الثأر هوحتى يقوم أولياء الدم «أقارب القتيل» بقتل القاتل نفسه أواغتال أحد أقاربه انتقاماً لأنفسهم دون حتى يهجروا للدولة حق إقامة القصاص الشرعي. والقتل وفقاً لأعراف القبائل إما حتىقد يكون نتيجة لهزة مستثارة ، مثلاً «اثنان واقفان في السوق ، وشتم الأول الثاني فحصل بينهما مهاترات فحصل حتى اغتال الأولُ الثاني» أونتيجة لأمر معيب بما يسمى عند بعض القبائل بالعيب الأسود أوالأجذم بمعنى حتى يقتل رجل رفيقه في السَّير أويقتل نسيبه أويقتل مَتِيْعَهُ (وهومَنْ تَشَارَكَ معه في الطعام) ، أويقتل امرأة أوطفلاً مما تعارفت عليه القبائل اليمنية..

تعتبر ظاهرة الثأر من أخطر الظواهر الاجتماعية التي عانت منها المجتمعات البشرية ، وهي قديمة قِدَمَ الوجود البشري على سطح البسيطة. وتعتبر من أخطر ما يهدد سلامة وأمن وسكينة المجتمعات ، كما تعتبر العدوالأول للتنمية والتطوير. وهذه الظاهرة من أعقد وأصعب الظواهر التي تؤثر في حياة المجتمع اليمني ، وتعد من أسوأ العادات الاجتماعية الموروثة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وتعيق عملية التنمية في البلاد وتؤدي إلى سفك دماء الكثير من الأبرياء وإلى قيام الكثير من الحروب والنزاعات القبلية ؛ ولذلك فقد أصبح من الضروري دراسة هذه المشكلة دراسة فهمية جادة تجسد إرادة الدولة القوية وتوجهاتها الجادة لمعالجة هذه الظاهرة والحد منها وترسيخ الأمن والاستقرار في أراتى البلاد.

الثأر في اللغة

جَاءَ فِيْ لِسَانِ الْعَرَبِ لاِبْنِ مَنْظُوْرٍ: الثَّأْرُ وَالثُّؤْرَةُ: الذَّحْلُ. قَالَ اِبْنُ سِيْدَةَ: الثَّأْرُ: الطَّلَبُ بِالدَّمِ ، وَقِيْلَ: الدَّمُ نَفْسُهُ ، وَالْجَمْعُ: أَثْآرٌ وَآثَارٌ ، عَلَىْ الْقَلْبِ. وَقِيْلَ: الثَّأْرُ: قَاتِلُ حَمِيْمِكَ ، وَالاِسْمُ: الثُّؤْرَةُ. قَالَ الأَصْمَعِيُّ: أَدْرَكَ فُلاَنٌ ثُؤْرَتَهُ: إِذَا أَدْرَكَ مَنْ يَطْلُبُ ثَأْرَهُ. وَيُقَالُ: ثَأَرْتُ الْقَتِيْلَ وَبِالْقَتِيْلِ ثَأْرَاً وَثُؤْرَةً ، فَأَنَا ثَائِرٌ: أَيْ قَتَلْتُ قَاتِلَهُ. وَالثَّائِرُ: الَّذِيْ لاَ يُبْقِيْ عَلَىْ شَيْئٍ حَتَّىْ يُدْرِك ثَأَرَهُ. وَأَثْأَرَ الرَّجُلُ وَاِثَّأَرَ: أَدْرَكَ ثَأْرَهُ. وَثَأَرَ بِهِ وَثَأَرَهُ: طَلَبَ دَمَهُ. وَيُقَالُ: ثَأَرْتُ فُلاَنَاً وَاِثَّأَرْتُ بِهِ: إِذَا طَلَبْتَ قَاتِلَهُ. وَالثَّائِرُ: الطَّالِبُ. وَثَأَرْتُ الْقَوْمَ ثَأْرَاً: إِذَا طَلَبْتَ بِثَأْرِهِمْ. قَالَ اِبْنُ السِّكِّيْتِ: ثَأَرْتُ فُلاَنَاً وَثَأَرْتُ بِفُلاَنٍ: إِذَا قَتَلْتَ قَاتِلَهُ. وَثَأْرُكَ: الرَّجُلُ الَّذِيْ أَصَابَ حَمِيْمَكَ. وَالْمثْؤُوْرُ بِهِ: الْمَقْتُوْلُ. وَتَقُوْلُ: يَا ثَارَاتِ فُلاَنٍ: أَيْ يَا قَتَلَةَ فُلاَنٍ.

ظاهرة الثأر في بعض المجتمعات العربية

تنتشر هذه الظاهرة في المجتمعات القَبَلِيَّة ، والتي تتميز بقوة العصبية القبلية فيها. ومن هذه المجتمعات القبائل العربية عموماً ، والمنتشرة في جميع أراضي الوطن العربي الكبير. وتزداد هذه الظاهرة حدثا ازدادت مظاهر وجود القبيلة. ومن النماذج الأكثر وضوحاً في هذا المجال: المجتمع اليمني ، ومجتمع صعيد مصر.

وظاهرة الثأر من العادات السيئة ، ومن بقايا الجاهلية التي كانت منتشرة في الناس قبل الإسلام ، فلما أشرق الإسلام بتعاليمه السمحة ، قضى على هذه الظاهرة وشرع القصاص ، حيث يطبق بالعدل ، ويقوم به ولي الأمر ، وليس آحاد الناس حتى لا تكون الحياة فوضى•.

وتعتبر اليمن نموذجاً فريداً ومميزاً لهذه المجتمعات القبلية المشبعة بـظاهرة الثأر القبلي ، إذ يغلب الطابع القبلي على البنية الاجتماعية اليمنية ، وتشكل ظاهرة الثأر محوراً أساسياً ارتبط وجوده بوجود القبيلة اليمنية.

ويحصد الثأر أراوح آلاف اليمنيين خلال سنوات قليلة. إلى غير ذلك يعمل أينما حل ، في أية دولة أوقبيلة أومجتمع.

خصائص الثأر

  • عهد أصحاب الجاهلية حتى الثأر لا يتقادم بتقادم الزمان والسنوات استناداً لقول أحد الشعراء الجاهليين (بحر الطويل):

وَقَدْ يَنْبُتُ الْمَرْعَىْ عَلَىْ دِمَنِ الثَّرَىْ *** وَتَبْقَىْ حَزَازَاتُ النُّفُوْسِ كَمَا هِيَ

أوكما تشير إلى ذلك بعض الأمثلة المرتبطة بالثقافة الجاهلية:
«الثأر نقطة دم لا تتعفن ولا تسوس» ، «الآخذ بثأر أبيه بعد أربعين سنة مستعجل». بمعنى أنه ينبغي حتى يظل هذا الإنسان حاملاً لهذه الفكرة مهما مَرَّتِ السنوات وتَقَادَمَتِ الأزمنة ، وأنهُ مَوضِعُ وَصِيَّةٍ مِنَ الآباءِ للأبناءِ.
وفي ذلك يقول أحد الشُّعَرَاء حاثَّاً أولاده على الأخذ بثأره - وقد وَصَفَ خُصُومَهُ بالغِرْبَان:
قَالَ اَبَوْ حَسَّانِ يَا رِزْحِ ظَهْرِيْ *** لاَ نِسِيْتُوْنِيْ فِمَا اِنْتُوْ عِيَالِيْ
عَابَتِ الْغِرْبَانِ بَعْدِ الْقَوَاعِدْ *** بَاتِقَاضِيْ الدَّيْنِ سِوْدِ اللَّيَالِيْ

المذمة والعار لمن تخلف عن الثأر

  • الأمر الثاني من خصائص ظاهرة الثأر حتى التخلف عن القيام بهذا الواجب الجاهلي كما يعتقد أصحابه يُوصَفُ بالمَذَمَّة والعار ، حيث ينطق عنه: «لا يأخذ بثأر ولا يحمي عار» ، أوينطق باللهجة المصرية: «ياما الخِلْفَة النَّدَامَة تِجِيب لأهلها العار».
  • الأمر الثالث من خصائص ظاهرة الثأر: أنه لا مجال للصلح لدى بعض القبائل التي تنتشر فيها عادة العصبية ، فإذا قُتِلَ قتيل على سبيل العمد فلا مجال للصلح لديهم.

وإلى ذلك تشير بعض الأشعار الشعبية «حصلت سيرة في منطقة لودر التي كانت في الماضي تابعة لمحافظة أبين وهي اليوم إحدى مديريات محافظة البيضاء. فكان هناك أحد المشائخ اسمه الحيدري مضى للتوسط في قضية اغتال ، فأخذ هَجِيْمَاً ، والهَجِيم هومجموعة من الثيران والأغنام والمواشي ، ومضى إلى أهل القتيل فنطقوا له : «أيش تشتي (تريد) ياحيدري» نطق: «أشتي (أريد) تعفوا عن القاتل» ، فأجابوا عليه بزامل يقول:
الْحَيْدَرِيْ يِذْرَا حَصَمْ فِيْ حَيْدَ اَصَمْ *** هُوْ شِيْ حَصَىْ يِنْبَتْ عَلَىْ ظَهْرَ الصَّفَاهْ
بَعْدَ الْخَضِرْ وَالْجِسْمِ ذِيْ بَيْنَ الأَصَمْ *** مَرْسَمْ بِمَرْسَمْ مَاجَرَىْ يِجْرِيْ وَرَاهْ
فهم يقولون له: يا حيدري ، اِلْعَبْ لك في الفاضي فليس هناك مجال حتى نعفوعن القاتل الذي قَتَلَ لنا قريباً عمداً وعدواناً ، فليس هناك مجال للصلح في هذه القضية.
على الرغم حتى الإسلام نادى إلى الصلح والعفووهناك الكثير من الأمثال الشعبية التي ترتبط بثقافة العصبية الجاهلية ، فأصحاب هذه الثقافة يجيزون لأنفسهم حتى يُقْتَلَ البريء بجريرة القاتل ؛ ولذلك كانوا يقولون: «يَعْمَلْهَا الأَقْرَع ويَتَحَمَّلْهَا أَبُوشَعر» ، بمعنى حتى هذا الرجل اغتال من هذه القبيلة فينبغي حتىقد يكون بدلاً عنه أحد أقاربه. «إن لقيت الغريم وإلا ابن عمه» ، «الجَمَل الطَّارِف سُفْيَانِي» «مَنْ لِقِيْت جَزَرْت». فهذه بعض المعاني التي تستشف من الثقافة الجاهلية السائدة في بعض المناطق التي تنتشر فيها العصبية والتي تؤدي إلى انتشار ظاهرة الثأر واتساع نطاقها حيث يقول بعضهم: «إِنْ ماتَ الغريم فابن عمه يَقْضِي ويُسَلِّف» مع حتى الله سبحانه وتعالى نطق في كتابه : «وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىْ». بمعنى جميع نفس تتحمل ما ارتكبته من إثم.

  • أما الأمر الرابع من خصائص هذه الظاهرة ، فيتمثل بعدم نَصْبِ قبر القتيل ؛ كيقد يكون ذلك أمراً مُذَكِّرَاً لهم بالقيام بالواجب الذي يجب عليهم حتى يقوموا به وفقاً لمعتقداتهم.
  • فيما الأمر الخامس: حَثُّ النساءِ الرجالَ على الأخذ بالثأر ، فالأم لا تزال تقرأ في مسامع وليدها حتى الله سبحانه وتعالى يبلغها حتى يبلغ هذا الطفل مبلغ الرجال كي يأخذ بثأر أبيه من خصومه ، فهذه امرأة جاهلية تذكرنا بأن هذه العادة هي أصلاً من عادات الجاهلية الأولى التي ظهرت نتيجة لضعف أولقصور التمسك بأحكام الدين الإسلامي حيث تقول:

يَا خَيْرَ مُعْتَمَدٍ وَأَمْنَعَ مَلْجَأٍ *** وَأَعَزَّ مُنْتَقِمٍ وَأَدْرَكَ طَالِبِ
جَاءَتْكَ وَافِدَةُ الثَّكَالَىْ تَغْتَلِيْ *** بِسَوَادِهَا فَوْقَ الْفَضَاءِ النَّاضِبِ
هَذِيْ خَنَاصِرُ أُسْرَتِيْ مَسْرُوْدَةً *** فِيْ الْجِيْدِ مِنِّيْ مِثْلَ سِمْطِ الْكَاعِبِ
فهي قد قَطَعَتِ الأصابعَ الصِّغَارَ للقَتْلَى وسَوَّتْهُنَّ عِقْدَاً في رَقَبَتِهَا مِنْ أجل إثارة الحَمِيَّة في قَومِهَا ليثأروا لمن قُتِلَ منهم.

  • والأمر السادس في خصائص هذه العادة الجاهلية: اعتراف بعض المجتمعات المحلية به والتحريض عليه ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، والتي لا تزال تُتَنَاقَلُ بين مَنْ يحملون هذه الفكرة وبين من يعتقدون بصحتها ؛ ولذلك يقول أَحَدُهُم: «لَطْمَ الْوِجِيْهَ اَسْلاَف» ، أي إِنْ لَطَمْتَ وَجْهِيْ لاَ بُدَّ أَنْ أَلْطِمَ وَجْهَكَ. قتلتَ فلاناً فلا بُدَّ أَنْ أَقْتُلَكَ». إلى غير ذلك «إِذَا كُنْتَ عَطْشَانَ فَقَدْ آنَ لَكَ».

الفرق بين الثأر والقِصَاص

  • هناك فرق واضح بين الثأر والذي يعتبر عصبية جاهلية ، وبين حكم الله الذي شرعه لنا المُتَمَثِّلُ بحكم القصاص حيث يؤخذ في القصاص بشخصية العقوبة ، بمعنى أنَّ الذي يُقْتَل هوالقاتل الذي ثبت ارتكابه للجريمة بعد محاكمة شرعية عادلة يَثْبُتُ مِنْ خلالها بيقينٍ أنَّ هذا هوالذي قَتَلَ فلاناً ، وبذلك نقيم عليه القصاص.
  • فيما الشيء الثاني: حتى القصاص تقيمه الدولة بعد محاكمةٍ عادلةٍ ، فيما الثأر تقوم به القبيلة أوالشخص أخذاً بالمَضَنَّة ، ودون حتىقد يكون هناك مرشد قاطع بأن فلاناً هوالذي ارتكب هذه الجريمة.
  • والشيء الثالث: في هذه المفارقات هوحتى في القصاص تتكافأ دماء المسلمين في القَدْرِ والمنزِلَة ، ولذلك يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (الْمُؤْمِنُوْنَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ ، وَيَسْعَىْ بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ ، وَهُمْ يَدٌ عَلَىْ مَنْ سِوَاهُمْ».
  • الشيء الرابع: حتى القصاص يهدف إلى معاقبة الجاني بِمِثْلِ عملِهِ ورَدْعِهِ وزَجْرِ غيرِهِ وتطهيره من الإثم ؛ لأن العقوبة كما ثبت لدى فقهاء الشريعة أنها ردع وزجر وتطهير للجاني من الإثم الذي لحقه جراء ارتكابه للجريمة.
  • والشيء الخامس: حتى القصاص يحسم تداعيات الفتن ، فكأنما توضع هذه الجمرة من النار في الماء فتنطفئ ؛ ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى: «وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ». أما الثأر فإنه بداية لِتَفَجُّرِ الدماء وتَعَاقُبِ أحداثِ الثأر ؛ ولذلك نقول: إِنَّ الدَّمَ لايُوَلِّدُ إلا الدَّمَ ، والعُنْفَ لا يُوَلِّدُ إلا العُنْفَ ، والفَنَاءُ عُمْلَةٌ مُتَدَاوَلَةٌ بينَ طَرَفَيِ الصِّرَاعِ.
  • الشيء السادس: حتى الصلح أمر مقبول وجائز في الشرع الإسلامي أوفي القصاص ، بمعنى حتى أولياء الدم يُسْتَرْضَوْنَ لكي يعفوا عن القاتل ، أما في الثأر فلا مجال للعفوفيه.

موقف الإسلام من الثأر

لقد وضع الله سبحانه وتعالى في جرائم الحدود والقِصَاص عقوبات ، ولم يهجر للناس تقديرها ؛ نظراً لأهميتها. وساوى بين الناس جميعاً ، فليس هناك فرق بين الناس ومراتبهم وأقدارهم ، فهي متساوية ، فلا فرق بين وضيع أوشريف ولا غني أوفقير لقوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِيْ الْقَتْلَىْ الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ». وجميع الشرائع السماوية نَصَّتْ على عقوبة القتل ، فليس هناك مجال لكي نتخلص من هذا الجزاء كونه سَيُجَسِّمُ تداعيات الفتن لقوله تعالى : «وَلَكُمْ فِيْ الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِيْ الأَلْبَابِ».
والأمرُ الآخَرُ: إذا مما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة ، حتى الدماء هي أول أمر يقضي الله سبحانه وتعالى فيه بين الناس يوم القيامة وهذا يشير على حتى لهذه الدماء حرمة ، والرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول : «أَوَّلُ مَا يُقْضَىْ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيْ الدِّمَاءِ».
فالله سبحانه وتعالى قد تَوَعَّدَ مرتكبها بالخلود في جهنم ، وليس له توبة هذا عند بعض الفقهاء الذين نطقوا: لا توبة للقاتل عمداً وعدواناً ، ومنهم ابن عباس ، نطق: لأن هذه الآية كانت آخر ما هبط من آيات القرآن الكريم ، فلم يوجد لها ناسخ ، والآية هي: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنَاً مُتَعَمِّدَاً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدَاً فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابَاً عَظِيْمَاً».
وهذه القضية يشير إليها ويؤكدها قول النبي (صلى الله عليه وسلم): «كُلُّ ذَنْبٍ عَسَىْ اللهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلاَّ الرَّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّدَاً أَوِ الرَّجُلُ يَمُوْتُ كَافِرَاً». وقوله (ص): «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَىْ اللهِ مِنْ قَتْلِ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ».

أسباب الثأر

للثأر مسببات عديدة ، أهمها:

  • النزاعات والخلافات الجغرافية.
  • انتشار السلاح.
  • ضعف الوازع الديني.
  • ضعف الدولة المركزية.
  • ضعف أداء الجهاز الأمني ، وضعف الدولة في ضبط الجناة الذين يقومون بقتل الغير.
  • ضعف أداء جهاز القضاء ، وغياب العدل ، وانتشار الفساد والرشوة والمحسوبية ، وضعف تطبيق سلطة القانون.
  • الأسباب السياسية والتوظيف السياسي: عندما كان الإمام يضرب قبيلة بقبيلة أخرى ، فمثلاً ضرب الإمام قبيلة قيفة بخولان ، ثم ضرب خولان بقيفة ، وهذه القضية هي أثر من آثار السياسة التي استخدمها الإمام ولا تزال بعض حوادثها قائمة حتى الآن.
  • الحروب القبلية.
  • عدم القبول بالترافع أمام أجهزة القضاء وعدم الإبلاغ عن أسماء الجناة.
  • اتساع قضايا القطاع القبلي.
  • مبدأ التكايل بالدم والذي كان مبدأً جاهلياً انتشر بين أهل الجاهلية.
  • انتشار ظاهرة الرُّبَاعَة القبلية ، أي حتى يَفِرَّ القاتلُ إلى قبيلة أخرى فَيَتَرَبَّعُ بها ، أي يلتجئ إليها ويطلب حمايتها. مع الفهم حتى من الأعراف القبلية أعراف وعادات حميدة ، وفي هذه الحالة يطلق على هذا الرجل الطالب للرباعة اسم: ربيع ، والربيع نوعان: ربيع الغَوَى ، ورَبِيع السَّوَى ، أما الأول (ربيع الغَوَى) فهوالظالم المخطئ الذي يطلب الحماية ، وأما الثاني (ربيع السَّوَى) فهوالمظلوم المغلوب على حقه.
  • العصبية القبلية وانتشار بعض الأعراف والعادات القبلية السيئة الأخرى ، ومنها: اغتال غير القاتل.
  • غيرها من الأسباب الثانوية.

العصبية والثأر

لا شك حتى العصبية القبلية تلعب دوراً هاماً في تجذير ظاهرة الثأر في المجتمعات القبلية ، فمن الملاحظ حتى المناطق التي تقوى فيها العصبية القبلية وترتفع أهمية الانتماء القبلي فيها ، فإن نسبة الثأر تكون أكثر ارتفاعاً من المناطق التي تقل فيها العصبية القبلية.

ظاهرة الثأر والسياسة

يرى الكثير من الباحثين والمهتمين بقضايا الثأر حتى للدولة دور كبير في غرس وتفريخ قضايا الثأر في المجتمعات ، وذلك لكسب ولاءات قبلية جديدة ، أولإقامة تحالفات جديدة ، أولضرب أطراف سياسية منافِسَة.

حيث تسعى الدول لغرس الفتن والقلاقل وسط القبائل لتشغلها عن موضوع السلطة ، وهذا الأمر ينطبق على الحالة اليمنية تماماً ، والدارس لتاريخ اليمن يلاحظ استخدام الأئمة الزيدية لهذا الأسلوب خلال فترات حكمهم لبعض أجزاء اليمن خلال الفترة التاريخية من سنة (284هـ) وإلى سنة (1382هـ الموافق 1962م).

كما اتخذت الدولة من ظاهرة الثأر عصا غليظة لكسر شوكة القبائل وترويضها ، فضربت بعضها ببعض.

كما حتى ظهور الأحزاب السياسية خلق ولاءات وانتماءات جديدة ، وهذا الوضع ابتكر عصبية حزبية وممضىية ساهمت في وجود ظاهرة الثأر وفي تعزيزها.

علاج ظاهرة الثأر

  • تعزيز الوازع الديني لدى الأفراد.
  • قيام الدولة بواجباتها تجاه المجتمع.
  • تعزيز دور الجانب الأمني.
  • تفعيل دور جهاز القضاء ، وتطهيره من الفساد الإداري والسياسي ، وتمكين أجهزة العدالة من القيام بواجباتها ومهامها بعيداً عن الضغوط القبلية والسياسية.
  • القضاء على ظاهرة حمل السلاح ، من خلال تنظيم حمل وحيازة السلاح.

أهم الدراسات

إن ظاهرة الثأر من الظواهر الاجتماعية التي بحاجة لدراسات شاملة وعميقة لها ، ولهذا نجد ندرة في الدراسات المتخصصة التي تتناول هذه الظاهرة تناولاً شاملاً من حيث الأبعاد: التاريخية ، والجغرافية ، والدينية ، والاجتماعية ، والقَبَلِيَّة ، والسياسية ، والجنائية ، والقضائية ، والنفسية ، وغيرها من الأبعاد التي ترتبط بهذه الظاهرة الخطيرة.

ونظراً لندرة المصادر ؛ وشحة المراجع ؛ ولأن ظاهرة الثأر بحاجة لدراسات ميدانية ومعايشات واقعية ؛ ولصعوبة التقاء العينات الحقيقية والواقعية للثأر ؛ ونظراً لنفور أصحاب الثأر من اللقاءات الصحفية وللالتقاء بالدارسين والباحثين ، ولتفضيلهم حتى تظل قضاياهم بعيداً عن الأضواء ؛ ولوجود محظورات أمنية حول البحث في بعض القضايا ، ولوجود اتجاهات ودوافع سياسية معينة في الأنظمة السياسية التي تحكم المناطق التي تنتشر فيها ظاهرة الثأر ؛ ولوجود قوى قبلية لها حساباتها الخاصة ؛ نظراً لجميع الأسباب السابقة فإن دراسة ظاهرة الثأر تحيطها المصاعب من جميع الجوانب والاتجاهات.

ومع هذا نجد دراسات خرجت إلى النور ، منها ما قَيِّمٌ وثَمِين ، ومنها ما يحتوي الغَثَّ والسَّمِين ، ومنها ما يعيد المُعَاد ويُكَرِّرُ المُكَرَّر ، ومنها ما يكادقد يكون عديم الجدوى والفائدة.

ومن الدراسات التي تناولت ظاهرة الثأر:

  • الثأر: إبراهيم مصباح.
  • الثأر في صعيد مصر: زكريا هميمي.
  • ظاهرة الثأر دراسة دعوية: عبد الباسط أحمد محمد حسن.
  • فعالية الاجرءات الأمنية في الحد من جرائم الثأر: فيصل بن عايض العتيبي
  • رحلة مع الثأر: سراج النلساوي.
  • ظاهرة الثأر في المجتمَعَين اليمني والمصري للدكتور أحمد علي جندب.

انظر أيضا

  • نقود الدم

مراجع

  1. ^ الجمهورية نت - الثأر ..ظاهرة تعيق جهود التنمية في مأرب والجوف - استطلاع : أنور العامري[وصلة مكسورة]نسخة محفوظة 09 يناير 2014 على مسقط واي باك مشين.
  2. ^ راجع: لسان العرب لابن منظور - مادة: ثأر.
  3. ^ http://alwaei.com/topics/view/article_new.php?sdd=397&issue=447
  4. ^ www.aleshteraki.net نسخة محفوظة 12 مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  5. ^ والبيت لشاعر أُمَوِيّ يُدعَى أبوالهذيل ، زُفَر بن الحارث بن عمروبن معاذ الكِلاَبِيّ (? - 75 هـ / ? - 695م) ، وهوأمير ، من التابعين ، من أهل الجزيرة ، كان كبير قيس في زمانه ، شهد صِفِّينَ مع معاوية أميراً على أهل قِنِّسْرِيْنَ ، وشهد سقطة مَرْجِ رَاهِط مع الضحاك بن قيس الفِهْرِيّ ، وقُتِلَ الضحاكُ ، فهربَ زُفَرُ إلى قَرْقِيْسِيَا (عند مَصَبِّ نهر الخَابُور في الفُرَاتِ). ولم يزل متحصناً فيها حتى توفي ، وكانت وفاته في خلافة عبد الملك بن مروان ، نطقَ البغداديُّ: في بضعٍ وسبعين. راجع: الوافي بالوفيات للصفدي - ترجمة زفر بن الحارث الكلابي.
  6. ^ الدِّمَنُ: الأَبْوَالُ وَالأَبْعَارُ تَكُوْنُ وَرَاءَ الْبُيُوْتِ ، فَإِذَا جَاءَ عَلَيْهَا الْمَطَرُ أَعْشَبَتْ. ومعنى البيت: يقول: تحتَ الظاهرِ مِنَ البِشْرِ الحِقْدُ والسَّخِيمَةُ ، إلى غير ذلك الدِّمَنُ الذي يظهر فوقَهُ النَّبْتُ مُهْتَزَّاً وتحتَهُ الفسادُ.
  7. ^ الْحَزَازَاتُ: جَمْعُ حَزَازَةٍ ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِيْ الصِّحَاحِ: الْحَزَازَةُ: وَجَعٌ فِيْ الْقَلْبِ مِنْ غَيْظٍ وَنَحْوِهِ. ضَرَبَهُ مَثَلاً لِرَجُلٍ يُظْهِرُ مَوَدَّةً وَقَلْبُهُ نَغِلٌ بِالْعَدَاوَةِ. انظر: الصحاح - مادة: حزز.
  8. ^ الْقَوَاعِدُ: الاِتِّفَاقَاتُ وَالأَحْكَامُ الْمَكْتُوْبَةُ ، وَالَّتِيْ تَمَّ فِيْهَا الْبَتُّ فِيْ قَضِيَّةِ الْقَتْلِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ.
  9. ^ والشعر السابق للشيخ صالح جُبرَان ، مِنْ منطقة الأَعمَاس بقبيلة الحَدَاء ، وللشعر حيثيات وسيرة ممتعة ذكرها "علي بن علي الرويشان" في كتابه شهادة من الريف ، فارجع إليه.
  10. ^ سورة الأنعام ، الآية: 164.
  11. ^ الشِّعرُ لشاعرة تُدعَى: خُوَيلَة الرِّئَامِيَّة (90 - 20 ق.هـ / 535 - 603م) ، وهي شاعرة جاهلية ، عجوز من بني رِئَام من قُضَاعَة ، وكانت لها أَمَة من مُوَلَّدَات العرب تسمى زَبْرَاء ، وكان يدخل على خُوَيلَة أربعون رجلاً كلهم لها مَحْرَم ، بنوإخوة وبنوأخوات ، وكانت خُوَيلَة عقيماً ، وكان بنوناعب وبنوداهن متظاهرين على بني رِئَام ، فاجتمع بنورئام ذات يوم في عرس لهم وهم سبعون رجلاً كلهم شجاع بَئِيس ، وكانت زَبْرَاء كاهنة فنطقت لخُوَيلة: انطلقي بنا إلى قومك أُنْذِرُهُمْ ، فانطلقَتْ خُوَيلَة تتوكَّأُ على زَبْرَاءَ إلى القوم ، فَأَنْذَرَتْهُمْ زَبْرَاءُ ، ولكنهم لم يصدقوها ، وارتابَ قومٌ من ذوي أسنانهم ، فانصرف منهم أربعون رجلاً وبقي ثلاثون فرقدوا في مشربهم ، وطرقتهم بنوناعب وبنوداهن فقتلوهم أجمعين ، وأقبلت خُوَيلَة مع الصباح فوقَفَتْ على مصارعهم ، وعمدت إلى خَنَاصِرِهِمْ فَقَطَعَتْهَا ، واِنْتَظَمَتْ منها قِلاَدَة وألقتها في عنقها ، وخرجَتْ حتى لحقت بمَرْضَاوِيِّ بن سَعْوَة المَهْرِيِّ وهوابن أختها فنطقت تُحَرِّضُهُ على الانتقام (بحر الكامل):
    يَا خَيْرَ مُعْتَمَدٍ وَأَمْنَعَ مَلْجَأٍ *** وَأَعَزَّ مُنْتَقِمٍ وَأَدْرَكَ طَالِبِ
    فخرجَ عليهم حتى أوجعَ فيهم.
    انتهى. راجع: الأمالي لأبي علي النطقي - الجزء الأول.
  12. ^ من أمثال العرب: إِنْ كُنْتَ عَطْشَانَ فَقَدْ أَنَىْ لَكَ ، أوردَهُ الميدانيُّ في مَجْمَعِ الأمثالِ ، ونطقَ: يُضرَبُ لطالبِ الثَّأْرِ. أي قد أَتَى لَكَ أَنْ تَنْتَصِرَ. وأَنَىْ وَآنَ: لُغَتَانِ فِيْ مَعْنَىْ حَانَ. راجع: مجمع الأمثال - فيما أوله همزة.
  13. ^ صحيفة الجمهورية ، العدد (13955) ، الأربعاء 16 يناير كانون الثاني 2008م ، لقاءة مع الدكتور أحمد علي جندب حول ظاهرة الثأر.
  14. ^ سورة البقرة ، الآية: 179.
  15. ^ سورة البقرة ، الآية: 178.
  16. ^ سبق تخريج الآية.
  17. ^ سورة النساء ، الآية: 93.
  18. ^ جائزة الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر لمكافحة ظاهرة الثأر | المجلس اليمني نسخة محفوظة 13 يناير 2014 على مسقط واي باك مشين.
  19. ^ Arabblogs.com نسخة محفوظة 13 يناير 2014 على مسقط واي باك مشين.
  20. ^ الثأر ناااار شبوة الملتهبة الثأر وأثره على أبناء شبوة...موضوه مهم للغاااااية [الأرشيف] - منتديـات العوالـق للموروث الشعبـي نسخة محفوظةستة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  21. ^ ظاهرة الثأر فى المجتمعين اليمنى والمصرى - خط Google نسخة محفوظةتسعة يوليو2015 على مسقط واي باك مشين.
تاريخ النشر: 2020-06-01 21:28:01
التصنيفات: انتقام, جرائم عنف, ظواهر, عنف, مصطلحات علم الاجتماع, جميع المقالات ذات الوصلات الخارجية المكسورة, مقالات ذات وصلات خارجية مكسورة منذ فبراير 2018, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P227, بوابة القانون/مقالات متعلقة, بوابة العصور الوسطى/مقالات متعلقة, بوابة علم الاجتماع/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

سوريا.. قتيل وإصابات بانفجار عبوة ناسفة شمالي حلب (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:17:11
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 92%

ملك هولندا يحجم عن استخدام عربة ملكية على خلفية استعمارية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:16:48
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 87%

ثورة كازاخستان تتمدد إلى دول آسيا الوسطى

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:22:33
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 93%

الصدر يصف مستهدفي السفارة الأمريكية في بغداد بـ"مدعي المقاومة"

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:16:44
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 100%

بين بورديار ونيتشه... مجدداً العدمية والإرهاب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:22:41
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 86%

التحالف العربي والملف اللبناني

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:22:27
مستوى الصحة: 98% الأهمية: 92%

واشنطن: مجمع السفارة الأمريكية في بغداد تعرض لهجوم إرهابي

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:17:03
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 88%

اليمن.. مقتل خبيري ألغام في الحديدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:17:09
مستوى الصحة: 91% الأهمية: 89%

وزير الصحة التركي: متحور "أوميكرون" هو السائد في تركيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:16:47
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 91%

ميرضيائيف: أحداث كازاخستان لا يمكن أن تتكرر في أوزبكستان

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:16:58
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

بطولة إنكلترا: الغازي من أستون فيلا الى إيفرتون معارًا

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-01-13 20:16:32
مستوى الصحة: 98% الأهمية: 94%

تحميل تطبيق المنصة العربية