اطلع الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرًا، على الموقف التنفيذي لمشروع "التجلي الأعظم فوق أرض السلام" في محيط جبلي موسى وسانت كاترين بشبه جزيرة سيناء، حيث وجه بالاهتمام بالتفاصيل التنفيذية للمشروع كافة، اتساقًا مع مكانة تلك البقعة المقدسة من أرض مصر التي شرفها الله بالتجلى فيها، ولتقديمها للإنسانية والشعوب في أنحاء العالم على النحو الذي يليق بها تقديرًا لقيمتها الروحية الفريدة التي تنبع من كونها حاضنة للأديان السماوية الثلاثة.

ووجه الرئيس السيسي بأن يتكامل المشروع مع جهود تطوير مدينة سانت كاترين، ووضعها بمكانتها اللائقة التي تستحقها، وكذا تعظيم الاستفادة من المقومات السياحية بها، أثريًا وبيئيًا ودينيًا واستشفائيًا، بالاضافة إلى الارتقاء بالمباني والمرافق الموجودة بها.

ويشمل "التجلي الأعظم" إنشاء أكثر من 14 مشروعًا، في الجبال المحيطة بوادي طوى بمحافظة جنوب سيناء، بغية تحويل المنطقة إلى متلقى يجمع أبناء الديانات السماوية لكونه تطوير للمقدسات الدينية.

وينعكس ذلك بالإيجاب على الاقتصاد المصري والتنمية المحلية.. "الدستور" في الملف التالي استطلعت آراء عدد من الخبراء حول أهمية ذلك الحدث، وكيف يمكن لمصر تحقيق الاستفادة القصوى منه.

المتحدث باسم وزارة الإسكان: التجلي الأعظم سيخدم المواطن والزائر

أكد المهندس عمرو خطاب المتحدث باسم وزارة الإسكان في حديثه لـ"الدستور" أن مشروع التجلي الأعظم سيكون واحدًا من أهم مشروعات السياحة الدينية على مستوى العالم، موضحًا أنه إلى الآن تم الانتهاء من حوالي 30% منه، وجارِ استكمال الباقي. 

وأوضح خطاب أن ما سيختلف بهذه المنطقة المقدسة بالأساس هو توفير كافة الخدمات اللازمة، والتي لم تكن موجودة من قبل، مشيرًا إلى أن السائح كان يأتي إلى تلك المنطقة المقدسة، ولا يحظى بوجود الخدمات الكافية. 

وأكد أنه أثناء ذلك ستتم مراعاة الطابع الروحاني المُقدس الذي يتلائم مع المنطقة والذي لا يتسبب في تشويهها على الإطلاق في بناء الوحدات السكنية والمعمارية، وهذا للحفاظ على تراث منطقة السلام "التجلي الأعظم" الفريدة العظيم. 

أضاف المتحدث باسم وزارة الإسكان أنه سيكون هناك كذلك شبكة متطورة من النقل لربط كافة آرجاء المشروع وذلك للتسهيل على المواطنين حركات التنقل، مشيرًا إلى أن "التجلي الأعظم" ليس الهدف منه خدمة السائح أو الزائر فقط، ولكنه يهدف إلى خدمة أهل المنطقة أيضًا في عدد من المجالات أهمها توفير فرص العمل لهم، وتيسير سُبل الحياة.

خبير اقتصاد: يخلق فرص استثمارية كبيرة أمام مصر

الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم، أوضح أن مشروع التجلي الأعظم الذي تنفذه الدولة في سيناء سيحقق قيمة مضافة غير مسبوقة على الاقتصاد المصري.

تابع “الإدريسي” أن التجلي الأعظم له أكثر من بعد وأهمية، وذلك على صعيد القطاع السياحي في المقام الأول والبيئي ومن ثم تحقيق زيادة في مؤشرات نمو قطاع الاقتصاد بمصر. 

وقال إن مصر أنفقت نحو 700 مليار على مشروعات تنمية سيناء، وهو الأمز الذي سيساهم في جذب الزوار إلى منطقة سانت كاترين ومشروع التجلي الأعظم، إذ أنه مقدر له أن يكون مدينة متكاملة سياحيًا وبيئيًا. 

وأكد أستاذ الاقتصاد أن “التجلي الأعظم” سيخلق فرصة كبيرة أمام مصر لزيادة بمعدلات نمو الاقتصاد القومي، من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية في مصر وخاصةً سيناء ومنطقة سانت كاترين من ناحية وتنشيط قطاع السياحة بالمنطقة من ناحية أخرى.

خبير تنمية محلية: تعظيم الاستفادة من المنطقة المقدسة

حمدي عرفة، خبير التنمية المحلية واستشاري البلديات الدولية، أوضح أن مشروع التجلي الأعظم هو واحد من أبرز المشروعات التي تنفذها الدولة بمحافظة جنوب سيناء، والذي يتماشى مع جهود الدولة في تطوير محافظتي سيناء وإقامة مشروعات تنموية على أرضها.

أوضح عرفة أن مدينة سانت كاترين شهدت إقامة عدد من المشروعات التي تسهم في تشجيع السياحة إلى مصر، وظهر هذا واضحًا خلال احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة بعدما زار سيناء وخاصةً مدينة سانت كاترين نحو 30 ألف زائر من مصريين وأجانب فضلوا قضاء أجواء أعياد الميلاد على الأرض المقدسة.

وتابع عرفة أن مجموعة المشروعات التي تنفذها الدولة في سيناء وتحديدًا مدينة سانت كاترين، فهي مشروعات تخدم بعضها البعض وتسهم في تحقيق نهضة تنموية على الأرض المقدسة، وذلك لأن منها مشروعات خدمية ومنها اقتصادية ومنها سياحية، وذلك بما يحقق استراتيجية التنمية المستدامة في مصر وسيناء.

وأكد خبير التنمية المحلية ان التفكير في تنفيذ مشروع ضخم مثل مشروع التجلي الأعظم في سيناء وتحديدأ منطقة جبل سانت كاترين، جاء لتعظيم الاستفادة من المنطقة المقدسة التي تجلى فيها الله سبحانه وتعالي لنبي الله موسى، والتي حظيت مصر لأن تكون شاهدة على هذا الحدث الجلل.

رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية: الرئيس أول من انتبه لأهميته 

أوضح الدكتور "خالد الشافعي" الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، أنه على الرغم من الأهمية الكبيرة لمكان التجلي الأعظم بمصر بمدينة سانت كاترين، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يُعد هو أول من انتبه للأهمية القصوى لهذا المكان ولقيمته، وأمر بضرورة تطوير هذه المنطقة و استغلال تَفرد مصر بهذا التجلي للذات الإلهية على أراضيها.

تابع الشافعي أن مشروع "التجلي الأعظم" يعد أحد مشاريع السياحة الدينية العملاقة، والتي لا تخص ديانة بعينها واحدة بل ترتبط بكافة الديانات السماوية، مما يجعلها مقصدًا لأعداد هائلة من مواطنين أصحاب ديانات سماوية مختلفة على مستوى العالم باعتبارها مزارًا سياحيًا هامًا ومقدسًا. 

وأكد الخبير الاقتصادي أن السياحة بشكل عام واحدة من أهم مصادر الدخل القومي للبلاد، وكذلك الحال مع السياحة الدينية التي تتميز عنها باكتسابها أهمية روحانية خاصة، وذكر مثال ما تشهده الأراضي المقدسة بالمملكة العربية السعودية من توافد أعداد هائلة من الحجيج لزيارة بيت الله الحرام، وما يمثل هذامن عائدًا اقتصاديًا هامًا للمملكة مشيرًا إلى أن مصر بمشروعها "التجلي الأعظم" يمكنها تحقيق نفع وفوائد عدة من بينها نفعًا اقتصاديًا هائلًا قد يماثل ما يحققه موسم الحج بالأراضي المقدسة نظرًا للأهمية العظمى لأرض مشروع مصر التي تجلى الله عليها لنبيه موسى عليه السلام. 

أردف "الشافعي" أنه من بين الأهمية الاقتصادية الجمّة لمشروع التجلي الأعظم بمصر أيضًا هي توفير المئات من فرص العمل و كذلك لعدد هائل من فرص الاستثمار، بالإضافة إلى تسببه في تشغيل فنادق ومطاعم المنطقة وإنشاء أخرى لخدمة الزائرين، مما يسهم في تنشيط حركة العمل والاقتصاد بالمنطقة.

عادل: "التجلي الأعظم يعود على مصر بالنفع الاقتصادي"

عادل الجندي، مدير عام الإدارة العامة للعلاقات الدولية بالهيئة العامة للتنمية السياحية، قال إن حدث التجلي الأعظم يأتي ضمن تأكيد مصر على مكانتها الإنسانية، وما تحويه من مسارات ومواقع روحانية وتعتبر تراث روحاني يملكه العالم بأسره وليس مصر فقط.

وتابع: "مصر تعتبر أرض لكل الأديان ومسار العائلة ورحلة خروج بني إسرائيل وموسى وطريق حورس القديم، وبالتالي مصر تفخر بتلك المسارات والمعالم الروحانية التي تعبر عن جزء هام من التاريخ الإنساني.

وكشف عن أن مصر تقوم بتنمية التجلي الأعظم استغلالًا لعنصر الندرة وهو أن لا يتجلى الله سبحانه وتعالى على أي موقع في العالم سوى هذا الموقع وهذا له جلالة وروحانية خاصة تمس الإنسانية: "الدولة تبذل كافة الجهود وتشحذ الشركاء الوطنين لتنمية المقصد الروحاني الهام على أساس أن يتم تزويده بالخدمات لاستقبال الوفود".

وتابع: "في الماضي كان الموقع معروف للعالم كله وبعض السائحين ولكن أعداد قليلة وفي المقابل ما يمثله هذا الإرث الإنساني من عظم تاريخي، ولكن الدولة تتبع أسلوب ترويجي للموقع وخدماته لاستقبال أكبر قدر من الأعداد وتزويده بكافة الخدمات وتسيير الطرق والوصول".

وأضاف: "وكذلك للتوافق مع بيئة المنطقة وتصميم الساحات ومسارات المشاه، والمطارات السياحية وهو ترويج للمقصد، لأنه أيقونة إعلامية ووطنية هامة، والترويج له سياحيًا ودفع أكبر عدد من السائحين للوصول إليه وتمديد فرص الإقامة به وبالتالي يعود بالنفع على القطاع السياحي، ولذلك فالدولة تروج للموقع لاستقبال أكبر عدد من السيائحين.

وأشار إلى أن حدث التجلي الأعظم يأتي في إطار التنمية لتوفير فرص عمل للمجتمع السيناوي والمرأة السيناوية للحرف اليدوية، لذلك الحكومة تعمل على إعداد برنامج تأهيلي لهذه المجتمعات وترويج بأن السياحة لا تقتصر على زيارة الأماكن الروحانية فقط".

واستطرد: "ولكن هناك أنشطة في الموقع لابد من اعتبارها ضمن مخططات التنمية السياحية مثل تسلق الجبال والمغامرات وهي من الأنشطة التي يمكن ان تقود لمنتج سياحي جديد مثل جبل موسى وسانت كاترين الذي يحوي أماكن خلابة للترويج للسياحة الشبابية والسفاري".

واختتم: "وهناك السياحة الطبية والصحية اعتمادًا على الأعشاب المتوفرة في هذه المنطقة لدعم المجتمع السيناوي المحلي ودعم الاقتصاد الوطني نتيجة وجود هذا المقصد السياحي الفريد في العالم".