مسار تجديد المؤسسات
بعد استفتاء تعديل الدستور وإجراء الانتخابات التشريعية في 12 جوان كان لزاما على الرئيس عبد المجيد تبون الوفاء بالعهد الذي قطعه على نفسه من أجل استكمال مسار الإصلاحات السياسية ومنح البلاد مؤسسات منتخبة جديدة.
 وعلى الرغم من الظروف الصحية الصعبة جدا التي مرت بها البلاد في الصائفة الماضية تضاف لها الأحداث الدامية التي عرفتها عدة مناطق من الوطن جراء حرائق الغابات والتي خلفت العشرات من الضحايا، فقد أعلن مجلس الوزراء في بيان له في سبتمبر الماضي استدعاء الهيئة الناخبة لإجراء الانتخابات المحلية في شهر نوفمبر في حال تحسنت الظروف الصحية الناجمة عن تفشي جائحة كورونا.
 وبالفعل بعد أيام من ذلك رسم الرئيس تبون تاريخ إجراء الانتخابات المحلية بتحديد تاريخ 27 نوفمبر موعدا للاقتراع، وكسابقتها التي جرت في جوان الماضي فقد استقطبت المحليات أيضا اهتمام  الأحزاب السياسية والمترشحين المستقلين رغم صعوبة المهمة في الميدان.
وقال تبون بعد أدائه واجبه الانتخابي يوم 27 نوفمبر الماضي إن  الانتخابات المحلية هي «آخر محطة لبناء دولة عصرية بسواعد أبنائها الذين هم من يقومون باختيار المسؤولين والمسيرين».
و أشار  ذات المتحدث أن الهدف من تجديد مؤسسات الدولة عبر الانتخابات هو التخلص من «ديمقراطية العصابة»، و أن الرسالة التي تحملها آخر محطة في هذا المسار السياسي هي بناء دولة عصرية وقوية اقتصاديا واجتماعيا بسواعد أبنائها.
ووعد تبون آنذاك بإعطاء صلاحيات أوسع للمنتخبين المحليين خاصة  على مستوى البلديات مستقبلا ، وهو ما  تجلى في تنصيب فوج عمل خاص لمراجعة قانون البلدية ما يزال يشتغل لحد الآن.جزائر 2021 تطوي صفحة العهد القديمقد تختلف الأحكام  والتفسيرات والقناعات السياسية على المسار الذي باشره عبد المجيد تبون منذ  توليه سدة رئاسة الجمهورية قبل أكثر من عامين بقليل، إلا أن هذا الأخير أراد طي صفحة العهد القديم من الناحية السياسية والقانونية و الأخلاقية أيضا ، وهو ما تجلى في سعيه إلى تعديل الدستور وانتخاب مؤسسات جديدة للبلاد في محاولة لمنح فرصة أكبر للشباب أو قل لجيل ووجوه جديدة من المواطنين لتولي المسؤوليات الانتخابية على المستويين الوطني والمحلي، وخلق طبقة سياسية جديدة.  ولم يتبق من هذا المسار سوى الجزء المتعلق بتجديد نصف أعضاء مجلس الأمة المنتخبين يوم الخامس فبراير الماضي، وهي عملية مرتبطة تنظيميا وسياسيا بالانتخابات المحلية، وبعدها يكمل تبون المسار السياسي الذي وعد به في برنامجه الانتخابي. و تأمل الجزائر حسب تصريحات سابقة لرئيس الجمهورية أن تخصص سنة 2022 الجديدة لبعث اقتصاد وطني قوي ومتنوع بإمكانه التخلص من التبعية للمحروقات.                              
إلياس  -ب

بعد سنوات من الانكفاء
 الدبلومـاسية الجـزائرية تستعـيد دورهـا في جـوارها و مجـالها الحيــوي
عادت الدبلوماسية الجزائرية  خلال السنة المنقضية بقوة إلى الواجهة لتستعيد مكانتها الطبيعية التقليدية، ودورها المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي، وبذلت جهودا كبيرة من أجل حلحلة العديد من المشاكل والقضايا المعقدة، ودعمت قبل نهاية العام بتوصيات وتعليمات من رئيس الجمهورية في اللقاء الذي جمعه بممثلي البعثات الدبلوماسية الوطنية في الخارج.

 في مواجهة تطورات دولية و جهوية خطيرة على الصعيدين الأمني والسياسي الاستراتيجي على وجه الخصوص، عاد الفعل الدبلوماسي الجزائري إلى الواجهة في سنة 2021 ليحتل من جديد المساحات التقليدية التي كانت تحسب له، ويعيد  صورة ودور الجزائر من وراء ذلك إلى الواجهة، ويؤكد من جديد أنه ومهما كانت الظروف فإن الدور السياسي للجزائر لا يمكن القفز عليه في حل العديد من الإشكالات والقضايا في القارة الأفريقية وعلى الصعيد الجهوي.
ومع تسارع التطورات السياسية والأمنية  والاقتصادية في أكثر من دولة في المغرب العربي وفي أفريقيا وغيرها بات لزاما على الدبلوماسية الجزائرية أن ترمي بكل ثقلها من أجل  المساهمة في حل القضايا العالقة، و العودة للاهتمام بجوارها ومجالها الحيوي الإقليمي لما يفرضه ذلك من تحديات على أكثر من صعيد.
ليبيا.. مالي.. الساحل وعمق إفريقيا
وكما هو معروف في العلاقات الدولية فإن الاهتمام بالجوار هو أول خطوة لضمان الأمن القومي ومن هذا المنطلق وبالنظر لما يجري على حدود الجزائر في العلن وفي السر أيضا فقد عاد الجهاز الدبلوماسي الوطني ليلعب دوره كاملا في هذا السياق لحماية الأمن القومي للبلاد و الحفاظ على مصالحها العليا، ولكن أيضا لفرض موقف الجزائري ورؤيتها بخصوص العديد من القضايا الإقليمية.
 وعلى هذا الأساس جمعت الدبلوماسية الجزائرية في 30 أوت الماضي وزراء خارجية دول جوار ليبيا: تونس، مصر النيجر السودان تشاد الكونغو الديمقراطي، إضافة إلى البلد المعني ليبيا، وشارك في الاجتماع أيضا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، و مفوض الاتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، و بحضور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا  يان كوبيش.
وقد توج هذا الاجتماع الهام الذي اشرف عليه وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج رمطان لعمامرة، بنتائج جد هامة بخصوص المسألة الليبية في مقدمتها  وضع تصور شامل متفق عليه بين جميع دول الجوار لحل الأزمة الليبية.
وأهم ما خرج به الاجتماع أيضا الاتفاق على حتمية الحل السياسي للأزمة في هذا البلد، وهو الحل الذي رافعت من أجله الجزائر منذ سنوات والذي أثبتت السنوات صحته، وعاد إليه الجميع، وقرر المجتمعون  إرسال وفد وزاري إلى ليبيا بهدف تقييم مسار العملية السياسية.
 كما تم الاتفاق على ضرورة انسحاب كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وإعادة تفعيل اللجنتين الفرعيتين الخاصتين بالسياسة والأمن، وطالبت  دول الجوار الليبي بإشراكها بشكل كامل في المحادثات أو المسارات التي يتم إطلاقها. وشكل هذا الاجتماع  انتصارا معتبرا للدبلوماسية الجزائرية في هذا الملف الحساس الذي يهم بالدرجة الأولى أمن واستقرار الجزائر، وتمكنت هذه الدبلوماسية من فرض رؤية الحل السياسي والحوار بين الفرقاء الليبيين لحل أزمتهم التي دامت لسنوات.
وتبعا لهذا الاجتماع قام وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج بجولة شملت العديد من الدول الإفريقية لشرح مخرجات الاجتماع، وقد شملت الجولة النيجر موريتانيا مصر الكونغو الديمقراطية، فضلا عن التطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين.
 وشهد العام 2021 زيارات لرؤساء عدة دول إلى الجزائر منها رئيس النيجر، الرئيس الفلسطيني، الرئيس الإيطالي وأخيرا الرئيس الموريتاني، وزيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس، وهي كلها نشاطات تدخل في إطار تعزيز وتطبيع العلاقات الإستراتيجية التي تربط الجزائر بجوارها وبالدول الصديقة، وحط أيضا العديد من وزراء الدول الأوربية وغيرها الرحال بالجزائر في إطار النشاط الدبلوماسي العادي الرامي إلى تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين.
 كذلك قامت الدبلوماسية الجزائرية بحملة كبيرة لمقاومة التمدد الصهيوني في القارة الأفريقية وسحب صفة العضو الملاحظ الذي منح للكيان الصهيوني من قبل بعض الأطراف في الاتحاد الإفريقي خلسة، وقد نجحت الدبلوماسية الجزائرية في هذه المهمة بشكل واضح.
توجيهات من أجل دبلوماسية فعالة
وقبل اختتام العام  المنصرم عقد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، لقاء شاملا مع سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الوطنية في العالم في شهر نوفمبر الماضي بقصر الأمم بنادي الصنوبر من أجل وضع إستراتيجية جديدة للعمل الدبلوماسي وتكييفه على ضوء التطورات الحالية الجارية في العالم و خاصة على محيطنا وجوارنا القريب، وأيضا في سبيل إعطاء دفع للدبلوماسية الاقتصادية في سياق منظور جديد للتعاون الاقتصادي مع كل دول العالم.
وخلال اللقاء أكد رئيس الجمهورية انه يقع على عاتق السفراء و ممثلي البعثات الدبلوماسية الجزائرية في العالم إحياء إرث الدبلوماسية الجزائرية و تعزيز دورها والحفاظ على الأمن والسيادة الوطنية، مشيرا إلى أن العالم يشهد العديد من الاضطرابات وبروز فاعلين جدد وهو ما يستدعي عملية تكييف جديدة للجهاز الدبلوماسي في إطار احترام مبادئ السياسة الخارجية للجزائر المتعارف عليها.
كما شدد تبون في هذه الندوة على ضرورة استعادة الجزائر لعلاقاتها القوية مع دول أفريقية محورية على غرار نيجيريا وجنوب إفريقيا ومع  كوبا أيضا، و الحفاظ على الصداقة مع الدول الأوروبية والأفريقية التي تقاسمنا نفس وجهات النظر.
ورافع الرئيس في إطار التوجيهات التي أسداها لممثلي البعثات الدبلوماسية الوطنية من أجل أن تكون علاقات الجزائر مع كل شركائها في العالم في إطار من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية،كما نبه إلى ضرورة أن تلعب الدبلوماسية الوطنية دورا مهما مستقبلا في الجانب الاقتصادي وقال بهذا الصدد"أمـــا بالنسبة للدبلوماسيـــة الاقتصاديـــة، فإن دبلوماسيينا مدعوون اليوم، للتموقع في طليعة الجهود الوطنية الهادفة إلى تعزيز جاذبية الجزائر تجاه الشركات الأجنبية، ودعم الـمؤسسات الوطنية لولوج الأسواق العالـمية، وذلك عبر استطلاع ودراسة أنماط السوق والاستهلاك وتحديد الفرص الـمتاحة، للمنتجات الوطنية الجزائرية".
لقد قامت الدبلوماسية الوطنية في عام 2021 بجهود كبيرة عنوانها الأبرز الحفاظ على الأمن والسيادة الوطنية وحماية أمن البلاد ومصالح الأمة على ضوء الاختراقات التي وقعت في أكثر من دولة بجوارنا، واستعادت الدبلوماسية الجزائرية المبادرة في العديد من الملفات العالقة، كما كيفت عملها  وفق التغيرات الإستراتيجية الحاصلة في العالم.                                 إلياس -ب

المملكـة خططت لـزرع الفتنة في البلاد
 قطـع العلاقـات مع المغـرب بسبب سيـاسة المخــزن العــدائية
 قرّرت الجزائر في 2021 قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية مع غلق المجال الجوي أمام كل طائراتها بسبب أعمال عدائية قامت بها المغرب كانت وراء تهديد الأمن القومي و وحدة البلاد، بعدما أظهرت التحقيقات الأمنية تورط المخزن في دعم مخططات لضرب استقرار البلاد عبر خلايا إرهابية وانفصالية.

وجهت الجزائر اتهامات للمخزن المغربي بالتورط في حرائق عرفتها من خلال التنسيق مع منظمة «الماك» إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي جاءت في سياق أزمة متصاعدة بين البلدين فجرتها تصريحات سفير المغرب لدى الأمم المتحدة خلال قمة لدول عدم الانحياز منتصف جويلية دعا فيها لدعم انفصال منطقة القبائل، ما دفع الجزائر لسحب السفير من الرباط، قبل أن تقرر قطع العلاقات الدبلوماسية شهر أوت ومنع الطائرات المغربية المدنية والعسكرية من التحليق في الأجواء الجزائرية وإلى جانب عدم تجديد اتفاقية نقل الغاز إلى إسبانيا عبر الأنبوب المار عبر المغرب.
ولم يكن قرار الجزائر «ارتجاليا ولا متسرعا» بل جاء بعد سنوات من «ضبط النفس» برغم الطعنات المتتالية التي تلقتها في الظهر من الجارة الغربية بداية بتصنيف الجزائر كبلد «عدو» على لسان دبلوماسي مغربي، وصولا إلى تصريحات ممثلها الدائم في الأمم المتحدة الذي دعا صراحة إلى الفتنة في الجزائر، بعدما تبين جليا وقوف المخزن إلى جانب الحركتين الإرهابيتين «الماك» و «رشاد» ودعمهما ماديا، وسعي المخابرات المغربية لشراء ذمم ما يسمون بالمعارضين في الخارج والذين أعلنوا صراحة ولاءهم للمخزن على حساب وطنهم ومصالحه.
واستمر مسلسل الأزمة بين الرباط والجزائر ليصل إلى مستويات خطرة بعد قصف شاحنتين جزائريتين وهما في طريقهما نحو موريتانيا لتسليم شحنة من الاسمنت الأبيض، ما تسبب في مقتل ثلاثة سائقين جزائريين في نفس اليوم الذي كان يحتفل فيه الجزائريون بذكرى اندلاع الثورة التحريرية، واتهمت الجزائر المغرب بالوقوف وراء العملية باستعمال سلاح متطور، وأكدت بان هذا الاعتداء لن يمر بدون عقاب.
وزاد تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني في تعميق الأزمة مع الجزائر خاصة مع زيارات مسؤولين من دولة الاحتلال المغرب على غرار وزير الخارجية يائير لبيد الذي هدد الجزائر من الرباط إلى جانب زيارة وزير الدفاع بيني غانتس، التي توجت بعقد اتفاق دفاعي وأمني بين البلدين، وهو ما اعتبر استهدافا للجزائر.
وأمام تلك الضربات المتتالية، رفضت الجزائر، الخضوع لسلوكيات وأفعال مدانة كما ترفض منطق الأمر الواقع والسياسات أحادية الجانب بعواقبها الكارثية على الشعوب المغاربية. كما ترفض الجزائر الإبقاء على وضع غير اعتيادي يجعل المجموعة المغاربية في حالة من التوتر الدائم تتعارض كليا مع المبادئ والقواعد المنظمة للعلاقات الدولية ولعلاقات الجوار والتعاون.الجو المشحون الذي خلفته ممارسات المخزن المغربي بدأت من تصريح القنصل المغربي العام الماضي، حيث قال في لقاء مع أبناء جاليته المتواجدين في الجزائر، بأنهم في بلد عدو. ومنذ ذلك الحين، بدأ مسار من الأخطاء، التي لا ترتكب من طرف دولة، تعتبر شقيقة وصديقة. وحملت الأيام الأخيرة العديد من التجاوزات الملموسة، كانت «أولها دعوة ممثل المملكة لدى الأمم المتحدة، لاستقلال منطقة القبائل، مسانداً بهذا حركة مصنفة في الجزائر كحركة إرهابية، في موقف غير مفهوم، تضاف إلى ذلك فضيحة «بيغاسوس» وثبوت تجسس المملكة على مسؤولين جزائريين، حالهم حال مسؤولين أوروبيين، بالإضافة لموافقة المغرب للكيان الصهيوني، للانضمام إلى الاتحاد الإفريقي كعضو مراقب».
ومن جانبها، فإن الفضيحة، التي لا تقل خطورة عن سابقتها، والمتعلقة ببرنامج «بيغاسوس» قد كشفت، بما لا يدع مجالا للشك، عمليات التجسس الكثيفة التي تعرض لها مواطنون ومسؤولون جزائريون من قبل الأجهزة الاستخباراتية المغربية مستعملة في ذلك هذه التكنولوجيا الإسرائيلية.
وقد قرّر المجلس الأعلى للأمن برئاسة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، “مراجعة” العلاقات مع المغرب المتورط في الحرائق التي خلفت عشرات القتلى والمصابين وخسائر مادية فادحة للفلاحين وسكان القرة والمداشر بمنطقة القبائل والولايات الأخرى، وأكدت الرئاسة الجزائرية أن “الأعمال العدائية والمتواصلة التي ترتكبها المغرب ضد الجزائر استدعت مراجعة العلاقات وتكثيف المراقبة على الحدود الغربية”.
وعلقت مجلة الجيش في افتتاحية شهر سبتمبر على قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، وقالت بان القرار الذي اتخذته الجزائر هو «قراري سيادي ومؤسس، جاء على خلفية اعتذارات متكررة وموثقة أصحت معلومة لدى الخاص والعام». وأضافت المجلة، بان القرار الذي اتخذنه الجزائر الحازم والحاسم، جاء بعدما رجحت طويلا قيم الإخوة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار والتزمت بضبط النفس لعقود من الزمن أمام الأعمال العدائية المغربية المتكررة واستفزازات المخزن المتواصلة.
  ع سمير

إجهــــاض مؤامـــرة لإحـراق البـــلاد بلـهيب الغابـــات ونـار الفتنـــــة
 شهدت الجزائر خلال صائفة 2021 سلسلة من الحرائق الإجرامية طالت العديد من الولايات أودت بحياة عشرات الأشخاص بين مواطنين و عسكريين، وسجلت أغلب تلك الحرائق بمنطقة القبائل التي دفعت فاتورة مؤامرة حيكت من قبل جهات أجنبية تمتد تشعباتها الحقيقية إلى المخزن الذي دعم وموّل تجار الفتنة داخل الوطن لتنفيذ مخطط جهنمي كان يهدف إلى تقسيم الجزائر وتفجير الوضع الداخلي وخلف فتنة تدفع الجزائر نحو المجهول، قبل أن تسقط كل تلك المحاولات بفضل يقظة الشعب و تضامن الدولة.

واجهت الجزائر خلال الصائفة الماضية أخطر فصل من فصول المؤامرة الدنيئة التي تحاك ضدها من قبل مخابر أجنبية بالتعاون مع جهات داخلية تعمل على تفتيت البلاد، من خلال سلسلة الحرائق المفتعلة التي تورطت فيها عناصر تنتمي إلى تنظيمات إرهابية وانفصالية بتدبير ودعم من جهات أجنبية إضافة إلى جريمة مقتل وحرق الشاب جمال بن سماعين والتي أثارت الرأي العام. وتم التوصل من خلال التحقيقات التي قامت بها المصالح الأمنية إلى معطيات تدل على وجود تدبير مسبق وممنهج للحرائق، إلى جانب وجود دور للعنصر الأجنبي في التدبير والتخطيط لتأجيج النفوس وإثارة الهلع وضرب الاستقرار، إلى جانب وجود تأطير للعناصر المنتمية للماك.
فقد تعرضت عديد الولايات من الوطن، وبالأخص منطقة القبائل صيف 2021 إلى حرائق مهولة أودت بحياة عشرات الأشخاص بين مواطنين و عسكريين، فلقد نشب 33 حريقا في نفس اليوم والزمن بالمنطقة الوسطى من ولاية تيزي وزو، التي تتميز بغاباتها الكثيفة التي تنتشر بها قرى ذات كثافة سكانية كبيرة، وخلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى وخسائر مادية فادحة وتضرر المحاصيل والحقول التي تعد المصدر الوحيد لرزق عائلات بأكملها.  
بداية، شهدت غابات متفرقة من ولاية تيزي وزو وبجاية وسطيف حرائق بدت محدودة، وسرعان ما انتشرت بسرعة كبيرة ووصلت إلى الغابات المجاورة للقرى والمدن القريبة. وزادت الرياح، كون المنطقة جبلية ومرتفعة عن مستوى سطح البحر، بالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة، في اشتعال 23 حريقاً متزامناً في ولاية تيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل. وقضت النيران على كل شيء من منازل ومزارع وأشجار وسيارات، واجتاحت قرى بأكملها، ووصلت إلى أطراف المدن.
وحاصرت النيران مدينة الأربعاء نايت إيراثن، وخصوصاً مستشفى المدينة الواقع عند أطرافها، الأمر الذي دفع رجال الإطفاء والمتطوعين إلى الإسراع في إجلاء المرضى من المستشفى. وانتشرت الحرائق التي نشبت في قلب المناطق الجبلية الآهلة بالسكان، بسرعة النار في الهشيم و ساعدها في ذلك شده الحر و الرياح، وهو توقيت اختاره بالذات مضرمي الحرائق التي حاصرت القرى و المداشر و زرعت الخوف و الذعر في أوساط السكان.
وأسفرت تحقيقات الضبطية القضائية المبنية على أدلة مادية مرفوعة من مسارح الحرائق، مدعومة بالخبرة العلمية والتحليل المكاني والزماني، عن توقيف 71 مشتبها فيه على مستوى 14 ولاية. من بينهم عناصر  من الحركة الإرهابية “ماك”، حيث تم إطلاق عملية ملاحقة لتوقيف «كل المنتمين للحركتين الإرهابيتين اللتين تهددان الأمن العام والوحدة الوطنية، إلى غاية استئصالهما جذريا، لا سيما حركة (الماك)»، التي «تلقي الدعم والمساعدة من أطراف أجنبية، وخاصة المغرب والكيان الصهيوني».وقد أثبتت التحقيقات الأمنية ضلوع الحركتين الإرهابيتين (الماك) و(رشاد) في إشعال الحرائق ، وكذا تورطهما في اغتيال المرحوم جمال بن إسماعيل»، وكشفت تلك التحقيقات، عن وجود تدبير مسبق وتأثير ممهنج لعناصر تنتمي إلى حركة الماك في واقعة مقتل الشاب جمال، وتنسيق ودور للعنصر الأجنبي بغرض التهييج وإثارة الفتنة. وقد قرر القضاء قرر إصدار أمر قبض دولي في حق فرحات مهني، رئيس هذه الحركة الانفصالية.واستطاع الجزائريون رغم هول الكارثة، من تحويل المحنة إلى وقفة لتضامن وطني اختصرته مشاهد وصول المتطوعين من الولايات للمساعدة في إطفاء الحرائق وجمع المساعدات في كل البلديات، تعبر عن لحمة وطنية قل نظيرها في دول أخرى. ونشطت المساعدات المحلية بشكل لافت، عبر هبّة تضامنية غير مسبوقة عززت الوحدة الوطنية، إذ نظمت جمعيات ومجموعات على فيسبوك، في كل الولايات الـ58 عمليات جمع مساعدات من الأغطية والأفرشة والمؤونة والأدوية الموجهة لمعالجة الحروق وحليب الأطفال وكافة الاحتياجات اللازمة، لنقلها إلى المناطق المنكوبة. كما شاركت الجاليات الجزائرية في الخارج في جمع مساعدات وتعمل على التنسيق مع السلطات لإرسالها. كما قدم عدد من الفنانين والرياضيين مساعدات، فيما انتظمت مجموعات في تيزي وزو وسطيف وبجاية، لاستقبال المساعدات وتوزيعها على المتضررين».
كما جاب أطباء و مختصون نفسانيون و فنانون و غيرهم وجمعيات ومنظمات، مختلف القرى المنكوبة و مراكز الاستقبال ليقدموا كل حسب استطاعته، يد المساعدة من أجل العودة إلى الحياة العادية. ولم يؤثر على تلك الهبة التضامنية، لا وباء كوفيد 19 و لا الاغتيال الجبان لجمال بن إسماعيل، بالأربعاء ناث ايراثن، الذي لقي التنديد و الإدانة الشديدين من سكان الولاية الذين صدموا لمثل تلك الهمجية. وقد لعبت ردة فعل و موقف والد جمال بن إسماعيل دورا هاما في إفشال المؤامرة التي استهدفت البلاد و وحدة الشعب و قد كانت عبارته الشهيرة «لقد فقدت إبنا لكنني ربحت منطقة»، بمثابة المسمار الأخير في تابوت المتآمرين وساهمت في تعزيز أواصر الأخوة بين الجزائريين.
  ع سمير

تحضيرا لانطلاقة حقيقية في 2022
مـؤشـرات إيجـابية للاقتصـاد الوطـني
شهد الاقتصاد الوطني خلال عام 2021 نموا ملحوظا، حسب الخبراء،  حيث تشير المؤشرات الاقتصادية ، إلى تحقيق نتائج إيجابية تدل على بداية تعافي تدريجي للاقتصاد والخروج من الأزمة التي  كانت قد تضاعفت في ظل تداعيات جائحة كورونا و يبدو أن سنة 2022 ، ستكون بمثابة انطلاقة حقيقية للاقتصاد بعد وضع  مجموعة من السياسات والتدابير  في إطار  استراتيجية حقيقية لتنويع الاقتصاد و ترقية الصادرات خارج المحروقات.

شرعت الحكومة في تطبيق مجموعة من الإصلاحات في العديد من القطاعات، تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بهدف رفع النمو الاقتصادي على المدى القصير، بعد استكمال البناء المؤسساتي ، حيث تم وضع خطة كاملة لإنعاش الاقتصاد الوطني، والذي تضرر كثيرا بفعل تداعيات  الأزمة الصحية الناجمة، عن انتشار جائحة كورونا، على غرار مختلف الاقتصادات في العالم.
    ترقية الصادرات وتثمين الإنتاج الوطني
 ووضعت الدولة العديد من التدابير من أجل عودة  الحركية للاقتصاد في العديد من الميادين، ومنها تلك المتعلقة بتثمين الإنتاج الوطني وترشيد الواردات وترقية الصادرات خارج المحروقات، و حسب الأرقام المعلن عنها، فقد تمكنت الحكومة من تحقيق  قفزة نوعية، حيث بلغت قيمة  الصادرات خارج قطاع المحروقات، 4.5 مليار دولار ، و سجل الميزان التجاري،  فائضا بـ 1.04 مليار دولار،  نهاية نوفمبر الماضي، في ظل إجراءات التحكم في الواردات وعقلنتها و في هذا الإطار يرى الخبراء أن اعتماد استراتيجية واضحة في مجال ترقية الصادرات، سيمكن من بلوغ أرقام غير مسبوقة في هذا المجال، سيما في ظل وجود رؤية شاملة  والإرادة اللازمة والتي تم ترجمتها في الميدان من خلال الدعم الموجه للمتعاملين الاقتصاديين وإقرار مجموعة من التحفيزات والمزايا لفائدة المصدرين لتشجيعهم على استهداف مختلف الأسواق الخارجية وفي مقدمتها السوق الإفريقية التي تعتبر سوقا واعدة بالنسبة للمنتوج الوطني والذي أثبت القدرة على المنافسة بالنظر إلى العديد من العوامل المساعدة ومنها الجودة والنوعية وانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بمنتوجات أخرى .
وفي إطار استراتيجية ترقية الصادرات الوطنية خارج المحروقات، تعول الدولة  كثيرا على  تعزيز نشاط الدبلوماسية الاقتصادية لمرافقة المصدرين لتجسيد عمليات التصدير في أحسن الظروف الممكنة .
 و تمكن المنتجون والمصدرون خلال العام الحالي من المشاركة في العديد من المعارض  داخل الوطن وخارجه للتعريف بمنتوجاتهم و الدخول إلى العديد من الأسواق الخارجية .
تحسن مداخيل النفط في ظل تعافي الأسعار
 ومن جانب آخر، تحسنت مداخيل الصادرات من المحروقات خلال العام الحالي، في ظل  الانتعاش الذي عرفته أسعار النفط في السوق الدولية بعد فترة من التراجع على وقع أزمة كورونا وتداعياتها المباشرة على الاقتصاد الدولي، و الواقع أن منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاء أخرين من خارجها تمكنوا من إعادة التوازن للسوق النفطية من خلال الاتفاق حول سياسة الإنتاج والتي سمحت بتعافي الأسعار مع مرور الوقت،  وقد تدعمت الخزينة العمومية بمداخيل إضافية هذا العام، في ظل زيادة حصة إنتاج الجزائر من النفط .
وقد بلغت احتياطات الصرف، خارج الذهب، 44.724 مليار دولار في نهاية سبتمبر 2021 ، حسب محافظ بنك الجزائر.
وتواصل  نشاط الحكومة لتجسيد مخطط عملها فيما يتعلق بإنعاش وتجديد  الاقتصاد  الوطني، حيث كانت قد سطرت مجموعة من الأعمال  يتمثل هدفها الرئيسي في  تعزيز المالية العامة وتمويل فرص الإنعاش الاقتصادي ضمن منظور الاستثمار والتنوع، حيث يتمحور عملها حول عصرنة النظام المصرفي والمالي وإصلاح القطاع العمومي التجاري وحوكمة المؤسسات العمومية وتحسين جاذبية مناخ الاستثمار بالإضافة الى ترقية  إطار تطوير المؤسسة والمقاولاتية وكذا تعزيز اندماج القطاع الموازي ضمن القنوات الرسمية وتطوير العقار الاقتصادي وتحسين استغلاله  وتعزيز اقتصاد المعرفة والبحث والتطوير والابتكار والإسراع في تحقيق الانتقال الرقمي وتطوير المؤسسات الناشئة   والعمل على تطوير  القطاعات المساهمة في التنمية والنمو الاقتصادي، كما عملت الحكومة على إعطاء دفع قوي للتمويل الإسلامي لاستقطاب  أكبر قدر ممكن من الأموال الموجودة خارج النظام المصرفي .
إزالة العقبات أمام المستثمرين
وسطرت الحكومة برنامجا عملياتيا يهدف إلى تسريع  مسار عصرنة  أنظمة الدفع، وأشار الوزير الأول، وزير المالية، أيمن بن عبد الرحمان، إلى سعي الحكومة لتوفير أكثر من 16 مليون بطاقة دفع في آفاق 2024 و ضمان تزويد أكثر من مليون تاجر بأجهزة الدفع الإلكتروني .
ومن جانب آخر، سمح إنعاش قطاع الصناعة الصيدلانية بزيادة نوعية وكمية للإنتاج و تقليص فاتورة الاستيراد.
و تعكف الحكومة على ترقية مجال الاستثمار، حيث درست مشروع نص تشريعي يتعلق بترقية الاستثمار.
كما درست الحكومة مشروع مرسوم تنفيذي يتضمن إنشاء وتنظيم وسير الوكالة الوطنية للعقار الصناعي ، و يهدف مشروع هذا النص إلى وضع جهاز موحد ذو بعد وطني تكون مهمته تسيير العقار الصناعي.
 ويهدف إنشاء الوكالة الجديدة، التي تندرج في إطار تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية، إلى التكفل بـمسألة منح وتسيير العقار الصناعي، وكان الرئيس تبون قد أكد أن الوكالة الوطنية للعقار الصناعي ستكون جاهزة ميدانيا خلال العام المقبل 2022 ، موضحا في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي، أن هذه الوكالة المتخصصة ستسمح بتسهيل حصول المستثمرين على الأوعية العقارية في أجال قصيرة، ليسحب بذلك ملف العقار الصناعي من الولاة ورؤساء المجالس المحلية.
وستقوم هذه الوكالة بشراء العقارات الموجهة التابعة للمناطق الصناعية لتبقى مناطق النشاط في متناول الإدارة المحلية
وأكد رئيس الجمهورية أن 2022 ، ستكون سنة اقتصادية محضة سيتم فيها التكفل بالملفات التي من شأنها تحقيق الإقلاع الاقتصادي للبلاد.
كما أمر الرئيس تبون خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء بتسوية وضعية كل المؤسسات الاقتصادية الخاصة، المنتجة، المشيدة في المرحلة السابقة على أراض فلاحية، بمنحها رخص البناء.
وكلف وسيط الجمهورية بالتكفل بانشغالات الصناعيين الذين تعطلت مشاريعهم بسبب خلفيات بيروقراطية تعود لمخلفات تسيير الفترة السابقة.
كما أمر بإقرار الصيغة التجارية والاقتصادية للشباك الوحيد المخصص لتسوية ملفات الاستثمار مستقبلا ، مثمنا الجهود المبذولة في قطاع الصناعة الذي بدأت تظهر مؤشراته الإيجابية.
ودعا رئيس الجمهورية،  خلال افتتاح الندوة الوطنية حول الإنعاش الصناعي،  المستثمرين الذين يواجهون عراقيل لإطلاق مشاريعهم الاتصال بوسيط الجمهورية للتبليغ عن هذه العراقيل.
وقد سمح تدخل وساطة الجمهورية بتسوية وضعية العديد من الوحدات  الصناعية عبر الوطن و شروعها في الإنتاج، حسب وسيط الجمهورية إبراهيم مراد ، وكان العديد  من المستثمرين يعانون من عدم انطلاق مشاريعهم عبر مختلف الولايات عبر  الوطن.
من جانب أخر،  تم إطلاق البوابة الإلكترونية للصفقات العمومية والتي ستسمح، حسبما أكده الوزير الأول بإسداء أكثر شفافية ومراقبة وبمعالجة جيدة لتسيير النفقات العمومية من قبل مختلف الجهات المعنية.كما ستسمح هذه البوابة الالكترونية بمكافحة الرشوة وتعزيز المنافسة وتبسيط التسيير وتحقيق اقتصاد في النفقات وتحسين جمع المعطيات حول الصفقات العمومية وستولد تنافسية أكبر ومعرفة أحسن للسوق بالنسبة لكل المؤسسات.
واعتبر بن عبد الرحمان،  أن الاقتصاد الوطني يتوجه، رغم صعوبة الظروف المواجهة، الى الاستقرار والتنوع وينمو تدريجيا وبوتيرة جيدة، وهذا بفضل حسن تجاوب السلطات العمومية الذي سمح بتخفيف الانعكاسات السلبية والمحافظة على الميزانية بمستوى يسمح بدعم النشاط الاقتصادي والانشطة الاجتماعية الأخرى.
وكان صندوق النقد الدولي، قد أشاد بجهود السلطات الجزائرية في دفع النمو الاقتصادي و الحد من التبعية للمحروقات وتحديث إدارة الميزانية و تعزيز نجاعة القطاع العام.
الاستراتيجية التي تم تبنيها  ستعطي الإقلاع الواجب للاقتصاد
وأكد الخبير الاقتصادي  الدكتور أحمد طرطار، أن الاقتصاد الوطني بدأ يتعافى، رغم  الظروف الاجتماعية الصعبة ، معتبرا أن الاستراتيجية التي تم تبنيها  في كل مناحي الأنشطة، سواء في القطاع الصناعي أو الزراعي أو السياحي أو الخدمي أو المالي، كلها سياسات واعدة من شأنها أن تعطي  الإقلاع الواجب للاقتصاد الجزائري وبالتالي ستكون 2022 سنة الاقتصاد بامتياز.
 واعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد طرطار في تصريح للنصر، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة واعدة وأدت إلى ارتفاع الكثير من المؤشرات الاقتصادية، رغم وجود الضائقة  الناجمة عن جائحة كورونا  في ظل محاولة الانتقال من اقتصاد مكبل بالمحسوبية والعديد من الإشكالات التي كانت قائمة قبل 2020 .
وقال إن هناك بداية لتلمح الطريق في سياق بناء الجزائر الجديدة، لافتا في هذا السياق، إلى اعتماد سياسات أدت إلى التحكم الإيجابي في الجائحة والتأقلم مع هذا الوضع وإعادة بناء استراتيجية اقتصادية، هي في طور التأسيس .
ونوه  الدكتور أحمد طرطار ، بالإجراءات المختلفة التي تم اتخاذها و القوانين التي تم تعديلها بما يؤدي إلى تحديد مسار جديد للاقتصاد الوطني، معتبرا أن بعض المؤشرات أصبحت إيجابية جدا  بعد مرور سنتين، سواء ما تعلق منها بمعدل النمو وفائض الميزان التجاري وغيرها من المؤشرات .
وأضاف في السياق ذاته، أنه تم تسطير هذه الاستراتيجية وفق استحداثات واعدة ومدروسة تسمح بتنويع الريوع المختلفة من كل الأنشطة الاقتصادية والتي هي مدرة للخيرات  ولاسيما في المجال الفلاحي والصناعي والذي هو في طور التتويج وكذلك في المجال السياحي والخدمات وفي إعادة رسكلة القطاع المالي وقطاع البنوك بصورة إيجابية، بما يؤدي  إلى إعادة انتشار هذه المؤسسات حتى خارج الوطن، سواء في الداخل الافريقي وحتى في أوروبا ، حيث يتم الحديث عن  فتح فروع للبنوك الجزائرية في  2022 في  إفريقيا وبعض المدن الأوروبية  التي تتواجد بها جالية جزائرية كبيرة .
و أضاف في هذا الإطار، أن ذلك من شأنه استقطاب الكثير من العملة الصعبة ، وفي ذات الحين هناك تركيز على إعادة الانتشار وتنويع المنتوجات وتصديرها نحو إفريقيا والبلدان العربية من خلال الاتفاقات الواعدة التي تم إبرامها ، سواء مع تونس وليبيا وموريتانيا وكذلك التوغل الجزائري  الاقتصادي الدبلوماسي في العمق الافريقي، سواء من خلال مالي والنيجر ونيجيريا وغيرها.
كما أشار الخبير الاقتصادي، إلى المشاريع الداخلية والتي توجت بتنمية وازدهار المؤسسات الصغيرة و المتوسطة والتركيز على المؤسسات  الناشئة وتوجيه الجهود باتجاه هذه المؤسسات لكي تخلق ثروة إيجابية جدا من خلال المرافقة لهذه المؤسسات وإيجاد صيغ لتمويلها .
 وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد طرطار، أن كل هذه الإجراءات والسياسات الواعدة من شأنها أن تترجم على مدار سنتين أو ثلاث على أقصى تقدير في الواقع المعيشي و عندئد  يكون التحول من اقتصاد ريعي نفطي إلى الاقتصاد المبني على أسس متينة .
كما أشار  الدكتور أحمد طرطار، الى  التحول الطاقوي  الذي يجري و الذي تم بمقتضاه، بعث طاقة جديدة متجددة من خلال ما تزخر به الجزائر من  مساحة وغيرها من المعطيات الإيجابية من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية وتعطي تسارعا إيجابيا .
كما  أبرز  الدكتور  أحمد طرطار،  أن الهدف كان مضاعفة الصادرات خارج قطاع المحروقات،  حيث وصلت الآن  إلى 4.5 مليار دولار  وهذا أمر إيجابي وبداية لتعويض الريع النفطي من خلال الريوع المتأتية من الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وأضاف أن مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ، سيكون له تأثير إيجابي جدا على هذا الأمر وكذلك إعادة النظر في التعاون مع الاتحاد الافريقي ، سيعطي دفعا جديدا لكل مجالات التصدير و  الإنتاج والبحث عن أسواق دولية وبالتالي إعادة الانتشار للمنتوج الجزائري خارج الجزائر.
ومن جانب  آخر ، أوضح  الخبير الاقتصادي، أن تعافي  أسعار النفط، سمح بزيادة المداخيل ، خلال العام الحالي مذكرا أنه خلال الفترة الصعبة مع بداية  جائحة كورونا  تراجعت  أسعار النفط  ولكن من خلال السياسات الحكيمة التي سنتها  مجموعة «أوبك+» والتي لعبت فيها الجزائر دورا فعالا  ، أدت إلى  المحافظة على سقوف الإنتاج ومن خلالها المحافظة على الزيادة في أسعار البترول بين 70 إلى80 دولارا  للبرميل ، وذلك شكل مردودا إضافيا بالنسبة  للخزينة العمومية وأعطى توازنا إيجابيا  وبعث الأنشطة وإعادة  تدوير الاستثمارات التي كانت متوقفة من خلال هذه الريوع المتأتية من البترول في  سياق هذا  السعر المحفز.
مراد - ح

أزمة تأشيرات وتمجيد للحركى وتزييف تاريخي تتسبب في أزمة بين البلدين
 عــام الخـلاف بيـن الجزائـر وفـرنسـا
 عاشت العلاقات الجزائرية-الفرنسية على وقع أزمة غير مسبوقة طيلة 2021، ولم تكن هذه المرة سحابة صيف عابرة في سماء العلاقات الثنائية، بل أزمة استمرت عدة أشهر بسبب الخلافات التي ظهرت إلى السطح على غرار قضية خفض عدد التأشيرات بالنسبة للجزائريين والتصريحات التي صدرت عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتي طعن فيها بتاريخ الأمة الجزائرية، والتي كانت كافية لتنسف كل خطوات التقارب ودفعت بالعلاقات  بين البلدين إلى القطيعة.

فبالرغم من أن بداية السنة كانت تبدو واعدة بالنسبة للعلاقات بين البلدين في ظل الخطوات الفرنسية تجاه تسوية ملف الذاكرة مع الجزائر، إلا أن قضية خفض عدد التأشيرات بالنسبة للجزائريين والخطوات التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون، بداية بإعلان رفضه الاعتذار عن جرائم الاستعمار عند تسلمه التقرير الذي أعده المؤرخ بنجمين ستورا حول الذاكرة، مرورا باستقباله الحركى وأعلن رغبته في القيام بتدابير لجبر الضرر الذي لحق بهم، وصولا إلى تصريحاته التي طعن فيها بتاريخ الأمة الجزائرية.
تلك التحولات التي كان لبعض منها خلفيات ودوافع انتخابية، كانت كافية لتنسف كل خطوات التقارب ودفعت بالعلاقات إلى بين البلدين إلى القطيعة، بعد أن قامت الجزائر بسحب سفيرها لدى باريس ومنع الطائرات الفرنسية العسكرية من التحليق فوق الأجواء الجزائرية، ورغم زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر شهر ديسمبر وتعبيره عن رغبة فرنسا بفتح صفحة جديدة إلا أن ذلك لم يغير شيئا من واقع العلاقات المكهربة بين العاصمتين.
ولم تكن تطورات 2021 سحابة صيف كالمعتاد، بل سحابة عام كامل، أمطرت سيولا من التوترات ثم التصعيد الذي انتهى بقطيعة بين البلدين، بسبب الأزمات المتتالية التي أشعلت لهيبها خلافات الذاكرة ثم أزمة التأشيرات إلى تصريحات منسوبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أججت العلاقات مع الجزائر، لتقرر الأخيرة التصعيد غير المسبوق من استدعاء للسفير وغلق المجال الجوي أمام الطيران العسكري، إلى وقف الاتصالات الدبلوماسية.
كل شيء كان قبل 2021 «على ما يرام إلى حد ما» في ميزان العلاقات الدولية بين الجزائر وفرنسا، بل طفت مؤشرات عن مرحلة إيجابية في محور الجزائر – باريس، بعد أن أعلن «الإليزيه» اعتزام ماكرون اتخاذ خطوات جريئة في ملف الذاكرة بين البلدين «دون أن يقدم اعتذارا عن جرائم الماضي الاستعماري. اتفق الرئيسان الجزائري عبد المجيد تبون والفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع العام على إنشاء لجنة مشتركة لبحث إشكالات ملف الذاكرة، كُلف به عن الجانب الفرنسي المؤرخ البارز بنجامين ستورا.
ومن هنا، سقطت أول قطرة في كأس التوتر غير المسبوق بين البلدين، بعد أن أبدت الجزائر في فبراير الماضي رفضها لتقرير ستورا الذي وصفته بـ«غير الموضوعي والمنحاز»، وانتقدت عدم «اعتراف فرنسا رسمياً بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها خلال احتلالها للجزائر»، وجاء الرد مباشرة بإلغاء زيارة رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس التي كانت مقررة في أفريل، وذكرت وسائل الإعلام الجزائرية بأن إلغاء الزيارة يعود لأسباب مرتبطة بضعف مستوى التمثيل الوزاري ضمن الوفد المرافق للوزير الأول الفرنسي، حيث كان يعول على تلك الزيارة أن تكون فاتحة لإعادة تفعيل لجنة الشراكة المختلطة بين البلدين، إضافة إلى خلافات بشأن ملف الذاكرة، وكذا لرفض باريس تسليم الجزائر مطلوبين لديها، وكذا الأموال المهربة في البنوك الفرنسية من قبل أركان النظام السابق.واستمر الوضع على حاله، مع خلافات كانت مرتبطة أساسا بتصريحات عدائية وممارسات كانت تصدر من نشطاء يقيمون بفرنسا رغم صدور مذكرات توقيف في حقهم لتورطهم في جرائم خطيرة، بل أكثر من ذلك حاولت وسائل إعلام فرنسية الدفاع عنهم على غرار المقال الصادر عن وكالة الأنباء الفرنسية التي فتحت خطها لتنظيم الماك الانفصالي، وصولا إلى نهاية سبتمبر حيث اصطدمت العلاقات الجزائرية الفرنسية بأزمة أخرى، اصطلح على تسميتها بـ«أزمة التأشيرات» دفعت الجزائر للاحتجاج.
وقررت باريس من جانب واحد خفض التأشيرات الممنوحة للجزائريين إلى «النصف»، مع تشديد منحها لمواطني المغرب وتونس، وبررت ذلك بـ«رفض هذه الدول إصدار تصاريح قنصلية لاستعادة مواطنيها المتواجدين في فرنسا بشكل غير قانوني». وعقب ذلك، استدعت الخارجية الجزائرية السفير الفرنسي، وأعربت عن استغرابها لقرار باريس «أحادي الجانب» القاضي بتقليص حصة الجزائريين من تأشيرة الدخول إلى البلد الأوروبي، وأبلغته «اعتراض» الجزائر الرسمي. وأبدت الخارجية الجزائرية، «استغراب الجزائر من عدم استشارتها من قبل الطرف الفرنسي قبل اتخاذ القرار»، مضيفا أن القرار «أثر سلبا على جودة وانسياب حركة الرعايا الجزائريين في فرنسا». وكشفت وسائل الإعلام الفرنسية عن توجه فرنسي لترحيل نحو 8 آلاف جزائري يقيمون بطرق غير قانونية على أراضيها.
من جانبه وصف الرئيس تبون، التبريرات الفرنسية لقرار خفض التأشيرات بأنها ـ«كذبة القرن»، وكشف عن تقديم باريس للجزائر 94 ملفاً فقط لجزائريين مقيمين بطريقة غير شرعية على الأراضي الفرنسية. واتهم تبون نظيره الفرنسي بـ«استغلال ورقة التأشيرات في حملته الانتخابية»، ووصف تبريرات باريس بـ«الكذبة الكبرى» وبأنها «قضية مدبرة».
وفي أكتوبر دخلت علاقات البلدين مرحلة من التصعيد غير المسبوق، عقب تصريحات مثيرة للرئيس الفرنسي أثارت غضباً جزائرياً. ونقلت صحيفة لوموند الفرنسية تصريحات منسوبة لماكرون اعتبر فيها أن الجزائر قامت بعد استقلالها في 1962 على «إرث من الماضي» حافظ عليه «النظام السياسي العسكري».
وتحدث ماكرون، حسب الصحيفة، عن «تاريخ رسمي أعيدت كتابته بالكامل (...) ولا يستند إلى حقائق» بل إلى «خطاب يقوم على كراهية فرنسا». وقام الرئيس الفرنسي على تقديم اعتذار من «الحركى» الذين عملوا مع الجيش الفرنسي. كما قدمت حكومته مشروع قانون أمام البرلمان الفرنسي لتعويضهم والاعتراف بدورهم فيما يسمى بـ«حرب الجزائر».
وردت الجزائر على ذلك باستدعاء سفيرها في باريس، واصفة تصريحات ماكرون بـ«الاستفزازية» ورفضت التدخل في شؤونها الداخلية. كما قررت غلق مجالها الجوي أمام الطيران العسكري الفرنسي لدخول ومغادرة منطقة الساحل حيث تنتشر قواتها في إطار عملية برخان. كما بادرت الجزائر إلى «تجميد الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين وإلغاء الزيارات المتبادلة إلا ما تعلق منها بالاجتماعات الدولية».
ورغم الأزمة التي استمرت أشهر بين البلدين، يتحدث متتبعون عن وجود مؤشرات قد تنهي حالة الجمود بين البلدين، كان من أبرزها تصريح الرئيس تبون الذي اعتبر فيه بأن انتهاج «سياسة الندية» مع فرنسا «لا يعني استفزاز باريس». في المقابل، اقترح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ما أسماه «شراكة طموحة مع الجزائر لتجاوز جروح الذاكرة واستعادة الثقة»، واصفاً ما يحدث بـ«سوء الفهم الذي يحدث من حين لآخر».               ع سمير

رحيــــل الرئيسيـــن بوتفليقــــة و بن صالـــح
شهد شهر سبتمبر من سنة 2021، رحيل الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وعبد القادر بن صالح، حيث انتقل المجاهد و الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى رحمة الله يوم الجمعة 17 سبتمبر، ليلتحق به بعد أيام المجاهد و رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الذي وافته المنية يوم الأربعاء 22 سبتمبر، في مشهد تكرر في أقل من أسبوع.

وكان الراحل بوتفليقة قد اقتحم ساحة النضال في سن مبكرة من أجل القضية الوطنية وفي سنة 1960، أوفد إلى الحدود الجنوبية للبلاد لقيادة "جبهة مالي" التي جاء إنشاؤها لإحباط مساعي النظام الاستعماري ليعين بعد الاستقلال نائبا بالمجلس التأسيسي وتقلد وهو في سن الـ 25 من عمره منصب وزير الرياضة والشباب والسياحة لأول حكومة جزائرية مستقلة، وفي نفس السنة، عين وزيرا للشؤون الخارجية.
وقاد بوتفليقة المشهود له بالدبلوماسية والحنكة لأكثر من عقد، السياسة الخارجية التي منحت الجزائر شهرة على المستوى الدولي. ومع وفاة الرئيس هواري بومدين عام 1978 غادر أرض الوطن، ليعود إلى الجزائر من جديد سنة 1987 ليكون أحد الأعضاء الموقعين على "وثيقة 18" التي أعقبت أحداث 5 أكتوبر 1988.
وعند توليه منصب الرئاسة، عمل بوتفليقة، و هو سابع رئيس للجزائر منذ الاستقلال، على استعادة السلم والاستقرار في البلاد، بدأ بمشروع الوئام المدني المكرس في 16 سبتمبر 1999 عبر استفتاء حصل على أكثر من 98 بالمائة من الأصوات المؤيدة. وشكل الوئام المدني نقطة انطلاق لسياسة عرفت بـ "المصالحة الوطنية" التي أدت في سبتمبر 2005 وفقا لوعده الانتخابي، إلى اعتماد ميثاق للمصالحة الوطنية من خلال استفتاء شعبي زكاه 80 بالمائة من الجزائريين.
الرئيس الراحل الذي أعيد انتخابه لأربع عهدات متتالية على الرغم من وضع صحي ميز عهدتيه الثالثة والرابعة إثر جلطة دماغية تعرض لها سنة 2013، اضطر إلى الاستقالة في أفريل 2019 بعد حراك شعبي رفض عهدة خامسة.و وري جثمان الفقيد الثرى ظهر يوم الأحد 18 سبتمبر 2021 بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة، عن عمر ناهز 84 عاما.و في يوم الخميس 23 سبتمبر 2021 كانت الجزائر على موعد لتوديع أحد رجالاتها المخلصين، عبد القادر بن صالح، بمساره الحافل بالعطاء الوطني والمتميز بتقديم حب الوطن على حب النفس وبالتفاني في خدمة الوطن.وكان الفقيد وهو من مواليد 24 نوفمبر 1941 بقرية فلاوسن بولاية تلمسان، قد تولى في 4 أفريل 2019 مهامه كرئيس للدولة طبقا لأحكام المادة 102 من الدستور عقب تصريح المجلس الدستوري المتعلق قبل ذلك بأيام بإعلان الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية تبعا لاستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. و انتهت مهمته في هذا المنصب عقب انتخاب السيد عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية يوم 12 ديسمبر 2019. بعدها أخطر الراحل، الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الأمة، في رسالة وجهها للرئيس تبون، برغبته في إنهاء عهدته على رأس مجلس الأمة في 04 يناير 2020.دخل الفقيد بن صالح مجال الدبلوماسية من موقع السفير سنة 1989 وولج قيادة العمل السياسي بالمساهمة في تأسيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي والبرلمان منذ سنة 1977 من باب النيابة فرئاسة لجنة العلاقات الخارجية إلى رئاسة المجلس الوطني الانتقالي فالمجلس الشعبي الوطني ثم مجلس الأمة الذي ترأسه لمدة 17 سنة.و في 1993 اختير ناطقا رسميا للجنة الحوار الوطني والتي تولت وضع أرضية الوفاق الوطني التي بموجبها تم إنشاء المجلس الوطني الانتقالي في 1994 وانتخب لرئاسته في 14 جوان 1994 و لاحقا رئيسا للمجلس الشعبي الوطني في سنة 1997.كما انتخب بعد ذلك رئيسا للمجلس الشعبي الوطني حيث سجلت له نشاطات مميزة في الحقل البرلماني العربي والإفريقي والدولي إذ انتخب في عام 2000 رئيسا لاتحاد البرلمان العربي.
وبعد إعادة انتخابه نائبا عن ولاية وهران في 2002، عين عضوا في مجلس الأمة لينتخب بالإجماع رئيسا له لثلاث عهدات انتخب خلالها رئيسا للاتحاد البرلماني الإفريقي.التحق الفقيد بعد استقلال الجزائر بالجامعة لينال الإجازة في العلوم القانونية ثم انتخب سنة 1977 كنائب عن ولاية تلمسان بدائرة ندرومة لثلاث مرات متعاقبة قضى منها 10 سنوات على رأس لجنة العلاقات الخارجية.
وفي بداية مساره المهني، مارس بن صالح وهو متزوج وأب لأربعة أطفال، مهنة الصحافة بتعاونه مع كبريات الصحف الوطنية منذ 1968 حيث تقلد منصب مدير للمركز الجزائري للإعلام ببيروت عام 1970 وكذا منصب مدير جريدة الشعب عام 1974.
منح الفقيد بن صالح شهادة دكتوراه فخرية من الجامعة الوطنية "شونغنام" لجمهورية كوريا الجنوبية وتحصل أيضا على وسامي جيش التحرير الوطني والاستحقاق الوطني. ووري الثرى ظهر يوم الخميس بمربع الشهداء بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة عن عمر ناهز 80 سنة، بحضور رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون.
ع.م

تلقتها الفئات العمالية بارتياح ووصفها متتبعون بالتاريخية
قــرارات اجتماعيـــة لدعــم الفئـــات الهشـــة
يعتبر العام 2021 في نظر متتبعين سنة اجتماعية بامتياز بفضل القرارات التاريخية التي اتخذتها السلطات العليا للبلاد لتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، على رأسها الزيادة في الأجور عن طريق رفع النقطة الاستدلالية وتخفيض الضريبة على الدخل، و تخصيص منحة للشباب البطال، وتسريع عملية إدماج الشباب في إطار عقود ما قبل التشغيل، والأهم من ذلك مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي باستهداف الفئات الهشة.

شهدت سنة 2021 الإعلان عن عدة قرارات ذات طابع اجتماعي من قبل السلطات العمومية لاقت استحسنا وترحيبا واسعين من قبل المواطنين، لا سيما الشرائح العمالية، ووصفت بالتاريخية من قبل متتبعين للشأن الاجتماعي لأنها كانت تمثل مطلبا رئيسيا لمختلف الفئات العمالية، من أهمها استحداث آليات جديدة لتحسين أجور العمال، برفع النقطة الاستدلالية وخفض الضريبة على الدخل الإجمالي، وكان ذلك ضمن الإجراءات الخاصة بقانون المالية لسنة 2022.
ولم يمر هذا الإجراء مرور الكرام، فقد تلقته الشرائح العمالية بكثير من الترحيب والارتياح، واعتبرته التنظيمات النقابية استجابة لمطلبها الذي ظل عالقا لسنوات، والمتمثل في تحسين الأجور لمواجهة غلاء الأسعار التي أنهكت الأسر البسيطة التي خصتها الدولة بتدابير اجتماعية أخرى لتمكينها من العيش الكريم، عبر تخصص منح للفئات الهشة ومحاربة المضاربة التي تستهدف قوت الجزائريين وتتلاعب بجيوبهم.
كما شهدت سنة 2021 قرارا أجمع المتتبعون للشأن الداخلي على وصفه بالتاريخي، من خلال استحداث منحة للبطالة بموجب قانون المالية ل 2022، وأعلن عن الإجراء رئيس الجمهورية في لقائه الدوري بممثلي وسائل الإعلام، مؤكدا حينها بأن منحة البطالة ستقارب قيمتها الأجر الوطني المضمون، وسيستفيد منها البطال إلى غاية الحصول على منصب شغل لائق ودائم.
ويسعى هذا الإجراء إلى تخفيف وقع البطالة على الشباب لا سيما خريجي الجامعات، بتمكينهم من مصدر للدخل لتوفير المتطلبات الضرورية إلى غاية الظفر بمصب عمل قار، ولحمايتهم من سلوك طريق الانحراف أو ركوب قوارب الموت على أمل تحقيق حياة أفضل.
ووضعت الدولة تدابير صارمة وآليات رقابة لتأطير إجراءات صرف منحة البطالة، حتى يستفيد منها البطالون الحقيقيون، إذ سيحصل على هذه المنحة الشباب الذين تتوفر فيهم الشروط والمسجلين لدى مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل، التي أحصت حوالي 800 ألف مستفيد من هذه المنحة.  
وقامت من جانبها الوكالة الوطنية للتشغيل باستحداث جهاز جديد لمتابعة الفئات التي ليس لها تكوين ويصعب إدماجها في سوق الشغل، بالتوقيع على اتفاقية مع مجمع سوناطراك لمعالجة طلبات العمل، لا سيما شباب الجنوب، كما شهد العام الجاري إدماج الموظفين في إطار عقود ما قبل التشغيل، إذ تم إلى غاية شهر نوفمبر الماضي إدماج أكثر من 95 ألف موظفا.
ولا يقل قرار مراجعة سياسة الدعم الاجتماعي أهمية عن التدابير سالفة الذكر، فقد أسال هذا الملف الكثير من الحبر، كما كان سببا في ارتفاع أصوات المطالبين بإعادة النظر في تسيير التحويلات الاجتماعية التي ظل يستفيد منها الغني والفقير على مر العقود، مما كان يشكل عبئا ثقيلا على ميزانية الدولية التي تخصص سنويا حوالي 17 مليار للتحويلات الاجتماعية، نسبة ضئيلة منها تذهب إلى الأسر المحتاجة.
وبموجب قرار الحكومة، سيوجه فائض الدعم الاجتماعي الذي سيتم استرداده بعد استهداف الفئات الهشة، لدعم قطاعات الصحة والتعليم وتحسين الأجور، علما أن إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي سبقتها دراسة معمقة لتحديد كيفية استهداف الأسر المؤهلة للدعم الاجتماعي للدولة بمساهمة عدة قطاعات وزارية.
وشهد العام 2021 أيضا توزيع عدد هام من السكنات بمختلف الصيغ، وكانت أكبر عملية خلال شهري جويلية ونوفمبر المنصرمين، وخصت العملية كافة ولايات الوطن، بتوزيع عدد هام من الحصص السكنية لاسيما بالمجمعات السكنية الكبرى، في حين يجري إتمام إنجاز 900 ألف وحدة تحسبا لتسليمها في الفترات القادمة، للقضاء بشكل نهائي على أزمة السكن.
   لطيفة بلحاج

الجزائريـــون يرسمـــون أجمـــل لوحـــات التضامـن لإنعــاش مرضى كورونــــا
رغم المآسي و الأحزان التي خلفتها الموجة الثالثة من كورونا، و التي اعتبرت أشد و أقسى من سابقتيها، حيث عاش الجزائريون أياما عصيبة، توالت فيها أخبار الموت، في ظل أزمة أوكسجين حادة، تخبطت فيها المستشفيات خاصة خلال الصيف الفارط، فأصبح البحث عن جهاز للتنفس أو قارورة أوكسجين، الشغل الشاغل للجميع، و قابلت الأزمة هبات تضامنية رائعة، رسمها الجزائريون من داخل و خارج الوطن، بمشاركة واسعة لسياسيين و مستثمرين و رجال أعمال و مشاهير و نجوم الفن و الرياضة و حتى أطفال و نساء.

كانت نداءات الاستغاثة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، المحرك الرئيسي لهذه الحملات التضامنية، إذ أبرزت صور المرضى داخل غرف العناية المركزة و في أروقة المستشفيات، وهم يئنون من شدة الألم بسبب نقص الأوكسجين، و توالت الأنباء عن مرضى رحلوا بسبب عدم توفره، على غرار حادثة وفاة 24 مريضا في أحد مستشفيات مغنية، فتعالت الدعوات بضرورة التكافل من أجل تنظيم  حملات تبرع لاقتناء و توفير أجهزة التنفس، و قارورات الأوكسجين، و صنعت الممثلة نوميديا لازول الحدث، بعدما أطلقت حملة تبرع عبر منصة إنستغرام، بالتنسيق مع أطباء جزائريين مقيمين بفرنسا، فتم خلالها جمع ما يقدر ب 6 ملايير سنتيم  وجهت للمستشفيات، من أجل اقتناء أجهزة الأوكسجين، لإنقاذ المرضى.
و انضم لهذه الهبة التضامنية مشاهير جزائريين، على غرار اللاعب الدولي رياض محرز الذي دعا، عبر حسابه الرسمي على إنستغرام، كل الجزائريين إلى التجند من أجل توفير الأوكسجين للمرضى، و شارك في جمع التبرعات و قدم مبلغا ماليا معتبرا، كما قدم المغني العالمي سولكينغ تبرعات كبيرة ضمن الحملات التضامنية لتوفير الأوكسجين.
و عرفت مختلف ولايات الوطن تنظيم حملات مماثلة، بتأطير من الجمعيات و المجتمع المدني و حتى هيئات عمومية، على غرار قسنطينة، حيث بادرت مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف، بالتنسيق مع مؤسسة سبل الخيرات، إلى تنظيم حملة تبرع طيلة أسبوع، عرفت مشاركة واسعة من قبل المواطنين، و تبرعت نساء بمصوغاتهم و أطفال صغار بمدخراتهم. كما تبرع برلمانيون و منتخبون في المجالس الولائية و البلدية، إلى جانب موظفين و إطارات في مؤسسات عمومية و خاصة، برواتبهم الشهرية ،من أجل إنقاذ المصابين في المستشفيات من الموت، بسبب نفاد و ندرة أجهزة الأوكسجين.
هذه الالتفاتة الوطنية التي تعكس الحس التضامني الجماعي، عرفت مشاركة كبيرة من قبل مستثمرين و رجال أعمال في عدة ولايات جزائرية، على غرار وهران و تيزي وزو و بسكرة ، مع ضمان توزيع ما يقارب 100 ألف لتر من الأوكسجين يوميا في عدة مؤسسات استشفائية.
وهيبة عزيون

تاريخ الخبر: 2021-12-30 12:40:49
المصدر: جريدة النصر - الجزائر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية