الكفارة لغة جمعها كفارات، وأصلها الستر وتغطية الشيء، تقول كفرت القدر إذا غطيته وسميت بذلك لأنّها تستر الخطايا والذنوب الذي ارتكبها بعمله.

واصطلاحا الكفارة هي ما يكفر به الآثم من صدقة أوصلاة أوغير ذلك

أقسام الكفارة

تنقسم الكفارة إلى معينة ومرتبة ومخيرة وما جمعت الوصفين الترتيب ثم إذا عجز التخيير وكفارة الجمع.

• - المعينة: ككفارات الإحرام في الحج والعمرة.
• - المرتبة: ثلاث كفارات كفارة الظهار، كفارة القتل الخطأ، وكفارة من أفطر في قضاء شهر رمضان.
• - المخيرة:

كفارة من افطر في شهر رمضان وخلف النذر، وفي بعض اقسام صيد المحرم

• - وما جمعت الترتيب فإذا عجز فالتخيير فهي كفارة حنث اليمين.
• - وكفارة الجمع: كفارة من أفطر شهر رمضان على محرّم. وكفارة من اغتال مؤمنا عمدا وظلما.

مراتبها

يختلف ترتيبها والخيار بينها معلى الحسب الذنب المكفر عنه.

• - العتق: عتق رقبة سالمة من العيوب، صغيرة كانت أوكبيرة، ذكرًا أوأنثى أيا كان نوعها ولوغير مؤمنة، واشترط الأحناف حتى تكون مؤمنة.
• - الصيام: يجب عليه صوم شهرين متتابعين، ليس فيهما يوم عيد، ولا أيام تشريق، ويجب عليه التتابع إلا إذا أفطر ناسيًا أولغلط في العدد. أما إذا تعمد، فيجب عليه حتى يبدأ الصوم من جديد.
• - الإطعام: فإنه يطعم ستين مسكينًا، لكل مسكين غداء وعشاء، ومن عجز عن أي نوع من الكفارات، تلزمه في ذمته، وقضاؤها دين عليه متى استطاع، أوتيسر له.

أنواعها

فالكفارات المعهودة في الشرع خمسة أنواع: كفارة اليمين، وكفارة الحلق، وكفارة القتل، وكفارة الظهار، وكفارة الإفطار، والكل واجبة إلا حتى أربعة منها عهد وجوبها بالكتاب العزيز، وواحدة منها عهد وجوبها بالسنة.

كفارة اليمين

إذا أقسم الإنسان على شيء، وحنث في حلفه، بأن عمل ما حلف على هجره، أوهجر ما حلف على عمله، فتجب عليه كفارة اليمين، وهي الإطعام أوالكسوة، أوعتق رقبة، فإن لم يستطع، عمليه صيام ثلاثة أيام سواء أكانت متتابعة أم منفردة، نطق تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغوفي إيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أوكسوتهم أوتحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته من الممكن أنكم تشكرون [[[سورة المائدة]]:89].

واختلف في إخراج القيمة عن الإطعام والكسوة، فالجمهور على المنع، وأجازه أبوحنيفة، كما يرى الجمهور جواز تقديم الكفارة على الحنث وتأخيرها عليه، واستدلوا بقول النبي (: (من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرًا منها، فليكفر عن يمينه وليعمل). مسلم وأبوداوود والترمذي. ونطقوا: إذا تقديم الكفارة يجعل القدوم على الحنث لا يعتبر إقدامًا على غير مشروع أوإقدامًا في عمل الإثم، لأن تقديم الكفارة يجعل الشيء المحلوف عليه مباحًا، ولأن من قدَّم الحنث على الكفارة هوشارع في معصية، ولا يدري حتى يتمكن قبل موته من الكفارة أم لا، ولا يمنع ذلك عندهم جواز تأخير الكفارة، لقوله النبي (:(من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأتها، وليكفر عن يمينه) [مسلم]. ويرى أبوحنيفة حتى الكفارة لا تجب إلا بعد الحنث، لأن الكفارة سبب للحنث، لا تجب إلا بعد وقوعه، واستدل بقول النبي (:(فليكفر عن يمينه، وليعمل الذي هوخير) مسلم.

كفارة الحلق في الحج

نطق تعالى: {وَلاَ تَحْلِقُواْ رُءوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْىُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196].

نطق الحافظ ابن كثير: "وعامة الفهماء أنه يخير في هذا المقام، إذا شاء صام، وإن شاء تصدق بفَرْقٍ، وهوثلاثة آصع، لكل مسكين صاع، وهومُدّان، وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء"([14]).

وعن كعب بن عجرة نطق حُملتِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فنطق: (ما كنت أرى حتى الجهد قد بلغ بك هذا أما تجد شاةً ؟!) قلت: لا، نطق: (صُمْ ثلاثة أيام، أوأطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من طعام، واحلق رأسك).

نطق الخطابي: "قلت: هذا إنما هوحكم من حلق رأسه لعذر مِنْ أذىقد يكون به، وهورخصة له، فإذا عمل ذلك كان مخيراً بين الدم والصدقة والصيام".

كفارة القتل

تجب كفارة القتل في حالتين: في القتل الخطأ، وفي القتل العمد إذا عفا ولي الدم.

• أولا الكفارة في القتل الخطأ:

إذا عمل الإنسان شيءًا يُباح له، فقتل غيره خطأ، كأنقد يكون أراد الصيد فأصاب مسلمًا معصوم الدم، أوحفر حفرة، فتردى فيها إنسان غيره، أوعمل شيءًا كان السبب في اغتال غيره، ولم يكن يقصد إيذاء. فضلا عن غرض القتل، فهواغتال الخطأ، ويلحق بالقتل الخطأ القتل العمد الصادر من غير المكلف، كالصبي والمجنون، فتجب الكفارة حينئذ، ويجب حتى تكون الكفارة من مال القاتل، بالإضافة إلى الدية المخففة، إذا كان قادرًا. وكفارة القتل الخطأ تحرير رقبة مؤمنة، ولم تعد هناك رقاب في زماننا، فتكون كفارة القتل الخطأ مقصورة على صيام شهرين متتابعين، فإذا عثر العبيد في زمن عاد الحكم؛ نطق تعالى:{وما كان لمؤمن حتى يقتل مؤمنًا إلا خطئًا ومن اغتال مؤمنًا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلي أهله إلا حتى يصدقوا فإن كان من قوم عدولكم وهومؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلي أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليمًا حكيمًا [النساء: 92]. وإذا اشهجر اثنان فأكثر في اغتال رجل واحد خطأ، قيل يجب الكفارة على جميع واحد منهم، وقيل: يجب عليهم كلهم كفارة واحدة.

• الكفارة في القتل العمد:

إذا اقتص من القاتل العمد، فلا تجب عليه كفارة، فالقصاص كاف، أما إذا عفا أولياء القتيل، فتجب عليه الدية والكفارة. وجمهور الفقهاء يرون حتى القتل العمد ليس فيه كفارة؛ لأنه إثم كبير، تكفيره القصاص بقتل القاتل، نطق تعالى: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابًا عظيمًا [سورة النساء: 93]. ويرى الشافعية حتى الكفارة تجب في القتل العمد، لأن الكفارة إذا شرعت لتكفير الإثم في القتل الخطأ، فهي في القتل العمد أولى.

كفارة الظهار

الظهار هوقول الرجل لزوجته: أنت على كظهر أمي. وهونوع من أنواع الطلاق في الجاهلية، لأن الرجل يقصد به تحريم زوجته عليه، كما حرم عليه أخته وأمه، ولقد ظاهر أوس بن الصامت من زوجته خولة بنت ثعلبة، فلما مضىت تشتكي إلى رسول الله (نزل القرآن يوضح حكم الظهار في الإسلام، وأوضح كفارته. وقد اتى القرآن بكفارة الظهار، نطق تعالى: {والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما نطقوا فتحرير رقبة من قبل حتى يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير. فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل حتى يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم سورة المجادلة: 3-4. ولما اتىت خولة تشتكي إلى النبي (فنطق النبي (: (يعتق رقبة). نطقت للنبي (: لا يجد. فنطق النبي (: (فيصوم شهرين متتابعين). نطقت خولة: يا رسول الله (إنه شيخ كبير، ما به من صيام. نطق النبي (: (فليطعم ستين مسكينًا). نطقت خولة: ما عنده شيء يتصدق به، فأتى بعرق من تمر، فنطقت خولة: فإني سأعينه بعرق آخر. فنطق لها النبي (: (قد أحسنتِ، امضىي، فأطعمي بهما عنه ستين مسكينًا، وارجعي إلى ابن عمك). يقصد زوجها. [أبوداود].

كفارة الإفطار

تجب الكفارة على من جامع زوجته في نهار رمضان عمدًا؛ لأنه إفساد صوم رمضان خاصة بغرض انتهاك حرمة الصوم، من غير سبب مبيح للفطر. فعن أبي هريرة—نطق: اتى رجل إلى النبي (فنطق: هلكتُ يا رسول الله. نطق: (وما أهلكك ؟) نطق: سقطت على امرأتي في رمضان. نطق: (هل تجد ما تعتق رقبة ؟) نطق: لا. نطق:(فهل تستطيع حتى تصوم شهرين متتابعين؟) نطق: لا. نطق:(فهل تجد ما تطعم ستين مسكينًا). نطق: لا. نطق أبوهريرة: ثم جلس فأتى النبي (بعرق (مكتل) فيه تمر. نطق:(تصدق بهذا). نطق: فما بين لا بتيها أهل بيت أحوج إليه من منا ؟! فضحك النبي (حتى بدت نواجذه، ونطق: (امضى، فأطعمه أهلك).رواه الجماعة.

• أنواع كفارة الصوم:

كفارة الجماع في نهار رمضان ثلاثة أنواع: العتق، والصيام، والإطعام.

• تكرر الكفارة:

وتكرار الكفارة له حالتان:

• - حتى يجامع الرجل زوجته أكثر من مرة في يوم واحد، وهذا عليه كفارة واحدة باتفاق الفهماء.
• - حتى يتكرر الجماع في أكثر من يوم، وهذا عليه لكل يوم كفارة على الأرجح.

انظر أيضاً

• الاستمناء في الإسلام

مصادر

• كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع - كتاب الكفارات - لأبوبكر مسعود بن أحمد الكاساني.