أعشى قيس

عودة للموسوعة

أعشى قيس (7 هـ/629 -570 م) هوميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن قاسي بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. لقب بالأعشى لأنه كان ضعيف البصر، والأعشى في اللغة هوالذي لا يرى ليلا وينطق له: أعشى قيس والأعشى الأكبر. ويكنى الأعشى: أبا بصير، تفاؤلًا. عاش عمرًا طويلًا وأدرك الإسلام ولم يسلم، عمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية منفوحة باليمامة، وفيها داره وبها قبره.

وهومن شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، كان كثير الوفود على الملوك من العرب، والفرس، فكثرت الألفاظ الفارسية في شعره. غزير الشعر، يسلك فيه جميع مسلك، وليس أحد ممن عهد قبله أكثر شعرًا منه. كان يغني بشعره فلقب بصنّاجة العرب، اعتبره أبوالفرج الأصفهاني، كما يقول التبريزي: أحد الأعلام من شعراء الجاهلية وفحولهم، ومضى إلى أنّه تقدّم على سائرهم، ثم استدرك ليقول: ليس ذلك بمُجْمَع عليه لا فيه ولا في غيره. أما حرص المؤرخين على قولهم: أعشى بني قيس، فمردّه عدم اقتصار هذا اللقب عليه دون سواه من الجاهليين والإسلاميين، إذ أحاط هؤلاء الدارسون، وعلى رأسهم الآمدي في المؤتلف والمختلف، بعدد ملحوظ منهم، لقّبوا جميعًا بالأعشى، لعل أبرزهم بعد شاعرنا- أعشى باهلة، عامر ابن الحارث بن رباح، وأعشى بكر بن وائل، وأعشى بني ثعلبة، ربيعة بن يحيى، وأعشى بني ربيعة، عبد الله بن خارجة، وأعشى همدان، وأعشى بني سليم وهومن فحول الشعراء في الجاهلية. وسئل يونس عن أشعر الناس فنطق: «امرؤ القيس إذا ركب، والنابغة إذا رهب، وزهير بن أبي سلمى إذا رغب، والأعشى إذا طرب».

نسبه

ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضُبيعة، من بني قيس بن ثعلبة، وصولًا إلى علي بن بكر بن وائل، وانتهاء إلى ربيعة بن نزار وأبوه قيس بن جندل هوالذي سمّي بقتيل الجوع، سمّاه بذلك الشاعر جهنّام في معرض التهاجي فنطق: أبوك قتيلُ الجوع قيس بن جندلٍ- وخالُك عبدٌ من خُماعة راضعُ وتفسير ذلك حتى قيسًا لجأ إلى غار في يوم شديد الحرارة فسقطت صخرة كبيرة سدّت عليه مدخل ذلك الغار فمات جوعًا. يفهم من قول ابن قتيبة: وكان ميمون بن قيس- أعمى، حتى لقبه كما يرى- إنّما لحقه بسبب ذهاب بصره، ولعلّ الذين كنّوه بأبي بصير، عملوا ذلك تفاؤلًا أوتلطفًا، أوإعجابًا ببصيرته القوية، ولذا ربطوا بين هذا الواقع الأليم وبين كنيته "أبي بصير" لكنّ آخرين لم يمضىوا هذا الممضى والعشى في نظرهم تبعًا لدلالته اللغوية ليس ذهاب البصر بل ضعفه، فلئن كان الأعشى لا يبصر ليلًا فلا شيء يحول دون حتىقد يكون سليم البصر نهارًا. ومن هذه الزاوية اللغوية على الأرجح كنّي الأعشى بأبي بصير بباعث الثناء على توقّد بصيرته، وتعويضًا يبعث على الرضا في لقاء سوء بصر، ولعلّ ما اتى في شعر الأعشى حين طلبت إليه ابنته- كما نطق في بعض قصائده- البقاء إلى جانبها لتجد بقربه الأمن والسلام ولتطمئن عليه بالكفّ عن الترحال وتحمل مصاعب السفر والتجوال- هوالأقرب إلى تصوير واقعه وحقيقة بصره، فهويصف ما حلّ به في أواخر حياته من الضعف بعد حتى ولّى شبابه ومضى بصره أوكاد وبات بحاجة إلى من يقوده ويريه طريقه، وإلى عصاه يتوكأ عليها، هكذا يصف نفسه فيقول: رأتْ رجُلًا غائب الوافدي- ن مُخلِف الخَلْق أعشى ضَريرًا وأما تفسير لقب الأعشى الآخر- أي: "صنّاجة العرب"- فمختلف فيه هوالآخر، فقد سمّي- كذلك- لأنه أول من ذكر الصّنج في شعره، إذ نطق: ومُستجيبٍ لصوتِ الصَّنْج تَسَمعُهُ- إذا تُرَجِّع فيه القينةُ الفُضلُ لكن أبا الفرج أورد تعليلًا مخالفًا حين نقل عن أبي عبيدة قوله: وكان الأعشى غنّى في شعره، فكانت العرب تسميه صنّاجة العرب. وإلى مثل هذا أشار حمّاد الرواية حين سأله أبوجعفر المنصور عن أشعر النّاس، فنطق "نعم ذلك الأعشى صنّاجها".

ولادته

وقد ولد ونشأ في منفوحة وهي قريه حضريه على ضفاف وادي حنيفة في نجد في ما بات يعهد اليوم بالمملكة العربية السعودية وقد أصبحت منفوحة اليوم جزءا من مدينة الرياض.وفيها داره وبها قبره وأطلق على أحد شوارع منفوحة لقب الاعشى تخليدًا له

نشأته

موطن الأعشى هي بلدة منفوحة في ديار القبائل البكرية التي تمتد من البحرين حتى حدود العراق. وأصبحت منفوحة قرية الأعشى اليوم حيا من أحياء الرياض القديمة بعد تمدد الرياض العمراني، وفي منفوحة نشأ أبوبصير شاعر بني قيس بن ثعلبة. وكانت دياره أرضًا طيبة موفورة الماء والمرعى بغلالها وثمار نخيلها. ولئن كان الأعشى قد رأى الحياة في بلدته منفوحة وأقام فيها فترة أولى هي فترة النشأة والفتوّة، فالراجح أنّه بعد حتى تتلمذ لخاله الشاعر المسيّب بن علس، خرج إثر ذلك إلى محيطه القريب والبعيد فنال شهرة واكتسب منزلة عالية بفضل شاعريته الفذّة في المديح بخاصة والاعتداد بقومه البكريين بعامّة. فاتصل بكبار القوم، وكان من ممدوحيه عدد من ملوك الفرس وأمراء الغساسنة من آل جفنة وأشراف اليمن وسادة نجران واليمامة. ومن أبرز الذين تعدّدت فيهم قصائده قيس بن معد يكرب وسلامة ذي فائش وهوذة بن علي الحنفي. ولقد بات الأعشى بحافز من مثله الأعلى في الّلذة التي تجسّدت في الخمرة والمرأة، في طليعة الشعراء الذين وظّفوا الشعر في انتجاع مواطن الكرم يتكسب المال بالمدح، ويستمطر عطاء النبلاء، والسادة بآيات التعظيم والإطراء حتى قيل عنه، كما أورد صاحب الأغاني: " الأعشى أوّل من سأل بشعره" لكنّ هذا الحكم لا يخلومن تعريض تكمن وراءه مسببات شتّى من الحسد وسطحية الرأي وربما العصبيّة القبليّة. إذا الأعشى نفسه لم ينكر سعيه إلى المال، ولكنّه كان دائمًا حريصًا على تعليل هذا المسعى والدافع إليه، فلم يجد في جعل الثناء قنطرة إلى الرخاء والاستمتاع بالتكسّب عارًا فهوعنده جنى إعجابٍ وسيرورة شعر. وفي مثل هذا الاتجاه يقول لابنته مبرّرًا مسعاه إلى الثروة، رافضًا الثّواء على الفقر والحرمان:

وقد طُفتُ للمالِ آفاقَهُ عُمانَ فحِمص فأورى شِلمْ
أتيتُ النّجاشيَّ في أرضه وأرضَ النَّبيط، وأرضَ العجمْ
فنجران، فالسَّروَ من حِمْيرٍ فأيَّ مرامٍ له لم أَرُمْ
ومن بعدِ ذاك إلى حضرمو ت، فأوفيت همّي وحينا أَهُمْ
ألمْ تري الحَضْرَ إذ أهلُه بنَعُمى- وهل خالدٌ من نَعِمْ

كان الأعشى بحاجة دائمة إلى المال حتى ينهض بتبعات أسفاره الطويلة ويفي برغباته ومتطلباته فراح بلاد العرب قاصدًا الملوك.. يمدحهم ويكسب عطاءهم. ولم يكن يجتمع إليه قدر من المال حتى يستنزفه في لذّته.. ثم يعاود الرحلة في سبيل الحصول على مال جديد، ينفقه في لذّة جديدة. هذا هوالغرض من استدرار العطاء بعبارة الثناء، فكسبه النوال إنما كان لتلك الخصال التي عدّدنا، ولم يكن الأعشى في حياته إلا باذلًا للمال، سخيًّا على نفسه وذويه وصحبه من النّدامى ورفاقه في مجالس الشراب، فلا يجد غضاضة حتى يحيط ممدوحه بسيرته هذه كقوله مادحًا قيس بن معد يكرب:

فجِئتُكَ مُرتادًا ما خبّروا ولولا الذي خبّروا لم تَرَنْ
فلا تحرِمنّي نداكَ الجزيل فإنّي أُمرؤ قَبْلكُمْ لم أُهَنْ

بحكم ما تقدّم من عمل النشأة وتكوين العرى الأولى في شخصيّة الأعشى تطالعنا في ثنايا ديوانه، وبالدرس والتحليل والاستنتاج جوانب غنيّة من عالم الشاعر نكتفي منها بلُمع نتلمس مصادرها في قصائده ومواقفه وردّات أفعاله وانفعالاته. وفي قمة ما يمر به عالمه النفسي والفكري اعتقادٌ أملاه الواقع بعبثية الحياة، وتداخل مهازلها بصلب طبيعتها التي لا تني في تشكيلها وتبدّلها بصور شتى لا تغيّر من جوهرها المرتكز على ظاهرة التلوّن وعدم الثبات والزوال. وقد ضمّن الأعشى شعره هذه التأمّلات وهويصف الموت الذي يطوي الملوك والحصون والأمم والشعوب كمثل قوله في مطلع مدحه المحلّق:

أرقتُ وما هذا السُّهادُ المؤرّقُ وما بي من سقم وما بي مَعْشَقُ
ولكن أراني لا أزالُ بحادثٍ أُغادي بما لم يمسِ عندي وأطرقُ
فما أنتَ إنْ دامتْ عليك بخالدٍ كما لم يُخلَّدْ قبل ساسا ومَوْرَقُ
وكِسرى شهِنْشاهُ الذي سار مُلكُهُ له ما اشتهى راحٌ عتيقٌ وزنْبقُ
ولا عاديًا لم يمنع الموتَ مالُه وحصنٌ بتيماءَ اليهوديّ أبلقُ

شعره

شعره من الطبقة الأولى. وجود في أبواب الشعر كافة. إلا حتى معظم شعره لم يتصل بنا ولا نفهم له إلا قصائد معدودة أشهرها "ودع هريرة" وقد عدها البعض من المعلقات والأعشى من كبار شعراء الجاهلية: جعله ابن سلاّم أحد الأربعة الأوائل، في عداد امرئ القيس والنّابغة وزهير فهو"بين أعلام" الجاهلية، وفحول شعرائها، وهومتقدّم كتقدّم من ذكرنا دونما إجماع عليه أوعليهم، ومع ذلك فليس هذا بالقليل: أوألم يُسأل حسّان بن ثابت... عن أشعر الناس كقبيلة لا كشاعر بعينه فنطق: "الزّرق من بني قيس بن ثعلبة" ولا غروأنّه عنى في المقام الأول الأعشى أبا بصير، وهوما أكده الكلبي عن مروان بن أبي حفصة حين أشاد بالأعشى وأحلّه مرتبة الشاعر الشاعر لقوله:

كلا أبَويْكم كان فرعَ دِعامةٍ ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصًا

وحدّث الرياشي نقلًا عن الشعبيّ ففضّل الأعشى في ثلاثة أبيات واعتبره من خلالها أغزل النّاس وأخنثهم وأشجعهم، وهي على التوالي:

غرّاء فرعاءُ مصقولُ عوارضُها تمشي الهُوَيْنى كما يمْشي الوَجى الوَحِلُ
نطقتْ هريرةُ لمّا جِئتُ زائرَها ويلي عليكَ وويلي منك يا رجلُ
نطقوا الطّرادُ فقلْنا تلكَ عادتُنا أوتنزِلونَ فإنّا معْشرٌ نُزُلُ

كان الأعشى يعتبر الشرّ في الطبيعة البشرية قدرًا ليس يدفع فهل غذّى فيه هذا الاعتقاد الكفاح في سبيل متع الوجود وجعله يرتضي بالتالي مصيره، وهومصير الورى جميعًا أي حتمية الزوال. وأوجز ما ينطق في الأعشى شاعرًا، أّنه صورة الرجل فيه: فقد كان جريئًا في غزله وخمرته وكانت جرأته واضحة المعالم في صدق منطقته حين يمدح أويفتخر أويهجوإلى غير ذلك اكتسب شعره سيرورة ونزل من القلوب منزلة رفيعة فكان أقدر الشعراء على وضع الرفيع، وحمل الوضيع، ويكفي برهانًا على الطرف الآخر خبره من المحلَّق الكلابي وهوالخبر الذي تناقلته خط الأدب وجعلت منه مثالًا، لا لتأثير الشعر في نفوس العرب وحسب، بل ولسموّ الشاعر في صنيعه وهوما أعطى له حتى ينتزع إعجاب الأدباء والشرّاح من ناحية، وأن يتبوّأ بالتالي منزلة رفيعة في تاريخ الشعر الجاهلي، إذا لم نقل في تاريخ العربي على مرّ العصور. ولئن تعذر حتى نمضي على هذا المنوال، في ثنايا شعر أبي بصير، المقدّم في نظر نفر صالح من النقّاد، على أكثر شعر الجاهليين كافة، ولا سيّما في غزله ومدائحه وملاهيه وأوصافه. ولئن كنّا نتجاوز المواقف المتنوعة من سعي الأعشى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة إسلامه فنحن نقف عند واحد جامع من آراء الشرّاح القدامى، نرى فيه غاية ما نرمي إليه في هذا الموضع، قصدنا قول أبي زيد القرشي في جمهرته: "الأعشى أمدح الشعراء للملوك، وأوصفهم للخمر، وأغزرهم شعرًا وأحسنهم قريضًا".

معلقته وقصائدة

له القصائد الطوال الجياد. يتغنى بشعره فسموه: "صناجة العرب وطناجة الغرب" - ويقولون إذا الأعشى هوأول من انتجع بشعره، يقصدون بذلك أنه كان يمدح لطلب المال. ولم يكن يمدح قومًا إلا حملهم، ولم يهج قومًا إلا وضعهم لأنه من أسير الناس شعرًا وأعظمهم فيه حظًا. ألم يزوج بنات المحلق بأبيات نطقها فيه، كما اتى في خط الأدب اشتهر بمنافرة له مع علقمة الفحل. امتاز عن معظم شعراء الجاهلية بوصف الخمر.

أما معلقته والتي تسمى لامية الاعشى فمطلعها:


ودِّع هریرةَ إنَّ الرکبَ مرتحلُ وهل تطیقُ وداعًا أیُّها الرجلُ
غراء فرعاء مصقولٌ عوارضها تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحل
كأن مشيتها من بيت جارتها مر السحابة لا ريثٌ ولا عجل
تسمع للحلي وسواسًا إذا انصرفت كما استعان بريحٍ عشرقٌ زجل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها ولا تراها لسر الجار تختتل
يكاد يصرعها لولا تشددها إذا تقوم إلى جاراتها الكسل
إذا تلاعب قرنًا ساعةً فترت وارتج منها ذنوب المتن والكفل
صفر الوشاح وملء الدرع بهكنةٌ إذا تأتى يكاد الخصر ينخزل
نعم الضجيع غداة الدجن يصرعها للذة المرء لا جافٍ ولا تفل
هركولةٌ، فنقٌ، درمٌ مرافقها كأن أخمصها بالشوك ينتعل
إذا تقوم يضوع المسك أصورةً والزنبق الورد من أردانها ضم
ما روضةٌ من رياض الحزن معشبةٌ خضراء جاد عليها مسبلٌ هطل
يضاحك الشمس منها كوكبٌ شرقٌ مؤزرٌ بعميم النبت مكتهل
يومًا بأطيب منها نشر رائحةٍ ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
علقتها عرضًا وعلقت رجلًا غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
وعلقته فتاة ما يحاولها ومن بني عمها ميت بها وهل
وعلقتني أخيرى ما تلائمني فاجتمع الحب، حبٌ كله تبل
فكلنا مغرمٌ يهذي بصاحبه ناءٍ ودانٍ ومخبولٌ ومختبل
صدت هريرة عنا ما تحدثنا جهلًا بأم خليدٍ حبل من تصل
أ حتى رأت رجلًا أعشى أضر به ريب المنون ودهرٌ مفندٌ خبل
نطقت هريرة لما جئت طالبها ويلي عليك وويلي منك يا رجل
إما ترينا حفاةً لانعال لنا إنا كذلك ما نحفى وننتعل
وقد أخالس رب البيت غفلته وقد يحاذر مني ثم ما يئل
وقد أقود الصبا يومًا فيتبعني وقد يصاحبني ذوالشرة الغزل
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني شاوٍ مشلٌ شلولٌ شلشلٌ شول
في فتيةٍ كسيوف الهند قد فهموا حتى هالكٌ جميع من يحفى وينتعل
نازعتهم قضب الريحان متكئًا وقهوةً مزةً راووقها خضل
لا يستفيقون منها وهي راهنةٌ إلا بهات وإن علوا وإن نهلوا
يسعى بها ذوزجاجاتٍ له نطفٌ مقلصٌ أسفل السربال معتمل
ومستجيبٍ تخال الصنج يسمعه إذا ترجع فيه القينة الفضل
الساحبات ذيول الريط آونةً والرافعات على أعجازها العجل
من جميع ذلك يومٌ قد لهوت به وفي التجارب طول اللهووالغزل
وبلدةٍ مثل ظهر الترس موحشةٍ للجن بالليل في حافاتها زجل
لا يتنمى لها بالقيظ يركبها إلا الذين لهم فيها أتوا مهل
جاوزتها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ في مرفقيها ـ إذا استعرضتها ـ فتل
بل هل ترى عارضًا قد بت أرمقه كأنما البرق في حافاته شعل
له ردافٌ وجوزٌ مفأمٌ عملٌ منطقٌ بسجال الماء متصل
لم يلهني اللهوعنه حين أرقبه ولا اللذاذة في كأس ولا شغل
فقلت للشرب في درنا وقد ثملوا شيموا وكيف يشيم الشارب الثمل
نطقوا نمارٌ، فبطن الخال جادهما فالعسجديةٌ فالأبلاء فالرجل
فالسفح يجري فخنزيرٌ فبرقته حتى تدافع منه الربوفالحبل
حتى تحمل منه الماء تكلفةً روض القطا فكثيب الغينة السهل
يسقي ديارًا لها قد أصبحت غرضًا زورًا تجانف عنها القود والرسل
أبلغ يزيد بني شيبان مألكةً أبا ثبيتٍ أما تنفك تأتكل
ألست منتهيًا عن نحت أثلتنا ولست ضائرها ما أطت الإبل
كناطح صخرةً يومًا ليوهنها فلم يضرها وأوهن قرنه الوعل
تغري بنا رهط مسعودٍ وإخوته يوم للقاء فتردي ثم تعتزل
تلحم أبناء ذي الجدين إذا غضبوا أرماحنا ثم تلقاهم وتعتزل
لا تقعدن وقد أكلتها خطبًا تعوذ من شرها يومًا وتبتهل
سائل بني أسدٍ عنا فقد فهموا حتى يفترض أن يأتيك من أبنائنا شكل
واسأل قشيرًا وعبد الله كلهم واسأل ربيعة عنا كيف من الممكن أن نفتعل
إنا نقاتلهم حتى نقتلهم عند اللقاء وإن جاروا وإن جهلوا
قد كان في آل كهفٍ إذا هم احتربوا والجاشرية من يسعى وينتضل
لئن قتلتم عميدًا لم يكن صددًا لنقتلن مثله منكم فنمتثل
لئن منيت بنا عن غب معركةٍ لا تلفنا عن دماء القوم ننتقل
لا تنتهون ولن ينهى ذوي شططٍ كالطعن يمضى فيه الزيت والفتل
حتى يظل عميد القوم مرتفقًا يدفع بالراح عنه نسوةٌ عجل
أصابه هندوانٌي فأقصده أوذابلٌ من رماح الخط معتدل
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
نحن الفوارس يوم الحنوضاحيةً جنبي فطيمة لا ميلٌ ولا عزل
نطقوا الطعان فقلنا تلك عادتنا أوتنزلون فإنا معشرٌ نزل
قد نخضب العير في مكنون فائله وقد يشيط على أرماحنا البطل

وتقول العرب حتى أقوى بيت في مبتر الهاتى في معلقته، ذلك الذي أصبح هوالآخر مثلًا، وفيه يقول:

كناطح صخرة يومًا ليوهنها فلم يضرها، وأوهى قرنه الوعل


فصار يتمثّلُ به كناية عن حماقة جميع من يتصدى لمصاولة ما يفوقه قوة وصمودًا.


ما بكاء الكبير في الأطلال وسؤالي وما ترد سؤالي

وقد ترجم بعض قصائده الطوال، المستشرق الألماني "غاير" منها: قصيدته المعلقة، والقصيدة الثانية "ودع هريرة". وقد عني بشرحها مطولًا، وطبعت معلقته في كتاب: المعلقات العشر.

من قصيدة "هيفاء مثل المهرة":


صَحَا القَلبُ مِن ذِكرَى قُتَيلَةَ بَعدَمَا يَكُونُ لَهَا مِثلَ الأَسِيرِ المُكَبَّلِ
لَهَا قَدَمٌ رَيَّا، سِبَاطٌ بَنَانُهَ قَدِ اعتَدَلَت فِي حُـسنِ خَلقٍ مُبتَّلِ
وَسَاقَانِ مَارَ اللَّحمُ مَورًَا عَلَيهِما إلَى مُنتَهَى خَلخَالِهَا المُتَصَلصِلِ
إذَا التُمِسَت أُربِيّتَاهَا تَسَانَدَت لَهَا الكَفُّ فِي رَابٍ مِنَ الخَلقِ مُفضِلِ
إلَى هَدَفٍ فِيهِ ارتِفَاعٌ تَرَى لَهُ مِنَ الحُسنِ ظِلًا فَوقَ خَلقٍ مُكَمَّلِ

مصادر

  1. ^ http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb13489446h — تاريخ الاطلاع:عشرة أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
  2. ^ المرزباني
  • ديوان الاعشى :دار الأرقم بن الأرقم

وصلات خارجية

  • ديوان الأعشى
تاريخ النشر: 2020-06-01 19:07:39
التصنيفات: بكر بن وائل, شعراء العصر الجاهلي, شعراء المعلقات, شعراء بالعربية في القرن 6, شعراء بالعربية في القرن 7, شعراء عرب, شعراء نجديون, عرب في القرن 6, عرب في القرن 7, مواليد 570, مواليد في حي منفوحة (الرياض), وفيات 629, وفيات 7 هـ, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P27, صفحات تستخدم خاصية P1050, صفحات تستخدم خاصية P106, صفحات بها مراجع ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P1412, بوابة العرب/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة شعر/مقالات متعلقة, بوابة أدب عربي/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P1309, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الجزائر تدعو الأطراف السودانية لوقف الاقتتال وتغليب لغة الحو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:29
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 70%

قائد الدعم السريع: القتال لن يتوقف إلا بعد السيطرة على كل مو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:40
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

أخبار مصر.. غدا ارتفاع بدرجات الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 31 درجة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:12
مستوى الصحة: 36% الأهمية: 47%

دول مجلس التعاون الخليجي تدعو الأطراف السودانية للاحتكام للحوار

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:06
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 56%

نقابة مهنية تَتهم طبيبًا بالتحرش الجنسي بسيدة في شهر رمضان

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:44
مستوى الصحة: 64% الأهمية: 76%

ننشر جداول امتحانات الشهادة الإعدادية وصفوف النقل فى محافظة البحيرة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:15
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 38%

من وحى تجربة مسلسل جت سليمة.. نصائح لتقوية الثقة بالنفس.. إنفوجراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:18
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 36%

الاتحاد الأوروبي يدعو جميع القوات في السودان لوقف العنف على الفور

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:03
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

لأول مرة.. مدينة أمريكية تسمح برفع الأذان فى جميع أوقات الصلاة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:24
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 49%

زاهى حواس يؤكد: الملكة كليوباترا لم تكن سوداء وكانت يونانية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:10
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 39%

السفارة المصرية بالخرطوم تنشر أرقام هواتف للتواصل مع الجالية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:13
مستوى الصحة: 32% الأهمية: 35%

كتيبة «إيمري » تتألق .. أستون فيلا يكتسح نيوكاسل بثلاثية

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:22:39
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

بلد الوليد يهزم فياريال بالدوري الأسباني

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:22:40
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 55%

وزارة الخارجية تتابع أوضاع المواطنين المصريين المقيمين فى السودان

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:20
مستوى الصحة: 42% الأهمية: 45%

ابتهال المغرب بصوت أيمن منصور إمام وخطيب مسجد الحسين

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:08
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 45%

اعادة فتح مسجد بفضاء رعاية المسنين بمنوبة بعد غلق استمرّ سنوات

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:08
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 65%

مصرع شخص صدمه جرار زراعي بأسوان

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:22:45
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 61%

قائد الجيش الإثيوبي يعلن حل القوات الخاصة في الأقاليم

المصدر: جريدة المغرب - تونس التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:11
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 69%

ألمانيا تستغنى عن الطاقة النووية.. وتغلق آخر 3 محطات فى البلاد

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2023-04-15 18:23:16
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 37%

تحميل تطبيق المنصة العربية