محمد الباز يكتب يوميات (الاختيار 17): الإخوة الأعداء.. لماذا خطط الإخوان لاغتيال سعيد رسلان وتفجير حزب النور من الداخل؟

من فضائل مسلسل «الاختيار ٣» على المشتغلين بملف التيارات الإسلامية ليس فى مصر فقط ولكن فى العالم أيضًا، أنه يسهم بدور كبير فى رسم خريطة العلاقات الحقيقية بين أبناء هذه التيارات. 

لقد ظل كثيرون يعتقدون أن أبناء هذه الجماعات يقفون على أرضية واحدة، ويعملون لهدف واحد، ويسعون إلى نصرة الإسلام فقط، حتى لو كانت بينهم خلافات ظاهرية، فهى لا يمكن أن تؤثر فى عمق العلاقات بينهم. 

وأعتقد أن هذا الإحساس تأكد، وهذه الصورة تعمقت فى الفترة التى أعقبت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١، حتى وصل محمد مرسى مرشح الإخوان إلى الحكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٢.

فى الفترة التى سبقت ٣٠ يونيو ٢٠١٢ كان أبناء التيارات الإسلامية متقاربين بصورة مدهشة، وقفوا جميعًا خلف محمد مرسى، حضروا مؤتمراته الانتخابية، تحدثوا عنه فى البرامج التليفزيونية التى كانت متاحة لهم ومستباحة منهم، اتفقوا جميعًا، لأن الوصول إلى السلطة بشكل مبدئى كان هو ما يشغلهم. 

لكن وبعد أن وصلوا إلى السلطة بدأت الخلافات تظهر، فكل فريق يريد لوجهة نظره أن تسود، فى ظل إصرار إخوانى على نفى الجميع ومنع من ليس منهم من دائرة الفعل الحقيقية، فالجميع لا بد أن يكونوا أتباعًا، ويدينون للجماعة بالسمع والطاعة إذا كانوا يريدون أن يظلوا فى الصورة. 

حديث الإخوان المباشر عن السلفيين وغيرهم من التيارات السياسية الإسلامية فى «الاختيار ٣» يؤكد لنا أنهم جميعًا كانوا يعملون من أجل الكسب السياسى، صحيح أنهم كانوا يغطون ذلك بحديث ممتد عن الدين ونصرته، وعن الحكم الإسلامى والتمكين له، وعن الخلافة وضرورة العودة إلى عهودها الزاهرة.. لكن كل هذا لم يخدع من يعرفون هذه الجماعات جيدًا. 

كان التوافق بين جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية الجهادية كبيرًا وشاملًا، ربما لاعتقاد هذه التيارات أن وصول الإخوان إلى السلطة يمكن أن يكون سبيلها لتحقيق أهدافها جملة واحدة، لكن ظل الخلاف قائمًا بين الإخوان والسلفيين وذراعهم السياسية حزب النور، حتى قبل دخول محمد مرسى قصر الاتحادية، وربما نفهم ذلك على خلفية أن الإخوان والسلفيين دخلوا المجال العام من باب السياسة الخالصة، وكان طبيعيًا جدًا أن تفرقهما السياسة، وتحولهما إلى إخوة أعداء. 

يجلس خيرت الشاطر إلى جوار مرسى وبحسم يقول له: بمنتهى الوضوح مفيش حاجة اسمها تحالف بين الإخوان والنور، ده مرفوض وهيعملنا مشكلة كبيرة فى مصر، استقطاب الإسلاميين وغير الإسلاميين، دلوقتى إحنا نتبنى مبادرة تيار وائتلاف واسع جدًا، فيه كل من يرغب الانضمام له ممن مثل فى مجلس الشعب، وإنتو هتبقوا موجودين جوه الكيان ده، فيرد مرسى بتهافته: دول عاملين هيئة عشان مراقبة البرلمان يا بشمهندس، ده شغل جنان رسمى. 

كان حزب النور شوكة فى ظهر جماعة الإخوان، ولذلك لم يتردد عن تفجيره من الداخل، ما حدث نعرفه وأعتقد أنكم تعرفون جزءًا كبيرًا منه. 

فى أول يناير ٢٠١٣ أعلن عماد عبدالغفور، الذى كان رئيسًا لحزب النور ومساعدًا لرئيس الجمهورية للتواصل الاجتماعى، عن انسحابه من رئاسة الحزب وتأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم حزب «الوطن الحر». 

كان عماد عبدالغفور قد تقدم باستقالته من حزب النور محتفظًا بأسباب استقالته التى لم يعلن عنها، لكن من اطلعوا على الكواليس كانوا يعرفون أن خيرت الشاطر هو من أثر عليه ودفعه إلى تقديم استقالته. 

اكتفى عماد عبدالغفور بأنه قرر أن يبدأ صفحة جديدة فى العمل السياسى، وأنه لا يحب الكلام بل العمل، ولا يريد التناحر والجدال الذى لا يفيد، وأنه يهدف إلى الوصول بحزبه إلى الفلاح والعامل والمهندس والطبيب ورجل الأعمال، وقد وضع لذلك آليات واضحة وخطة لتحقيق أهدافه التى تتمثل فى رفعة الوطن. 

يسرى حماد الذى تولى منصب نائب رئيس الحزب قال إن الدعوة لإنشاء حزب الوطن جاءت فكرتها من رجال شاركوا فى العمل السياسى طوال الفترة التى تلت ثورة شعب مصر المجيدة، وكانت لهم بصمات واضحة فى العمل السياسى والحفاظ على التوافق الشعبى.

وأضاف حماد أن تأسيس حزب الوطن يأتى من أجل بناء كيان ينتقى الكفاءات والخبرات القادرة على تحمل الأمانة والمسئولية، ورغم أن الحزب يخرج من رحم التيار السلفى، فإنه يمد يده لجميع الأحزاب الإسلامية وغير الإسلامية لفتح صفحة جديدة من التوافق والتوحد لبناء مصر. 

لا يمكننا أن نستسلم لما قاله عماد عبدالغفور ويسرى حماد عن فكرة حزب الوطن وأهداف تأسيسه، خاصة إذا عرفنا أن خروج الحزب إلى النور جاء بعد الخلافات العنيفة التى عصفت بالعلاقة بين جماعة الإخوان وحزب النور الذى بدأ فى أخذ مواقف حادة من الأداء السياسى لمحمد مرسى. 

كانت الفكرة التى وقف خلفها خيرت الشاطر بقوة هى صنع انشقاق كبير داخل حزب النور، وهو الانشقاق الذى حدث بعد إقناعه عماد عبدالغفور بالخروج من الحزب وإعلان استقالته بشكل مريب، ووعده بتأسيس حزب جديد، يكون من أدوات الجماعة، وهو ما استجاب له عماد عبدالغفور الذى كان على علاقة قوية بالشاطر ويخضع لتأثيره بشكل كامل، بل لا يمكن أن يعصى له أمرًا. 

كان الإغراء الذى قدمه خيرت الشاطر لعماد عبدالغفور مقابل خروجه من حزب النور وتأسيسه حزبًا جديدًا هو استمراره فى منصبه كمساعد للرئيس، وهو ما تحقق له. 

ياسر برهامى القطب السلفى الكبير ألمح من طرف خفى إلى دور الإخوان فى انشقاق عماد عبدالغفور عندما قال: كانت بداخل حزب النور خلافات، وقد قامت أصوات من داخل الحزب ومن خارجه بإقناع عبدالغفور بالانفصال عنه وتكوين حزب الوطن. 

ظل عماد عبدالغفور على العهد مع الإخوان، فقد ظل فى منصبه حتى خروج محمد مرسى من الحكم، وكان واحدًا من الذين اعتصموا فى رابعة العدوية، وكان مساندًا للجماعة قبل أن يختفى تمامًا من الساحة السياسية، حيث تشير مصادر مقربة منه إلى أنه سافر إلى تركيا للإقامة إلى جوار زوجته التركية التى لم يكن يعلن عنها. 

لم يكن انتقام الإخوان من حزب النور هينًا، فبعد تفجير حزب النور بمعرفة وتخطيط خيرت الشاطر، وجه محمد مرسى ضربة للحزب، عندما أعلن فى فبراير ٢٠١٣ عن إقالة خالد علم الدين مستشاره لشئون البيئة، وكان السبب الذى أعلنه وقتها هو اطلاعه على تقارير رقابية حول استغلال منصبه كمستشار للرئيس. 

كان خالد علم الدين عضو الهيئة العليا لحزب النور، وأحد أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس، التى كانت تضم ١٧ عضوًا، ولم تكتفِ الجماعة بإقالته كنوع من عقاب حزب النور على معارضته للرئيس، بل سعت إلى تشويهه بشكل كامل.. وهو التشويه الذى انصرف إلى الحزب كله. 

بعد الوصول إلى السلطة تحول الحلفاء إلى أعداء، ولذلك لم يكن غريبًا أن يشير «الاختيار ٣» إلى التخطيط لاغتيال الشيخ رسلان، وهى الإشارة التى جاءت فى التحقيق الذى كان يجريه ضابط الأمن الحربى مع أحد أعضاء الخلايا المتطرفة، الذى حصل على قنبلتين، الأولى كانت لاغتيال الدكتور ياسر برهامى، والثانية كانت لتصفية الشيخ رسلان. 

الشيخ رسلان هو محمد سعيد رسلان، والذى لا يعرفه، هو أحد دعاة السلفية الكبار فى مصر، اختلفت معه كثيرًا، وتقاطعت مع ما يقوله كثيرًا، وخصص هو أربع خطب منبرية للرد على ما كتبته، وكان ذلك فى العام ٢٠٠٧، لكن موقفه من جماعة الإخوان يستحق التأمل والتسجيل. 

أعتقد أنك انتظرت أن أقول إن موقف رسلان من الإخوان يستحق الإعجاب؟ 

بالنسبة لى ليس كذلك.. فقد عارض الإخوان من أرضية سلفيته المدخلية التى ترفض تكوين الأحزاب والعمل بالسياسة، وتدين لولى الأمر بالطاعة ولا تعين خصمه عليه. 

عارض رسلان الإخوان فأوجعهم بمعارضته، فعل ذلك قبل أن يصل مرسى إلى الحكم، وبعد أن دخل قصر الاتحادية، ويمكنك ببحث بسيط على محرك البحث جوجل أن تجد الآتى: 

الشيخ رسلان: جماعة الإخوان تكفيرية منذ نشأتها حتى الآن

الشيخ محمد سعيد رسلان: الإخوان يريدون انهيار وتفكيك الجيش

بالفيديو.. الشيخ محمد سعيد رسلان: جماعة الإخوان تآمرت مع أعداء الإسلام ضد الدول الإسلامية 

الداعية السلفى يؤكد: الجماعة تسير على نهج اليهود والشيعة.. واتخذوا التفجير والقتل طريقًا لهم لحكم مصر 

كان طبيعيًا أن يفكر أنصار الجماعة فى اغتيال محمد سعيد رسلان، أن يمنعوه من فضح مخططات الجماعة وتحديدًا ضد الجيش والشرطة. 

الغريب أن ضابط الأمن الحربى عندما سأل الغلام المتطرف: هل تريد أن تغتال المشايخ؟ 

رد عليه: نعم.. لأنهم يتعاونون مع الجيش والشرطة. 

لقد أنقذتنا العناية الإلهية من هؤلاء الذين كانوا يخططون للسيطرة على كل شىء.. لأنهم لو نجحوا فى إحكام السيطرة كانت حياتنا ستصبح جحيمًا لا يطاق. 

تاريخ الخبر: 2022-04-19 21:21:00
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:09:13
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 72%

انتخاب البرناكي رئيسا لنادي الوداد الرياضي

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:09:09
مستوى الصحة: 68% الأهمية: 77%

حقبة تكتلات: الولايات المتحدة تستعد لإنشاء تحالف جديد ضد الصين

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-03-29 06:07:44
مستوى الصحة: 85% الأهمية: 85%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية