الجارُ لغةً جارُ :هولفظ ذودلالات شتى نتطرق اليها فيما يلي :

• الجارُ : المُجاور في المسكن. وفي المثل : " قد يُؤْخَذُ الجارُ بذنب الجار ". جمع، جيران وجيرة وجوار وأجوار
• والجارُ الشَّريك في العَقَار أَوالتِّجارة . والجارُ المُجيرُ .والمستجير . والمُجار.المعجم الوسيط وَالْجَارُ هُوَ النَّزِيلُ بِقُرْبِ مَنْزِلِكِ، وَيُطْلَقُ عَلَى النَّزِيلِ بَيْنَ الْقَبِيلَةِ فِي جِوَارِهَا. تعريف الجارُ مرده إلى العهد، والعهد يختلف باختلاف الزمان والمكان، فما تعارف عليه الناس أنه جار فهوجار، والعبرة بأكثرهم. وذلك لأن أحوال الناس تتغير؛ فقديما كانت الحارات صغيرة، والبيوت مجتمعة، ويرى الجيران بعضهم بعضا في اليوم أكثر من مرة، ويجمعهم مسجد واحد، وفي القرى والبلدان الصغيرة يجمعهم سوق واحد، وقد أُطلق الجوار في القرآن على أهل البلدة الواحدة

صور الجوار

وقد تُصور من الجار معنى القرب، فقيل لمن يقرب من غيره: جاره وجاوره وتجاور معه.ثم إذا جمع جار جيران، والاسم هوالجوار، وينطق للمشارك في العقار والمقاسم: جار أيضاً.

الجار في السكن

يظن بعض الناس حتى الجار هوفقط من جاوره في السكن، ولا ريب حتى هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار، لكن لا ريب حتى هناك صورًا أخرى تدخل في مفهوم الجوار.

الجار في العمل

• الجار في السوق
• الجار في المغرسة
• الجار في مقعد الدراسة
• الجار في مقعد المركبة

فضل الإحسان وتعظيم حق الجار في الإسلام

فضل الإحسان إلى الجار في الإسلام :

لقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي النبي بالجار حتى ظنَّ حتى الشرع سيأتي بتوريث الجار: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه". وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار:  وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا  . وحض النبي على الإحسان إلى الجار وإكرامه: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره". وعند مسلم: "فليحسن إلى جاره". بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، نطق : "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه". والذي يحسن إلى جاره هوخير الناس عند الله: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره". وعن أبي هريرة رضي الله عنه نطق: نطق رسول الله " من يأخذ عني هؤلاء الحدثات فيعمل بهن أويعلِّم من يعمل بهن،يا ترى؟ فنطق أبوهريرة: فقلت: أنا يا رسول الله فأخذ بيدي فعد خمسًا، ونطق: اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ". فبين حتى الإحسان إلى الجار مرشد على صدق الإيمان، وشعبة من شعبه، وسبب من مسببات زيادته وقوته. وقد نطق بعض الحكماء: ثلاث إذا كن في الرجل لم يشك في عقله وفضله: إذا حمده جاره وقرابته ورفيقه.

جار السكن في الإسلام

الجار: من يقرب مسكنه منك. والمعنى الاصطلاحي للجوار هو: الملاصقة في السكن حد الجوار: اتى عن علي كرم الله وجهه عنه: «من سمع النداء فهوجار»، وقيل: «من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهوجار»، وعن عائشة رضي الله عنها: «حد الجوار أربعون دارًا من جميع جانب».

حد الجار والجوار

• راي الشافعية والحنابلة:

وحد الجار كما مضى الشافعية والحنابلة أربعون داراً من جميع جانب، من الأمام والخلف واليمين والشمال، والدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه حتى النبي نطق: (حق الجار أربعون داراً هكذا إلى غير ذلك إلى غير ذلك) وبعضهم ضيق فنطق: الجار هوالملاصق من جميع الجهات، أواللقاء له، بينهما شارع ضيق، فلا يفصل بينهما نهر متسع أوسوق كبير ونحوذلك.

• وبعضهم عهده بأنه: ما يجمعهما مسجد أومسجدان متقاربان.
• وبعضهم نطق: إذا العهد هوالذي يضبط قضية الجوار، وحملوا حديث الأربعين على التكرمة والاحترام، ككف الأذى ودفع الضرر، والبشر في الوجه والإهداء، وإلى غير ذلك.
• ولاشك حتى الملاصق أولى الناس بأن يطلق عليه اسم الجار، وينطق حتى للساكن معك في المدينة: جاوره فيها. ولما استعظم حق الجار عقلاً وشرعاً عبر عن جميع من يعظم حقه بالجار.
• وإذا أردنا حتى نضبط الجار بالعدد؛ فإن أقرب التعريفات التي مرت معنا والتي يسندها الدليل: أربعون جاراً من جميع جانب من الجوانب

الجار في القرآن الكريم

• نطق الله تعالى: في القرآن العظيم  لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا  سورة الأحزاب
•  وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا  سورة النساء

عناية السنة بحقوق الجار

• ولقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي نبي الإسلام بالجار حتى ظنَّ النبي حتى الشرع سيأتي بتوريث الجار.
• فنطق رسول الله : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت إنه سيورثه».
• عن أبي هريرة رضى الله عنه نطق: نطق رسول الله : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أوليصمت».
• ونطق: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن»، قيل: يا رسول الله! خاب وخسر، من هذا،يا ترى؟ نطق : «من لا يأمن جاره بوائقه»، وفي هذا تعظيم لحق الجار، وترهيبٌ من إيذائه، وإضراره، وأن الإحسان إليهقد يكون بتأدية حقه، وكف الأذى عنه، وبذل العون إليه .
• وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما نطق: نطق رسول الله : «خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخيرات الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره».
• فقد ثبت عنه أنه نطق: «ما تقولون في الزنا؟» نطقوا: حرام، حرمه الله ورسوله، نطق: «لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر من حتى يزني بامرأة جاره، ما تقولون في السرقة؟» نطقوا: حرام، حرمها الله ورسوله، نطق: «لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر من حتى يسرق من بيت جاره، ومن أغلق بابه من جاره مخافة على أهله أوماله فليس الجار بمؤمن». فلماذا كانت السرقة من الجار أشدَّ إثمًا من السرقة من عشرة بيوت،يا ترى؟ وما الذي ضاعف الجرم في تلك الجريمة،يا ترى؟ إنها حرمة الجار.
• وقد روى أبوهريرة حتى رجلاً نطق: يا رسول الله! إذا فلانة تذكر من كثرة صلاتها، وصدقتها، وصيامها. وفي رواية تصوم النهار، وتقوم الليل، غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها، نطق صلى الله عليه وسلم: «هي في النار»، ونطق: إذا فلانة تذكر من قلة صيامها، وصلاتها، وإنها تتصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها، نطق: «هي في الجنة».
• وعن عائشة رضي الله عنها نطقت: قلت يا رسول الله! إذا لي جارتين، فإلى أيهما أهدي،يا ترى؟ نطق: «إلى أقربهما منك بابًا»، نطق الحافظ ابن حجر رحمه الله: «والحكمة في ذلك حتى الجار الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هديةٍ وغيرها، فيتشوف لها، بخلاف الأبعد، وكذلك فإن الأقرب أسرع إجابة لما قد يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة».

أنواع الجار

وفي الآية: القرآن:  وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا   - سورة النساء.

• الجار القريب : هوصاحب القربى فالقربى معروفة، وهوالجار المسلم الذي تجمعك به علاقة قرابة. وله ثلاثة حقوق، فله حق القرابة وحق الجوار وحق الإسلام
• الجار الجُنُب وأما بالنسبة للجار الجُنُب، أي: البعيد المسلم غير القريب لا قرابة له، فلما ذكر جار القربى ذكر النوع الآخر من الجيران وهوالجار الذي ليس له قرابة.وهوجار له حقان، فله حق الإسلام وحق الجوار.
• الجار الكافرالقريب

وإذا كان لك جار كافر فله حق واحد وهوحق الجوار والقرابة.

• الجار الكافر غيرالقريب وهذا له حق واحد وهو: حق الجوار فحسب.

مراتب حق الجار

حق الجار على ثلاث مراتب: أدناها كف الأذى عنه، ثم احتمال الأذى منه، وأعلاها وأكملها: إكرامه والإحسان إليه.

• المرتبة الأولى وهي كف الأذى عنه، فهي أقل ما يجب على الجار تجاه جاره، فإنه إذا لم يحسن إليه، فلا أقل من حتى يكف أذاه عنه.

والله تعالى يقول:  وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا  ، فكيف إذا كان المؤذَى هوجارك المؤمن، فإن الإثم أشد.

ولهذا نطق النبي : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ".

• المرتبة الثانية فهي احتمال الأذى منه، والتغاضي عنه، والتغافل عن زلته فعن عثمان بن زائدة نطق: العافية عشرة أجزاء، تسعة منها في التغافل. فحُدث بذلك أحمد بن حنبل، فنطق: العافية عشرة أجزاء، كلها في التغافل، والمعنى: حتى السلامة من أذى الناس، لاقد يكون إلا بالتغافل عن شرورهم، والتغاضي عن ظلمهم وغشمهم، وعدم مؤاخذتهم بكل ما يصدر منهم ومن وفق لذلك فهوالعاقل الموفق، والسيد المسوَّد، وقد وصف الله المتقين بأنهم يكظمون الغيظ، ويعفون عن الناس، ويحسنون إليهم بالصفح عنهم، والتسامح معهم، فنطق سبحانه:  الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ   .
• المرتبة الثالثة فهي إكرام الجار والإحسان إليه والإحسان إلى الجار معنى واسع تدخل فيه أنواع كثيرة من المكارم والفضائل التي أمر بها الإسلام، فكل ما يجب للمسلم على المسلم من حقوق فإنه يجب على الجار لجاره المسلم من باب أولى وأحرى، لأن له حق الإسلام وحق الجوار أيضًاومن ذلك محبته والتودد إليه، والسلام عليه، وطلاقة الوجه معه، وعيادته إذا سقم، وتشيعه إذا مات، ونصره إذا ظُلم، وكفه عن الظلم والمعصية بقدر الاستطاعة، ومواساته وبذل المعروف له، وتفريج كربته، وإعانته عند حاجته، وتعزيته عند المصيبة، وتهنئته في الفرح، وإدخال السرور عليه، والإهداء إليه، والنصيحة له ولأولاده وأهله، وتعليمه ما يجهله من أمر دينه ودنياه، وموعظته بالحسنى، وإعانته على طاعة الله تعالى، ودعوته إلى الإسلام وترغيبه فيه إذا كان كافرًا، وألا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته، ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره، وأن يستر عليه ما ينكشف له من عوراته.

وهذه الأنواع تختلف باختلاف الجيران والمناسبات وحالة جميع جار، وما ينزل به من أحداث الزمان، كما يختلف باختلاف الشخص من فقر وغنى، ووجاهة وضعة. ومن هذه الأنواع ما فرض عين، ومنها ما فرض كفاية، ومنها ماقد يكون مستحبًا. والجامع لهذا كله: حتى تحسن إليه بكل ما تقدر عليه من قول وعمل، وأن ترجوله الخير، وتحب له ما تحب لنفسك، وتقدم له ما استطعت من معروف أيًا كان نوعه.

حقوق الجار

لا شك حتى الجار له حقوق كثيرة نشير إلى بعضها، فمن أبرز هذه الحقوق:

1. رد السلام وإجابة الدعوة: وهذه وإن كانت من الحقوق العامة للمسلمين بعضهم على بعض، إلا أنها تتأكد في حق الجيران، لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة والمودة.
2. كف الأذى عنه: وهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حرامًا بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار، فقد حذر النبيي من أذية الجار أشد التحذير، وتنوعت أساليبه في ذلك، ومن ذلك قوله: «والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن». قيل: مَنْ يا رسول الله،يا ترى؟ نطق: «مَن لا يأمن جاره بوائقه».وكذلك في حديث المرأة التي تصلي الليل، وتصوم النهار، وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها. نطق صلى الله عليه وسلم: «لا خير فيها، هي في النار».
3. -تحمل أذى الجار: وإنها لواحدة من شيم الكرام ذوي المروءات والهمم العالية، إذ يستطيع كثيرٌ من الناس حتى يكفّ أذاه عن الآخرين، لكن حتى يتحمل أذاهم صابرًا محتسبًا فهذه درجة عالية: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ﴾. ويقول الله تعالى: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. وقد ورد عن الحسن رحمه الله قوله: «ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى». وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله عن أبي ذر رضى الله عنه نطق: نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يحب ثلاثة، ويبغض ثلاثة»، وذكر في الثلاثة الذين يحبهم: «رجل كان له جار سوء يؤذيه فيصبر على أذاه حتى يكفيه الله إياه بحياة أوموت».وافهم حتى هذا من باب الدفع بالتي هي أحسن، ذكروا عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله حتى رجلاً كان بجواره يسيء إليه جميع يوم في بيته، فكان يخرج ويبعد الأذى أوالإساءة وهوصابرٌ، وفي يومٍ من الأيام خرج فلم يجد تلك الإساءةَ التي كان يعهدها، فسأل عن جاره عندما رآه تخلف عن عادته! فأُخبر أنه أحدث حدثًا وسُجن، فمضى وشفع عند صاحب الشرطة حتى أخرجه، ولم يفهم هذا الجارُ بالذي اتى يشفع له، فلما خرج نطق: من الذي أخرجني،يا ترى؟ نطقوا: جارك اتى يشفع لك، نطق: من هو،يا ترى؟ نطقوا: أبوحنيفة ! فندم على إيذائه، وكف عن ذلك.
4. تفقده وقضاء حوائجه: إذا رسول الله يقول: «ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهويفهم». وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، إلى غير ذلك تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول.
5. ستره وصيانة عرضه: وإن هذه لمن أوكد الحقوق، فبحكم الجوار قد يطَّلع الجار على بعض أمور جاره، فينبغي حتى يوطن نفسه على ستر جاره، مستحضرًا أنه إذا عمل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، أما إذا هتك ستره فقد عرَّض نفسه لجزاء من جنس عمله: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا﴾.
6. الإهداء إليه ومودته: وإن من مجال الإحسان إلى الجار التودد إليه بالهدية والقول اللطيف، ولهذا أوصى رسول الله الصحابي الجليل أبا ذر فنطق له: «يا أبا ذر! إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك».

الجار في الشعر العربي

وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية، ومن ذلك:

• قول عنترة:

• وأما في الإسلام فيقول أحدهم:

ألاقد يكون لبيته ستر حتى يواري جارتي الخدر

ومن ذلك أنك إذا صعدت على سطح منزلك ورأيت عورة لجارك فحقُّ الإسلام غض البصر، وحق الجوار عدمُ خيانة جارك، وهذا الحكم يدخل فيه الصعود إلى السطح أوالنظر من النوافذ أوالشرفات أوالنظر مما يسمّى بالمنور، ففيه النوافذ المطلة على أخيك المجاور، فمن الأدب والإسلام حتى تستأذن قبل صعودك، كي لا تؤذي مسلمًا في بيته.

وعن أبي هريرة رضى الله عنه نطق: كان النبي يقول: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولوفرسن شاة». ومعنى الحديث باختصار: أي لا تحقرن حتى تُهدي إلى جارتها شيئًا، ولوأنها تُهدي لها ما لا ينتفع به.

ومن جملة حق الجار حتى الشركة في السرور معه، ويصفح عن زلاته، ولا يطلع من السطح إلى عوراته، ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره، ولا يضيق طريقه إلى الدار، ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره، ويستر ما ينكشف له من عوراته، وينعشه من صدعته إذا نابته نائبة، ولا يغفل عن ملاحظة داره عن غيبته، ولا يسمع عليه كلامًا، ويغضّ بصره عن حرمته، ولا يديم النظر إلى خادمته، ويتلطف لولده في حدثته، ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه.

ومن حديث معاذ بن جبل عليه السلام: «نطقوا: يا رسول الله! ما حق الجار على الجار،يا ترى؟ نطق: «إن استقرضك أقرضته، وإن استعانك أعنته، وإن سقم عدته، وإن احتاج أعطيته، وإن افتقر عدت عليه، وإن أصابه خير هنيته، وإن أصابته مصيبة عزيته، وإذا توفي اتبعت جنازته، ولا تستطيل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذيه بريح قدرك إلا حتى تغرف له، وإن اشتريت فاكهة فأهدِ له، وإن لم تعمل فأدخلها سرًا ولا تخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده».

انظر أيضاً

• بيت النكاية.

المراجع

وصلات خارجية

• http://www.assakina.com/alislam/14967.html
• http://www.almaany.com/home.php?language=arabic&word=جار&cat_group=1&lang_name=عربي&type_word=2&dspl=0