مشجعون فى السياسة


المشجعون فى السياسة ظاهرة متكررة فى عالمنا العربى، وأظهرتهم مرة أخرى الحرب الروسية فى أوكرانيا، وهى الفئة التى «تخرج عروقهم» دفاعًا عن طرف أو موقف ليسوا جزءا منه، ولن يتحملوا تبعاته، ويمكن أن يطلقوا جملًا وتصريحات عنترية «ليس عليها جمرك».

فهناك من يعتبر أن انتصار أوكرانيا هو انتصار للديمقراطية وبداية انتشارها فى كل ربوع الدنيا.. وآخرون يعتبرون أن انتصار «بوتين» هو انتصار للدولة القوية والأمن القومى وبزوغ عصر النظام الدولى متعدد الأقطاب ونهاية الهيمنة الغربية على العالم.

نعم.. وجود المشجعين فى المنافسات الرياضية أمر رائع ومطلوب، ولكن أن يصبح «سلوكا سياسيا»، فهذا أمر ضار بالجميع، وعلينا أن نعى عواقبه الشديدة، لأنه يؤدى إلى تراجع التحليلات العلمية وتقديرات المواقف المبنية على الواقع وليس أمنيات المشجعين ورغباتهم.

عقلية المشجع هى التى تتصور أن حرب بوتين دفاعًا عن تصوراته لأمنه القومى سيكون بالتصفيق الحار والتشجيع، فى حين أن الرجل دفع ثمنا كبيرا لهجومه على أوكرانيا، ووضع حسابات كثيرة معقدة، وامتلك أوراق قوة قبل أن يُقدِم على هذه الخطوة، واستند إلى وجود جزء يعتد به من سكان الأقاليم الشرقية الأربعة، التى أعلنت روسيا مؤخرًا ضمهم لها، ينتمون للقومية الروسية، ومع ذلك مازالت روسيا تواجه صعوبات على المستوى العسكرى والاقتصادى والسياسى.

إن تشجيع «بوتين» بحماس لن يغير الواقع على الأرض، إنما دعمه كما فعل الغرب مع أوكرانيا هو الذى يمكن أن يغير مسار الصراع.. أما التشجيع كما يفعل كثير من العرب تجاه فلسطين، فهو لن يغير أى شىء فى علاقات القوة بين الفلسطينيين والإسرائيليين طالما لم يترجم فى دعم حقيقى.. ولو فى جوانب غير عسكرية.

إن مَن يتصور أن بناء نظم قوية ومتقدمة- سواء كانت ديمقراطية أو غير ديمقراطية- يأتى بالتشجيع والهتاف مخطئ، فالصين التى يستدعى البعض نموذجها بروح المشجع ينسى أو يتناسى أنها أسست نموذجها عقب ثورة شعبية كبرى فى عام 1949 سقط فيها ملايين الضحايا، وقادها حزب عقائدى ثورى (الحزب الشيوعى) يحكم منذ 73 عاما، ونجحت بالعلم والبناء السياسى فى أن تجعل الصين ثانى أكبر قوة فى العالم.

كما أن النظم الديمقراطية ترسخت عقب تضحيات كبيرة لم تكتف فيها الشعوب بدور المشجع، وإنما دفعت أثمانًا كبيرة حتى استقرت وأسست دولة قانون حقيقية.

نعم.. يمكن أن يكون المرء منحازًا لرؤية فى السياسة، أو متعاطفًا مع طرف فى الحرب الأوكرانية.. لكن عليه ألا يقوم بدور المشجع فى معارك لن يدفع هو ثمنها ولا يتصور أنه بالتشجيع ستبنى الأوطان أو سينتصر من يؤيده.

من حقك أن تتعاطف مع هذا الموقف أو ذاك، وأنت تعلم أن تعاطفك لن يغير فى الواقع شيئًا.

نقلا عن المصري اليوم

تاريخ الخبر: 2022-10-05 21:18:06
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 82%
الأهمية: 92%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:03
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 63%

على غرار الأشهر الماضية.. لا زيادة في سعر "البوطا"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:25:45
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 69%

رغم الإخفاقات.. تشافي مستمر مع برشلونة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:44
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 61%

اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:25:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 64%

رغم الإخفاقات.. تشافي مستمر مع برشلونة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:46
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 56%

اتساع التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جديدة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:00
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 60%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع قانون يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-25 18:26:07
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية