تدهور الليرة يدفع الأتراك الشباب إلى الهجرة الافتراضية


منذ نحو عامين، بينما كانت الليرة التركية تواصل انحدارها الطويل، أنشأ باتيكان أردوغان رسما بيانيا جعله يعيد تقييم خياراته المهنية.
نظرا إلى أن عوائده في الأعوام الخمسة الماضية كانت من غير زيادة أو نقصان من حيث القيمة الدولارية، قرر أنه بحاجة إلى دخل بالعملة الأجنبية. لكن بدلا من الانضمام إلى عديد من الأشخاص الذين يعرفهم ممن غادروا البلاد في الأعوام الأخيرة للعمل في الخارج، وجد وظيفة في شركة ناشئة مقرها في سياتل تتيح له العمل من تركيا.
قال، "لم أكن أريد أن أترك عائلتي، وأصدقائي، لمجرد الانتقال إلى بلد آخر لأغراض العمل"، مضيفا أن القوة الشرائية لراتبه المقوم بالدولار كانت أيضا أكبر في إسطنبول. "كسب المال بالدولار والإنفاق بالليرة أكثر جاذبية بالنسبة لي مقارنة بالعيش في برلين والإنفاق باليورو."
الشاب البالغ من العمر 31 عاما، الذي يعمل الآن عن بعد في شركة أمريكية ناشئة أخرى، هو جزء من هجرة العقول الافتراضية في قطاعي التكنولوجيا والحوسبة في تركيا، التي تسارعت بسبب جائحة فيروس كورونا ومشكلات البلاد الاقتصادية. لقد أمر الرئيس رجب طيب أردوغان، المعارض الدائم لأسعار الفائدة المرتفعة، البنك المركزي بتخفيض تكلفة الاقتراض مرارا وتكرارا على الرغم من ارتفاع التضخم.
ونظرا إلى أن الشركات العالمية وموظفيها قد تكيفوا مع الجائحة، فقد أتاح العمل عن بعد فرصا مثيرة للشباب الذين يتطلعون إلى الخارج - لكنه يسبب مشكلات للشركات التركية.
قال جيزيم أوزتوك ألتينساك، كبير الاقتصاديين في جمعية الأعمال التركية، توسياد، إن عالم الشركات "غير سعيد للغاية" حيال ذلك. "إنه لأمر جيد للشباب الذين يعانون بطالة هائلة في بلدنا، لكنه سيئ للغاية بالنسبة إلى الاقتصاد الحقيقي الذي يحتاج إلى شباب مؤهلين ولا يستطيع دفع رواتبهم".
تعد هذه الظاهرة جزءا من اتجاه عالمي أوسع حيث شجعت الجائحة الشركات، خاصة تلك العاملة في قطاع التكنولوجيا، على النظر إلى ما وراء محيطها المباشر بحثا عن موظفين جدد.
قال فيفيك رافيسانكار، من منصة التوظيف، هاكر رانك، في وادي السيليكون، "كوفيد غير الطريقة التي يتم بها إنشاء فرق الهندسة تماما. لقد تذوقت الشركات ما يعنيه اكتساب المواهب من دائرة نصف قطرها أكثر من 15 ميلا ولن تعود إلى الوراء."
لهذا الأمر عواقب من الصعب إدراكها على الرواتب التي يجب أن تقدمها الشركات. فبينما كانت الأجور في الماضي تميل إلى أن تكون متغيرة بدرجة كبيرة وفقا للموقع، قال رافيسانكار إن الاختلافات الإقليمية والعالمية في الأجور بدأت في التقلص. "لن أتفاجأ بالطريقة التي تسير بها الأمور، إذا كانت هناك (في المستقبل) نطاقات رواتب قريبة جدا في جميع أنحاء العالم".
تقول أحزاب المعارضة إن تركيا عانت بالفعل نزوحا جماعيا للمواهب على مدى الأعوام العشرة الماضية حيث أصبحت البلاد أكثر استبدادية تحت قيادة أردوغان، فضلا عن معاناتها اضطرابات سياسية واقتصادية.
في استطلاع للرأي شمل شبابا تراوح أعمارهم بين 18 و29 عاما في العام الماضي أجرته وكالة الاستطلاعات إم إيه كيه وجامعة يديتيب، قال 64 في المائة من المستطلعين إنهم يرغبون في مغادرة تركيا للعيش بشكل دائم في الخارج. واستشهدت الأغلبية بالرغبة في "مستقبل أفضل" باعتبارها حافزا على ذلك.
فقدت الليرة التركية أكثر من 80 في المائة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية 2015، ما أدى إلى تآكل القوة الشرائية لمن يكسبون رزقهم بالعملة المحلية.
قالت جونول كمالي، رئيس جمعية صناع البرمجيات الأتراك "ياساد"، إن شركة دولية ما قد تدفع خمسة آلاف يورو أو ستة آلاف يورو شهريا لتوظيف مهندس برمجيات من شرق أوروبا - أو 2500 يورو لمهندس تركي. تقارن ذلك بمتوسط راتب يبلغ نحو 15 ألف ليرة تركية "نحو 1180 يورو" شهريا لمطور لديه خبرة تراوح من أربعة إلى تسعة أعوام في العمل في شركة تركية. عدت ذلك "مجزيا للغاية من حيث التكلفة بالنسبة للشركات الدولية"، مضيفة أن "مطوري البرمجيات يفوزون في النهاية، لذلك أنا فخورة. لكن الشركات التركية تعاني."
قال مديرو شركات وممثلو صناعة إن الشركات الناشئة الأكبر والأكثر إثارة في تركيا - مثل خدمة التوصيل، جيتر، ومنصة التجارة الإلكترونية، ترينيول - لا تزال قادرة على توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بها. لكن بعض آخر، بما في ذلك بعض الشركات الصناعية العملاقة القديمة في تركيا، واجهت صعوبة أكبر في توظيف أشخاص يتمتعون بالمهارات التي تحتاج إليها.
أطلق بيرات البيرق وزير المالية التركي السابق مبادرة العام الماضي، تهدف إلى تشجيع مليون شاب على تعلم البرمجة من خلال تقديم دورات مجانية عبر الإنترنت.
قال مصطفى إرجين، نائب لرئيس حزب ديفا المعارض، إن مثل هذه المبادرات مرحب بها، لكنه قال إن هناك حاجة إلى إصلاح أوسع بكثير لتوسيع التعليم في المدارس والجامعات ودعم قطاع التكنولوجيا المتنامي في البلاد.
أضاف إرجين الذي يدرس أيضا ريادة الأعمال ولديه شركته الناشئة، إن التركيبة السكانية في تركيا تعني أن هناك إمكانات هائلة لتدريب جيش من مبرمجي الكمبيوتر ومطوري الويب الشباب. لكنه استطر قائلا، "كان يجب أن نفعل هذا قبل عشرة أعوام. فكل عام نفشل فيه في الشروع في العمل، فإن نافذة الفرص تغلق لأن سكاننا يشيخون".
التضخم المرتفع في تركيا يعني، كما قال باتيكان، إنه لا "يزيد ثراء" على الرغم من راتبه بالعملة الأجنبية. "أنا أحافظ على قوتي الشرائية عند المستوى نفسه."
هناك سلبيات للعمل من المنزل، مثل صعوبة التركيز في بعض الأحيان. لكنه سعيد في شركته، وهي شركة إنتاجية ناشئة تسمى كوسمو تايم، حيث يعمل منذ أيار (مايو) مدير منتجات. فإضافة إلى الراتب الجذاب، توفر الشركة مزايا مثل الرحلات لزيارة الزملاء حول العالم.
بفضل وظيفته، يأمل باتيكان وخطيبته أن ينتقلا من شقتهما في قلب إسطنبول إلى ضواحي المدينة ليحصلا على حديقة لكلبتهما، مايا. وهو لا يتخيل العودة للعمل في شركة تركية. قال، "كوسمو تايم كسبت ولائي".

تاريخ الخبر: 2021-12-30 23:23:42
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 41%
الأهمية: 38%

آخر الأخبار حول العالم

مدرب فينورد سلوت مرشحا لخلافة كلوب في ليفربول

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 21:25:55
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 64%

مدرب فينورد سلوت مرشحا لخلافة كلوب في ليفربول

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-23 21:26:02
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية