الخط العربي هوفن وتصميم الكتابة في مختلف اللغات التي تستعمل الحروف العربية. تتميز الكتابة العربية بكونها متصلة مما يجعلها قابلة لاكتساب أشكال هندسية مختلفة من خلال المد والرجع والاستدارة والتزوية والتشابك والتداخل والهجريب. يقترن فن الخط بالزخرفة العربية حيث يستعمل لتزيين المساجد والقصور، كما أنه يستعمل في تحلية المخطوطات والخط وخاصة نسخ القرآن الكريم. وقد شهد هذا المجال إقبالا من الفنانين المسلمين بسبب نهي الشريعة عن تصوير البشر والحيوان خاصة في ما يتصل بالأماكن المقدسة والمصاحف.

تعددت آراء الباحثين حول الأصل الذي اشتق منه الخط العربي، وهي في مجملها تتمحور حول مصدري اشتقاق أساسيين، الأول: تبناه مؤرخوالعرب ويقول بأنه مشتق من الخط المسند، والذي عُرف منه أربعة أنواع هي الخط الصفوي نسبة إلى صفا، والخط الثمودي نسبة إلى ثمود سكان الحِجْر، والخط اللحياني نسبة إلى لحيان، والخط السبئي أوالحميري الذي وصل من اليمن إلى الحيرة ثم الأنبار ومنها إلى الحجاز. الثاني: تبناه المؤرخون الأوروبيون ويقول بأن الخط العرب مشتق من حلقة الخط الآرامي لا المسند، ونطقوا حتى الخط الفينيقي تولد منه الخط الآرامي ومنه تولد الهندي بأنواعه والفارسي القديم والعبري والمربع التدمري والسرياني والنبطي. ونطقوا حتى الخط العربي قسمان الأول: كوفي وهومأخوذ من نوع من السرياني ينطق له السطرنجيلي، الثاني: النسخي وهومأخوذ من النبطي.

تلقى العرب الكتابة وهم على حالة من البداوة الشديدة، ولم يكن لديهم من مسببات الاستقرار ما يدعوإلى الابتكار في الخط الذي وصل إليهم، ولم يبلغ الخط عندهم مبلغ الفن إلا عندما أصبحت للعرب دولة تعددت فيها مراكز الثقافة، ونافست هذه المراكز بعضها بعضًا على نحوما وقع في الكوفة والبصرة والشام ومصر فاتجه الفنان للخط يحسنه ويجوده ويبتكر أنواعاً جديدة منه. كان العرب يميلون إلى تسمية الخطوط بأسماء إقليمية لأنهم استجلبوها من عدة أنطقيم فنسبوها إليها مثلما تنسب السلع إلى أماكنها، لذلك عهد الخط العربي قبل عصر النبوة بالنبطي والحيري والأنباري، لأنه اتى إلى بلاد العرب مع التجارة من هذه الأنطقيم وعندما استقر الخط العربي في مكة والمدينة وبدأ ينتشر منها إلى جهات أخرى عهد باسميهما المكي والمدني. لم ينل الخط العربي قدرًا من التجديد والإتقان إلا في العراق والشام، وذلك بعد حتى اتسعت رقعة الدولة الإسلامية في العصر الأموي ثم ورثتها الدولة العباسية، وفيهما نشطت حركة العمران فظهرت الكتابات على الآنية والتحف واعْتُني بكتابة المصاحف وزخرفتها.

كانت الأقلام الخطوط في العصور الإسلامية المبكرة تسمى بمقاديرها كالثلث والنصف والثلثين، كما كانت تنسب إلى الأغراض التي كانت تؤديها كخط التوقيع أوتضاف إلى مخترعها كالرئاسي نسبة إلى مخترعه، ولم تعد الخطوط بعد ذلك تسمى بأسماء المدن إلا في القليل النادر. قام العرب والمسلمون بابتكار أنواع عديدة من الخطوط العربية، أشهرها: الخط الكوفي وهوأقدم الخطوط، وخط النسخ الذي استخدم في خط المصاحف، وخط الثلث وسُمي بذلك نسبة إلى سُمك القلم، وخط الرقعة وهوأكثر الخطوط العربية تداولًا واستعمالًا، وخط الديواني نسبة إلى دواوين السلاطين، والخط الفارسي نسبة إلى فارس.

الخط والكتابة

الخط والكتابة تأتي بمعنى واحد. تُطلق الكتابة في الاصطلاح الخاص بالأدباء على صناعة الإنشاء، وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على العقد بين السيد وعبده على مال يدفعه إليه فيُعْتَق بأدائه. والكتابة والخط والكتاب مصادر خط إذا خط بالقلم وضم وجمع وخاط وخرز، وينطق خط قرطاسًا أي خط فيه حروفًا وضمها إلى بعضها، وخط المحرر أي جمعها. وقد شاع اطلاق الكتابة عهدًا على أعمال القلم باليد في تصوير الحروف ونقشها، وعلى نفس الحروف المكتوبة.

أما الخط فيعهد بكتابة الحروف العربية المفردة أوالمركبة بنطقب الحسن والجمال، حسب أصول الفن وقواعده التي وضعها كبار أرباب فن الخط. يقول القلقشندي في كتاب صبح الأعشى: «الخط ما تعهد منه صور الحروف المفردة، وأوضاعها وكيفية هجريبها خطًا». ونطق ياقوت بن عبد الله الموصلي: «الخط هندسة روحانية ظهرت بآلة جسمانية، إذا جَوَّدت قلمك جودت خطك، وإن أهملت قلمك أهملت خطك». يُعَرَّف الخط بعدة تعاريف، فقيل إنه فهم يعهد به أحوال الحروف في وضعها وكيفية هجريبها في الكتابة، وقيل الخط آلة جسمانية تضعف بالهجر وتقوى بالإدمان، وقيل حتى الخط ملكة تنضبط بها حركة الأنامل بالقلم على قواعد مخصوصة.

تاريخ الخط العربي

نشأته

الخط المسند الَّذي اشْتُقَّ منْهُ الخَط العَرَبي، وكَمَا هُوواضِح مِنْ أَحَد النقوش السبئية لإلَهِ القَمَر ألمقه. النص: عُمَيْمِر بن مَعْد يَكْرُب رَأسُهم هقْني لَمْقَه وبعَثْتَر وبَذْت حَمِيْم وبَذت بِعَدن وبُودَم كَرْبَئِبل وبَسْمَه علي وبَعْمَريم وبَيْذَرح ملك. وتعني: عميمر بن معدي يكرب رَئِيسُ قَومِه أَهْدى أوضَحَّى إلى المقه وعثتر وذَاتَ حَميم وذَاتَ بعْدان وَوُد وود عَن كَرْبَئِبل (كَرب إيْل تَعْني القَريْب مِن الإلَه إِيل وهُوإسْم شَائِع بَينَ السَّبئيين) عُمير وعَلي مَلِك قَبِيْلَة يَذْرح.

هنالك الكثير من الآراء حول نشأة الكتابة العربية، حكي عن ابن عباس حتى أول من خط بالعربية هونبي الله إسماعيل بن إبراهيم الخليل على لفظه ومنطقه، وينطق حتى الله أنطقه بالعربية المبينة وهوابن أربع وعشرين سنة. وروى مكحول الهذلي حتى أول من وضعوا الخط والكتابة هم نفيس ونضر وتيماء ودومة من أولاد إسماعيل بن إبراهيم، وأنهم وضعوها متصلة الحروف بعضها ببعض حتى الألف والراء، ففرقها هميسع وقيدار وهما من أولاد إسماعيل. ونطق برهان الدين الحلبي في كتابه السيرة الحلبية حتى أول من خط بالعربية من ولد إسماعيل هونزار بن معد بن عدنان. ونطق أبوالحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي حتى أول من وضع الخط هم بنوالمحصن بن جندل بن يعصب بن مدين، وكانوا قد نزلوا عند عدنان بن أد بن أدد واسمائهم أبجد وهوز وحطى وحدثن وسعفص وقرشت، فلما وجدوا حروفًا ليست في اسمائهم الحقوا بها وسموها الروادف وهي الثاء والخاء والذال والضاد والظاء والغين، والتي مجموعها (ثخذ ضظغ)، فتمت بذلك حروف الهاتى. وقيل بل هم ملوك مدين وأن رئيسهم لكمن، وأنهم هلكوا يوم الظلة،(1) وأنهم قوم نبي الله شعيب. وقيل حتى أول من وضع الخط ثلاثة من قبيلة طيء سكنوا الأنبار هم: مرامر بن مرة وأسلم بن سدرة وعامر بن جدرة فوضعوا الخط، وقاسوا هاتى العربية على هاتى السريانية، فالأول وضع صور الحروف، والثاني فصل ووصَّل، والثالث وضع الأعجام، وأنهم سموه خط الجزم، وهوالبتر لأنه مقتطع من الخط الحميري. وقيل حتى أهل الأنبار تفهموا الخط من أهل الحيرة، وقيل العكس.

وينطق حتى الخط الحميري انتقل إلى الحيرة في عهد المناذرة، وكان بدأ حكمهم نحوسنة 195 ق.م، والحميرية هي خط أهل اليمن قوم نبي الله هود، وهم عاد الأولى وهي عاد إرم، وكانت كتابتهم تسمى المسند الحميري، ونطق تقي الدين المقريزي القلم المسند هوالقلم الأول من أقلام حمير وملوك عاد. اتى في ملحق الجزء الأول من تاريخ ابن خلدون (ت: 806 هـ / 1406م) للمحرر شكيب أوفدان: «يمضى فهماء الإفرنج ومنهم الأستاذ المستشرق مورتينز الألماني إلى حتى أصل الكتابة بالحروف الهيروغليفية كان في اليمن، وهويعتقد حتى اليمانيين هم الذين اخترعوا الكتابة وليس الفينيقيون هم الذين اخترعوها كما هوالرأي المشهور، وهويستدل على رأيه هذا ويقول حتى الفينيقيين إنما بنوا كتابتهم على الكتابة العربية اليمانية، ثم إذا اليونانيين أخذوا الكتابة عن الفينيقيين، وعنهم أخذ الرومانيون، فيكون العرب هم الذين أوجدوا الكتابة في هذا العالم، وبهذا الاعتبار هم الذين أوجدوا المدنية». نطق ابن خلدون في مقدمته في فصل حتى الخط والكتابة من عداد الصنائع الإنسانية: «ولقد كان الخط العربي بالغًا ما بلغه من الأحكام والاتقان والجودة في دولة التبابعة، لما بلغت من الحضارة والترفه، وهوالمسمى بالخط الحميري، وانتقل منها إلى الحيرة، لما كان بها من دولة آل المنذر نسباء التبابعة في العصبية والمجددين لملك العرب بأرض العراق، ولم يكن الخط عندهم من الاجادة كما كان عند التتابعة، لقصور ما بين الدولتين، وكانت الحضارة وتوابعها من الصنائع وغيرها قاصرة عن ذلك. ومن الحيرة لقنه أهل الطائف وقريش فيما ذكر، ينطق حتى الذي تفهم الكتابة من الحيرة هوسفيان بن أمية، وينطق حرب بن أمية، وأخذها من أسلم بن سدرة وهوقول ممكن. وأقرب ممن مضى إلى أنهم تفهموها من إياد أهل العراق قول شاعرهم: قوم لهم ساحة العراق إذا...ساروا جميعا والخط والقلم. وهوقول بعيد لأن إيادًا وإن نزلوا ساحة العراق فلم يزالوا على شأنهم من البداوة، والخط من الصنائع الحضرية. فالقول حتى بأن أهل الحجاز إنما لقنوها من الحيرة، ولقنها أهل الحيرة من التبابعة وحمير هوالأليق من الأقوال، وكان لحمير كتابة تسمى المسند حروفها منفصلة، وكانوا يمنعون من تفهمها إلا بإذنهم، ومن حمير درست مصر الكتابة العربية، إلا أنهم لمقد يكونوا مجيدين لها شأن الصنائع إذا سقطت بالبدو، فلا تكون محكمة الممضى ولا مائلة إلى الإتقان. كانت كتابة العرب بدوية مثل أوقريبًا من كتابتهم لهذا العهد، أونقول إذا كتابتهم لهذا العهد أحسن صناعة، لأن هؤلاء أقرب إلى الحضارة ومخالطة الأمصار والدول، وأما مضر فكانوا أعرق في البدووأبعد عن الحضر من أهل اليمن وأهل العراق وأهل الشام ومصر، فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والاتقان والاجادة، ولا إلى التوسط لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع».

اشتقاقه

لم يصل الخط إلى ما عليه الآن إلا بعد حتى مر بأربع مراحل، الأول: الدور الصوري المادي، الثاني: الدور الصوري المعنوي، الثالث: الدور الصوري الحرفي، الرابع: الدور الحرفي الصَّرْف. قضى الإنسان قرونًا عديدة لا يعهد الكتابة لاستغنائه عنها لما كان فيه من بساطة العيش، ولمّا اتجه الإنسان نحوالمدنية بدأ في التعبير عن أفكاره واحتياجاته بالرسم، وهي الكتابة الصورية، وأشهر هذه الصور هي الكتابة الهيروغليفية.

جميع الخطوط المتداولة في العالم ترجع في أصلها إلى قسمين كبيرين، الأول: الخط اليوناني القديم، ومنه تَوَلّد الخط الروماني والسلافي والقوطي، ومن هذه تفرعت خطوط لغات أوروبا. الثاني: الخط الشرقي، والمراد به الخطوط المستعملة في كتابة اللغات الشرقية، كالخط العربي والسرياني والكلداني والعبراني والحبشي والهندي والصيني، ويدخل تحت هذا القسم اللغات الشرقية القديمة: كالحِمْيِري والنّبطي والكوفي والسامري والأسفيني. من هذه الخطوط ماهومستقل في منشأه كالصيني والأسفيني، أما بقية الخطوط فترجع إلى أصل واحد وهوالآرمي، وقد كان مستخدمًا عند الآشوريين، وهم دولة كانت تسكن آشور وبابل، وكانت كتابتهم تُعهد بالكتابة الإسفينية أوالمسمارية. تفرّع من هذا الخط الحرف النبطي وهوأصل الخط العربي النسخي، وقد سمي نبطيًا لأنه كان مستخدمًا عند النبطيين في مدن بصرى وحوران؛ وقد عَثر الباحثون في تلك الجهات وغيرها على نوعين مختلفين من الكتابة، أحدهما أقرب إلى الكتابة الآرمية وهوالأقدم، والآخر أقرب إلى الخط العربي المعروف.

يعود أصل الكتابة المعروفة الآن إلى وادي النيل بشكل الصور الهيروغليفية، ثم حولها الفينيقيون إلى حروف هجائية، وفهموها اليونانيين في القرن السادس عشر قبل الميلاد؛ ثم انتقلت للآشوريين بعد ذلك، وعهدت بالحرف الآرمي، ومن الحرف الآرمي أُشتقت الخطوط التي تُخط بها اللغات الشرقية، وأكثرها انتشارًا الخط العربي.

حلقات الخط العربي

أشار حفني بك ناصف حتى رأي مؤرخي العرب حتى حلقات سلسلة الخط العربي ثلاثة، الأول: الخط المصري وهوأصل من أصول الكتابات الشرقية، بل أقدمها وهوثلاثة أنواع: الهيروغليفي وهوخاص بالكهان وخدمة الدين، الهيراطيقي وهوخاص بعمال الدواوين وكتاب الدولة، والديموطيقي وهوخاص بعموم الخطة من الشعب، وهوأبسط أنواع الخطوط المصرية. الثاني: الخط الفينيقي نسبةً إلى فينيقيا، وقد كانوا أكثر الناس اشتغالًا بالتجارة مع المصريين، فتفهموا حروف كتابهم، ثم وضعوا لأنفسهم حروفًا خالية من التعقيد لاستعمالها في المراسلات التجارية، وقد أخذوا من المصريين خمسة عشر حرفًا، وأضافوا إليها بعض الحروف، فكونوا كتابه سهله، اشتهرت بواسطتهم في آسيا وأوروبا. الثالث: الخط المسند، وقد عهد منه أربعة أنواع هي الخط الصفوي نسبة إلى صفا، والخط الثمودي نسبة إلى ثمود سكان الحجر، والخط اللحياني نسبة إلى لحيان، والخط السبئي أوالحميري الذي وصل من اليمن إلى الحيرة ثم الأنبار ومنها إلى الحجاز.

أما رأي مؤرخي الإفرنج فيجعلون ثالث حلقة الخط الآرمي لا المسند، ونطقوا حتى الخط الفينيقي تولدت منه أربعة خطوط، اليوناني القديم ومنه تولدت خطوط أوروبا كلها والخط القبطي، العبري القديم ومنه الخط السامري نسبة إلى سامرة في نابلس، المسند الحميري ومنه تولد الخط الحبشي، الآرمي ومنه تولد الهندي بأنواعه والفارسي القديم والعبري والمربع التدمري والسرياني والنبطي. ونطقوا حتى الخط العربي قسمان الأول: كوفي وهومأخوذ من نوع من السرياني ينطق له السطرنجيلي، الثاني: النسخي وهومأخوذ من النبطي.

يقول أحمد الإسكندري صاحب كتاب الوسيط في الأدب العربي: «ونحن نرى رأيهم (أي رأي العرب) لأسباب منها العثور على فروع من الخط المسند في أراضي النبط وشمالها، بعضها وهوالصفوي قريب الشبه جدًا من أصله الفينيقي، ومنها وجود الحروف الرودف (ثخذ ضظغ) في الخط المسند دون الآرمي، ومنها صريح الإجماع من رواة العرب على حتى الخط العربي مأخوذ من الحيري والأنباري، وهومأخوذ من المسند علي يد كندة والنبط. أما الكوفي الذي لم يعهد إلا بعد تمصير الكوفة فليس إلا نتيجة هندسية ونظام في الخط الحجازي، ولعل شبهة الافرنج آتية من شيوع استعمال السطر نجيلي والكوفي في الكتابة الجلية عل المعابد والمساجد والقصور وما شاكلها، مع شدة تشابه مافيها من الزخرفة والزينة».

الخط المسند
الحروف
عربي

ا

ب

ت

ث

ج

ح

خ

د

ذ

ر

ز

س

يميل إلى س

ش

ص

ض

ط

ظ

ع

غ

ف

ق

ك

ل

م

ن

ه

و

ي

مراحل تطور الخط العربي

العصر الجاهلي

عهد العرب الخط منذ قديم العصور وقبل الأبجدية التي عُثر عليها في أوغاريت رأس شمرا بآلاف السنين. وقد عثر في شبه الجزيرة العربية وفي أماكن مختلفة على كتابات عربية مدونة بخط المسند، لذا اعتبره الباحثون والمؤرخون القلم العربي الأول والأصيل وهوخط أهل اليمن، ويسمونه خط حِميَر. وقد بقي قوم من أهل اليمن يخطون بالمسند بعد الإسلام، ويقرؤون نصوصه، فلما اتى الإسلام كان أهل مكة يخطون بقلم خاص بهم تختلف حروفه عن حروف المسند ودعوه القلم العربي أوالخط العربي حيناً والكتاب العربي أوالكتابة العربية حيناً آخر تمييزًا له عن المسند.

خط خطة الوحي بقلم أهل مكة لنزول الوحي بينهم، وصار قلم مكة هوالقلم الرسمي للمسلمين، وحكم على المسند بالموت عندئذ، فمات ونسيه العرب، إلى حتى بعثه المستشرقون، فأعادوه إلى الوجود مرة أخرى، ليترجم الكتابات العادية التي دونت به. واتى بعد الخط المسند الخط الآرمي نسبه إلى قبيلة إرم، وهوالخط الذي ولج الجزيرة العربية مع دخول المبشرين الأوائل بالنصرانية، حتى أصبح فيما بعد قلم الكنائس الشرقية. وهناك القلم الثمودي نسبة إلى قوم ثمود. والقلم اللحياني نسبة إلى قبيلة لحيان. والقلم الصفائي أوالصفوي الذي عهد بالكتابة الصفائية نسبة إلى أرض الصفاة وهي الأرض التي عثر بها على أول كتابة مكتوبة بهذا القلم.

وصل الخط من اليمن إلى الحيرة والأنبار بواسطة كندة والنبط، لأن أهل الحيرة والأنباط كانوا يتقارضون التعليم فيأخذون عن بعض، ومن الحيرة والأنبار وصل الخط لأهل الحجاز، بواسطة عبد الله بن جنادىن وبشر بن عبد الملك. وقد اختلف في أول من أدخل الكتابة الحجاز، فقيل حرب بن أمية القرشي (جد معاوية بن أبي سفيان)، وقيل سفيان بن أمية وقيل أبوقيس بن عبد مناف بن زهرة، وقيل غير ذلك. أما دخول الكتابة مكة فقد أجمع المؤرخون على حتى أول من أدخل الكتابة للحجاز حرب بن أمية بن عبد شمس، وكان قد تفهمه في أسفاره من عدة أشخاص منهم بشر بن عبد الملك، يشير على ذلك ماروي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن أبيه أنه نطق لابن عباس من أين أخذتم يا معشر قريش هذا الكتاب قبل حتى يبعث محمد، تجمعون منه ما اجتمع، وتفرقون ما افترق، نطق: أخذناه عن حرب بن أمية، نطق: فممن أخذه حرب، نطق: من عبد الله بن جنادىن، نطق: فممن أخذه ابن جنادىن، نطق: من أهل الأنبار، نطق: فممن أخذه أهل الأنبار، نطق: من أهل الحيرة، نطق: فممن أخذه أهل الحيرة، نطق: من طاريء طارأ عليهم من أهل اليمن من كنده، نطق: فممن أخذه ذلك الطاريء، نطق: من الخفلجان محرر الوحي لهود عليه السلام. وكان حرب بن أمية قد تفهم الخط عل يد بشر بن عبد الملك من كندة، وهوأخوأكيدر صاحب دومة الجندل، وكان بشر قد تفهم الخط في الأنبار، وكان له صحبة مع حرب بن أمية لتجارته عندهم في بلاد العراق. سافر بشر معه إلى مكة فتزوج بالصهباء بن أمية، وأقام بها، فتفهم جماعة من قريش منه الخط.

وصل الخط الكوفي إلى الحجاز على شكلين: التقوير والمبسوط. الخط المقور يسمى باللين أوالنسخي، وهوما كانت عراقاته منخفسه إلى الأسفل كقاف الثلث، وهوالذي كثر تداول وعم استعماله في الرقاع والمراسلات والكتابات المعتادة. الخط المبسوط هوما يسمى باليابس، وهوما كانت عراقاته منبسطة كالنون الطويلة، ولا يستعمل عادة إلا في النقش على المحاريب وأبواب المساجد والمعابد وجدران المباني الكبيرة، وفي كتابة المصاحف الكبيرة، وما يقصد به هوالزخرفة والزينة. هذا التقسيم إنما كان بناءً على كتابة بعض الحروف على شكل مخصوص، كالقاف والنون الطويلة.

العصر النبوي

صُورَة لورَقَة من مصحف مكتوب بالخط الحجازي الذي يُعد أول خَط يُشْتَق مِن الخُطُوط النَّبَطِية، للآيَات (53-54) من سورة سبأ والآيًات (1-4) من سورة فاطر).

اتى الإسلام في أمة تسود فيها الأميَّة، وتنتشر فيها عقدة الأنا خلال فترة وصفها المؤرخون بالجاهلية فهي آخر ما امتلكه العرب من روح الحياة الحضارية والمدنية قبل الإسلام، فكان الإسلام نقطة البدء، منذ حتى نزلت أول آية وأول سورة من القرآن الكريم وهي سورة العلق وقول الله: اقرأ، راح النبي محمد يدعوللأخذ بالفهم، ويحث الصحابة على التعلُّم.

كان ممن تفهم الكتابة من بشر بن عبد الملك وحرب بن أمية مجموعة من الفتيان منهم: عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وعلي بن أبي طالب وأبوعبيدة عامر بن الجراح، ومعاوية بن أبي سفيان ويزيد بن أبي سفيان. اهتم المسلمون بتعليم الكتابة ونشرها، ولما كانت غزوة بدر الكبرى، أسر المسلمون مجموعة من قريش وكان عددهم أكثر من سبعين رجلًا، فأرادوا افداء أنفسهم بالمال، فقبل الرسول محمد الفدية من الأُميين، وجُعلت فدية المحرر تعليم عشرة من صبيان المدينة. نطق عكرمة بن أبي جهل بلغ فداء أهل بدر أربعة آلاف، حتى إذا الرجل ليفادي على حتى يفهم الخط لما هومستقر من خطره، وظهور نفعه وأثره. اتخذ الرسول محمد لنفسه كتابًا من أجلاء الصحابة لكتابة الوحي وكتابة الرسائل التي يبعثها للملوك، ومنهم الخلفاء الأربعة وزيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان، وكانا مُلازمين للكتابة بين يديه في الوحي وغيره، إلا حتى زيد لكثرت كتابته للوحي سُمي محرر النبي. كان كتاب النبي محمد يخطون القرآن بالخط المقور النسخي

العصر الراشدي

استمرت حالة تطور الخط العربي في بداية عهد الخلفاء الراشدين على ما كانت عليه في العهد النبوي، وقد خط زيد بن ثابت صحف القران بالخط المقور في عهد أبوبكر الصديق، وذلك في الجمع الأول للقران الكريم. وكان الصحابة يخطون القرآن بخط الجزم جنبًا إلى جنب مع الخط المقور. ولما قام عثمان بن عفان بجمع القران الجمع الثاني، بعد حتى انتشر اللحن والاختلاف في قراءة القران، حيث نطق: «أنتم عندي تختلفون فيه فتلحنون فمن نأى عني من الأمصار أشد فيه اختلافًا وأشد لحنًا اجتمعوا يا أصحاب محمد واخطوا للناس إمامًا». اختار لمهمة نسخ المصاحف أربعة هم: زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأمَّر زيدًا فيهم بكتابة المصحف على حرفٍ واحد. كان أبرز ما ميز مصحف عثمان هوالرسم العثماني، الذي استمر ميزة لكتابة المصاحف حتى الوقت الحاضر.

لما أُرسلت المصاحف إلى إلى مكة والشام واليمن والبصرة والكوفة وغيرها، تسارع الناس إلى نسخها، وتنافسوا في كتابتها، وتفننوا في أوضاعها، وأبدعوا في إجادة تنميقها، حتى اتخذ النساخ في جميع جهة وبلدة طريقة خاصة بهم تميزت باسم خاص. من ذلك الخط المدني ويسمى المحقق والوراقي، والخط المكي والبصري والكوفي والأصفهاني والعراقي (وهوثلاثة أنواع: المدور والمثلث والتَّم، ومعنى التم في الأصل المولود مع آخر في بطنٍ واحد، ويمكن حتى يشبه خط التم بخط التعليق وهوما كان بين خطي الثلث والنسخ)، والخط المشق والتجاويد والمصنوع والمائل والراصف والسلواطي والسحلي، والقيراموز وهوالذي تولد منه الخط الفارسي.

الرسم العثماني

نَمُوذَج مِن الرَّسْم العُثْمَانِي لسُورَة الفَاتِحَة.

تطلق حدثة الرسم القرآني على الكتابة القرآنية التي كُتب بها مصحف عثمان، واتى هذا الرسم مخالفًا في بعض الحدثات لما اقتضته قواعد الإملاء وليس متطابقا مع اللفظ المنطوق، ويُعهد الرسم العثماني في الاصطلاح بأنه: الوضع الذي ارتضاه الصحابة في عهد عثمان بن عفان في كتابة حدثات القرآن الكريم وحروفه، وعُبر عن كذلك بـ: فهمٌ تُعهد به مخالفة خط المصاحف العثمانية لأصول الرسم القياسي، ويعود هذا الاصطلاح إلى المصاحف التي نسخها الخليفة عثمان بن عفان، وهي المصاحف التي أوفدها إلى الأقطار الإسلامية، وكانت مجردة من النقاط والشكل، محتملة لما تواترت قرآنيته واستقر في العرضة الأخيرة ولم تنسخ تلاوته. يعود سبب تسمية هذا الرسم بالرسم العثماني إلى أولًا: حتى عثمان هوالذي أمر بنقل هذا الرسم ونسخه في المصاحف التي استنسخها ووزعها على الناس في الأمصار وأمرهم بإحراق ما عداها، فهذا التعميم الصادر منه هوالذي ألصق هذه النسبة إليه، يقول الإمام البغوي في ذلك: «المصحف الذي استقر عليه الأمر هوآخر العَرَضات على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع الناس عليه، وأمضى ما سوى ذلك بتراً لمادة الخلاف». ثانياً: حتى الرسم الذي تمّ به مصحف عثمان له طريقةٌ خاصّة في التوزيع، بحيث يحتمل في رسمه جميع القراءات القرآنية المتواترة. ثالثاً: حتى عثمان بن عفان جمع الناس كلّهم على حرف واحد من الأحرف السبعة التي هبط عليها القرآن، وهوالحرف الذي هبط عليه عامة القرآن الكريم ودُوِّن به، فألزمهم بهذا الرسم الذي خط به عامة القرآن، وهجر لهم رخصة القراءة بغيره بما يوافق الرسم، فيكون عثمان قد أبقى لهم القراءة ببقية الأحرف السبعة بما يتوافق مع الرسم، ويوضح ذلك مكي بن أبي طالب بقوله: «فالمصحف خط على حرف واحد وخطه محتمل لأكثر من حرف، إذ لم يكن منقوطًا ولا مضبوطًا، فذلك الاحتمال الذي احتمل الخط هومن الستة الأحرف الباقية»، ويقول ابن تيمية: «وسبب تنوع القراءات فيما احتمله خط المصحف هوتجويز الشارع وتسويغه ذلك لهم، إذ مرجع ذلك إلى السنة والاتباع لا إلى الرأي والابتداع».

أما فيما يخص قواعد الرسم العثماني فإن الأصل في المكتوب حتىقد يكون موافقًا للمنطوق، من غير زيادة ولا نقص، ولا تغيير ولا تبديل، مع مراعاة الابتداء به والوقف عليه، والفصل والوصل، وقد مهد له الفهماء أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام ولذلك قيل: خطان لا يقاس عليهما خط المصحف وخط العروض، وينحصر أمر الرسم في ستة قواعد:

  • الوجه الأول الحذف: حذف الألف في قوله تعالى: (الفهمين) حيث حُذفت الألف بعد العين، وقد كُتبت كذلك في جميع مواضعها في القرآن، والأصل في كتابتها حسب الرسم الإملائي (العالمين). حذف الواوفي قوله تعالى: (الغاون) وقد وردت في موضعين من القرآن، والأصل فيها (الغاوون). حذف الياء في قوله تعالى: (النبين) وقد وردت كذلك في جميع مواضعها في القرآن، وعدد مواضعها ثلاثة عشر موضعًا، والأصل في كتابتها (النبيين). حذف اللام في قوله تعالى: (اليل) وقد كُتبت كذلك في جميع مواضعها، وعددها ثلاثة وسبعون موضعًا، والأصل فيها (الليل). حذف النون في قوله تعالى: (نجي) من سورة الأنبياء، وهوالموضع الوحيد في القرآن الذي حذفت فيه النون من ثلاثة مواضع وردت فيه الحدثة، والأصل في رسمها (ننجي).
  • الوجه الثاني الزيادة: وتكون في الألف والواووالياء. الزيادة في الألف في قوله تعالى: (وجائ) وردت في موضعين، والأصل فيها (وجيء). الزيادة في الواوفي قوله تعالى: (سأوريكم) وردت في موضعين، والأصل فيها (سأريكم). الزيادة في الياء في قوله تعالى: (بأييد) وهوالموضع الوحيد في القرآن، والأصل فيها (بأيد).
  • الوجه الثالث الهمزة: حيث وردت الهمزة في الرسم العثماني تارة برسم الألف، وتارة برسم الواو، وتارة برسم الياء. ورودها ألفًا في قوله تعالى: (لتنوأ) وهوالموضع الوحيد، والأصل فيها (لتنوء). ورودها واواً في قوله تعالى: (يبدؤا) وهي كذلك في مواضعها الستة من القرآن، والأصل فيها (يبدأ). مجيئها ياءً في قوله تعالى: (وإيتائ) وهوالموضع الوحيد من ثلاثة مواضع، والأصل فيها (وإيتاء).
  • الوجه الرابع البدل: ويقع برسم الألف واواً أوياءً. مجيئها واواً في قوله تعالى: (الصلوة) وهي كذلك في جميع مواضعها الأربعة والستين، والأصل (الصلاة) ومثلها (الزكاة). مجيئ رسمها ياءً في قوله تعالى: (يأسفى) والأصل فيها (يا أسفا). ومن ذلك أيضًاً قوله تعالى: (والضحى) ولم ترد إلا في هذا الموضع، والأصل فيها (والضحا).
  • الوجه الخامس الفصل والوصل: فقد رُسمت بعض الحدثات في المصحف العثماني متصلة مع حتى حقها الفصل، ورُسمت حدثات أخرى منفصلة مع حتى حقها الوصل. ما اتصل وحقه الفصل ما يلي: (عن) مع (ما) حيث رسمتا في مواضع من القرآن الكريم متصلتين، من ذلك قوله تعالى: (عما تعملون) وقد وردت كذلك في جميع المواضع. (بئس) مع (ما) رسمتا متصلتين في مواضع، من ذلك قوله تعالى: (بئسما اشتروا) وهي كذلك في مواضعها الثلاثة. (كي) مع (لا) رُستما متصلتين في مواضع، من ذلك قوله تعالى: (لكيلا تحزنوا على ما فاتكم) وهي كذلك في مواضعها الأربعة.
  • الوجه السادس تعدد القراءة: بمقتضى هذه القاعدة تخط بعض الحدثات التي تقرأ بقراءتين برسم إحدى القراءتين، كما في قوله تعالى: (ملك يوم الدّين) تخط بغير ألف، وتقرأ بالألف وبحذف الألف، وكذلك الأمر في كثير من الألفاظ التي تخط وفقا لإحدى القراءتين، وتقرأ بالقراءتين معا، وهذا كله خارج نطاق القراءات الشاذة، وأحيانا تراعى في الرسم بعض القراءات الشاذة.

العصر الأموي

يَظْهَر مع الزَّخْرَفَة الدَّاخِلية لقِبَّة الصَّخرة أحد أقدم ما خط من الخط العربي، والذي أطلق عليه اسم الخط الجليل.

أحرز الخط في العصر الأموي تقدمًا ملموسًا على ما كان عليه في العصرين السالفين، عصر الرسول وعصر الخلفاء الراشدين، واستطاع حتى يُبرز ولأول مرة الخطَّاط ومهنته إلى الوجود، رغم حتى الحروف كانت خالية من النقط في بداية هذا العصر، وقد لمع نجم عدد من الخطاطين يأتي في مقدمتهم الخطاط الشهير قطبة المحرر، الذي ابتكر خطًا جديدًا يعتبر مزيجًا من الخطين الحجازي والكوفي، وسمي هذا الخط بالخط الجليل حيث استخدمه قطبة ومن عاصروه أوجاؤوا بعده في الكتابة على أبواب المساجد ومحاريبها. لم يكن خط الجليل هوجميع ابتكار قطبة، ولكنه ابتكر عدة خطوط أخرى، أجاد فيها وأحسن منها خط الطومار وهوأصغر من سابقه، وكذلك اخترع قطبة خط الثلث وخط الثلثين وذلك حوالي عام 136 هـ، وكان له فضل السبق في ذلك.

خط الطومار يعني خط الصحيفة وجمعه طوامير، وقد سمَّاه الأتراك خط جلي الثلث. وراح الخطاطون في العصر الأموي ولأول مرة يخطُّون خطوطًا جميلة تزين القصور والمساجد والخانات، ويخطون بهذه الخطوط في سجلاَّت الدولة الفتية ودواوينها الحديثة، فنالوا حظوة لدى الأمراء والخلفاء، وجعلوهم في صدارة مجالسهم، واستخدموهم في دواوينهم. وأصبح يُرى هذه الخطوط الحديثة الجميلة في هذا العصر تزين القباب والمآذن والمساجد والقصور التي حُلِّيت بالفسيفساء والخشب المحفور والمطعم بالفضة والمعادن والزجاج، ليس في العاصمة دمشق فحسب، بل في أبعد المدن القاصية عنها والثغور، وهذا ما يرى واضحًا بعد أكثر من أربعة عشر قرنًا في المسجد الأموي في دمشق، وقصر الحير الشرقي، وآثار رصافة هشام، ومحراب المسجد الأقصى وقُبَّته وغيرها.

كان الخطاطون في العصر الأموي يخطون في سجلاّت الدولة بخط الثلثين، الذي أطلقوا عليه لكثرة ما خطوا به السجلاّت اسم خط السجلاّت، أما خلفاء بني أمية فكانوا يخطون بخط الطومار وبالخط الشامي. وقد نشط عدد من الخطاطين في هذا العصر، لعبوا دورًا هامًا في النهوض بالخط كحركة فنية فتية يأتي في مقدمتهم: خالد بن أبي الهياج وقد خط عددًا من المصاحف، ومالك بن دينار الذي غلب عليه الزهد والورع فذكروه في عداد الفقهاء والمحدثين، والرشيد البصري، ومهدي الكوفي. ثم اشتهر خطاطون آخرون لا يقلُّون عن سابقيهم شهرة وعددًا انتشروا في الأمصار البعيدة عن مركز الخلافة منهم: شراشير المصري، وأبومحمد الأصفهاني، وابن أبي فاطمة، وابن الحضرمي، وابن حسن المليح. كان لخلفاء بني أمية الدور الأكبر في نهضة الخط العربي، ودفعه إلى الأمام لمجاراة النهضة الكاملة للدولة الإسلامية التي أرسوا أسسها.

النِّقاط والتَّشكيل

مثال على تطور نظام الكتابة العربية منذ القرن التاسع إلى القرن الحادي عشر، (1) البسملة خطت بخط كوفي غير منقط ولا مشكّل. (2) نظام أبي الأسود الدؤلي المبكر ويَعتمد على تمثيل الحركات بنقاط حمراء تخط فوق الحرف (الفتحة) أوتحته (الكسرة) أوبين يديه (الضمّة)، وتُستعمل النقطتان للتنوين. (3) تطور النظام بتنقيط الحروف. (4) نظام الخليل بن أحمد الفراهيدي المستعمل إلى اليوم، وهووضع رموز مختلفة للحركات فيما تظل النقاط لتمييز الحروف.

منذ حتى كُتبت مصاحف عثمان، ظلت خالية من النقط والتشكيل، واستمر ذلك أكثر من أربعين سنة، وخلال هذه الفترة توسعت الفتوح، ودخلت أممٌ كثيرة لا تتحدث العربية في الإسلام، فتفشت العجمة بين الناس، وكثر اللحن، حتى بين العرب أنفسهم بسبب كثرة اختلاطهم ومصاهرتهم للعجم، ولما كان المصحف الشريف غير منقوط خشي ولاة أمر المسلمين عليه حتى يتطرق له اللحن والتحريف.

استمر الوضع على ماكان عليه حتى تولى علي بن أبي طالب الخلافة، فشكا أبوالأسود الدؤلي إلى علي هذه الظاهرة عملمه مبادئ النحو، ونطق له: «الاسم ما دل على المسمى والعمل ما دل على حركة المسمى، والحرف ما ليس هذا ولا ذاك، ثم انح على هذا النحو».

وقيل بأن أول من التفت إلى نقط المصحف هوزياد بن أبيه، وفيه حتى معاوية بن أبي سفيان خط إلى زياد عندما كان واليًا على البصرة حتى يبعث إليه ابنه عبيد الله، ولما ولج عليه وجده يلحن في كلامه، فخط إلى زياد يلومه على وقوع ابنه في اللحن، فبعث زياد إلى أبي الأسود الدؤلي يقول له: «إن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت مِن ألسنة العرب، فلووضعت شيئًا يُصلح به الناسُ كلامَهم، ويعربون به كتاب الله»، فاعتذر أبوالأسود فلجأ زياد إلى حيلة، بأن وضع في طريقه رجلًا ونطق له: إذا مرّ بك أبوالأسود فاقرأ شيءًا من القرآن، وتعمد اللحن فيه، فلما مرّ به قرأ الرجل آية من القران ولحن فيها، فشق ذلك على أبي الأسود، ونطق: «عزّ وجه الله حتى يتبرأ من رسوله». ونطق لزياد: «قد أجبتك إلى ما طلبت، ورأيت حتى أبدأ بإعراب القرآن».

وضع بعد ذلك أبوالأسود الدؤلي نقطه كضبط للقرآن، وكان أبوالأسود أول من وضع النقط للضبط، حيث وضع النقطة أمام الحرف علامة على الضمة، والنقطة فوقه علامة على الفتحة، وإذا كانت تحته فهي للكسرة، واستمرت الكتابة على هذا النحوإلى حتى اتى الخليل بن أحمد الفراهيدي فوضع ضبطًا أدق من ضبط أبي الأسود الدؤلي فجعل بدل النقط: ألفًا مبطوحة فوق الحرف علامة على الفتح، وتحته علامة على الكسر، وجعل رأس واوصغيرة علامة على الضمة، ثم جعل النقاط على الحروف لإعجامها وتمييزها فيما بينها.

ترتيب الحروف العربية

ضُبطت الحروف العربية بثمانية وعشرين حرفًا. خضعت هذه الحروف لترتيبات مختلفة تفاوتت في الوجاهة والمعايير المستعملة:

  • الترتيب الأبجدي: تم تصنيف هذه الحروف بناءً على معيار الأصول التاريخية، وبناء عليه تم تفريعها إلى حروف سامية: أي من أصل سامي، وعددها اثنان عشرون حرفًا وهي: (أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط، ي، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص، ق، ر، ش، ت). حروف عربية: وعددها ستة أحرف قام بإضافتها العرب إلى الأصل السامي وتنفردوا بها، وتسمى هذه الحروف الروادف وهي: (ث، خ، ذ، ض، ظ، غ). تم تسمية هذا الترتيب بالترتيب الأبجدي، بالنسبة إلى الحدثة الأولى من الحدثات التي جمعت فيها هذه الحروف حسب ترتيبها التاريخي (ساميَّة فعربية) تسهيلا لحفظها وجريانها على الألسنة، وهذه الحدثات هي: أبْجَدْ، هَوَّزْ، حطِّي، كَلَمُنْ، سَعْفَصْ، قَرَشَتْ، ثَخَذْ، ضَظَغْ. أما الحروف كاملة فترتيبها التالي: (أ، ب، ج، د، هـ، و، ز، ح، ط، ي، ك، ل، م، ن، س، ع، ف، ص، ق، ر، ش، ت، ث، خ، ذ، ض، ظ، غ).
  • الترتيب الهجائي: تم ترتيب الحروف الهجائية العربية ترتيبًا شكليًا يعتمد على الأشباه والنظائر، أي تشابه أشكال الحروف من حيث الرسم، ويعود هذا الترتيب إلى اللغوي نصر بن عاصم الليثي الكناني (ت: 90 هـ / 708م) وذلك في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وقد تم الإشارة إلى هذا الترتيب اصطلاحًا بالترتيب الهجائي حتى يستطاع تمييزه عن الترتيب الأبجدي. ترتيب نظام الحروف فيه: (أ، ب، ت، ث، ج، ح، خ، د، ذ، ر، ز، س، ش، ص، ض، ط، ظ، ع، غ، ف، ق، ك، ل، م، ن، هـ، و، ي). يُعد هذا الترتيب أكثر تداولًا في الاستعمال، فقد تم بمقتضاه ترتيب المادة اللغوية في الكثير من المعاجم القديمة، وفي جميع المعاجم الحديثة. كما يتم اعتماد هذا الترتيب اعتمادًا كليًا في إنجاز الفهارس الملحقة بالمصنفات والأبحاث، عملى أساسه يتم ترتيب المصادر والمراجع اعتمادا على اسم المؤلف أوعنوان الكتاب، والمؤلفون والأعلام والآيات وكل مادة يحتاج فيها إلى فهرسة. يتم استعمال هذا الترتيب مدخلًا للجذاذات في المخطات سواء أكان المدخل اسم المؤلف أوعنوان المصنف أوموضوعه أومجاله.

العصر العباسي

ما كاد الخطاطون يتربعون على عرش الخط في دمشق حتى أخذ العباسيون عرش الخلافة، فاتجهت أنظار الخطاطين والفنانين إلى بغداد عاصمة الدولة العباسية، وكان من الطبيعي حتى يرحل إليها الخطاطون كما رحل إليها الأدباء والفهماء، ليكونوا أقرب إلى الخليفة والدولة وينالوا أجر إبداعهم من الخلفاء والأمراء والموسرين وغيرهم.

وإذا كان العصر الأموي عصر تأسيس وبناء، فإن العصر العباسي عصر ازدهار ورخاء وبذخ، وفي مثل هذا العصر لابد حتى يزدهر جميع فن، وينبغ جميع من يمتلك أدنى ملكة فنيّة أوفهمية. في العصر العباسي ذاعت شهرة الخطاط الضحاك بن عجلان في خلافة أبي العباس السفاح، والخطاط إسحاق بن حماد في خلافتي أبوجعفر المنصور وأبوعبد الله محمد المهدي، حتى بلغ الخط في عهدهما أحد عشر نوعًا. وتعددت أقلام الخطاطين وخطوطهم في عهد هذين الخطاطين حتى كانت مضرب المثل في إظهار ملكتهم في الحرف العربي. فلما اتى عصرا هارون الرشيد والمأمون نضجت العلوم والفنون والمعارف، وراح الخطاطون يجوّدون خطوطهم، وينافسون في ذلك، حتى زادت الخطوط على عشرين خطًا، منها المستحدث ومنها المطوَّر، فقد طوَّر الخطاط إبراهيم الشجري خط الثلث وخط الثلثين أكثر مما ابتدعه الخطاط قطبة المحرر، وقبيل نهاية القرن الثالث الهجري اخترع الخطاط يوسف الشجري أخوإبراهيم الشجري خطًا جديدًا سماه الخط المدور الكبير، حيث أحب الفضل بن سهل وزير المأمون، فراح يعمِّمُه على جميع الخط السلطانية الصادرة عن دار الخلافة، فأطلقوا عليه لقب الخط الرياسي، بينما انتشر عند سائر طبقات المجتمع باسم خط التوقيع، وقد استطاع الخطاط الأحول المحرر البرمكي حتى يأخذ عن إبراهيم الشجري، وأن ينجح في اختراع خط حديث اسمه خط النصف الذي تفرعت منه خطوط جديدة فيما بعد.

نَمُوذج لخط المُدَور الكَبير أوالخَطِّ التَوقِيع أوخط الإجازة الذي اخْتَرَعَه الخَطَّاط يُوسف الشَّجَري في العَصْر العَبَاسِي.

اتى أبوعلي محمد بن مقلة الوزير (272 - 328 هـ) فضبط الخط العربي، ووضع له المقاييس، ونبغ في خط الثلث حتى بلغ ذروته، وضرب به المثل، كما أحكم خط المحقق، وحرر خط المضى وأتقنه، وأبدع في خط الرقاع وخط الريحان، وميَّز خط المتن، وأنشأ الخط النسخي الحاضر وأدخله في دواوين الخلافة، وقد هجر ابن مقلة في الخط والقلم رسالته الهندسية. وقد زاد ابن مقلة في الأوساط الفنية كخطاط أنه كان وزيرًا لثلاثة خلفاء، ولفترات مختلفة، فقد كان وزيرًا لجعفر المقتدر بالله، والقاهر بالله والراضي بالله. وحينما غضب عليه الخليفة الراضي بالله بتر يده اليمنى، لكنه لم يهجر الخط، بل كان يربط على يده المقطوعة القلم حينما يشرع في الكتابة، ثم أخذ يخط بيده اليسرى فأجاد كما خط بيمناه. استمرت رياسة الخط لابن مقلة حتى القرن الخامس الهجري، فاشتهر علي بن هلال المعروف بابن البوّاب المتوفى سنة 413 هـ، فهذّب طريقة ابن مقلة في الخط، وأنشأ مدرسة للخط، واخترع الخط المعروف بالخط الريحاني.

أما المصاحف التي خُطَّت في العصر العباسي فإن معظمها ترجع إلى القرن التاسع الميلادي، وهي مكتوبة على الرِّق بلونه الطبيعي، أوالملوّن الأزرق والبنفسجي أوالأحمر، وبمداد أسود أومضىي، وتظهر الحروف الكوفية فيها غليظة ومستديرة وذات مدَّات قصيرة، وجرَّات طويلة. وبلغت الخطوط في أواخر العصر العباسي أكثر من ثمانين خطًا، وهذه الكثرة شاهد على تقدم الفن والزخرفة إلى جانب الخط. وظهر في العصر العباسي خط اسمه الخط المقرمط وهوخط ناعم، حتى راح الخطاطون يتفنَّنون في رسم المصاحف رغم صغر الحجم، فهم يزوِّقونها، ويعتنون في جميع صفحاتها التي قد تصل إلى أدنى من (6×8 سم) وقد استطاع الخطاط حتى يبري قلمه إلى جزء من المليمتر. ولم يكن الخط العربي وقفًا على الرجال في العصر العباسي، بل كانت المرأة تبرز في هذا المضمار الفني، ففي القرن التاسع الميلادي كانت هناك امرأة برزت في النسخ وجودة الخط، فأعجب بها أحمد بن صالح وزير الخليفة المعتضد بالله، وخط عن براعتها ما يلي: «كان خطها كجمال شكلها، وحبرها كمؤخر شعرها، وورقها كبشرة وجهها، وقلمه كأنملة من أناملها، وطرازها كفتنة عينيها، وسكِّينها كوميض لمحتها، ومقطَّتها كقلب عاشقها». أما هندسه الحروف العربية وتجويدها فقد ازدهرت في الفترة الأولى من العصر العباسي، وكانت تنسب إلى رجلين من اهل الشام هما: الضحاك بن عجلان وإسحاق بن حماد. في العهد العباسي تعددت الأقلام العربية حتى بلغت 12 قلما هي: قلم الجليل، وقلم السجلات، وقلم الديباج، وقلم الطومار الكبير، وقلم الثلثين، وقلم الزنبور، وقلم المفتح، وقلم الحرم، وقلم المؤامرات، وقلم العهود، وقلم القصص، وقلم الخرخاج.

الخط العربي في الأندلس

نَمُوذَج للخط الأندلسي من مصحف خط بقرطبة في القرن الرابع عشر الميلادي.

في الأندلس سقط استعمال الخط الشامي إلى جانب الخط القيرواني في مصاحفهم ورقاعهم ومراسلاتهم، وقد قام الأندلسيون بتطوير الخط القيرواني، وأدخلوا عليه ليونة جديدة جيدة، ميزته عن المألوف وولدوا خطًا أسموه بالخط الأندلسي أوالقرطبي، بالرغم من حتى المسلمين الأولين كانوا يخطون بالخط المشرقي. كان ظهور الخط الأندلسي في العهد الأموي مظهرًا من مظاهر استقلالهم عن المشرق، يقول ابن خلدون: «وتميز ملك الأندلس بالأمويين، فتميزوا بأحوالهم في الحضارة والصنائع، وتميز صنف خطهم الأندلسي كما هومعروف الرسم لهذا العهد». إذا العصر الذي تم فيه الاندماج بين الأندلسيين والمغاربة كان عصراً غلب عليه الخط الأندلسي وانتشاره في بلدان المغرب. لم ينته الخط الأندلسي بنهاية الأندلس الإسلامية، وإنما ظل مرجعًا معتمدًا بعد ذلك في المغرب الأقصى، الذي احتضن تراث الأندلس، ومنه الخط وما يتعلق به. وأخذ الخط الأندلسي يطغى على القيرواني في ظل الحكم المرابطي، وظهر في هذا العصر خطاطون على الطريقة الأندلسية بين مغاربة وأندلسيين استوطنوا المغرب، وقد أدت مزاحمة الخط الأندلسي للقيرواني إلى حدوث منافسة بين الخطين.

تخضع الكتابة الأندلسية لنسبة هندسية هامة وترتيب يشهد بكثرة الصبر والتجويد، يظهر الخط الأندلسي مقوس الأشكال، والسطر العمودي هونادىمته، أدق من السطر الأفقي. تتجمع الحروف القصيرة والمستديرة على شكل الخط الإفرنجي القديم على رأي هوداس. وقد بلغت كتابة المصاحف عند أهل الأندلس من الكمال وحسن الخط ما لم تدركه من قبل ولا من بعد. والنتيجة الطبيعية لجودة الخط حتى ألقى الخط بظلاله على المخطوطات. تحول الخط الأندلسي إلى المغرب، وفي مدينة فاس استقر وتفرغ، وامتاز الخط الفاسي باستدارات في حروف النون والباء الأخيرة والواوواللامات والصاد والجيم وما شابه ذلك، وبقي الخط الفاسي كما هوتقريبًا. وقد فقد قليلاً من أشكاله المتحررة وكسب مظهراً أكثر بساطة لما اقتبس من الأندلس رتابة في تناسق الحروف. جودت مدرسة المغرب والأندلس الخط الكوفي في القرون الخمسة الأولى للهجرة. وعندما لينته لأغراض التدوين الرقمي، حافظت على عدة حروف منه على حالتها في الكوفي، وكانت أنواع الخطوط قليلة وفروعها ضئيلة، وليس لها قواعد تضبطها.

العصر الفاطمي

نَمُوذَج لأحَد أَقْلام الحِبْرِ السَّائِلَة التي اُخترعَت في عَهْد المعز لدين الله الفاطمي.َ
نَمُوذَج لخط الثلث

اعتنى الفاطميون في مصر بالخط العربي عناية كبيرة، وقاموا بكتابته على المآذن والقباب والأروقة وقصور الخلفاء وأضرحة الفهماء، وزيَّنوا به قابلات الحمامات والمخطات العامة ومضامير الخيل وقابلات السجون والأماكن العامة، وظهر في مصر الخط الفاطمي، والخط الكوفي الفاطمي، وامتاز جميع منهما بهوية خاصة، واختلفا عن غيرهما من الخطوط الأخرى.

ازدهرت مصر خلال العصر الفاطمي ثقافيًا، وانتعش الكتاب صناعة وزخرفة وتجليدًا وتذهيبًا وترويجًا،. بل إذا المبدعين استطاعوا خلال العصر الفاطمي حتى يخترعوا قلم الحبر السائل الذي امتاز بخزَّان صغير للحبر وله ريشة، وهولا يختلف عن أقلام الحبر السائل الحديثة، وقدَّم مخترعه هذا القلم للخليفة الفاطمي هدية، لكنه لم يعممه ولم يصنع منه أقلامًا أخرى ويبيعها لسائر الناس، لأن المجتمع المصري كان يحفل بأنواع مختلفة من أقلام الخط الدقيقة الصنع، التي تبلغ ريشتها جزء من عشرة من السنتيمتر الواحد، والتي خطُّوا بها مصاحف صغيرة جدًا توضع في الجيب، أومن الممكن تعلق بالحلق.

استمرت فترة الخلافة الفاطمية أكثر من مائتي سنة (359 هـ - 566 هـ) وكان عصر المعز لدين الله الفاطمي عصرًا مضىيًا لهذه الفترة، وهوالذي خط بقلم الحبر السائل. لا تزال قصور الخلفاء والأمراء الفاطميين تحكي سيرة الفن الذي توصل له الخطاط والنقاش والنُحَّات في ذلك العصر، بل إذا المآذن التي أقيمت خلال تلك الفترة تعتبر اليوم من روائع البناء الإسلامي. كان منطلق الخط في مصر ديوان الإنشاء، وكان لا يرأس هذا الديوان إلاّ أجل كتاب البلاغة، ويلقب بـ محرر الدست الشريف. وكان المحمل الذي يتقدم قوافل الحجيج المصريين، والفاطميون من أوائل من ابتدع المحمل الشريف، حيث كان يزدان بالخطوط المضىية الرائعة، والزخارف الإسلامية الجميلة، بحيث حتى من يقود ذلك الجمل يزداد شرفًا، ويحمل لقبًا، ويورث ذلك لأحفاده من بعده.

العصر الأيوبي والمملوكي

عندما استولى الأيوبيون على القاهرة عاصمة الخلافة الفاطمية، شاع في العصر الأيوبي خط الثلث، والذي يسميه البعض بالخط الأيوبي، حيث زينت به أبواب المساجد الكبرى، ودور القران والمدارس الأيوبية. كذلك بدأت الخطوط المستديرة تحل مكان الخطوط الكوفية على قابلات القصور والأبنية.

في العصر المملوكي عاد الخط الكوفي إلى الظهور مجددًا بعد حتى اتخذه المماليك عنصر زخرفي، ولكن الخط الكوفي انتشر بشكل واسع، حيث زينت به أبواب المساجد والخوانق والمدارس المملوكية. وقد جدد في العصر المملوكي الخطوط المشتقة من خط الطومار الكبير، وهما: خط الثلث وخط الثلثين (خط السجلات)، الذي دونت به سجلات الحكومة في العصر المملوكي.

العصر العثماني

مُتْحَف آيَا صُوفْيَا في إسطنبول، ويَظْهَر فيها لَفْظَ الجَلالَة بِجَانِب اسْم مُحَمَّد مَعَ اسْمَي أَبُوبَكر وعُمَر، وكُلُّهَا مَكْتُوبَة بِخَط الثَّلُث.
ملف:Ulu Cami in Bursa.webm
شاهد فيلم مصور: مسجد أولوجامع الذي أمر ببنائه السلطان العثماني بايزيد الأول عام 1399م بمدينة بورصة بهجريا، يتفرّد بأن به روائع من الخط العربي بأحجام ضخمة على جدرانه وأعمدته رسمها أشهر الخطاطين العثمانيين في أواخر القرن التاسع عشر.

ورث العثمانيون الخط عن مدرسة تبريز التي ازدهرت ليس في الخط فحسب، وإنما في صناعة الكتاب أيضًا، بل ونشطت فيما يتعلق بالكتاب من صناعة الورق والخط والزخرفة والتجليد والرسوم والتذهيب وغير ذلك. كان للأساتذة الإيرانيين الفضل في هذا التفوق الذي أحرزه العثمانيون، فصاروا لهم بعد ذلك أندادًا، وصاروا يمثلون مدرسة مستقلة ذات شهرة متميزة في خط الثلث، ولكبار الخطاطين الأتراك مصاحف كثيرة محفوظة إلى الآن في المتاحف الهجرية، وخاصة في متحف الأوقاف في اسطنبول، حيث أضافوا إلى هذا الخط زخرفة وتجليد. وراح الخطاطون يبدعون في خط المصاحف الصغيرة التي توضع في الجيب، وحيث حتى الدولة العثمانية دولة خلافة إسلامية سُنِّيَّة فإنها شجعت على انتشار الخط العربي بأنواعه، بحيث انتحل الهجر أنفسهم الخط العربي، ولا تجد في هجريا إنسانًا على شيء من التعليم لا يستطيع حتى يفهم لغة القرآن بسهولة. ونال الخطاطون احترام الخلفاء، فنالوا منهم الحظوة، وأغدقوا عليهم العطايا، وجعلوهم من المقربين منهم، وأسندوا لهم العمل في الدواوين التابعة للدولة، وبرواتب عالية.

امتلأت مساجد الخلافة العثمانية بالخطوط الرائعة، والزخارف الجميلة لكبار الخطاطين الأتراك، وغير الأتراك الذين استقطبتهم دار الخلافة العثمانية للعمل في عاصمة الدولة برواتب عالية. في الفترة المتأخرة لهذه الخلافة برز خطاطون طبَّقت شهرتهم العالم الإسلامي من مشرقه إلى مغربه، وخلدوا لنا لوحاتهم الرائعة، أولهم: الخطاط حمد الله الأماسي الذي يعتبر إمام الخطاطين العثمانيين، الثاني: الخطاط الحافظ عثمان الملقب جلال الدين الذي خط خمسة وعشرين مصحفًا بيده. وقد طبع مصحفه في سائر البلاد العربية والإسلامية، وخاصة في دمشق فقد تبنّته مطبعتان عريقتان هما مطبعة الملاح والمطبعة الهاشمية، ولأكثر من نصف قرن طبعتا عشرات الطبعات بعضها مهمَّش بتفسير الجلالين، أوأفردوا أجزاءه في طبعات مستقله، الثالث: الخطاط يوسف رسا الذي خط لوحات في المساجد الهجرية، ومساجد بلاد الشام وغيرها لا تزال باقية لوحاتها المعدنية أوالمرقومة على الجدران الجصية أوالمنحوتة على الرخام.

يُعتبر العصر العثماني عصر نضوج الخط العربي في العصور المتأخرة، ويكاد يطلق عليه العصر المضىي للخط العربي وذلك لأسباب كثيرة منها: حتى الدولة العثمانية دولة واسعة المساحة جمعت الجنسيات والألسن والألوان البشرية المتنوعة تحت مظلة الإسلام، وأن فترة حكمها طالت حتى بلغت قرونًا، وكانت تعتبر التصوير حرامًا، لذلك شجَّعت الخطوط والزخارف والنقوش لسد فراغ تحريم التصوير. وكان الخلفاء يقربون منهم الفهماء والأدباء والمبدعين، ويستقطبونهم إلى عاصمة خلافتهم، ويغدقون عليهم المنح والعطايا المتنوعة، بل نجد بعض الخلفاء قد تتلمذ على أيدي الخطاطين وأخذوا عنهم مبادئ الخط العربي، ومن ذلك تتلمذ السلطان مصطفى الثاني والسلطان أحمد الثالث على يد الخطاط الحافظ عثمان، وكان خطاط السلطان الخاص يتقاضى أربع مائة ليرة عثمانية مضىًا في الشهر، وبلغ العثمانيون من الترف ما جعل ذوي الإبداع يعملون في قصورهم النقوش والزخارف والرسوم بمبالغ عالية. واستطاع الخطاطون في ظل تكريم الدولة لهم، وإغداقها العطايا عليهم، حتى يبتكروا خطوطًا جديدة كخط الرقعة والطغراء والديواني والديوني الجلي وغيرها.

الخط العربي في إيران

خَط النَّسْتِعْلِيق أَحَد ابتِكَارات الإيْرَانِيِّين فِي فَن الخَطِّ العَرَبِي.

استطاع الفنانون الإيرانيون حتى يبدعوا في الفن التصويري لمضامين المخطوطات الفارسية والعربية، كما نجحوا في تجويد الخط وتحسينه وتطويره، فقد امتاز الخطاط الإيراني بالجودة والإتقان، وكان في أغلب أحيانه مبدعًا في لوحاته. ابتكر الخطاطون الإيرانيون الخط الفارسي في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي). ثم ابتكروا خط النستعليق من الخط الفارسي والنسخ والتعليق، وكان هذا الابتكار بجهود الخطاط عماد الدين الشيرازي الحسني، إذ وضع له قاعدة اشتهرت باسمه فيما بعد فسمِّيت قاعدة عماد. كما حوَّروا الخط الكوفي فأصبحت المدَّات فيه أكثر من الجرَّات.

اشتهرت مدينة مشهد بخط النستعليق حتى كادت حتى تسبق جميع المدن الإيرانية، ومن أبرز شواهده ما عثر في جامع الإمام الرضا ذي القباب المضىية، إذ تجسد إبداعات الخطاطين الإيرانيين، فالخطوط التي نقشت على القباب والمآذن شاهدة على مدى الإتقان والجودة التي حظوا بها. وقد أجاد الخطاطون في نقش الخطوط وزخرفتها على بتر السيراميك في شوارع مدينة مشهد على كثرتها، بحيث يرى السائر فيها أنه في متحف مفتوح للخط العربي. أما مدينة أصفهان التي يقول أهلها أنها نصف جهان أي نصف العالم، فكانت عاصمة الدولة الصفوية التي خلفت خطوطًا ولوحات وزخارف غاية في الجمال. من هذه الأماكن الأثرية التي احتوت خطوطًا رائعة: الجامع الكبير في أصفهان، وجامع لطف الله، والأربعون عمودًا، والجسور الكثيرة المنتشرة على نهرها الكبير زينده رود مثل جسر خاجو.

اهتم شاهات فارس وأمراؤها بالخط، فقد أنشأ الوزير المغولي رشيد الدين ضاحية سماها ربع رشيد، كذلك أصبحت هراة في عهد الصفويين عاصمة الخط والتصوير، وكان كمال الدين بهزاد مفهم التصوير، وموجه الخطاطين. ولم تقتصر أمور الخط والإبداع على الخطاطين الذين اعتمدوا الخط فنًا ومهنة، بل تعدتهم إلى الأمراء والحكام وذوي السلطان، فقد كانوا يجدون في النسخ والخط شرفًا وبركة ومجدًا.

العصر الحديث

استمر تطور الخط العربي في العصر الحديث بعد سقوط الدولة العثمانية، فقام الخطاطون العرب بابتداع أنماط وخطوط هجينة اختلطت فيها أنماط الخط، ومن ذلك خط التاج الذي ابتدعه الخطاط المصري محمد محفوظ، الذي كان يعمل خبيرًا فنيًا بالمحاكم في عهد الملك فؤاد، وسميت بحروف التاج لأن الفكرة كانت فكرة صاحب التاج ملك مصر الأسبق فؤاد. وهوتعبير عن الإشارة كأنها لام ألف مقلوبة مقوسة وموضعها فوق رأس الحرف على غرار الحروف الكابيتال في اللغة الإنجليزية، وذلك ليهتدي القارئ لما ترمى إليه الجمل أوالحدثات، وقد رجح استعمالها في حروف خط النسخ لأنها أجمل سقطًا عليه من سائر الخطوط الأخرى.

أضاف خطاطوالعصر الحديث بعدًا جماليًا جديدًا للخط العربي، فأصبح الخط العربي فنًا تشكيليًا له عناصره ومقوماته الخاصة به، حيث يمكن حتى تتم اللوحة كتابة وتكوينًا باستخدام الألوان المتعددة، أواللون الواحد بدرجاته، أواللونين أبيض وأسود أوغيرهما، كما يمكن حتى تكون الكتابة جزءًا من اللوحة التشكيلية، أوحتى تكون الحروف في لوحة ما عناصر لا تتعلق بالمضمون، أي حتى الحروف هنا تكون أشكالًا وهياكل متممة للوحة فقط. كما ظهر في العصر الحديث توجُّه للاعتماد على الكمبيوتر في المساعد على الكتابة العادية، ويعتقد الخطاطون حتى هذه البرامج تساعد على الكتابة، أما الخط فلا يمكن حتى يخطه بإتقان إلا متفهم للخط يلم بفنون كتابته، وبالنسب العليمة للحروف وأشكالها وأطوالها وطمسها أومدها وسوى ذلك من قواعد كتابة الخط العربي، وأضافوا حتى البرنامج لا يُستخدم بالشكل الأفضل إلا من قبل خطاط.

أنواع الخط العربي

كتاب تشريح الأفلاك من القرن الثامن عشر

سار الخط العربي في رحلة حياته مسيرة طويلة، فقد نشأ نشأة عادية وبسيطة، ثم تطور مع تطور الحضارة. وإذا ما تم دراسة هذه الرحلة، فيتبين حتى مسيرته قبل الإسلام كانت بطيئة جدًا بينما نجده يقفز قفزات سريعة بعد الإسلام ويصل إلى درجة الإبداع، حيث تناوله الخطاطون بالتحسين والتزويق، وأضفوا عليه من إبداعهم جماليات لم تخطر على بال فنان سابق. استطاع الخطاط العربي حتى يبتكر خطوطًا جديدة من خطوط أخرى فهذا ابن مقلة يبتكر خط الثلث، وقد اشتقه من خطي الجليل والطومار، وسماه في أول الأمر خط البديع، ثم استطاع حتى يحسِّنه ويجوده حتى فاق فيه غيره، واشتهر بنيل قصب السبق فيه إلى عصرنا هذا، واعتبر مهندسًا للحروف العربية. ثم اتى ابن البواب فزاد الخط جودة وجمالًا، واستطاع الخطاط الهجري ممتاز بك حتى يبتكر خط الرقعة من الخط الديواني وخط سياقت حيث كان خط الرقعة خليطًا بينهما. استمرت رحلة الخط جودة وتطويرًا، حتى كان الخط الحديث الذي ظهرت له نماذج كثيرة خالية من القواعد والضوابط.

سميت الخطوط العربية بأسماء المدن أوالأشخاص أوالأقلام التي خطت بها، وقد تداخلت هذه الخطوط في بعضها، واشتق بعضها من الآخر، وتعددت رسوم الخط الواحد، فكانت لكثرتها تشكل فنًا من الفنون التي أبدعها الخطاطون العظام كالخط الكوفي مثلًا. ومن أبرز أشهر الخطوط في العربية:

الخط الكوفي

يعتبر الخط الكوفي من أقدم الخطوط، وهومشتق من الخط النبطي الذي ينسب إلى الأنباط، والذي كان متداولًا في شمال شبه الجزيرة العربية وجبال حوران، وقد اشتقه أهل الحيرة والأنبار عن أهل العراق، وسمي فيما بعد بالخط الكوفي حيث انتشر منها إلى سائر أنحاء الوطن العربي، ولأن الكوفة قد تبنَّته ورعته في البدء. وقد خطت به المصاحف خمسة قرون حتى القرن الخامس الهجري، حين نافسته الخطوط الأخرى كالثلث والنسخ وغيرهما. أقدم الأمثلة المعروفة من هذا الخط من القرآن نسخة سجلت عليه وقفية مؤرخة في (168 هـ / 784 - 785م) وهي محفوظة في دار الخط المصرية بالقاهرة.

كان الخطاطون والوراقون يزخرفون المصاحف وعناوين السور زخرفة جميلة، وبعضهم يزخرفون بداية المصحف ونهايته أيضًا بزخارف جد بديعة، من مربعات ومستطيلات، وزخارف متعاشقة، وصور مقرنصات نازله وانظرة. وأشجار مروحية أونخيل، مما يزيد جمال الخط جمال أخاذ. تمتاز حروف الخط الكوفي بالاستقامة، وتخط غالبًا باستعمال المسطرة طولًا وعرضًا، وقد اشتهر هذا الخط في العصر العباسي حتى لا يكاد يوجد مئذنة أومسجدًا أومدرسة أوخانًا يخلومن زخارف هذا الخط. ويعتمد هذا الخط على قواعد هندسية تخفف من جمودها زخرفة متصلة أومنفصلة تشكِّل خلفية الكتابة.

ثَلاثَة خُطُوط كُوفِيَّة مِنَ الأعْلَى إلى الأسْفَل: كُوفِي قَدِيْم، كُوفِي مَشْرِقِي، كُوفِي مُضَفَّر

تطور هذا الخط تطورًا مذهلًا، حتى زادت أنواعه على سبعين نوعًا، كلها ترسم بالقلم العادي على المسطرة، ولم يعد وقفًا على الخطاطين، فقد برع فيه فنانون ونقاشون ورسامون، وغير مهتمين بالخط، بل برع فيه كثير من هواة الرسم والذوق، وابتكروا خطوطاً كثيرة لها منها: الكوفي البسيط، والكوفي المسطَّر ويسمى المربع أوالهندسي التربيعي، والخط الكوفي المسطَّر المتأثر بالرسم، والخط الكوفي المسطَّر المتأثر بالفلسفة، والخط الكوفي المتشابك، والكوفي المتلاصق، والكوفي المورَّق.

يعتبر الخط الكوفي أفضل أنواع الخطوط العربية للفن والزخرفة، وهذا ما نادى غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب لأن يقول: «إن للخط العربي شأن كبير في الزخرفة، ولا غروفهوذوانسجام عجيب مع النقوش العربية، ولم يستعمل في الزخرفة حتى القرن التاسع الميلادي غير الخط الكوفي ومشتقاته كالقرمطي والكوفي القائم الزوايا». ولا يعتبر من يتقن هذا الخط خطاطًا بارعًا، بل يعتبرونه فنانًا، لأنه لم يعد وقفًا على الخطاطين، بل برع فيه النحاتون على الرخام أيضًا، والمزخرفون على جدران الجص وغيره. وقد تراجع الخط الكوفي من قابلات الأبنية، وكتابات الخطاطين منذ القرن السادس الهجري، إذ راح الخط النسخي يحلُّ محله شيئًا فشيئًا، ثم حل محل الخط الكوفي القديم بالمنطقة المغربية الإسلامية خط حديث مازال يستعمل في المغرب وطرابلس وما بينهما، وعهد باسم الخط العربي. وراح هذا الخط يملأ عناوين الخط وخطوطها، ورؤوس الفصول والأبواب والحواشي في سائر الخط التي تنسخ من طرابلس إلى أقصى المغرب، ومن ثم إلى الأندلس، حتى عثر هذا الخط في زخارف ونقوش على الحجر والجبس في الجدران والقصور والحصون والقلاع والمساجد، وعلى أبواب ونوافذ المنشآت الضخمة، وفي بيوت وقصور الأمراء والأثرياء. يستعمل الخط الكوفي بأنواعه المتنوعة والكثيرة للزخارف والزينة، وأحيانًا يغوص الخطاطون فيه في التعقيد والإبهام، حتى ليصعب على القارئ العادي حتى يقرأ حدثة منه. وخطت به المصاحف على الرق حتى القرن التاسع الميلادي حيث ظهرت الخطوط الكوفية فيها غليظة ومستديرة، وذات مدَّات قصيرة. وقد استخدم الخط الكوفي في مصر والشام والعراق خلال القرن التاسع وشطرًا من القرن العاشر الميلادي، واستمر استعماله حتى القرن الحادي عشر حيث قلَّ استعماله في كتابة القرآن الكريم، وأصبح خط النسخ بديلًا له، حيث بقيت البسملة في المصاحف بهذا الخط.

خط الرقعة أوالرقاع

هوخط يستخدمه كثير من الناس في كتاباتهم اليومية، وهومن أصول الخطوط العربية وأسهلها، يمتاز بجماله واستقامته، وسهولة قراءته وكتابته، وبعده عن التعقيد، ويعتمد على النقطة، فهي تخط أوترسم بالقلم بشكل معروف. ينطق إذا تسميته نسبة إلى كتابته على الرقاع القديمة، لكن هذه التسمية لم تلاق استحسانًا لدى بعض الباحثين الذين نطقوا إذا الآراء غير متفقة على بدء نشوء خط الرقعة وتسميته، التي لا علاقة لها بخط الرقاع القديم، وأنه قلم قصير الحروف، يحتمل حتىقد يكون قد اشتق من الخط الثلثي والنسخي وما بينهما، وأن أنواعه كثيرة. وكان فضل ابتكاره للعثمانيين، إذ ابتكروه حوالي عام 850 هـ، ليكون خط المعاملات الرسمية في جميع دوائر الدولة، لامتياز حروفه بالقصر وسرعة كتابتها.

يستعمل خط الرقعة في كتابة عناوين الخط والصحف اليومية والمجلات، واللافتات والنادىية. ومن ميزة هذا الخط حتى الخطاطين حافظوا عليه، فلم يشتقوا منه خطوطًا أخرى، أويطوروه إلى خطوط أخرى، تختلف عنه في القاعدة، كما هوالحال في الخط الفارسي والديواني والكوفي والثلث وغيرها. يعتبر خط الرقعة من الخطوط المتأخرة من حيث وضع قواعده فقد وضع أصوله الخطاط الهجري الشهير ممتاز بك المستشار في عهد السلطان عبد المجيد خان حوالي سنة 1280 هـ، وقد ابتكره من الخط الديواني وخط سياقت حيث كان خليطًا بينهما قبل ذلك. يُعد خط الرقعة الخط الذي يخط به الناس في البلاد العربية عدا بلدان المغرب العربي عمومًا، وإن كان بعض العراقيين يخطون بالثلث والنسخ.

خط النسخ

البسملة مَكْتُوبَة بِخَطِّ النَّسْخ.

يعتبر خط النسخ من أقرب الخطوط إلى خط الثلث، بل إنه من فروع قلم الثلث، ولكنه أكثر قاعدية وأقل صعوبة، وهولنسخ القرآن الكريم، وأصبح خط أحرف الطباعة. وهوخط جميل، نسخت به الخط الكثيرة من المخطوطات العربية، ويحتمل التشكيل، ولكن أقل مما امتاز به خط الثلث. وقد امتاز هذا الخط في خطوط القرآن الكريم، إذ عثر حتى أكثر المصاحف بهذا الخط الواضح في حروفه وقراءته، كما حتى الحكم والأمثال واللوحات في المساجد والمتاحف خطت به.

خط النسخ الذي يخطه الخطاطون اليوم، هوخط القدماء من العباسيين الذين ابتكروا وتفننوا فيه، فقد حسَّنه ابن مقلة، وجوده الأتابكيون وتفنن في تنميقه العثمانيون، حتى وصل بحلَّته القشيبة، بالغًا حدَّ الجمال والروعة. تستعمل الصحف والمجلاَّت هذا الخط في مطبوعاتها، فهوخط الخط المطبوعة اليوم في جميع البلاد العربية. وقد طور المحدثون خط النسخ للمطابع والآلات المحررة، ولأجهزة التنضيد الضوئي في الكمبيوتر، وسموه الخط الصحفي لكتابة الصحف اليومية به.

خط الثلث

البَسْمَلَة كُتِبَت بخَطِّ الثَلُث .

يعتبر خط الثلث من أجمل الخطوط العربية، وأصعبها كتابة، كما أنه أصل الخطوط العربية، والميزان الذي يوزن به إبداع الخطاط. ولا يعتبر الخطاط فنانًا مالم يتقن خط الثلث، فمن أتقنه أتقن غيره بسهولة ويسر، ومن لم يتقنه لا يُعد بغيره خطاطًا مهما أجاد. وقد يتساهل الخطاطون في قواعد كتابة أي نوع من الخطوط، إلاّ أنهم أكثر محاسبة، وأشد هجريزًا على الالتزام في القاعدة في هذا الخط، لأنه الأكثر صعوبة من حيث القاعدة والضبط.

نَمُوذَج لِخَطِّ الثَلُث مَكْتُوب عَلَى أَحَد أَقْواسِ تاج محل.

تطور خط الثلث عبر التاريخ عما كان عليه في الأصل الأموي الطومار، وابتكر منه خط المحقق والخط الريحاني خطاط بغداد ابن البواب. ثم خط التوقيع ثم خط الرقاع ثم خط الثلثين وهوخط أصغر من خط الطومار، وخط المسلسل الذي ابتدعه الخطاط الأحول المحرر، ثم خط الثلث العادي، وخط الثلث الجلي وخط الثلثي المحبوك والخط الثلثي المتأثر بالرسم، والخط الثلثي الهندسي، والخط الثلثي المتناظر. استخدم الخطاطون خط الثلث في تزيين المساجد، والمحاريب، والقباب، وبدايات المصاحف. وخطّ بعضهم المصحف بهذا الخط، واستخدمه الأدباء والفهماء في خط عناوين الخط، وأسماء الصحف والمجلات اليومية والأسبوعية والشهرية، وبطاقات الأفراح والتعزية، وذلك لجماله وحسنه، ولاحتماله الحركات الكثيرة في التشكيل سواء كان بقلم رقيق أوجليل.

يعتبر ابن مقلة المتوفى سنة 328 هـ، واضع قواعد هذا الخط من نقط ومقاييس وأبعاد، وله فضل السبق عن غيره. واتى بعده ابن البواب علي بن هلال البغدادي المتوفى سنة 413 هـ، فأرسى قواعد هذا الخط وهذبه، وأجاد في تراكيبه، ولكنه لم يتدخل في القواعد التي ذكرها ابن مقلة من قبله فبقيت ثابتة إلى اليوم. ورغم حتى الخطاطين الإيرانيين قد سبقوا غيرهم في الخط الفارسي النستعليق، إلا حتى هناك عددًا من اللوحات بهذا الخط في طهران، واستطاع الخطاط الإيراني حتى يكسب فيها مقدرته الفنية.

الخط الفارسي

شِعِر فَارسي مَكنُوب بِخَطِّ التَّعْلِيْق في قَلْعَة أَغْرَة فِي مَديْنَةِ أغرة شَمَال الهند.

ظهر الخط الفارسي في بلاد فارس في القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي)، ويسمى خط التعليق وهوخط جميل تمتاز حروفه بالدقة والامتداد، كما يمتاز بسهولته ووضوحه وانعدام التعقيد فيه، ولا يتحمل التشكيل، رغم اختلافه مع خط الرقعة. كان الإيرانيون قبل الإسلام يخطون بالخط البهلوي، فلما اتى الإسلام وآمنوا به، انقلبوا على هذا الخط فأهملوه، وخطوا بالخط العربي، وقد اشتق الإيرانيون خط التعليق من خط كان يخط به القرآن آنئذ، ويسمى خط القيراموز، وينطق إذا قواعده الأولى قد استنبطت من خط التحرير وخط الرقاع وخط الثلث.

وقد طوَّر الإيرانيون هذا الخط، فاقتبسوا له من جماليات خط النسخ ما جعله سلس القياد، جميل المنظر، لم يسبقهم إلى رسم حروفه أحد، وقد وضع أصوله وأبعاده الخطاط الشهير مير علي الهراوي التبريزي المتوفى سنة 919 هـ، والذي يحتمل أنه كان تلميذًا لزين الدين محمود، ثم انتقل مير علي سنة 1524م من هراة إلى بلاد الأوزبك في بخارى، حيث عمل على استمرار التنطقيد التي أرستها مدرسة هراة في فنون الخط. نتيجة لانهماك الإيرانيين في فن الخط الفارسي الذي احتضنوه واختصوا به، فقد مرَّ بأطوار مختلفة، ازداد تجذرًا وأصالة، واخترعوا منه خطوطًا أخرى مأخوذة عنه، أوهي امتداد له، فمن تلك الخطوط خط الشكستة: اخترعوه من خطي التعليق والديواني. وفي هذا الخط شيء من صعوبة القراءة، فبقي بسبب ذلك محصورًا في إيران، ولم يخط به أحد من خطاطي العرب أوينتشر بينهم. الخط الفارسي المتناظر: خطوا به الآيات والأشعار والحكم المتناظرة في الكتابة، بحيث ينطبق آخر حرف في الحدثة الأولى مع آخر حرف في الحدثة الأخيرة، وكأنهم يطوون الصفحة من الوسط ويطبعونها على يسارها، ويسمى خط المرآة الفارسي. الخط الفارسي المختزل: خط به الخطاطون الإيرانيون اللوحات التي تتشابه حروف حدثاتها بحيث يقرأ الحرف الواحد بأكثر من حدثة، ويقوم بأكثر من دوره في كتابة الحروف الأخرى، ويخط عوضًا عنها، وفي هذا الخط صعوبة كبيرة للخطاط والقارئ على السواء.

خط الإجازة أوالتوقيع

يسمى أيضًا خط التوقيع وأيضًا الخط الريحاني، وسمي بالإجازة لاستخدامه في كتابة الإجازات الخطية أي الشهادات الدراسة. ظهور هذا الخط بدأ في بغداد وتطور في الدولة العثمانية وانتشر بعدها. يميز هذا الخط أنه مزيج بين خط النسخ وخط الثلث، فهوببساطة وجمال النسخ وهيبة ووقار الثلث ويسر الناظر في القراءة وترتاح له النفس.

اخترع هذا الخط الخطاط يوسف الشجري المتوفى سنة 200 هـ، وسماه الخط الرياسي، كما سمي خط التوقيع، لأن الخلفاء كانوا يسقطون به، وكان يُخط به الخط زمن الخليفة المأمون. وقد تطور هذا الخط فيما بعد، فقد حسنه الخطاط مير علي سلطان التبريزي، وكان الخطاطون ومازالوا يخطون به إجازاتهم لتلاميذهم، أسوة بالقدماء. يستعمل هذا الخط في الأغراض التي يستعمل فيها خط الثلث، كما أنه يحتمل التشكيل كخط الثلث، ويكون في ابتداء حروفه ونهاياتها بعض الانعطاف، ويزيدها ذلك حسنًا كأنها أوراق الريحان، ولذلك يسمى الخط الريحاني. وقد قل الذين يخطون به في العصر الحاضر.

خط الديواني

شِعِر لصَفِيَّة بنْت عَبْدِ الله الرَّب مَكتوب بِخَطِّ دِيْوانِي.

الخط الديواني هوأحد الخطوط التي ابتكرها العثمانيون، ويُنطق إذا أول من وضع قواعده وحدد موازينه الخطّاط إبراهيم منيف، وقد عُرف هذا الخط بصفة رسمية بعد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح للقسطنطينية عام 857 هـ، وسمِّي بالديواني نسبة إلى دواوين الحكومة التي كانت يخط فيها. يعد الخط الديواني هونفس الخط الريحاني، إلا أنه يختلف عنه بتداخل حروفه في بعضها بأوضاع متناسبة متناسقة خصوصًا ألفاته ولاماته، فان تداخلها في بعضها يشبه أعواد الريحان. ولذلك سمِّي هذا قديمًا بـ الريحاني. وفي هذا العصر أطلق عليه الخط الغزلاني، نسبة إلى الخطاط مصطفى بك غزلان، حيث كان يتقنه اتقانًا عظيمًا، وقد تعلَّمه على يد محمود شكري باشا رئيس الديوان الملكي المصري.

يتميّز الخط باستداراته، فلا يخلوحرف من أقواس، وإن أصل رسوم الخط الديواني تخط مباشرة بالقلم القصب بعرض بترته خال من رسم التصنيع، ويتم التعديل بقلم أدق حتى في حروفه ذات الأذناب المرسلة الدقيقة وهي الألف والجيم والدال والواووالراء. غير حتى الخطاط المتمرس يخط هذا النوع بقلم واحد فيدوره حسب متطلبات الحروف ذات النهايات الرفيعة وكذلك في رسم الألف النازل واللام والكاف وكأس الحاء ومشتقاته والميم وغيرها ذات النهايات الرفيعة. ومن مميزاته أيضًا حتىقد يكون هناك التقاء الحروف وتلاصقها عبر مسار خط أفقي مستقيم إلا إذا بعض الحروف يتحتم عليها الخروج من ذلك المسار لتعطي بعدًا أكثر جمالية لمرونة الحرف في هيكلية إبداعية مبتدعة تهفونحوأفق يكتظ بمفردات واسعة من الأناقة والرتابة والقوام الرشيق.

الخط الديواني هوخط لين مطواع يصلح لأغلب الكتابات وهومرن في الكتابة مما سهل الكتابة على الخطاطين. اختُص بالكتابات الرسمية في ديوان الدولة العثمانية، وكتابته تكون بطراز خاص، وخاصة بديوان الملوك والأُمراء والسلاطين وهوكتابة التعيينات في الوظائف الكبيرة، وتقليد المناصب الرفيعة وإعطاء البراءات، وما يصدره الملوك من الأوامر الخاصة وغير ذلك، وأحياناً يخط به أسماء الخط والإعلانات.

خط الطغراء

طُغْراء السُّلْطَان مَحْمُود الثَّانِي.

خط الطغراء أوالطرة أوالطغرى، هوأحد أشكال الخط العربي الذي يخط بخط الثلث على شكل مخصوص. وأصلها علامة سلطانية تخط في الأوامر السلطانية أوعلى النقود الإسلامية أوغيرها، ويذكر فيها أسم السلطان أولقبه. نطق بطرس البستاني: «واتخذ السلاطين والولاة من الهجر والعجم والتتر حفاظا لأختامهم، وقد يستعيض السلاطين عن الختم برسم الطغراء السلطانية على البراءات والمنشورات ولها دواوين مخصوصة، على حتى الطغراء في الغالب لا تطبع طبعا بل ترسم وتخط وطبعها على المصكوكات كان يقوم مقام رسم الملوك عند الإفرنجة». قيل حتى أصل حدثة طغراء حدثة تترية تحتوى على اسم السلطان الحاكم ولقبه وأن أول من أستعملها السلطان الثالث في الدولة العثمانية مراد الأول. ويروى في أصل الطغراء سيرة مفادها أنها شعار قديم لطائر أسطوري مقدس كان يقدسه سلاطين الأوغوز، وأن كتابة طغراء اتىت بمعني ظل جناح ذلك الطائر.

الآيَات (68-69) من سورة المائدة من مُصْحَف مَكْتُوب بالخَط المَغْرَبِي (حوالي 1250-1350م) مَوجُد في مخطة الكونغرس في الولايات المتحدة

يُعد خط الطغراء أرقى ما وصل إليه فن الجمال التزييني بالخطوط، تهدف الخطوط في طغراء إلى التوافق مع الأشكال الفنية والهندسية، وقد تطورت الطغراء مع الزمن وأصبحت في العصور الحديثة أكثر بساطة من حيث التصوير، وأوضح قراءة من حيث الخط، وقد تخصص في رسمها الخطاطون الذين كانوا يجمعون البراعة في الكتابة والتصوير معًا. كما تمثل الطغراء لوحة تجريدية حقيقية بانفراجاتها المستقلة والمليئة بالأزهار المنتشرة بشكل حلزوني في سبيل ملء الفراغ. تخط الطغراء عادة بنوعين من الخطوط، هما الثلث أوالديواني، تنساب خطوطها بشكل متناغم ومتقاطع لتعطي تكوينًا انسيابيًا صلبًا، يعاني من زخم في وسطه مع باقي حركات الطغراء. وقد اتخذت الطغراء شكلًا ثابتًا يقوم على ثلاثة امتدادات من الألف أواللام تتناقص في طولها، وثلاثة أقواس ترجع بدايتها إلى الخلف قليلاً بشكل مفاجئ إلى الأمام ومن خطين يتقوسان إلى الخلف ويرتدان إلى الأمام ويتمددان، وخط لين يعاني صعوداً يليه هبوط مفاجئ ليبتر القوسين، وأخيراً نجد ألفاً صغيرة تبتر القوسين.

الخط المغربي

ظهر نوع من الخط الكوفي المحلي في بلاد المغرب والأندلس، عُرف بالخط الكوفي المغربي، وشاع استخدامه في كتابة مصاحفها وممحرراتها، وهوأقرب إلى خط النسخ والثلث، حيث يتميز بحروفه التي تجمع في شكلها بين حروف الخط الجاف واللين معًا، مما يعطيها طابعًا مميزًا. يلجأ محرر هذا النوع من الخط إلى كتابة بعض الحروف مثل اللام والنون والياء النهائية بهيئة أقواس نصف دائرية تهبط على مستوى السطر وتتكرر على امتداده، كما يمزج الخطاط بين هذه الاستدارات وبين الحروف الأخرى ذات الشكل الجاف وفي الزوايا، مما يذكر بالكتابة العربية البدائية، وقد ظل هذا النوع مستخدمًا حتى حل محله خط النسخ في كتابة المصاحف في القرن السابع الهجري.

أبرز ما يميز الخط المغربي: ليونة في عراقات النون وأشباهها فقد تقوست وخالفت أصلها اليابس. رسمت الألف على استقامة وحذف منه العقف الذي كان يلحقها من جهة اليمين. تنحدر الألف المتصلة عن مستوى السطر فتكون زائدة كوفية هي من المميزات التي نراها باقية في الخط المغربي، ولعل هذا راجع إلى بدء رسمها من أعلى. بحكم عدم وجود قواعد محددة لهذا الخط، لا يمكن فرض أبجدية خاصة، إذ كثيرًا ما يعمد الخطاط في هذا الخط إلى طمس الأحرف وذلك باستعمال أشكال متغيرة للحرف الواحد ويربط الحدثات ببعضها، مما يجعل الأسطر متماسكة تماسكًا محكمًا يساهم في دعم البنية الأفقية للصفحة، وإن تعذرت القراءة فإن ذلك من خاصيات هذا الخط.

انتشار الخط العربي

كتاب عربي قديم مخطوط في فهم الهندسة والفلك.
كتاب عربي قديم في فهم الفلك يرجع إلى القرن الثامن عشر الميلادي.

كان للإسلام أثر عظيم في انتشار الكتابة العربية وتطورها وازدهارها، فقد شجَّع على القراءة والكتابة، وكانت الآية الأولى التي نزلت على المسلمين تتضمّن الأمر بالقراءة (اقرأ باسم ربك الذي خلق)، وذكر الله في موضع آخر الأمر بالكتابة حيث أقسم بالقلم وما يسطر به (ن والقلم وما يسطرون)، وغيرها الكثير من الآيات والأحاديث النبوية. ولما انتقل مركز النشاط السياسي والثقافي من الحجاز إلى العراق في أواخر الخلافة الراشدة عهدت جميع الخطوط في تلك المنطقة باسم الخط الحجازي باعتباره مصدر نشأتها، والذي كان يميل إلى الليونة أوشبه الليونة، ولكن مع انتنطق مركز النشاط السياسي إلى العراق كان هناك اتجاه إلى استخدام الخط الجامد وهوالخط الكوفي، حيث ازدهر هذا الخط وبشكل خاص في مدينة الكوفة، وعُني أهالي الكوفة بهذا الخط عناية خاصة، وأجادوا أصوله وهندسته وأشكاله، وكانت تخط به المصاحف واللوحات التذكارية وشواهد القبور، واستمر استخدام الخط الكوفي حتى نهاية العصر الفاطمي، ثم بدأ الأيوبيون في الاعتناء بالخط النسخي حتى شاع في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وخطت به الخط والمطبوعات والمنشورات، كما حتى الخط العربي تنوعت أشكاله منذ بداية رحلته، وازدهرت هذه الأشكال في أيام العباسيين فظهر الكثير من الأقلام والخطوط الجديدة ومن أشهر هذه الأشكال خط الثلثي الذي وصل إلى مناطق بعيدة في الأقطار الإسلامية حتى إنه استخدم في بعض النقوش العربية في البنغال.

مع حتى الخط العربي قد عثر متأخرًا بالنسبة لبعض الخطوط الأخرى كالخط السنسكريتي والخط اليوناني، إلا أنه انتشر بسرعة فائقة، ولم يكن انتشاره محدودًا في بلاد العرب، بل تعدَّى ذلك إلى اللغات الأخرى كاللغة الماليزية والأندونيسية والأردية والبنجابية والكشميرية والبلوشية والأفغانية والفارسية والكردية والعثمانية في آسيا، وكذلك اللغة السنغالية والزنجبارية والصومالية والأريتيرية والسواحلية في أفريقيا، واستخدمته بعض شعوب أوروبا لفترة محدودة في بلاد البلقان. واتجه المسلمون في البنغال إلى استخدام الخط العربي بدلاً من الخط البنغالي في اللغة البنغالية، غير أنه مع مرور الزمن وإهمال حكام المسلمين للغة العربية هجر أهل البنغال الخط العربي، وقد حفظ التاريخ بعض دواوين الشعر والمخطوطات البنغالية بالخط العربي والتي كانت قد دونت في العصور الوسطى. بدأ استخدام اللغة العربية في الهند منذ الأيام الأولى للفتح الإسلامي للسند وذلك في عام 89 هـ / 708م، وكان أول نقش عثر عليه في الهند هونقش المسجد الجامع في بنبهور بالسند والمؤرخ سنة 107 هـ / 727م، وهوأقدم النماذج التي استخدم فيها الخط العربي للكتابة على الأحجار في العصور الإسلامية، وهذا النقش تعبير عن لوحة خطت بالخط الكوفي وهي تخلومن الشكل والإعجام، ومن النماذج النادرة للخط الكوفي في الهند نقش هوند (Hund) المؤرخ سنة 482 هـ / 1090م، والذي خط في عهد الغزنويين، وترجع معظم النقوش المعثورة في الهند إلى القرن السابع الهجري الموافق القرن الثالث عشر الميلادي أي في أوائل فترة السلاطين المماليك بدلهي، وتحتوي على أنواع مختلفة من الخطوط الكوفية مثل الكوفي البسيط والمورق والمزهر، في حين لا تزال بعض المخطوطات المكتوبة بالخط النسخي والتي دونت في عصر السلاطين في البنغال محفوظة في المتاحف المتنوعة، ومن الخطوط العربية الرئيسة التي استخدمت في الهند خط الثلث.

أما في جنوب شرق آسيا فقد استخدم الخط العربي الجاوي لتدوين تراث الملايوبعد دخول الإسلام لتلك البلدان، والذي يرجع وفق أوثق الروايات إلى القرن العاشر أوالحادي عشر الميلادي، إلى حتى سقطت البلاد أواخر القرن الثامن عشر في قبضة الاستعمار البريطاني الذي أحل الحرف اللاتيني محلَّ الحرف العربي، وتحتوي المخطة الوطنية الماليزية نحو4.600 مخطوطة بالخط العربي الجاوي القديم.

دخل الخط العربي إلى أوربا من عدة طرق وهي: طريق آسيا الوسطى وبعد دخول العثمانيين مدينة القسطنطينية. طريق الحملات الصليبية المتكررة على مشرق العالم العربي ومغربه. طريق الأندلس بعد الفتح العربي الإسلامي لها وانتشار الجامعات الكبرى فيها ودخول أبناء ملوك أوروبا فيها، ونقل الحضارة الإسلامية إلى أوروبا عن طريقها. طريق صقلية حيث ولج العرب المسلمون إلى إيطاليا وحاصروا روما. وبذلك أوصل العرب الثقافة والفهم والعلوم إلى أوروبا جانب الخط. أكثر ما عثر من شواهد الخط العربي ما عثر في أبواب ونوافذ الكنائس والكاتدرائيات، وقصور الملوك والأمراء والنبلاء للزينة، وذلك في صقلية وإيطاليا وألمانيا وفرنسا، ودخلت كثير من هذه الخطوط متاحف روما وباريس وفينا وأمستردام. لما امتدت فتوحات العثمانيين إلى وسط أوروبا، تعمقوا فيها غربًا فوصلوا سويسرا والنمسا، وأشيدوا القلاع والحصون، وهجروا آثارًا وبصمات عربية اللسان والحرف.

الخط الكرشوني

عند انتشار اللغة العربية في مواطن الآراميين في بلاد الشام والعراق على أثر الفتوحات العربية، نشأت طريقة جديدة عند الآراميين المسيحيين وهم السريان لكتابة العربية، وهي التي تسمى الكرشوني (أوالجرشوني بالجيم المصرية) (بالإنجليزية: Garshuni) وهي حتى تخط اللغة العربية بالحروف السريانية، وذلك منذ منتصف القرن السابع الميلادي. وكأن السريان أرادوا بهذه الطريقة اعادة أبجديتهم التي كُتبت بها اللغة العربية في عهد كتابتها الأولى. هذه الطريقة ما زالت مستعملة عند عموم طوائف السريان إلى يومنا هذا، فتجد جميع طقوسهم وخطهم المقدسة الكنسية المترجمة إلى العربية تخط بالأبجدية السريانية، وتوجد نسخ كثيرة من هذا النوع قديمة وحديثة في جميع الكنائس السريانية.

نَمُوذَج للخَط الكَرْشَونِي

ولمَّا كان في الأبجدية السريانية اثنان وعشرون حرفًا فقط، وهذه ليست كافية لكتابة اللغة العربية التي بحاجة إلى ثمانية وعشرين حرفًا، عمد السريان إلى الكيفية التي اعتمدها العرب أولًا عندما استمدوا الأبجدية السريانية الآرامية للغتهم، فصوروا جميع حرفين متجانسين شكلاً بحرف واحد، فصوّروا التاء والثاء بحرف (التاو)، والدال والذَال بحرف (الدولث)، والصاد والضاد بحرف (الصودى)، والطاء والظاء بحرف (الطيث)، والجيم والغين بحرف (الجومل)، والكاف والخاء بحرف (الكوف). وميَّزوا بين هذه الحروف بكيفية الترقيق والتفشية السريانية المعروفة عندهم، فوضعوا نقطة حمراء فوق الحرف القاسي كالدال، ونقطة حمراء تحت الحرف اللين كالذال، إلى غير ذلك أعادوا الحروف الآرامية السريانية إلى سابق عهدها مع اللغة العربية.

اللغات المكتوبة بالخط العربي

تنقسم اللغات التي تخط بالخط العربي إلى خمسة أقسام، فبالإضافة إلى اللغة العربية توجد مجموعة اللغات الهجرية والفارسية والهندية والأفريقية:

# المجموعة عدد المتحدثين الانتشار أشهر اللغات
1 اللغات الهجرية 40 مليون وهي من اللغات الطورانية،(2) تنتشر هذه اللغات في هجريا وروسيا وهجرستان والقوقاز وأوزباكستان. وهي لغة التتر والهجرمان والعثمانيون.
  • الهجرية العثمانية: كانت اللغة الرسمية للدولة العثمانية، وأكثر اللغات الهجرية انتشارًا.
  • الهجرية القازانية أوالتترية: وهي لغة التتار المسلمين.
  • التترية النوجائية أوالكارسية: وهي شبه الهجرية القرمية الآذرية.
  • الهجرية القرمية: وقد وصلها حدثات كثيرة من العربية والروسية.
  • الهجرية الآذرية: وهي لغة منتشرة في أذربيجان.
  • اللغة الأويغورية: هي لغة قارلوقية. بدأ في استخدام الحروف العربية في القرن العاشر الميلادي، وطُورت وفقًا لمسار اللغة الأويغورية خلال القرن العشرين.
  • اللغة الجركسية: منتشرة في القوقاز، تحتوي اللغة على 59 حرف.
  • الهجرية الأنبورغية أوالقرغيزية: وهي لغة منتشرة في بحر قزوين، وغرب سيبيريا.
  • الهجرية الجغتائية: وهي لغة الهجرمان وأكثر سكان بخارى.
  • الهجرية التكية: هي لغة قبيلة تكه من قبائل الهجرمان.
  • الهجرية الأوزبكية: هي لغة منتشرة في هجرستان وبالتحديد سمرقند.
  • الهجرية الكشغرية: هي لغة منتشرة في هجرستان الشرقية ومركزها كاشغر.
2 اللغات الهندية 150 - 250 مليون وهي من اللغات الآرية،(3) المنشرة في الهند والسند وسيلان.
  • اللغة الأردية: وتعهد باللغة الهندستانية الشمالية.
  • اللغة الدكنية: وتعهد باللغة الهندستانية الجنوبية.
  • اللغة الكشميرية: تخط بالخط العربي منذ أوائل القرن الخامس الهجري.
  • اللغة السندية: ومركزها مدينة كراجي، وتنقسم إلى ثلاثة لهجات.
  • اللسان الجاوي أوالبيجون: وهوفرع من لغة الملايو، وشائع استخدامه في جاوه.
  • اللغة الجاتكية: وهي منتشرة في مولتان، تخط بالعربي على شكل الحرف الفارسي.
  • اللغة الملاكية أوالملقية: وهي منتشرة في ملقا وشبه جزيرة ملايو.
  • اللغة الدكنية: وتعهد باللغة الهندستانية الجنوبية.
3 اللغات الفارسية 150 - 200 مليون وهي من اللغات الآرية المنشرة في بلاد فارس (إيران) وأفغانستان وكردستان.
  • اللغة الفارسية: كان الفرس قبل الإسلام يخطون بالخط البهلوي.
  • اللغة الأفغانية: تسمى في قندهار بشتوية، وفي بيشاور بختوية.
  • اللغة البلوشية: وتسمى أيضًا لغة بلوخستان.
  • اللغة الكردية: ويخط الأكراد خطهم ولغتهم بالعربي منذ زمن بعيد.
4 اللغات الإفريقية 50 - 100 مليون تنتشهر هذه اللغات في أفريقيا، ولها فروع كثيرة.
  • اللغة البربرية الشلحية: وهي لغة البربر سكان مراكش الأصليين.
  • اللغة البربرية الريفية: وهي لغة البربر سكان الجزائر الأصليين.
  • اللغة النوبية: وهي لغة البربر سكان وادي النيل الأصليين.
  • اللغة السواحلية: وهي لغة زنجبار وما حولها.
  • اللغة الحبشية: المسلمون منهم يخطون لغتهم بالخط العربي.
  • اللغة الهوسية: منتشرة بين نهر النيجر وبحيرة تشاد.
  • اللغة الملجاشية: وهي لغة التجارة والسياسة في جزيرة مدغشقر.

أدوات الخط

التقليدية

نَمُوذَج من أَقْلامِ القَصَب المُسْتخدَمَة في كِتَابَة الخَطٍّ العَرَبِي.
  • القلم: وهوأداة الكتابة والخط، ويسمى في لغة العرب المِزْبَر والمِذْبَر. استخدم العرب الأوائل جريد النخل الأخضر للكتابة، وتفننوا في بريه ودقته بالشكل والحجم الذي يرغبون به، ثم استخدموا القصب في الخط واتخذوا أقلامهم منه، ثم رأوا بعد توسع الفتوحات الإسلامية حتى القصب يختلف من مصر إلى مصر، وأن قساوته وليونته تساعد الخطاط والمحرر في جودة الخط وإتقانه، وتبين لهم حتى القصب الفارسي هوأفضل أنواع القصب، وكان هذا النوع يغرس وينبت في الهند وبلاد فارس، فكان التجار يجلبونه إلى الشام والعراق، ليستعمله الوراقون والخطة. بعد حتى برع العرب في صناعة الورق والحبر، اخترعوا قلم الحبر السائل، الذي يمتاز بخزان صغير للحبر وقبضة، وله ريشة مدببة، وقد استخدم هذا القلم لأول مرة في مصر، وخط به المعز لدين الله الفاطمي، ثم تفننوا في صناعة الأقلام والمحابر وطوروها. في العصر الحاضر ظهرت الريش المعدنية، ولكن مازال كثير من الخطاطين يخطون بالقصب، لأن الريشة المعدنية تفرض على الخطاط عرض الخط، بينما يتصرف الخطاط في ريشة القصب بالشكل الذي يرغب من حيث البري والقط، ولأن القصب من هجريبه النعومة والسلاسة، ووجود المسامات فيه تسمح بنزول الحبر قليلًا قليلًا.
  • الحبر: كان العرب يخطون بحبر مجلوب من الصين، ثم أنتجوه من الدخان والصمغ وغيره، واستخدم الخطاطون الحبر الأسود، بينما أصحاب الرسم والزخارف استخدموا الأحمر والأزرق وغيرها. أما المحبرة فقد كانت تملأ بالحبر لاستخدامه أثناء الكتابة، وكانت تصنع من الزجاج أوالخزف أوأي مادة أخرى، وكان الصانع يَتَأنق في صناعتها مستخدمًا فيها الألوان الجميلة رغم حتى استخدام لونين يقتضي مهارة فائقة حيث يتعين نفخ جميع قسم على حدة ولحامه مع الآخر، كما كانت المحبرة تعبأ بطبقات من حرير لامتصاص الحبر والحيلولة دون الإغراق في تشريب السن.
  • الورق: كان العرب يخطون على أكتاف الإبل، واللخاف (الحجارة البيضاء العريضة الرقيقة) وعسيب النخل، والجلود، وعلى ورق البردي الوافد من الصين، ثم على الورق الخرساني الذي كان يعمل من الكتَّان على مثال الورق الصيني الذي كان يُصنع من الحشيش، واستخدم الخطاطون في بداية الأمر الرق وهوجلد رقيق كانوا يخطون عليه، وظهرت فيه الملامح الأولى لفن الكتابة الإسلامية، وظل الرق مستعملا في المغرب حتى بعد هجره، والإقبال على الورق في مناطق أخرى. في الوقت الحاضر يستخدم الورق الأبيض في الخط، وبالأخص ورق الكوشية الناعم.
  • السكين: يستخدم لبري القلم، وهي تصنع من المعدن أوالفولاذ المطعم بالمضى، وهي تحتوي في داخلها على مدية أصغر لشق السن، وكان أساطين هذه الصنعة يطبعون ختمهم على الفولاذ لنصولهم التي كان يجب حتى تكون حادة كالشفرة.

الحديثة

نموذج عن خَط الطِّبَاعَة العَرَبِي في نِظَام وينْدُوز.

مع تسارع تطور التقنية في القرن العشرين ظهر الحاسب الآلي كأداة ذكية متطورة تساعد الإنسان في شتى المجالات. من هذه المجالات الخط العربي، فقد تم تطوير ما سُمي بالخطوط الطباعية، وهي خطوط واضح مقروء بسهولة، وهي ما ينطلق من الخط العربي الأصيل، قام أصحابها من خطاطين ومصممين بتصميمها ثم نشرها على هيئة برامج حاسوبية، يستطيع من خلالها أي إنسان التَّفَنُّن في كتابة الخط العربي دون الحاجة لاستخدام الأقلام والورق، وهذه الخطوط الطباعية تؤدي دورًا جيدًا، ومطلوبًا يلبِّي الحاجات الطباعية واليومية للأفراد والمؤسسات والشركات.

ومع بدأ عمل الشبكة العنكبوتية الإنترنت كان لابد من استخدام الخط العربي في دعم المواقع العربية المنشأة فيه، وكان إنترنت إكسبلورر المتصفح المهيمن على الويب، وكان لزامًا على جميع مستخدم الالتزام بخطوط الويب المشهورة أوكما تسمى خطوط الويب الآمنة (بالإنجليزية: Web Safe Fonts) لضمان ظهور المسقط بنفس الشكل لدى جميع المستخدمين. ومع تطور الويب، أصبح متاحًا لكل مستخدم استخدام خاصية الوجه الأمامي (بالإنجليزية: font face) وهي إحدى خصائص CSS التي تسمح بتضمين خطوط الويب في المواقع بحيث يستطيع المستخدم استخدام خطوط في أي مسقط حتى إذا لم تكن موجودة لدى من يشاهد المسقط، وقد أنشأت جوجل منصة خاصة بهذه الخدمة أسمتها منصة قوقل للخطوط Google Fonts، والتي تتميز بسهولة تضمين الخطوط في المسقط وتوفيرها لقدر كبير من الخطوط. يتوفر الآن ستة خطوط عربية وهي: الخط الأميري، وخط أندرويد الكوفي والخط النسخي وهما مناسبان للعرض على الشاشة، وخط لطيف وخط شهرزاد وهما من الخطوط النسخية، وخط ثابت وهوخط ذوعرض محدد.

الكتابة العكسية

لم يتقرر لاتجاه السطور في الكتابة نظامًا محددًا إلا بعد ترقيتها، لذلك كانت الكتابة يدونها الأولون أنى اتفق. ولما ترقت الكتابة وتقرر نظامها عند الأمم، اتخذت جميع أمة طريقًا معينًا في كتاباتها. فالكتابة الهيروغليفية، أول كتابة يبتكرها قدماء المصريين، كانوا يخطونها من اليمين إلى اليسار وكذلك أحيانا من اليسار إلى اليمين، ويوضح وجه الأشكال الهيروغليفية اتجاه القراءة؛ علاوة على ذلك فكانوا يخطونها أيضًا من الأعلى إلى الأسفل. بينما خط الصينيون من الأعلى للأسفل، ومن اليمين إلى اليسار على الخط الرأسي، وسكان أوروبا خطوا من اليسار إلى اليمين. أما العرب والسريان وغيرهما من أهل اللغات السامية فخطوا من اليمين إلى اليسار. وصارت الكتابة العربية كتابة متصلة، وتخط أينما وجدت من اليمين إلى اليسار في سطر أفقي. وصار للحروف العربية رأس وعقب، فيقع الرأس جهة اليمين والعقب جهة اليسار، ما عدا ستة أحرف (أ، ج، ح، خ، ع، غ) فحروف رؤوسها إلى أعلى وعقبها إلى أسفل. ويصعب كتابة حروف العربية من اليسار إلى اليمين، مع إبقاء صورة الحرف على ماهي عليه.

من بين الأشكال الفريدة في الخط العربي ما سمي اصطلاحًا الكتابات المعكوسة أوالمرآتية،(4) ويجمع مؤرخوالعربية عامة والخط العربي خاصة على حتى هذه الظاهرة الكتابية لم تعهد إلا في أواخر العصور الوسطى، وبالتحديد في أوائل العصر العثماني، والتي عثر منه نماذج في غاية الدقة والتفنن، وليس أدل من ولع العثمانيون بهذا الظاهرة الخطية من اطلاقهم عليها مصطلحًا خاصًا بها معبرًا عنها وهوآينه لي. لكن الدليل الأثري يفيد حتى هذه الظاهرة الخطية وجدت طريقها إلى الفن الإسلامي عامة والخط العربي خاصة منذ بدايات العصر الإسلامي، وبالتحديد خلال القرون الثلاثة الأولى من الهجرة، ويتمثل هذا الدليل على ثلاثة نقوش صخرية وجدت في شبه الجزيرة العربية (في المملكة العربية السعودية الآن) تعود إلى تلك الفترة، خطت بطريقة معكوسة أي من اليسار إلى اليمين، ومن أمثلة هذه النقوش:

  • نقش غار الحمام بتيماء: كان يوليوس أويتنج أول من أشار إليه خلال زيارته للمسقط عام (1883 - 1884) ثم بقيامه بنشر صورة مستنسخه عنه عام 1885، مشيرًا إلى حتى هذا النقش ذوكتابة معكوسة تشبه كتابة الأختام، ومن خلال استعراض الخصائص الخطية للنقش يتبين أنه عائد إلى الفترة ما بين القرن الثاني والثالث الهجري، نص النقش بعد تعديل الحروف من اليمين إلى اليسار:
برد بن يحيى بن أحمد ثقة الله

محمد على الله صلا

برد بن يحيى يا الله يرحمك

قراءة النص:

الله ثقة أحمد بن يحيى بن برد

صلا الله على محمد

يرحمك الله يا يحيى بن برد

فضلًا عن هذه النقوش، وجدت كتابات معكوسة على المسكوكات النقدية المبكرة، منها على سبيل المثال: بترة نقدية على الطراز البيزنطي تعود تاريخها إلى 29 هـ الموافق 650م، ضربت في دمشق، وقد وردت عليها حدثة جائز معكوسة، كما وجدت بعض المسكوكات العائدة للنصف الثاني من القرن الأول الهجري تحتوي على بعض الحدثات المكتوبة بطريقة معكوسة، منها واحدة حملة مكان ضربها فلسطين منقوشة بطريقة معكوسة، وأخرى تحمل مكان ضربها حلب منقوشة أيضًا بطريقة معكوسة، كما عثر فلس من فلوس عبد الملك بن مروان نقش عليه عبد الله عبد الملك بن مروان بطريقة معكوسة. تُعتبر الكتابات المعكوسة على المسكوكات ناتجة عن خطأ سقط فيه ناقشوا قوالب السك، إذ خطوا على قوالب سك العملة بطريقة معتدلة، فخرجت بعد سكها على البترة المعدنية كتابة معكوسة، في حين حتى الحال عكس ذلك مع النقوش الثلاثة، فقد كُتبت بأسلوب معكوس عن قصد ودراية.

هوامش

  • 1: «الظلة» هي سحابة أظلت قوم شعيب بعد حر شديد أصابهم، فأمطرت عليهم نارًا فاحترقوا.
  • 2: «الطورانية» نسبة إلى طوران وهي بلاد هجرستان، واسم طوران في الأصل اسم أطلقه الأتراك على بلادهم.
  • 3: «الآرية» هي اللغات الآرية أوالهندية الأوروبية، وتدعى أيضًا اليافيثية نسبة إلى يافت بن نوح، وتنقسم إلى جنوبية، وهي لغات جنوب آسيا منها السنسكريتية وفروعها الهندية والفارسية والأفغانية والكردية والأرمينية. وشمالية ومنها لغات أوروبا والسنسكريتية وهي لغة الهنود القديمة.
  • 4: «المرآتية» مصطلح يقصد به الكتابات الإسلامية المتأخرة التي امتازت بالتناظر والتقابل، كما يطلق عليها المثنى، وعرقت أيضًا بالكتابة المعكوسة أوالمتعاكسة.

انظر أيضا

  • مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي.

المراجع

  1. الخط العربي جامعة أم القرى. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 08 يونيو2015 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ نظريات فى الكتابة العربية كنانة أونلاين. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 06 مايو2017 على مسقط واي باك مشين.
  3. ^ آراء ونظريات في اصل الكتابة جامعة بابل كلية الفنون الجميلة، 16 مارس 2014. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ أصول الكتابة العربية الدكتور محمد بلاسي مجلة التاريخ العربي. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 27 ديسمبر 2012 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ فن الخط العربي..أسرار الحروف ذا هوفنتون بوست عربي،تسعة ديسمبر 2015. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  6. ^ محمد طاهر بن عبد القادر الكردي (1358 هـ - 1939م). تاريخ الخط العربي وآدابه (الطبعة الأولى). القاهرة - مصر. مخطة الهلال صفحةسبعة - 8
  7. ^ مجلة البحوث والدراسات القرآنية، أثر القران في الخط العربي. كمال عبد جاسم الصالح الجميلي (العددتسعة السنة الخامسة والسادسة). المدينة المنورة - السعودية. مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف صفحة 300 - 305
  8. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 15 - 19
  9. ^ محمد عبد القادر عبد الله (2006م). من الخطوط العربية. القاهرة - مصر. الهيئة المصرية العامة لكتاب صفحة 5
  10. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 19 -25
  11. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 34 -39
  12. ^ أصول الخط العربي بقلم دنيس جونسون ديفز صحيفة اللغة العربية. وصل لهذا المسار في ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  13. ^ أحمد شوخان (2001م). رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث (الطبعة الأولى). دمشق - سوريا. اتحاد الكتاب العرب صفحة 19
  14. ^ كتاب المزهر في علوم اللغة وأنواعها الجزء الثاني صفحة 299 المخطة الكاملة. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 16 مارس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  15. ^ كتاب المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام المجلد الخامس عشر صفحة 164 المخطة الكاملة. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  16. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 59
  17. تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 66
  18. ^ فداء أسرى معركة بدر بقلم أمين بن عبدالله الشقاوي شبكة الألوكة الشرعية، 18 مارس 2015. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 15 أكتوبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  19. ^ كتاب الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم صفحة 123 المخطة الكاملة. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  20. ^ أسماء كتاب الوحي إسلام ويب، 14 ديسمبر 2015. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 17 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  21. ^ صلاح الدين المجد (1979م). دراسات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته حتى نهاية العصر الأموي (الطبعة الثانية). بيروت - لبنان. دار الكتاب الجديد صفحة 22 - 35
  22. ^ كتاب المصاحف لابن أبي داود باب بَابُ جَمْعِ الْقُرْآنِ جَمْعُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ موسوعة الحديث. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 26 فبراير 2018 على مسقط واي باك مشين.
  23. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 68
  24. تعريف الرسم العثماني لمحمد أبوشهبة مسقط تفسير القرآن الكريم وعلومه. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 19 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  25. ^ لمحات عن الرسم العثماني(1) مصحف قطر. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  26. ^ هل المصاحف العثمانية استوعبت الأحرف السبعة كاملة إسلام ويب مركز الفتوى،سبعة نوفمبر 2010. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 21 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  27. ^ مجموع فتاوى ابن تيمية الجزء الثالث عشر المخطة الكاملة. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  28. ^ كتاب: المدخل إلى علوم القرآن الكريم القاعدة الأولى والثانية والثالثة والرابعة نداء الإيمان. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 إلى علوم القرآن الكريم/قواعد رسم القرآن:/i783&d1107509&c&p1 نسخة محفوظة 1 أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  29. ^ كتاب: المدخل إلى علوم القرآن الكريم القاعدة الخامسة والسادسة نداء الإيمان. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 إلى علوم القرآن الكريم/i783&n18&p1 نسخة محفوظة 14 أكتوبر 2018 على مسقط واي باك مشين.
  30. ^ قواعد الرسم العثماني التدوين الرقمي الإلكتروني للقران الكريم. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  31. ^ رسم المصحف إمام المسجد. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  32. ^ لمحات عن الرسم العثماني (2) مصحف قطر. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  33. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 29
  34. ^ دراسات في تاريخ الخط العربي منذ بدايته حتى نهاية العصر الأموي صفحة 81 - 124
  35. ^ القرآن الكريم...أول من وضع نقطه وأول من شكله إسلام ويب مركز الفتوى. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 17 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  36. ^ سيبويه وابوالاسود الدؤلي جامعة أم القرى. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 2020-04-22 على مسقط واي باك مشين.
  37. ^ نَقْط المصحف الشريف مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  38. ^ تطور كتابة المصحف الشريف وطباعته محمد سالم العوفي المخطة الكاملة. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 31 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  39. ^ الدرس الثالث عشر: رسم المصحف شبكة المعارف الإسلامية. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 20 مايو2014 على مسقط واي باك مشين.
  40. ^ [الحروف العربية من الأبجدية إلى الهجائية إلى المخارج] مجلة البحوث الإسلامية العدد الحادي عشر لسنة 1404 - 1405. وصل لهذا المسار في 24 ديسمبر 2015
  41. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 30 - 31
  42. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 79 - 82
  43. ^ ازدهارا لخط العربي في العصر العباسي مؤسسة النور للثقافة والإعلام، 17 أبريل 2011. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  44. ^ الخط والزخرفة فى العصر الأموي والعباسي كنانة أونلاين. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 03 فبراير 2017 على مسقط واي باك مشين.
  45. ^ تطور الخط العربي في بغداد جامعة بابل. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 20 يونيو2016 على مسقط واي باك مشين.
  46. ^ الخط الأندلسي .. تاريخ وفكر ومسيرة سيرة الإسلام، 15 فبراير 2015. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 06 نوفمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  47. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 33 - 35
  48. ^ من الخطوط العربية صفحة 6
  49. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 37
  50. ^ دراسة حروف الكوفي الفاطمي وتراكيبها هبة ستوديو. وصل لهذا المسار في 21 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 02 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  51. ^ مجلة آداب البصرة، رائدات الكتابة وفن الخط العربي منذ عصر الرسالة وحتى نهاية العصر العثماني (2004م). الباحثة محاسن جانودي (العدد 71). البصرة - العراق. صفحة 212
  52. ^ من الخطوط العربية صفحة 7
  53. ^ مجلة آداب البصرة صفحة 213
  54. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 39 - 40
  55. ^ متحف للخط العربي بالجناح الهجري صحيفة الراية. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  56. ^ فن الخط في مؤثرات الثقافة الهجرية العربية اكتشفوا سوريا. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 28 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  57. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 72
  58. ^ من الخطوط العربية صفحة 8
  59. ^ الخط العربي في إيران وبلاد فارس -محمود شكر محمود الجبوري مجلة الباحثون،ستة ديسمبر 2011. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 02 يناير 2018 على مسقط واي باك مشين.
  60. ^ نظرة عابرة على تاريخ الخط في ايران راديوإيران العربي. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 يوليو2017 على مسقط واي باك مشين.
  61. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 42 - 43
  62. ^ قاسم السامرائي (1422 هـ - 2001م). فهم الاكتناه العربي الإسلامي (الطبعة الأولى). الرياض - السعودية. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية صفحة 217
  63. ^ خطوط عربية من الكوفي إلى التاج بقلم علي راوي هبة ستديوا،ثمانية ديسمبر 2012. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 01 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  64. ^ مجلة حراء، الخط العربي.. ذروة الجمال وقمّة الإبداع (2007م). أحمد عبيد (العدد 7). إسطنبول - هجريا
  65. ^ عبقرية الخط الحروف العربية بين الرمز اللغوي والتشكيل الجمالي هبة ستديوا، 20 نوفمبر 2014. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 02 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  66. ^ الخط العربي.. ملك متوّج في عصر التكنولوجيا صحيفة العرب، 29 أبريل 2015. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 01 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  67. ^ هل خدم الحاسوب الخط العربي ام شوهه صحيفة الجزيرة،ثمانية أبريل 2007. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  68. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 49
  69. ^ الخط الكوفي جامعة أم القرى. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 25 يونيو2013 على مسقط واي باك مشين.
  70. ^ تسمية الخط العربي بالخط الكوفي كنانة أونلاين. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  71. ^ نبذة عن الخط الكوفي كنانة أونلاين. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  72. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 50 - 51
  73. ^ خط النسخ.. لما سمي بهذا الإسم الوفاق أونلاين، 29 أغسطس 2015. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 مايو2017 على مسقط واي باك مشين.
  74. ^ نبذة عن خط النسخ كنانة أونلاين. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 مايو2017 على مسقط واي باك مشين.
  75. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 55
  76. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 58 - 59
  77. ^ الإجازة في فن الخط مسقط الخطاط التونسي فرج إبراهيم. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  78. ^ خط الإجازة مسقط الخطاط جلال علي. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  79. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 60
  80. ^ الخط الديواني، جمال الحرف وروعة التشكيل بقلم معصوم محمد خلف هبة ستديو، 1 يوليو2013. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 12 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  81. ^ خط الطغراء (الطغرة) جامعة أم القرى. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 2020-04-22 على مسقط واي باك مشين.
  82. ^ خط الطغراء، جمالية الرؤى وعبقرية الأداء بقلم معصوم محمد خلف هبة ستديو، 16 ديسمبر 2012. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 09 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  83. ^ فن كتابة خط الطغراء مؤسسة النور للثقافة والإعلام،ستة سبتبر 2011. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  84. ^ الخط المغربي، خصائص وأنواع بقلم محمد الصادق عبد اللطيف هبة ستديو، أربعة فبراير 2013. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 26 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  85. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 65 - 66
  86. ^ الخط العربي وأثره الحضاري بقلم محمد يوسف صديق هبة ستديو، 17 نوفمبر 2014. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 09 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  87. ^ محاولات لإحياء الحرف العربي بماليزيا الجزيرة نت، 24 مايو2012. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 27 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  88. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 45 - 46
  89. ^ العلاقات الفنية في نشوء الأبجدية بين اللغتين الآرامية والعربية المطران بولس بهنام المعهد الأمريكي للدراسات السريانية. وصل لهذا المسار في 24 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 18 يونيو2017 على مسقط واي باك مشين.
  90. ^ مجلة الحوار (2014م). (العدد 141). أربيل - العراق. صفحة 23
  91. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 47 - 53
  92. ^ واقع اللغة العربية في إفريقيا (جيبوتي وأريتريا في القرن الإفريقي نموذجاً) حزب البعث العربي الإشتراكي، 1 يناير 2011. وصل لهذا المسار في 23 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 24 ديسمبر 2015 على مسقط واي باك مشين.
  93. ^ مجلة البحوث والدراسات القرآنية صفحة 310
  94. ^ أدوات الكتابة من الريشة والقلم إلى الكيبورد تاريخ ما كُتب به التاريخ مجلة اليمامة، 26 سبتمبر 2013. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  95. ^ أدوات الخَطّاط شبكة التربية الإسلامية الكاملة. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  96. ^ أدوات كتابة الخط العربي وكيفية تحضيرها (القصبة والأحبار والورق) الفنون الجميلة. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 22 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  97. ^ رحلة الخط العربي من المسند إلى الحديث صفحة 70 - 84
  98. ^ الخط العربي حراك كبير يصفه البعض بالعصر المضىي أرامكوالسعودية. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 27 أكتوبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  99. ^ عرض اللغة بالخطوط الطباعية مايكروسوفت العربية. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 09 أغسطس 2017 على مسقط واي باك مشين.
  100. ^ ستة خطوط عربية على قوقل فرونتس وادي التقنية،عشرة أغسطس 2008. وصل لهذا المسار في 22 ديسمبر 2015 نسخة محفوظة 14 سبتمبر 2017 على مسقط واي باك مشين.
  101. ^ تاريخ الخط العربي وآدابه صفحة 44 - 47
  102. ^ مجلة الدّارة، رؤية جديدة لتفسير ظاهرة الكتابة المعكوسة في الخط العربي (1422 هـ). مشلح المريخي (العدد 1 السنة الثامنة والعشرون). الرياض - السعودية. دارة الملك عبد العزيز صفحة 51 - 69

وصلات خارجية

  • أساليب فن الخط العربي
  • الخط العربي قبل الإسلام
  • أنواع الخطوط العربية
ألف باء تاء ثاء جيم حاء خاء دال ذال راء زاي سين شين صاد ضاد طاء ظاء عين غين فاء قاف كاف لام ميم نون هاء واو ياء
• • •
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:01:46
التصنيفات: خط عربي, ثقافة عثمانية, حروف عربية, حضارة إسلامية, خط, خط إسلامي, خط فارسي, خط مسند, عناصر معمارية إسلامية, فن إسلامي, فن عربي, فنون إسلامية كتبية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, جميع المقالات ذات الوصلات الخارجية المكسورة, مقالات ذات وصلات خارجية مكسورة منذ مايو 2019, بوابة الخط العربي/مقالات متعلقة, بوابة علوم اللغة العربية/مقالات متعلقة, بوابة الأبجدية العربية/مقالات متعلقة, بوابة فنون/مقالات متعلقة, بوابة اللغة العربية/مقالات متعلقة, بوابة العرب/مقالات متعلقة, بوابة كتابة/مقالات متعلقة, بوابة ثقافة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

"بتكوين" تحت 20 ألف دولار في أدنى مستوى منذ ديسمبر 2020

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:25:01
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 68%

"الجوازات" توضح خطوات إصدار تصريح دخول مكة للمنشآت

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:25:09
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 58%

أرسنال يوقع عقدا طويل الأجل مع نيكيتاه

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:25:10
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

بيان حقيقة من مندوبية الكثيري و"الأول" يكشف مغالطاته

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:24:53
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 69%

بيان حقيقة من مندوبية الكثيري و"الأول" يكشف مغالطاته

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:24:57
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 61%

عاجل.. مصادر : الحكومة تدرس صياغة "مؤشر وطني" لقياس الفقر

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:26:18
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 65%

آلاف الوحدات السكنية والشاليهات ضمن مشروعات العلمين الجديدة

المصدر: الرئيس نيوز - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:26:10
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

"جدار الأمثال" في جدة التاريخية يحكي إرث الماضي العريق

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

السفير في إندونيسيا: مبادرة "طريق مكة" حققت نجاحات على كافة الصعد

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:26:29
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 35%

"الجوازات" تستقبل أول أفواج حجاج العراق عبر منفذ جديدة عرعر

المصدر: اليوم - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:25:07
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 70%

إسبانيا تكافح حرائق غابات وسط ارتفاع قياسي في درجات الحرارة

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:26:31
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 50%

تيفيز يقترب من تدريب روزاريو سنترال الأرجنتيني

المصدر: صحيفة اليوم - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-06-18 18:26:45
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 38%

تحميل تطبيق المنصة العربية