بعدما دفنت المحكمة العليا المحافظة جدا في الولايات المتحدة الحق في الإجهاض في تغيير تاريخي، اغتنم عدد من الولايات الفرصة لحظر عمليات إنهاء الحمل على أراضيها على الفور، الأمر الذي شكل صفة قوية لليسار الأمريكي.

ودان الرئيس جو بايدن القرار معتبرا أنه "خطأ فادح" يمكن أن "يعرض صحة النساء وحياتهن للخطر"، ودعا الأمريكيين إلى الدفاع عن الحق في الإجهاض خلال انتخابات منتصف الولاية في نوفمبر المقبل.

وفيما تغلق العيادات في ميزوري أو ساوث داكوتا أو جورجيا أبوابها واحدة تلو الأخرى، تعهدت ولايات ديموقراطية مثل كاليفورنيا أو نيويورك، الدفاع عن الحصول على عمليات الإجهاض على أراضيها.

وانطلقت هذه الثورة بقرار المحكمة العليا إلغاء قرارها الرمزي المعروف باسم "رو ضد وايد" الذي كفل منذ 1973 حق المرأة الأمريكية في الإجهاض.

وقد اعتبر غالبية قضاتها اليوم أن "لا أساس له على الإطلاق". وكتب القاضي صموئيل أليتو "لا يشير الدستور إلى الإجهاض ولا يحمي أي من مواده ضمنيًا هذا الحق". وأضاف "حان الوقت لإعادة مسألة الإجهاض إلى ممثلي الشعب المنتخبين" في البرلمانات المحلية. وهذه الصيغة قريبة من مسودة حكم أولية كانت محور عملية تسريب غير مسبوقة في بداية مايو.

ومع أن القرار كان متوقعا، تجمّع الآلاف للتعبير عن فرحتهم أو حزنهم أمام مقر المحكمة العليا في واشنطن.

نتيجة لعهد ترمب

ويشير أستاذ قانون الصحة العامة لورنس جوستين إلى أن الحكم الذي نُشر الجمعة "يعد من أهم الأحكام في تاريخ المحكمة العليا منذ إنشائها عام 1790".

وقال: "حدث في الماضي تغيير لكن لتأسيس أو إعادة حق وليس لإلغائه". ويتعارض القرار مع التوجه الدولي نحو تحرير عمليات الإجهاض مع إحراز تقدم في البلدان التي لا يزال تأثير الكنيسة الكاثوليكية فيها قويًا، مثل إيرلندا والأرجنتين والمكسيك وكولومبيا.

على الصعيد الدولي، دان عدد من القادة بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ونظيره الكندي جاستن ترودو "التراجع" الأميركي.

في فرنسا، أعرب الرئيس إيمانويل ماكرون عن أسفه لـ"التشكيك" في حريات المرأة.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن تعتزم مع ذلك مواصلة دعم "حقوق الصحة الإنجابية" في كل أنحاء العالم.

ويأتي الحكم بعد خمسين عاما من الجهود التي بذلها اليمين الديني الذي يرى في القرار انتصارًا كبيرًا لكن ليس نهاية للمعركة. وهو يسعى إلى مواصلة تحركاته لجلب أكبر عدد ممكن من الولايات إلى معسكره أو لمحاولة الحصول على حظر على المستوى الفدرالي. كما يمكن إدراجه في إطار حصيلة أداء الرئيس السابق دونالد ترمب الذي قام، خلال فترة ولايته بإصلاح المحكمة العليا بعمق عبر اختيار ثلاثة قضاة محافظين (نيل جورسوش وبريت كافانو وإيمي كوني باريت) وقعوا القرار. ورأى الملياردير الجمهوري في تصريحات لشبكة فوكس نيوز أن هذا القرار يعكس "إرادة الله".