قبل 184 عامًا، تحديدًا في مثل هذا اليوم من العام 1838 نجح المخترع الأمريكي صمويل موريس، في تجربته الخاصة بالتليغراف الكهربائي ولأول مرة، بعد مئات التجارب الفاشلة التي سبقت نجاح محاولته الأخيرة. 

وقد شهد رجال الكونجرس الأمريكي في سنة 1844 بأنفسهم، تلك التجربة العجيبة، وتحققوا من أن مبلغ الثلاثين ألف دولار الذي وافقوا منذ سنة على تخصيصه لجهاز صمويل موريس قد أتى ثماره بالنسبة للجمهور.

استخدم صمويل موريس النقود في بناء خط تلغرافي تجريبي بين واشنطن وبلتيمور، وعندما تبودلت أول رسالتين، كان الموافقون على القانون حاضرين. أما مدير عموم البريد في السنين التالية، فما كان ليشاطرهم رضاهم. أثبت خط بلتيمور ــ واشنطن قيمته باعتباره مواصلة سريعة. ولكن عندما عرض صمويل موريس اختراعه على الحكومة في نظير مبلغ مائة ألف دولار أمريكي، رفض مدير البريد، إذ لم يستطع أن يصدق أن الاستثمار سيكون ممكنًا. غير أن رأس المال الخاص رأي بوضوح إمكانيات الاستغلال، وفعلًا غطي العالم في زمن قصير بشبكة مواصلات واتصالات برقية، حققت بعد ذلك أرباحًا خيالية.

هكذا حصل صمويل موريس على براءة اختراعه

في كتابهما "أحداث شهيرة من التاريخ"، والصادر عن دار مدبولي للنشر والتوزيع، بترجمة مشتركة بين المترجمين: إسماعيل مظهر وجلال مظهر، يشير المؤلفان، صمويل وينستون ووليام دي ويت، إلى أن صمويل موريس حصل على فكرة اختراعه للتليغراف هذه في العام 1838، في أثناء حديث جرى على ظهر إحدى السفن، عن بحوث "فاراداي" في التأثير الكهرومغناطيسي. لم يكن على أي حال أول رجل فكر في تلغراف كهربائي، إذ كان كاتب مجهول بتوقيع (س. م ) قد اقترح نفس الفكرة في مجلة "سكوتس" في سنة 1753، كما أن عددًا من العلماء كانوا قد بذلوا قبل سنة 1800 جهودًا لا بأس بها لتنفيذ الفكرة.

حاولوا محاولات مختلفة، غير أن أيًا منها لم يكن ناجحًا من الناحية العملية مثل فكرة صمويل موريس البسيطة في إحداث دائرة كهربائية وقطعها. كانت لديهم أيضًا أجهزة استقبال مختلفة، شعاعات تحدث بواسطة إشارات أجراس تدق، أضواء تظهر، حروف تظهر كيميائيًا، وكانت أجهزتهم تحتاج في بعض الأحيان إلى أكثر من ستة وثلاثين سلكًا لكل دائرة كهربية. ولقد جرب موريس نفسه عدة طرق قبل أن يلاحظ شريكه "فال" أن إحداث الدائرة ثم قطعها يحدث أصواتًا يمكن تمييزها. ومن هذه الملاحظة، تحققت سريعًا نقط وشرط قانون موريس التي لا تنسى.

كانت أول دائرة صمويل مورس الكهربية عبارة عن سلك واحد متصل بقطبين مع استعمال سلك أرضي، وسرعان ما اتضح أن الإشارات كانت ضعيفة جدًا عند استقبالها على مسافة تزيد على عشرين ميلا. لذلك عمل صمويل موريس على اختراع طريقة تقوية لزيادة قوة الإشارة. غير أن المشكلات الفنية أصبحت فيما بعد أكثر تعقيدًا. ولكن بعد إقامة أول جهاز برقي بين بلتيمور وواشنطن، وبعد أن أصبحت المواصلات الوقتية بين المسافات الطويلة أمرًا محققًا فعلًا، فإن شيئًا بعد ذلك لم يكن ليعوق الإنسان في التغلب على كل عائق علمي في سبيل التبادل العلمي السريع للمعلومات في دنيا الحضارة.