افتتاحية الدار: زيارة مرتقبة لسانشيز ودينامية تعزيز العلاقات تنطلق قريبا..الإرادة الملكية تضع العلاقات المغربية الإسبانية على السكة الصحيحة


الدار/ افتتاحية

بدأت معالم خارطة الطريق الجديدة للعلاقات المغربية الإسبانية ترتسم في الأفق بعد الاتصال الهاتفي الأخير بين جلالة الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. ولعّل السرعة التي تم بها إجراء هذا الاتصال مباشرة بعد إعلان الحكومة الإسبانية عن موقفها الإيجابي من مشروع خطة الحكم الذاتي يؤكد أن الإرادة السياسية العليا للبلدين تسير بسرعة قصوى باتجاه تدشين هذا العهد الجديد الذي يخرج الرباط ومدريد من أطول أزمة دبلوماسية بينهما. ويعتبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه دار بين الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز بمثابة إيذان بانطلاق التفعيل الرسمي للشراكة الجديدة بين البلدين.

هذه الشراكة الجديدة أكد بلاغ الديوان الملكي بخصوصها أنها “تندرج في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق”. إنها المبادئ الراسخة التي ينبغي أن ترتكز عليها العلاقات بين البلدين في المستقبل، وهي نفسها المبادئ التي نصّ عليها الإطار المرجعي لهذه المراجعة التي تخضع لها علاقات البلدين ألا هو الخطاب الملكي لذكرى ثورة الملك والشعب في غشت 2021. وقد مثّلت هذه العناصر صلب المكالمة الهاتفية التي دارت بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز. ويؤكد ذلك أن الإرادة المغربية التي كانت مصرّة على فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وفقا لشروطنا وباحترام مقدساتنا قد تحققت وتنتقل اليوم إلى مرحلة التنفيذ والأجرأة.

وقد بدأ هذا التفعيل عمليا مع إشارة بلاغ الديوان الملكي إلى أن “مختلف الوزراء والمسؤولين في البلدين مدعوون إلى تفعيل أنشطة ملموسة في إطار خارطة طريق طموحة، تغطي جميع قطاعات الشراكة، وتشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك”. لم يترك هذا التوجيه الملكي أي مجال لإسبانيا من أجل التردد أو التراجع عن مواقفها أو التقاعس مستقبلا عن الوفاء بالتزاماتها كما تم الاتفاق على ذلك، وكما تعهّد بذلك رئيس الحكومة بيدرو سانشيز في الرسالة التي بعثها لجلالة الملك محمد السادس. هناك توجه قوي نحو التسريع بإطلاق الدينامية الجديدة في العلاقات بين البلدين، ولعلّ الدعوة التي وجهها الملك محمد السادس إلى رئيس الحكومة الإسبانية من أجل القيام بزيارة للمغرب في الأيام القليلة المقبلة أكبر دليل على الإرادة القوية الهادفة إلى استثمار هذا المنعطف الجديد في علاقات الرباط ومدريد.

ومن المرتقب على هذا الأساس أن تشهد الأسابيع والشهور القادمة موجة من اللقاءات الدبلوماسية بين البلدين ستبدأ من مستوى رفيع بزيارة رئيس الحكومة للمغرب لتليها اللقاءات الثنائية بين وزيري الخارجية ثم تأتي بعد ذلك اجتماعات اللجان المشتركة على المستوى الوزاري، قبل أن يتم تعزيز كل ذلك باللقاءات الثنائية بين وزراء قطاعات الشراكة الثنائية المختلفة. ومن الواضح أن انخراط الحكومة الإسبانية في هذا المسلسل الجديد من المصالحة وتسوية الخلافات يقف وراءه أيضا تعطّشها إلى ضمان مصالحها الاقتصادية في المغرب والاستفادة من فرص التنمية ومشاريع البنية التحتية التي تم إطلاقها في مختلف أنحاء المغرب وعلى رأسها تلك المشاريع الضخمة التي تشهدها الأقاليم الجنوبية وأهمها مشروع الاقتصاد البحري الذي سيدشن بتشييد أحد أكبر الموانئ الإفريقية في منطقة الداخلة.

لقد أظهرت الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين المغرب وإسبانيا أن السلطات العليا في بلادنا لها ما يكفي من الحكمة والتعقّل والتخطيط للدفاع عن المصالح الوطنية ودفع الشركاء إلى احترام المقدسات. ومثلما أعلن ذلك الملك محمد السادس في خطاب العرش في غشت 2021 فإننا نعيش اليوم بشكل ملموس مسلسل إعادة رسم قواعد التعامل بين المغرب وبين جيرانه الأوربيين على الخصوص. وبعد أن عادت ألمانيا وإسبانيا للإنصات لصوت العقل والصداقة الراسخة والتاريخ المشترك فإننا نتوقع أن تُقدم قوى أخرى أكثر ارتباطا بالمغرب على الخطوات نفسها من أجل تحيين موقفها من القضية الوطنية وفقا للمستجدات المسجلة على الأرض وعلى الصعيد الدبلوماسي.

تاريخ الخبر: 2022-04-02 03:23:47
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 53%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية