استنتاج السمة العفوي هومصطلح يُستخدَم في فهم النفس الاجتماعي لوصف الآلية التي تدفع الأفراد لتكوين انطباعات عن الناس بناءً على السلوكيات التي رأوهم يقومون بها. يوصف الاستنتاج الذي يجرى التوصل إليه بأنه مستنبط من السلوك وذلك لأن الرابط بين السمة المستنتجَة والسلوك المُدرَك ليس جوهريًا، وإنما مفهوم ضمنيًا بصورة مبهمة. تكون الاستنتاجات المتشكلِة عفوية ومتكونة ضمنيًا إذ تعمل الآلية الإدراكية تقريبًا بصورة انعكاسية.

بدأ البحث في موضوع استنتاج السمة العفوي مع هيرمان فون هيلمهولتز وطرحه للاستنتاج غير الواعي. كوّن مفهومه في الفترة الأولى من أجل وصف الإدراك البشري للأوهام البصرية، ثم ربط -في المجلد الثالث من كتابه «أطروحة البصريات الوظيفية»- هذا المفهوم بفهم النفس الاجتماعي والتفاعل البشري. على جميع حال، انتقِد مفهومه حول الاستنتاج غير الواعي بصورةٍ واسعةٍ، وصُقِل بما يدعى استنتاج السمة العفوي.

في الأبحاث التجريبية، يوجد طرق متعددة لمراقبة وقياس استنتاج السمة العفوي. تتضمن هذه الطرق: نموذج التذكر المُلقَّن ونموذج الصورة التحضيرية ونموذج إكمال جزء الحدثة.  لقد زاد الاهتمام فهماء النفس الاجتماعي مؤخرًا بالأبحاث حول تطبيقات استنتاج السمة العفوي. أظهرت الدراسات التي أجريت أنه على الرغم من الفروقات الظرفية بين التفاعل على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل الجسدي بقيت استنتاجات السمة العفوية غالبة. تبين أيضًا حتى الأفراد الذين تربّوا في ثقافات مناصرة للجماعية يكوّنون استنتاجاتٍ مختلفة عن تلك التيقد يكونها الأفراد الذين تربّوا في ثقافات مناصرة للفردية رغم مشاهدتهم لنفس السلوك.

لاستنتاج السمة العفوي تطبيقات عديدة وشائعة. مع تكوين الخلاصات غير الجوهرية بناءً على تصرف وحيد، يصيغ الفرد إدراكًا غير دقيق حول الشخص المراقَب. قد يؤثر ذلك بدوره على التفاعلات مع هذا الشخص وكيفية التعامل معه. يعتبر استنتاج السمة العفوي مفهومًا أساسيًا في فهم النفس الاجتماعي لأنه يكوّن أساس النماذج بالنسبة للظواهر النفسية الأخرى مثل خطأ عامل العزو(والذي يدعى أيضًا بانحياز التوافق) والثبات على الاعتقاد.

نظرة عامة

تشير استنتاج السمة العفوي للظواهر التي يُراقَب فيها سلوك من قبل فرد فيستنبطون استنتاجاتٍ حول سماتٍ غير معلومة بالنسبة لهم من خلال تلك المراقبة لوحدها. على سبيل المثال، الفرد الذي يقول عند مشاهدته لشخص غريب يقرأ كتابًا في الحافلة بأنه ذكي أومثقف، أوالفرد الذي يستنتج حتى شخصًا ما غير مهذب فقط لأنه لم يهجر الباب مفتوحًا للأشخاص الذين خلفه.

خاصية استنتاج السمة العفوي حتى الاستنتاج الذي يجرى التوصل له حول فرد ما لاقد يكون مرتبطًا بصورة دقيقة بالسلوك الذي شوهد يقوم به، وهوليس مؤشر عن شخصية الفرد وظروفه وسلوكه الطبيعي. من الممكنقد يكون الغريب الذي شوهد يقرأ في الحافلة توجب عليه القراءة لغاية تعليمية، وربما الشخص الذي لم يهجر الباب مفتوحًا خلفه قد كان في عجلة من أمره. من المنطقي استخلاص حتى مشاهدة إنسان يقوم بسلوك وحيد لا يعبر بالضرورة عن طبعه بصورة عامة. على جميع حال، استنتاج السمة العفوي هي آلية معاكسة لهذا المنطق.

خاصية أخرى لاستنتاج السمة العفوي أنه يحدث بصورة غير مقصودة ودون وجود أي نية أوتعليمات معطاة تنص على عمل ذلك. يعتبر أيضًا بأنه انعكاسي، وعبارة عن استنباط يقوم به الشخص كردة عمل لدى مشاهدته لسلوك ما، لكنه ليس تلقائيًا. رغم أنه قد تبيّن حتى استنتاج السمة العفويقد يكون أقوى بكثير عندماقد يكون الاستنتاج متماشيًا مع نطقب غالب. على سبيل المثال، سمة «معيل العائلة» أكثر قابلية لتعزى للذكور من الإناث لأن فكرة حتى الرجال هم الأفراد المعيلون متأصلة في القوالب الجاهزة للجنسين.

استُكشف مفهوم استنتاج السمة العفوي بصورةٍ شائعة في فهم النفس الاجتماعي لأن له تطبيقات واسعة على كيفية وسبب تفاعل الناس بالكيفية التي يتفاعلون بها والانطباعات التي تُكوَّن في وسط اجتماعي. استنتاج السمة العفوي هومنطقة مرتبطة بنظريات فهم النفس الأخرى مثل نظرية العزووخطأ عامل العزووالواقعية الساذجة. استنتاج السمة العفوي ليس مرادفًا لتحويل السمة العفوي والذي يشير إلى الظواهر التي يعزى فيها إلى فرد ما سمةٌ، يصفها هوبأنها موجودة في إنسان آخر.

تاريخ وأصل المفهوم

قدّم الفيلسوف والفيزيائي الألماني هيرمان فون هيلمهولتز مصطلح الاستنتاج غير الواعي للمرة الأولى في محاولة منه لتعريف الظواهر التي تحدث عندما يعالج البشر بصريًا صفات محددة متعلقة بالناس وبصورة خاصة بالأمور. عثر هيلمهولتز حتى الناس يستنبطون - دون فهم منهم - بيانات من المعلومات المعالجة بصريًا. من خلال أبحاثه في مجال الأوهام البصرية، رأى هيلمهولتز حتى هذه الآلية الانعكاسية هي الكيفية التي يكوّن الناس من خلالها انطباعات. اقترح حتى هذا الاستنتاج عير الواعي هوسبب قابلية الأوهام البصرية لخداع الناس. المثال الذي يشيع استخدامه لتفسير الاستنتاج غير الواعي هوعندما يدرك إنسان ما الغروب بصريًا، فإنه يستنتج حتى الشمس تتحرك إلى الأسفل من خط الأفق، لكن في الحقيقة تظل الشمس ثابتة في مكانها والأرض هي التي تتحرك. بعد ذلك، ربط هيلمهولتز -في أبحاثه- مفهومه للاستنتاج غير الواعي بفهم النفس. في المجلد الثالث من كتاب «أطروحة البصريات الوظيفية» يبحث هيلمهولتز في تأثير الإدراك البصري على نفسية الفرد.

رغم حتى فهماء النفس رفضوا أبحاث هيلمهولتز وافتراضاته بصورة مبدئية، وذلك بصورة رئيسية نظرًا للحقيقة المتمثلة بأن نظريته للاستنتاج غير الواعي تمثل خطأ جوهريًا في الاستدلال المنطقي. استكشف إدوين جي. بورينغ هذا الخطأ مشيرًا إلى حتى عمل الاستنتاج هوعملية واعية وبالتالي لا يمكن اعتبارها غير واعية. كما جرى انتقاد حتى دراسات وأبحاث هيلمهولتز المتعلقة بهذا الموضوع لم تؤثر بصورة مهمة على مجال فهم النفس الاجتماعي.

على جميع حال، أعيد إحياء الفكرة بعد ذلك على يد الأبحاث الحديثة. أعيد تشكيل النظرية التي تقترح حتى الانطباعات البصرية تحرض منعكس استنتاج غريزي وصُقلت لتنطبق على فهم النفس الاجتماعي والتفاعل البشري. ورغم حتى تبنيه ضمن اللغة الدارجة لفهم النفس كان تحت أسماء بديلة مثل الأحكام السهلة والتفكير غير المقصود، لكن الاسم الأكثر استخدامًا على نحوتام هواستنتاج السمة العفوي. تصف هذه النسخة من مفهوم الاستنتاج غير الواعي لهيلمهولتز ميل البشر لنسب سمات أوصفات للأفراد بناءً على سلوكيات محددة شاهدوهم يقومون بها. يحدث هذا النسب بصورة عفوية وغالبًا ماقد يكون تعبير عن عملية لاواعية ولذلك يدعى باستنتاج السمة العفوي. نتيجة استنتاج السمة العفوي هوحتى الشخص يكوّن -دون فهم منه- إدراكًا لفرد ما في عقله بناء على الاستنتاجات التي يجرى التوصل إليها من خلال مراقبة السلوك. يساهم هذا الإدراك في تشكيل الانطباع الكلي التي سيتكون لدى الفرد تجاه هذا الشخص، وبالتالي يساهم في سلوك الشخص تجاه الفرد.

أمثلة

أمثلة هيلمهولتز

كان مثال هيلمهولتز الأول حول كيفية إدراك غروب الشمس. فعندما يشاهد إنسان ما غروب الشمس فإنه يقرّ بأن الشمس هي التي تتحرك حتى تختفي أسفل الأفق. يحدث هذا الاستنتاج رغم حقيقة حتى هذا الشخص يفهم ويفهم تمامًا حتى الشمس تعبير عن جسم ثابت وأن الأرض هي المتحركة. يظهر هذا المثال حتى للآلية العقلية التي أتت بهذا الاستنباط تأثير ضخم على الانطباعات والإدراكات الأفراد حتى أنها تتغلب على الحقائق المعروفة.

المثال الثاني الذي يستخدمه هيلمهولتز ليعبّر عن نظريته المتعقلة بالاستنتاج غير الواعي يتعلق بالأداء المسرحي. فعندما يجسّد ممثل ما شخصية محددة على خشبة المسرح بإقناع - ويكون قادرًا على تقديم أداء واقعي مقنع-قد يكون قادرًا على التأثير على مشاعر الجمهور مثيرًا الضحك والحزن والغضب...إلخ. قد يحدث هذا رغم حقيقة حتى جميع أفراد الجمهور يفهمون مسبقًا حقيقة حتى الشخصية الموجود على خشبة المسرح ما هي إلا تعبير عن ممثل، وأن جميع ما يجرى تجسيده ليس حقيقي. يفترض هيلمهولتز حتى ذلك يحدث بسبب الاستنتاج غير الواعي، فانطباع الجمهور عن الممثل يسمح لهم بأنقد يكونوا متأثرين عاطفيًا.

القياس

طور الباحثون طرائق عديدة واستخدموها في استقصاء معدل انتشار وتأثير استنتاج السمة العفوي في سياق تجريبي. تعطي هذه النماذج هجريبًا يمكن حتى يُختبر استنتاج السمة العفوي من خلاله. تتضمن النماذج الأكثر استخدامًا في الأبحاث مهمة التذكر المُلقّن ومهمة الصورة التحضيرية ومهمة إكمال جزء الحدثة.

بالنسبة لمهمة التذكر المُلقّن، يُقدَّم للشخص أوصاف مكتوبة لتصرفات مختلفة مثل «سقطت بريتاني عندما كانت تنزل من الهضبة». بعد ذلك، يعطي القائم بالتجربة المشارك تلميحًا ويستخدمه كمُعزِز، ويطلب من الشخص تذكر السلوكيات التي قرأها سابقًا. تمثل التلميحات المتغير المستقل في التجربة لأن القائم بالتجربة سيغيرها كي يراقب حدوث أي تغير بالاستجابة. وُجِد حتى الحدثات المميزة التي وصفت الاستنتاج المستنبَط من السلوك المقروء مثل «خرقاء» قد قدمت تلقينًا أفضل للذاكرة من الحدثات العملية التي ظهرت في الوصف نفسه. يشير هذا إلى أنه لم يجرى التوصل لاستنتاجات فقط بل كوّن الشخص روابط إدراكية قوية بين السلوك والسمة.

بالنسبة لمهمة الصورة التحضيرية، قُدِّم للأفراد صورة أوفيديو، ثم كان عليهم حتى يحددوا حدثة مميزة مخبئَة مبدئيًا خلف صورة سوداء، وبعد ذلك تُعرض بالتدريج لمدةخمسة ثوان من خلال إزالة بتر الصورة السوداء بشكل عشوائي. ما يجري قياسه هوالسرعة التيقد يكون فيها الأفراد قادرين على تحديد الحدثة. عندما تكون الحدثة التي يجرى تحديدها مماثلة للاستنتاج الذي جرى التوصل له من الصورة أوالصوت والصورة المعروض سابقًا، تزيد سرعة التحديد مقارنة مع الحالات التي تكون فيها الحدثة المميزة التي يجرى تحديدها غير مرتبطة باستنتاج محتمل. يظهر هذا أنه نظرًا للاستنتاجات الضمنية التي جرى التوصل إليها عند رؤية المنبه، يتكوّن تلقينٍ إدراكي يشجع على حدوث التحديد بصورة أسرع.

بالنسبة لمهمة إكمال جزء الحدثة، هناك مجموعتين من الأفراد يُطلَب منهم إكمال حدثة ينقصها أحرف. الفرق بين المجموعتين هوأنه - قبل إعطاء الحدثة المطلوب إكمالها – قُدِّمت لإحدى المجموعتين أوصاف لسلوكيات مختلفة، بينما لم يُقدَّم للمجموعة الأخرى أي شيء. تعتمد هذه الطريقة على فكرة حتى وصف السلوك يوّلد سمة استنتاج ستقدم بدورها المساعدة في إكمال الحدثة المُقطّعَة. على سبيل المثال، الشخص الذي يعطي الوصف التالي «سقطت بريتاني عندما كانت تنزل من الهضبة» سيكون قادرًا على إنتاج حدثة «خرقاء» من «خ-ق-ء» أسرع من إنسان لم يعطى الوصف سابقًا. تظهر النتائج هذا التأثير وبذلك فهي تقترح حتى المفهوم كان قد تكوّن ضمنيًا لدى الشخص عندما قُدِّم له وصف السلوك.

انظر أيضًا

• نظرية العزو
• خطأ الإحالة الأساسي

مراجع