أفغانستان تحت حكم طالبان: هل تتراجع الحركة وتسمح للنساء بالعمل في وكالات الإغاثة؟

  • ليز دوسيت
  • كبيرة المراسلين الدوليين - بي بي سي

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

تشهد أفغانستان شتاء قاسيا بالتزامن مع مخاطر بالمجاعة

قال وزراء في حكومة طالبان لمسؤول كبير في الأمم المتحدة إن حكومتهم، تعتزم وضع قواعد جديدة، يسمح بموجبها للنساء الأفغانيات بالعمل في بعض عمليات الإغاثة.

وأكد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، لبي بي سي أنه تلقى "ردود فعل مشجعة" من طيف واسع من الوزراء في حكومة طالبان خلال المحادثات التي أجراها في كابل، حتى وإن لم يتم إلغاء المرسوم الذي صدر الشهر الماضي بحظر عمل النساء الأفغانيات في المنظمات غير الحكومية، بما ذلك وكالات الإغاثة.

ونظرا إلى الدور الحاسم الذي تقوم به النساء في عمليات الإغاثة وإيصال المساعدات الإنسانية في أفغانستان، فهناك مخاوف من أن يهدد حظر مشاركتهن عمليات الإغاثة الإنسانية العاجلة لإنقاذ حياة السكان الجارية في البلاد.

كيف كشف الزلزال في أفغانستان الحاجة الماسة لوجود مزيد من الطبيبات

"لا مكان للنساء في أفغانستان"

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • رونالدو والغسيل الرياضي لسمعة السعودية- فاينانشيال تايمز
  • تغير المناخ: البرد القارس في أفغانستان يقتل 124 شخصا على الأقل
  • أفغانستان تحت حكم طالبان: مجلس الأمن الدولي يدين حظر عمل النساء في مجال الإغاثة
  • طالبان في أفغانستان: منظمات إغاثة أجنبية توقف عملها في البلاد بعد حظر الحركة عمل الموظفات لديها

قصص مقترحة نهاية

بكلمة "اقرأ" شابة أفغانية تواجه حركة طالبان التي حرمت الفتيات من التعليم

وقال غريفيث خلال لقائي معه في كابل "من الجدير بالذكر أن برنامج المساعدات الإنسانية في أفغانستان هذا العام، هو الأضخم في العالم على الإطلاق".

وقد بلغ حجم المساعدات هذا العام أرقاما مذهلة، وستحاول وكالات الإغاثة إيصال مساعداتها إلى 28 مليون شخص في أفغانستان، أي أكثر من نصف السكان، ومن ضمنهم ستة ملايين شخص على حافة المجاعة، كما يقول غريفث.

وقد شهدت أفغانستان هذا العام شتاء قاسيا، وهو الأشد برودة منذ نحو عشر سنوات، ولقي أكثر من 126 شخصا مصرعهم خلال الأسبوعين الماضيين بسبب درجات الحرارة المتدنية جداً، والانخفاض الشديد في درجات حرارة أجسامهم، أو بسبب تنشقهم أبخرة وغازات سامة ناجمة عن سخانات الغاز غير الآمنة.

وجاءت موجة البرد القارس غير المسبوقة هذه لتزيد من معاناة ملايين الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا إنسانية شديدة الصعوبة، إضافة إلى أن تقديم المساعدات للمتضررين في أفغانستان عملية شديدة الصعوبة والتعقيد.

التعليق على الصورة،

تقول قمر غول إن أيا من وكالات الإغاثة لم تزر منزل عائلتها في ولاية بروان

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تغيير بسيط: ما علاقة سلة مشترياتك بتغير المناخ؟

الحلقات

البودكاست نهاية

في بيت صغير مبني من الطين والقش، يجثم بشكل خطير على تل شديد الانحدار ومغطى بالثلوج في ولاية بروان شمال كابل، التقينا بإحدى العائلات، التي كانت معاناتها وشكواها ليستا أقل قسوة من البرد الشديد.

كانت الأسرة مجتمعة حول "ساندالي"، وهو موقد الفحم التقليدي الذي يعتمد عليه الأفغان في التدفئة منذ قرون. وتقول الأم قمر غول بعتب واضح "لا تزورنا أي وكالة إغاثة هنا"، وتضيف "لم يسبق أن زارنا أحد من الحكومة السابقة، ولا من حكومة طالبان".

عقد غريفيث هذا الأسبوع عدة اجتماعات متتالية في كابل مع كبار المسؤولين في حكومة طالبان، ونوقش خلالها المرسوم الجديد الذي يحظر عمل النساء الأفغانيات مع منظمات الإغاثة، وذلك في الوقت الذي كانت فيه طائرات الهليكوبتر العسكرية الحكومية، تكافح للوصول إلى أكثر التجمعات السكانية عزلة في البلاد، بعد أن تقطعت سبل اتصالها مع الخارج بالكامل بسبب العواصف العاتية، وتراكم كميات هائلة من الثلوج.

وأكد غريفيث، الذي التقيت معه في مجمع الأمم المتحدة الضخم في ختام مهمته، قائلا "إذا لم تشارك النساء في عمليات الإغاثة الإنسانية، فلا يمكننا أن نوصل المساعدات، ولا أن نأخذ بالاعتبار (احتياجات) النساء والفتيات اللواتي علينا الاستماع إليهن"، مضيفا "في جميع عمليات الإغاثة الإنسانية حول العالم، النساء والفتيات هن (الفئة) الأضعف"، والأكثر عرضة للخطر.

وكان غريفيث، مسؤول الإغاثة الأممي الذي يمتلك خبرة عقود من العمل في البيئات الصعبة، بما في ذلك أفغانستان، حذرا، لكنه في نفس الوقت كان واضحاً بشأن نتائج مهمته الصعبة.

وقال غريفيث عن وزراء طالبان الذين التقى بهم "أعتقد أنهم اصغوا لنا، وقد أخبروني أنهم سيصدرون توجيهات جديدة في الوقت المناسب، وآمل أن تساعدنا في تعزيز دور النساء".

وتأتي زيارة غريفيث في أعقاب الزيارة التي قامت بها الأسبوع الماضي، أمينة محمد، نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، وهي بريطانية نيجيرية مسلمة. وقد أكد قيامها بهذه الزيارة قلق الأمم المتحدة المتزايد بشأن إصدار طالبان مؤخرا مجموعة من المراسيم التي تهدد بـ"محو وجود النساء في الحياة العامة".

وقالت أمينة محمد لبي بي سي إن محادثاتها كانت "صعبة للغاية". وقد كانت بعض الاجتماعات خلافية لدرجة إنها كادت أن تنتهي قبل وقتها المحدد، كما قالت، لكنها أخبرتنا أن استعداد طالبان للانخراط في المحادثات شجعها.

وتتضمن مهمة غريفيث، الذي يمثل اللجنة الدائمة المشتركة بين وكالات الأمم المتحدة، وهي أعلى هيئة تنسيق المساعدات الإنسانية في المنظمة الدولية، بحث تفاصيل محددة للغاية لها علاقة بمجموعة من القطاعات الحيوية، من الزراعة إلى التدابير الصحية، وإيصال المساعدات الغذائية.

وليس من المتوقع بشكل واقعي أن تلغي طالبان الحظر الذي أعلنته الشهر الماضي على عمل النساء مع المنظمات غير الحكومية ووكالات الإغاثة. لكن يبدو أن هذا الحظر يتضمن العديد من الثغرات التي يمكن الالتفاف عليها.

أفغانيات يكتبن عن حياتهن في ظل حكم طالبان

وسلط غريفيث الضوء على هذا الأمر قائلا إن "قادة طالبان قدموا لنا بشكل متكرر، استثناءات، وإعفاءات، وتفويضات للنساء لكي يعملن". وقد تم حتى الآن إعطاء الضوء الأخضر لعمل النساء في مجالات مهمة مثل الصحة والتعليم المجتمعي، حيث مشاركة النساء ضرورية للغاية.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

مارتن غريفيث قال إن وصول المساعدات الإنسانية أصبح أفضل بكثير مقارنة بالفترة التي تلت وصول طالبان إلى السلطة

لكن من الواضح أيضا أن قادة طالبان الأكثر تحفظا ليسوا مع التغيير، ومن بينهم رجل الدين، الذي يقود عمل وزارة إدارة الكوارث الطبيعية، والذي قال لبي بي سي إن"الرجال يعملون معنا بالفعل في جهود الإغاثة، ولا داعيلعمل النساء معنا".

وخلال لقائنا مع الملا محمد عباس أخوند، القائم بأعمال وزارة إدارة الكوارث الطبيعية، في مكتبه، قال إن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى تتحدث بما "يخالف معتقداتنا الدينية".

ما القيود التي فرضتها طالبان على الطالبات للعودة إلى الجامعات؟

طالبان تحظر دخول النساء الحدائق في أفغانستان

لكن غريفيث نفى بشكل حازم صحة تلك الاتهامات، وقال "آسف، لا أوافق على هذا". وأشار إلى أن الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى تعمل في أفغانستان منذ عقود، وقال "نحن نحترم عادات وتقاليد أفغانستان، كما نفعل في كل بلد نعمل فيه".

وقد تباطأت جهود الإغاثة التي كانت تسابق الزمن لإيصال مساعدات تشتد الحاجة إليها بسبب تعنت السلطات، التي يحكمها كبار قادة طالبان وأكثرهم تشددا. وفي حين يتساءل مسؤولون بارزون آخرون في طالبان عن مدى صحة المراسيم الأخيرة التي حظرت عمل النساء في هذا المجال، لكن لا يمكنهم إلغاءها.

لكن غريفيث أشار إلى أن وصول المساعدات الإنسانية، أصبح الآن أفضل بكثير مقارنة بالفترة التي تلت وصول طالبان إلى السلطة عام 2021.

وقد أصبح الوصول الآن أسهل بكثير إلى المناطق التي كانت سابقا معزولة بسبب تهديدات طالبان أو بسبب العمليات العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة. وفي الشتاء الماضي، تمكنا من إيصال معونات الإغاثة إلى مناطق نائية، من ضمنها المرتفعات الوسطى في ولية غور بعد رحلة بلغت مدتها 11 ساعة، وأنقذنا عائلات كانت على شفا المجاعة.

ويؤكد مسؤولو طالبان باستمرار على هذه النقطة، وقد حث وزير الخارجية بالوكالة أمير خان متقي مسؤول الإغاثة الأممي غريفيث على الإشارة إلى ما حققته طالبان من "إنجازات والفرص التي وفرتها... بدلاً من الشكاوى والتركيز على النواقص".

ولكن مع حلول الشتاء الأسوأ، الذي يمر على أفغانستان، أغلقت السبل أمام جهود الإغاثة العاجلة. وقد قامت العديد من وكالات الإغاثة، التي تعتمد بشكل كبير على موظفاتها الأفغانيات، بإيقاف عملياتها.

ويلخص مسؤول الإغاثة في الأمم المتحدة الوضع الراهن بالقول "لا يمكنني التفكير في أولوية دولية أكثر أهمية من الحفاظ على استمرار عمل هذا البرنامج الضخم والمهم للغاية".