في ذكرى رحيله.. كيف أسس «ابن خلدون» قواعد علم العمران البشري؟

سبق عالم الاجتماع العربي، ابن خلدون، والذي فارق دنيانا في مثل هذا اليوم من العام 1406، الفيلسوف الفرنسي أوجست كونت، في تأسيس ووضع قواعد علم العمران البشري، أو ما نعرفه حديثا باسم علم الاجتماع ولا يمكن لنا أن نبحث في مجال الاجتماع والتاريخ، إذا لم نتطرق إلي ابن خلدون، الباحث الاجتماعي وصاحب كتاب "المقدمة" الشهير والذي يعتبر أحد أفضل المنتجات الفكرية في القرن الرابع عشر، فقد اهتم ابن خلدون بحياة البدو من العرب والبربر والترك وقارنهم بحياة التمدن.  

وأكثر ما يعرف عن ابن خلدون كتابه "المقدمة"، والذي هو ملخص لكتاب "العبر" أو "تاريخ ابن خلدون" والذي جاء في سبعة مجلدات حيث اهتم فيه “ابن خلدون” بالبحث في التاريخ، وحاول إيجاد المنطق فيه والقانون الذي يسيره، لماذا تصعد أمم ومن ثم تسقط أخري؟، ما الذي يدفع بهذا التغيير؟، هل هناك جانب أخلاقي، أو بمعني آخر، هل الأخلاق هي محرك التاريخ؟، وهل سقطت سلالة بعينها لأنها سيئة أو منحطة خلقيا؟ و لكن هناك من يفسر هذا بأنها إرادة الله من خلال أنبيائه ورسله، ومتي عصت الأمم هؤلاء الرسل حل عليه غضب الله، أي أن رخاء الأمم والشعوب معتمد علي رضا الله. أم نفسر التاريخ من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وأن الحروب والصراعات هي فقط من أجل الحصول علي تلك الموارد الطبيعية والثروات. إلي أن يتساءل ابن خلدون أيا من هذه التفسيرات الأكثر واقعية حسب موقعنا.

يجب أن ندرك أن هذه الأسئلة جاءت بسبب الاضطرابات التي شهدها ابن خلدون في زمنه وخاصة مع ما شهدته بلدان المسلمين، من الغزو المغولي وفرط العنف ودمار بغداد عاصمة العلم والنور في ذلك التاريخ. في فترة حياة ابن خلدون كانت بلاد المسلمين ممزقة بين عدة ممالك صغيرة، في نفس الوقت القوي الأوروبية بدأت تتوغل في شمال أفريقيا من أجل التجارة، حتى أن عديد من الحكام المسلمين كانوا دمي في أيادي النفوذ الأوروبي هؤلاء الحكام المسلمون لم يمانعوا في التحالف مع الأوروبيين ضد الحكام المسلمين الآخرين، فأراد ابن خلدون فهم ما يجري، فالمسلمون ينهزمون أمام الأوروبيين، والبعض يخونون أخوتهم ويستخدمون الدين كغطاء لمصالحهم، وكان هذا فراغ روحي وصدمة كبيرة، كيف يمكن أن تضعف شوكة المسلمين بهذا الشكل وكيف نفهم المنطق الآلهي في هذا؟

ابن خلدون نتاج زمانه ومشكلاته
ليس هذا فقط فقد شهدت البشرية إحدي أسوأ الكوارث الطبيعية، ألا وهي جائحة الطاعون والذي أباد ما يقارب ثلث البشرية في العالم المعروف وقتها، المؤمن وغير المؤمن يموت عشوائيا، والموت لا يقف علي عقيدة الفرد.

ابن خلدون كان نتاج زمانه والمشكلة الفكرية في عصره كانت محور أفكاره، وضعف الإسلام في زمنه كان التحدي الفكري لابن خلدون، فمع الهزيمة تضعف العقيدة وتبدأ الأسئلة، فكان ابن خلدون يسأل: كيف نفهم وعد الله بالنصر لعباده المؤمنين بينما الحياة قاسية وغير عادلة، فدرس “ابن خلدون” الناحية الاجتماعية لتاريخ البشر، لكنه في نفس الوقت حاول التوفيق بينه وبين العقيدة، وحاول تفسير أن ما نلاحظه في الواقع لا يمكن أن يتعارض مع كلام الله في القرآن.  

وكانت نظرية “ابن خلدون” تتمحور حول موازين القوي في الأساس، لكن يصاحب هذا التدخل الإلهي، وبداية كل حضارة تبدأ من البادية، حيث لاحظ ابن خلدون من التاريخ أن البدو الرحل الذين يستقرون في المدن يعطون حياة جديدة للمدن التي بدأت تظهر فيها علامات الانحطاط الخلقي حيث الترف والرفاهية تفسد أخلاق أهل المدن.

التناقض الذي يراه “ابن خلدون” في كون المدن تطورت رغم من كونها متمزقة وتعيش حياة الانحطاط، وأطلق ابن خلدون اسم "العصبية القبيلة" على القوة التي يتمتع بها أهل البدو الرحل، وهي الوشائج التي تربطهم ببعضهم البعض كالغراء. هذه العصبية هي التي تجعل أفراد القبيلة يتكاتفوا ويضحون بأنفسهم من أجل القبيلة، وهو ما يفتقر إليه أهل المدينة.   

تاريخ الخبر: 2022-03-19 18:21:34
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية