صدى

الصدى من الظواهر الطبيعية التي استأثرت باهتمام الإنسان، وأكثر ما كان يرهف له سمعه، عندما كان يرتد إليه الصوت على هيئة الصدى، شاقا صمت وحدته المطبق العميق، في فضائه السمعي البدائي وأصبح لا يأبه بها في عالم يطغى عليه صخب الضجيج والعجيج. لكن الفهماء ما زالوا يتجشمون عناء دراسة هذه الظاهرة للاستفادة منها وتوظيفها في الفضاءات السمعية المعاصرة.

وكما حتى للصوت صدى، نجد تلك الظاهرة أيضا في الأمواج الكهرومغناطيسية فهي تنعكس مثلما ينعكس الضوء على المرايا، وتـم أول تعيين دقيق لبعد القمر عن الأرض بواسطة الرادار. ثم خلفة تعيين البعد بطريقة أدق بواسطة إرسال شعاع الليزر إلى القمر وقياس زمن الشعاع المرتد.

ارتداد الموجات الصوتية

الصدى، أوردة الصدى، أوعاد الصدى؛ لغة، هوالصوت، وما يرد عليك أويجيبك من صوت الجبل أونحوه بمثل صوتك. نطق الله سبحانه وتعالى: " وما كان صَلاتُهُم عندَ البَيْتِ إلا مُكاءً وتَصْدِيَةً". َوالتَّصْدِيَة: ضَرْبُكَ يَداً على يَدٍ لتُسْمِعَ ذلك إنساناً، وهومن قوله مُكاءً وتَصْدِيَة. صَدَّى: قيلَ أَصْلُه صَدَّدَ لأَنَّه يقابِلُ في التَّصْفِيقِ صَدُّ هذا صَدَّ الآخَرِ أَي وجْهاهُما وجْهُ الكَفِّ يقابِلُ وَجْهَ الكَفِّ الأُخْرَى. والصَّدَى: موضِعُ السَّمْعِ من الرَّأْسِ.

وينطق: "أوحى من صدى"؛ و" أصم الله صداه"، و"صم صداه"، وهونادىء بالهلاك، لأنه إذا هلك لم يجبه الصدى. ونطق الشاعر:

سأل الصدى عنه وأصغى للصدى ---- كيما يجيب فنطق مثل منطقه

ونطق آخر:

وقد تبدي لك المرآة شخصا ---- ويسمعك الصدى ما قد تنادي

وآخر:

ومُسْتَنْبَحٍ، يَعْوي الصَّدى لِعُوائِه، ----- تنَوَّرَ ناري فاسْتَناها وأَوْمَضـا

والعرب تطلق على الصدى "ابنة الجبل"، ومن ذلك قولهم "صمي ابنة الجبل مهما تقل يقل وهومثل يضرب للامعة الذليل الذي يتبع لغيره؛ وكذلك "هوابنة الجبل" يضرب لمنقد يكون مع جميع أحد. كما كانوا يقولون: "بنت صفا تقول عن سماع"، وبنت صفا مثل قولهم بنت الجبل يعنون بها الصدى. كما كانوا يطلقون على الصدى "ابن الطود"، ومن ذلك قول الشاعر:

دعوت خليدا دعوة كأنما ---- دعوت به ابن الطود أوهوأسرع

ويعهد الصدى في عدد من اللغات اللاتينية ب "إيكو" echo، وأصلها أسطورة يونانية قديمة؛ حيث كانت إيكوهي ربة الجبال، لكنها عهدت بين الأرباب بطول لسانها ولجاجتها، فضاقوا بها ذرعا، وحكموا عليها بعقوبة من جنس إثمها، وهي حتى تعجز عن النطق بما هوجديد، وأن ينحصر نطقها في شيء واحد فقط، وهوحتى تردد المبتر الأخير مما تسمعه.

فهمياً

والصدى فهمياً هوظاهرة مرتبطة بارتداد موجة صوتية على سطح حاجز (من الأسطح الصلبة) يسبب انعكاسها وعودتها إلى نقطة انطلاقها. وتسمع أذن الإنسان الصدى إذا كانت المدة التي تفصل بين الموجة الصوتية المباشرة وانعكاسها على سطح الحاجز تفوق 0,1 ثانية، أي على مسافة أكبر من17 متراً وقد تم حساب تلك المسافة من العلاقة 2 ف == ع* ز.حيث حتى ع =340 م/ث ’ ز ==0.1 ومعروف حتى سرعة الصوت تقارب 340 متر في الثانية. وإذا كانت مساحة الحاجز أكبر، أوعلى مسافات أطول، يمكن حتى يُسمع تردد الصوت بشكل متكرر ومتوالي؛ وكذلك إذا تعددت الحواجز التي ترتطم بها الموجاتقد يكون الصدى مضاعفا.

وتُستغل ظاهرة الصدى في عدد من الآلات وفي عدد من المجالات، خاصة آلات السبر (السونار) والرادارات؛ حيث تمكن من تحديد مكان الحواجز، الثابتة والمتحركة، انطلاقا من الموجات الصوتية المنعكسة.

وأكدت دراسة فهمية، مؤخرا، خطأ نظرية كانت واسعة الانتشار، تفيد بأن صوت البط ليس له صدى دون فهم السبب، وهوما أصبح مقولة يضرب بها المثل. فقد أثبت أحد فهماء السمعيات في بريطانيا، خطأ النظرية بعد حتى طبق أساليب فهمية. وأكد البروفيسور تريفور كوكس (وهوخبير في التحكم في صدى الصوت) حتى صياح البطة يتلاشى، ويبدوأنها تصيح لوقت أطول. ونظرا لانخفاض صوت صياح البطة، ولأنها تأتي في وسط تلاشي الصدى، فيبدووكأن صدى الصوت قد ارتدى قناعا.

أطول صدى على الاطلاق

وجد الفهماء في أحد أنفاق المرتفعات الاسكتلندية وبالتحديد في روس شاير في اسكتلند صهاريج (Inchindown) لتخزين الوقود تعتبر خزاناً ضخماَ تبلغ سماكة جدرانه 45 سم، ومساحته تعادل ضعفي طول ملعب كرة القدم، بعرضتسعة أمتار وارتفاع 13.5 متر، قام الفهماء بتجربة اطلاق عيار ناري داخل هذا الخزان الفارغ وقد تردد صدى اطلاق العيار الناري 112 ثانية وبذلك يحطم الأرقام القياسية لأطول صدى .