Emblem-scales-red.svg
إن هذه الموضوعة أوهذا القسم مختلف عليها. راتى طالع الخلاف في صفحة النقاش. (أبريل 2019)
جزء من سلسلة منطقات
التصوف
  • تصوف

الصوفية أوالتصوف هوممضى إسلامي، لكن وفق الرؤية الصوفية ليست ممضىًا، وإنما هوأحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وفهم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان، مقام التربية والسلوك، مقام تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل، الذي هوالركن الثالث من أركان الدين الإسلامي الكامل بعد ركني الإسلام والإيمان، وقد جمعها حديث جبريل عليه السلام، وذكرها ابن عاشر في منظومته (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين)، وحث أكثر على مقام الإحسان، لما له من عظيم القدر والشأن.

نطق العارف بالله، أحمد بن عجيبة: "مقام الإسلام يُعبّر عنه بالشريعة، ومقام الإيمان بالطريقة، ومقام الإحسان بالحقيقة. فالشريعة: تكليف الظواهر. والطريقة: تصفية الضمائر. والحقيقة: شهود الحق في تجليات المظاهر. فالشريعة حتى تعبده، والطريقة حتى تقصده، والحقيقة حتى تشهده". ونطق أيضاً: "ممضى الصوفية: حتى العمل إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى مقام الإسلام، وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة يُسمى مقام الإيمان، وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يُسمى مقام الإحسان".

والإحسان كما تضمنه حديث جبريل عليه السلام هو: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، وهومنهج أوطريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معهدته والفهم به، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد الفهماء فيما لم يرد فيه نص، فهوفهم كفهم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده - كغيره من العلوم - جيلاً بعد جيل حتى جعلوه فهما سموه بـ فهم التصوف، وفهم التزكية، وفهم الأخلاق، وفهم السلوك، أوفهم السالكين إلى الله، فألفوا فيه الخط الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الخط: الحِكَم العطائية لابن عطاء الله السكندري، قواعد التصوف للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري، والتعهد لممضى أهل التصوف للإمام أبي بكر الكلاباذي وغيرها.

ومعنى التصوف الحقيقي كان في الصدر الأول من عصر الصحابة، فالخلفاء الأربعة كانوا صوفيين معنى، ويؤكد ذلك كتاب حلية الأولياء للحافظ أبي نعيم الأصبهاني - أحد مشاهير المحدثين - فقد بدأ كتابه الحلية بصوفية الصحابة، ثم أتبعهم بصوفية التابعين، إلى غير ذلك.

انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعوإلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بفهماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل: الجنيد البغدادي، وأحمد الرفاعي، وعبد القادر الجيلاني، وأبوالحسن الشاذلي، وأبومدين الغوث، ومحي الدين بن عربي، وشمس التبريزي، وجلال الدين الرومي، والنووي، والغزالي، والعز بن عبد السلام كما القادة مثل: صلاح الدين الأيوبي، ومحمد الفاتح، والأمير عبد القادر، وعمر المختار، وعز الدين القسام.

نتج عن كثرة دخول غير المتفهمين والجهلة في طرق التصوف إلى عدد من الممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي للهجوم باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام.

تعريف التصوف

من حيث اللغة

تعددت الأقوال في الأصل اللغوي لحدثة الصوفية، فمنهم من نطق إنها ليست عربية، ذكر القشيري في كتابه الرسالة: «أنه ليس لهذا الاسم أصل في اللغة العربية»، وقد أرجعها الباحثون والمؤرخون المختصون في علوم الديانات القديمة، إلى أصل يوناني، هوحدثة: (سوفيا)، ومعناها الحكمة. وأول من عهد بهذا الرأي: البيروني وذكر محمد جميل غازي، الذي نطق: «الصوفية كما نفهم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف.. وذكروا المستشرقون بأن أنَّ حدثة «الثيوصوفيا» -الحدثة اليونانيَّة- يقولون: '' هذه هي الأصل كما ينقل محررها ماسينيون عن عدد المستشرقين؛ بأنَّ أصل التصوف: هومشتق مِن الثيوصوفية '' وهذه الثيوصوفية كما يذكر -أيضًاً- عبد الرحمن بدوي، وينقل عن مستشرق ألماني فول هومر قوله: '' إذا هناك علاقة بين الصوفية، وبين الحكماء العراة مِن الهنود '' ويخط باللغة الإنجليزية جانيوسوفستز و«سوفستز» يعني: الصوفيين، هؤلاء إذا ربطنا هذه مع الثيوصوفية -أي: الصوفية- التي نقول «الثيو» معناها في لغتهم: الله عز وجل، فمثلاً الحكم الثيوقراطي يعنى: الحكم الإلهي، والثيوصوفية أي: عشاق الله، أومحبوالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الفيلسوفي هذا: عاشق الحكمة «فيلا» معناها: حكمة، أومحب الحكمة. وذكر أبوالريحان البيروني وهوأحد الفهماء الذين مضىوا للهند وخطوا عن جغرافيتها وأدينها وعلومها، حتى أصل الحدثة مؤؤخوذ من الهندية والهندية أخذتها من اليونانية فقد نطق: «ومنهم مَن كان يرى الوجودَ الحقيقي للعلة الأولى فقط، لاستغنائها بذاتها فيه، وحاجة غيرها إليه، وأنَّ ما مفتقر في الوجود إلى غيره، فوجوده كالخيال غير حقٍّ، والحقُّ هوالواحد الأول فقط، وهذا رأي السوفية - خطها بالسين - وهم الحكماء، فإنَّ يفترض أن باليونانية: [الحكمة] وبها سمي الفيلسوف: بيلاسوفا، أي: محب الحكمة، ولما مضى في الإسلام قوم إلى قريبٍ مِن رأيهم -أي: رأي حكماء الهند -سُمُّوا باسمهم- أي: الصوفية- ولم يَعهد اللقبَ بعضُهم فنسبهم للتوكل إلى الصُفَّة وأنَّهم أصحابها في عصر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ صُحِّفَ بعد ذلك، فصُيِّر مِن صوف التيوس...». وذكر أيضًا إذا الصوفية هم حكماء الهند، وأنَّ اسمهم هو«السوفية»، وأنَّ ما يُطلق عليهم مِن الأسماء، أوما وقع للاسم مِن التصحيف - فقيل: إنَّه مِن الصوف أوغير ذلك - هذا ليس له حقيقة.

ونطق البعض بأنها عربية الأصل وهي على عدة أقوال، أشهرها:

أنه من الصوفة، لأن الصوفي مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى.

  • أنه من الصِّفة، إذ حتى التصوف هواتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وهجر المذموم منها.
  • أنه من الصُفَّة، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم.
  • أنه من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله؛ وتسابقهم في سائر الطاعات.
  • أنه من الصوف، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والاخشيشان.
  • أنه من الصفاء، فلفظة «صوفي» على وزن «عوفي»، أي: عافاه الله فعوفي، ونطق أبوالفتح البستي:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقاً من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غيرَ فتىً صفا فصوفي حتى سُمي الصوفي

وسُئل الشبلي: لم سميت الصوفية بهذا الاسم،يا ترى؟ فنطق: هذا الاسم الذي أُطلق عليهم، اختُلِف في أصله وفي مصدر اشتقاقه، ولم ينته الرأي فيه إلى نتيجة حاسمة بعد. ويقول القشيري: «وليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر فيه أنه كاللقب». ونطق ابن تيمية أنهم ينسبون في رواية إلى صوفة بن أدبن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعهدون بالنسك. وكرأي آخر، يقول الشيخ ابن الجوزي في محاولته التي اعتبرها فهماء آخرون تقليلاً من شأن التصوف الإسلامي، ذكر في كتابه تلبيس إبليس: يُنسب الصوفيين إلى (صوفة بن مرة) والذي نذرت له والدته حتى تعلقه بأستار الكعبة فأطلق اسم (صوفي) على جميع من ينبتر عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط.

ونطق محمد متولي الشعراوي أنّ الصوفيّة منْ أصل صافى وصوفِيَ إليه: أي بادله الإخاء والمودّة، وتكونُ بتقرّب العبْد لربّه بالحُب والطّاعة ويُصافيه الله بقرْبه وكرامته، فنقول:الذي صوفِي مِن الله، جلّ جلاله.

ويقول الداعية محمد هداية: التصوف بمعناه اللغوي أي التزهد فنحن يجب حتى نكون هكذا، أما التصوف بمعنى الشرك بالله وما يتبعه من مظاهر مثل مسح عتبات المساجد والصلاة في مساجد معينة فهوليس من الإسلام في شئ.

من حيث الاصطلاح

كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، جميع منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها:

  • قول زكريا الأنصاري: التصوف فهم تعهد به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية.
  • قول الشيخ أحمد زروق: التصوف فهم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله تعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول «فهم التوحيد» لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان..ونطق أيضا: وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحوالألفين مرجع، كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هي وجوه فيه.
  • قول الجنيد: التصوف استعمال جميع خلق سني، وهجر جميع خلق دني.
  • قول أبوالحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية.
  • قول ابن عجيبة: التصوف هوفهم يعهد به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله فهم، ووسطه عمل، وآخره موهبة.

النشأة والتاريخ



هذه الموضوعة جزء من سلسلة:

أصل التصوف

يُرجع الصوفية أصل التصوف كسلوك وتعبد وزهد في الدنيا وإقبال على العبادات واجتناب المنهيات ومجاهدة للنفس وكثرة لذكر الله إلى عهد رسول الإسلام محمد وعهد الصحابة، وأنه يستمد أصوله وفروعه من تعاليم الدين الإسلامي المستمدة من القرآن والسنة النبوية. وكوجهة نظر أخرى، يرى بعض الناس حتى أصل التصوف هوالرهبنة البوذية، والكهانة المسيحية، والشعوذة الهندية فنطقوا: هناك تصوف بوذي وهندي ومسيحي وفارسي. بينما يرفض الصوفية المسلمون تلك النسبة ويقولون بأن التصوف ما إلا التطبيق العملي للإسلام، وأنه ليس هناك إلا التصوف الإسلامي فحسب.

بداية ظهور اسم الصوفية

يقول القشيري: «افهموا حتى المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية فهم سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم «الصحابة»، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين «الزهاد» و«العُبَّاد»، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا حتى فيهم زهادًا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم «التصوف»، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة».

ويقول محمد صديق الغماري: «ويعضد ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب «ولاة مصر» في حوادث سنة المائتين: «إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف». وكذلك ما ذكره المسعودي في «مروج المضى» حاكيًا عن يحيى بن أكثم فنطق: «إن المأمون يومًا لجالس، إذ ولج عليه علي بن صالح الحاجب، فنطق: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، عملمت أنه بعض الصوفية». فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في «كشف الظنون» حتى أول من سمي بالصوفي «أبوهاشم الصوفي» المتوفى سنة خمسين ومئة».

ظهور التصوف كفهم

بعد عهد الصحابة والتابعين، ولج في دين الإسلام أُمم شتى وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ فقام جميع فريق بتدوين الفن والفهم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحوفي الصدر الأول ـ فهم الفقه، وفهم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وفهم الأصول، والفرائض «الميراث» وغيرها. وبعد هذه الفترة حتى أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما نادى أرباب الرياضة والزهد إلى حتى يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين فهم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، من باب سد النقص، واستكمال حاجات الدين في جميع نواحي النشاط.

وكان من أوائل من خط في التصوف من الفهماء:

  • الحارث المحاسبي، المتوفى سنة 243 هـ، ومن خطه: بدء من أناب إلى الله، وآداب النفوس، ورسالة التوهم.
  • أبوسعيد الخراز، المتوفى سنة 277 هـ، ومن خطه: الطريق إلى الله.
  • أبوعبد الرحمن السلمي، المتوفى سنة 325 هـ، ومن خطه: آداب الصوفية.
  • أبونصر عبد الله بن علي السراج الطوسي، المتوفي سنة 378 هـ، وله كتاب: اللمع في التصوف.
  • أبوبكر الكلاباذي، المتوفي سنة 380 هـ، وله كتاب: التعهد على ممضى أهل التصوف.
  • أبوطالب المكي، المتوفى سنة 386 هـ، وله كتاب: قوت القلوب في معاملة المحبوب.
  • أبوقاسم القشيري، المتوفى سنة 465 هـ، وله الرسالة القشيرية، وهي من أبرز الخط في التصوف.
  • أبوحامد الغزالي، المتوفى سنة 505 هـ، ومن خطه: إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، بداية الهداية، وغيرها الكثير. ويعد كتاب إحياء علوم الدين من أشهر -إن لم يكن الأشهر- خط التصوف ومن أجمعها.

وشهدت الصوفية بعد جيل الجنيد قفزة جديدة مع الإمام الغزالي خاصة كتابه إحياء علوم الدين محاولة لتأسيس العلوم الشرعية بصياغة تربوبة، تلاه اعتماد الكثير من الفقهاء أبرزهم عبد القادر الجيلاني للصوفية كطريقة للتربية الإيمانية، ويبدوحتى الجيلاني وتلاميذه الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق العربي حافظوا على الجذور الإسلامية للتصوف بالهجريز على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل الحارث المحاسبي، والدليل على ذلك حتى حتى ابن تيمية رغم الهجوم الضاري الذي يشنه على الصوفية في عصره، لا يرى بأساً في بعض أفكار التصوف ويمتدح أشخاصا مثل الجيلاني وأحمد الرفاعي. وينسب المؤرخين لهذه المدارس الصوفية المنتشرة دورا كبيرا في تأسيس الجيش المؤمن الذي ساند صلاح الدين في حربه ضد الصليبيين.

ظهور التصوف كطرق ومدارس

يرجع أصل الطرق الصوفية إلى عهد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما كان يخصّ جميع من الصحابة بورد يتفق مع درجته وأحواله:

  • أما الصحابي أبوبكر، فقد أخذ عنه الذكر بالاسم المفرد (الله).
  • وأما الصحابي علي بن أبي طالب، فقد أخذ من النبى الذكر بالنفي والإثبات وهو(لا إله إلا الله).

ثم أخذ عنهما من التابعين هذه الأذكار وسميت الطريقتين: بالبكرية والعلوية. ثم نقلت الطريقتين حتى التقتا عند الإمام أبوالقاسم الجنيد. ثم تفرعتا إلى الخلوتية، والنقشبندية. واستمر الحال كذلك حتى اتى الأقطاب الأربعة السيد أحمد الرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وشيّدوا طرقهم الرئيسية الأربعة وأضافوا إليها أورادهم وأدعيتهم. وتوجد اليوم طرق عديدة جدًا في أنحاء العالم ولكنها كلها مستمدة من هذه الطرق الأربعة. إضافة إلى أوراد السيد أبوالحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية والتي تعتبر أوراده جزءًا من أوراد أي طريقة موجودة اليوم.

الطرق الصوفية

سند الطريقة الشاذلية المتصل إلى نبي الله محمد

الطريق لغة: هي «السيرة»، وطريقة الرجل: ممضىه، ينطق: هوعلى طريقة حسنة وطريقة سيئة. واصطلاحاً: اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى فهم الله، فينسب هذا المنهج إليه ويعهد باسمه، فينطق الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية نسبة لرجالاتها. وقد أخذ اسم الطريقة من القرآن: {وألّواستقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً .

تختلف الطرق التي يتبعها مشايخ الطرق في تربية طلابهم ومريديهم باختلاف مشاربهم وأذواقهم الروحية، وباختلاف البيئة الاجتماعية التي يظهرون فيها. فقد يسلك بعض المشايخ طريق الشدة في تربية المريدين فيأخذونهم بالمجاهدات العنيفة ومنها كثرة الصيام والسهر وكثرة الخلوة والاعتزال عن الناس وكثرة الذكر والفكر. وقد يسلك بعض المشايخ طريقة اللين في تربية المريدين فيأمرونهم بممارسة شيء من الصيام وقيام مقدار من الليل وكثرة الذكر، ولكن لا يلزمونهم بالخلوة والابتعاد عن الناس إلا قليلاً. ومن المشايخ من يتخذ طريقة وسطى بين الشدة واللين في تربية المريدين. وكل هذه الأساليب لا تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله، كما يقولون، بل هي من باب الاجتهاد. ولذلك يقولون: لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق.

وللطرق الصوفية شارات وبيارق وألوان يتميزون بها: فيتميز الرفاعية باللون الأسود. ويتميز القادرية باللون الأخضر. ويتميز الأحمدية باللون الأحمر. أما البرهانية فإنها لا تتميز بلون واحد كسائر الطرق بل تتميز بثلاث ألوان: الأبيض الذي تميز به إبراهيم الدسوقي، والأصفر الذي تميز به أبوالحسن الشاذلي ومنحه لابن أخته إبراهيم الدسوقي، والأخضر وهوكناية عن شرف الانتساب لأهل بيت رسول الإسلام محمد.

ومن أبرز الطرق الصوفية المنتشرة في العالم الإسلامي:

اسم الطريقة نسبتها تاريخ الوفاة أماكن الانتشار
الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر الجيلاني 561هـ سوريا والقوقاز وسنة العراق ومصر والبوسنة وآسيا الوسطى وشرق أفريقيا وجنوب اسيا والهند وباكستان والمغرب العربي والصين
الطريقة السعدية الشيخ سعد الدين الجباوي 575هـ بلاد الشام والانبار
الطريقة الرفاعية الشيخ أحمد بن علي الرفاعي 578هـ سوريا وسنة العراق ومصر وغرب آسيا والمغرب العربي والهند وباكستان
الطريقة الأحمدية أوالبدوية الشيخ أحمد البدوي 627هـ مصر وسوريا وغرب العراق والمغرب العربي والهند وباكستان
الطريقة السهروردية الشيخ شهاب الدين عمر السهروردي 632 هـ سنة العراق وكشمير وباكستان وافغانستان ومصر وكردستان
الطريقة الأكبرية الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ مصر وسوريا والمغرب العربي والاحساء
طريقة السادة آل باعلوي الشيخ محمد بن علي باعلوي 653هـ اليمن وأندونيسيا وشرق آسيا والحجاز
الطريقة الشاذلية الشيخ أبي الحسن الشاذلي 656هـ مصر والسودان والحجاز والمغرب العربي واليمن والجزائر وتونس وسوريا والأردن والهند وباكستان
الطريقة البرهانية الدسوقية الشيخ إبراهيم الدسوقي 676هـ مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا ودانمارك ولوكسمبرج وهولندا وروسيا والسويد وسويسرا والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة والكويت وباكستان ولبنان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا....
الطريقة القزلباشية الشيخ صفي الدين إسحاق الأردبيلي 730هـ أفغانستان واليونان وهجريا
الطريقة البكتاشية الشيخ محمد بن إبراهيم بكتاش 738هـ البانيا وشرق بلغاريا
الطريقة النقشبندية الشيخ محمد بهاء الدين شاه نقشبند 791هـ آسيا الوسطى وسوريا والقوقاز وسنة العراق وكردستان والحجاز وسنة إيران والبوسنة وباكستان
الطريقة العروسية الشيخ أحمد بن عروس 869هـ ليبيا وتونس
الطريقة العيساوية الشيخ محمد بن عيسى 933هـ الجزائر ليبيا تونس المغرب
الطريقة الخلوتية الشيخ محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي 986هـ مصر وهجريا وفلسطين والأردن والجزائر وليبيا
الطريقة السمانية الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان 1189هـ السودان والصومال واثيوبيا
الطريقة الفاضلية الشيخ محمد فاضل بن مامين 1211هـ موريتانيا والمغرب والسنيغال وأفريقيا
الكيفية التيجانية الشيخ أبوالعباس أحمد التيجاني 1230هـ الجزائر والمغرب وتونس والسنغال والنيجر ونيجيريا والحجاز والسودان
الطريقة الإدريسية الشيخ أحمد بن إدريس الفاسي 1253هـ السودان والصومال
الطريقة المولوية الشيخ جلال الدين الرومي 672هـ هجريا وحلب واسيا الوسطى وسنة العراق ومصر والبوسنة وتونس وغرب بيروت
الطريقة الختمية الشيخ محمد عثمان الميرغني الختم 1267هـ السودان وأريتريا وأثيوبيا والسنغال
الطريقة السنوسية الشيخ محمد بن علي السنوسي 1276هـ ليبيا وشمالي أفريقيا والسودان والصومال والحجاز وغرب الانبار
الطريقة الكسنزانية الشيخ عبد الكريم شاه الكسنزان 1317هـ سنة العراق وكردستان العراق
الطريقة العلاوية الشيخ أحمد مصطفى العلاوي 1353هـ الجزائر وتونس والمغرب والسنغال
الطريقة الجعفرية الشيخ صالح عمر الجعفري الحسيني إمام الأزهر 1399هـ المغرب والسنغال وغرب أفريقيا
الطريقة القادرية البودشيشية سيدي علي بن محمد الملقب بسيدي علي بودشيش المغرب
الطريقة النونية الرفاعية الشافعية الشيخ الحبيب نور الدين علي محمد حسن السليماني الهاشمي الأمير السعودية ومصر والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا
الطريقة الكركرية الشيخ محمد فوزي الكركري ما زال حي المغرب وفرنسا واندونيسيا وباكستان ومصر والسعودية والجزائر وتونس وليبيا والانبار والبرازيل والسودان وبريطانيا وإسبانيا وبلجيكا وأستراليا وكردستان وهجريا وامارات ولبنان

التصوف والجهاد

جهاد النفس هوأحد أدوات التصوف في صناعة الشخصية الإسلامية، ويسمونه «الجهاد الأكبر»، كما يسمون جهاد الأعداء بـ «الجهاد الأصغر»، وقد ظهر من الصوفية مجاهدون كثر عبر تاريخ المسلمين قديماً وحديثاً، وأكثر ماقد يكون ظهورهم في أوقات الإستعمار ونوازل الأمة الإسلامية.

التصوف وفهم الكلام

إذا نظرنا إلى طبيعة جميع من فهم الكلام والتصوف، فإننا نجد حتى طبيعة فهم الكلام نظرية، إذ يبحث في الأصول الاعتقادية كوجود الله تعالى ووحدانيته وإرساله الرسل واليوم الآخر، بينما طبيعة فهم التصوف عملية، فإذا بحثنا عن طبيعة التصوف فإننا يمكن حتى نستخلصها من تعريف التصوف، ونجد هناك عدة تعريفات للتصوف يمكن إيجازها فيما يلي:

  • اتجاه أخلاقي يربط التصوف بالسلوك والأخلاق فيقول البعض في تعريف التصوف: «الدخول في جميع خلق سني والخروج من جميع خلق دني» وأيضا «التصوف خلق، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاء».
  • اتجاه يربط بين التصوف والزهد والعبادة، وهذا الاتجاه يهتم بالوسيلة التي يتخذها المتصوف، ولقد عهد بين الصوفية الزهاد والنساك، يقول ابن خلدون: «إن أصل طريقة المتصوفة لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق في الخلوة للعبادة».
  • اتجاه ثالث يربط بين التصوف والفهم والمشاهدة ورؤية القلب وهويعبر عن الاتجاه الروحي، والتجربة النفسية التي يحياها المتصوف، فالصوفي: «من صفى ربه قلبه، فامتلأ قلبه نوراً، ومن ولج في عين اللذة بذكر الله».

وعلى هذا يتبين حتى طبيعة التصوف عملية تهتم بالأخلاق والسلوك، وبذلك تفترق عن المسلك النظري لفهم الكلام. وهناك فرق آخر بين الفهمين، يتعلق بالفهم والفهم وأداة الفهم البشرية، فلقد فرق معظم الصوفية بين الفهم والفهم، فالفهم تتطلب اتصالاً مباشراً، وهذا يعني حتى فهم الله فهم مباشرة، العارف هوالإنسان والمعروف هوالله، وهذه الفهم مباشرة دون واسطة إلا ذات المعروف نفسه وهوالله. أما لفظة الفهم فلا يصح حتى تكون مرادفة للفظ الفهم عند الصوفية لأن الفهم إنما يقوم على الحس أولاً، ثم يقوم على العقل ثانياً، فالمنهج في الفهم حسي تجريبي عقلي، والتصوف لا يعول على الحس ولا يركن إلى العقل، إنما الصوفية أرباب أحوال وأصحاب أذواق وأحاسيس من قبيل الوجدانيات التي لا تعهد بعقل أوشيء من قبيل العقل إنما هي فهم بالقلب، وهي لا تستمد من تجربة ولا مفهم ولا كتاب، وإنما فهم عن تجربة ذوقية باطنية، وفهم القلب الذي يعهد ويشاهد، لأنه هوالذي تذوق وهوالذي تحقق. والفهم بمعناه الصوفي الروحي يختلف عن فهم الظاهر مثل فهم الكلام والفقه والنحووغير ذلك من العلوم، إذ جميع ذلك من قبيل الدراسة، بينما عند الصوفية هوفهم، وليس فهماً يتدراس بين الخلق، ولا فهم تستمد عناصره من العالم الطبيعي المحسوس، إنما هوفهم أوعهدان. وعلى هذا يمكن القول بأن فهم الله عند الصوفية طريقها القلب، إذ حتى الإنسان لا يستطيع حتى ينال الفهم الإلهية بواسطة حواسه، لأن الله ليس شيئاً مادياً يمكن إدراكه بالحواس، كما لا يمكن إدراك ذات الله تعالى بالعقل أيضاً، لأن الله وجوده غير محدود، ولا يدخل في الفهم والتصور ولا يستطيع منطق العقل البشري حتى يتجاوز المحدود، فيذكر أبوبكر الكلاباذي قول الصوفية بأن السبيل فهم الله هوالله، وأن العقل مُحدث، ولا يشير المحدث إلا على مُحدث مثله.

ويوضح الغزالي طريق الصوفية في الفهم فيقول: «فافهم حتى ميل أهل التصوف إلى العلوم الإلهامية دون التعليمية فلذلك لم يحرصوا على دراسة الفهم وتحصيل ما صنفه المصنفون والبحث عن الأقاويل والأدلة المذكورة، بل نطقوا: الطريق تقديم المجاهدة ومحوالصفات المذمومة وبتر العلائق كلها والإقبال بكنه الهمة على الله تعالى، ومهما حصل ذلك كان الله هوالمتولى لقلب عبده والمتكفل له بتنويره بأنواه الفهم، وإذا تولى الله أمر القلب فاضت عليه الرحمة وأشرق النور في القلب، وانشرح الصدر وانكشف له سر الملكوت، وانقشع عن القلب حجاب الغرة بلطف الرحمة وتلألأت فيه حقائق الأمور الإلهية، فليس على العبد إلا بالاستعداد بالتصفية المجردة وإحضار الهمة مع الإرادة الصادقة والتعطش التام والترصد بدوام الانتظار لما يفتحه الله من الرحمة».

ومن هذا النص يمكننا حتى نستخلص سمة الفهم، من حيث إنها تتصل بالتجربة وبالسلوك الفهمي أكثر من اتصالها بالفكر والنظر إذ أنها تقوم على التجربة التي يخوضها الصوفي، ومعاناته لتلك التجربة، وهذا هوالدور الإيجابي للصوفي، ثم يحل عليه الفضل الإلهي ليريه الله ما شاء له حتى يريه، وهذا المنهج يعهد عند الصوفية منهج الكشف والإلهام وهومنهج ذوقي، وإدراك مباشر يختلف عن الإدراك الحسي المباشر، والإدراك العقلي المباشر، والكشف هوبيان ما يستتر على الفهم فيكشف عنه للعبد كأنه رأي عين. ويصفه الغزالي بأنه نور يقذفه الله في القلب، وهوسبيل الوصول إلى اليقين، فيقول مبيناً وصوله إلى اليقين بعد الشك: «ولم يكن ذلك بنظم مرشد وترتيب كلام، بل بنور يقذفه الله في الصدر، وذلك النور هومفتاح أكثر المعارف، فمن افترض حتى الكشف موقوف على الأدلة المجردة، فقد ضيق رحمة الله الواسعة». وهذا المنهج يقابل منهج النظر العقلي، الذي يقول به المتحدثون، وهوفي رأي الغزالي يعد أعلى مرتبة وأرقى مناهج الفهم، فهناك الإنسان العامي الذي يقوم منهجه في الفهم على التقليد، وهناك المتحدث الذي يقوم منهجه على الاستدلال العقلي، وهوفي رأي الغزالي قريب من منهج العوام، وهناك العارف الصوفي الذي منهجه المشاهدة بنور اليقين، وعلى هذا فالفهم الصوفية في تدرج أنواع الفهم تعد أعلاها، فهي تنطوي على فهم العوام والمتحدثين وتتجاوزها.

ويمكن القول بأن الصوفية يقولون بتدرج الفهم وفقاً لموضوعات الفهم، عملم الله سبحانه هي أعلى المعارف وهي تدرك عندهم بالقلب، أما دون ذلك من المعارف فإدراكه بالحس وبالعقل وبالسمع، في حين يرفض المتحدثون تلك الفهم الإلهامية لأنها ذاتية وليست موضوعية، وليست عامة مطلقة، وليست متيسرة لكل الناس، وعلى جميع فإن منهج الصوفية في الفهم وهوالإلهام لقاء لمنهج المتحدثين في الفهم وهوالنظر، ولقد عارض المتحدثون بشدة بعض أقوال الصوفية القائلين بالحلول والاتحاد. وعلى الرغم من تباين طبيعة فهم الكلام والتصوف، واختلاف أداة الفهم بينهما، إلا حتى ذلك لا يعني الانفصال التام بينهما، وذلك لاستناد التصوف على القرآن والسنة، وأنه لابد للصوفي الحقيقي من فهم تام بالكتاب والسنة السليمة لكي يصحح اعتقاداته، ويقول الإمام عبد الوهاب الشعراني في تعريفه لفهم التصوف أنه: «فهم انقدح في قلوب الأولياء حين استنارت بالعمل بالكتاب والسنة، والتصوف إنما هوزبدة عمل العبد بأحكام الشريعة». وفهم الكلام هوالفهم الذي يبحث في أمور العقائد ويعتمد على الكتاب والسنة. ونجد لدى الصوفية كما يذكر عنهم أبوبكر الكلاباذي في كتابه «التعهد لممضى أهل التصوف» أقوال في موضوعات فهم الكلام، فيذكر قولهم في التوحيد والصفات والقدر وغير ذلك من الموضوعات التي خاص فيها المتحدثون، وطريقتهم في ذلك تجري في الغالب على طريقة متحدثي أهل السنة من ماتريدية وأشاعرة.

اتباعهم للقرآن والسنة

يرى أئمة التصوف أنهم متبعين للكتاب والسنة، وأن فهمهم هذا كباقي العلوم الإسلامية من الفقه والعقيدة مستمد من الكتاب والسنة، دل على اعتقادهم بذلك أقوالهم، والتي منها:

  • قول الجنيد: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام». ونطق أيضا: «من لم يحفظ القرآن، ولم يخط الحديث، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن فهمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة».
  • قول سهل التستري: «أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسوله، وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق».
  • قول أبوالحسن الشاذلي: «إِذا عارض كشفُك السليم الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام».
  • قول أبوالحسين الوراق: «لا يصل العبد إِلى الله إِلا بالله، وبموافقة حبيبه في شرائعه، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد».
  • قول عبد الوهاب الشعراني: «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير المضى والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في جميع حركة وسكون».
  • قول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فنطق: «هوالذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة، وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى: لبيك اللهم لبيك».

ويستدلون أيضا على صحة توجههم بمواقف أئمة المذاهب السنية الأربعة الداعية إلى التصوف بمعناه السليم. أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الإسلام محمد.

مصطلحات الصوفية

متصوفون أتراك مولويون يؤدون حركاتهم التقليدية أمام ضريح المولى جلال الدين الرومي في قونية

إِن لكل فهم من العلوم كالفقه والحديث والمنطق والنحووالهندسة والفلسفة اصطلاحات خاصة به، لا يفهمها إِلا أصحاب ذلك الفهم، ومن قرأ خط فهم من العلوم دون حتى يعهد اصطلاحاته، أويطلع على رموزه وإِشاراته، فإِنه يؤول الكلام تأويلات شتى مغايرة لما يقصده الفهماء، ومناقضة لما يريده المحررون فيتيه ويضل.

وللصوفية اصطلاحاتهم التي قامت بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك. فبسبب ذلك دعى الصوفية من يريد الفهم عنهم إلى صحبتهم حتى تتضح لهم عباراتهم، ويتعهدوا على إِشاراتهم ومصطلحاتهم. نطق بعض الصوفية: «نحن قوم يحرم النظر في خطنا على من لم يكن من أهل طريقنا». ونطق عبد الوهاب الشعراني: سمعت سيدي عليًا الخواص يقول: «إِياك حتى تعتقد يا أخي إِذا طالعت خط القوم، وعهدت مصطلحهم في ألفاظهم أنك صرت صوفيًا، إِنما التصوف التخلق بأخلاقهم، وفهم طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلَّوْا بها من الكتاب والسنة».

وإِن كلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم ولا يعهد اصطلاحاتهم من قراءة خطهم ليس من قبيل كتم الفهم، ولكن خوفاً من حتى يفهم الناس من خطهم غير ما يقصدون، وخشية حتى يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإِنكار والاعتراض، شأن من يجهل فهماً من العلوم. لأن المطلوب من المؤمن حتى يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام وما يتفق مع مستواهم في الفهم والفهم والاستعداد. فمن هذه المصطلحات.:

  • الأنس: نطق الجنيد: هوازدياد الحشمة مع وجود الهيبة.
  • الاتصال: وهوحتى ينفصل العبد بسره عما سوى الله، فلا يَرَى بسره - بمعنى التعظيم - غيرَه، ولا يسمع إلا منه.
  • التجريد: وهوحتى يتجرد العبد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض.
  • الوجد: هوما صادف القلب من فزع، أوغم، أورؤية معنى من أحوال الآخرة، أوكشف حالة بين العبد وبين الله.
  • التواجد: هوظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوي حاله تمكن فسكن.
  • الغيبة: حتى يغيب عن حظوظ نفسه فلا يراها، وهي قائمة معه، موجودة فيه، غير أنه غائب عنها بشهود ما للحق.
  • الجمع: جمع الهمة: وهوحتى تكون الهموم كلها هما واحدا وهوالله.

المنهج العملي في التصوف

يرى الصوفية أنهم لا يكتفون بأن يوضحوا للناس أحكام الشرع وآدابه بمجرد الكلام النظري، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يأخذون بيد تلميذهم ويسيرون به في مدارج الترقي، ويرافقونه في جميع مراحل سيره إلى الله، يحيطونه برعايتهم وعنايتهم، ويوجهونه بحالهم وقولهم، يذكرونه إذا نسي، ويقوِّمونه إذا انحرف، ويتفقدونه إذا غاب، وينشطونه إذا فتر. إلى غير ذلك يرسمون له المنهج العملي الذي يمكنه به حتى يتحقق بأركان الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. ومن أبرز الطرق العملية التي يطبقها رجال التصوف للوصول إلى رضا الله ومعهدته:

الفهم

يعتقد الصوفية حتى الفهم والعمل توأمان لا ينفكان عن بعضهما، والسالك في طريق الإيمان والتعهد على الله والوصول إلى رضاه لا يستغني عن الفهم في أية فترة من مراحل سلوكه. ففي ابتداء سيره لا بد له من فهم العقائد وتسليم العبادات واستقامة المعاملات، وفي أثناء سلوكه لا يستغني عن فهم أحوال القلب وحسن الأخلاق وتزكية النفس. ولهذا اعتُبِرَ اكتساب الفهم الضروري من أبرز النقاط الأساسية في المنهج العملي للتصوف، إذ يرى الصوفية حتى التصوف ليس إلا التطبيق العملي للإسلام كاملاً غير منقوص في جميع جوانبه الظاهرة والباطنة.

الصحبة

يعتقد الصوفية حتى للصحبة أثراً عميقاً في شخصية المرء وأخلاقه وسلوكه، وأن الصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثر الروحي والاقتداء العملي. وأن الصحابة ما نالوا هذا المقام السامي والدرجة الرفيعة إلا بمصاحبتهم لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ومجالستهم له. وأن التابعون أحرزوا هذا الشرف باجتماعهم بالصحابة.

وبما حتى الصوفية وباقي المسلمين يؤمنون بأن رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عامة خالدة إلى قيام الساعة، فإن الصوفية يرون حتى لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) ورّاثاً من الفهماء العارفين بالله، ورثوا عن نبيهم الفهم والخُلق والإيمان والتقوى، فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله، فمَنْ جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الإسلام محمد(صلى الله عليه وسلم)، ومَنْ نصرهم فقد نصر الدين، ومن ربط حبله بحبالهم فقد اتصل بالرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) حسب اعتقادهم. ويرون حتى هؤلاء الوراث هم الذين ينقلون للناس الدين، مُمَثَّلاً في سلوكهم، حيَّاً في أحوالهم، واضحاً في حركاتهم وسكناتهم، هم من الذين عناهم الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) بقوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».. ويعتقدون حتى أمثال هؤلاء الوراث لا ينبتر أثرهم على مر الزمان، ولا يخلومنهم بلد، وأن صحبتهم دواء مجرب، والبعد عنهم سم قاتل، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؛ مرافقتهم هي العلاج العملي الفعَّال لإصلاح النفوس، وتهذيب الأخلاق، وغرس العقيدة، ورسوخ الإيمان.

ويستدلون على أهمية الصحبة بآيات من القرآن، منها:

  • {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكُونوا معَ الصادقين .
  • {واصبر نفسك مع الذينَ يدعون ربَّهم بالغداةِ والعشيِّ يُريدونَ وجهَهُ ولا تَعْدُ عيناك عنهُم تُريد زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطِعْ مَنْ أغفلنا قلبَه عن ذكرنا واتَّبَعَ هواهُ وكان أمرُه فُرُطاً .
  • {واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ .
  • {الرحمنُ فاسألْ به خبيراً .
  • {من يهد الله فهوالمهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .

ويقول أئمة التصوف في أهمية صحبة الشيوخ المرشدين:

  • نطق أبوحامد الغزالي : «مما يجب في حق سالكِ طريق الحق حتىقد يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق، ويحمل عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة».
  • نطق ابن عطاء الله السكندري : «وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، حتى يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر».
  • نطق أحمد زروق : «أخذ الفهم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم (بل هوآياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا الفهمَ)، (واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ)، فلزمت المشيخة».

مجاهدة النفس

يعرّف الصوفية مجاهدة النفس على أنها: «بذل الوسع في حمل النفس على خلاف هواها ومرادها المذموم، وإلزامها تطبيق شرع الله أمراً ونهياً». ويقولون أنه ليس المراد من مجاهدة النفس استئصال صفاتها؛ بل المراد تصعيدها من سيء إلى حسن، وتسييرها على مراد الله وابتغاء سقماته.

ويستدل الصوفية على المجاهدة بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، منها:

  • في القرآن: {والذينَ جاهَدوا فينا لنَهديَنَّهم سُبُلَنا .
  • في السنة النبوية: «المجاهدُ مَنْ جاهد نفسَهُ في الله».

ومن أقوال أئمتهم في الحث على مجاهدة النفس:

  • نطق أبوعثمان المغربي: «من افترض أنه يُفتح له بهده الطريقة أويكشف له عن شيء منها لا بلزوم المجاهدة فهوفي غلط».
  • نطق زكريا الأنصاري : «إنَّ نجاة النفس أنْ يخالف العبدُ هواها، ويحملَها على ما طلب منها ربُّها».
  • نطق أحمد بن عجيبة: «لا بد للمريد في أول دخوله الطريق من مجاهدة ومكابدة وصدق وتصديق، وهي مُظهِر ومجلاة للنهايات، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادَّاً في طلب الحق باذلاً نفسه وفلسه وروحه وعزه وجاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية ؛ فهمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، وإذا رأيناه مقصِّراً فهمنا قصوره عما هنالك».

واعترض أقوام على رجال التصوف واتهموهم بأنهم يُحَرِّمون ما أحل الله من أنواع اللذائذ والمتع، وقد نطق الله: (قٌلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله التي أخرجَ لعبادِهِ والطيبات من الرزق...) [الأعراف: 32]. ولكن رجال التصوف ردوا عليهم بقولهم أنهم لم يجعلوا الحلالَ حراماً، إذْ أسمى مقاصدهم هوالتقيد بشرع الله، ولكنهم حين عهدوا حتى تزكية النفس فرضُ عين، وأن للنفس أخلاقاً سيئة وتعلقات شهوانية، توصِل صاحبها إلى الردى، وتعيقه عن الترقي في مدراج الكمال، وجدوا لزاماً عليهم حتى يهذبوا نفوسهم ويحرروها من سجن الهوى.

وبهذا المعنى يقول الصوفي الحكيم الترمذي رداً على هذه النقطة، وجواباً لمن احتج بالآية القرآنية: (قُلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله) : «فهذا الاحتجاج تعنيف، ومن القول تحريف لأنَّا لم نُرِدْ بهذا، التحريمَ، ولكنا أردنا تأديب النفس حتى تأخذ الأدب وتفهم كيف من الممكن أن ينبغي حتى تعمل في ذلك، ألا ترى إلى قوله جل وعلا: {إنّما حرّم ربيَ الفواحشَ ما ظهر منها وما بطنَ والإثمَ والبَغيَ بغيرِ الحقِّ [الأعراف: 33]. فالبغيُ في الشيء الحلال حرامٌ، والفخرُ حرام، والمباهاةُ حرام، والرياء حرام، والسرف حرام، فإنما أُوتِيَتِ النفسُ هذا المنعَ من أجل أنها مالت إلى هذه الأمور بقلبها، حتى فسد القلب. فلما رأيتُ النفس تتناول زينة الله والطيبات من الرزق ترغب بذلك تغنياً أومباهاة أورياء فهمتُ أنها خلطت حراماً بحلال فضيَّعَتِ الشكرَ، وإنما رُزِقَتْ لتشكُرَ لا لِتكْفرَ، فلما رأيتُ سوء أدبها منعتُها، حتى إذا ذلَّت وانقمعت، ورآني ربي مجاهداً في ذاته حق جهاده، هداني سبيله كما وعد الله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المحسنين [العنكبوت: 69] فصرتُ عنده بالمجاهدة محسناً فكان الله معي، ومن كان مع الله فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، وقذفَ في القلب من النور نوراً عاجلاً في دار الدنيا حتى يوصله إلى ثواب الآجل».

ذكر الله

مسبحة، يستعملها الصوفيون لأورادهم وأذكارهم

يعرّف الإمام ابن عطاء الله السكندري الذكر على أنه: هوالتخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أوترديد صفة من صفاته، أوحكم من أحكامه، أوعمل من أفعاله، أوغير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله.

ويعتقد الصوفية حتى الذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وحدثا عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها. وهوأصل جميع مقام وقاعدته التي يبني عليها، كما يُبنى الحائط على أساسه، وكما يقوم السقف على جداره.

حث أئمة التصوف على الذكر كثيرا، فنطق الإمام أبوالقاسم القشيري : الذكر منشور الولاية، ومنار الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر. ونطق أيضاً: الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هوالعمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر.

ويجعل الصوفية للذكر أنواع، ولكل منها أدلة عندهم من الكتاب والسنة يجيزونها بها، ولكل منها فوائد تعود على السالك إلى الله بما يناسب حاله، فيذكرون:

  • ذكر السرّ، وذكر الجهر.
  • الذكر الفردي، والذكر الجماعي.
  • الذكر باللسان، والذكر بالقلب.

الخلوة

يعهد الصوفية الخلوة على أنها: انقطاع عن البشر لفترة محدودة، وهجر للأعمال الدنيوية لمدة يسيرة، كي يتفرغ القلب من هموم الحياة التي لا تنتهي، ويستريح الفكر من المشاغل اليومية التي لا تنبتر، ثم ذكرٌ لله بقلب حاضر خاشع، وتفكرٌ في آلائه آناء الليل وأطراف النهار، وذلك بإرشاد شيخ عارف بالله، يُعلِّمه إذا جهل، ويذكِّره إذا غفل، وينشطه إذا فتر، ويساعده على دفع الوساوس وهواجس النفس.

أما عن دليلها الذي يستدلون به من الكتاب والسنة، عديدة، منها:

  • إلآية القرآنية الكريمة: (واذكرِ اسم ربِّكَ وتَبَتَّلْ إليه تبتيلاً) [المزمل: 8]. وقد نطق العلامة أبوالسعود مفسراً لهذه الآية: ودُم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان؛ من التسبيح والتهليل والتحميد... إلى حتى نطق: وانبترَ إليه بمجامع الهمة واستغراق العزيمة في مراقبته، وحيث لم يكن ذلك إلا بتجريد نفسه عليه الصلاة والسلام عن العوائق الصادرة المانعة عن مراقبة الله، وبتر العلائق عما سواه.
  • حديث عن عائشة أنها نطقت: «أولُ ما بُدِئَ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا اتىت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلوبغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه - وهوالتعبد - الليالي ذوات العدد، قبل حتى ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى اتىه الحق، وهوفي غار حراء». وقد نطق ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: «في الحديث مرشد على حتى الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دينه، لأن النبي لما اعتزل عن الناس وخلا بنفسه، أتاه هذا الخير العظيم، وكل أحد امتثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم له من مقامات الولاية. وفيه مرشد على حتى الأوْلى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، لأن النبي كان في أول أمره يخلوبنفسه». ونطق القسطلاني في شرحه لحديث عائشة المذكور: «وفيه تنبيه على فضل العزلة لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا، وتفرغه لله تعالى، فتنفجر منه ينابيع الحكمة. والخلوة حتى يخلوعن غيره، بل وعن نفسه بربه، وعند ذلك يصير خليقاً بأنقد يكون نطقبه ممراً لواردات علوم الغيب، وقلبه مقراً لها».

ويذكر الإمام الغزالي طريقة الخلوة ومراحلها ومقاماتها، فيقول: «أن الشيخ يُلزِم المريد زاوية ينفرد بها، ويوكل به من يقوم له بقدر يسير من القوت الحلال - فإنَّ أصل الدين القوت الحلال - وعند ذلك يلقنه ذكراً من الأذكار، حتى يشغل به لسانه وقلبه، فيجلس ويقول مثلاً: الله، الله، أوسبحان الله، سبحان الله، أوما يراه الشيخ من الحدثات، فلا يزال يواظب عليه، حتى يسقط الأثر عن اللسان، وتبقى صورة اللفظ في القلب، ثم لا يزال كذلك حتى تُمحى من القلب حروف اللفظ وصورته، وتبقى حقيقة معناه لازمة للقلب، حاضرة معه، غالبة عليه، قد فرغ عن جميع ما سواه، لأن القلب إذا اشتغل بشيء خلا عن غيره - أيَّ شيء كان - فإذا اشتغل بذكر الله وهوالمقصود، خلا لا محالة من غيره. وعند ذلك يلزمه حتى يراقب وساوس القلب، والخواطر التي تتعلق بالدنيا، وما يتذكر فيه مما قد مضى من أحواله وأحوال غيره، فإنه مهما اشتغل بشيء منه - ولوفي لحظة - خلا قلبه عن الذكر في تلك اللحظة، وكان أيضاً نقصاناً. فليجتهد في دفع ذلك، ومهما دفع الوساوس كلها، وردَّ النفس إلى هذه الحدثة، اتىته الوساوس من هذه الحدثة، وإنها ما هي،يا ترى؟ وما معنى قولنا: الله،يا ترى؟ ولأي معنى كان إلهاً، وكان معبوداً،يا ترى؟ ويعتريه عند ذلك خواطر تفتح عليه باب الفكر، وربما يَرِدُ عليه من وساوس الشيطان ما كفر وبدعة، ومهما كان كارهاً لذلك، ومُتَشمِّراً لإماطته عن القلب لم يضره ذلك».

ويجعل الصوفية للخلوة نوعين، هما:

  • خلوةٌ عامة: ينفرد بها المؤمن ليتفرغ لذكر الله بأية صيغة كانت، أولتلاوة القرآن، أومحاسبة نفسه، أوليتفكر في خلق السموت والأرض.
  • خلوةٌ خاصة: يقصد منها الوصول إلى مراتب الإحسان والتحقق بمدارج الفهم، وهذه لا تكون إلا بإشراف مرشدٍ مأذون، يُلَقِّنُ المريد ذكراً معيناً، ويكون على صلة دائمة به ليزيل عنه الشكوك ويدفعه إلى آفاق الفهم، ويحمل عنه الحجب والأوهام والوساوس، وينقله من الكون إلى المُكَوِّن.

العقيدة التي يتبنّاها الصوفية

موكب أحد الطرق الصوفية في القاهرة سنة 1870

يعلن المتصوفة حاليا بمعظمهم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كممضى عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة، بل وتبناها جمهور فهماء أهل السنة والجماعة من الإمام النووي، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، وغيرهم الكثير. فبالتالي فإن خط المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواء كانت أشعرية أوماتريدية. وذلك بالرغم أنهم يتبنون خط ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود، لكن المتصوفة يقولون حتى هذه الخط ليست في متناول العوام (والعوام في نظر المتصوفة هوجميع من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها) ،وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الخط والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي. ويرى الشيخ المسافر حتى ابن عربي والسهروردي وابن سبعين، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية، وان كثيرا من خطهم فلسفية بامتياز، وإن لم تسم بذلك. ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين اسسوا اطروحاتهم الفلسفية أوضمنوها أجزاء من إنتاج المشايخ الأولياء الثلاثة، أوكما يطلق عليهم البعض «الفلاسفة العظام الثلاثة».

  • نطق أبوالقاسم القشيري في رسالته المشهورة بالرسالة القشيرية عند ذكر عقيدة الصوفية ما نصه: «وهذه فصول تشتمل على بيان عقائدهم في مسائل التوحيد ذكرناها على وجه الترتيب. نطق شيوخ هذه الطريقة على ما يشير عليه متفرقات كلامهم ومجموعاتها ومصنفاتهم في التوحيد: إذا الحق سبحانه وتعالى موجود قديم لا يشبهه شيء من المخلوقات، ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، ولا صفاته أعراض، ولا يتصور في الأوهام، ولا يتقدر في العقول، ولا له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقت وزمان.»
  • ونطق الشيخ أبوبكر الكلاباذي الحنفي في كتابه التعهد لممضى أهل التصوف: «اجتمعت الصوفية على حتى الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان.»

عقيدة الصوفية في الأولياء

الولي عندهم هو: عبد لله، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده، وهوعبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر، هودون الأنبياء في المرتبة والمنزلة، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ، إلا من عصمه الله. ويستشهدون بالآية القرآنية: (ألا إذا أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون) فالمتقون هم أولياء الله. وقد ورد تحذير في أحاديث النبي محمد، وذلك كما في الحديث القدسي: من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب.

مراتب الأولياء

جعل الصوفيةُ الأولياءَ على مراتب، وذلك بحسب اجتهادهم في دقائق التقوى -وبحسب ما يعتبرونه توفيقًا من الله لهم-، وبذلك تفاوتت مراتبهم في مقامات الولاية، فليس جميع المتقين على درجة واحدة. أما من حيث الدرجات، فيجعلون المراتب من الأفضل إلى الأدنى كالتالي:

  • القطب الغوث، الذي به يغاث عباد الله وبواسطته تنزل الرحمة، اشتهر منهم أربعة: الإمام عبد القادر الجيلاني، والإمام أحمد الرفاعي والإمام أحمد البدوي والإمام إبراهيم الدسوقي.
  • ثم الإمامان، وهما كالوزيرين له.
  • ثم الأربعة الأوتاد الحافظون لجهات الأرض.
  • ثم السبعة النجباء والحافظون للأنطقيم السبعة.-
  • ثم الأربعون الأبدال الساعون في قضاء حوائج المسلمين، وهم في الشام. وقد ورد فيهم أحاديث مختلف في صحتها منها قول النبي محمد: «الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً حدثا توفي رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يُسقَى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب»
  • ثم التسعة والتسعون الذين هومظاهر أسماء الله.
  • ثم الثلاثمائة والتسعون الأولياء الصالحون من المؤمنين.

وأهل المراتب لا بد من وجودهم في زمان إلى نزول عيسى بن مريم.

كرامات الأولياء

الكرامة هي أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة، يظهرها الله على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم. وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء، وكلام البهائم، وطي الأرض، وظهور الشيء في غير موضعه ووقته.

  • ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن، منها:
    • سيرة الذي عنده فهم من الكتاب في الآية القرآنية: (أنا آتيك به قبل حتى يرتد إليك طرفك).
    • سيرة مريم بنت عمران حين نطق لها النبي زكريا: (أنى لك هذا،يا ترى؟ نطقت: هومن عند الله).
  • ومن أحاديث النبي محمد: «أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما».
  • ومن قصص سقطت للصحابة: سيرة الصحابي عمر بن الخطاب: عن ابن عمر نطق: وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي: يا سارية الجبل!! ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر، فنطق: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله. نطق: فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا إلى غير ذلك..

الصوفية يعتبرون حتى أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. نطق أبوالقاسم القشيري : وافهم حتى من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات.

والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض سليم ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهومذموم، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب. نطق الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى حتى الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أوجلب مصلحة، لأن الله هوالفاعل عندهم، لا هُمْ، هذا مشهدهم، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك العمل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أودجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم، وإِذا عاد الأمر إِلى القدرة فلا تعجب.

كما حتى الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره. نطق الإِمام اليافعي : لا يلزم حتىقد يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من جميع من ليس له كرامة منهم، بل قد يحدث بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين، وكمال الفهم بالله.

ويعتبر الصوفية حتى عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته. نطق الإِمام القشيري : لولم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا، لم يقدح عدمها في كونه ولياً.

هل يجوز للولي حتى يعهد أنه ولي

اختلف الصوفية في الولي: هل يجوز حتى يعهد أنه ولي أم لا،يا ترى؟ على قولين. :

  • فنطق بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن فهم ذلك تزيل عنه خوف العاقبة، وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن، وفي وجوب الأمن زوال العبودية؛ لأن العبد بين الخوف والراتى.
  • ونطق الأجلة منهم والكبار: يجوز حتى يعهد الولي ولايته؛ لأنها كرامة من الله للعبد، والكرامات والنعم يجوز حتى يفهم ذلك فيقتضي زيادة الشكر. ويستدل هؤلاء بأن النبي محمد قد أبلغ أصحابه بأنهم من أهل الجنة، وشهد للعشرة بالجنة، وشهادة النبي توجب سكونا إليها، وطمأنينة بها، وتصديقا لها. ومع ذلك فقد أبلغهم النبي بذلك.

الشريعة والطريقة والحقيقة

يقسّم الصوفية الدين إلى ثلاثة أركان رئيسية: هي الشريعة، والطريقة، والحقيقة - حيث يعتبره السلفيون أنه تقسيم بدعة في دين الإسلام، ولم يرد في صحته أي أدلة -. ويستدل الصوفية على صحة هذا التقسيم ما ورد بحديث نبي الإسلام محمد الذي اشتهر باسم حديث جبريل وهومروي عن الصحابي عمر بن الخطاب، يقول:

بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعهده منا أحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه ونطق: يا محمد أبلغني عن الإسلام. نطق : الإسلام حتى تشهد حتى لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إذا استطعت إليه سبيلا. نطق: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. نطق: فأبلغني عن الإيمان نطق :أن تؤمن بالله وملائكته وخطه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. نطق: صدقت. نطق: فأبلغني عن الإحسان نطق: حتى تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.نطق: فأبلغني عن الساعة نطق: مالمسؤول عنها بأفهم من السائل نطق: فأبلغني عن أماراتها نطق: حتى تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاه يتطاولون في البنيان. ثم انطلق. فلبث مليا ثم نطق: ياعمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أفهم نطق: فإنه جبريل آتاكم يفهمكم دينكم.

فالحديث يذكر أقسام الدين كما يقولون، وهي:

  • ركن الإِسلام: وهوالجانب العملي؛ من عبادات ومعاملات وأُمور تعبدية، ومحله الأعضاء الظاهرة الجسمانية. وقد اصطلح الفهماء على تسميته بالشريعة، واختص بدراسته الفقهاء.
  • ركن الإِيمان: وهوالجانب الاعتقادي القلبي؛ من إِيمان بالله، وملائكته، وخطه، ورسله، واليوم الآخر، والقضاء والقدر. وقد اختص بدراسته فهماء التوحيد.
  • ركن الإِحسان: وهوالجانب الروحي القلبي؛ وهوحتى تعبد الله كأنك تراه، فإِن لم تكن تراه فإِنه يراك، وما ينتج عن ذلك من أحوال وأذواق وجدانية، ومقامات عهدانية، وعلوم وهبية، وقد اصطلح الفهماء على تسميته بالحقيقة، واختص ببحثه الصوفية.

وللوصول إِلى هذا المقام، والإِيمان الكامل، لابد من سلوك الطريقة، وهي مجاهدة النفس، وتصعيد صفاتها الناسيرة إِلى صفات كاملة، والترقي في مقامات الكمال بصحبة المرشدين، فهي الجسر الموصل من الشريعة إِلى الحقيقة. نطق السيد في تعريفاته: «الطريقة هي السيرة المختصة بالسالكين إِلى الله، من بتر المنازل والترقي في المقامات».

ولتوضيح الصلة بين الشريعة والحقيقة يضربون لذلك مثلاً الصلاة، فالإِتيان بحركاتها وأعمالها الظاهرة، والتزام أركانها وشروطها، وغير ذلك مما ذكره فهماء الفقه، يمثل جانب الشريعة، وهوجسد الصلاة. وحضور القلب مع الله في الصلاة يمثل جانب الحقيقة، وهوروح الصلاة. فأعمال الصلاة البدنية هي جسدها، والخشوع روحها. وما فائدة الجسد بلا روح؟! وكما حتى الروح بحاجة إِلى جسد تقوم فيه، فكذلك الجسد يحتاج إِلى روح يقوم بها، ويستدلون على ذلك بالآية القرآنية: (أقيمُوا الصلاةَ وآتوا الزكاةَ) ولا تكون الإِقامة إِلا بجسد وروح، ولذا لم يقل: أوجدوا الصلاة.

فالشريعة عندهم هي الأساس، والطريقة هي الوسيلة، والحقيقة هي الثمرة، وهذه الأمور الثلاثة متكاملة منسجمة، فَمَنْ تمسَّك بالأولى منها سلك الثانية فوصل إِلى الثالثة، وليس بينها تعارض ولا تناقض، ولذلك يقول الصوفية في قواعدهم المشهورة: (كل حقيقة خالفت الشريعة فهي زندقة).

ويقول الشيخ أحمد زروق: لا تصوف إِلا بفقه، إِذ لا تعهد أحكام الله الظاهرة إِلا منه. ولا فقه إِلا بتصوف، إِذ لا عمل إِلا بصدق وتوجه لله تعالى. ولا هما (التصوف والفقه) إِلا بإِيمان، إِذ لا يصح واحد منهما دونه. فلزم الجميع لتلازمها في الحكم، كتلازم الأجسام للأرواح، ولا وجود لها إِلا فيها، كما لا حياة لها إِلا بها، فافهم.

ويقول الإِمام مالك بن أنس: مَنْ تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن جمع بينهما فقد تحقق.

ويقولون أنه كما حفظ فهماء الظاهر حدود الشريعة، كذلك حفظ فهماء التصوف آدابها وروحها، وكما أبيح لفهماء الظاهر الاجتهاد في استنباط الأدلة واستخراج الحدود والفروع، والحكم بالتحليل والتحريم على ما لم يَرِدْ فيه نص، فكذلك لفهماء الصوفية حتى يستنبطوا آداباً ومناهج لتربية المريدين وتهذيب السالكين.

وحدة الوجود والحلول والاتحاد

إِن من أبرز ما ينتقد به المعارضون للصوفية اتهامهم بأنهم يقولون بالحلول والاتحاد، بمعنى حتى الله قد حلَّ في جميع أجزاء الكون؛ في البحار والجبال والصخور والأشجار والإِنسان والحيوان، أوبمعنى حتى المخلوق عين تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. ويرى الصوفية أنه لاشك حتى هذا القول كفر صريح يخالف عقائد الأمة الإسلامية. فالصوفية ينفون هذه التهمة عن أنفسهم جملة وتفصيلا، ويحذرون من حتى يرميهم أحد بهذه العقيدة الكفرية جزافاً دون تمحيص أوتثبت، ومن غير حتى يفهم مرادهم، ويطلع على عقائدهم الحقة التي ذكروها صريحة واضحة في أُمهات خطهم، كالفتوحات المكية للشيخ الكبير محي الدين ابن عربي ، وإحياء علوم الدين للامام أبوحامد الغزالي ، والرسالة القشيرية للامام ابي القاسم القشيري الشافعي والمثنوي لجلال الدين الرومي وغيرها .

صريح أقوالهم في رفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد

صرح أئمة الصوفية في خطهم برفضهم لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتحاد بالمعنى السابق ذكره، والتي منها:

  • يقول الشعراني : ولعمري إِذا كان عُبَّاد الأوثان لم يتجرؤوا على حتى يجعلوا آلهتهم عين الله؛ بل نطقوا: ما نعبدهم إِلا ليقربونا إِلى الله زلفى، فكيف يُظَن بأولياء الله أنهم يدَّعون الاتحاد بالحق على حدٌّ ما تتعقله العقول الضعيفة؟! هذا كالمحال في حقهم م، إِذ ما مِن وليٌّ إِلا وهويفهم حتى حقيقته تعالى مخالفة لسائر الحقائق، وأنها خارجة عن جميع معلومات الخلائق، لأن الله بكل شيء محيط.
  • نطق الشيخ محي الدين بن عربي في عقيدته الوسطى: افهم حتى الله واحد بالإِجماع، ومقام الواحد يتعالى حتى يحل فيه شيء، أويحل هوفي شيء، أويتحد في شيء.
  • ونطق في باب الأسرار: لا يجوز لعارف حتى يقول: أنا الله، ولوبلغ أقصى درجات القرب، وحاشا العارف من هذا القول حاشاه، إِنما يقول: أنا العبد الذليل في المسير والمقيل.
  • ونطق في باب الأسرار: من نطق بالحلول فهومعلول، فإِن القول بالحلول سقم لا يزول، وما نطق بالاتحاد إِلا أهل الإِلحاد، كما حتى القائل بالحلول من أهل الجهل والفضول.
  • ونطق أيضاً في الباب الثاني والتسعين ومائتين: من أعظم مرشد على نفي الحلول والاتحاد الذي يتوهمه بعضهم، حتى تفهم عقلاً حتى القمر ليس فيه من نور الشمس شيء، وأن الشمس ما انتقلت إِليه بذاتها، وإِنما كان القمر محلاً لها، فكذلك العبد ليس فيه من خالقه شيء ولا حل فيه.
  • نطق صاحب كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد: حدثني الشيخ كمال الدين المراغي نطق: اجتمعتُ، بالشيخ أبي العباس المرسي - تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي - وفاوضْته في هؤلاء الاتحادية، فوجدته شديد الإِنكار عليهم، والنهي عن طريقهم، ونطق: أتكون الصنعة هي عين الصانع؟!.
  • نطق أبوحامد الغزالي: وأما القسم الرابع وهوالاتحاد فذلك أيضا أظهر بطلانا لأن قول القائل إذا العبد صار هوالرب كلام متناقض في نفسه، بل ينبغي حتى ينزه الرب سبحانه وتعالى عن حتى يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحالات...فالاتحاد بين شيئين مطلقا محال...فأصل الاتحاد إذا باطل... وأما القسم الخامس وهوالحلول فذلك يتصور حتى ينطق حتى الرب تبارك وتعالى حل في العبد أوالعبد حل في الرب، تعالى رب الأرباب عن قول الظالمين.
  • نطق الإمام أحمد بن عجيبة في تفسيره البحر المديد: وافهم حتى ذات الحق ـ جلّ جلاله ـ عمّت الوجود، فليست محصورة في مكان ولا زمان، { فأينما تُولوا فَثَمّ وجه الله ، فأسرار ذاته ـ تعالى ـ سارية في جميع شيء، قائمة بكل شيء، كما تقدّم، فهوموجود في جميع شيء، لا يخلومنه شيء، أسرار المعاني قائمة بالأواني، وإنما خصّ الحق ـ تعالى ـ السماء بالذكر؛ لأنها مرتفعة معظّمة، فناسب ذكر العظيم فيها، وعلى هذا تُحمل الأحاديث والآيات الواردة على هذا المنوال. وليس هنا حلول ولا اتحاد؛ إذ ليس في الوجود إلاّ تجليات الحق ومظاهر ذاته وصفاته، كان الله ولا شيء معه، وهوالآن على ما كان عليه، فما مثال الكون إلا كجبريل حين يتطوّر على صورة دحية، غير أنَّ رداء الكبرياء منشور على وجه ذاته وأسرار معانيه، وهوما ظهر من حسن الكائنات، وما تلوّنت به الخمرة من أوصاف العبودية. ولا يفهم هذا إلاَّ أهل الذوق السليم. وبالله التوفيق.

تأويلهم لأقوال أوهمت وحدة الوجود أوالحلول أوالاتحاد

وأما ما ورد من كلام الصوفية في خطهم مما يفيد ظاهره الحلول والاتحاد، فيقولون أنه إما مدسوس عليهم، بدليل ما تجاوز من صريح كلامهم في نفي هذه العقيدة . وإِما أنهم لم يقصدوا به القول بهذه الفكرة والنحلة ، ولكن بعض منتقديهم حملوا المتشابه من كلامهم على هذا الفهم ، ورموهم بالزندقة والكفر. أما غيرهم فقد فهموا كلامهم على معناه الموافق لعقيدة أهل السنة والجماعة، وأدركوا تأويله بما يناسب ما عهد عن الصوفية.

  • نطق جلال الدين السيوطي : وافهم أنه سقط في تعبير بعض المحققين لفظ الاتحاد، إِشارة منهم إِلى حقيقة التوحيد، فإِن الاتحاد عندهم هوالمبالغة في التوحيد. والتوحيد فهم الواحد والأحد، فاشتبه ذلك على من لا يفهم إِشاراتهِم، فحملوه على غير محمله؛ فغلطوا وهلكوا بذلك.. إِلى حتى نطق: فإِذن أصل الاتحاد باطل محال، مردود شرعاً وعقلاً وعهداً بإِجماع الأنبياء ومشايخ الصوفية وسائر الفهماء والمسلمين، وليس هذا ممضى الصوفية، وإِنما نطقه طائفة غلاة لقلة فهمهم وسوء حظهم من الله، فشابهوا بهذا القولِ النصارى الذين نطقوا في عيسى : اتَّحَد ناسوتُهُ بلاهوتِهِ. وأما مَنْ بالعناية، فإِنهم لم يعتقدوا اتحاداً ولا حلولاً، وإِن سقط منهم لفظ الاتحاد فإِنما يريدون به محوأنفسهم، وإِثبات الحق سبحانه.
  • ونطق: وقد يُذْكَر الاتحاد بمعنى فناء المخالفات، وبقاء الموافقات، وفناء حظوظ النفس من الدنيا، وبقاء الرغبة في الآخرة، وفناء الأوصاف الذميمة، وبقاء الأوصاف الحميدة، وفناء الشك، وبقاء اليقين، وفناء الغفلة وبقاء الذكر.
  • ونطق: وأما قول أبي يزيد البسطامي: (سبحاني، ما أعظم شأني) فهوفي معرض الحكاية عن الله، وكذلك قول من نطق: (أنا الحق) محمول على الحكاية، ولا يُظَنُّ بهؤلاء العارفين الحلول والاتحاد، لأن ذلك غير مظنون بعاقل، فضلاً عن المتميزين بخصوص المكاشفات واليقين والمشاهدات. ولا يُظَنُّ بالعقلاء المتميزين على أهل زمانهم بالفهم الراجح والعمل الصالح والمجاهدة وحفظ حدود الشرع الغلطُ بالحلول والاتحاد، كما غلط النصارى في ظنهم ذلك في حق عيسى. وإِنما وقع ذلك في الإِسلام من واقعاتِ جهلةِ المتصوفة، وأما الفهماء العارفون المحققون فحاشاهم من ذلك.. إِلى حتى نطق: والحاصل حتى لفظ الاتحاد مشهجر، فيطلق على المعنى المذموم الذي هوأخوالحلول، وهوكفر. ويطلق على مقام الفناء اصطلاحاً اصطلح عليه الصوفية، ولا مشاحة في الاصطلاح، إِذ لا يمنع أحد من استعمال لفظ في معنى سليم، لا محذور فيه شرعاً، ولوكان ذلك ممنوعاً لم يجز لأحد حتى يتفوه بلفظ الاتحاد، وأنت تقول: بيني وبين صاحبي زيد اتحاد. وكم استخدم المحدِّثون والفقهاء والنحاة وغيرهم لفظ الاتحاد في معان حديثية وفقهية ونحوية. كقول المحدِّثين: اتحد مخرج الحديث. وقول الفقهاء: اتحد نوع الماشية. وقول النحاة: اتحد العامل لفظاً أومعنى. وحيث سقط لفظ الاتحاد من محققي الصوفية، فإِنما يريدون به معنى الفناء الذي هومحوالنفس، وإِثبات الأمر كله لله سبحانه، لا ذلك المعنى المذموم الذي يقشعر له الجلد.
  • نقل الشعراني عن الشيخ علي بن وفا قوله: المراد بالاتحاد حيث اتى في كلام القوم فناء العبد في مراد الحق تعالى، كما ينطق: بين فلان وفلان اتحاد، إِذا عمل جميع منهما بمراد صاحبه .
  • نطق الشيخ ابن القيم في كتابه مدارج السالكين شرح منازل السائرين: الدرجة الثالثة من درجات الفناء: فناء خواص الأولياء وأئمة المقربين، وهوالفناء عن إِرادة السوى، شائماً برق الفناءِ عن إِرادة ما سواه، سالكاً سبيل الجمع على ما يحبه ويرضاه، فانياً بمراد محبوبه منه، عن مراده هومن محبوبه، فضلاً عن إِرادة غيره، قد اتحد مراده بمراد محبوبه، أعني المراد الديني الأمري، لا المراد الكوني القدري، فصار المرادان واحداً.. ثم نطق: وليس في العقل اتحاد سليم إِلا هذا، والاتحاد في الفهم والخبر. فيكون المرادان والمعلومان والمذكوران واحداً مع تباين الإِرادتين والفهمين والخبرين، فغاية المحبة اتحاد مراد المحب بمراد المحبوب، وفناء إِرادة المحب في مراد المحبوب. فهذا الاتحاد والفناء هواتحاد خواص المحبين وفناؤهم؛ قد فَنَوْا بعبادة محبوبهم، عن عبادة ما سواه، وبحبه وخوفه ورجائه والتوكل عليه والاستعانة به والطلب منه عن حب ما سواه. ومَنْ تحقق بهذا الفناء لا يحب إِلا في الله، ولا يبغض إِلا فيه، ولا يوالي إِلا فيه، ولا يعادي إِلا فيه، ولا يعطي إِلا لله، ولا يمنع إِلا لله، ولا يرجوإِلا إِياه، ولا يستعين إِلا به، فيكون دينه كله ظاهراً وباطناً لله، ويكون الله ورسولهُ أحبَّ إِليه مما سواهما، فلا يوادُّ من حادَّ الله ورسوله ولوكان أقرب الخلق إِليه، وحقيقة ذلك فناؤه عن هوى نفسه، وحظوظها بمراضي ربه تعالى وحقوقه، والجامع لهذا كله تحقيق شهادة حتى لا إِله إِلا الله فهماً وفهم وعملاً وحالاً وقصداً، وحقيقة هذا النفي والإِثبات الذي تضمنتْهُ هذه الشهادة هوالفناء والبقاء، فيفنى عن تأله ما سواه فهماً وإِقراراً وتعبداً، ويبقى بتألهه وحده، فهذا الفناء وهذا البقاء هوحقيقة التوحيد، الذي اتفقت عليه المرسلون صلوات الله عليهم، وأُنزلت به الخط، وخلقت لأجله الخليقة، وشرعت له الشرائع، وقامت عليه سوق الجنة، وأسس عليه الخَلْق والأمر.. إِلى حتى نطق: وهذا الموضع مما غلط فيه كثير من أصحاب الإِرادة. والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة.
  • نطق الشيخ ابن تيمية في تبرئة الصوفية من تهمة القول بالاتحاد: ليس أحد من أهل الفهم بالله، يعتقد حلول الرب تعالى به أوبغيره من المخلوقات، ولا اتحاده به، وإِن سُمع شيء من ذلك منقول عن بعض أكابر الشيوخ فكثير منه مكذوب، اختلقه الأفاكون من الاتحادية المباحية، الذين أضلهم الشيطان وألحقهم بالطائفة النصرانية.
  • ونطق: وأما قول الشاعر في شعره: (أنا مَنْ أهوى، ومَنْ أهوى أنا) فهذا إِنما أراد به الشاعر الاتحاد المعنوي، كاتحاد أحد المحبّين بالآخر، الذي يحب أحدهما ما يحب الآخر، ويبغض ما يبغضه، ويقول مثل ما يقول، ويعمل مثل ما يعمل؛ وهذا تشابه وتماثل، لا اتحاد العين بالعين، إِذا كان قد استغرق في محبوبه، حتى فني به عن رؤية نفسه.

أفكار أخرى

  • الكشف: هونور يحصل للسالكين في سيرهم إِلى الله؛ يكشف لهم حجاب الحس، ويزيل دونهم مسببات المادة نتيجة لما يأخذون به أنفسهم من مجاهدة وخلوة وذكر.
  • الفراسة: والتي تختص بفهم خواطر النفوس وأحاديثها، يقول ابن عجيبة: الفراسة هي خاطر يهجم على القلب، أووارد يتجلى فيه، لا يخطئ غالباً إِذا صفا القلب، وفي الحديث: (اتقوا فراسة المؤمن، فإِنه ينظر بنور الله)، وهي على حسب قوة القرب والفهم، فحدثا قوي القرب، وتمكنت الفهم صدقت الفراسة، لأن الروح إِذا قربت من حضرة الحق لا يتجلى فيها غالباً إِلا الحق.
  • الإلهام / التحديث: وهوما يُلقَى في الرُّوع بطريق الفيض. وقيل: الإلهام ما سقط في القلب من فهم.
  • الفهم اللدني: ويتحدث عنه الصوفية والذيقد يكون في نظرهم لأهل النبوة والولاية، كما كان ذلك للخضر، حيث ورد ذلك في الآية القرآنية: (وفهمناه من لدنّا فهماً).
  • النبي محمد: ويعتقدون بالأخذ عنه يقظةً ومناماً. ويعتقدون بأنه باب الله ووسيلته العظمى إليه وأنه بشر ولكن ليس كالبشر، ويعتقدون حتى محبته شرط في الطريق، لذلك يكثرون من ذكره ومن الصلاة عليه ومن مديحه وإنشاد الشعر فيه، ولهذه الأمور يكثرون من إقامة الموالد والذي يقومون فيه بالإنشاد والوعظ والتحدث في سيرته وشمائله، ولا يجيزون فيه الاختلاط ولا باقي المحرمات.
  • الشيخ المربي: لا بد في التصوف من التأثير الروحي، والذي يأتي بواسطة الشيخ الذي أخذ الطريقة عن شيخه حتى تصل سلسلة التلقي في سند متصل من الشيخ إلى الرسول محمد بن عبد الله. فيقولون: من لا شيخ له فشيخه الشيطان!
  • البيعة: يبايع فيه المريد المرشد، ويعاهده على السير معه في طريق التخلي عن العيوب والتحلي بالصفات الحسنة، والتحقق بركن الإحسان، والترقي في مقاماته. وهوبمثابة الوعد والعهد.

المجاهدة : يقول الصوفية : التخلي ثم التحلي ثم التجلي، التخلي عن الأخلاق الذميمة ، والتحرر من قيود القوى الظلمانية في النفس من الشهوة والغضب والحسد، أخلاق الحيوانات والسباع والأبالسة. ثم التحلي بالأخلاق الحميدة ،واستنارة القلب والنفس بنور سيدنا رسول الله وأهل بيته، ثم تجلي أنوار الله لعين القلب بعد محوالحُجُب التي كانت تحجب القلب عن المشاهدة والتنعم بها. وهذا هوأعلى نعيم أهل الجنة، يكرم الله به خواص عباده المحبوبين له في هذه الدار، كلٌ بحسب حظه ونصيبه من رسول الله.

  • التبرك: وهوطلب البركة من الله من طريق الأسباب الشرعية، وأعظمها التوسل إليه بذلك المتبَرّك به، سواء أكان شخصا أوأثرا أومكانا. وهذه البركة كما يعتقدون تُطلب بالتعرض لها في أماكنها بالتوجه إلى الله ونادىئه. ويستدلون بالقصص الكثير الواردة بتبرك الصحابة بالنبي محمد؛ بشعره وعرقه ودمه وموضع صلاته.
  • التوسل: هوأحد طرق النادىء، وباب من أبواب التوجه إلى الله، والمتوسل به إنما هوواسطة ووسيلة للتقرب إلى الله، والتوسل حسب اعتقادهمقد يكون بالأنبياء أوالأولياء، أوقد يكون بالأعمال الصالحة للإنسان، وأعظم هذه الوسائل عندهم هوالنبي محمد.
  • فهم الله وفهم النفس : في الحديث (من عهد نفسه عهد ربه) نطق أهل التصوف : من عهد نفسه بالنقص والحاجة والعبدية، عهد ربه بالكمال والغنى والربوبية، ولكن قليل من يعهد نفسه بهذا المعنى ويراها على حقيقتها، فأغلب الناس ينازعون الربوبية ويعترضون على القدر ولا يرضون بحكم الله ويقل فيهم التوكل ويعتمدون بقلوبهم على الأسباب، فهي مشهدهم وموضع نظرهم، وليس مشهدهم حتى الله تعالى هوالمتصرف المعطي المانع.. أكثر الناس يعيشون أسرى نفوسهم.

ولذلك نطق الصوفية (أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك) فلا سبيل لأحد إلى فهم الله تعالى ما دامت فيه بقية من نفسه الأمارة بالسوء، لأنها أغلظ حجاب بين العبد وربه.. ولا سبيل إلى بتر واقتحام هذه العقبة إلا بشيخ من شيوخ الطريق، من خارجها، يصل السالك أوالمريد مدد سيده رسول الله ص من خلال شيخه هذا، مدد يعينه على اقتحام عقبة نفسه الأمارة لتموت ويولد صاحبها ولادة أخرى (موتوا قبل حتى تموتوا)، ومن الطبيعي أنه لا يمكن للنفس حتى تسمح لصاحبها حتى ينتصر عليها دون معين من خارجها من المشايخ الكُمّل.

  • القبور: اعتنى الصوفية بقبور الأنبياء والصالحين والأولياء، فشيّدوا حولها المساجد، وبنوا عليها القباب، وذلك حفاظا عليها من الاندثار، وضياع هذه المعالم. وأصبحوا يقصدونها طلبا للبركة، وطلبا لاستجابة النادىء من الله عندها. ويرون أنهم بذلك متبعون لأئمة السنة، حيث يقولون بأنه وردت نصوص من هؤلاء الأئمة على جواز البناء على قبور الصالحين والأولياء. وجواز قصدها للتبرك.

موقف أئمة السنة من التصوف

هذه نبذة من الأقوال والشهادات عن التصوف والصوفية :

  • أبوحنيفة النعمان : نطق الفقيه الحنفي الحصكفي في الدر المختار: «نطق الأستاذ أبوالقاسم القشيري في رسالته مع صلابته في ممضىه وتقدمه في هذه الطريقة: سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: أنا أخذت هذه الطريقة من أبي القاسم النصراباذي. ونطق أبوالقاسم: أنا أخذتها من الشبلي، وهوأخذها من السري السقطي، وهومن معروف الكرخي، وهومن داود الطائي. وهوأخذ الفهم والطريقة من أبي حنيفة، وكل منهم أثنى عليه وأقر بفضله. فعجبا لك يا أخي: ألم يكن لك أسوة حسنة في هؤلاء السادات الكبار،يا ترى؟ أكانوا متهمين في هذا الإقرار والافتخار، وهم أئمة هذه الطريقة، وأرباب الشريعة والحقيقة، ومن بعدهم في هذا الأمر فلهم تبع، وكل ما خالف ما اعتمدوه مردود ومبتدع».

يقول ابن عابدين في حاشيته رد المحتار على الدر المختار متحدثاً عن أبي حنيفة، تعليقاً على كلام الحصكفي صاحب الدر الآنف الذكر: «(قوله: من أبي حنيفة) هوفارس هذا الميدان، فإن مبنى فهم الحقيقة على الفهم والعمل وتصفية النفس، وقد وصفه بذلك عامة السلف، فنطق أحمد بن حنبل في حقه إنه كان من الفهم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد ، ولقد ضرب بالسياط ليلي القضاء فلم يعمل. ونطق عبد الله بن المبارك: ليس أحد أحق من حتى يقتدى به من أبي حنيفة، لأنه كان إماما تقيا نقيا ورعا عالما فقيها، كشف الفهم كشفا لم يكشفه أحد ببصر وفهم وفطنة وتقى. ونطق الثوري لمن نطق له جئت من عند أبي حنيفة: لقد جئت من عند أعبد أهل الأرض، وأمثال ذلك مما نقله ابن حجر وغيره من الفهماء الأثبات».

ويستكمل شارحًا: «(قوله: وهم أئمة هذه الطريقة إلخ) في رسالة الفتوحات للقاضي زكريا: الطريقة سلوك طريق الشريعة، والشريعة: أعمال شرعية محدودة، وهما والحقيقة ثلاثة متلازمة، لأن الطريق إليه تعالى ظاهر وباطن فظاهرها الطريقة والشريعة، وباطنها الحقيقة فبطون الحقيقة في الشريعة، والطريقة كبطون الزبد في لبنه، لا يظفر بزبده بدون مخضه، والمراد من الثلاثة إقامة العبودية على الوجه المراد من العبد اهـ ابن عبد الرزاق.

(قوله: ومن بعدهم) أي من أتى بعد هؤلاء الأئمة في الزمان سالكا في هذا الأمر وهوفهم الشريعة والحقيقة فهوتابع لهم، إذ هم الأئمة فيه فيكون فخره باتصال سنده بهذا الإمام كما كان ذلك فخر الأئمة المذكورين الذين افتخروا بذلك وتبعوه في حقيقته ومشربه، واقتدى كثير منهم بطريقته وممضىه».

  • مالك بن أنس : يقول الإمام مالك: «من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ولم يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق».
  • محمد بن إدريس الشافعي : ويقول الإمام الشافعي:
فقيها وصوفيا فكن ليس واحد فإنّــي وحق الله إيّـــاك أنصـح
فذلك قـاس لم يذق قلبه تُقى وهذا جهول، كيف من الممكن أن ذوالجهل يصلحُ؟!

فهذا الإمام الشافعي يحرص على الاقتداء بالصوفية ويستفيد منهم ويغترف من معينهم، وكان يقول رحمه الله: «حُبب إليّ من دنياكم ثلاث: هجر التكلف، وعشرة الخلق بالتلطف، والاقتداء بطريق أهل التصوف». يتأكد تعظيم واحترام الإمام الشافعي للصوفية من خلال السيرة التالية: «مر طائفة من المتصوفة على أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه في صحن المسجد، فنطق الشافعي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما على وجه الأرض في هذه الساعة قوم أكرم على الله عز وجل منهم». كما أنه - رحمه الله - استفاد كثيرا من الصوفية، وكان يقول: «صحبت الصوفية فلم استفد منهم سوى حرفين، وفي رواية سوى ثلاث حدثات قولهم: الوقت سيف إذا لم تبتره بترك، وقولهم: نفسك إذا لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وقولهم: العدم عصمة».

  • أحمد بن حنبل : وأما الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله - فكان يُعظم الصوفية ويحمل من قدرهم؛ لأنهم أئمة هدى وصلاح وخير لهذه الأمة. فقد نقل العلامة محمد السفاريني الحنبلي، رحمه الله، عن إبراهيم بن عبد الله القلانسي، رحمه الله تعالى؛ حتى الإمام أحمد، نطق عن الصوفية: «لا أفهم أقواما أفضل منهم. قيل إنهم يستمعون ويتواجدون، نطق: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة».

وقد كان الإمام أحمد قبل ذلك يحذر ابنه عبد الله من صحبتهم فلما سبر ممضىهم، وعهد أحوالهم، ومنزلتهم أمره بملازمتهم والاقتداء بهم، وفيما يلي قصته مع ابنه: «كان الإمام أحمد رحمه الله تعالى قبل مصاحبته للصوفية يقول لولده عبد الله رحمه الله تعالى: «يا ولدي عليك بالحديث، وإياك ومجالسة هؤلاء الذين سموا أنفسهم صوفية، فإنهم من الممكن كان أحدهم جاهلا بأحكام دينه، فلمــا صحــب أبـا حمزة البغدادي الصوفي، وعهد أحوال القوم، أصبح يقول لولده: يا ولدي عليك بمجالسة هؤلاء القوم، فإنهم زادوا علينا بكثرة الفهم والمراقبة والخشية والزهد وعلوالهمة»، بل أكثر من هذا فالإمام أحمد يُعد في نظر الكثيرين، من كبار الصوفية، لأنه رحمه الله يعتبر من الأوائل الذين تحدثوا بعلوم الصوفية كما صرح بذلك ابن تيمية في مجموع فتاويه بقوله: «وقد نُقل التحدث به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما». وهذا ما يفسر إدراج الصوفية الإمام أحمد ضمن تراجمهم وطبقاتهم مثل: «حلية الأولياء» لأبي نعيم، و«الطبقات الكبرى» للشعراني، و«الكواكب الدرية» للمناوي، و«التذكرة» لفريد الدين العطار.

  • أبوحامد الغزالي : بقدر اشتهار الغزالي بأشعريته، اشتهر بتصوفه، ولذلك فهويمثل فترة خطيرة من مراحل امتزاج التصوف بالممضى الأشعري حتى كاد حتىقد يكون جزءاً منه، ولكن ما نوعية التصوف الذي اعتنقه الغزالي بقوة حتى نطق فيه في المنقذ - بعد شرح مطول لمحنته ورحلته وعزلته -: «ودمت على ذلك مقدار عشر سنين، وانكشفت لي في أثناء هذه الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها واستقصاؤها، والقدر الذي أذكره لينتفع به: إني فهمت يقيناً حتى الصوفية هم السالكون لطريق الله تعالى، وأن سيرتهم أحسن السير، وطريقهم أصوب الطريق، وأخلاقهم أزكى الأخلاق، بل لوجمع عقل العقلاء، وحكمة الحكماء، وفهم الواقفين على أسرار الشرع من الفهماء، ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم، ويبدلوه بما هوخير منه، لم يجدوا إليه سبيلاً، فإن جميع حركاتهم وسكناتهم، في ظاهرهم وباطنهم، مقتبسة من نور مشكاة النبوة، وليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به» ثم يشرح ويوضح فيقول: «وبالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها - وهي أول شروطها - تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى، ومفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة، استغراق القلب بالكلية بذكر الله، وآخرها الفناء بالكلية في الله،يا ترى؟ وهذا آخرها، بالإضافة إلى ما يكاد يدخل تحت الاختيار والكسب من أوائلها، وهي على التحقيق أول الطريقة، وما قبل ذلك إلا كالدهليز للسالك إليه«.
  • العز بن عبد السلام الملقب بسلطان الفهماء : وقد أخذ التصوف عن شهاب الدين عمر السهروردي، وسلك على يد الشيخ أبي الحسن الشاذلي، نطق: «قعد القوم من الصوفية على قواعد الشريعة التي لا تنهدم دنيا وأخرى، سقطد غيرهم على الرسوم، ومما يدلك على ذلك، ما يقع على يد القوم من الكرامات وخوارق العادات، فإِنه فرع عن قربات الحق لهم، ورضاه عنهم، فلوكان الفهم من غير عمل، يُرضي الحق تعالى جميع الرضا، لأجرى الكرامات على أيدي أصحابهم، ولولم يعملوا بفهمهم، هيهات هيهات».
  • النووي : نطق في رسالته المقاصد: أصول طريق التصوف خمسة: تقوى الله في السر والعلانية، واتباع السنة في الأقوال والأفعال، الإِعراض عن الخلق في الإِقبال والإِدبار، الرضى عن الله في القليل والكثير، والرجوع إِلى الله في السراء والضراء.ولكن التصوف عند الامام النووي شيخ ممضى ائمة الشافعية بمعني تزكية النفس لا غير فقد نطق النووي أصول الدِّين أربعة : الكتابُ والسنُّة والإجماع والقياس المعتبران . وما خالف هذه الأربعة فهوبدعةُ ومرتكبُه مُبتدع ، يتَعَيَّنُ اجتنابه وزجرهُ . ومن المطلوب اعتقاد من فهم وعمل ولازم أدب الشريعة ، وصحب الصّالحين . وأمّا من كان مسلوباً عقلهُ أومغلوباً عليه ، كالمجاذيب ، فنسلّم لهم ونفوّض إلى الله شأنهم ، مع وجوب إنكار ما يقع منهم مخالفا لظاهر الأمر ، حفظاً لقوانين الشَّرع
  • ابن تيمية : تحدث ابن تيمية عن التصوف في مجموع فتاويه فنطق: «وقد نُقل التحدث به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ، كالإمام أحمد بن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما».

ونطق: «وأما جمهور الأمة وأهل الحديث والفقه والتصوف عملى ما اتىت به الرسل وما اتى عنهم من الخط والأثارة من الفهم وهم المتبعون للرسالة اتباعا محضا». ولم يثبت عنه أنه انتمى إلى التصوف مع أنه امتدح بعض المتصوفة، وخلاصة رأيه في التصوف ومن انتمى إليه تتلخص في قوله: وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمى أحدهم فقيراً أوصوفياً أوفقيهاً أوعالماً أوتاجراً أوصانعاً أوأميراً أوحاكماً أوغير ذلك، نطق تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . انتهى. وفي اللقاء فقد ذم آخرين من الذين يدعون الانتماء إليهم كالحلاج وابن عربي وغيرهما، ولذلك نطق في الفتاوى: وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة، ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم: كالحلاج مثلاً. انتهى.

  • تاج الدين السبكي : نطق في كتابه «معيد النعم ومبيد النقم»، تحت عنوان الصوفية: حياهم الله وبيَّأهم وجمعنا في الجنة نحن وإِياهم. وقد تشعبت الأقوال فيهم تشعباً ناشئاً عن الجهل بحقيقتهم لكثرة المُتلبِّسين بها، بحيث نطق الشيخ أبومحمد الجويني: لا يصح الوقف عليهم لأنه لا حدَّ لهم. والسليم صحته، وأنهم المعرضون عن الدنيا المشتغلون في أغلب الأوقات بالعبادة.. ثم تحدث عن تعاريف التصوف إِلى حتى نطق: والحاصل أنهم أهل الله وخاصته الذين ترتجى الرحمة بذكرهم، ويُستنزل الغيث بنادىئهم، فوعنَّا بهم.
  • جلال الدين السيوطي : نطق: إذا التصوف في نفسه فهم شريف، وإِن مداره على اتباع السنة وهجر البدع، والتبرِّي من النفس وعوائدها وحظوظها وأغراضها ومراداتها واختياراتها، والتسليمِ لله، والرضى به وبقضائه، وطلبِ محبته، واحتقارِ ما سواه.. وفهمتُ أيضاً أنه قد كثر فيه الدخيل من قوم تشبهوا بأهله وليسوا منهم، فأدخلوا فيه ما ليس منه، فأدى ذلك إِلى إِساءة الظن بالجميع، فوجَّه أهلُ الفهم للتمييز بين الصنفين ليُفهمَ أهل الحق من أهل الباطل، وقد تأملتُ الأمور التي أنكرها أئمة الشرع على الصوفية فلم أرَ صوفياً محقِّقَاً يقول بشيء منها، وإِنما يقول بها أهل البدع والغلاةُ الذين ادَّعَوْا أنهم صوفية وليسوا منهم.
  • ابن عابدين : وقد تحدَّثَ عن البدع الدخيلة على الدين مما يجري في المآتم والختمات من قِبل أشخاص تزيَّوْا بزِي الفهم، وانتحلوا اسم الصوفية، ثم استدرك الكلام عن الصوفية الصادقين حتى لا يُظن أنه يتحدث عنهم عامة فنطق: ولا كلام لنا مع الصُدَّقِ من ساداتنا الصوفية المبرئين عن جميع خصلة رديَّة، فقد سُئل إِمامُ الطائفتين الجنيد: إِن أقواماً يتواجدون ويتمايلون،يا ترى؟ فنطق: دعوهم مع الله يفرحون، فإِنهم قوم قطَّعت الطريقُ أكبادَهم، ومزَّق النصبُ فؤادَهم، وضاقوا ذرعاً فلا حرج عليهم إِذا تنفسوا مداواةً لحالهم، ولوذُقْتَ مذاقهم عذرتهم في صياحهم.
  • الإمام الشاطبي : حيث عقد العزم على التأليف في التصوف ثم أعجلته المنية قبل تحقيق المراد، يقول رحمه الله: «وفي غرضي إذا فسح الله في المدة وأعانني بفضله ويسر لي الأسباب حتى ألخص في طريقة القوم أنموذجا يستدل به على صحتها وجريانها على الطريقة المثلى، وأنه إنما داخلتها المفاسد وتطرقت إليها البدع من جهة قوم تأخرت أزمانهم عن عهد ذلك السلف الصالح، وادعوا الدخول فيها من غير سلوك شرعي ولا فهم لمقاصد أهلها، وتقوَّلوا عليهم ما لم يقولوا به، حتى صارت في هذا الزمان الأخير كأنها شريعة أخرى غير ما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم، وأعظم من ذلك أنهم يتساهلون في اتباع السنة، ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبد سليما، وطريقة القوم بريئة من هذا الخباط بحمد الله».

ويشيد رحمه الله بممضى الصوفية بقوله: «وقد بنوا نحلتهم على اتباع السنة، وهم باتفاق أهل السنة، صفوة الله من الخليقة».

  • العلامة ابن خلدون : يقول ابن خلدون: «هذا الفهم ـ يعني التصوف ـ من علوم الشريعة الحادثة في الملَّة؛ وأصله حتى طريقة هؤلاء القوم لم تزل عند سلف الأمة وكبارها من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم طريقة الحق والهداية، وأصلها العكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى، والإعراض عن زخرف الدنيا وزينتها، والزهد في ما يقبل عليه الجمهور من لذة ومال وجاه، والانفراد عن الخلق، والخلوة للعبادة، وكان ذلك عامَّاً في الصحابة والسلف. فلما فشا الإقبال على الدنيا في القرن الثاني وما بعده وجنح الناس إلى مخالطة الدنيا اختص المقبلون على العبادة باسم الصوفية والمتصوفة».

من مشاهير الصوفية من أهل السنة

انتسب إلى التصوف فهماء كثيرون من أهل السنة، منهم:

ومن المتأخرين

ومن المعاصرين

خط في التصوف

See also

نطقب:Wikipedia books نطقب:Wikipedia books

  • أشعرية
  • تبرك
  • جماعة كولن
  • Index of Sufism-related articles
  • List of modern Sufi scholars
  • List of Sufi saints
  • ماتريدية
  • Shab-e-barat
  • توسل
  • طهارة معنوية
  • World Sufi forum
  • الصوفية في باكستان.
  • طاهر افندي جاكوفا.
  • الزاوية الكركرية.
  • مؤتمر الشيشان.
  • أشاعرة.
  • ماتريدية.
  • فهم الكلام.
  • طرق الصوفية.
  • مصطلحات فهم التصوف.
  • تاريخ التصوف.
  • المولد النبوي.
  • التوسل.
  • الشيخ محمد فاضل بن مامين
  • آراء الفهماء حول ابن عربي.
  • قصيدة البردة (البوصيري).
  • ورد الإمام النووي.
  • الفقه الإسلامي.
  • الذكر.
  • صلاح الدين الأيوبي.
  • عبد القادر الجيلاني.
  • محي الدين ابن عربي.
  • أحمد الرفاعي
  • أبوحامد الغزالي.
  • ابن عطاء الله السكندري.
  • زكريا الأنصاري.
  • النووي.
  • مهر علي شاه.
  • إحياء علوم الدين.
  • الحكم العطائية.
  • فهم التصوف.
  • الشيوخ في الصوفية.

المراجع

  1. ^ كتاب: الأقمار المشرقة لأهل الشريعة والطريقة والحقيقة، المؤلف: عبد السلام العمراني الخالدي، الناشر: دار الخط الفهمية، سنة النشر: 2018م، ص: 50.
  2. ^ كتاب: رسائل النور الهادي، المؤلف: عبد السلام العمراني الخالدي، الناشر: دار الخط الفهمية، سنة النشر: 2004م، ص: 61.
  3. ^ كتاب: شرح شطرنج العارفين (أنيس الخائفين وسمير العاكفين)، المؤلف: محمد بن أحمد الهاشمي التلمساني، المُحرر: عاصم إبراهيم الكيالي، الناشر: دار الخط الفهمية، سنة النشر: 2005م، ص: 18.
  4. ^ كتاب: صريح العبارة وباهر الإشارة في جرد معاني البحر المديد الغزيرة، المؤلف: عبد السلام العمراني الخالدي، الناشر: دار الخط الفهمية، سنة النشر: 2009م، الجزء الرابع، ص: 149.
  5. ^ حديث أخرجه أحمد في مسنده، والبخاري ومسلم في سليمهما.
  6. ^ الداعية السعودي عبد الله فدعق: الصوفية الركن الثالث في الدين الإسلامي تاريخ الوصول: 11 يونيو2010 نسخة محفوظةعشرة يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  7. ^ نطق ابن عطاء الله السكندري في الحكم العطائية: وصولك إلى الله وصولك إلى الفهم به، وإلا فجَلَّ ربُّنا حتى يتصل به شيء، أويتصل هوبشيء.
  8. ^ كتاب: رسائل مولاي العربي الدرقاوي المسماة (بشور الهدية في ممضى الصوفية)، المؤلف: محمد العربي الدرقاوي، المُحرر: عاصم إبراهيم الكيالي، الناشر: دار الخط الفهمية، سنة النشر: 2009م، ص: 3.
  9. ^ كتاب: البيان لما يشغلة الأذهان، المؤلف: علي جمعة، الناشر: دار المقطم للنشر والتوزيع، الطبعة الحادية عشر: سنة 2009م، ص: 336.
  10. ^ كتاب: المنهجية العامة في العقيدة والفقه والسلوك والإعلام بأن الأشعرية والماتريدية من أهل السنة، تأليف: عبد الفتاح قديش اليافعي، الناشر: مخطة الجيل الجديد، اليمن - صنعاء، الطبعة الأولى 2007م، ص: 94.
  11. ^ كتاب: التصوف: معراج السالكين إلى الله، تأليف: حسين غباش، الناشر: دار الفارابي – بيروت - لبنان، الطبعة الأولى: سنة 2016م، ص: 27-36.
  12. ^ كتاب: التشرف بذكر أهل التصوف، تأليف: قسم الأبحاث والدراسات الإسلامية في جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، الناشر: دار المشاريع، الطبعة الأولى: سنة 2002م، ص 1-11.
  13. ^ ". الوطن (جريدة مصرية). مؤرشف من الأصل في 27 أغسطس 2019.
  14. ^ كتاب: المنهجية العامة في العقيدة والفقه والسلوك والإعلام بأن الأشعرية والماتريدية من أهل السنة، تأليف: عبد الفتاح قديش اليافعي، الناشر: مخطة الجيل الجديد، اليمن - صنعاء، الطبعة الأولى 2007م، ص: 96.
  15. ^ انظر كتاب: السلفية المعاصرة: إلى أين،يا ترى؟ ومن هم أهل السنة؟، تأليف: محمد زكي الدين إبراهيم، حققها وراجع أصولها: محيي الدين حسين يوسف الإسنوي، الناشر: مؤسسة إحياء التراث الصوفي، الطبعة الثانية.
  16. ^ البيروني، "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أومرذولة"
  17. ^ غازي، محمد جميل، "الصوفية الوجه الآخر"، ص47
  18. ^ محيي الدين ابن عربي، الفتوحات المكية في فهم الأسرار المالكية والملكية، 2/266
  19. ^ الرسالة القيشرية ص 12.
  20. ^ من كتاب حقائق عن التصوف، تأليف: عبد القادر عيسى، ص25.
  21. إبن تيمية (2010). . بيروت: دار الخط الفهمية. صفحة 24. ISBN . OCLC 957300141. مؤرشف من الأصل في 12 يناير 2020.
  22. ^ قضية التصوف المنقذ من الضلال، عبد الحليم محمود، ص: 29.
  23. ^ الرسالة القشيرية، ص: 279.
  24. ^ الداعية محمد هداية فى محادثة لـ"اليوم السابع" نسخة محفوظة 21 يوليو2015 على مسقط واي باك مشين.
  25. ^ على هامش الرسالة القشيرية ص7.
  26. ^ قواعد التصوف، تأليف: أحمد زروق، قاعدة 13 ص 6.
  27. ^ قواعد التصوف، تأليف: أحمد زروق، ص2.
  28. ^ النصرة النبوية، تأليف: مصطفى المدني ص22.
  29. ^ نور التحقيق، تأليف: حامد صقر ص93.
  30. ^ معراج التشوف إلى حقائق التصوف، تأليف: أحمد بن عجيبة الحسني ص4.
  31. ^ حقائق عن التصوف، تأليف عبد القادر عيسى، ص30.
  32. ^ كشف الظنون عن أسماء الخط والفنون، تأليف: حاجي خليفة، ج1، ص414.
  33. ^ الفوز لطريق الصوفية، تأليف: محمد صديق الغماري، ص17-18.
  34. ^ مجلة العشيرة المحمدية، عدد محرم 1376هـ، من بحث: التصوف من الوجهة التاريخية، للدكتور أحمد علوش.
  35. ^ عبد الرحمن الجبرتي، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج1، ص346.
  36. ^ أنظر "البطولة والفداء عند الصوفية" للباحث أسعد الخطيب
  37. ^ أبوالقاسم القشيري، الرسالة القشيرية، ص: 551-554.
  38. ^ ابن خلدون، المقدمة، ص: 439.
  39. ^ د. كمال جعفر، التصوف طريقاً وتجربة وممضىاً، ص: 7-8.
  40. ^ الكلاباذي، التعهد لممضى أهل التصوف، ص: 63 وما بعدها.
  41. ^ الغزالي، إحياء علوم الدين، ج2، ص: 19. نسخة محفوظة 16 أغسطس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  42. ^ الغزالي، المنقذ من الضلال، ص: 7.
  43. ^ الغزالي، إحياء علوم الدين، ج2، ص: 13-14، وأيضا: د. أبوالوفا التفتازاني، مدخل إلى التصوف الإسلامي، ص: 171-176.
  44. ^ انظر على سبيل المثال ما ذكره ابن خلدون في المقدمة، ص: 442 وما بعدها.
  45. ^ الشعراني، الطبقات الكبرى، تحقيق: عبد الغني محمد علي الفاسي، دار الخط الفهمية، بيروت، لبنان، ط2، 2006م، ص: 9.
  46. ^ د. أبوالوفا التفتازاني، فهم الكلام وبعض مشكلاته، ص: 5.
  47. ^ طبقات الصوفية، تأليف: أبوعبد الرحمن السلمي، ص210.
  48. ^ إِيقاظ الهمم شرح متن الحكم، تأليف أحمد بن عجيبة، ج2، ص302-303.
  49. ^ طبقات الصوفية، تأليف: أبوعبد الرحمن السلمي، ص300.
  50. ^ لطائف المنن والأخلاق، تأليف: عبد الوهاب الشعراني، ج1، ص2.
  51. ^ شطحات الصوفية، تأليف: عبد الرحمن البدوي، ص96.
  52. ^ اليواقيت والجواهر للشعراني ج1. ص22.
  53. ^ لطائف المنن والأخلاق للشعراني ج2 ص149.
  54. ^ لهذا أفرد البخاري في سليمه باباً في ذلك فنطق: "باب من خص بالفهم قوماً دون قوم كراهية حتى لا يفهموا، ونطق علي : (حدثوا الناس بما يعهدون، أتحبون حتى يُكذَّبَ الله ورسولهُ؟) " سليم البخاري.
  55. ^ التعهد على ممضى أهل التصوف، تأليف: الكلاباذي، ص125-145
  56. ^ حقائق عن التصوف للشيخ عبد القادر عيسى ص79.
  57. ^ رواه مسلم في سليمه
  58. ^ سورة التوبة، آية: 119.
  59. ^ سورة الكهف، آية: 28.
  60. ^ سورة لقمان، آية: 15.
  61. ^ سورة الفرقان، آية: 59.
  62. ^ سورة الكهف، آية: 17.
  63. ^ خلاصة التصانيف في التصوف، تأليف: الغزالي ص18.
  64. ^ مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح، تأليف: ابن عطاء الله السكندري ص30.
  65. ^ قواعد التصوف، تأليف: أحمد زروق القاعدة 65.
  66. ^ سورة العنكبوت، آية: 69.
  67. ^ أخرجه الترمذي في كتاب فضائل الجهاد، ونطق: حديث حسن سليم.
  68. ^ الرسالة القشيرية، تأليف: أبوقاسم القشيري، ص48 - 50.
  69. ^ تعليقات على الرسالة القشيرية، تأليف: زكريا الأنصاري.
  70. ^ إيقاظ الهمم في شرح الحكم، تأليف: أحمد بن عجيبة، ج2، ص370.
  71. ^ كتاب الرياضة وأدب النفس للحكيم الترمذي ص124.
  72. ^ مفتاح الفلاح ومصباح الأرواح، تأليف: ابن عطاء الله السكندري، ص4.
  73. ^ الرسالة القشيرية ص110.
  74. ^ حقائق عن التصوف للشيخ عبد القادر عيسى، ص162
  75. ^ تفسير العلامة أبي السعود على هامش تفسير فخر الدين الرازي ج8/ص338.
  76. ^ رواه البخاري في سليمه باب كيف من الممكن أن كان بدء الوحي إلى رسول الله.
  77. ^ بهجة النفوس شرح مختصر البخاري للإمام الحافظ أبي محمد عبد الله بن أبي جمرة الأزدي الأندلسي المتوفى 699هـ. ج1/ص10 - 11.
  78. ^ إرشاد الساري لشرح سليم البخاري ج1/ص62 للقسطلاني المتوفى سنة 923هـ.
  79. ^ الإحياء للغزالي ج3/ص66.
  80. سليم البخاري.
  81. ^ التعهد على التصوف، تأليف: أحمد بن شهاب، ص53.
  82. ^ الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال، تأليف: السيوطي
  83. ^ رواه الإمام أحمد في مسنده، ونطق السيوطي عنه: رجاله رجال السليم غير شريح بن عبيد وهوثقة.
  84. كتاب التعهد على ممضى أهل التصوف، لأبي بكر الكلاباذي، توفي 380هـ.
  85. ^ نطق السيوطي في الدرر المنتثرة عن الحديث: ألف القطب الحلبي في صحته جزءا. ونطق السخاوي في المقاصد: والسيرة عند البيهقي في الدلائل واللألكائي في شرح السنة.
  86. ^ الرسالة القشيرية ص160.
  87. ^ الباب الخامس والثمانون والمائة من الفتوحات المكية. كذا في اليواقيت والجواهر للشعراني ج2. ص117.
  88. ^ كتاب نشر المحاسن الغالية لعبد الله اليافعي ص119.
  89. ^ الرسالة القشيرية ص159.
  90. ^ سليم مسلم.
  91. ^ تعريفات السيد ص94.
  92. ^ سورة البقرة: 110
  93. ^ قواعد التصوف، تأليف: أحمد زروق، قاعدة 3. ص3.
  94. ^ شرح عين الفهم وزين الحلم، تأليف: مُلا علي القاري، ج1 ص33.
  95. ^ اليواقيت والجواهر، تأليف: الشعراني، ج1 ص83.
  96. ^ الفتوحات المكية، تأليف: الشيخ محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر، تأليف: الشعراني، ج1. ص80-81.
  97. الفتوحات المكية للشيخ محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81.
  98. ^ الفتوحات المكية للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، كما في اليواقيت والجواهر ج1. ص80-81.
  99. الحاوي للفتاوى، تأليف: جلال الدين السيوطي ج2. ص134.
  100. ^ المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، تأليف الغزالي، ص130.
  101. ^ تفسير البحر المديد في تفسير القرآن المجيد [سورة الملك الآية: 16].
  102. ^ الحاوي للفتاوى، تأليف: جلال الدين السيوطي ج2. ص134.
  103. ^ اليواقيت والجواهر للشعراني ج1. ص83.
  104. ^ مدارج السالكين شرح منازل السائرين ج1. للشيخ ابن قيم الجوزية، ص90 و91.
  105. ^ مجموع فتاوى الشيخ ابن تيمية، قسم التصوف ج11. ص74 -75.
  106. ^ مجموع رسائل ابن تيمية ص52.
  107. ^ رواه الترمذي عن أبي سعيد الخدري في كتاب التفسير.
  108. ^ معراج التشوف ص18.
  109. ^ يستدلون بحديث: (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) رواه البخاري في سليمه.
  110. ^ يستدلون بآية: (وابتغوا إليه الوسيلة).
  111. ^ يستدلون بحديث: (إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين) رواه البخاري في سليمه.
  112. ^ انظر كتاب مفاهيم يجب حتى تصحح، تأليف: السيد محمد علوي المالكي، ص232-257
  113. ^ من هذه النصوص، نطق الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 1/122 : أبلغنا إسماعيل بن أحمد الحيري نطق أنبأنا محمد بن الحسين السلمي نطق سمعت أبا الحسن بن مقسم يقول سمعت أبا علي الصفار يقول سمعت إبراهيم الحربي يقول قبر معروف -الكرخي- الترياق المجرب. نطق المضىي في السير معلقا :يريد إجابة نادىء المضطر عنده لأن البقاع المباركة يستجاب عندها النادىء كما حتى النادىء في السحر مرجوودبر المكتوبات وفي المساجد بل نادىء المضطر مجاب في أي مكان.
  114. ^ حاشية ابن عابدين الدر المختار (ج1/ص43). نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  115. ^ حاشية العلامة علي العدوي على شرح الإمام الزرقاني على متن العزية في الفقه المالكي 3/195، شرح عين الفهم وزين الحلم للإمام مُلا علي القاري 1/33، نقلا عن كتاب حقائق عن التصوف، 361 ـ 362.
  116. ^ ديوان الإمام الشافعي، 42-43.
  117. ^ كشف الخفا ومزيل الإلتباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للإمام العجلوني،1/341.
  118. ^ التصوف في تراث ابن تيمية، 39.
  119. ^ تأييد الحقيقة العلية، للسيوطي، 13.
  120. ^ غذاء اللباب شرح منظومة الآداب، 1/120، نقلا عن حقائق عن التصوف، 363.
  121. ^ تنوير القلوب، أمين الكردي، 434.
  122. ^ مجموعة الفتاوى، لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية الحراني، 11/5.
  123. ^ المنقذ من الضلال والمفصح بالأحوال، 378.
  124. ^ نور التحقيق، تأليف: الشيخ حامد صقر، ص96.
  125. ^ مقاصد الإِمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف، ص20.
  126. ^ كتاب المقاصد في بيان العقائد وأصول الأحكام للإمام النووي (ص92
  127. ^ مجموع فتاوى ابن تيمية، 11/5.
  128. ^ مجموع فتاوى ابن تيمية، جزء 12 صفحة 26.
  129. ^ موقف ابن تيمية من التصوف - إسلام ويب - مركز الفتوى نسخة محفوظة 28 نوفمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  130. ^ كتاب معيد النعم ومبيد النقم، تأليف: تاج الدين السبكي، ص119
  131. ^ تأييد الحقيقة العلية، تأليف: السيوطي ص57.
  132. ^ الرسالة السابعة، شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل، لإمام ابن عابدين، ص172 -173
  133. ^ الاعتصام، 1/90.
  134. ^ الموافقات، 4/239.
  135. ^ مقدمة ابن خلدون، 3/989.
  136. ^ حيث يقول عن نفسه: «وأما لبس الخرقة واتصالها بأمير المؤمنين علي كرم الله وجهه فإني لبستها من جماعة ووصلت إلي منه من طرق راتى حتى أكون في زمرة محبيه وجملة مواليه يوم القيامة» مناقب الأسد الغالب علي بن أبي طالب، تأليف:ابن الجزري، تحقيق: طارق الطنطاوي، مخطة القرآن، مصر - القاهرة، ص25.
  137. ^ نطق السيوطي في رسالته "تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي": «الشيخ عز الدين كان في أول أمره على طريقة الفقهاء من المسارعة إلى الإنكار على الصوفية، فلما حجّ الشيخ أبوالحسن الشاذلي ورجع، اتى إلى الشيخ عز الدين وأقرأه البسلام من النبي، فخضع الشيخ عز الدين لذلك ولزم مجلس الشاذلي وصار يبالغ في الثناء على الصوفية لما فهم طريقهم على وجهها وصار يحضر معهم مجالس السماع ويرقص فيها» انظر تنبيه الغبي بتبرئة ابن عربي، تأليف: السيوطي، ص3-4.ولطائف المنن، تأليف: ابن عطاء الله السكندري، ص77.

وصلات خارجية

  • مركز الإمام الجنيد للأبحاث والدراسات الصوفية المتخصصة
  • مسقط الصوفية
  • ما مدى مشروعية التصوّف، وهل للصوفية عقيدة خاصة بهم تخالف أهل السنة والجماعة، وما حكم من يكفر الجميع أويُشّهر بهم،يا ترى؟ - دار الإفتاء الأردنية
  • برنامج ناس وناس مع مظهر شاهين يستضيف الشيخ محمد الكتاني والشيخ محمد الزغبي، حول سليم الإسلام بين السلفية والتصوف على يوتيوب أذيع على قناة CBC بتاريخستة أكتوبر 2011
  1. ^ ولاه الخليفة العباسي هارون الرشيد على إفريقية عام 184 هـ \ 800 م.
  2. ^ قام بغزوصقلية عام 212 هـ \ 827 م.
  3. ^ حاصر روما واحتلها لمدة شهرين ثم عاد إلى القيروان بغنائم كثيرة.
  4. ^ قام بغزوسرقوسة عام 264 هـ \ 878 م. وتمثلت نهاية فترة حكمه باستبداد كبير وقتل كثير، وهوما جعله يندم على ذلك ويتخلى عن الحكم وينهي حياته في صقلية.
  5. ^ قام بغزومالطا عام 256 هـ \ 870 م.
  6. ^ لم يستطع الحؤول دون اضمحلال الدولة الأغلبية. قام الفاطميون بدحر جيشه، فهرب إلى بغداد، ثم استقر بفلسطين.
  7. ^ تأثر بوحشية والده إبراهيم الثاني، فاعتنق ممضى الصوفية وتخلى عن الترف وحياة القصور. اغتال في منامه من طرف أتباع ابنه الذي كان يريد سجنه نظرا لانحلال أخلاقه وأفعاله.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:05:17
التصنيفات: تصوف, الإسلام في المغرب, الإسلام في تركيا, مصطلحات عربية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات مختلف على حياديتها منذ أبريل 2019, جميع المقالات المختلف على حياديتها, جميع المقالات التي بحاجة لصيانة, صفحات لا تقبل التصنيف المعادل, صفحات تستخدم قالب:Div col مع وسائط غير معروفة, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة تصوف/مقالات متعلقة, بوابة الإسلام/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات تحتوي على مقاطع فيديو

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

بالصور- إحالة عدد من الأطباء بالوحدات الصحية في الوادي الجدي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:11
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 67%

مصرع 3 شباب صعقا بالكهرباء أثناء التنقيب عن الآثار فى الإسكندرية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:22:49
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 36%

انخفاض في نسبة حوادث المرور بـ 42 بالمائة

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:24:05
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 61%

 4000 مليار سنتيم لحماية مدينة عنابة من الفيضانات 

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:24:07
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

روسيا: القرار الأوروبي بعدم إصدار تأشيرة للروس شرقي أوكرانيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:22:57
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 61%

بشار الأسد يصدر عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 21 ديس

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

الاطاحة بعصابة مختصة في المتاجرة بالمخدرات بالطارف

المصدر: آخر ساعة - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:24:09
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 53%

رئيس الحكومة يرفع دعوى تشهير ضد نائب أوروبي

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:35
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 79%

خرائط الأمطار المتوقعة غداً وشدتها على كافة أنحاء الجمهورية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:22:48
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 50%

اعتقال رجل بعد اندلاع حريق بالقرب من بوابات قصر باكنجهام

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:23
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 55%

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور آثار جرش في ختام زيارته

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:01
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 67%

هل تنجح وساطة الأردن في إعادة فتح خط أنابيب الغاز المغاربي؟

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:38
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 73%

السلطات الأمريكية تضبط كمية من عقار الفنتانيل عام 2022 "تكفي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:06
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 58%

الكرملين: شحنات الأسلحة الأميركية الجديدة إلى أوكرانيا ستؤدي

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:19
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

السودان: عطلة جديدة تتزامن مع مواكب ثورية معلنة

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-12-21 15:23:40
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية