تداوليات

عودة للموسوعة

فهم التأويل أوفهم المقامية أوالذرائع (بالإنجليزية: Pragmatics)‏ فهم من اللسانيات يهتم بتفسير الفرق والفجوة بين معاني حدثات الكلام الإنساني ومعانى مقصود المتحدث. يعامل الذرائع السياق والمعاني في كلام غير متناول باستعمال فهم المعاني—أي، البلاغة العربية. يفهم هذا الفرع مختلف المحددات التي تتعلق بالتداول اللغوي بالنسبة إلى السياق والمقام باعتبارهما شرطين أساسيين في الكيفية التي يحصل بها التواصل وإنتاج الدلالة بين مستعملي اللغة في علاقاتهم التخاطبية تدليلا وتوجيها، حيث حتى التواصل اللغوي لا يتم فقط بالاستناد إلى الكفاءة اللغوية، وإنما هناك جملة من الشروط غير اللغوية التي تتدخل في تحديد الأداء اللغوي. فالتداوليات هي المجال الذي يهتم بدراسة أفعال الكلام والاقتضاء والاستلزام التخاطبي، وذلك بالاشتراك مع مجالات فلسفة اللغة ومنطق الحجاج وتحليل الخطاب. ومن أبرز رواد التداوليات، هناك لودفيغ فتغنشتاين وجون لانغشاوأستين وأوزفالد ديكرو.

تعريف

تتباين آراء نقاد الحداثة في تعريف أوتحديد مصطلح "التداولية" فيعهدونها في سنة 1938م أنها "جزء من السيميائية التي تعالج العلاقات بين العلامات ومستعملي هذه العلامات"، ويرى غيره أنها "دراسة استعمال اللغة في الخطاب، شاهدة في ذلك على مقدرتها الخطابية".

وتشتمل على ثلاث عناصر هي:

  1. عنصر ذاتي يتمثل في التعبير عن معتقدات المتحدث ومقاصده واهتماماته ورغباته،
  2. عنصر موضوعي يتمثل في الوقائع الخارجية ومن ضمنها الظروف الزمانية والمكانية،
  3. عنصر يشير على الفهم المشهجرة بين المتحدث والمخاطب.

تفسر هذه العناصر أولا الأقوال المستعملة، ثانيا فهم المحيط الخارجي الذي تم فيه الخطاب الصادر من المتحدث، وثالثاقد يكون للغة الخطاب أثرها بين المتحدث والسامع من خلال تراكيب الجمل.

وقد وضع أوستين المفهوم اللغوي لهذا النوع من الخطاب باعتباره عملا لغويا، وقد ميز فيه بين ثلاثة مكونات هي:

  1. العمل القولي: أي حتى نقول شيئا ما.
  2. العمل المتضمن في القول: أي العمل المتحقق (المنجز) نتيجة قولنا شيئا ما.
  3. عمل التأثير بالقول: أي العمل المتحقق نتيجة قولنا شيئا ما.

يتم الأول نطقا بالصوت المؤلف لحدثات لها معنى. وفي الثاني يتضمن قولا بالإثبات أوالنفي أوالتمني إلخ... وفي الثالث ينجز عمل القول، أي خلق حالات الخوف أوالإقناع أوحمل المخاطب بسلوك معين. ورأى جون سيرل من بعده "أن إنجاز هذا العمل يتم من خلال أعمال فرعية: "التلفظ/ الإحالة/ الإثبات فضلا عن التأثير.

أما بول جرايس فقد وضعنا أمام سؤال: "لماذا يقول القائل شيئا وهويقصد ما يقوله،يا ترى؟ لكنه يريد حتى يقول شيئا آخر" وباللقاء كيف من الممكن أن يمكن للسامع "أن يفهم العمل اللغوي غير المباشر في حين حتى الجملة التي يسمعها تقول شيئا آخر"،يا ترى؟ من هذه الزاوية ينظر إلى التداولية على أنها تأويل قول المتحدث بعيدا عن المعنى المحدد الذي نطق به، ومن ثم فهم المراد منه.

"التداولية" اللقاء العربي الأشهر للمصطلح الإنجليزي (Pragmatics)، ذلك المصطلح الذي يتفق الدارسون على إرجاعه إلى الفيلسوف تشارلز موريس وقد عهدها بوصفها جزء من السيميائية(سيميوطيقا) تعالج العلاقة بين العلامات ومستعملي العلامات.

تعريف التداولية لغويا

ورد في معجم أساس البلاغة للزمخشري "دول": دالت له الدولة، ودالت الأيام، وأدال الله بني فلان من عدوهم، جعل الكثرة لهم عليه… وأديل المؤمنون على المشركين يوم بدر، وأديل المشركون على المسلمين يوم أحد… والله يداول الأيام بين الناس مرة لهم ومرة عليهم. وتداولوا الشيء بينهم، والماشي يداول بين قدميه، يراوح بينهما.

واتى في لسان العرب لابن منظور: تداولنا الأمر، أخذناه بالدول ونطقوا دواليك أي مداولة على الأمر، ودالت الأيام أي دارت، والله يداولها بين الناس، وتداولته الأيدي أخذته هذه مرة وهذه مرة، وتداولنا العمل والأمر بيننا، بمعنى تعاورناه فعمل هذا مرة وهذا مرة.

فالملاحظ على معاجم العربية أنها لا تكاد تخرج في دلالاتها للجذر "دول" على معاني: التحول والتبدل والانتنطق، سواء من مكان إلى آخر أم من حال إلى آخرى، مما يقتضي وجود أكثر من طرف واحد يشهجر في عمل التحول والتغير والتبدل والتناقل وتلك حال اللغة متحولة من حال لدى المتحدث، إلى حال أخرى لدى السامع، ومتنقلة بين الناس، يتداولونها بينهم، ولذلك كان مصطلح "تداولية" أكثر ثبوتا بهذه الدلالة من المصطلحات الأخرى الذارئعية، النفعية، السياقية.

ولعل هذا الثبوت لمصطلح التداولية هوالذي جعل الباحث المغربي طه عبد الرحمان يستحدث مفهوم "المجال التداولي" في ترجمته لمصطلح pragmatique، يقول في توصيفه للعمل" تداول": تداول الناس كذا بينهم يفيد معنى تناقله الناس ولفوه بينهم ومن المعروف أيضا حتى مفهوم النقل والدوران مستعملان في نطاق اللغة الملفوظة كما هما مستعملان في نطاق التجربة المحسوسة، فينطق: "نقل الكلام عن قائليه" بمعنى رواه عنه، وينطق دار على الألسن بمعنى جرى عليها، فالنقل والدوران يدلان في استخدامهما اللغوي على معنى التواصل وفي استخدامهما التجريبي على معنى الحركة بين الفاعلين، فيكون التداول جامعا بين اثنين هما: التواصل والتفاعل.

تعريف التداولية اصطلاحا

ويحسن التنبية إلى أمرين مهمين قبل الدخول في التعريف بالتداولية، وهما:

الأمر الأول: وجوب التفريق بين المصطلحين "براجماتكس" و"براجماتيزم"؛ لأن الأول يستخدم بكثرة في المجال اللغوي، ويستخدم الثاني بكثرة في مجال الفلسفة والثقافة الأمريكية خصوصا، ويترجم الأول إلى العربية بالتداولية غالبا، ويترجم الثاني بالذرائعية أوالنفعية غالبا.

الأمر الثاني: هوكثرة اللقاءات التي قدمت بإزاء المصطلح الإنجليزى "براجماتكس"، ترجمة أوتعريبا بالتداولية، والمقاماتية، والمقامية، وفهم المقاصد، والبراجماتية، والبراغماتية.إلخ، لكن المصطلح الأشهر في الاستعمال هوالتداولية. ويوضح محمود نحلة بعض الأسباب التي أدت إلى صعوبة وضع تعريف جامع مانع للتداولية ألا وهي:

  1. أن نشأتها لم تكن لغوية محضة، بل كان لفلاسفة اللغة دور ملحوظ في النشأة والتطور.
  2. أنها ليست فرعا أومستوى تحليليا من مستويات التحليل اللغوي.
  3. قد لا تنضوي التداولية تحت فهم من العلوم التي لها علاقة باللغة على الرغم من تداخلها مع هذه العلوم في بعض الجوانب.

وقد أشار د. عيد بلبع إلى حتى كنت باش قام بحصر إحصائي لتعريفات التداولية ومفاهيمها ووجد أنها تدور حول فكرة الاستعمال التي ترددت في أكثر التعريفات. كما ذكر د. نعمان بوفرة عدة تعريفات للتداولية قدمها فهماء عديدون تدور كلها حول الاستعمال والتلفظ وشروط الصحة، والالتفات إلى الجانب التواصلي للغة واستعمالها في الخطاب. ويمكن هنا عرض بعض تعريفات التداولية التي وردت عند الفهماء والدارسين على النحوالتالي:

  1. هي دراسة الأسس التي نستطيع بها حتى نعهد لم تكون مجموعة من الجمل شاذة تداوليا أوتعد في الكلام المحال كأن ينطق مثلا: أرسطويوناني لكنى لا أعتقد ذلك. وعلى الرغم من حتى إيضاح الشذوذ في هذه الجمل قد يحدث سبيلا جيدا للوصول إلى نوع من الأسس التي تقوم عليها التداولية فهولا يعد تعريفا شاملا لكل مجالاتها.
  2. هي دراسة جميع جوانب المعنى التي تهملها النظريات الدلالية، فإذا اقتصر فهم الدلالة على دراسة الأقوال التي تنطبق شروط الصدق فإن التداولية تعنى بما وراء ذلك مما لا تنطبق عليه هذه الشروط.
  3. هي دراسة اللغة في الاستعمال أوفي التواصل؛ لأنها تشير إلى حتى المعنى ليس شيئا متصلا في الحدثات وحدها، ولا يرتبط بالمتحدث وحده، ولا المتلقي وحده فصناعة المعنى تتمثل في تداول اللغة بين المتحدث والمتلقي في سياق محدد (مادي، واجتماعي، ولغوي) وصولا إلى المعنى الكامن في كلام ما.
  4. هي دراسة جوانب السياق تشفر شكليا في تراكيب اللغة، وهي عندئذ جزء من مقدرة المستعمل.
  5. هي الفهم الذي يعنى بالشروط اللازمة لكى تكون الأقوال اللغوية مقبولة وناجحة وملائمة في الموقف التواصلي الذي يتحدث فيه المتحدث.
  6. هي دراسة السياقات المتنوعة والوسائل المستخدمة لغويا للتعبير عن عمل معين.
  7. هي مجال استعمال اللغة في التواصل والفهم.
  8. ممضى لسانى يفهم علاقة النشاط اللغوي بمستعمليه، وطرق وكيفيات استخدام العلامات اللغوية بنجاح، والسياقات والطبقات المقامية المتنوعة التي ينجز ضمنها الخطاب، والبحث عن العوامل التي تجعل من الخطاب رسالة تواصلية واضحة والبحث في مسببات الفشل في التواصل باللغات إلخ..

نخلص مما تجاوز حتى التداولية هي "دراسة اللغة في الاستعمال أوالتواصل ".

وظائف اللغة وعلاقتها بفهم التداولية

لكي يتم فهم التداولية علينا النظر بإمعان إلى وظائف اللغة الستة للتواصل اللفظي الفعال كما اعتمدها رومان ياكوبسون. فكل لفظ يتوافق مع وظيفة الاتصال (لا يتم عرضه في هذه الصورة).

وصف رومان جاكوبسون ستة "عوامل تأسيسية" لحدث الكلام، جميع منها يمثل امتياز وظيفة لقاءة، وواحد منها فقط هوالمرجع (الذي يتوافق مع هدف سياق الخطاب). فكل من العوامل التأسيسية الستة والوظائف اللقاءة لها مشروحة بشكل تفصيلي أدناه.

العوامل الستة المكونة لحدث الكلام:

  1. سياق الكلام
  2. رسالة
  3. Addresser --------------------- المرسل
  4. الإتصال
  5. الشفرة

الوظائف الست للغة:

  1. مرجعي
  2. شاعري
  3. نفعالي ----------------------- 4-اعتزامي
  4. Phatic استهلاكي (وهومايتعلق بالعبارات اليومية المستهلكة مثل إلقاء التحايا وغيرها).
  5. metalingual رمزي ( عبارات رمزية تفيد معاني أعمق مثل قولك أكون أولا أكون للإشارة إلى اليأس).

تتوافق الوظيفة المرجعية مع عامل السياق في وصف حالة ذهنية معينة. يمكن حتى تتكون العبارات الوصفية للدالة المرجعية من مزيج من الأوصاف الواضحة والحدثات المخادعة، على سبيل المثال "أوراق الخريف سقطت جميعها الآن." فكأن المتحدث هنا يشير إلى سقوط أوراق الخريف بشكل واضح وهوتعبير يصف واقع الحال بينما يشير أيضا إلى معنى مبطن آخر قد لا يفهمه الآخرون.

تتعلق الدالة التعبيرية (التي يطلق عليها أحياناً "العاطفية" أو"المؤثرة") بالمتحدث وأفضل مثال على ذلك بعض التدخلات والتغييرات الصوتية الأخرى التي لا تغير المعنى الرمزي للحدثة ولكنها تضيف معلومات حول الحالة الشعورية أوالداخلية للعنصر (المتحدث)، على سبيل المثال "ياإلهي، يا لها من وجهة نظر!"

تعمل الدالة Conative على تشغيل المرسل إليه مباشرةً من خلال إعطاء بعض التوجيهات أوالأوامر، على سبيل المثال "آدم! تعال إلى الداخل وتناول الطعام!"

هجرز الوظيفة الشعرية على "الرسالة من أجل مصلحتها الخاصة" [16] وهي وظيفة المنطوق في الشعر وكذلك الشعارات.

بينما اللغة الإستهلاكية Phatic هي لغة من أجل التفاعل وبالتالي فهي مرتبطة بعامل الاتصال. يمكن ملاحظة وظيفة Phatic في التحيات والمناقشات غير الرسمية للطقس، خاصة مع الغرباء.

وظيفة الرمزية Metalingual (التي يطلق عليها بدلاً من ذلك الرمزية اللغوية "metalinguistic" أوالانعكاسية "reflexive") هي تعبير عن استخدام اللغة (أوما يطلق عليه Jakobson بالشفرة) بكيفية تصف فيها اللغة نفسها.

نشأة التداولية وأهميتها وأهدافها في البحث اللغوي

نشأة التداولية

يعود استعمال مصطلح التداولية إلى الفيلسوف تشارلز موريس انطلاقا من عنايته بتحديد الإطار العام لفهم العلامات، أوالسيمائية من خلال تمييزه بين ثلاثة فروع، وهي:

  1. الفرع الأول النحوأوالهجريب (Syntax): وهودراسة العلاقة الشكلية بين العلامات بعضها البعض.
  2. الفرع الثاني الدلالة (Semantics): وهي دراسة علاقة العلامات بالأمور التي تؤول إليها هذه العلامات.
  3. الفرع الثالث التداولية (Pragmatics): وهي دراسة علاقة العلامات بالأمور بمستعمليها وبمؤوليها.

ويمكن القول إذا مبتدع التداولية المفترض هوتشارلز بيرس إلا حتى تلميذه تشارلز موريس هوالذي أدخلها ضمن إطار نظري يعنى فيه هذا المصطلح "العلاقة بين العلامات ومستعمليها".

أما عن نشأة التداولية وظهورها في الفكر اللساني الغربي الحديث بحيث أصبحت تيارا موازيا لتيار البنيوية وتيار التوليدية التحولية، فقد اتفق الدارسون على حتى التداولية لتصبح مجالا يعتد به في الدرس اللغوي المعاصر إلا في العقد السابع من القرن العشرين بعد حتى قام على تطويرها ثلاثة من فلاسفة اللغة المنتمين إلى التراث الفلسفي لجامعة أكسفورد؛ هم: أوستن، وسيرل، وجرايس، وكانوا جميعا مهتمين بكيفية توصيل معنى اللغة الإنسانية الطبيعية من خلال إبلاغ متحدث رسالة إلى متلقي يفسرها. وكان هذا من صميم التداولية.

ويمكن إرجاع نشأة التداولية –بمفهومها اللغوي– إلى سنة 1955 عندما ألقى جون أوستن محاضراته في جامعة (هارفارد) ولم يكن يفكر في تأسيس اختصاص فلسفي للسانيات، فقد كان هدفه تأسيس اختصاص فلسفي حديث هوفلسفة اللغة.

يستنتج مما تجاوز حتى التداولية –بوصفها منهجا يهتم بدراسة اللغة في الاستعمال ويكشف عن معنى المتحدث ومقاصده في السياق المحدد– اشهجر في تأسيسه في العصر الحديث تياران رئيسيان هما: تيار تشارلز موريس، وتيار مدرسة أكسفورد. ولقد أفاد تشارلز موريس في التأسيس للتداولية من خلال "سيمائية ثلاثية الأبعاد". الأسباب التي أدت إلى ظهور التداولية وتطورها وازدهارها:

  1. أسباب داخلية.
  2. أسباب خارجية.

أولا: الأسباب الداخلية:

  1. اللسانيات التوليدية التحويلية التي لاحظت وجود ظواهر هجريبية ظاهرية يستحيل تفسيرها دون مراعاة السياق.
  2. أن النحولا ينبغى تفسيره، أوصياغة قواعده على أساس الحدس اللغوي بل على أساس ملاحظة الاستعمال الحقيقي للغة محل الدراسة.
  3. إقصاء "الدلالة" من البحث اللساني في التيارات البنيوية وخصوصا الأمريكية.

ثانيا: الأسباب الخارجية:

  1. ازدهار بعض العلوم والميادين المعهدية التي ترتبط باللغة كالمعالجة الآلية للغة في التوثيق والترجمة الآلية.
  2. الحاجة الشديدة إلى استثمار منجزات اللسانيات في علوم مختلفة كالشعرية والبلاغة والأسلوبية.
  3. الحاجة إلى البعدين الدلالي والتداولي إلى جانب البعد النحوي الهجريبي ومنها:الحاجة إلى اتباع التوصيات الفهمية العامة التي تطلب إنجاز الدراسات التكاملية، وترفض اختزالية الاتجاهات البنيوية والتوليدية.

أهمية التداولية

  1. معالجة أوجه القصور التي عانت منها البنيوية والتوليدية.
  2. تنقل الاهتمام من اللغة المجردة إلى اللغة المستعملة من قبل المتحدث، ليتحول الدرس اللساني إلى تفهم للإنجاز اللغوي.
  3. التأكيد على ارتباط المتحدث بالسياق الخارجي ارتباطا وثيقا مؤثرا في تحديد المعنى الذي يقصده المتحدث.

4 رد على المنهج البنيوي.

أهداف التداولية

  1. دراسة استعمال اللغة.
  2. شرح كيفية جريان العمليات الاستدلالية في معالجة المنطوقات.
  3. شرح مسببات فشل المعالجة اللسانية البنيوية في معالجة المنطوقات.
  4. بيان مسببات أفضلية التواصل الغير المباشر وغير الحرفي على التواصل الحرفي المباشر.

مجالات البحث التداولي

نظرا لظروف نشاة التداولية، واهتمامها بالمعنى المراد في داخل السياق بين متحدث بعينه ومتلقي بعينه، ونظرا لترتيب البحث التداولي بعد البحث الهجريبي والبحث الدلالي، نلاحظ اتساع مجالات البحث في التداولية، فالتداولية تعرض للمعنى الاستعمالي، وهذا يتضمن دراسة المنطوق اللغوي، وبعد ذلك دراسة المتحدث وكل ما يتصل به، وما هدفه أوقصده، ثم المتلقي وعلاقته بالمتحدث، وفهم العناصر الآخرى التي تؤثر في فهم المعنى، فقام الباحثون بالتأكيد على حتى البحث التداولي يقوم على أربعة جوانب هي:

  1. الإشاريات (Deixis).
  2. الافتراض السابق (Presupposition).
  3. الاستلزام الحواري (Conversational implicature).
  4. الأفعال الكلامية (Speech acts).

الإشاريات Deixis

يوجد في جميع اللغات حدثات وتعبيرات تعتمد اعتمادا تاما على السياق الذي تستخدم فيه، ولا يستطاع إنتاجها أوتفسيرها بمعزل عنه، فإذا قرأت الجملة الآتية مقتطعة من سياقها (سوف يقومون بهذا العمل غدا) وجدتها شديدة الغموض؛ لأنها تحتوي على عدد من العناصر الإشارية التي تعتمد تفسيرها اعتمادا تاما على السياق الذي قيلت فيه، وفهم المرجع الذي تحيل إليه، ومن هذه العناصر: واوالجماعة، واسم الإشارة (هذا) وظرف الزمان (غدا)، ولا يتضح معنى هذه الجملة إلا إذا عهدنا ما تشير إليه.

وأيضا قد تسمى المعينات، وهي تعبيرات تحيل إلى مكونات السياق الاتصالي، وهي المتحدث والمتلقي وزمن المنطوق ومكانه.إلخ. وتنقسم الإشارية إلى:

  1. الإشاريات الشخصية Personal Deixis.
  2. الإشاريات الزمني Temporal Deixis.
  3. الإشاريات المكانية Spatial Deixis.
  4. الإشاريات الاجتماعية Social Deixis.

الإشاريات الشخصية Personal Deixis

أوضح العناصر الإشارية الدالة على الشخص هي الضمائر المتحدث أنا ونحن، وضمائر المخاطب مفردا ومؤنثا، وضمائر الغيبة مفردا أومثنى أوجمعا مذكرا أومؤنثا.

وقد ينشأ نوع من اللبس في استخدام الضمائر إذا تعددت مراجعها، أوتبادل جميع من المتحدث والمخاطب أدوار الكلام فأصبح المتحدث مخاطبا والمخاطب متحدثا، أونقل متحدث كلاما لمتحدث آخر، كأن يقول رجل: نطق زيد أنا قادم الليلة/ هوقادم الليلة، فلا يدري من (أنا) أهوزيد أم غيره.

الإشاريات الزمنية Temporal Deixis

وهي حدثات تدل على زمان يحدده السياق بقياس إلى زمان المتحدث، فزمان المتحدث هومركز الإشارة الزمنية في الكلام، فإذا لم يعهد زمان المتحدث أومركز الإشارة الزمنية التبس الأمر، فإذا قلت مثلا "نلتقي الساعة العاشرة" نجد حتى زمان التحدث وسياقه يحددان المقصود بالساعة العاشرة صباحا أم مساء اليوم أوغدا.

الإشاريات المكانية Spatial Deixis

وهي عناصر تشير إلى أماكن يعتمد استعمالها وتفسيرها على فهم مكان المتحدث ووقت التحدث، أوعلى مكان آخر معروف للمخاطب أوالسامع، ويكون لتحديد المكان أثره في اختيار العناصر التي تشير إليه قربا أوبعدا، ويستحيل على الناطقين باللغة حتى يفسروا حدثات مثل هنا وهناك، وهذا وذاك ونحوها إلا إذا وقفوا على ما تشير إليه بالقياس إلى مركز الإشارة إلى الكلام، فهي تعتمد على السياق المادي المباشر الذي قيلت فيه.

الإشاريات المكنية في اللغة الإنجليزية
للإشارة إلى الشيء القريب من المتحدث This
للإشارة إلى الشيء البعيد من المتحدث That
الإشاريات المكنية في اللغة الكورية
للإشارة إلى الشيء القريب من المتحدث (이(ee
للإشارة إلى الشيء البعيد عن المتحدث ولكن قريب من المخاطب (그(geu
للإشارة إلى الشيء البعيد عن المتحدث والمخاطب (저(djo

وقد يحدث لما يسمى التقابل الإشاري أثر حاسم في فهم بعض الأفعال مثل يأتي ويمضى في اللغة العربية والإنجليزية والكورية. فنجد حتى هذه الأفعال:

هذه الأفعال تتضمن حركة من المتحدث نحوغيره. يمضى / (to go/ 가다(ga-da
هذه الأفعال تتضمن حركة نحوالمتحدث. يأتي/ (to come/ 오다(o-da

الإشاريات الاجتماعية Social Deixis

وهي ألفاظ أوعبارات تشير إلى العلاقة الاجتماعية بين المتحدثين والمخاطبين من حيث هي علاقة رسمية formal، أوغير معتمدة informal، أوعلاقة حميمة intimacy أوغير حميمة non-intimacy أوغير ذلك من مستويات العلاقة.

والعلاقة الرسمية يدخل فيها صيغ التبجيل(honorific forms) في محاورة من هم أكبر سنا ومقاما من المتحدث كاستخدام vous في اللغة الفرنسية للمفرد المخاطب تبجيلا له، أومراعاة للمسافة الاجتماعية، أوحفظا للحوار في إطار رسمي. أما الاستعمالات غير الرسمية والحميمة فتتخلص من هذه القيود جميعا.

الاشارات الاجتماعية في اللغة العربية تضم صيغ
  1. الألقاب مثل فخامة الرئيس، الأمام الأكبر، جلالة الملك، سموالأمير، فضيلة الشيخ،
  2. السيد، السيدة، الآنسة،
  3. حضرتك، سيادتك، سعادتك، جنابك،
  4. معالي الباشا، هانم.
الاشارات الاجتماعية في اللغة الكورية

نجد حتى الإشارات الاجتماعية في اللغة الكورية كثيرة ومتأصلة في المجتمع فنجد سبع مستويات للكلام ويختلف استخدامهم وفقا للعلاقة بين المتحدث والمخاطب. ويسمى الاحترام في اللغة الكورية(높임말nop-im-mal أو(존댓말djon-deat-mal) وفي لقاءة صيغ عدم التبجيل أوصيغ التقليل الذي تسمى (반말 ban-mal وتستخدم صيغ عدم التبجيل بين الأصدقاء وبين المتحدث والمخاطب إذا كان بينهم علاقة حميمة. ويستخدم الكوريون الألقاب فيستخدموا (씨 shi) أو(선생님son-seng-nim) بعد اسم الشخص كثيرا.

ويستخدم الكوريون النهايات (ㅂ니다 m-ni-da/ 습니다seum-ni-da) مع الأفعال في المواقف الرسمية أما في المواقف الغير الرسمية يستخدمون النهايات مع الأفعال (아요a-yo/어요o-yo/여요yo-yo)

ومن أشهر الأمثلة هي التحية الكورية فنجد أن:

تستخدم في المواقف الرسمية الإشاريات المكانية (안녕하십니까? (Ann-yeong-ha-shim-ni-gga
تستخدم في المواقف الغير الرسمية ولكن مع من هوأعلى مقاما أوأكبر سنا 안녕하세요?(Ann-yeongha-seah-yo)
تستخدم في المواقف الغير الرسمية بين الأصدقاء وبين المتحدث والمخاطب إذا كان بينهم علاقة حميمة. (안녕(Ann-yeong

الافتراض السابق Presupposition

يعنى الافتراض السابق بالمعلومات المشهجرة بين المتحدث والمتلقي، أي يوجه المتحدث حديثه إلى السامع على أساس مما يفترض سلفا انه معلوم له، فإذا نطق رجل لرجل آخر (أغلق النافذة)، فالمفترض سلفا حتى النافذة مفتوحة، وأن هناك مبررا يدعوإلى إغلاقها، وأن المخاطب قادر على إغلاقها، وأن المتحدث في منزلة الآمر، وكل ذلك موصول بسياق الحال وعلاقة المتحدث بالمخاطب؛ وتتضح أهمية الافتراض السابق في تأسيس المتحدث حديثه وتواصله مع المتلقي على أساس المعلومات السابقة المشهجرة بينهما.

الاستلزام الحواري Conversational implicature

يرجع البحث في هذا المجال إلى الفيلسوف "جرايس" حتى الناس في حوارتهم:

  1. قد يقولون ما يقصدون،
  2. قد يقصدون أكثر مما يقولون،
  3. قد يقصدون عكس ما يقولون.

فحاول إيضاح الاختلاف بين ما ينطق وما يقصد، فما ينطق هوما تعنيه الحدثات والعبارات بقيمها اللفظية الظاهرة، وما يقصد هوما يريد المتحدث حتى يبلغه إلى السامع على نحوغير مباشر، اعتمادا على حتى السامع قادر على حتى يصل إلى مراد المتحدث بما يتاح له من أعراف الاستعمال ووسائل الاستدلال فحاول إقامة معبرا بين المعنى الصريح explicit meaning والمععنى المتضمن inexplicit meaning ومن هنا نشأت فكرة الاستلزام implicature.

ورأى جرايس حتى من أبرز مبادئ لحل معضلة سوء التفاهم الذي تنشأ بين الناس مبدأ التعاون ومبدأ التأدب في الكلام.

مبدأ التعاون Principle of co-operation

يعد من أبرز المبادئ التي تهتم به التداولية لأنه مهم في إنجاح المحادثة، أي حتى المتحادثين يتعاونون لاستمرار الحديث من خلال المساهمة والمشاركة في الحدث الكلامي المتواصل.

وهوحتى تجعل اسهامك في التخاطب بحسب الحاجة؛ أي يقع في الحال التي ينبغي حتى يقع فيها، وفقا للغرض المقبول، ووفقا لاتجاه المبادلة الكلامية. ومبدأ (التعاون) يتجسد في أربعة مبادئ فرعية هم:

  1. مبدأ الكم Principle of quantity: هوحتى تجعل إسهامك في الحوار بالقدر المطلوب دون حتى تزيد عليه أوتنقص منه.
  2. مبدأ الكيف Principle of quality: هوألا تقل ما تعتقد أنه غير سليم، ولا تقل ما ليس عندك مرشد عنه.
  3. مبدأ المناسبة/ العلاقة Principle of relevance/ relation: هوحتى تجعل كلامك ذا علاقة مناسبة بالموضوع؛ ولهذا المبدأ مظهران وهما حتى اسهامك يرتبط بمحور بعينه ويكون لهدف بعينه.
  4. مبدأ الطريقةPrinciple of manner: هوحتى تكن واضحا ومحددا؛ فتجنب الغموض واللبس، وأوجز، ورتب كلامك.

ولكن الملاحظ حتى الناس كثير ما يخالفون هذا المبدأ، فرأى كثير من الباحثين حتى مبدأ التعاون تعبير عن فردوس الفلاسفة وإنه لا يمت إلى الواقع بصلة، وهذا الانتهاك للمبادئ هوالذي أدى إلى الاستلزام الحواري.

مبدأ التأدب في الكلام

وهذا المبدأ لا يقل أهمية عن مبدأ التعاون، يفرض على المتحدثين حتى يحترم بعضهم بعضا في الكلام كأن يحاول إنسان الأعتذار أوتهوين تبليغ خبر أومؤلم أومزعج.

ويختلف مبدأ التأدب في الكلام من بلد لبلد ومن حضارة لحضارة أخرى؛ فنجد مثلا اختلاف طرق "الاعتذار" بين البلاد العربية وكوريا؛ فيبدأ الكوريون بالاعتذار مباشرة ثم قول الأسباب ولكن الاعتذار عند العرب غير مباشر، فيبدأ العرب بقول الأسباب ثم الاعتذار، وأحيانا قد يؤدي هذا الاختلاف بين الثقافات والحضارات إلى سوء التفاهم بين الشعوب.

الأفعال الكلامية Speech acts

"العمل الكلامي" هوجميع ملفوظ ينهض على نظام شكلي دلالي إنجازي تأثيري، ويعد نشاطا ماديا نحويا يتوسل أفعال قولية locutionary act لتحقيق أغراض إنجازية كالطلب والأمر والوعد والوعيد، وغايات تأثيرية illocutionary act تخص ردود عمل المتلقي كالرفض والقبول، ومن ثم فهوعمل تأثيريا أيقد يكون ذا تأثير في المخاطب اجتماعيا أومؤسساتيا، ومن ثم إنجاز شيئا ما.

وقد توصل أوستن إلى تقسيم "العمل الكلامي الكامل" إلى ثلاثة أفعال فرعية:

  1. عمل القول/ العمل اللغوي/ العمل اللفظي Locutionary act: هويتألف من أصوات لغوية تنتظم في هجريب نحوي سليم ينتج عنه معنى محدد، وهوالمعنى الأصلي.
  2. العمل الإنجازي/ العمل المتضمن في القول Illocutionary act: هوما يؤديه العمل اللفظي من معنى إضافي يكمن خلف المعنى الأصلي (أي ينجز الأمور والأفعال الاجتماعية بالحدثات).
  3. العمل التأثيري/ العمل الناتج عن القول Perlocutionary act: هوالأثر الذي يحدثه العمل الإنجازي في السامع.

ورأى أوستن ان العمل اللفظي لا ينعقد الكلام إلا به، والعمل التأثيري لا يلازم الأفعال جميعا فمنها ما لا تأثير له في السامع، فوجه اهتمامه إلى العمل الإنجازي ونشا النظرية الإنجازية.

وقدم أوستن تصنيفا للأفعال الكلامية على أساس قوتها الإنجازية illocutionary force إلى خمسة أصناف:

  1. أفعال الأحكام: وهي تتمثل في حكم يصدره قاض أوحكم.
  2. أفعال القرارات: تتمثل في إتخاذ قرار بعينه كالحرمان أوالطرد.
  3. أفعال التعهد: تتمثل في تعهد المتحدث بعمل شئ مثل الوعد أوالقسم أوالضمان.
  4. أفعال السلوك: وهي رد عمل لحدث ما كالاعتذار أوالشكر أوالمواساة.
  5. أفعال الإيضاح: وتستخدم لإيضاح وجهة النظر أوبيان الرأي مثل الاعتراف أوالموافقة أوالتشكيك.

ونجد حتى ما قدمه أوستن لم يكن كافيا لوضع نظرية متكاملة للافعال الكلامية، فاتى سيرل وطور هذه النظرية على أساس "الأفعال الإنجازية" و"القوة الإنجازية" كما يلي:

  1. نص على حتى العمل الإنجازي هوالوحدة الصغرى للاتصال اللغوي، وأن للقوة الإنجازية مرشد يسمى "دليل القوة الانجازية"، يبين لنا نوع العمل الإنجازي الذي يؤديه المتحدث بنطقه للجملة.
  2. العمل الكلامي لا يقتصر على مراد المتحدث فقط، ولكنه مرتبط بالعهد اللغوي والاجتماعي.
  3. جعل سيرل شروط الملائمة أربعة وهم:
  • الشرط المحتوى القضوي: يتحقق في عمل الوعد.
  • الشرط التمهيدي: يتحقق إذا كان المتحدث قادر على إنجاز العمل.
  • الشرط الإخلاص: يتحقق حينقد يكون المتحدث مخص في أداء العمل، فلا يقول غير ما يعتقد، ولا يزعم إنه قادر على عمل ما لا يستطيع.
  • الشرط الأساسي: يتحقق حين يحاول المتحدث التأثير في السامع لينجز العمل.

ثم قدم سيرل تصنيفا بديلا لما قدمه أوسطن للأفعال الكلامية يقوم على أساس ثلاثة أسس منهجية هي:

  1. الغرض الإنجازي Illocutionary point.
  2. اتجاه المطابقة direction of fit.
  3. شرط الإخلاص sincerity condition.

ثم جعلها خمسة أصناف:

  • الاخباريات informative
  • التوجيهات directive
  • الالتزاميات assertive
  • التعبيرات expressive
  • الإعلانيات declarative

وأخيرا استطاع سيرل حتى يميز بين الأفعال الإنجازية المباشرة وهي التي تطابق قوتها الإنجازية مراد المتحدث، والأفعال الإنجازية الغير المباشرة وهي التي تخالف فيها مراد المتحدث.

وبهذا طور سيرل نظرية أوستن للأفعال الكلامية على أساس الأفعال الإنجازية، وبهذا لا تكون اللغة مجرد أداة للتواصل كما تتصورها المدارس الوظيفية أورموز للتعبير عن الفكر، وإنما هي أداة لتغيير العالم وصنع احداثه والتغيير فيه.

الاتصال والتداولية

التداولية من مكونات النظرية السيميائية الجوهرية التي تدرس العلاقات بين العلامات ومستخدميها. ويشير فان دايك إلى حتى التداولية، ينبغي لها حتى تخصص للمجال العملي أوالإجرائي الذي يقوم على قوانين اللغة وماقد يكون لها من آثار في إنتاج المنطوقات وتفسيرها، وهي بوجه خاص لا بد حتى تسهم في تحليل الشروط التي تجعل المنطوقات مقبولة في موقف بعينه عند متحدثي اللغة. استمدت التداولية في جوهرها من فلسفة اللغة، لاسيما نظرية أفعال الكلام، واستمدت من تحليل المخاطبات ومن الاختلافات الثقافية في التفاعل اللغوي على الشكل الذي تراه العلوم الاجتماعية.

ووفقا لذلك فأننا ندرس تداولية الإتصال من أربعة جوانب:

  1. التداولية وقوانين التفاعل.
  2. التداولية وقوانين التفسير.
  3. التداولية والمقصدية.
  4. التداولية والموقفية.

التداولية وقوانين التفاعل

إذا كانت اللغة نظاما، أي طائفة من العناصر التي يشغل جميع عنصر منها وظيفة الإسهام في تشغيل الكل، فإن السلوك الإتصالي communication behavior يحدد النظر إلى اللغة بأنها نظام تفاعلي ما ملاحظة الارتباط بين مستوياتها، وبين العوامل المعهدية والموقفية والثقافية. وقوانين التفاعل rules of interaction هي مجموعة كامنة من القوانين غير اللغوية التي تحكم زمن وقوع الكلام، وكيفية وقوعه ومدى تكراره لدى جماعة معينة وهي تختلف باختلاف المجتمعات.

وللتفاعل معايير تحكم المسافة الفيزيقية بين المشاركين في واقعية كلامية بعينها وخاصة في المحادثة؛ ومثال ذلك يلاحظ حتى العرب وشعوب آخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط وشعوب أمريكا اللاتينية يفضلون التفاعلات التي تقع عن قرب في المسافة، بينما يفضل الناس في شمال أوروبا الاحتفاظ بالمسافة فيما بينهم. هكذا تحكم قوانين التفاعل النشاط الاتصالي وتوجهه، وعندما تنكسر قوانين التفاعل ينتج الارتباك أوالحيرة، ولذلك يجب على قوانين التفاعل.

التداولية وقوانين التفسير

تمتلك الجماعات الكلامية قوانين متفردة لتفسير الرسائل سواء اللفظية أوغير اللفظية، وقد كانت قوانين التفسير rules of interpretation من مكونات الكلام الجوهرية، فتختلف بين الأفراد من جماعات كلامية مختلفة، كما أنها تتبع نظم المعتقد في جماعة بعينها، وتختلف من ثقافة إلى أخرى وقد تختلف داخل المجتمع الواحد إذا كان من المجتمعات المتعددة الأشكال، ولا شك حتى الوعي بتلك الاختلافات والحاجة إلى الفهم أمور هامة في الاتصال بين الثقافات.

التداولية والمقصدية

كان من أبرز مجالات العمل في فهم اللغة النصي، التمييز بين العوامل النصية الخارجة عن النص والعوامل النصية الداخلية، وقد بحثت العوامل الخارجة عن النص في إطار الإتصال النصي، وفي إطار تداولية النص، وأن هناك دائما دوافع وإستراتيجيات تمنع إنشاء النص والانتفاع به، فيجب فهم هذه الدوافع والإستراتيجيات. ويبين سوونسكي حتى تداولية النص قد عنيت ببحث عوامل التحقيق النصي الخارجة عن النص بالدرجة التي تعيين بها هذه العوامل إنجاز النص وصيغته ومقصده.

كان دوبوجراند ودرسلر قد حددا معايير سبعة للنصية textuality، جعل منها القصدية intentionality، التي تدخل مع الموقفية situationality، في مجال اختصاص تداولية النص. وبالرغم من حتى السبك cohesion والحبك coherence من أوضح معايير النصية التي نعتبرهما معا يشيران إلى كيفية تكيف العناصر المكونة للنص بعضها مع بعض لصنع المعنى غير حتى أفكارنا عن السبك والحبك لا تبدونافعة في دراسة النص إلا إذا تعاملت مع كيفية قيام الصلات والعلاقات بين المتواليات الإتصالية، إذا السبك والحبك لا يمكن لهما حتى يقدما فواصل مطلفا بين النصوص واللا نصوص في الإتصال العملي، وأن الهجريب اللغوي ينبغي حتى يقصد إلى حتىقد يكون نصا مقبولا حتى يصير نافعا في التفاعل الإتصالي.

ويتضمن مبدأ المقصدية مقاصد منتج النص، ويستطيع منتج النص بحسب الحاجة حتى يقلل الحبك عن عمد لعمل تأثير خاص، إذا المقصدية هي جميع الطرق التي يستخدمها منتجوا النص لتعقب مقاصدهم. واهتم هايمس بالأغراض والأهداف purpose and goals، وجعلها من مكونات الكلام الجوهرية وهي من مكونات التداولية أوغير اللغوية، فكل الأحداث لها أغراض، ويستطيع الأفراض على جميع مستوى من مستويات اللغة تسخير النظام لعوامل شخصية أوجماعية أولمؤثرات فنية.

التداولية والموقفية

الموقف من العوامل الخارجة عن النص ويعني في دراسة الموقف بتقرير العوامل الاجتماعية التي تكون خلفية المنطوق أوالنص، والتي ترتبط بظروف إنتاجه وعدد المشاركين وطبيعة شخصياتهم والمجالات التي يتحدثون فيها وما يصاحب الكلام من أفعال وحركات جسمية.إلخ. ويعهد فيشمان الموقف بأنه الوقوع المتصاحب لمتحدثين أوأكثر يرتبط إحداهما بالآخر ارتباط خاص، ويقيمان بينهما اتصالا حول محور بعينه، في وضع خاص.

وكان مالينوفسكي قد عرض لما أسماه سياق الموقف context of situation وهومحيط الكلام، وكان يرى ضرورة تحديد ما يخرج عن المحيط المباشر، وقد قدم مالينوفسكي فكرتين ضرورتين لفهم النص فهما مناسبا؛ الفكرة الأولى سياق الموقف، والثانية سياق الثقافة، فينبغي حتى تفهم جميع اللغات في سياقها الموقفي. وقد تبع فيرث مالينوفسكي في عنايته بخلفية اللغة الثقافية، ولكنه عثر حتى تصور مالينوفسكي سياق الموقف لم يكن مناسبا تماما لاغراض النظرية اللغوية، فكان فيرث في حاجة إلى مفهوم للسياق يمكن حتى يشكل في نظرية لغوية عامة مفهوم أكثر تجريدا من ذلك المفهوم، من أجل ذلك خلق فيرث إطارا لوصف سياق الموقف، وكانت مكونات السياق عنده:

  1. المشاركون في الموقف.
  2. عمل المشاركين، أي ما يعملون بما في ذلك العمل اللفظي والعمل الغير اللفظي.
  3. سمات أخرى تناسب الموقف كالأمور والوقائع المحيطة.
  4. تأثيرات العمل اللفظي أي ما يطرأ من تغييرات ناتجة عما يقوله المشاركون.

وبد ذلك اتى هاليداي الذي أهتم بالموقف من منظور سيميائي اجتماعي، وقد وضح حتى اللغة تحيا فقط عندما توظف في محيط بعينه، ويحدد هاليداي عناصر النظرية السيمائية الاجتماعية للغة، بالنص والموقف والتنوع النصي أوالسجل، والشفرة، والنظام اللغوي، والبنية الاجتماعية، وهذه العناصر تكون هي الأساس في نظرية اللغة السيميائية الاجتماعية، ويعنينا هنا الموقف. والموقف هوالمحيط الذي يولد فيه النص، وقد أكد هاليداى ضرورة عرض الموقف في حدود أكثر تجريدا، وهذا يعني حتى الموقف بنية لغوية اجتماعية نظرية. وأيضا هوبنية سيميائية، ويمكن حتى تعرض البنية السيميائية لنمط موقفي على أنها مكونة من ثلاثة أبعاد:

  • حقل الخطاب field.
  • مجرى الخطاب tenor
  • صيغة الخطاب mode.

واتى مورلي واضاف إلى ما تقدم ضلعا رابعا وهذا الضلع هودور الخطاب role of discourse ويعني به وظيفته الاجتماعية. ويحاول بعض اللغويين التمييز بين الموقف والسياق، فإذا كان الموقف هومجموعة العوامل الاجتماعية المتنوعة، التي تكون خلفية الحدث الإتصالي ومحيطه، فإن السياق كما يرى مورلي فهومستوى يقع بين الشكل form والموقف situation ويستخدم السياق عنده لجدولة مظاهر الموقف التي تؤثر في الشكل المختار.

ومن ناحية أخرى فقد اتخذ سول الموقف عاملا من عوامل التمييز بين الرسالة المنطوقة والرسالة المكتوبة، ففي الرسالة المنطوقة يشهجر المرسل والمستمع في موقف غير لغوي بعينه، وفي الرسالة المكتوبة ينبغي للمحرر حتى يخبر القارئ بالموقف، ويؤكد سول على أهمية فهم الموقف في فهم اللغة المنطوقة، وفي الوقت نفسه يشي إلى حتى المحادثات المكتوبة لا تفهم من غير المشاركين فيها.

وبالرغم من هذا التمييز بين الموقف والسياق فأن بعض اللغويون مازال يخلطون بينهما، كما في درس بنية السياق عند دايك، وأيضا في قائمة السياق التي صنفها إنكست، جمع فيها ما أسماه عناصر السياق النصي وعناصر السياف الخارج عن النص التي هي الموقف.

ومن الأفضل حتى نجعل مثل هذا التمييز بين ثلاثة مفاهيم أساسية، هي الموقف، والسياق، والسياق الموقفي. فالموقف يبنى على العوامل الاجتماعية والثقافية والسلوكية التي تصاحب الحدث، أما السياق فيختص بالسياق اللغوي، أما السياق الموقفي فهومشهجر بين كلا النوعين.

النص الأدبي بوصفه اتصالا

يرى كثير من فهماء اللغة حتى النص هوحصيلة الكفاءة اللغوية لمؤلف بعينه، وقد عني فهم اللغة النصي بتوصيف النص من الناحية الاتصالية، وفي النص الأدبي لا نجد المرسل الذي ينقل رسالته إلى المستقبل نقلا مباشرا كما هي الحال عادة، ولكننا نجد موقفا اتصاليا داخل موقف اتصالي آخر. وأن الاتصال الأدبي يوجه إلى غير معروفيين للمؤلف، وفي النص الأدبي نجد حتى هذا النص الذي ينتجه المؤلف على إطلاقه ويقبل اجتماعيا على إطلاقة أيضا.

تأصيل التداولية عند العرب أوارهاصات التداولية عند العرب

بدراسة التداولية نجد حتى مبادئ التداولية الحديثة حاضر في تراثنا العربي، ولوبمصطلحات مختلفة، وذلك من بداية طلائع الدرس اللغوي، وصولا إلى النقاد والبلاغيين المتأخرين. فإذا بحثنا عن "مبدأ القصدية" لوجدنا له أثرا بينا عند سيبويه. ففي حديثه عن الأفعال التي تقتدي مفعولين، يكشف عن حتى التأليف النحوي يخضع في المقام الأول لمراد المتحدث، فمثلا أصل (ظننت) حتى يتعدى إلى مفعولين صريحين، نحوظننت الجوصحوا، أوغير صريحين حيثقد يكونان في صورة الجملة المصدرية، وذلك عندماقد يكون قصد المتحدث ومراده حتى يبين ما وقر عنده من حال المفعول الأول يقينا أوشكا.

ويتضح ذلك ضمن نظرية الأمام الجرجاني، في إلحاقه الألفاظ للمعاني، وربطهما بمقاصد المتحدثين، وفي حديثه عن ذكر المفعول وحذفه، العائدين إلى مراد المتحدث نطق: "فافهم حتى أغراض الناس تختلف في ذكر الأفعال المتعدية، فهم يذكرونها تارة، ومرادهم حتى يقتصروا على إثبات المعاني التي اشتفت منها للقاعلين، من غير يتعرضوا لذكر المفعولين."، ومرة أخرى نجد إنه يذكر القصدية عند المتحدث تحت تسمية "معاني النفس"، ويربطها بغرض الناطق، فقد يوجب تقديما أوتأخيرا، أوحذفا أوذكرا، أووصلا أوفصلا.

ومن جهة فإن القصدية ترتبط بالمخاطب أي الطرف المستمع، لا بوصفه طرفا منتجا أساسيا، بل مراعى في العملية التواصلية، لأننا إذ نتحدث لا ننظر إلى الآخرين باعتبارهم طرفا مستهلكا، مفعولا سلبيا بل طرفا فاعلا، وهذا ما أشار إليه سيبويه في باب الإخبار عن الذكر بالنكرة، باعتبار الحال مخاطب، نطق:"وإنما حسن الإخبار ههنا- أي عبارة: ما أحد مثلك- عن النكرة حيث أردت حتى تنفي حتىقد يكون في مثل حاله شئ فوقه؛ لأن المخاطب قد يحتاج إلى حتى تفهمه مثل هذا. ولوقلت. كان الرجل ذاهبا، فليس في هذا شيء تفهمه كان يجهله."

ولكن في نطقب التقعيد لآلة البلاغة، نجده عند الجاحظ خط لما نقله أبوالأشعث عن الهنود، جاعلا من شروط التواصل الناجح حتى يراعي المتحدث مخاطبه، "فلا يحدث سيد الأمة بكلام الأمة، ولا الملوك بكلام السوقة.". ويوضح أيضا أنه ينبغي للمتحدث حتى يعهد أقدار المعاني، ويوازن بينهما وبين أقدار السامعين وبين أقدار الحالات، فيجعل لكل طبقة من ذلك كلاما ولكل حالة من ذلك مقاما. فلا عبرة حتى يعمد المتحدث إلى ألفاظه، فينتقيها انتقاء، ثم ينظمها على ما يقتضيه أومخالطته لفنون القول وأضرب الكلام، فلا بد حتى ينتقي من ذخيرة التواصل ما كان من الألفاظ سهلا معتادا. وهوما نص عليه الجاحظ والجرجاني، بل إذا السامع هومعيار الكلام أحيانا، ودرجته تتحدد بناء على ردة عمله حياله فبلاغة اللفظ وشرف المعنى والبعد عن الشذوذ كان له التأثير المرغوب في السامع.

كما يرى حازم القرطاجني حتى التأثير يعد الغاية في جميع موقف، وقد تنتهك بعض خصوصيات الخطاب بقدر ما تحقق الغاية المرجوة، وقد ذكر لذلك الانتهاك نموذجين؛ أولهما استعمال الإقناعات وهي خاصية ملازمة للحجاج في فن الخطابة وفي الشعر، وأما ثانيهما فاستعمال التخييل الذي هوقوام الشعر في مقولات الخطابة، لأن الغرض في القولين واحد وهو"إعمال الحيلة في إلقاء الكلام من النفوس بمحل القبول للتأثر لمقتضاه. وأيضا قد أشار إليها ابن سينا عندما اعتبر حتى العرب إنما تقول الشعر لأحد غرضين، أولهما لتؤثر في النفس أمرا من الأمور تهيأ به لعمل أوانفعال، والثاني للعجب، والمقصود به التخييل المستعمل كأحد وسائل تقريب المعنى.

وتعني التداولية أيضا بـ"العقد اللغوي" الذي يجب مراعاته لصالح عملية الخطاب بقصد التأثير؛ فالعقد هوالقاسم المشهجر بين طرفي الخطاب، انطلاقا من القاموس، أي الألفاظ وتواضعات ارتباطاتها بمدلولاتها وفق سنن الجماعة وصولا إلى قوانين التأليف، وهي قوانين هجريبية محضة، ثم قوانين التأويل وهي ذات مسارات دلالية عالية أبعد من تعيين الملفوظات لمسمياتها في عالم الأمور.

وقد نبه سيبويه أثناء تقعيده ضاما الأشباه لنظيراتها، إلى المرجعية اللغوية المحكمة الضابطة لكل استعمال، نطق عن (ليس ولات) "واما أهل الحجاز فيشبهونها ب(ليس)؛ إذا كان معناها كمعناها، كما شبهوا بها (لات) في بعض المواضع"؛ ومعنى هذا حتى مستعمل اللغة في بيئة ما، ومن أجل حتى يحقق مقصده من عملية القول، لا بد حتى يراعي عهد البيئة التي يوجد فيها، وقد قدم صورا للمقبول من القول مع التعليل، عندما حصر أضرب الكلام في باب (الاستقامة من الكلام والإحالة) فالمحال نحوأتـيتك غدا، أوسأتيك أمس، وما ذلك إلا لعدم اصوليتها في نظام التأليف العربي. فنجد الإشارات إلى المقام وضرورة مطابقة الكلام لملابساته وفي علاقة الموقف بالكلام تتولد فكرة الكفاءة، وقد أشار الجاحظ إلى هذه الفكرة وهويتحدث عن النوكي عندما لم يستخدم الكلام في الموقف الذي يستدعيه.

ومن أبرز الجوانب التي يجب مراعاتها في التحليل التداولي، هوالجانب الغير اللغوي في التخاطب، فإننا نجد الجاحظ يكاد يحوز السبق في الإشارة إليه، عندما ينتبه إلى مختلف الوسائط التعبيرية ودورها في الإفهام والتعبير عن المعنى المراد إيصاله؛ وقد أرجع بيان الدلالة إلى خمسة أنماط أهمها الإشارة والنصبة، ومن أنواع الإشارة؛ الإشارة باليد، والرأس، وبالحاجب، والمنكب إذا تباعد الشخصان، وبالسوط والسيف فيكونا ذلك مانعا رانادى، ويكون وعيدا وتحذيرا، وهي من أدوات البيان التي يستعين بها المتحدث لزيادة الدلالة على معنى قد يقصر عنه الكلام؛ وفي الإشارة بالطرف والحاجب وغير ذلك من الجوارح يوضح بعض الأمور التي يسترها بعض الناس من بعض، وحسن الإشارة باليد والرأس من تمام البيان باللسان.

أما النوع الثاني من أنواع ما قد يؤدي دور الكلام في الدلالة، ما أسماه الجاحظ النصبة، وهي الحال المعبرة عن نفسها من غير واسطة اللفظ، والتي تشير إلى ذاتها بلا يد. ودلالة هنا قائمة من جهة الربط بينها وبين الحال أوالنصبة؛ والنصبة قد تضم توسعا واضحا فيماقد يكون التعبير به عن طريق الربط بين ما يظهر وبين ما خاف.

ومن بعد الجاحظ نجد ابن جني الذي وضح حتى طريقة الأداء الصوتي في التعبير قد تقوم وحدها في بيان المقصد والغاية مقام الكلام التام، فالصفة المحذوفة في (كان والله رجلا) غامضة، وغموضها الدلالي نابع من وجود الحتمالين مدح أوذم، ولكان رأى ابن جني حتى أداء لفظ اسم الجلالة (الله) يؤدي دور الإفصاح عن معنى المدح، وقد تقوم حركة الوجه مقام الإدلاء والتعبير.

ونلاحظ إذا ما كان للأصوليين الفقهاء من فضل في العناية بأطراف العملية التخاطبية أكثر من عناية اللغويين والنحاة والبلاغيين، ولا يعود ذلك إلى قصور هؤلاء عن بلوغ الغاية وبراعة أولئك، بقدر ما يعود إلى اهتمام جميع فريق فالنحاة صبوا اهتمامهم على وصف الطريقة الأسلم للقول، أما الأصوليين فكان اهتمامهم في فهم التعبير الشرعي، قرآنا أوحديثا أوسنة عملية أوتقريرية أوإجماعا أوقياسا أواجتهادا، وذلك لتعلقهم بالأحكام الشرعية، التي تؤثر في حياة الناس. فنجد أنهم اهتموا بأطراف الحكم الشرعي وهي أولا الحاكم وهوالله تعالى، وثانيا الحكم وهومضمون خطاب الله تعالى للعباد المكلفين، ثالثا المحكوم فيه وهوالشأن المتعلق به الحكم، ورابعا المحكوم عليه وهم المكلفون، مع المراعاة لحال المخاطب ومراعاة سياق الموقف الذي قيل فيه والقصد منه.

وبهذا نجد حتى التداولية بمفاهيمها الأساسية كالسياق، وغرض المتحدث، وإفادة السامع، ومراعاة العلاقة بين أطراف الخطاب، ومفهوم الأفعال الكلامية يمكن حتى تكون أداة من أدوات قراءة التراث العربي، وأن استخدام المنهج التداولي وتطبيقه في دراسة الظواهر المبنوية الهجريبية يساعدنا في إثبات وجود أصول للتداولية في تراثنا العربي.

موضوع التداوليات

التداوليات مصطلح وضعه في العربية الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن في عام 1970 كلقاء للمصطلح الغربي براغماتيقا، وحدد دلالة التداوليات بأنها: «هي الدراسات التي تختص بوصف -وإن أمكن بتفسير- العلاقات التي تجمع "الدوال" الطبيعية و"مدلولاتها" وبين "الدالين" بها.». فالتداوليات هي الفهم الذي يهتم، كما يرى أوزفالد ديكرو، بدراسة «كل ما يتعلق، في معنى قول ما، بالمقام حيث يستعمل القول، وليس فقط بالبنية اللغوية للجملة المستعملة.». لكنها لا تكتفي بدراسة أثر المقام في الكلام، بل تهتم أيضا بدراسة أثر الكلام نفسه في المقام، مما يكشف حتى موضوع التداوليات إنما هوالعلاقات المتبادلة بين التعبير اللغوي والتأثير غير اللغوي في سياق التواصل والتخاطب بين مستعملي اللغة أومتداوليها.

انظر أيضا

  • سيميائية تداولية
  • فهم استعمال الألفاظ
  • فحوى

مراجع

  1. ^ جامعة النجاح الوطنية نسخة محفوظة 17 أكتوبر 2008 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ Jeeryong Im, Korean Semantics, South Korea, 2011
  3. ^ طه عبد الرحمن، في أصول الحوار وتجديد فهم الكلام، المركز الثقافي العربي-بيروت/الدار البيضاء، ط2، 2000، ص. 28.
  4. ^ Oswald Ducrot et Jean-Marie Schaeffer, Nouveau dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, éd. du Seuil, [1972], 1995, p.131.

مصادر

الخط العربية والمترجمة

  • زتسيسلاف واورزنياك، مدخل إلى فهم النص، ترجمة وتعليق سعيد حسين بحيري، مؤسسة المختار للنشر والتوزيع، 2003.
  • سعيد حسين بحيري، مواقف خاصة بالنظرية اللغوية في القرن العشرين، مخطة زهراء الشرق، سنة 2011.
  • علي محمود حجي الصراف، في البراجماتية: الأفعال الإنجازية في العربية المعاصرة- دراسة دلالية ومعجم سياقي، مخطة الآداب.
  • محمود أحمد نحلة، افاق جديدة في درس اللغوي المعاصر، مخطة النشر، 2011.
  • محمد حسن عبد العزيز، فهم اللغة الحديث، مخطة الآداب، 2011.
  • محمد العبد، كتاب العبارة والإشارة دراسة في نظرية، مخطة الآداب، الطبعة الثالثة، 2012
  • مسعود صحراوي، التداولية عند الفهماء العرب- دراسة تداولية لظاهرة "الأفعال الكلامية" في التراث اللساني العربي، دار الطليعة، بيروت، 2005.

الرسائل الجامعية والمجلات العربية والمترجمة

  • باديس لهويمل، التداولية والبلاغة العربية، كلية الآداب واللغات، جامعة محمد خيضر، بسكرة الجزائر، مجلة المخبرالعدد السابع 2011.
  • صلاح الدين زرال، إرهاصات التداولية في التراث اللغوي العربي، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة فرحات عباس سطيف، الجزائر، مجلة الأثر العدد الخاص: إشغال الملتقى الدولي الرابع في تحليل الخطاب.
  • فرنلند هالين، التداولية، ترجمة زياد عز الدين العوف، مجلة الآداب العالمية.
  • نواري سعودي أبوزيد، المنهج التداولي في مقاربة الخطاب: المفهوم والمبادئ والحدود.

المراجع الأجنبية

  • George Yule, The study of Language, Cambridge University Press, 1997.
  • Jeeryong Im, Korean Semantics, South Korea, 2011.
  • Nina Hyams- Robert Rodman-Victoria Fromkin, An Introduction to Language, Thomson Wadsworth, 2007.
  • Youngsoon Park, Korean semantics, Korea University Press, South Korea, 2008.
تاريخ النشر: 2020-06-01 18:33:42
التصنيفات: تداوليات, علم العلامات, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, بوابة لسانيات/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P227

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

حكيمي: هدفنا عبور دور المجموعات ثم المضي خطوة بخطوة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 15:25:48
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 58%

مونديال قطر 2022.. ميسي حذر بشأن حظوظ الأرجنتين باللقب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 15:26:17
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

مونديال قطر 2022.. ميسي حذر بشأن حظوظ الأرجنتين باللقب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 15:26:18
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 63%

توقيف شخص قام بسرقة شركة إنتاج أغذية الحيوانات بالشلف

المصدر: صوت الشلف - الجزائر التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-11-15 15:27:17
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 67%

حمزة جوهري يقدم استقالته من تدريب مولودية مراكش

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:35
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 50%

عدد سكان العالم يتخطى ثمانية مليارات نسمة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:37
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 37%

حكيمي: هدفنا عبور دور المجموعات ثم المضي خطوة بخطوة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 15:25:51
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 51%

إيرادات الجمارك تتجاوز 69 مليار درهم

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:38
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 45%

تزنيت تحتضن الدورة الرابعة لملتقى أفولاي للمسرح الأمازيغي

المصدر: زاكورة بريس - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:30
مستوى الصحة: 17% الأهمية: 33%

مونديال قطر .. المغرب واثق من قدراته وبلجيكا لاستعادة توهجها

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:34
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 39%

تنصيب أعضاء لجنة تحكيم جائزة المجتمع المدني في دورتها الرابعة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:39
مستوى الصحة: 30% الأهمية: 45%

الزيادة في معاشات المتقاعدين على طاولة الحكومة

المصدر: كِشـ24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-11-15 18:15:35
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 39%

تحميل تطبيق المنصة العربية