بيتر ماهر: يحيى حقي شن هجوماً حاداً على عبارة الكاتب يكتب لنفسه

ملامحه وديعة ساكنة، ابتسامته طيبة حانية، هو رجل القانون الهارب من السلك الدبلوماسي إلي ضفاف الأدب خاصة القصة القصيرة. أصوله تركية إلا أنه عبر بصدق ورهافة عن أعمق طبقات الشعب المصري، سواء في الريف كما في "البوسطجي"، أو الأحياء والطبقات الشعبية من خلال روايته "قنديل أم هاشم. إنه الكاتب الكبير يحيي حقي، والذي تحل اليوم الذكري الــ 117 حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1905.

وعن صاحب "دماء وطين"، قال الكاتب الشاب بيتر ماهر الصغيران في تصريحات خاصة لــ "الدستور": 
كتب يحيى حقي مجموعة من المقالات الأدبية نشرت في مجلة (المجلة) بين عامي 1961، 1970 و تم إعادة نشرها ضمن كتاب نقدي أطلق عليه "أنشودة البساطة"،  وهو عبارة عن مجموعة من الملاحظات حول الكتابة بشكل عام و فن القصة القصيرة بشكل خاص وهو الفن الحديث نسبياً بالنسبة لباقية أنواع فنون الكتابة الأخرى .

طرح العديد من الأسئلة بدأها بسؤال لمن نكتب ؟ و كيف تتحول الكتابة إلى شىء يؤثر في نفوس القراء ؟
فالكاتب هو قارئ جيد  للأحداث المحيطة به بل  يكون دائم الاقتراب من الناس و أفكارهم و طموحاتهم  ويتفاعل مع  الحياة الحالية  لأنه كفرد من المجتمع المعاصر ما يمسه هو شخصياً يمس الاَخرين فيصبح بكل تلقائية الجزء من الكل و المعبر عن الواجدان المشترك للجمع .

وتابع "الصغيران" موضحا: يشن يحيى حقي هجوماً حاداً على عبارة (الكاتب يكتب لنفسه) و يقدم عنها نقداً واسعاً و يقسم الطوائف التي يضعها الكاتب أمامه عند كتابة العمل إلى طائفتين: الطائفة الأولى طائفة الكتاب السابقين بما أن الإبداع عملية تراكمية يتأثر بالقديم و يضيف إلى مسيرة الأدب و لكن لا يقلدهم بل يكتب من حيث انتهى الاَخرين .

الطائفة الثانية طائفة القراء بكل أطيافهم و ثقافاتهم المتباينة بحيث لا يدخل الكاتب في صراع كيف يرضي جميع الأذواق و لكنه على الأقل يضع ما يعرف بالقارىء المتخيل مع مجموعة من الأسئلة مثل  كيف ستصل إليه تلك الكلمة أو ما هو إحساسه بعد الانتهاء من العمل بالكامل .

ويلفت "الصغيران" إلي: يستكمل يحيي حقي حديثه في مقالات أخرى عن العلاقة بين التراث الأدبي و كتابات الأجيال المعاصرة و كيف يتم عمل التوافق و خصوصاً بعد  ظهور تيارات الحداثة التي وفدت إلينا من أوربا في مطلع الستينات من القرن الماضي التي اهتمت بالشكل و التغريب على حسب الجوهر فلم يكن لديها معرفة كاملة  باستخدامات الرمز على سبيل المثال .

فكيف و متى يتم استخدامه و لأى غرض ؟!  و لا يكون لمجاراة موضة أدبية ما التي في الغالب يكون مصدرها  الفقر اللغوي و قال عن ذلك: أراهن نفسي قبل الشروع  في قراءة قصة لكاتب ناشىء على إنها لابد و أن تحتوي على ألفاظ مثل دلف أو تقوقع و غيرها من الألفاظ  التي تكون مرتبطة بجيل أدبي معين و مع ذلك قد تختفي فيما بعد وهذا ما يفقد الكاتب فكرة الأسلوب الخاص لأن الفرق ما بين كاتب و اَخر هو الأسلوب الذي يؤكد لنا التميز مع القدرة على اختيار الموضوعات التي تليق بمضون محدد .

ويستطرد "الصغيران": رغم حديثه عن الربط بين القديم و الحديث لكنه لم يقف ضد الحداثة و قال عن الفن: أن الفن في رأيه يعلو على القواعد و الأحكام لإنه ليس وليد النظريات بل النظريات تتولد من العمل الفني .
لأن أساس العمل الفني في المجمل العام الدهشة التي يولد بها الكاتب و يكون محملاً بالدهشة التلقائية للأشياء و كل فن حقيقي هدفه الأساسي ليس تحريك الذهن فقط بل تحريك فيض من الشعور المغلف بالغموض و الإبهام بل و يصعب تفسيره فمثلا الكتابة عن الحزن حتى تكون مؤثرةً  في نفس القارىء لأبد من اختيار الألفاظ التي تسكب مشاعر القارئ على الكتاب. 

تاريخ الخبر: 2022-01-17 00:23:06
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 52%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية