سا نهت في الهيروغليفية

تعتبر سيرة سنوحي (المعروفة أيضا باسم سا نهت) واحدة من أفضل أعمال الأدب المصري القديم. تروى السيرة في أعقاب وفاة الفرعون أمنمحات الأول، مؤسس الأسرة الثانية عشرة، في أوائل القرن العشرين قبل الميلاد. وقد تألفت حوالي عام 1875 قبل الميلاد، على الرغم من حتى أقدم مخطوطة موجودة تعود لعهد أمنمحات الثالث، حوالي سنة 1800 ق.م. هناك جدل مستمر بين فهماء المصريات حول ما إذا كانت السيرة مبنية على أحداث عملية تتعلق بفرد يدعى سنوحي، إلا حتى أغلبية الآراء ترجح أنها عمل خيالي. نظرًا للطبيعة العالمية للمواضيع التي تم طرحها في سنوحي، بما في ذلك العناية الإلهية والرحمة، فقد تم وصف مؤلفها المجهول بأنه "شكسبير المصري"، ويوجد لأفكاره نظائر في نصوص الكتاب المقدس. كانت شعبية العمل كبيرة ويشهد على ذلك وجود الكثير من الأجزاء الباقية حتى الآن. يعتقد حتى العمل كان مكتوبًا بصورة شعرية، وربما كان يتم إنشاده.

المصادر

هناك عدد من المصادر التي تحكي سيرة سنوحي. توجد شقفة مرسومة (أوستراكون) من الحجر الجيري في المتحف المصري ويبلغ طولها أكثر من ياردة، وربما تكون أكبر شقفة مرسومة ما زالت موجودة. تروي الأوستراكون بداية سيرة سنوحي، وهي مكتوب بالكتابة الهيراطيقية. تعود السيرة إلى عهد الأسرة الثانية عشرة، وتم العثور على البترة في مقبرة سن-نيجم.

ملخص السيرة

يحكي سنوحي أنه كان خادمًا للملك (أمنمحات الأول)، كما يروي حتى الملك أوفد حملة إلى التحنو، وهي قبائل ليبية، بقيادة ابنه (سنوسرت الأول) الذي استطاع هزيمة التحنو. وفي ذلك الوقت اتى أمناء من القصر الملكي إلى سنوسرت ليخبروه عن مؤامرة التي أدت إلى اغتيال أبيه، فعاد سنوسرت مسرعًا إلى القصر الملكي دون حتى يُفهم الجيش بذلك، إلا حتى سنوحي الذي كان معه في الحملة قد سمع المحادثة واستبد به الخوف، فقرر الهروب دون حتى يذكر أية مسببات لذلك، ويصف سنوحي هروبه وسفره حتي أصابه الظمأ وظن أنه سيموت إلا أنه سمع صوت الماشية ورأى بدوًا قدموا إليه ماء، وأخذوه إلى قبيلتهم التي عاملته معاملة حسنة لينتقل سنوحي بعد ذلك من بلد إلى آخر حتى مكث عند أمير رتنوالعليا ويدعي عاموننشي، ويحكي سنوحي أنه طمأنه، ووعده بمعاملته جيدًا.

فسر سنوحي ذلك؛ بأن عاموننشي كان يفهم بحكمته، وصفاته، كما حتى المصريين الذين كانوا هناك شهدوا له بذلك. وسأله الأمير عن الأوضاع في مصر بعد وفاة الملك (أمنمحات) فأبلغه حتى سنوسرت الأول تولي الحكم، ويسترسل سنوحي واصفًا، ومادحًا للملك الجديد.

يحكي سنوحي بعد ذلك عن المعاملة الحسنة التي تلقاها من قبل الأمير الذي زوجه كبرى بناته كما منحه أرضًا وافرة الخيرات، وأيضًا أعدادًا كبيرة من الماشية، كما يصف سنوحي حب الناس له حتي أصبح حاكمًا لقبيلة، ويحكي قدرته على كبح جماح المتمردين من رؤساء الصحاري؛ حتي جعله الأمير على رأس أولاده، وعندما كبر أبناء سنوحي أصبح جميع منهم يحكم قبيلته، ويحكي سنوحي عن رجل قوي اتى ليبارزه ويسرق ممتلكاته، ويفسر سنوحي سلوكه بأنه على الأرجح كان حاقدًا عليه بسبب المكانة التي حظي بها. ويصف سنوحي استعداده للمبارزة، وعن اجتماع الناس من جميع القبائل لمشاهدتها، واستطاع سنوحي اغتال خصمه، وفرح الأمير بذلك وضمه إلى صدره.

يتحدث بعد ذلك سنوحي عن حنينه إلى وطنه (مصر) ورغبته في العودة إليها، وأن يدفن في ترابها، ويحكي سنوحي حتى الملك (سنوسرت) قد فهم بحاله وأصدر قرارًا بالعفوعنه والسماح له بالعودة إلى مصر، ويصف رحلة عودته إلى الوطن واستقبال الملك له، كما يصف محاورة الملك للملكة متعجبًا من حتى سنوحي أصبح يظهر «كأسيوي من نسل أهل البدو»، واندهاش الملكة وأبناء الملك من تغير مظهره، قائلين: «حقًا كأنه ليس هوأيها الملك» ليرد الملك: «حقًا إنه هو».

ثم يتحدث سنوحي عن طمأنة الملك له، ويصف جمال المكان الذي أقام فيه في القصر الملكي، وحالة الرخاء التي عاشها هناك، وتحدث عن بناء مقبرة فخمة له، وعيشه متنعمًا بالكرم الملكي حتى وفاته.

التفسير

أنتجت سيرة سنوحي الكثير من الأعمال الأدبية التي تستكشف الموضوعات الواردة في العمل من وجهات نظر عديدة. تم تشبيه نطاق وتنوع هذه الأعمال بتحليل هاملت وأعمال أدبية أخرى بارزة. يناقش الفهماء سبب فرار سنوحي من مصر، حيث ينسب الغالبية ذعره لتهديد محتمل. الحكاية مليئة بالتلميحات الرمزية. يُنظر إلى اسم سنوحي ("ابن الجميز") على أنه يوفر رابطًا مهمًا في فهم السيرة. الجميز هي شجرة حياة مصرية قديمة، مرتبطة بحتحور (إلهة الخصوبة والولادة وراعية البلدان الأجنبية)، والتي تظهر طوال السيرة.

يقع سنوحي تحت المدار الواقي للقوى الإلهية، في شكل الملك أولاً، الذي يحاول الهروب منه، والملكة، وهي تمثل حتحور. عند الفرار من مصر، يعبر سنوحي ممرًا مائيًا مرتبطًا بالإلهة ماعت، وهي الإلهة المعبرة عن الحقيقة والنظام والعدالة، بالقرب من شجرة الجميز.

آمن المصريون القدماء بالإرادة الحرة، المضمنة في قانون ماعت، لكن هذا يسمح مع ذلك للنعمة الإلهية بالعمل داخل ومن خلال الفرد، ويمكن العثور على مثال للعناية الإلهية الكاملة في رحلة سنوحي وعودته إلى وطنه. لعدم قدرته على الهروب من مدار قوة الآلهة ورحمتها، يهتف سنوحي: "سواء كنتُ في محل الإقامة، أوكنت في هذا المكان، فأنت الذي يغطي هذه الأفق".

اقترح وجود موازاة بين السرد الكتابي ليوسف وسيرة سنوحي. في ما يُنظر إليه على أنه عناية إلهية، يهرب سنوحي المصري إلى كنعان ويصبح من النخبة الحاكمة، ويحظى بزوجة وعائلة، قبل حتى يتم لم ضمه مع عائلته المصرية. في ما يُنظر إليه على أنه عناية إلهية، يُنقل يوسف الكنعاني إلى مصر حيث يصبح من النخبة الحاكمة أيضا، ويكتسب زوجة وعائلة، قبل حتى يتم لم ضمه مع عائلته الكنعانية. وقد استُمدت أوجه الشبه أيضاً من نصوص كتابية أخرى: رحلة النبي العبري يونان المحبط من مدار قوة الله تشبه هرب سنوحي المماثل من الملك. تشبه المعركة بين داود وجالوت معركته مع منافس عظيم، يذبحه بضربة واحدة، ويُشَبِّه مَثَل الابن الضال بعودته إلى وطنه.

التأثير على الثقافة الحديثة

نشر نجيب محفوظ، المحرر المصري الحائز على جائزة نوبل، في عام 1941 سيرة بعنوان عودة سنوحي، وترجمها ريمون ستوك في عام 2003 إلى الإنجليزية باسم The Return of Sinuhe في مجموعة قصص قصيرة لمحفوظ بعنوان Voices from the Other World. وتستند السيرة مباشرة على سيرة سنوحي، على الرغم من إضافة تفاصيل عن رومانسية ثلاثية الحب لا تظهر في السيرة الأصلية.

شكلت السيرة أيضًا جزءًا من الإلهام لرواية المصري عام 1945 لـ ميكا فالتري، وفيلم هوليوود عام 1954 بنفس الاسم، وعلى الرغم من حتى الأحداث تجري في عهد الأسرة الثامنة عشر وبالتحديد فترة حكم الفرعون أخناتون، إلا حتى العمل يضم شخصية بارزة تسمى سنوحي، والذي يفر من مصر في خزي، ويعود بعد حتى حقق نجاحًا ماديًا وخلاصًا شخصيًا في بلاد أجنبية.

أشارت إليزابيث بيترز إلى السيرة في روايتها The Falcon at the Portal.

ألف محرر الأغاني والمغني الكوبي سيلفيورودريغيز أغنية بعنوان "Sinuhe" (سنة 2003) المضمنة في ألبومه A Date with the Angels (بالإسبانية: Cita con los Angeles). استخدمت الحدثات شخصية سنوحي كمجاز للعظمة الفكرية السابقة للشرق الأوسط وتُصَوِّر على النقيض من الصراعات والحروب المعاصرة في المنطقة.

المراجع

• Barta, M. 2003 Sinuhe, the Bible and the Patriarchs, Czech Institute of Egyptology/David Brown Book Company.
• Greig, G. S. 1990. "The sDm=f and sDm=n=f in the Story of Sinuhe and the Theory of the Nominal (Emphatic) Verbs", in: Israelit-Groll, I. (ed.), Studies in Egyptology. Presented to Miriam Lichtheim, Vol. I. Jerusalem: Magnes Press/Hebrew U., 264–348.
• Kitchen, K. A. 1996. “Sinuhe: Scholarly Method versus Trendy Fashion” BACE 7, 55–63.
• Mahfouz, Naguib. "The Return of Sinuhe" in Voices from the Other World (translated by Robert Stock), Random House, 2003
• Meltzer, E. S. 2004. "Sinuhe, Jonah and Joseph: Ancient ‘Far Travellers' and the Power of God", in: Ellens, J. H. et al. (eds.), God's Word for Our World, vol. II. Theological and Cultural Studies in Honor of Simon John De Vries (London-New York: Clark/Continuum), 77–81.
• Morschauser, S. 2000. "What Made Sinuhe Run: Sinuhe's Reasoned Flight" JARCE 37, 187–98
• Parkinson, R. B. 1997. The Tale of Sinuhe and Other Ancient Egyptian Poems 1940–1640 BC (Oxford World Classics). Oxford: Oxford U. Press.
• Quirke, Stephen. 2004. Egyptian Literature 1800BC: Questions and Readings, London, 58–70 (ردمك 0-9547218-6-1) (translation and transcription)
• Tobin, V. A. 1995. "The Secret of Sinuhe" JARCE 32, 161–78.

روابط خارجية

• ترجمة للإنجليزية تتضمن تفاصيل عن مصادر للترجمة، والنص الأصلي بالهيراطيقية والكتابة الهيروغليفية.
• Oxford Life of Sinuhe هي قراءة القصيدة بأكملها لباربرا إيوينج.

سنوحي في المشاريع الشقيقة

---

• صور وملفات صوتية من كومنز