نابليون بونابرت

عودة للموسوعة

نابليون بونابرت (بالفرنسية: Napoléon Bonaparte)‏ أونابليون الأوَّل (بالفرنسية: Napoléon Ier)‏ ومسماه الأصلي نابليوني دي بونابرته (بالإيطالية: Napoleone di Buonaparte) ( نطق فرنسي: [napɔleɔ̃ bɔnɑpaʁt] ؛ النطق الإيطالي: [napoleˈone di bwɔnaˈparte]) هوقائد عسكري وسياسي فرنسي إيطالي الأصل، بزغ نجمه خلال أحداث الثورة الفرنسية، وقاد عدَّة حملات عسكرية ناجحة ضدَّ أعداء فرنسا خِلال حروبها الثورية. حكم فرنسا في أواخر القرن الثامن عشر بصفته قنصلاً عامًا، ثم بصفته إمبراطورًا في العقد الأول من القرن التاسع عشر، حيث كان لأعماله وتنظيماته تأثيرًا كبيرًا على السياسة الأوروبية. هيمن نابليون على الشؤون الأوروبية والدولية خِلال فترة حُكمه، وقاد فرنسا في سلسلة فوزتٍ مُبهرة على القوى العسكريَّة الحليفة التي قامت في وجهها، فيما عُرف بِالحُرُوب النابليونية، وبنى إمبراطوريَّةً كبيرة سيطرت على مُعظم أنحاء أوروبَّا القاريَّة حتَّى سنة 1815 عندما سقطت وتفكَّكت.

وُلد نابليون في جزيرة كورسيكا لأبوين ينتميان لطبقة أرستقراطية تعود بجذورها إلى إحدى عائلات إيطاليا القديمة النبيلة. ألحقه والده "كارلوبونابرت"، المعروف عند الفرنسيين باسم "شارل بونابرت" بمدرسة بريان العسكرية. ثم التحق بعد ذلك بمدرسة سان سير العسكرية الشهيرة، وفي المدرستين أظهر تفوقًا باهرًا على رفاقه، ليس فقط في العلوم العسكرية وإنما أيضًا في الآداب والتاريخ والجغرافيا. وخلال دراسته اطلع على روائع كتّاب القرن الثامن عشر في فرنسا وجلّهم، حيث كانوا من أصحاب ونادىة المبادئ الحرة. فقد عهد عن كثب مؤلفات فولتير ومونتسكيووروسو، الذي كان أكثرهم أثرًا في تفكير الضابط الشاب. أنهى دروسه الحربية وتخرّج في سنة 1785م وعُين برتبة ملازم أول في سلاح المدفعية التابع للجيش الفرنسي الملكي. وفي سنة 1795 أعطيت له فرصة الظهور، ليبرز براعته لأول مرة في باريس نفسها حين ساهم في تعضيد حكومة الإدارة وفي القضاء على المظاهرات التي قام بها الملكيون، تساعدهم العناصر المحافظة والرجعية. ثم عاد في سنة 1797 ودعم هذه الحكومة ضد توجه حتى تكون فرنسا ملكية دستورية فبات منذ هذا التاريخ السند العملي لها ولدستور سنة 1795.

بزغ نجم بونابرت خلال عهد الجمهورية الفرنسية الأولى، عندما عهدت إليه حكومة الإدارة بقيادة حملتين عسكريتين موجهتين ضد ائتلاف الدول المنقضة على فرنسا، فانتصر في جميع المعارك التي خاضها، وتمكَّن من فتح شبه الجزيرة الإيطاليَّة خلال سنة، وأقام بها "جمهوريات شقيقة لفرنسا" بِتأييدٍ من بعض القوى المحليَّة، لِيُصبح بطلًا قوميًّا في فرنسا. سنة 1798، قاد نابليون حملةً عسكريَّةً على مصر في سبيل بتر طريق بريطانيا إلى الهند، وامتدَّت حملته هذه حتى بلغت الشام الجنوبية حيثُ حاصر مدينة عكَّا لكنه فشل في اقتحامها لمناعة استحكاماتها وصُمود واليها أحمد باشا الجزار، ومساندة الأسطول البريطاني لحامية المدينة، ثُمَّ حلول وباء الطاعون وفتكه بالجنود الفرنسيين، فاضطرَّ بونابرت إلى الانسحاب إلى مصر ثم عاد إلى أوروبا لاضطراب الأحوال في فرنسا. وفي سنة 1799، عزل بونابرت حكومة الإدارة وأنشأ بدلاً منها حكومة مؤلفة من ثلاثة قناصل، وتقلّد هوبنفسه منصب القنصل الأول؛ ثم أقام أحلافًا عسكريَّةً ودبلوماسيَّةً مع الفُرس والهُنُود والعُثمانيين في سبيل ضرب كُلٍ من المصالح البريطانيَّة في الهند، والمصالح الروسيَّة في الشرق الأوسط، وتعاون مع سُلطان مملكة ميسور فتح‌ علي خان تيپووأيَّدهُ بِجُنُودٍ ومعدَّاتٍ كثيرة خِلال حربه مع البريطانيين في الهند.

سعى نابليون، بعد ذلك، في إعلان نفسه إمبراطورًا، وتم له هذا بعدخمسة سنوات بإعلان من مجلس الشيوخ الفرنسي. خاضت الإمبراطورية الفرنسية نزاعات عدّة خلال العقد الأول من القرن التاسع عشر، عُرفت باسم الحروب النابليونية، ودخلت فيها جميع القوى العظمى في أوروبا. أحرزت فرنسا فوزات باهرة في ذلك العهد، على جميع الدول التي قاتلتها، وجعلت لنفسها مركزًا رئيسيًا في أوروبا القارية، ومدّت أصابعها في شؤون جميع الدول الأوروبية تقريبًا، حيث قام بونابرت بتوسيع نطاق التدخل الفرنسي في المسائل السياسية الأوروبية عن طريق خلق تحالفات مع بعض الدول، وتنصيب بعض أقاربه وأصدقائه على عروش الدول الأخرى.

شكّل الغزوالفرنسي لروسيا سنة 1812م نقطة تحول في حظوظ بونابرت، حيث أصيب الجيش الفرنسي خلال الحملة بأضرار وخسائر بشرية ومادية جسيمة، لم تُمكن نابليون من النهوض به مرة أخرى بعد ذلك. وفي سنة 1813، هزمت قوّات الائتلاف السادس الجيش الفرنسي في معركة الأمم؛ وفي السنة اللاحقة اجتاحت هذه القوّات فرنسا ودخلت العاصمة باريس، وأجبرت نابليون على التنازل عن العرش، ونفوه إلى جزيرة ألبا. هرب بونابرت من منفاه بعد أقل من سنة، وعاد ليتربع على عرش فرنسا، وحاول مقاومة الحلفاء واستعادة مجده السابق، لكنهم هزموه شر هزيمة في معركة واترلوخلال شهر يونيومن عام 1815م. استسلم بونابرت بعد ذلك للبريطانيين، الذين نفوه إلى جزيرة القديسة هيلانة، المستعمرة البريطانية، حيث أمضى السنوات الست الأخيرة من حياته. أظهر تشريح جثة نابليون حتى وفاته اتىت كنتيجة لإصابته بسرطان المعدة، على الرغم من حتى كثيرًا من الفهماء يقولون بأن الوفاة اتىت بسبب التسمم بالزرنيخ.

يُعدُّ نابليون أحد أبرز القادة العسكريين في التاريخ، وتُدرّّس حملاته العسكرية في الكثير من المدارس الحربية حول العالم، وعلى الرغم من حتى الآراء منقسمة حوله، حيث يراه معارضوه طاغية جبارًا أعاد الحكومة لامبراطورية ووزع المناصب والألقاب على أسرته ودخل مغامرات عسكرية دمرت الجيش، فإن محبيه يرونه رجل دولة وراعيًا للحضارة، إذ يُنسب إليه القانون المدني الفرنسي، المعروف باسم قانون نابليون، الذي وضع الأسس الإدارية والقضائية لمعظم دول أوروبا الغربية، والدول التي خضعت للاستعمار والانتداب الفرنسي في العصور اللاحقة، بحيثُ كان هذا القانون أكثر القوانين تأثيرًا في أوروبا والعالم مُنذُ سُقُوط الإمبراطورية الرومانية، وفي هذ يقول المُؤرخ البريطاني أندروروبرتس: «إنَّ الأفكار التي تُشكِّلُ جزءًا أساسيًّا من عالمنا (الغربي) المعاصر — كتولية الوظائف بناءً على الجدارة، والمُساواة أمام القانون، واحترام حق الملكيَّة، والتسامح مع الأديان والمذاهب، وفهمنة النظام التعليمي، وابتكار النظم المالية السليمة، وغيرها — كلها دوَّنت وابتدعت وأيَّدت ونشرت على يد نابليون. يُضاف إليها ما ابتكره من نظم الإدارة المحلية العقلانيَّة والفعَّالة، وقضاؤه على اللصوصيَّة الريفيَّة، وتشجيعه العلوم والفنون، وإفناؤه للإقطاعيَّة، وتدوينه أبرز القوانين منذ سقوط الإمبراطورية الرومانية».

نشأته وتعليمه

مولده وعائلته

"كارلوبونابرت"، أو"شارل بونابرت"، والد نابليون.
ماريا يتيسيا رامولينو، والدة نابليون.

وُلد نابليون في قصر آل بونابرت في بلدة أجاكسيوالواقعة بجزيرة كورسيكا، بتاريخ 15 أغسطس سنة 1769، أي بعد عام من انتنطق ملكية الجزيرة من جمهورية جنوة، إلى فرنسا. وهوالولد الثاني لأبويه من أصلثمانية أولاد. أطلق عليه والده اسم "نابليوني دي بونابرته" (بالإيطالية: Napoleone di Buonaparte) بادئ الأمر، تيمنًا بعمه الذي قُتل وهويُقاتل الفرنسيين دفاعًا عن بلاده، إلا حتى نابليون نفسه فضّّل لاحقًا بأن يُلفظ اسمه كما يُلفظ بالفرنسية، أي ناپوليون بوناپغت، وهذا ما جرت عليه العادة بين الناس. كذلك، كان اسمه يُلفظ "نابوليون" باللغة الكورسية.

تتحدر أسرة بونابرت من جذور إيطالية نبيلة، وقد قدم أفرادها كورسيكا من منطقة ليگوريا في شبه الجزيرة الإيطالية خلال القرن السادس عشر. كان والد نابليون، ومسماه "كارلوبونابرت"، يعمل محاميًا، وقد عُين لاحقًا ممثلاً لكورسيكا في بلاط الملك "لويس السادس عشر" في سنة 1777. تُعتبر والدة بونابرت، "ماريا يتيسيا رامولينو"، الشخص الذي كان له أكبر تأثير على تكوين شخصيته، إذ يُعهد عنها أنها كانت صارمة وشديدة الحزم، بينما كان نابليون صبيًا جامحًا، فكانت والدته غالبًا ما تقيد تصرفاته وتفرض عليه ما ينبغي حتى يقوم به وما يجب حتى ينتهي عنه، مما دفع البعض إلى القول حتى تربيته المنزلية بحد ذاتها كانت "تربية عسكرية". كان لنابليون شقيق أكبر منه سنًا هو"جوزيف"؛ و6 إخوة وأخوات أصغر منه سنًا، هم: "لوسيان"، و"إليسا"، و"لويس"، و"پولين"، و"كارولين"، و"جيروم". عُمّد نابليون في كاتدرائية أجاكسيوفي 21 أغسطس سنة 1771، أي بعد حتى بلغ عامه الثاني.

تعليمه

المدرسة العسكريَّة الكُبرى التي أُلحق بها نابليون.

سمحت جذور أسرة بونابرت النبيلة، إضافةً إلى يسار أفرادها ومعهدتهم الشخصية بذوي المناصب السياسية العليا، سمحت لنابليون حتى يخوض غمار ميدان الفهم والثقافة بشكل لم يكن متاحًا لأي إنسان كورسيكي عادي في ذلك الزمن. ففي شهر يناير من عام 1779، أُلحق نابليون بمدرسة للاهوت واقعة في مدينة "أوتون" على البر الرئيسي الفرنسي، حيث تعلّم اللغة الفرنسية، وفي شهر مايومن نفس السنة، ألحقه والده بمدرسة بريان العسكرية لإعداد البحّارة. تكلّم نابليون الفرنسية بلكنة كورسية واضحة، واستمر يلفظ الحدثات الفرنسية بهذه الطريقة طيلة حياته، ولم ينطق باللفظ الفرنسي السليم على الإطلاق. تعرّض نابليون للمضايقة والاستهزاء من قبل زملائه الفرنسيين في المدرسة، بسبب لكنته التي رأوها غريبة، ولهذا السبب تفادى الاختلاط معهم وإنشاء صداقات متينة، وكرّس تام وقته للدراسة. نطق أحد أساتذة المدرسة في نابليون أنه «دائمًا ما كان متفوقًا على زملائه في الرياضيات، وملمّ بالتاريخ والجغرافيا، إذا هذا الفتى لسوف يصبح بحارًا ممتازًا». أُلحق نابليون بالمدرسة العسكرية الكبرى (بالفرنسية: École Militaire)‏ في باريس، بعد حتى تخرّج من مدرسة بريان سنة 1784؛ وقد أدى هذا إلى القضاء على طموحه بأن يُصبح بحّارًا، الأمر الذي دفعه بأن يُفكر بالانضمام إلى البحرية الملكية البريطانية. لكنه عاد وعدل عن قراره، ودرس ليُصبح ضابط مدفعية، خصوصًا وأن والده كان قد توفي في تلك الفترة، الأمر الذي قلل من نسبة المصروف الذي كان يُرسل إليه، وأدّى لتراجع الوضع المادي للأسرة بشكل جعلهم غير قادرين على التكفل بأعباء ومصاريف الدراسة على أكمل وجه كما في السابق، فاضطر نابليون إلى إنهاء برنامجه الدراسي، الذي كان يمتد لسنتين في الأصل، خلال سنة واحدة فقط. أمتُحن نابليون قبل تخرجه على يد المفتش والعالم الشهير "بيير سيمون لاپلاس"، الذي قام بتعيينه لاحقًا، بعد وصوله إلى السلطة، في مجلس الشيوخ الفرنسي.

بداياته

نابليون المُقدَّم، في الثالثة والعشرين من عمره.

عُين نابليون عند تخرجه في شهر سبتمبر من سنة 1785، ضابطًا برتبة ملازم ثان في فوج المدفعية، وخدم في إحدى الحاميات في مدينتيّ ڤالينس وأوكسون إلى ما بعد قيام الثورة الفرنسية سنة 1789، على الرغم من أنه حصل خلال هذه الفترة على إجازة عسكرية دامت سنتين تقريبًا، أمضاها في التنقل بين باريس وكورسيكا. كان نابليون كورسيًا وطنيًا متطرفًا، وقد خط إلى القائد الكورسيكي "پاسكال پاولي" في شهر مايومن عام 1789 يقول: «لقد وُلدت في العهد الذي كانت فيه الأمة تحتضر. ثلاثون ألف فرنسيّ لُفظوا على شواطئنا، وأغرقوا عرش الحريّة بأمواج من دماء. هذا ما كان عليه ذاك المشهد البغيض الذي كان أوّل ما سقطت عليه عيناي».

أمضى نابليون السنوات الأولى من الثورة في مسقط رأسه بجزيرة كورسيكا، عالقًا في مهب الريح بين التيارات الثلاثة المتصارعة: الملكيّون، والثوّار، والكورسيكيون الوطنيون. وخلال هذه الفترة انضم إلى نادي اليعاقبة، ورُقي إلى رتبة مقدم، وترأس كتيبة من المتطوعين لمقاومة الجنود الفرنسيين الموالين للنظام الملكي. استطاع بونابرت حتى يُقنع القادة العسكريين في باريس، بعد حتى تجاوز فترة الإجازة الممنوحة له وقاد عصيانًا ضد فرقة من الجيش الفرنسي المعسكرة في كورسيكا، حتى يُرقوه لرتبة نقيب، وذلك في شهر يوليومن سنة 1792. وبعد حتى حصل نابليون على مراده، عاد إلى كورسيكا مرة أخرى، ليقع في نزاع مع القائد الوطني "پاسكال پاولي"، حيث حتى الأخير كان قد قرر الانفصال عن فرنسا، ووضع خطة وهيأ العدة لعرقلة المشروع الفرنسي القاضي بإقامة حملة على جزيرة "مادالينا" السردينية، حيث كان بونابرت أحد قوّاد الحملة. اضطر بونابرت حتى يهجر الجزيرة وعائلته في شهر يونيومن عام 1793 إلى البر الرئيسي الفرنسي، بسبب انفصال الجزيرة العملي عن الدولة الفرنسية.

حصار مدينة طولون

بونابرت عند حصار طولون.

في شهر يوليومن سنة 1793، قام نابليون بنشر كُتيب موال للنظام الجمهوري والنادىة إليه، يحمل عنوان "عشاء بوكير" (بالفرنسية: Le Souper de Beaucaire)‏، فحاز على إعجاب وتقدير "أوغسطين روبسبير"، وهوالشقيق الأصغر للقائد الثوري "ماكسمليان روبسبير"، فقام بدعم بونابرت في جميع المراحل اللاحقة التي اتخذها. كذلك حصل نابليون على دعم السياسي والدبلوماسي الفرنسي ذي الأصول الكورسية، "أنطوان كريستوف ساليسيتي"، فتم تعينه قائدًا لكتيبة مدفعية القوات الجمهورية عند حصار مدينة طولون، ذلك حتى هذه المدينة كانت قد ثارت على حكومة الجمهورية، واحتلتها القوّات البريطانية، لذا كان لا بد للحكومة الفرنسية حتى تخضعها من حديث لتفرض هيبتها ووجودها العملي أمام مواطنيها وأمام الأوروبيين على حد سواء.

وضع نابليون خطة لاستعادة المدينة المفقودة، مضمونها الاستيلاء على الهضبة التي تكشف على المدينة، وتمركز الجنود والمدافع عليها وتوجيه نيرانهم نحوالمرفأ، الأمر الذي يُجبر البريطانيين على سحب سفنهم. نُفذت هذه الخطة بنجاح باهر، حيث أخذت المدفعية الفرنسية تقصف المرفأ والسفن البريطانية الراسية وأحواضها، وأطلق الجنود الفرنسيون النار على جميع جندي بريطاني وأي إنسان عاون تلك الجنود، وأصيب نابليون عند الهجوم على المدينة بجراح في فخذه، لكنه قاتل حتى ظفرت الجنود الفرنسية بالنصر، وقد أدّت مهارة بونابرت الكبيرة في قيادة الجند خلال هذا الحصار إلى ترقيته لرتبة عميد، وهوما زال في الرابعة والعشرين من عمره. لفتت إنجازات بونابرت نظر المؤتمر الوطني، الذي كان يحكم فرنسا منذ إلغاء الملكية، فعُهد إليه بقيادة شعبة مدفعية الجيش الفرنسي المرابط على حدود إيطاليا. وفي هذه الفترة خطب نابليون فتاة تُدعى "ديزيريه كلاري"، وهي شقيقة "جولي كلاري"، زوجة أخيه الأكبر "جوزيف" منذ سنة 1794، وكان آل كلاري أسرة من التجار الأثرياء المرسيليين.

الثالث عشر من ڤاندميير

"ماكسمليان روبسبير"، أبرز أعضاء لجنة الأمن العام وممثلها ورئيس المؤتمر الوطني، وأحد أبرز داعمي نابليون.

بعد إعدام الملك "لويس السادس عشر" في مطلع سنة 1793 بسبب اتهامه بالخيانة العظمى، عثر المؤتمر الوطني حتى حالة البلاد تقتضي وضع السلطة بيد هيئة قليلة العدد تستطيع حتى تقرر وتنفذ بسرعة. لذلك انتخب لجنة من تسعة أعضاء أطلق عليها اسم "لجنة الأمن العام" ومنحها صلاحيات ديكتاتورية واسعة لتحافظ على الأمن في الداخل ولتردّ خطر الغزومن الخارج. وكان أعضاء هذه اللجنة من المتطرفين المعروفين أيضًا بالجبليين، فباشروا حكمهم بالبطش والإرهاب، ولمّا عارضهم المعتدلون طردوهم من المؤتمر الوطني وسجنوهم ونكّلوا بهم. ولمّا حاول أنصار المعتدليين في مناطق ليون ومرسيليا وبوردووغيرها حتى يثوروا على حكومة الإرهاب، أخضع الجيش تلك الثورة بمنتهى القسوة، وتشكلت محاكم خاصة تدعى "محاكم الثورة" لمحاكمة المتهمين، فقضت تلك المحاكم بالإعدام على عشرين ألفًا تقريبًا من النبلاء ورجال الدين والزعماء وزعماء الثورة السابقين والفهماء والرجال والنساء البارزين، مثل الملكة "ماري أنطوانيت" وغيرها. وكان بطل عهد الإرهاب "ماكسمليان روبسبير"، يعاونه شقيقه "أوغسطين"، وأخيرًا خشي أعضاء المؤتمر الوطني على أنفسهم من بطش روبسبير وقرروا حتى يتخلصوا منه، فدبروا انقلابًا ضده وقبضوا عليه وبتروا رأسه في 28 يوليوسنة 1794. وبإعدام روبسبير فقد نابليون أحد حماته وداعميه، فقُبض عليه وتقرر وضعه تحت الإقامة الجبرية في شهر أغسطس من سنة 1794 لعلاقته الوثيقة بالأخوين، وعلى الرغم من أنه أعيد إطلاق سراحه بعدعشرة أيام فقط، إلا أنه لم يُسمح له بالعودة مباشرةً إلى الخدمة في الجيش، وبقي مدرجًا على قائمة المشتبه فيهم. وفي شهر أبريل من سنة 1795، نُقل نابليون إلى "جيش الغرب" الذي كان يخوض حربًا أهلية في إقليم ڤونديه الواقع بغرب فرنسا على ساحل المحيط الأطلسي، ضد الموالين للنظام الملكي ومعارضي الثورة. عُين نابليون قائدًا عامًا لإحدى فرق المشاة، ولمّا كان ذلك يُعتبر إنزالاً لرتبته العسكرية، فقد ادعى السقم ليتفادى تعيينه على رأس أي فرقة، فتمّ نقله مرة أخرى إلى ديوان الطبوغرافيا التابع للجنة الأمن العام، وقد سعى عبثًا حتى يُنقل إلى الأستانة، عاصمة الدولة العثمانية، ليعرض خدماته على السلطان العثماني. وفي هذه الفترة خط بونابرت رواية رومانسية عنوانها "كليسون ويوجيني" (بالفرنسية: Clisson et Eugénie)‏، وهي تتحدث عن جندي وعشيقته، في تناظر واضح بينها وبين علاقة نابليون بخطيبته "ديزيريه". عُزل نابليون من منصبه كعميد في 15 سبتمبر، بسبب رفضه المشاركة في الحملة على إقليم ڤونديه، فساء وضعه المادي عمّا كان عليه، وضاقت آفاق مهنته.

يوم 13 ڤاندميير (بالفرنسية: Journée du 13 Vendémiaire)‏، نيران المدفعية أمام كنيسة القديس روش، بشارع القديس هونور في باريس.

وفي الثالث من أكتوبر، أعرب الملكيون في باريس العصيان على المؤتمر الوطني، بعد حتى تم استبعادهم من الحكومة الجديدة التي خلفت المؤتمر، وهي "حكومة الإدارة"، وقد سُميت هذه الحركة باسم "الحركة الترميدورية" تيمنًا بشهر "تيرميدور" وهوإحدى أشهر السنة وفق التقويم الفرنسي في ذلك الزمن. كان أحد قوّاد الحركة، ومسماه "بولس برّاس"، قد تابع إنجاز بونابرت العسكري في مدينة طولون، فمنحه قيادة القوّات المخصصة للدفاع عن المؤتمر والمرابطة حول قصر التويلري. وكان بونابرت قد شهد مجزرة حرس الملك السويسري هناك قبل ثلاثة سنوات، عندما قُتل 600 حارس من أصل 950 أثناء دفاعهم عن القصر ضد الثوّار، وأدرك حتى الوسيلة الفضلى للدفاع عنه هي باستخدام المدفعية. فأمر ضابطًا شابًا من سلاح الفرسان، يُدعى "يواقيم مراد"، بأن يُحضر ما تقع عليه يداه من المدافع الضخمة، حيث استخدمها في قصف المهاجمين وردهم على أعقابهم فيخمسة أكتوبر سنة 1795، الموافق في 13 ڤاندميير من السنة الرابعة، وفق التقويم الفرنسي. قُتل في الهجوم ألف وأربعمائة ملكيّ، ونجا من تظل منهم بحياته. يقول المؤرخ الإسكتلندي من القرن التاسع عشر، "طوماس كارليل"، في كتابه "تاريخ الثورة الفرنسية" حتى نابليون "طهّر الشوارع في ذلك اليوم بنفحة من مدفع".

أدّت هزيمة الملكيين على يديّ نابليون إلى القضاء على التهديد الذي كان يقلق راحة المؤتمر الوطني، وحصول بونابرت على شهرة مفاجئة ومكافئة مالية ضخمة مكنته من النهوض بنفسه مجددًا، وعلى دعم حكومة الإدارة حديثة النشأة؛ كذلك تزوّج الضابط "يواقيم مراد" بأصغر أخوات نابليون، وهي "كارولين"، والذي سيصبح في المستقبل أحد القادة في عهد حكم نابليون، رُقي نابليون إلى رتبة "لواء" وعُهد إليه مجددًا بقيادة الجيش الفرنسي المرابط على حدود إيطاليا. وخلال أسابيع من هذه الحادثة، تعلّق بونابرت بأرملة أحد قادة الثورة، المدعوة "جوزفين" من آل بوارنيه، وتزوجها بتاريختسعة مارس سنة 1796 بعد حتى فسخ خطوبته "بديزيريه كلاري".

الحملة الإيطالية الأولى

بونابرت على رأس جيشه خِلال إحدى معارك الحملة الإيطاليَّة سنة 1797.

بعد يومين من زقابل، سافر نابليون من باريس إلى شمال إيطاليا وقاد الجيش الفرنسي المرابط هناك في غزوناجح للأراضي الإيطالية، بعد حتى كان القتال قد تجدد بين فرنسا والنمسا المحتلة شمال شبه الجزيرة الإيطالية، فأحرز نابليون فوزًا باهرًا على النمساويين في "معركة لودي" وطردهم من منطقة لومبارديا. لكنه عاد وهُزم في "معركة كالدييرو" على يد القوات النمساوية التعزيزية بقيادة المشير "جوزيف ألڤنسكي"، إلا حتى بونابرت عاد وأمسك بزمام الأمور وحقق نصرًا حاسمًا على النمساويين في "معركة جسر أركول"، وتابع زحفه ليُخضع الدولة البابوية. عارض نابليون طلب الملحدين من أعضاء حكومة الإدارة، الذين طالبوه بدخول مدينة روما وخلع البابا، قائلاً حتى هذا الأمر سيؤدي إلى وجود حالة فراغ في السلطة قد تستغلها مملكة ناپولي لتفرض سيطرتها على تلك الناحية من شبه الجزيرة الإيطالية. وعوضًا عن ذلك، قام نابليون في شهر مارس من سنة 1797، بالتوجه على رأس جيشه إلى الأراضي النمساوية نفسها، حيث فرض على النمساويين إبرام معاهدة سلام مع فرنسا، فاضطروا إلى التسليم وتوقيع "معاهدة يوبن" التي اعترفت فيها النمسا بالاستيلاء على البلاد المنخفضة النمساوية وضفة نهر الراين اليسرى ولومبارديا في شمالي إيطاليا، كذلك وُضع بند سري في الاتفاقية تعهدت فيه فرنسا بضم جمهورية البندقية إلى النمسا. بعد ذلك زحف بونابرت على البندقية وأخضعها منهيًا استقلالها الذي دام 1,100 سنة؛ وسمح للجنود الفرنسيين حتى يغنموا وينهبوا ما تيسـّر لهم من النفائس، مثل تماثيل "أفراس القديس مرقس".

بونابرت على جسر أركول، بريشة البارون "أنطوان جون گرو" (قرابة سنة 1801)، متحف اللوفر، باريس.

كان للأساليب التي اتبعها نابليون، إضافة لتطبيقه الأفكار العسكرية التقليدية على أرض الواقع، أثر حاسم على فوزاته، ومثال ذلك تحويله سلاح المدفعية إلى سلاح متنقل يُسافر مع جيشه من مسقط لآخر، الأمر الذي سهل استخدامه ضد الجنود المشاة أكثر من مرة. وقد نطق نابليون عن تنظيماته العسكرية في الحملة خلال إحدى الأوقات: «شهدت ستين معركة ولم أتفهم شيئًا غير الذي أيقنته في المعركة الأولى؛ كمثل يوليوس قيصر الذي خاض معركته الأخيرة كما خاض الأولى». كان نابليون ماهرًا في فن الخداع والتجسس، حيث استطاع الفوز في عدد من المعارك بفضل اختياره لمواقع مخفية نشر فيها جنده، وهجريزه أعدادهم على الجوانب الضعيفة من جيش العدو. وكان يُعهد عن نابليون أنه طالما لم يستطع تطبيق استراتيجية التطويق المفضلة لديه، فإنه كان يجعل جنوده يتخذون المسقط الوسطي ويُهاجمون الفرقتين العسكريتين على يمينهم ويسارهم جميع على جانبها، ثم يستدير ليُطوق إحداها ويُقاتلها حتى تنسحب من الميدان، ثم يتحرك لقتال الأخرى. أسر الجيش الفرنسي خلال الحملة الإيطالية 150,000 جنديًا، وغنم 540 مدفعًا، و170 راية. خاض الجيش الفرنسي خلال هذه الحملة 67 معركة، وفاز بثماني عشر معركة مدفعية، بفضل المدافع الحديثة التي حازها وبفضل تنظيمات بونابرت واستراتيجياته.

أصبح لنابليون تأثير كبير على السياسة الفرنسية خلال فترة الحملة الإيطالية الأولى، فقد كان نشر صحيفتين إخباريتين مخصصتين للجنود من حيث الظاهر؛ لكنهما كانتا متداولتين بشكل واسع بين الشعب الفرنسي ولهما تأثير على الرأي العام؛ وفي شهر مايومن عام 1797 أسس صحيفة ثالثة حملت اسم "مجلة بونابرت وفضائل الإنسان" (بالفرنسية: Le Journal de Bonaparte et des hommes vertueux)‏، وقام بنشرها في مدينة باريس. وفي منتصف سنة 1797 جرت انتخابات نيابية حصل الملكيون بموجبها على النسبة الأعلى من الأصوات، الأمر الذي أدى إلى تمتعهم بمزيد من السلطات، وأثار جزع أعضاء حكومة الإدارة. هاجم الملكيون بونابرت معترضين على نهبه المدن الإيطالية، قائلين أنه تخطى صلاحياته وتجاوزها بشكل كبير عند قتاله النمساويين وإبرامه لمعاهدات معهم. فما كان من بونابرت إلا حتى أوفد اللواء "بيير أوجيرو" إلى باريس ليقود انقلابًا ويُطهر المدينة من الملكيين، وذلك بتاريخ 18 سبتمبر، الموافق في 15 فروكتيدور من التقويم الفرنسي. أدى هذا الانقلاب إلى إعادة الجمهوريين إلى الحكم واستعادتهم لسلطتهم المفقودة، إلا أنهم كانوا قد أصبحوا معتمدين على نابليون في جميع صغيرة وكبيرة، فكان وكأنه قد أصبح عمليًا الرجل الأول في فرنسا، فانصرف إلى إبرام معاهدة سلام مع النمساويين. أسفرت مفاوضات نابليون مع النمسا إلى إبرام "معاهدة كمبوفورميو" التي أقرت فيها الأخيرة بالتنازل عن المناطق التي دخلها الفرنسيون لصالح فرنسا. عاد بونابرت إلى باريس في شهر ديسمبر واستقبله الشعب الفرنسي استقبال الفاتحين، بعد حتى حاز على شهرة وصيت أوسع من ذاك الخاص بأعضاء حكومة الإدارة. وفي هذه الفترة التقى بونابرت بوزير خارجية فرنسا الجديد "شارل موريس آل تاليران"—الذي أبقاه نابليون في منصبه عندما أصبح امبراطورًا لاحقًا، وأخذا يُعدان العدة لغزوبريطانيا.

الحملة المصرية

لوحة "نابليون أمام أبوالهول"، بريشة "جان ليون جيروم" (قرابة سنة 1868)، محفوظة في قلعة هيرست بولاية كاليفورنيا، في الولايات المتحدة.

قرر بونابرت بعد شهرين من التخطيط، حتى البحرية الفرنسية لا تتمتع بالقوة الكافية التي تمكنها من لقاءة البحرية الملكية البريطانية في القناة الإنگليزية والتغلب عليها. لذا عرض على حكومة الإدارة القيام بحملة عسكرية على مصر واحتلالها للسيطرة على طريق بريطانيا إلى الهند والقضاء على مصالحها التجارية فيها. وكان بونابرت يأمل بأن يضع لفرنسا موطئ قدم في الشرق الأوسط ويُظهر للسكان ذوي الأغلبية الإسلامية أنه صديق للخلافة وحام للإسلام، الأمر الذي من شأنه حتى يؤثر في نفوس المسلمين حول العالم وبشكل خاص مسلمي الهند الخاضعين للملكة المتحدة، وسلطانهم "فاتح علي تيبو"، عدوالبريطانيين اللدود، مما يُسهل على نابليون التقرب إليه والتدخل في الهند وضرب مصالح بريطانيا فيها. وكان نابليون قد أكّد لأعضاء حكومة الإدارة أنه ما حتى ينتهي من فتح مصر يفترض أن يُسارع إلى إبرام علاقات مع الأمراء الهنود، وسوف ينجح، بمساعدتهم، على ضرب البريطانيين في أبرز مستعمراتهم. وقد نطق تاليران في تقرير له صدر في شهر فبراير من سنة 1798، موجه إلى حكومة الإدارة: «ما حتى نفتح مصر وننتهي من تحصينها، سنرسل جيشًا قوامه 15,000 رجل من السويس إلى الهند، للانضمام إلى قوات السلطان تيبو، ومعًا سنطرد الإنگليز من الهند». وافقت حكومة الإدارة على القيام بهذه الحملة، على الرغم من أنها لم ترتح لأبعادها ولا لتكلفتها، وذلك كي تُبعد بونابرت الذي غدا قائدًا مشهورًا عن مركز القرار في فرنسا. انتُخب نابليون في شهر مايومن سنة 1798 عضوًا في الأكاديمية الفرنسية للعلوم، وانضم إلى حملته المصرية ما مجموعه 167 عالمًا من فهماء الرياضيات، البيئة، الكيمياء، والجيوديسيا؛ وقد حقق هؤلاء عدد من الاكتشافات في مصر لعل أبرزها هواكتشاف حجر الرشيد، ونُشرت اكتشافاتهم في كتاب حمل عنوان "وصف مصر" (بالفرنسية: Description de l'Égypte)‏ وذلك في سنة 1809.

هبوط نابليون في مالطا.

وفي طريقه إلى مصر، عرج نابليون على جزيرة مالطا بتاريختسعة يونيوسنة 1798، وكانت هذه الجزيرة خاضعة لفرسان القديس يوحنا ذوي الأصول الفرنسية والبالغ عددهم 200 فارس، منذ عهد الحروب الصليبية، وكان هؤلاء الفرسان ناقمين على قائدهم المدعو"فرديناند زوبولهايم" بما أنه كان بروسي الجنسية وقد خلف قائدًا فرنسيًا، ورفضوا قتال الفرنسيين أشد الرفض، معتبرينهم إخوانهم من شحمهم ولحمهم. استسلم فرديناند للجيش الفرنسي بعد مقاومة رمزية، وكان من نتيجة ذلك حتى اكتسب نابليون مرفأً وقاعدة بحرية مهمة في البحر المتوسط، لقاء خسارته ثلاثة رجال فقط.

استطاع بونابرت ورجاله الإفلات من سفن البحرية الملكية البريطانية التي تعقبتهم منذ مغادرة فرنسا، ونزلوا أرض مصر في مدينة الإسكندرية في 1 يوليومن عام 1798، ووجّه نابليون في اليوم ذاته نداءً إلى الشعب المصري، وأصدرت الحملة نداءً إلى الشعب بالاستكانة والتعاون زاعمةً حتى نابليون قد اعتنق الإسلام وأصبح صديقًا وحاميًا للإسلام. استولى نابليون على أغنى إقليم في الدولة العثمانية، وطبقًا للنادىية الحربية أدعى أنه "صديقٌ للسلطان العثماني" وادعى أيضًا أنه قدم إلى مصر "للاقتصاص من المماليك" لا غير، باعتبارهم أعداء السلطان، وأعداء الشعب المصري. وهذا قسم من رسالة نابليون بونابرت الذي نادىه المؤرخون المسلمون "اللواء علي" إلى أهل مصر:

بونابرت يدخل الإسكندرية في الثالث من يوليوسنة 1798، بريشة "گيوم فرانسوا كولسون".

"، لا إله إلا الله، لا ولد له ولا شريك بملكه...

من طرف الجمهور الفرنساوي المبني على أساس الحرية، والسر عسكر الكبير بونابارته أمير الجيوش الفرنساوية، نعهد أهالي مصر جميعهم حتى من زمان مديد السناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية، يعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، ويظلمون تجارها بأنواع البلص والتعدي، فحضرت الآن ساعة عقوبتهم، وحسرت من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من جبال الأباظة والكرجستان يفسدوا في الأنطقيم الحسان ما يوجد في كرة الأرض كلها، فأما رب العالمين القادر على جميع شيء قد حتم في انقضاء دولتهم....

أيها القضاة والمشايخ والأيمة ويا أيها الشورباجية وأعيان البلد، قولوا لأمتكم: إذا الفرنساوية أيضًا مسلمين خالصين، وإثباتًا لذلك قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا بها كرسي البابا الذي كان دايمًا يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكولريية الذين كانوا يزعمون حتى الله يطلب منهم مقاتلة المسلمين، ومع ذلك الفرنساوية في جميع وقت كانومحبين الخاصَّ لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه أدام الله ملكه، وفي الخلاف المماليك امتنعوا من طاعة السلطان، غير ممتثلين إلى أمره، فما طاعوا أصلا إلا لطمع نفوسهم، طوبى ثم الطوبى إلى أهل مصر الذين يتفقون معنا، بلا تأخير، وينصلح حالهم وتعلا مراتبهم، طوبى أيضًا للذين يقعدون في مساكنهم، غيري مبالين لأحد من الفريقين المحاربين إذا يعهدونا بالأكثر يسرعون إلينا بكل قلب، لكن الويل ثم الويل للذين يتحدوا مع أوليك المماليك، ويساعدوهم في الحرب علينا، فما يجدوا طريق الخلاص، ولا يبقى لهم آثار...

أدام الله تعالى إجلال السلطان العثماني

أدام الله تعالى إجلال العسكر الفرنساوي

لعن الله المماليك

وأصلح حال الأمة المصرية."

معركة الأهرام، 21 يوليوسنة 1798، بريشة "فرانسوا لويس-جوزيف واتو"، حوالي سنة 1798 أو1799.

تغلّب الجيش الفرنسي بسهولة على المماليك، حكّام مصر القدامى، الذين هبّوا لقتال الفرنسيين بمجرد وصولهم للبلاد. وقد ساعد فوز بونابرت الأول على المماليك في فتح المجال أمامه للتخطيط لمعركته التالية معهم، التي سقطت بعد أسبوع من المعركة الأولى بالقرب من مدينة القاهرة، على بعدستة كيلومترات من أهرام الجيزة، وعُرفت باسم معركة الأهرام. حقق بونابرت فوزًا باهرًا على المماليك في هذه المعركة، على الرغم من أنهم فاقوا جيشه عددًا، فقد وصل عدد الخيالة المماليك إلى 60,000 فارس، بينما بلغ عدد الخيالة الفرنسيون 20,000، لكن القائد الفرنسي لجأ مرة أخرى إلى أساليبه الحربية الباهرة، فجعل الجنود الفرنسية تتخذ تشكيلات مربعة في وسطها جميع العتاد اللازم، فكان الفرنسيون يطلقون النار على المماليك من جميع الجهات دون توقف، ولم يستطع هؤلاء قتال الفرنسيين بطريقة فعّآلة لقدم أساليب قتالهم مقارنة بالأساليب الأوروبية الحديثة. أسفرت المعركة عن مقتل 300 جندي فرنسي وحوالي 6,000 مصري.

نابليون في القاهرة، بريشة جان ليون جيروم. محفوظة في متحف جامعة پرينستون للفنون.
معركة أبي قير البحريَّة بين الأسطولين البريطاني والفرنسي يوم 1 أغسطس 1798 في تمام الساعة العاشرة صباحًا، بريشة لوني طوماس.
الأمير "بشير الثاني الشهابي"، أمير لبنان من سنة 1788 حتى سنة 1840، التفت إليه جميع من بونابرت والجزار للمساعدة عند حصار عكا.

رأت الدولة العثمانية في احتلال بونابرت مصر اعتداءً عليها، ووقفت الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية الروسية إلى جانب الدولة العثمانية، وعرضوا على الباب العالي المساعدة العسكرية، برًا وبحرًا لإخراج الفرنسيين من مصر. وأصدر السلطان فرمانا نادى فيه جميع المسلمين للدفاع عن مهد الإسلام ضد الحملة الفرنسية، وقد أعرب البيان للشعب حتى الفرنسيين الخالعين لأي إيمان، المحرفين لكل ما مقدس في الدين، وفي البيانات الحكومية لأمتهم، أعربوا الحرب على الإسلام من أجل القضاء على المؤمنين، ما عدا النساء والأطفال، لتحويل هؤلاء إلى مشركين. إلا حتى هذا الفرمان لم يكن له التأثير المنتظر في نفس بونابرت، فقد اعتمد عند دخوله مصر على تعب الشعب من جور المماليك، وعلى انشغال جميع شبه الجزيرة العربية بحرب الوهابيين، وعلى عدم مبالاة الكثير من سكان بلاد الشام بسبب إرهاق الولاة العثمانيين لهم منذ حوالي القرن من الزمن. وأجاب بونابرت على الكلام الذي صبه عليه السلطان العثماني بأن جعل من الصيت الذي أطلقه عند دخوله البلاد، أي اعتناقه الإسلام، واقعًا أمام أعين الناس، وذلك كي يتبرأ من جميع الآثار التي خلفتها الحروب الصليبية في نفوس الشعب، وليقنع المسلمين بلاعدائيته تجاه دينهم تظاهر في القاهرة بإسلامه مؤديًا الفرائض الدينية. أصبح نابليون بونابرت بهذا حاكمًا مسلمًا اسمه "بونابردي باشا"، وكان يطلق عليه المسلمين اسم "علي نابليون بونابرت"، وكان يتجوّل وهومرتد الملابس الشرقية والعمامة والجلباب. وكان يتردد على المسجد في أيام الجمعة ويسهم بالشعائر الدينية مثل الصلاة، وكوّن نابليون ديوانًا استشاريًا مؤلفًا من المشايخ والفهماء المسلمين مكونًا من 11 عالمًا ويرأسه الشيخ "عبد الله الشرقاوي". خاب أمل الباب العالي في حتى يجعل من الحرب مع فرنسا حربًا وطنية، فاضطر بالتالي مع باشاواته حتى يخوضوها بقواهم الخاصة تُساندهم القوى الحليفة الأوروبية. وبتاريخ 25 يوليو، قام العثمانيون بإنزال بري في مرفأ أبي قير وقاتلوا الجنود الفرنسية قتالاً شديدًا، لكنهم لم يقدروا عليها، فانتصرت الأخيرة فوزًا ساحقًا.

وبتاريخ 1 أغسطس من نفس العام، كان الأسطول البريطاني بقيادة القبطان "هوراشيونيلسون"، قد أسر أودمّر جميع السفن الفرنسية، عدا سفينتين، في معركة أبي قير البحرية، فأُحبط بهذا مشروع بونابرت الهادف إلى إقامة مركز فرنسي ممتاز في حوض البحر المتوسط، إلا حتى جيشه كان قد نجح في بسط السلطة الفرنسية على مصر، على الرغم من تعرضه لانتفاضات ومقاومة مستمرة من قبل السكان. وما لبث حتى انضم الأسطول العثماني والروسي إلى جانب الأسطول البريطاني لقتال الفرنسيين وإخراجهم من مصر، ولمّا رأى بونابرت تجمع الأساطيل الحليفة في البحر المتوسط، عزم على مفاجأة الدولة العثمانية باحتلال بلاد الشام قبل حتى يستكمل العثمانيون استعداداتهم، فقام في أوائل سنة 1799 بتحريك 13,000 جندي من جيشه قاصداً سواحل الشام، فاحتل العريش وغزة ويافا والرملة وحيفا ووصل إلى صور في جنوب لبنان. كان الهجوم الفرنسي على مدينة يافا بالذات أكثر ضراوةً من غيره، فقد اكتشف نابليون بعد استسلام المدينة حتى كثيرًا من الذين كانوا يدافعون عنها هم في واقع الأمر أسرى حرب سابقون يعملون لقاء إطلاق سراحهم لاحقًا، فأمر بإعدام جميع أفراد الحامية و1,400 أسير حرب من الذين ساهموا بالدفاع عن المدينة، باستخدام الحراب أوعن طريق الإغراق، وذلك كي يوفر رصاص البنادق، وسمح لجنوده بنهب المدينة، فارتكبت الجنود الفرنسية عدّة فظائع طيلة ثلاثة أيام، حيث نهبت وقتلت الكثير من السكان. ومن بين جميع مدن الساحل الشامي الجنوبي، وحدها مدينة عكا صمدت في وجه بونابرت، فلم يستطع الجنود الفرنسيون اقتحام حصونها لمناعتها، كما كان واليها "أحمد باشا الجزار" قد زوّد حاميتها بالمدافع، وكان الأسطول الإنگليزي بقيادة أمير البحر "سدني سميث" يُساعد رجال الجزار. عندما تساوت قوى الفريقين، ووقف جميع من بونابرت والجزار يتربص بالآخر، التفت جميع منهما إلى أمير لبنان "بشير الثاني الشهابي"، فوجدا فيه مرجّحًا لكفة من يُساعده فيما يُقدمه الأمير من رجال ومؤن، فخط جميع منهما إليه: أما بونابرت فقد طلب إليه المساعدة ووعده بتوسيع حدود إمارته وتخليص بلاد الشام من حكم الجزار المتقلّب الذي دائما ما يخلف بوعوده ويغدر بمن حوله؛ وأما الجزار فأصرّ على الأمير حتى يمده بجيش ليقاوم الحملة الفرنسية، ووعده لقاء ذلك بإعادة مدينة بيروت إلى إمارته. لكن بشيراً اتخذ موقفًا محايداً من كلا الطرفين، فسكت عن الرد على رسالة بونابرت، وتجاهل المؤن التي زود بعض الأهالي بها الجيش الفرنسي، وردّ على الجزار يعتذر عن تقاعسه في نجدته، زاعماً حتى أهل البلاد امتنعوا عن طاعته بعد حتى بلغهم حتى الجزار عزله عن الحكم، وولّى مكانه أبناء سلفه، الأمير "يوسف الشهابي".

لوحة بعنوان: بونابرت يتفقد ضحايا الطاعون في يافا، (بالفرنسية: Bonaparte visitant les pestiférés de Jaffa)‏، بريشة "أنطوان جون گرو".

إزاء مناعة حصون عكا، ووصول النجدات العثمانية إليها، واشتراك الأسطول البريطاني في مساعدة العثمانيين، وشدة وطأة وباء الملاريا ثم الطاعون الذين فتكا بالجنود الفرنسيين فتكًا ذريعًا، اضطر بونابرت إلى حمل الحصار عن عكا والتراجع إلى مصر في شهر مايومن سنة 1799. ولكي يسرّع من تحرك الجيش، أمر بأن يُدس السم لكل جندي مُصاب بالسقم كي لاقد يكون هناك ما يُلكأ المسيرة. وقد نطق مؤيدونابليون حتى هذه المستوى كانت ضرورية نظرًا للمناوشات المستمرة التي قامت بها القوات العثمانية، وأنه بحال كان قد هجر أي من الجنود المُصابين على قيد الحياة لكان العثمانيون قتلوهم بعد حتى يعذبوهم عذابًا شديدًا.

العودة إلى فرنسا

بقي نابليون على اطلاع بالشؤون والأوضاع الأوروبية طيلة فترة وجوده في مصر، وذلك عن طريق مطالعته للصحف والبرقيات الفرنسية التي كان يتم توصيلها إليه بشكل متبتر. فاكتشف حتى الدول الأوروبية تألبت على فرنسا، فهزمتها في حرب الائتلاف الثانية واستردت منها ما كان قد كسبه. وبتاريخ 24 أغسطس سنة 1799، اغتنم بونابرت فرصة الانسحاب المؤقت للسفن البريطانية من على سواحل فرنسا وأبحر مسرعًا إليها، على الرغم من عدم تلقيه أية أوامر من باريس بالعودة، وهجر للواء "جون بابتيست كليبير" قيادة القوة الفرنسية. كانت حكومة الإدارة في واقع الأمر قد أوفدت إلى بونابرت تطلب منه الرجوع إلى فرنسا لصد أي هجوم أوغزومحتمل للبلاد، لكنه لم يفهم بذلك نظرًا لعدم وصول الرسالة إليه بسبب ضعف وسائل النقل والمواصلات في ذلك الزمن.

حكم فرنسا

رسم بريطاني ساخر يُصوّر انقلاب الثامن عشر من شهر برومير، بريشة "جيمس گيلراي".

كان الوضع العام في فرنسا قد تحسن بعض الشيء عند وصول نابليون في شهر أكتوبر، ذلك حتى الجمهورية كانت قد حققت سلسلة من الفوزات على بعض الدول المجاورة. إلا حتى ذلك هجرها مفلسة، وكانت حكومة الإدارة قد أصبحت ضعيفة منقسمة على نفسها، مكروهة من قبل الشعب. وما حتى فهم أعضاء الحكومة بعودة بونابرت حتى اجتمعوا لينظروا في توقيع العقوبة الملائمة عليه نظرًا لتخلفه عن تلبية نداء الواجب، عندما أوفدوا إليه بالرسالة التي طالبوه فيها بالعودة، إلا حتى الحكومة كانت قد بلغت من الضعف حدًا لم تستطع معه فرض أي عقوبة على قائد بحجم بونابرت.

عرض أحد أعضاء حكومة الإدارة، ومسماه "عمانوئيل جوزيف سيس"، على نابليون حتى يدعمه في انقلاب للإطاحة بالحكومة الدستورية وإقامة حكومة جديدة بدلاً منها، بعد حتى أصبحت الأولى شديدة الوهن ولا تقوى على النظر في شؤون البلاد والعباد. ضمت قائمة رؤساء هذه الخطة: "لوسيان بونابرت" شقيق نابليون؛ رئيس مجلس الخمسمائة "روجيه دوكو"؛ "جوزيف فوشيه" وهوعضوآخر من أعضاء حكومة الإدارة؛ وتاليران. وفي التاسع من نوفمبر، الموافق في الثامن عشر من شهر برومير—بحسب التقويم الفرنسي—كُلّف نابليون بحماية وضمان سلامة المستشارين التشريعيين، الذين نقلوا مركز أعمالهم إلى "قصر القديس كلو" (بالفرنسية: Château de Saint-Cloud)‏ الواقع في غرب باريس، بعد حتى سرت إشاعة مفادها حتى اليعاقبة يعقدون العزم على القيام بثورة والإطاحة بالمستشارين قبل حتى تبصر الحكومة الجديدة النور. وفي اليوم التالي، شعر أعضاء حكومة الإدارة أنهم كادوا حتى يتعرضوا لانقلاب في اليوم الفائت، فاستنكروا هذا العمل أشد الاستنكار، فما كان من نابليون إلا حتى قاد بضعة جنود وعزل أعضاء الحكومة بالقوة واستولى على الحكم وجعل مكان الحكومة القديمة حكومة جديدة مكونة من ثلاثة قناصل: "سيس"، "دوكو"، وهونفسه. وقد أيّد الشعب الفرنسي هذا التدبير.

عهد القنصلية

نابليون يعبر جبال الألب، بريشة "جاك لويس دايڤيد".
نابليون القنصل الأول، بريشة "أنطوان جون گرو".

كان سيس يعتقد بأنه سيُسيطر على الحكومة الجديدة بمنتهى السهولة، نظرًا لأنه هومن كان صاحب فكرة الانقلاب منذ البداية، إلا حتى نابليون كان أكثر دهاءً وأشد مكرًا منه، حيث قام بصياغة الكثير من مواد الدستور، الذي عُرف بدستور السنة الثامنة، بنفسه بشكل يضمن انتخابه لمنصب القنصل الأول، وبعد إجراء الانتخابات فاز نابليون بالمنصب سالف الذكر، فانتقل للسكن في قصر التويلري الذي اتخذ منه ملوك فرنسا مقرًا لهم في السابق. وبهذا أصبح بونابرت رسميًا أقوى إنسان في فرنسا.

بعد حتى تولى نابليون السلطة وأصبح قنصلاً، اهتم بدفع الخطر عن فرنسا، فقد كانت الدول الأوروبية، وخصوصًا النمسا، استرجعت أثناء وجوده في مصر جميع الأراضي تقريبًا، التي كان قد غنمها منها. فقام نابليون سنة 1800، بتجهيز جيش قوي في السر واجتاز به جبال الألب فوصل إلى شمالي إيطاليا. بدأت الحملة بشكل سيئ بالنسبة للفرنسيين بعد حتى ارتكب بونابرت بضعة أخطاء إستراتيجية؛ فقد تُركت إحدى الفرق العسكرية مُحاصرة في مدينة جنوة، لكنها استطاعت الصمود في وجه النمساويين وإشغالهم والاستيلاء على بعض مؤنهم. وقد جاز هذا الأمر، إضافةً للقوات الإضافية التي أتى بها اللواء الفرنسي "لويس دوزيه" في الوقت الملائم، جاز لنابليون حتى يتفادى الهزيمة الوشيكة ويحقق نصراً كبيراً على النمساويين في "معركة مرنگو". ترأس "جوزيف"، شقيق نابليون، مفاوضات السلام مع النمسا في مدينة لونڤيل، وفي أثناء إجراء المفاوضات أوفد إلى نابليون يقول بأن النمسا، تدعمها بريطانيا، لا تعترف بسلطان فرنسا على الأراضي التي اكتسبتها حديثًا. وفيما ازدادت حدّة المفاوضات، أصدر نابليون أوامره إلى اللواء "جون مورو" بأن يوجه ضربةً جديدة إلى النمسا، فعمل الأخير ما أُمر به وقاد فرنسا إلى النصر في "معركة هونليندن"، فاضطرت النمسا حتى تسقط على معاهدة السلام في شهر فبراير من سنة 1801، وأن تعيد إلى فرنسا ما كسبته منها إلى جانب بعض الأراضي الجديدة، وأن توافق على التدابير التي اتخذتها فرنسا من أجل تأمين سلامتها.

السلام المؤقت في أوروبا

وبعد انتهاء هذه الحرب مع النمسا، أقام بونابرت قاعدةً عسكرية في مدينة بولونيا البحرية الواقعة على ساحل بحر المانش، استعدادًا لغزوبريطانيا، إلا حتى كلتا الدولتين كانتا قد أنهكتا إنهاكًا شديدًا من الناحية البشرية والاقتصادية، بعمل الحروب المستمرة، فأبرمتا معاهدة أميان في شهر أكتوبر من عام 1801 وأكملتا التصديق على بنودها في شهر مارس من سنة 1802؛ وتضمنت هذه المعاهدة انسحاب القوات البريطانية من معظم المستعمرات التي احتلتها مؤخرًا في حوض البحر المتوسط خصوصًا. كانت هذه الفترة من السلم من أخصب أيام نابليون وأنفعها لفرنسا وللحضارة العالمية، لكنها بقيت غير مستقرة ولم تدم طويلاً؛ إذ حتى بريطانيا لم تنسحب من جزيرة مالطا كما كانت قد وعدت، واعترضت على ضم نابليون لإقليم بييمونتي الإيطالي إلى فرنسا وعلى إصداره لمرسوم الإصلاح الذي أنشأ بموجبه كونفدرالية سويسرية جديدة، على الرغم من حتى المعاهدة لم تنص على عدم جواز إتيان فرنسا مثل هذه الأفعال في تلك المناطق من أوروبا. تُوج هذا الخلاف بين الدولتين بإعلان بريطانيا الحرب في شهر مايومن سنة 1803، فقام نابليون باستكمال تجهيز القاعدة العسكرية في "بولونيا البحرية" بالرجال والعتاد اللازمة، وعقد العزم على غزوبريطانيا والقضاء عليها نهائيًا.

وفي تلك الأثناء كانت فرنسا تقابل معضلة في مستعمرة هاييتي الواقعة قبالة شواطئ أمريكا الوسطى، ذلك حتى نابليون كان قد أعاد إقرار صحة الإتجار بالرقيق في قانون 20 مايولسنة 1802 في جميع المستعمرات الفرنسية، ملغيًا بذلك قانون أربعة فبراير لسنة 1794 الذي كان قد قضى على العبودية نهائيًا في تلك المستعمرات، فثار سكان ذاك القسم من جزيرة هيسپانيولا، وبشكل خاص المستعبدين منهم، ثاروا على الفرنسيين وقاوموهم وتكبد كلا الطرفين خسائر بشرية كبيرة. أوفد نابليون، بعد حتى فهم بهذه الثورة، جيشًا ليستعيد السيطرة على القسم الغربي من الجزيرة المعروف باسم "القديس دومينيك"، وليُقيم قاعدةً فرنسية هناك، إلا حتى ذلك الجيش لم يستطع حتى يعمل شيئًا، إذ أُفني عن بكرة أبيه بعمل انتشار الحمى الصفراء بين الجنود وبسبب المقاومة الشديدة التي أبداها القادة العسكريون الهاييتيون، مثل اللواء "توسان لوفرتور" و"جان جاك ديسالين". وما حتى بدأت الحرب مع بريطانيا تلوح بالأفق، وتبين لبونابرت أنها واقعة قريبًا لا محالة، قام ببيع حصة فرنسا من الأراضي في أمريكا الشمالية إلى الولايات المتحدة، خصوصًا أنه لم يكن بالإمكان الدفاع عنها ضد البريطانيين بحال زحفوا عليها من مستعمراتهم الكندية شمالاً. أضف إلى ذلك حتى الخزينة الفرنسية كانت على شفير الإفلاس، وكانت الدولة بحاجة إلى موارد مالية تستطيع بواسطتها حتى تُنفق على الجيش في الحرب القادمة. حصلت الولايات المتحدة على الأراضي التي شكّلت مستعمرة لويزيانا الفرنسية لقاء أقل من ثلاثة سنتات للفدان الواحد (7.40$ للكيلومتر المربع).

الإصلاحات

القادة الروحيين للكنيسة الكاثوليكية يقسمون اليمين القانونية على احترام المعاهدة البابوية.
ميدالية جوقة الشرف الأصلية (1804).

كانت العلاقات الودية بين الدولة الفرنسية والكنيسة الكاثوليكية قد انبترت إبان الثورة. ولما تولى نابليون الحكم رأى حتى المصلحة تقتضي إعادة التفاهم بين الكنيسة وفرنسا. وبعد مفاوضات استمرت عدّة أشهر، عقد مع البابا "پيوس السابع" معاهدة بابوية في سنة 1801. فاعترف نابليون في هذه المعاهدة بالبابا رئيسًا للكنيسة وأزال بعض القيود التي فرضتها الثورة على رجال الدين. ولقاء ذلك اعترف البابا بمصادرة أملاك الكنيسة على حتى تدفع الدولة رواتب رجال الدين. ووافق البابا كذلك على حتى يختار نابليون الأساقفة وأن يُعين هؤلاء رجال الدين الذين هم دونهم. وبهذا الاتفاق عادت المياه إلى مجاريها بين فرنسا والبابا.

كان في فرنسا قبل الثورة ما يقرب من ثلاثمئة قانون يختلف الواحد منها عن الآخر. وكانت جميعها نافذة في المناطق الفرنسية المتنوعة. فألّف نابليون لجنة من كبار رجال القانون وطلب إليها توحيد الشرع الفرنسي. وبعد بضع سنوات من العمل الشاق أخرجت تلك اللجنة للعالم في سنة 1804 قانونًا مدنيًا عهد باسم "قانون نابليون" (بالفرنسية: Code Napoléon)‏ وهوينص على حقوق الأفراد وواجباتهم وعلى أمور الزواج وطلاق والميراث وغير ذلك. كذلك، أنشأ نابليون في سنة 1801 "مصرف فرنسا" (بالفرنسية: Banque de France)‏ ومنحه حق إصدار الأوراق المالية. فاستعاد النقد الفرنسي قيمته وثقة الناس به بعد حتى كانت تلك الثقة قد تزعزعت خلال الثورة.

كانت الثورة قد قضت على نظام الطبقات وجعلت الناس متساوين. ولكن نابليون أنشأ طبقة جديدة من أصحاب الامتيازات لا ترتكز على الحسب والنسب كالسابق، بل على الخدمات الجليلة الشأن التي يُقدمها الفرد لوطنه. وتكون هذه الامتيازات على شكل أوسمة وألقاب تُمنح لمستحقيها من رجال الفهم والأدب والسياسة والفن وغيرها. وعُرف هذا النظام باسم نظام "جوقة الشرف" (بالفرنسية: Légion d'honneur)‏، ولا يزال معمولاً به في فرنسا حتى الوقت الحاضر.

أدرك نابليون أهمية المدارس في توجيه النشأ فقرر حتى يجعلها في يد الدولة وتحت إشرافها، فوضع نظامًا للتعليم يتألف من ثلاث مراحل هي فترة التعليم الابتدائي وفترة التعليم الثانوي وفترة التعليم العالي. وكان يُطلق على معاهد التعليم العالي اسم "الجامعة" أو"جامعة فرنسا". وقد تمّ اختيار بونابرت سنة 1801 رئيسًا للأكاديمية الفرنسية للعلوم، فعيّن بدوره عالم الفلك والرياضيات جان باتيست جوزيف ديلامبر أمينًا دائمًا لها. ولمّا كان نابليون يُعين كبار موظفي الجامعة بنفسه فقد استطاع حتى يُخضع معاهد التعليم في فرنسا لإشرافه المباشر. وكان نابليون يفرض على المدارس حتى تُلقن طلابها الولاء والإخلاص للوطن والمحبة والطاعة لشخصه. وكانت الحكومة تنفق على معظم هذه المدارس وتعتبر المدرّسين فيها من موظفي الدولة. غير حتى هذا المنهاج لم يُنفّذ بكامله بسبب المبالغ الكبيرة التي يتطلبها تحقيقه، وبقي نصف الطلاب الفرنسيين تقريبًا يتلقون الفهم في المدارس الخاصة التي كان معظمها تابعًا للكنيسة الكاثوليكية. اتسعت سلطة نابليون مع ولادة دستور السنة العاشرة، حيث اتى في المادة الأولى منه: «إن الشعب الفرنسي يُسمي، ومجلس الشيوخ يُعلن نابليون بونابرت قنصلاً عامًا مدى الحياة». بعد ذلك لم يعد أحد يرمز إليه باسم "بونابرت" بل باسم "نابليون".

إن مشاغل نابليون الكثيرة لم تصرفه عن الاهتمام بالمشاريع العمرانية العامة. فأنشأ شبكة طويلة من الطرق وبنى الجسور وحفر الأقنية وطوّر شبكات الصرف الصحي وجفف المستنقعات ووسع المرافئ الكبيرة وجمّل مدينة باريس وشيّد في وسطها قوس النصر تخليدًا لذكرى فوزاته. ونشّط الزراعة والصناعة والتجارة والعلوم والفنون بمختلف الوسائل.

عهد الإمبراطورية

نابليون الأول على عرشه الامبراطوري (بالفرنسية: Napoléon Ier sur le trône impérial)‏، بريشة "جان أوغست دومينيك آنگر".

تعرّض نابليون بصفته حاكم فرنسا لعدد من المؤامرات الهادفة لاغتياله، والتي حاكها ضده الملكيون واليعاقبة، وقد ضمت هذه "مؤامرة الخناجر" (بالفرنسية: Conspiration des poignards)‏ في أكتوبر من عام 1800، و"مؤامرة شارع القديسة نيسيز" بعد شهرين من المؤامرة الأولى. وفي شهر يناير من سنة 1804، كشفت الشرطة مؤامرة جديدة تهدف للتخلص من بونابرت، كان أحد مخططيها هواللواء "جون مورو" الذي أخضع النمسا للشروط التي فرضتها عليها فرنسا في مفاوضات السلام بعد معركة مرنگوقبل ثلاثة سنوات من ذلك التاريخ، كما تبين حتى هذه المؤامرة كانت برعاية ومباركة آل بوربون، حكّام فرنسا السابقين. أمر نابليون باعتنطق دوق إنيان، المدعو"لويس أنطوان"، وهوأحد أقارب أسرة بوربون، بناءً على نصيحة من تاليران، على الرغم من حتى هذا الأمر كان يُشكل خرقًا لسيادة ولاية بادن الألمانية المجاورة، حيث كان الدوق يقطن. أعدم الأخير بعد محاكمة سرية، على الرغم من أنه لم يكن طرفًا في المؤامرة ضد نابليون.

نابليون يتوّج نفسه إمبراطورًا، بريشة "جاك لويس دايڤيد".

استغل نابليون هذه المؤامرات التي هدفت للقضاء عليه ليُبرر إلغاءه نظام القنصلية وإعادة إنشاء نظام ملكي وراثي في البلاد، يحمل فيه لقب الإمبراطور، وبهذاقد يكون أيضًا قد وضع الكثير من العوائق في درب آل بوربون، وجعل من الصعب عليهم حتى يعودوا للتربع على عرش فرنسا، خصوصًا وأن الخلافة البونابرتية ستكون قد أصبحت مرسخة في الدستور الفرنسي بعد قيام النظام الجديد. توّج نابليون نفسه إمبراطوراً بتاريخ 2 ديسمبر سنة 1804 في كاتدرائية نوتردام في باريس بحضور البابا، ثمّ توّج زوجته "جوزفين". وهناك رواية تفيد بأن نابليون قام بسحب التاج من يديّ البابا "پيوس السابع" أثناء الحفل وتوّج نفسه بنفسه كي لا يخضع للسلطة البابوية، إلا حتى معظم المؤرخين يقولون حتى هذه الرواية مشكوك بصحتها؛ إذ حتى إجراءات التتويج كان قد اتُفق عليها مسبقًا بحسب الرأي الغالب. تُوج نابليون ملكًا على إيطاليا بتاريخ 26 مايوسنة 1805 في كاتدرائية ميلان، ثم قام بإنشاء طائفة "مشيروفرنسا" (بالفرنسية: Maréchal de France)‏ المكونة من أكبر ألوية جيشه وأكثرهم إخلاصًا، ليضمن وفاء الجيش الدائم له. كان الموسيقار الألماني "لودڤيغ ڤان بيتهوڤن" من أشد المعجبين ببونابرت ونبوغه العسكري والسياسي، لكن أمله خاب عندما حوّل الأخير نظام الحكم في فرنسا إلى نظام إمبريالي، فقام بشطب البترة الموسيقية التي كان قد خطها ولحنها خصيصًا للقائد الفرنسي من سمفونيته الثالثة.

حرب الائتلاف الثالث

بينما كان نابليون يتهيأ لغزوبريطانيا في سنة 1805، كانت حكومتها قد أقنعت جميع من النمسا والإمبراطورية الروسية بالدخول معها في حلف لمحاربة فرنسا، وكان نابليون يُدرك عجز البحرية الفرنسية عن الدخول وجهًا لوجه في معركة مع البحرية الملكية البريطانية، لذا قام برسم خطة لاستدراج السفن البريطانية بعيدًا عن القناة الإنگليزية، حتى تتمكن السفن الفرنسية من قتالها بشكل أفضل. وكانت الخطة تقضي بأن تقوم البحرية الفرنسية بخرق الحصار البريطاني لمدينة طولون وبريست والتوجه نحوجزر الهند الغربية، المستعمرة البريطانية، والتهديد بقصفها، فتضطر عندئذ البحرية الملكية حتى تنسحب من على حدود بريطانيا الغربية للدفاع عن تلك المستعمرة، فتقوم فرنسا بالتعاون مع حليفتها إسبانيا بإرسال أسطول مشهجر للسيطرة على القناة لفترة تسمح بعبور الجيوش الفرنسية من شمال فرنسا إلى إنگلترا. إلا حتى فوز البريطانيين في معركة "رأس فينيستر" البحرية في شهر يوليومن سنة 1805، وانسحاب أمير البحر "پيير شارلز ڤيلنوڤ" إلى ميناء مدينة قادس، جعل نابليون يُدرك عجز قواته وعدم تمكنه من الوصول إلى بريطانيا لمحاربتها في عقر دارها.

معركة طرف الغار، بريشة "أوغست ماير"، 1836.
معركة أوسترليتز، بريشة فرانسوا جيرار، 1810.

بعد حتى غضّ نابليون الطرف عن غزوبريطانيا، أمر جيشه المتمركز بشمال فرنسا بالزحف سرًّا على ألمانيا، في حملة أطلق عليها اسم "حملة أولم"، فأحاط الجيش الفرنسي بالقوات النمساوية التي كانت على وشك حتى تُهاجم فرنسا، قاطعًا بذلك خطوط التواصل بينها، وهزمها هزيمةً كبيرة بتاريخ 20 أكتوبر سنة 1805. قبض الفرنسيون على 30,000 أسير في تلك المعركة، إلا أنهم منيوا بهزيمة ضخمة في اليوم التالي، عندما انتصر أمير البحر البريطاني "هوراشيونيلسون" على الأسطول الفرنسي في "معركة طرف الغار" قرب الشاطئ الإسباني، مما جعل بريطانيا تبسط سيطرتها على البحار. وبعد ستة أسابيع من هذه الحادثة، وفي اليوم الذي يوافق الذكرى الأولى لتربع بونابرت على العرش، هزم الجيش الفرنسي الجيشين النمساوي والروسي في "معركة أوسترليتز". كانت نتيجة هذا الفوز حتى انتهت حرب الائتلاف الثالث، فأمر نابليون عند ذلك بالبدء ببناء قوس النصر في وسط مدينة باريس لتخليد ذكرى هذا النصر، ثم توجه إلى مدينة ڤيينا عاصمة النمسا، وفرض عليها شروطًا قاسية للصلح. اضطرت النمسا إلى حتى تتنازل عن المزيد من الأراضي لصالح فرنسا، وأن تسقط على معاهدة سلام پراسبورغ التي قضت نهائيًا على الإمبراطورية الرومانية المقدسة وأدّت لولادة "اتحاد الراين" (بالفرنسية: États confédérés du Rhin؛ وبالألمانية: Rheinbund)‏ الذي سُمي نابليون "مرشدًا" و"حاميًا" له.

نطق نابليون عن معركة أوسترليتز أنها "أروع معركة خضتها في حياتي". يقول المؤرخ "فرانك مكلين" حتى نابليون بلغ من النجاح حدًا في أوسترليتز جعله يفقد إحساسه بالواقع، وأن ما كان يُعد سابقًا سياسة فرنسية خارجية، أصبح في ذلك الوقت يُعد "سياسة نابليونية خاصة"، أي بتعبير أخر أصبح نابليون يُمثل فرنسا من جميع النواحي، حتى من ناحية الشعب، فإرادته الخاصة وفقًا لهذا المؤرخ هي إرادة الشعب الفرنسي. إلا حتى المؤرخ البريطاني "ڤينس كرونين" يقول بأن نابليون لم يقم بتلك الحملة وما تلاها تحقيقًا لطموح شخصي، بل "تحقيقًا لطموح ثلاثين مليون فرنسي"، أي حتى الفرنسيين أنفسهم كانوا راغبين وموافقين على ما قام به نابليون واعتبروه يُحقق مصلحة بلادهم.

التحالف مع العثمانيين والفرس

مبعوث الدولة القاجارية إلى الإمبراطورية الفرنسية، الميرزا "محمد رضا قزويني" يُقابل نابليون الأول في قصر فنكنشتاين بتاريخ 27 أبريل سنة 1807، بريشة "فرانسوا مولار".

استمر نابليون يأمل بأن يُنشئ لفرنسا مركزًا ممتازًا في الشرق الأوسط، حتى بعد فشل حملته المصرية، وذلك كي يضغط على الحدود الجنوبية للإمبراطورية الروسية ويُحاصرها من تلك الجهة. جهد نابليون جهدًا عظيمًا بدءا من سنة 1803 ليُحاول إقناع الدولة العثمانية بالدخول معه في حلف ضد الإمبراطورية الروسية ومحاربتها في بلاد البلقان، فأوفد اللواء "هوراس سبستياني" لتجديد رباط الاتحاد والوداد مع الدولة، حاملاً معه خطابًا من بونابرت إلى السدة السلطانية يعد فيه الإمبراطور السلطان "سليم الثالث" بالمساعدة على استعادة الولايات والإمارات العثمانية المفقودة لمصلحة روسيا. وبعد فوز نابليون في معركة أوسترليتز وما تلاها من تقطيع لأوصال إمبراطورية هابسبورغ التابعة للنمسا، اعترف السلطان بنابليون إمبراطوراً على فرنسا، وأعرب رسميًا حتى الإمبراطورية الفرنسية هي "الحليف المخلص الدائم للدولة العليّة"، وأعرب الحرب على جميع من بريطانيا وروسيا في وقت لاحق. كذلك، أنشأ نابليون حلفًا مع الدولة القاجارية ضد روسيا وبريطانيا، استمر منذ سنة 1807 حتى سنة 1809. انتهى هذان الحلفان عندما عادت فرنسا وتحالفت مع روسيا وحولت انتباهها إلى أوروبا من جديد.

حرب الائتلاف الرابع

نابليون يتفقد جنوده قبل وقوع معركة يينا (14 أكتوبر سنة 1806)، بريشة "هوراس فرنيه".

تشكل الائتلاف الرابع من الدول لمحاربة فرنسا في سنة 1806، بعد هزيمة النمسا وروسيا في معركة أوسترليتز، وضمّ كلا من: بروسيا، روسيا، بريطانيا، ساكسونيا، السويد، وصقلية. وفي ذات السنة سقط خلاف بين نابليون وبروسيا، فتقدمت الجيوش الفرنسية بسرعة خاطفة وهزمت البروسيين في "معركة يينا" واحتلت عاصمتهم برلين، فانسحب "فريدريش ڤيلهام الثالث" ملك بروسيا إلى ناحية الشرق كي ينضم لحليفته روسيا التي أوفدت جيشًا لنجدته. لكن نابليون زحف على الجيش الروسي المتقدم عبر بولندا وقاتلهم قتالاً دمويًا في "معركة إيلاو" أزهقت فيه أرواح الكثير من الجنود الفرنسية والروسية، وانتهى بتراجع الجيش الروسي من مواقعه في السادس من فبراير سنة 1807.

لاحق نابليون الجيش الروسي المنسحب إلى بروسيا الشرقية، وهزمه والبروسيين معًا في معركة فريدلند، وبعد هذا النصر الحاسم، أبرم نابليون معاهدتين عُرفتا باسم "معاهدتي تيلزينت" تيمنًا بمدينة تيلزينت الواقعة في روسيا، فاقتسم بموجب إحداها السلطة في أوروبا مع القيصر الروسي "ألكسندر الأول"؛ أما الثانية التي أُبرمت مع بروسيا، فاقتطع بموجب نصوصها جميع أراضي تلك الدولة التي تقع غربي نهر الألب، وجميع الأراضي التي غنمتها في التقسيمين الثاني والثالث من بولندا، وصنع من ذلك دويلات جديدة، نصب على عروشها بعض أقربائه وأصدقائه، مثل شقيقه "جيروم" الذي توّجه ملكًا على مملكة وستفاليا. كذلك أنشأ نابليون "دوقية وارسو" في الجزء الذي سيطرت عليه فرنسا من بولندا، ونصب على عرشها الملك "فريدريك أغسطس الأول".

لمّا أخضع نابليون أوروبا كلها تقريبًا لسيطرته وعجز عن بريطانيا، عمد إلى محاربتها اقتصاديًا. فحرّم على جميع الدول الأوروبية المتاجرة معها، عن طريق إصداره لمرسومين إمبراطوريين، أحدهما في مدينة ميلان والآخر في برلين، يُحرمان جميع أعمال التجارة كالاستيراد والتصدير مع المملكة المتحدة. إلا حتى هذه الحرب الاقتصادية لم يُخط لها النجاح، إذ حتى بريطانيا ردّت عليه بالمثل، فمنعت المتاجرة مع فرنسا، وضربت حصارًا على القارة الأوروبية، كذلك نشطت أعمال التهريب من وإلى بريطانيا، ولم يستطع ضبّاط الجمارك الفرنسيون حتى يعملوا شيئًا لإيقافها.

حرب شبه الجزيرة الأيبيرية

مسؤولون إسبان يُسلمون مدينة مدريد إلى بونابرت. بريشة "أنطوان جون گرو"، 1810.

كانت البرتغال صديقةً لبريطانيا، فلم تنبتر عن التعامل معها، مخالفةً بذلك المراسيم الإمبراطورية التي أصدرها نابليون، فاتفق الأخير مع حليفته إسبانيا على غزوها واقتسامها بينهما. وفي سنة 1807 نفذا هذه الخطة بنجاح وهربت العائلة المالكة إلى أكبر مستعمراتها "البرازيل" وبقيت هناك حتى بعد إقصاء نابليون عن العرش. ولكن نابليون كان يطمع في إسبانيا نفسها، فأبقى جيشه فيها بحجة الحلف القائم بين الدولتين، وأجبر ملكها "كارلوس الرابع" على التنازل عن العرش، وتوّج أخاه "جوزيف" ملكًا عليها في سنة 1808، وجعل في منصب الأخير السابق، كملك على ناپولي، صهره "يواقيم مراد". أثار تصرف بونابرت شعور الشعب والجيش الإسباني الذي هبّ لمحاربة الفرنسيين بدءًا من 2 مايوسنة 1808، فيما عُرف باسم "انتفاضة الثاني من مايو" (بالإسبانية: El Levantamiento del dos de mayo)‏. هزم نابليون الجيش الإسباني، بعد حتى كان الأخير قد نجح في التغلب على الفرنسيين وإخراجهم من مدينة مدريد واسترجاع الكثير من الأراضي المفقودة، كذلك تمكن نابليون من هزيمة فرقة عسكرية بريطانية أوفدت لدعم الثوّار الإسبان، ودفع بالجنود نحوالشاطئ الشمالي لشبه الجزيرة الأيبيرية. وقبل حتى يتم إخضاع الشعب الإسباني بالكامل، كانت النمسا قد أعربت الحرب مجددًا على فرنسا، فاضطر نابليون إلى حتى يهجر إسبانيا ويعود إلى بلاده.

الدوق الأول لولينگتون، "آرثر ويلزلي" في سنة 1814. بريشة السير "طوماس لورنس".

بقيت حرب شبه الجزيرة الأيبيرية مشتعلةً في غياب نابليون، وكلّفت فرنسا وإسبانيا ثمنًا باهظًا من الناحية البشرية والمالية؛ ففي الحصار الثاني لمدينة سرقسطة، لحق الدمار بمعظم أنحاء المدينة، وقُتل ما يزيد عن 50,000 إنسان من سكانها. وعلى الرغم من حتى نابليون كان قد هجر ثلة من نخبة جنوده، الذين وصل عددهم إلى 300,000 جندي، لقتال المقاومين الإسبان إلى جانب القوات البريطانية والبرتغالية بقيادة "آرثر ويلزلي" الدوق الأول لولينگتون، إلا حتى السيطرة الفرنسية على شبه الجزيرة استمرت بالتضعضع والانهيار شيئًا فشيئاً. استمرت هذه الحرب عدّة سنوات، وكانت في واقع الأمر أول خطوة نحوانهيار نابليون، ولم تنته إلا عندما تنازل الأخير عن العرش سنة 1814. وصف نابليون حرب شبه الجزيرة الأيبيرية في وقت لاحق على أنها كانت محور هزيمته النهائية، فخط في مذكراته يقول: «إن تلك الحرب المشؤومة هي ما دمرني... لقد شكلت العقدة القاتلة... التي تفرعت منها جميع الكوارث اللاحقة التي حلّت بي».

حرب الائتلاف الخامس والزواج الثاني

نابليون في ڤاگرام، بريشة "هوراس فرنيه".

عندما كان نابليون منهمكًا في إخضاع الثورة الإسبانية، قامت النمسا فجأة بفض تحالفها مع فرنسا، وذلك في شهر أبريل من عام 1809، وهبت للانقضاض على بونابرت بتحريض من بريطانيا، فاضطر نابليون إلى حتى يهجر إسبانيا ويقود الجيش الفرنسي المرابط على نهر الدانوب والحدود الألمانية بنفسه. انتصر الفرنسيون في بادئ الأمر على النمساويين في بعض المعارك الصغيرة، لكنهم عادوا وقابلوا صعوبة في اجتياز الدانوب، فهُزموا بالقرب من ڤيينا في "معركة آسپيرن-إسلينغ" بتاريخ 22 مايومن نفس العام. لكن النمساويين فشلوا في الاستفادة من الوضع وما لحق بالجيش الفرنسي، الأمر الذي منح نابليون الفرصة ليُعيد تنظيم الصفوف ويقهر الجيش النمساوي في "معركة ڤاگرام". توجه نابليون بعد فوزه إلى مدينة ڤيينا، عاصمة النمسا، حيث أملى شروط الصلح وسقط مع النمساويين "معاهدة شونبرون"، التي قضت بسلخ أجزاء مهمة أخرى من الإمبراطورية النمساوية المجرية.

الإمبراطورية الفرنسية الأولى في أقصى اتساعها سنة 1812:
  أراضي الإمبراطورية
  بلدان خاضعة لسلطان نابليون

كانت بريطانيا ترغب في فتح جبهة جديدة في البر الأوروبي موجهة نحوفرنسا، إلى جانب الجبهة الأيبيرية، فقام البريطانيون بالتخطيط لحملة هولندية عُرفت باسم "حملة ڤالخرن" (بالإنجليزية: Walcheren Campaign)‏، لكنهم ما حتى بدأوا بتطبيقها حتى أوفد نابليون تعزيزات عسكرية إلى مدينة أنتويرب البلجيكية القريبة من هولندا، محبطًا بذلك خطة بريطانيا في الهجوم على فرنسا. قام بونابرت بعد ذلك باحتلال الدولة البابوية بسبب رفض الكنيسة دعم حربه الاقتصادية على بريطانيا؛ فرد البابا "پيوس السابع" بحرمان الإمبراطور حرمانًا كنسيًا. وبعد هذا العمل الذي أتاه البابا، قام الضباط الفرنسيون باعتنطقه، على الرغم من حتى بونابرت لم يأمر بذلك، إلا أنه باللقاء لم يأمر بإطلاق سراحه عندما فهم بما جرى. نُقّل البابا عبر طول الأراضي الخاضعة لنابليون وعرضها، حتى في الفترات التي كان يُعاني خلالها من نوبات سقميّة، واستمر نابليون يُرسل له وفودًا تضغط عليه للموافقة على بعض الأمور، بما فيها التوقيع على معاهدة بابوية جديدة مع فرنسا، إلا حتى "پيوس" رفض ذلك. تزوج نابليون في سنة 1810 من ابنة الإمبراطور النمساوي "ماري لويز" أرشيدوقة بارما، بعد حتى تطلّق من "جوزفين"؛ الأمر الذي أدى لمزيد من التوتر في علاقته مع الكنيسة، حيث رفض ثلاثة عشر كاردينالاً حضور حفل زفافه، فأمر بسجنهم جميعًا. بقي البابا في الأسر طيلةخمسة سنوات ولم يرجع إلى روما حتى شهر مايومن سنة 1814.

وافق نابليون على تربع "كارل يوحنا الرابع عشر" ملكًا على السويد في شهر نوفمبر من سنة 1810، والأخير كان يعمل مشيرًا في خدمة بونابرت وفرنسا منذ الثالث من سبتمبر سنة 1780، وعُرض عليه التاج بعد حتى توفي ولي العهد السويدي إثر أزمة قلبية، وتنازل له الأمير الذي يليه في المرتبة عن المنصب. كان نابليون قد وافق على تولّي المشير السابق عرش السويد إكرامًا لخطيبته السابقة "ديزيريه كلاري" التي تزوج منها "كارل يوحنا"، لكنه عاد وندم على موافقته هذه وعلى إبقائه للأخير على قيد الحياة، عندما أقدم يوحنا على التحالف مع أعداء فرنسا لاحقًا.

غزوروسيا

كان نابليون قد عقد مؤتمرًا في مدينة إرفورت بألمانيا، امتد من 27 سبتمبر إلى 14 أكتوبر من سنة 1808، وعُرف باسم "مؤتمر إرفورت"، مع القيصر "ألكسندر الأول"، نصا فيه على توثيق العلاقات بين الإمبراطوريتين الفرنسية والروسية وعلى اتخاذ جميع منهما للآخر حليفًا، أضف إلى ذلك حتى القائدين كانت تجمعهما صداقة حميمة منذ حتى التقيا للمرة الأولى في مدينة تيلزينت سنة 1807. إلا أنه بحلول عام 1811، كان التوتر قد تصاعد بين الدولتين، وكان القيصر يتعرّض لضغوط كثيرة من قبل النبلاء ليفض الحلف مع فرنسا. وكانت أولى بوادر انحلال هذا الحلف تعامل روسيا باللين مع المملكة المتحدة، متجاهلةً الحرب الاقتصادية التي فرضها عليها نابليون، الأمر الذي أثار غضب الأخير. وفي سنة 1812، اقترح المستشارون على القيصر ضرب عصفورين بحجر واحد: غزوفرنسا والقضاء على نابليون، واسترجاع بولندا بعد انحلال الامبراطورية الفرنسية. وصلت أنباء الاستعدادات الروسية للحرب إلى نابليون عن طريق تقارير الاستخبارات الفرنسية، فجهّز جيشًا ضخمًا وصل تعداده إلى 450,000 رجل وزحف به على روسيا بتاريخ 23 يونيوسنة 1812، متجاهلاً النصائح المستمرة التي قدمها له المستشارون بعدم غزوالأراضي الروسية الداخلية بسبب مساحتها الشاسعة ومناخها القاسي المختلف عمّا اعتادت عليه الجنود الفرنسيين.

نابليون في موسكوالمشتعلة.

أطلق نابليون على هذه الحرب اسم "الحرب البولندية الثانية"، وذلك في محاولة منه لكسب تأييد البولنديين الوطنيين، وكانت الحرب البولندية الأولى قد سقطت قبل ذلك في سنة 1768، وخاضتها روسيا ضد "اتحاد بار"، وهواتحاد مكوّن من النبلاء البولنديين الذين رفضوا تدخل روسيا في شؤون بلادهم وتحالف ملكهم "ستانيسلاڤ أوغست بونياتوڤسكي" مع الروس. وكان الوطنيون البولنديون يرغبون بأن يُضم القسم الروسي من بولندا إلى دوقية وارسوحليفة فرنسا، وتكوين دولة بولندية مستقلة. رفض نابليون هذا الطلب قائلاً أنه قد وعد حليفته النمسا بأن لا يحصل شيء من هذا على الإطلاق. كذلك رفض نابليون إعتاق الأقنان الروس خوفًا من حتى يؤدي ذلك إلى ردّة عمل غير محمودة في مؤخرة جيشه، وكردة عمل على ذلك، ارتكب الأقنان عددًا من الأعمال الوحشية عند انسحاب الجيش الفرنسي من روسيا في وقت لاحق من ذلك العام.

تفادى الروس هدف بونابرت القاضي بالاشتباك معهم في معركة وحيدة حاسمة، وتراجعوا إلى داخل روسيا عوضًا عن ذلك، وبقي 130,000 جندي منهم في مدينة سمولينسك في محاولة لصد التقدم الفرنسي، لكنهم هُزموا، وتابع الفرنسيون تقدمهم محققين الفوز تلوالأخر في سلسلة من المعارك. تابع الجيش الروسي تفادي الاحتكاك مع الفرنسيين، على الرغم من حتى هذا كان بسبب عدم إقدام نابليون على المناداة بالهجوم في بعض الأحيان على نحوغير معهود. وإن كان الروس قد تجنبوا قتال جيش بونابرت، إلا أنهم اتبعوا استراتيجية الأرض المحروقة، مدمرين جميع قرية أوحقل أوبستان مروا به، الأمر الذي جعل من العسير على الفرنسيين العثور على الطعام الكافي لهم ولخيولهم.

انسحاب نابليون من روسيا، بريشة الرسَّام الألماني "أدولف نورثن".

عرض الروس على نابليون معركةً في نهاية المطاف، على حتى تقع خارج موسكو، فوافق نابليون على هذا الاقتراح، ونشبت معركة بورودينو(بالروسية: Бородинская битва؛ وبالفرنسية: Bataille de la Moskowa)، التي نجم عنها خسارة 44,000 جندي روسي و35,000 جندي فرنسي ما بين قتيل وجريح وأسير، وقد قيل في هذه المعركة أنها كانت أكثر المعارك دمويةً في التاريخ البشري حتى ذلك الحين. وعلى الرغم من حتى الفرنسيين انتصروا، إلا حتى الروس تفاخروا بأنهم صمدوا في وجه نابليون ولم يعطوه الفرصة التي كان يحلم بها، بأن يقضي عليهم في معركة واحدة حاسمة. نطق نابليون عن هذه المعركة: «إن أسوأ معركة خضتها في حياتي كانت تلك التي سقطت قرب موسكو. لقد أظهر الفرنسيون أنفسهم بمظهر مستحقي النصر، لكن الروس أظهروا أنفسهم بمظهر غير المقهورين».

تراجع الجيش الروسي بعد معركة بورودينولما بعد مدينة موسكو، فدخلها نابليون معتقدًا حتى فتحها يفترض أن يُنهي الحرب وأن القيصر سيطلب منه البدء بإجراء محادثات السلام. إلا حتى حاكم المدينة، المدعو"فيودور روستوپشين"، رفض الاستسلام وأضرم النار في جميع أنحاء موسكوليلاً وأحرقها عن بكرة أبيها. وبعد شهر من هذه الحادثة، انسحب الجيش الفرنسي من موسكوبعد حتى بلغت نابليون أنباء مقلقة عن اضطراب الأوضاع في فرنسا وخوفه من فقدان سلطته. عانى الفرنسيون معاناة كبيرة أثناء انسحابهم وذاقوا الأمرّين، إذ تعاون برد الشتاء الروسي القارس والسقم ومناوشات الأقنان على إفناء الجيش فلم يسلم منه إلا عدد قليل، فقد كان عدد الجنود في بداية الحملة يصل لأكثر من 400,000 جندي على الخط الأمامي، أما عند العودة في شهر نوفمبر من سنة 1812، لم ينجح أكثر من 40,000 منهم بعبور نهر بيريزينا، أحد روافد نهر الدانوب في روسيا البيضاء. أما الروس، ففقدوا 150,000 جندي ومئات الألوف من المدنيين.

الرسم البياني الشهير للمهندس المدني الفرنسي "شارل جوزيف مينار"الذي يُظهر حجم الجيش الفرنسي عند زحفه على موسكووعند انسحابه منها، حيث يساوي حجم الجيش عرض الخط. وُضعت درجة حرارة الطقس أثناء عودة الجيش في أسفل الرسم بمقياس "ريومور" (إضرب قيمة مقياس ريومور بواحد وربع (1¼) حتى تحصل على درجة الحرارة المئوية، مثلاً −30°ر = −37.5 °م)


حرب الائتلاف السادس

عاد نابليون إلى باريس فجهّز حملة جديدة قوامها 350,000 جندي، وذلك خلال فترة سنة امتدت من شتاء سنة 1812 حتى الشتاء التالي، وحاول حتى يعود بها إلى روسيا. وعهد البروسيون ما حل بنابليون في روسيا، وأدركوا حتى الفرصة سنحت لتحريرهم، فشكلوا حلفًا جديدًا مع روسيا وبريطانيا والسويد والنمسا وإسبانيا والبرتغال، وقابلوا نابليون بجيوشهم، فألحق بهم عدداً من الخسائر توّجت "بمعركة دريسدن" بألمانيا بتاريخ 26 و27 أغسطس سنة 1813. وعلى الرغم من هذا النجاح الذي حققه نابليون إلا حتى ذلك لم يُحبط عزيمة الحلفاء، فزادوا من أعداد جيوشهم، وما زالوا يزيدونها حتى هزموا نابليون هزيمة كبيرة في "معركة الأمم" بقوة عسكرية بلغ حجمها ضعف حجم جيشه. كانت هذه المعركة أكبر معارك الحروب النابليونية، حيث وصل عدد القتلى فيها إلى 90,000 قتيل.

الجيش الروسي يدخل باريس سنة 1814.

انسحب نابليون عائدًا إلى فرنسا بعد حتى تقلص عدد جيشه ليصل إلى 110,000 جندي استطاع 70,000 منهم الوصول إلى باريس بينما تلكأ الأربعون ألفًا الباقين، وكان عدد القوات الحليفة يفوق عدد الجيش الفرنسي بثلاثة أضعاف. بعد عودة نابليون، وجدت فرنسا نفسها محاصرة، فقد كانت القوات البريطانية تقبع على حدودها الجنوبية، بينما كانت القوات الحليفة الأخرى متمركزة على حدود الولايات الألمانية المجاورة، مستعدة للانقضاض عليها في أي وقت. حاول نابليون مقاومة الحلفاء المحاصرين، فانتصر عليهم في بضعة معارك في حملة أطلق عليها اسم "حملة الأيام الستة"، إلا حتى تلك الفوزات لم تكن ذات أهمية كبيرة ولم تبلغ الحد الذي يقلب الآية، فدخلت جيوش الحلفاء باريس في شهر مارس من سنة 1814.

عرض نابليون على قادة جيشه الهجوم على العاصمة الفرنسية وتحريرها من القوات الحليفة، لكن القادة رفضوا ذلك وفضلوا العصيان على الهجوم، وفي الرابع من أبريل قابلوا نابليون بهذا الأمر بقيادة المشير "ميشيل ناي"، أحد الضباط القدامى في فرنسا وصديق مقرّب من بونابرت، فنطق الأخير حتى الجيش يفترض أن يتبعه، فأجابه ناي حتى الجيش لن يتبع سوى قادته. فلم يجد نابليون بدًا من حتى يتنازل عن العرش لصالح ابنه "نابليون الثاني"؛ إلا حتى الحلفاء لم يقبلوا بهذا الأمر، فاضطر نابليون حتى يتنازل دون قيد أوشرط، وذلك في 11 أبريل سنة 1814. فعقد الحلفاء مؤتمرًا في قصر فونتينبلوأعربوا فيه تنازل بونابرت، فنطقوا:

«إن القوى الحليفة بعد حتى أعربت حتى الإمبراطور نابليون كان العائق الوحيد في وجه إحلال السلام في أوروبا، فإن الإمبراطور نابليون، يُعلن وفاءً ليمينه، أنه قد تنازل عن منصبه، ومنصب أولياء عهده، من عرش فرنسا وعرش إيطاليا، وأنه ليس هناك من تضحية، حتى التضحية بحياته، هوليس مستعد لأن يبذلها في سبيل مصلحة فرنسا.
تمّ في قصر فونتينبلو، بتاريخ 11 أبريل سنة 1814.» – مرسوم تنحي نابليون
نابليون يودع جنوده في باحة قصر فونتينبلوقبل توجهه إلى جزيرة ألبا، بريشة "أنطوان ألفونس مونتفورت".

أبرم الحلفاء بعد ذلك معاهدة عُرفت باسم "معاهدة فونتينبلو"، اتفقوا فيها على نفي نابليون إلى جزيرة صغيرة تُدعى "ألبا" تقع في البحر المتوسط على بعد 20 كيلومترًا من شواطئ توسكانا، ويقطنها 12,000 نسمة، وأعطوه سيادةً كاملة عليها، وسمحوا له بالإبقاء على لقبه كإمبراطور. حاول نابليون الانتحار عن طريق ابتلاع قرص سام كان يحمله معه منذ حتى كاد الروس يقبضون عليه عند انسحابه من موسكو، إلا حتى درجة السمومية فيها كانت قد خفّت مع مرور الزمن، فلم تعط النتيجة المرجوة، ونجا بونابرت ليتم نفيه كما هومخطط، بينما هربت زوجته وابنه ليحتميا في ڤيينا. أنشأ نابليون جيشًا وأسطولاً صغيرًا خلال الأشهر القليلة الأولى التي أمضاها في ألبا، كذلك قام بتطوير مناجم الحديد، وأصدر عدداً من المراسيم لتطوير طرق الزراعة في الجزيرة وفق الأساليب الحديثة.

الأيام المائة

نابليون يغادر جزيرة ألبا، بريشة "جوزيف بوم".

بعد ذهاب نابليون عادت الملكية إلى فرنسا وأصبح "لويس الثامن عشر"، أخو"لويس السادس عشر"، ملكًا. اجتمع المنتصرون في مدينة ڤيينا لإعادة تنظيم أوروبا، ولكنهم اختلفوا وأوشكت الحرب حتى تقع بينهم. وفهم نابليون بذلك، فهرب من منفاه بتاريخ 26 فبراير سنة 1815، والواقع حتى هذا الفهم كان الحجة الأخيرة التي احتاجها نابليون ليعود إلى فرنسا، عملى الجزيرة ازداد شوقه لزوجته وابنه القابعين في النمسا، عدوته اللدودة، وقُطع عنه البدل الذي كان مقررًا له وفق معاهدة فونتينبلو، ووردت إلى مسامعه أخبارٌ تفيد بأن البريطانيين يرغبون بإرساله إلى جزيرة في المحيط الأطلسي، فكان خلاف الحلفاء كافيًا ليجعله يقرر العودة فورًا. وصل نابليون إلى فرنسا بعد يومين من مغادرته ألبا، وهبط في "خليج خوان" على الساحل الشرقي لفرنسا. وما حتى سرى نبأ عودة بونابرت، حتى أوفد إليه "لويس الثامن عشر" الفوج الخامس من الجيش الفرنسي ليعترض طريقه ويقبض عليه، فقابلوه جنوب مدينة "گرونوبل" بتاريخسبعة مارس سنة 1815. فاقترب نابليون من الجنود بمفرده ثم ترجّل عن حصانه واقترب أكثر حتى أصبح في مرمى نيرانهم، وصرخ قائلاً: "ها أنا ذا. فلتقتلوا إمبراطوركم إذا شئتم"، فصاحت الجنود "يحيا الإمبراطور!"، ثم ساروا وراء نابليون نحوباريس؛ وما حتى فهم الملك بما حصل حتى هرب من المدينة. أعرب المجتمعون في مؤتمر ڤيينا حتى نابليون خارج عن القانون، وذلك في الثالث عشر من شهر مارس، وبعد أربعة أيام تعهدت جميع من بريطانيا وهولندا وروسيا والنمسا وبروسيا حتى تجمع جيوشها حتى تصل في عددها إلى 150,000 رجل، كي تضع حدًا لحكم نابليون.

وصل نابليون إلى باريس في العشرين من مارس، وحكم البلاد لفترة أطلق عليها المؤرخون اسم "الأيام المائة". وصل تعداد الجنود الفرنسية في أوائل شهر يونيوإلى 200,000 جندي، فقرر نابليون حتى يُبادر بالهجوم كي يُحدث شرخًا بين القوات البريطانية والبروسية ويؤخر انضمامها لبعضها البعض، وبناءً على ذلك أوفد إلى جيش الشمال الفرنسي ليعبر حدود مملكة هولندا المتحدة، التي تُشكل اليوم الأراضي البلجيكية، استعدادًا لقتال البروسيين القادمين من تلك الأنحاء.

اشتباك الحلفاء: البريطانيون والبروسيُّون والهولنديُّون، مع الفرنسيين في معركة واترلو، بريشة "وليام سادلر" (1782–1839).

وفي 18 يونيوسنة 1815، سقطت بين فرنسا والحلفاء "معركة واترلو" الحاسمة، وفيها صمدت الجنود البريطانية صمودًا كبيرًا على الرغم من الهجوم المستمر غير المتوقف للقوات الفرنسية، واستطاعت دحرهم من الميدان، إلى حتى وصلت القوات البروسية وخرقت الجناح الأيمن للجيش الفرنسي، الذي تقهقر منهزمًا شر هزيمة. تُعزى هزيمة بونابرت في ذلك اليوم إلى قتاله لجيشين بجيش واحد على أرض رطبة موحلة، إضافةً إلى حتى صحته كانت قد تراجعت بعض الشيء وكذلك حيويته، الأمر الذي لم يجعل حضوره مهيبًا كالعادة وبالتالي لم يستطع التأثير بجنوده، أيضًا يُحتمل بأن كثيرًا من ضباطه خذلوه، وأخيرًا فإن عددًا من جنوده المخضرمين قضوا نحبهم أثناء العودة من روسيا، فكان لغياب خبرتهم على أرض المعركة صداه في نتيجتها. انسحب الجيش الفرنسي من ميدان المعركة في فوضى واضطراب شديدين، مما فتح المجال أمام الحلفاء ليعودوا إلى فرنسا وينصبوا "لويس الثامن عشر" ملكًا عليها مجددًا. حاول نابليون بعد هزيمته المريرة حتى يهرب إلى الولايات المتحدة، فاستقل سفينة من مرفأ "روشفور" الواقع بغرب فرنسا وتوجه غربًا، لكنه لم يبتعد كثيرًا إذ اعترضت طريقه بضعة سفن بريطانية وطالبت تفتيش السفينة، ولمّا عرض عليه مرافقوه الاختباء في إحدى البراميل، رفض بشدة معتبرًا ذلك إهانة لكرامته، فاستسلم إلى البريطانيين، وطلب اللجوء السياسي من القبطان "فريدريك لويس ميتلاند" على متن سفينته "إتش إم إس بيلليروفون"، وذلك بتاريخ 15 يوليوسنة 1815.

نهاية نابليون

النفي إلى جزيرة القديسة هيلانة

السفينته "إتش إم إس بيلليروفون" تحمل نابليون إلى جزيرة القديسة هيلانة.

اعتُقل نابليون وسُجن لفترة قصيرة، ثم نُفي إلى جزيرة القديسة هيلانة في وسط المحيط الأطلسي الجنوبي بين أفريقيا والبرازيل، والتي تبعد 2,000 كيلومتر تقريبًا عن كليهما. عاش نابليون أول شهرين له على الجزيرة في منزل على أرض مملوكة لشخص يُدعى "وليام بالكومب"، وسرعان ما أصبح صديقًا مقربًا لأفراد العائلة، وبشكل خاص للإبنة الصغرى "إليزابيث لوسيا"، التي ألّفت في وقت لاحق كتاب "ذكريات الإمبراطور نابليون" (بالإنگليزية: Recollections of the Emperor Napoleon). انتهت هذه الصداقة في عام 1818، عندما شكّت السلطات البريطانية بأن بالكومب يلعب دور الوسيط بين نابليون وباريس، فقامت بترحيل بالكومب من الجزيرة.

منزل لونگوود على جزيرة القديسة هيلانة حيث أمضى نابليون السنوات الأخيرة من حياته.

نُقل نابليون بعد ذلك إلى "منزل لونگوود" في شهر ديسمبر من سنة 1815؛ وكان ذلك المنزل شديد العطب كثير الرطوبة، تعصف به الرياح على الدوام. نشرت صحيفة "الأزمان" البريطانية عدّة منطقات تقول فيها بأن الحكومة البريطانية ترغب بالتسريع من موت بونابرت، وأن الأخير اشتكى على الدوام من ظروف العيش السيئة في رسائل موجهة إلى حاكم الجزيرة السير "هدسون لوي". وفي تلك الفترة، قام بونابرت بكتابة ذكرياته بمعاونة ثلة من تابعيه المخلصين الذين حضروا معه إلى الجزيرة، وانتقد فيها آسريه وبشكل خاص الحاكم لوي. يتفق الكثير من المؤرخين حتى معاملة لوي لنابليون كانت معاملة رديئة، فقد أقدم على جعل وضعه يتفاقم بعدة طرق منها: الإنقاص من حجم المصروف الذي كان يُرسل إليه، منع إرسال أوتسليم أي هدية إليه إذا كانت تتضمن ذكراً لمنصبه الإمبراطوري، ووثيقة كان على تابعيه التوقيع عليها وهي تضمن بقاءهم إلى جانبه إلى أجل غير مسمى.

نابليون على جزيرة القديسة هيلانة.

في سنة 1818 نشرت صحيفة الأزمان إشاعة كاذبة تُفيد بأن نابليون هرب من الجزيرة، كما قيل حتى عدد من اللندنيين استقبل هذا الخبر بالإضاءات العفوية. حصد نابليون خلال الفترة التي قضاها في الجزيرة تعاطف بعض أعضاء البرلمان البريطاني، فقد ألقى اللورد "هنري ڤاسل فوكس"، أحد كبار السياسيين، خطابًا قويًا في إحدى الجلسات طالب فيه ألا تتم معاملة نابليون بقسوة غير ضرورية. وفي هذا الوقت كان نابليون يُتابع ما يجري في بريطانيا عن طريق ذات الصحيفة التي نشرت خبر هروبه، فتأمّل حتى يتم إطلاق سراحه بحال أصبح فوكس رئيسًا للوزراء. حصل نابليون كذلك على دعم اللورد "طوماس كوكران" الذي دعم حركة الاستقلال في جميع من تشيلي والبرازيل، ورغب في إنقاذ نابليون ومساعدته على إنشاء إمبراطورية جديدة في أمريكا الجنوبية، إلا حتى هذه الخطة أحبطت بوفاة نابليون سنة 1821. كان هناك أيضًا عدد من الخطط الأخرى الهادفة لإنقاذ نابليون، منها الخطة التي وضعها الجنود الفرنسيون الذين نفوا إلى ولاية تكساس الأمريكية، ورغبوا في قيام إمبراطورية نابليونية جديدة في أمريكا الشمالية، حتى أنه يُنطق بوجود خطة قضت بتهريب بونابرت عن طريق غواصة بدائية. كان نابليون بالنسبة للورد "جورج گوردن بايرون"، وهوأحد الشعراء الإنگليز، مثال البطل الرومانسي المضطهد والعبقري الوحيد المعيب. أثارت مسألة قيام نابليون بأعمال البستنة بنفسه في مسكنه بلونگوود في سنواته الأخيرة، حساسية وتعاطف الكثير من أبناء الشعب البريطاني والسياسيين معه بشكل أكبر من السابق.

وفاته

نابليون على فراش الموت.
السفينة الفرنسية المُسماة "الدجاجة الحسناء" وهي تحمل رفات نابليون عائدةً إلى فرنسا، وقد طُليت باللون الأسود حدادًا عليه.

أخذت صحة نابليون بالتراجع تراجعًا حاداً في شهر فبراير من سنة 1821، وفي الثالث من مايوكشف عليه طبيبان بريطانيان كانا قد وصلا مؤخراً إلى الجزيرة، ولم يستطيعا عمل شيء سوى النصيحة بإعطاءه المسكنات. توفي نابليون بعد يومين من هذا الكشف، بعد حتى كان قد اعترف بخطاياه ومُسح بالزيت وقُدم له قربانًا بحضور الأب "أنجي ڤيگنالي". وكانت آخر حدثات نابليون وهويُفارق الحياة هي: "فرنسا، جيش، قائد جيش، جوزفين.." (بالفرنسية: France, armée, tête d'armée, Joséphine..)‏. صُنع قناع الموت الأصلي لنابليون قرابة السادس من مايومن نفس العام، على يد طبيب مجهول الهوية. كان نابليون قد أوصى بأن يُدفن على ضفاف نهر السين بعد وفاته، إلا حتى حاكم الجزيرة رفض نقل الجثمان إلى الأراضي الفرنسية وأمر بدفنه على الجزيرة في مكان يُنطق له "وداي الصفصاف" (بالإنگليزية: Valley of the Willows). كذلك أصرّ الأخير على نقش تعبير "نابليون بونابرت" على شاهد القبر؛ بينما رغب جميع من "شارلز تريستان" مركيز مونتلون، و"هنري گاتين برتران" أحد القادة العسكريين السابقين، بأن يُخط اسم "نابليون" فقط على القبر نظراً لأن العادة جرت على حتى لا يُخط سوى الاسم الأول من اسم الملك الراحل على شاهد قبره. وبسبب هذا الخلاف، تُرك القبر دون نقش أي اسم على شاهده.

موكب جنازة نابليون وهويعبر ميدان الكونكورد، بريشة "جاك گوييو".
ضريح نابليون في المقام الوطني للمعوقين.

وفي سنة 1840، استطاع الملك "لويس فيليب الأول" حتى يستحصل على إذن من الحكومة البريطانية لنقل رفات نابليون من جزيرة القديسة هيلانة إلى فرنسا. نُقلت الرفات على متن الفرقاطة الفرنسية المُسماة "الدجاجة الحسناء" (بالفرنسية: Belle-Poule)‏، والتي طُليت باللون الأسود حداداً خصيصًا لهذه المناسبة، وعاد معها من بقي على قيد الحياة من رجال نابليون وأتباعه بعد حتى غابوا عن وطنهم الأم حوالي 22 سنة. وصلت تلك السفينة إلى ميناء مدينة شيربورغ بتاريخ 29 نوفمبر من نفس العام، ومن ثم نُقلت الرفات على متن سفينة بخارية تحمل اسم "نورماندي"، فحملتها إلى مدينة "لوهاڤر" عبر نهر السين وصولاً إلى مدينة "روان" فباريس. وبتاريخ 15 ديسمبر أقيمت جنازة رسمية للقائد الفرنسي، ثم انطلق موكب التشييع من قوس النصر عبر شارع الشانزلزيه مروراً بميدان الكونكورد وصولاً إلى مجمّع المقام الوطني للمعوقين، حيث وُضع النعش في مُصلى كنيسة القديس جيروم، وبقي هناك حتى أتمّ المصمم والمعماري "لويس ڤيسكونتي" بناء الضريح. وفي سنة 1861، وُضعت رفات نابليون في نعش مصنوع من الرخام السمّاقي، في السرداب الواقع تحت قبة المقام الوطني للمعوقين.

سبب الوفاة

تعددت الأقوال والآراء حول سبب وفاة نابليون، فنطق طبيبه الخاص، المدعو"فرانشيسكوأنطومارشي"، والذي أجرى تشريحًا لجثته، إنه توفي بسرطان المعدة، إلا أنه لم يسقط على تقرير الكشف الرسمي الذي طالبت به السلطات البريطانية على الجزيرة على الرغم من ذلك قائلاً: "ما شأني والتقارير الإنگليزية". وكان والد نابليون قد توفي بنفس السقم سالف الذكر، على الرغم من حتى ذلك لم يكن معلومًا عند التشريح. يعتبر بعض المؤرخين حتى اكتشاف طبيب نابليون الخاص لهذا التقرّح الحاد في معدته لم يكن إلا ثمرة ضغط البريطانيين عليه، إذ حتى هذا كان من شأنه حتى ينفي التهم الموجهة إليهم بتعمدهم إضعاف الإمبراطور وإهمالهم العناية بصحته.

نسخة عن قناع موت نابليون الأول مصنوعة من الجبس.

نُشرت مذكرات خادم نابليون "لويس مارشان" التي يذكر فيها الشهور الأخيرة من حياة بونابرت في سنة 1955، وقدّ أدى وصفه لنابليون في تلك الفترة إلى جعل خبير السموم السويدي "ستين فروشوڤود" يضع نظريات أخرى حول كيفية موت القائد الفرنسي، ومنها التسميم المتعمد بالزرنيخ، وذلك في منطق له في نشرة "الطبيعة" الفهمية سنة 1961. كان الزرنيخ يُستخدم كسم قاتل خلال الحقبة الزمنية التي عاش بها بونابرت بسبب أنه لم يكن قابلاً للكشف بحال تم دسه بكميات ضئيلة على فترة طويلة من الزمن. خط فروشوڤود في مؤلف له ولزميله "بن ويدر" من سنة 1978، حتى جسد الإمبراطور ظل سليمًا إلى حد كبير بعد عشرين عامًا من وفاته، وهذه إحدى خصائص الزرنيخ، أي الحفاظ على الأنسجة الحيوية. كذلك اكتشف الزميلان حتى نابليون كان يُعاني من ظمأ شديد في أيامه الأخيرة، وأنه دائمًا ما حاول إرواء نفسه بشرب كميّة كبيرة من شراب اللوز ذي نسبة مركبات السيانيد نفسها الموجودة في حبّات اللوز الناضجة، والتي تُستخدم لإضفاء النكهة على المأكولات والمشروبات، وذكرا حتى معالجته باستخدام بوتاسيوم الطرطريك منعت معدته من لفظ هذه المكونات المضرة، وبالتالي فإن العطش كان إحدى عوارض التسمم. نصت إحدى الموضوعات الفهمية في سنة 2007 حتى الزرنيخ الذي عُثر عليه في مهاوي شعر بونابرت كان زرنيخًا معدنيًا، أي غير عضوي، وهذا النوع هوالأكثر سُمية بين أنواع الزرنيخ، ووفقًا لعالم السموم "پاتريك كينتز"، فإن هذا يُشكل الدليل القاطع على حتى نابليون قضى نحبه اغتيالاً.

يقول باحثون آخرون حتى ورق الجدران في منزل لونگوود كان قد أُلصق باستخدام نوع من اللاصق ذي نسبة عالية من الزرنيخ، وكان هذا اللاصق يُستخدم في بريطانيا منذ فترة طويلة على الرغم من حتى استنشاق رائحته مضر للبشر، ذلك حتى الطقس البارد في المملكة المتحدة يجعل منه حميداً غير مؤذ، أما في جزيرة القديسة هيلانة، حيث الطقس أكثر رطوبة، فيُحتمل أنه قد دبّ إليه التعفن، الأمر الذي جعله يبعث غاز الأرسين السام الذي استنشقه نابليون طيلة سنوات. استُبعدت هذه النظرية من ضمن باقي النظريات لأنها لا تشرح نمط استنشاق الزرنيخ كما في النظريات الأخرى. زعمت مجموعة من الباحثين في دراسة أجروها سنة 2004، حتى وفاة نابليون اتىت نتيجة أنواع العلاج المتنوعة التي خضع لها، والتي سببت له اضطرابًا في وظيفة قلبه.

ظهرت بضعة دراسات حديثة تدعم النظرية الأصلية القائلة بوفاة نابليون جرّاء إصابته بسرطان المعدة، ففي دراسة من سنة 2008، قام الباحثون بتحليل عينات شعر تعود لبونابرت مأخوذة منه خلال مراحل مختلفة من حياته، ومن أفراد عائلته وبعض الذين عاصروه كذلك. وبعد إجراء التحاليل على تلك العينات تبيّن حتى كلها تحوي مستويات مرتفعة من الزرنيخ، تفوق المستويات الحالية بمئة مرة. وبناءً على هذا، نطق الباحثون حتى جسد نابليون كان قد خزّن نسبة كبيرة من الزرنيخ منذ حتى كان صبيًا واستمر يُخزنها طيلة حياته؛ ذلك حتى الناس في ذلك الزمن كانوا عرضةً إلى روائح الغراء والأصباغ بصورة مستمرة طيلة حياتهم. وفي دراسة من عام 2007، تبين أنه لم يكن هناك من مرشد على التسمم بالزرنيخ في الأعضاء الأكثر عرضة له، فقيل حتى سبب الوفاة هوسرطان المعدة بالعمل.

زوجاته وأبناؤه

الإمبراطورة جوزفين، الزوجة الأولى لنابليون، بريشة "فرانسوا جيرار"، 1801.

تزوّج نابليون لأول مرة عندما بلغ السادسة والعشرين من عمره، من أرملة إحدى قادة الثورة الفرنسية، واسمها "جوزفين آل بوارنيه" التي كانت تكبره بست سنوات. كانت جوزفين تُعهد باسم تبغضه بغضًا شديداً طيلة الفترة السابقة على معهدتها بنابليون، وهو"روز"، فلمّا عهد نابليون بذلك أطلق عليها اسم "جوزفين" عوضًا عن اسمها الأول. غالبًا ما كان بونابرت يُرسل إلى زوجته رسائل غرامية عندما كان يخوض حملاته العسكرية بعيدةً عن فرنسا، وقد أقدم على تبني ابنها من زوجها السابق، المدعو"يوجين"، بشكل رسمي، وكذلك ابنة عمها "ستيفاني"، وزوّجهما لبعضهما في وقت لاحق، كذلك قامت جوزفين بتزويج ابنتها "هورتنس" من "لويس" شقيق نابليون.

لوحة "الإمبراطورة ماري لويز وملك روما"، التي تُظهر "ماري لويز" الزوجة الثانية لنابليون، وطفله منها "نابليون الثاني"، بريشة "جوزيف فرانك"، 1812.

كان لجوزفين عدد من العشّاق الذين تقربوا منها خلال غياب نابليون عن فرنسا، مثل "شارل هيپوليت"، الذي كان يعمل ملازمًا في وحدة الهوصار وعشق جوزفين خلال حملة بونابرت على إيطاليا. فهم نابليون بهذه العلاقة بين زوجته والملازم عندما كان في مصر، فأوفد إلى أخيه "جوزيف" يُخبره عن هذا الموضوع، فاعترض البريطانيون الرسالة وقاموا بنشرها في الصحف اللندنية والباريسية، مما أثار إحراج نابليون أمام جنوده وشعبه. كان لنابليون عدد من العلاقات الجانبية أيضاً، بما فيها علاقة غرامية سقطت أحداثها خلال الحملة المصرية، مع زوجة أحد ضباطه المدعوة "پولين بيليسل فور"، التي أُطلق عليها اسم "كليوبترا" تيمنًا بحاكمة مصر الفرعونية القديمة.

أنجب نابليون عدداً من الأولاد من عشيقاته، إلا أنه لم يُخلف أي وريث من زوجته جوزفين، ويُرجّح البعض حتى عدم مقدرة جوزفين على الإنجاب كانت تعود إلى الإجهاد والضغط النفسي الذي تعرضت له عند سجنها خلال عهد الإرهاب (27 يونيو1793 – 27 يوليو1794)، أوبسبب إجهاضها عندما كانت لا تزال في العشرينات من عمرها. قرر نابليون بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة حتى يتطلق وجوزفين، حتى يستطيع حتى يتزوج مجدداً بامرأة قادرة على حتى تنجب له وريثًا، فأقدم في شهر مارس من سنة 1810 على الزواج بأرشيدوقة النمسا وقريبة الملكة السابقة "ماري أنطوانيت"، المدعوة "ماري لويز"، وبهذا كان قد صاهر الأسرة الملكية الألمانية. استمر زواج ماري لويز ونابليون حتى وفاة الأخير، على الرغم من أنها لم تلحق به إلى جزيرة ألبا عندما نُفي للمرة الأولى، وبالتالي لم تره بعد ذلك أبداً. ولدت ماري لويز طفلاً وحيداً لنابليون عُرف باسم "نابليون فرنسيس جوزيف شارلز" (1811–1832)، الذي حمل لقب "ملك روما" منذ ولادته، ثم خُلع عليه اسم "نابليون الثاني" سنة 1814، إلا أنه لم يحكم فرنسا إلا أسبوعين قبل حتى يُخلع عليه لقب "دوق المدينة الإمبراطورية المستقلة" سنة 1818. توفي نابليون الثاني جرّاء داء السل عن عمر يُناهز 21 سنة، ولم يهجر وراءه أي ذريّة. اعترف نابليون بإنجابه لطفلين غير شرعيين: "شارل ليون" (1806–1881) من "إليانور دونول"،الكونت "ألكسندر جوزيف كولونا ڤالڤسكي" (1810–1868) من الكونتيسة "ماري ڤالڤسكا". كذلك يُحتمل حتىقد يكون قد أنجب أبناءً وبنات آخرين لم يُعلن عنهم، مثل "كارل يوجين ڤون مولفلد" من "ڤيكتوريا كراوس"؛ "هيلين نابليون بونابرت" (1816–1910) من "ألبين آل مونتلون"؛ و"جول بارثيلامي سان هيلير" من أم مجهولة.

الصورة الشعبية

الرسم الساخر للرسام "جيمس گيلراي" حامل عنوان "الپودنغ الكامل في خطر" (بالإنگليزية: The Plumb-pudding in danger)، وهويُظهر نابليون قصير القامة بشكل ملحوظ.

أصبح نابليون يُشكل رمزاً بارزاً للعبقرية الحربية والدهاء السياسي في الكثير من الثقافات حول العالم، وذلك بعد حتى انتشرت قصته وذاع صيته في الدول والمناطق المحيطة بفرنسا في أيامه، وفي جميع أراتى المعمورة في وقت لاحق، مع تقدم وسائل الإتصال المواصلات وانتشار الاستعمار والانتداب الأوروبي في دول متعددة. كان لنابليون أعداء كثر يكرهونه ولكن يكنون له عظيم الاحترام في ذات الوقت، فعندما سُئل أمير البحر، الدوق الأول لويلينگتون "آرثر ويلزلي" قائد الجيش البريطاني في معركة واترلوالشهيرة عن أعظم قائد عسكري في وقته، نطق: "إن أعظمهم في الماضي والحاضر والمستقبل وكل وقت هونابليون بونابرت". أُطلق اسم نابليون على الكثير من البلدات والشوارع والسفن بعد وفاته، وعلى بعض شخصيات الرسوم المتحركة حتى في وقت لاحق. كذلك لعب الكثير من الممثلين دوره في مئات الأفلام السينمائية والتلفزيونية، وتم تأليف الكثير من الخط عن حياته وكُتبت عنه آلاف الموضوعات.

صُور نابليون من قبل الصحافة البريطانية خلال عهد حروبه على أنه طاغية جبار يُشكل خطراً على بريطانيا وإنه يستعد لغزوها في القريب العاجل. وقد بلغ حد تشويه صورة نابليون في بريطانيا خلال ذلك العهد، حتى نُظمت قصيدة للأولاد الصغار ونُشرت في الكثير من الحضانات، وهي تُحذر الأطفال من عدم الشقاوة، ذلك لأن نابليون يُقدم على التهام الناس الأشقياء بنهم. كانت الصحافة المحافظة في بريطانيا تُصور نابليون على أنه أقصر مما هوعليه في بعض الأحيان، وقد انتشرت هذه الفكرة واستمرت سائدة لدى الناس لسنوات طويلة بعد انتهاء عهد نابليون وما زالت. يُعزى تصوير بونابرت بهذه القامة أيضًا إلى الارتباك والخلط بين وحدات القياس الفرنسية والبريطانية؛ وفي واقع الأمر يُعتبر نابليون مربوع القامة وفقًا للزمن الذي عاش فيه، حيث كان الكثير من الناس يبلغون ذات الطول الذي كان عليه، ألا وهو1.7 أمتار (5 أقدام و7 إنشات).

استشهد العالم النفسي "ألفرد أدلر" بنابليون سنة 1908، ليصف عقدة نقص يعاني منها الناس قصار القامة، حيث يُظهرون سلوكًا عدائيًا غير عادي ليعوضوا عن افتقارهم للطول الطبيعي؛ فأطلق على هذه الحالة السقمية اسم "عقدة نابليون". غالبًا ما يظهر نابليون في الرسوم الهزلية وأفلام الرسوم المتحركة وهويرتدي قبعة ضخمة هلالية الشكل واضعًا يده في صدارته، استشهاداً برسم "لجاك لويس دايڤيد" من سنة 1812.

إرثه

الشؤون الحربية

تمثال لنابليون على صهوة جواده في مدينة "شيربورغ -أوكتيڤيل" التي كان قد قام بتحصينها تحسبًا لغزوبريطاني. كشف "نابليون الثالث" النقاب عن هذا التمثال في سنة 1858.

لعب نابليون دوراً كبيراً في تطوير الاستراتيجيات العسكرية الحديثة، وذلك عن طريق اقتراضه لبعض نظريات المنظرين السابقين، مثل "جاك أنطوان هيپوليت" كونت غيبرت، وبعض الإصلاحات التي وضعتها الحكومات السابقة لقطاع الجيش، وعن طريق إبداعه لبعض الاستراتيجيات الأخرى وتطوير بعض من تلك التي كانت موجودة سابقًا وصهره لها وتلك القديمة في بوتقة واحدة. ومن الإصلاحات التي قام بها نابليون، استكمال السير في النظام الذي أقرته الثورة الفرنسية، ألا وهوترقية عناصر الجيش بناءً على الجدارة بشكل رئيسي، كذلك جعل من الفيالق أكبر الوحدات العسكرية بدلاً من الكتائب، ودمج جميع وحدات المدفعية في بطاريات احتياطية، الأمر الذي جعل من نظام الموظفين العسكريين نظامًا أكثر سلاسة، فعاد سلاح الفرسان ليُشكل جزءاً مهمًا من الجيش الفرنسي. تُعتبر هذه الأساليب والإصلاحات التي قام بها نابليون أساليب بارزة وأساسية من الشؤون الحربية في العهد النابليوني. وعلى الرغم من حتى نابليون انتهج مبدأ التجنيد الإجباري الذي فرضته حكومة الإدارة وسار به طيلة عهده، إلا حتى النظام الملكي أقدم على إلغائه بمجرد سقوط الإمبراطورية وعودة "لويس الثامن عشر" ليتربع على عرش فرنسا.

استمرت التقنية العسكرية وأنواع الأسلحة على حالها طيلة عهد الثورة والإمبراطورية، ولم يطرأ عليها أي تغيّر يُذكر، إلا حتى نظرية "الحركة التشغيلية" التي كانت قد ظهرت خلال القرن الثامن عشر، تعرّضت لتغيير جذري. ويبقى الأثر الأكبر لنابليون هونمط قيادة الجنود، حيث يراه البعض مثل المنظّر العسكري الكبير "كارل ڤون كلاوزڤيتس" عبقريًا حقيقيًا في مجالا الفنون الحربية، كذلك يُصنف المؤرخون نابليون على أنه من أعظم القادة العسكريين على مر الزمن.

وعلى الرغم من نبوغه العسكري وحنكته ودهائه، فقد تعرّض نابليون لعدد من النكسات خلال مسيرته العسكرية، منها: في معركة الأمم سنة 1813، في حملته على روسيا سنة 1812، وفي معركة آسپيرن-إسلينغ سنة 1809 بحسب رأي البعض. كذلك، فقد اضطر إلى حتى يهجر قواته في مصر كنتيجة لفشل استراتيجيته في قتال العثمانيين والبريطانيين والروس معًا، وليس لخسارته أمامهم في أرض المعركة. انتصر نابليون في جميع المعارك التي خاضها وجهًا لوجه مع أعدائه، ولم تكن أعداد جنودهم تفوق أعداد جنوده، عدا معركتين صغيرتين خاضهما أثناء حملته على إيطاليا. يقول المؤرخون حتى نجاح نابليون الفائق كان هوبذاته أحد عيوبه، إذ حتى هذا النجاح حمل في طياته بذور الهزيمة الكبيرة التي تعرض لها في وقت لاحق، فقد كان يستمر في الغزووفتح المدن والولايات إلى حتى يُنهك وجيشه إنهاكًا تامًا ولا يعود بإمكانه التقدم أكثر، فيرجع على أعقابه.

برز نوع من الصرامة تجاه كيفية لقاء جيوش الأعداء وقتالها والتفوق عليها في المناورة خلال عهد نابليون، فأصبح غزوالأراضي المعادية يتم على جبهات أكثر اتساعًا، الأمر الذي جعل من الحروب أكثر حسمًا ولكن أكثر كلفةً. وقد أدّى هذا الأمر بدوره إلى تغيير وجه التأثير السياسي للحروب في أوروبا، فأصبحت الدولة الخاسرة تفقد أجزاءً كبيرة من أراضيها لصالح المنتصرة، عوضًا عن خسارتها لبعض من جيوبها المعزولة كما في السابق، كذلك ازدادت نسبة معاهدات السلام التي فرضتها الدول القوية على تلك الضعيفة بشروط وبنود تصب في مصلحتها.

النظام المتري

لم تتقبل طبقات واسعة من الشعب الفرنسي النظام المتري في القياس الذي أعربه نابليون رسميًا في شهر سبتمبر من عام 1799، ومع ذلك أصبح هذا النظام متبعاً ليس فقط في فرنسا بل بالدول التي تاثرت بفرنسا، وفي عام 1812 اتخذ نابليون خطوة عكسية بعد حتى أصدر مرسومًا بالعودة إلى النظام التقليدي في القياس، لكن النظام المتري الجديد كان قد انتشر في جميع أوروبا بحلول منتصف القرن التاسع عشر.

تحرير اليهود

رسم من سنة 1806 يُظهر نابليون وهويُحرر اليهود.

قام نابليون بتحرير اليهود في فرنسا من الكثير من القيود المفروضة عليهم والتي كانت تحدد أماكن إقامتهم في الأحياء المخصصة لهم، وحقوق التملك والعبادة والتوظيف. وقد قابلت هذه السياسات معارضة وردود أفعال معادية لليهود في داخل فرنسا وفي عدد من الدول الأخرى، إلا حتى نابليون أصر عليها وكان يرى حتى إعطاء الحقوق لليهود في فرنسا سيجذبهم إليها من بقية البلدان التي لا يتمتعون فيها بنفس الحقوق والمزايا مما سيفيد البلاد. وقد نطق نابليون:

"لن أقبل أبدًا أية مقترحات تجبر اليهود على مغادرة فرنسا، فعندي اليهود مثلهم كأي من المواطنين في بلادنا. فمن الضعف طردهم ومن الشجاعة ضمهم."

بشكل عام كان نابليون يُعتبر مفضلاً لليهود حتى حتى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية درجت على تلقيبه "بمسيح دجّال متآمر مع اليهود ضد الديانة المسيحية، وعدوًا للرب". أثناء حروب نابليون ضد الدولة العثمانية، وعندما استعصت عليه أسوار مدينة عكا في عام 1799، قام بتجهيز إعلان لقيام دولة يهودية في فلسطين، ونشر بيانًا يدعوفيه جميع يهود آسيا وأوروبا للقدوم إلى القدس تحت الراية الفرنسية، ونطق فيه:

«أيها الإسرائيليون، انهضوا، فهذه هي اللحظة المناسبة. إذا فرنسا تقدم لكم يدها الآن حاملة إرث إسرائيل. سارعوا للمطالبة باستعادة مكانتكم بين شعوب العالم.»

ومع إذا الأسباب الحقيقة لهذا الإعلان وحتى صحته محل خلاف عند بعض المؤرخين، إلا أنه محل اهتمام الحركة الصهيونية فهويسبق وعد بلفور بسنوات كثيرة.

قانون نابليون

الصفحة الأولى من النسخة الأصلية للقانون المدني الفرنسي الصادر سنة 1804.

يُنسب لنابليون الفضل في صدور القانون المدني الفرنسي الذي اقتبسته باقي الدول الأوروبية التي غزاها، واستمرت سائرة عليه حتى بعد هزيمة بونابرت ونفيه خارج أوروبا. ومما نطقه نابليون عن قانونه: «إن فخري لا يجد مصدره في الأربعين معركة التي كسبتها في حياتي...فإن واترلويفترض أن تمحوذكرى كثير من الفوزات....لكن ما يفترض أن يحيا إلى الأبد، هوقانوني المدني». لا يزال قانون نابليون اليوم مقتبسًا في ربع الأنظمة القضائية حول العالم، يُضاف إليه بعض التعديلات التي تلائم جميع دولة ونظامها على حدة. يصف أحد المؤرخين الألمان هذا القانون على أنه "قانون ثوري" حفّز نموّ الطبقة البرجوازية في ألمانيا حتى أصبح المجتمع الألماني مجتمعًا برجوازيًا، وذلك عن طريق توسيعه وحمايته لحق الملكية الفردية ووضعه حداً للإقطاعية. وكان للتغييرات الإقليمية التي أجراها نابليون نتيجة لحروبه الكثيرة تأثيير كبير في تاريخ أوروبا الوسطى، لأنه ساعد على توحيد ألمانيا، فبعد حتى كانت قبل نابليون تتألف من حوالي ثلاثمائة ولاية أصبحت في أيامه تتألف من ثمان وثلاثين ولاية فقط، وكذلك كان الحال مع إيطاليا، وقد ساعدت هذه التغييرات على تطوير الفكرة والنزعة القومية والدول القائمة على هذا المبدأ.

البونابرتية

البونابرتية هي مصطلح مستخدم في تاريخ فرنسا السياسي، وهي ذات معنيين: المعنى الأول يُقصد به أولئك الذين أعادوا إحياء الإمبراطورية الفرنسية وتربّع آل بونابرت على عرش فرنسا، بما فيها أسرة نابليون الكورسيكية وسلالته المتمثلة بابن أخيه "لويس" الذي أصبح فيما بعد "نابليون الثالث" إمبراطور الإمبراطورية الفرنسية الثانية، وأول رئيس للجمهورية الفرنسية. وفي معنى أوسع، يُقصد بالبونابرتية حركة سياسية يمينية واسعة تدعوإلى قيام دولة مركزية مبنية على الشعوبية السياسية.

انتقاد نابليون

لوحة "الثالث من مايوسنة 1808، بريشة "فرانسيسكودي گويا"، وهي تُظهر إعدام عدد من المدنيين الإسبان بعد انتفاضة الثاني من مايو. أُعدمخمسة آلاف مقاوم إسباني خلال يومين فقط بأمر من نابليون، الأمر الذي يُشكل دافعًا آخر لانتقاده من قبل معارضيه.

قضى نابليون على حالة الفوضى والاضطراب التي كانت تعيشها فرنسا بعد انتهاء الثورة، الأمر الذي جعل منه شخصًا محبوبًا وبطلاً قوميًا في نظر الكثيرين، إلا حتى معارضيه نظروا إليه على أنه طاغية ومغتصب للسلطة، وما زال نقّاد نابليون يقولون بأنه لم تكن لديه أية معضلة في التضحية بآلاف بل بملايين الأشخاص في سبيل الوصول إلى الهدف الذي يبتغيه، وأنه في سعيه إلى السلطة المطلقة أشعل نار الحرب في أوروبا وأجج النزاعات فيها متجاهلاً المعاهدات والاتفاقيات المبرمة بين تلك الدول وفرنسا وبينها فيما بعضها في سبيل الحفاظ على السلام. كذلك فإن الدور الذي لعبه في الثورة الهاييتية وقراره الهادف إلى إعادة نظام العبودية في مستعمرات فرنسا في أنطقيم ما وراء البحار يُسيئ إلى سمعته كرجل دولة كبرى. هوجم نابليون أيضًا بسبب سماحه لجنوده بنهب المدن والبلاد التي دخلوها، فمتاحف فرنسا لا تزال غنية بالتحف والآثار التي غنمتها الجنود الفرنسية في الكثير من البلدان التي غزتها وأحضرتها إلى متحف اللوفر، الأمر الذي جعل منه متحفًا مركزيُا مهمًا؛ وقد أدى عمل بونابرت هذا إلى تقليد القادة اللاحقين له في غزواتهم، مما حرم الكثير من الدول من كنوزها القومية. وقد بلغ الحد ببعض المؤرخين، مثل "پيتر گيل" المؤرخ الهولندي، إلى مقارنة نابليون بالقائد النازي "أدولف هتلر"، وذلك في منطق له من سنة 1947، وقد نطق المؤرخ البريطاني "دايڤيد كاندلر" المختص بالحقبة البونابرتية في هذا التشبيه: "ما كان يمكن حتىقد يكون هناك تشبيه أكثر إهانة للأول وأكثر إطراءً للثاني".

يقول النقّاد أيضًا حتى الإرث الحقيقي الذي خلفه بونابرت هوفقدان فرنسا لهيبتها ومكانتها بين الدول العظمى "الحضارية" والموت غير المبرر لآلاف من الناس بعمل نزواته الشخصية. يقول المؤرخ "ڤيكتور دايڤيس هانسون": "...إن ما تقدمه الوثائق العسكرية لا يُمكن التشكيك فيه —17 سنة من الحروب المتواصلة نجم عنها حواليستة ملايين قتيل، وإفلاس للخزينة الفرنسية، وفقدان الدولة لمستعمراتها ما وراء البحار". يُضيف البعض حتى نابليون "يمكن وصفه بالرجل الذي أعاد الحياة الاقتصادية في أوروبا جيلاً كاملاً إلى الوراء بعمل التأثير المدمر لحروبه". يرد بعض المؤرخين على هذا الرأي بالقول إذا تحميل بونابرت اللوم على جميع ما حصل هولمجرد حتى تلك الحروب التي دارت رحاها في القارة الأوروبية تحمل اسمه، في حين أنه في واقع الأمر، كانت فرنسا ضحية سلسلة من التحالفات الدولية التي هدفت إلى القضاء على المبادئ المثالية للثورة. يقول بعض المنجمين حتى نابليون هوأحد أعداء المسيح الذين تنبأ بهم "نوستراداموس". وما تزال تُعقد حاليًا بعض المؤتمرات النابليونية الدولية التي يُساهم بها أعضاء من الجيش الفرنسي والأمريكي، بالإضافة إلى سياسيين فرنسيين وعدد من الباحثين من مختلف أنحاء العالم.

هوامش

مراجع

  1. ^ No regrets, says besieged Berlusconi
  2. ^ encyclopedia.com: Napoleonic Code
  3. ^ "Napoleon", "Bonaparte". Random House Webster's Unabridged Dictionary. نسخة محفوظةسبعة مارس 2016 على مسقط واي باك مشين.
  4. ^ Roberts, Andrew. Napoleon: A Life. Penguin Group, 2014, Introduction.
  5. ^ Charles Messenger, المحرر (2001). . Routledge. صفحات 391–427. ISBN . مؤرشف من الأصل في 22 أكتوبر 2015.
  6. ^ by Martin Sicker p.97 نسخة محفوظة 13 ديسمبر 2016 على مسقط واي باك مشين.
  7. ^ Kaushik Roy, War, Culture and Society in Early Modern South Asia, 1740–1849, (Routledge, 2011), 77.
  8. ^ Andrew Roberts, Napoleon: A Life (2014), p. xxxiii.
  9. ^ McLynn 1998, p.6
  10. ^ Bresler 1999, p.15–16
  11. ^ Asprey 2000, p.4
  12. ^ McLynn 1998, p.2
  13. ^ Cronin 1994, p.20–21
  14. ^ "Cathedral—Ajaccio". La Fondation Napoléon. مؤرشف من الأصل فيستة مايو2016. اطلع عليه بتاريخ 31 مايو2008.
  15. ^ Cronin 1994, p.27
  16. Roberts 2001, p.xvi
  17. ^ McLynn 1998, p.18
  18. ^ Kladstrup 2005, p.61–8
  19. Hibbert 1998, p.21–2
  20. ^ Asprey 2000, p.13
  21. ^ Wells 1992, p.74
  22. ^ McLynn 1998, p.23
  23. ^ McLynn 1998, p.26
  24. McLynn 1998, p.290
  25. ^ McLynn 1998, p.37
  26. ^ McLynn 1998, p.55
  27. ^ McLynn 1998, p.61
  28. Roberts 2001, p.xviii
  29. ^ Schom 1998, p.16
  30. ^ Schama 1989, p.688
  31. ^ McLynn 1998, p.103
  32. المصوّر في التاريخ، الجزء السابع. تأليف: شفيق جحا، بهيج عثمان، منير البعلبكي. دار الفهم للملايين، الطبعة السادسة 1999. صفحة: 254-255
  33. ^ Dwyer 2008, p.155
  34. ^ Schom 1998, p.25
  35. ^ McLynn 1998, p.92
  36. ^ Schom 1998, p.26
  37. ^ Dwyer 2008, p.164
  38. ^ McLynn 1998, p.93
  39. McLynn 1998, p.96
  40. ^ Johnson 2002, p.27
  41. ^ McLynn 1998, p.102
  42. ^ McLynn 1998, p.129
  43. ^ Schama 1989, p.738
  44. ^ McLynn 1998, p.132
  45. ^ McLynn 1998, p.145
  46. ^ McLynn 1998, p.142
  47. ^ Harvey 2006, p.179
  48. ^ McLynn 1998, p.135
  49. ^ Hanley 2005, Chapter 3
  50. ^ Schom 1998, pp.69–70
  51. ^ Schom 1998, p.87
  52. Watson 2003, p.13-14
  53. Amini 2000, p.12
  54. ^ Schom 1998, pp.72–73
  55. Alder 2002
  56. ^ McLynn 1998, p.175
  57. ^ نابليون أظهر تعاطفًا مع العثمانيين إسلام أون ليان، ولوج في 25 فبراير 2009 نسخة محفوظة 05 أغسطس 2010 على مسقط واي باك مشين.
  58. ^ الهجري، نقولا: "ذكر تملك جمهور الفرنساوية الأقطار المصرية والبلاد الشامية". صفحة 18 - 19 نسخة محفوظة 25 أغسطس 2019 على مسقط واي باك مشين.
  59. ^ Smith 1998, p.140
  60. المصور في التاريخ، الجزء السابع، بونابرت في لبنان الجنوبي، صفحة 131 - 132
  61. سوريا ولبنان وفلسطين تحت الحكم الهجري، من الناحيتين السياسية والتاريخية. ق.م. بازيلي. ترجمة: د. يسر جبر، مراجعة: د. منذر جبر. دار الحداثة. صفحة 96-97
  62. ^ الحملة الفرنسية على مصر: استعمار ام استشراق،يا ترى؟ شبكة النبأ المعلوماتية، تاريخ الوصول 25 فبراير 2009. نسخة محفوظة 30 مايو2013 على مسقط واي باك مشين.
  63. ^ Schom 1998, pp.176–179
  64. Roberts 2001, p.xx
  65. ^ Schom 1998, pp.139–144
  66. ^ Roberts 1995, p.147–160
  67. ^ McLynn 1998, p.189
  68. ^ المصور في التاريخ، الجزء السابع، موقف الأمير: حياد بين بونابرت والجزار، صفحة: 132
  69. ^ McLynn 1998, p.193
  70. Connelly 2006, p.57
  71. ^ Schom 1998, pp.186–188
  72. ^ Schom 1998, p.194
  73. ^ McLynn 1998, p.215
  74. ^ McLynn 1998, p.224
  75. ^ Chandler 2002, p.51
  76. McLynn 1998, p.235
  77. ^ Schom 1997, p.302
  78. ^ McLynn 1998, p.265
  79. ^ Jackson 2004, p.33
  80. ^ Ribbe 2007
  81. ^ Connelly 2006, p.70
  82. ^ McLynn 1998, 255
  83. ^ Blaufarb 2007, p.101–2
  84. ^ Edwards 1999, p.55
  85. ^ Bruce 1995, p.321–3
  86. ^ McLynn 1998, p.296
  87. McLynn 1998, p.297
  88. ^ McLynn 1998, p.321
  89. ^ McLynn 1998, p.332
  90. ^ Goetz 2005, p.301
  91. ^ Schom 1997, p.414
  92. ^ McLynn 1998, p.350
  93. ^ Cronin 1994, p.344
  94. Karsh 2001, p.11
  95. ^ Karsh 2001, p.12
  96. ^ McLynn 1998, p.356
  97. ^ McLynn 1998, p.370
  98. ^ McLynn 1998, p.426
  99. ^ McLynn 1998, p.497
  100. ^ Gates 2001, p.20
  101. ^ Chandler 1995, p.631
  102. ^ McLynn 1998, p.408
  103. ^ Harvey 2006, p.631
  104. ^ Gates 2001, p.177
  105. ^ Gates 2001, p.467
  106. ^ Napoleon Bonaparte, Memorial de Sainte-Helene, Vol 1 (Paris: Garnier fretes, 1961 (1823), pp. 609–610
  107. ^ Castle 1994, p.90
  108. ^ McLynn 1998, p.422
  109. ^ McLynn 1998, p.470
  110. ^ McLynn 1998, p.433–5
  111. ^ McLynn 1998, p.472
  112. ^ McLynn 1998, p.378
  113. ^ Riehn 1991, p.24
  114. ^ Riehn 1991, p.81
  115. ^ Alicja Deck-Partyka, Poland, a Unique Country & Its People, p. 35. نسخة محفوظة 22 مايو2016 على مسقط واي باك مشين.
  116. ^ McLynn 1998, p.504—505
  117. ^ Harvey 2006, p.773
  118. ^ McLynn 1998, p.518
  119. ^ Markham 1988, p.194
  120. ^ McLynn 1998, p.522
  121. ^ Markham 1988, p.190 and 199
  122. ^ McLynn 1998, p.541
  123. ^ McLynn 1998, p.549
  124. ^ McLynn 1998, p.565
  125. ^ Chandler 1995, p.1020
  126. ^ Fremont-Barnes 2004, p.14
  127. ^ McLynn 1998, p.585
  128. ^ Gates 2003, p.259
  129. ^ "Napoleon's act of abdication". Bulletin des lois de la Republique Francaise. مؤرشف من الأصل فيتسعة ديسمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 28 أغسطس 2009.
  130. ^ Schom 1998, p.702
  131. ^ McLynn 1998, p.597
  132. ^ McLynn 1998, p.604
  133. ^ McLynn 1998, p.605
  134. ^ Hibbert 1998, p.403
  135. ^ Chesney 2006, p.35
  136. ^ Cordingly 2004, p.254
  137. ^ Balcombe 1845
  138. ^ Thomson 1969, p.77–9
  139. ^ Schom 1997, p.769–770
  140. McLynn 1998, p.642
  141. ^ Woodward 2005, p.51–9
  142. ^ McLynn 1998, p.644
  143. ^ Macaulay 1986, p.141
  144. ^ Wilkins 1972
  145. ^ McLynn 1998, p.651
  146. McLynn 1998, p.655
  147. ^ Wilson 1975, p.293–5
  148. ^ Fulghum 2007
  149. ^ Driskel 1993, p.168
  150. ^ McLynn 1998, p.656
  151. ^ Johnson 2002, p.180–1
  152. Cullen 2008, p.146–48
  153. Cullen 2008, p.156
  154. ^ Mari 2004
  155. ^ Cullen 2008, p.50
  156. ^ Cullen 2008, p.161
  157. ^ McLynn 1998, p.117
  158. ^ McLynn 1998, p.271
  159. ^ McLynn 1998, p.118
  160. ^ McLynn 1998, p.188
  161. ^ McLynn 1998, p.284
  162. ^ McLynn 1998, p.100
  163. ^ McLynn 1998, p.663
  164. McLynn 1998, p.630
  165. ^ McLynn 1998, p.423
  166. ^ Lowndes 1943
  167. ^ Roberts 2001, p.272
  168. ^ "Napoleon Bonaparte (Character)". IMDB. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2017. اطلع عليه بتاريخ 12 أكتوبر 2008. and Bell 2007, p.13
  169. ^ Roberts 2004, p.93
  170. ^ "Sarkozy height row grips France". BBC.ثمانية September 2009. مؤرشف من الأصل في 09 يوليو2018. اطلع عليه بتاريخ 13 سبتمبر 2009.
  171. ^ Dunan 1963
  172. ^ Hall 2006, p.181
  173. ^ Bordes 2007, p.118
  174. Archer 2002, p.397
  175. ^ Flynn 2001, p.16
  176. ^ Archer 2002, p.383
  177. ^ Archer 2002, p.380
  178. ^ Archer 2002, p.404
  179. ^ O'Connor 2003
  180. ^ McLynn 1998, p.436
  181. ^ Schwarzfuchs 1979, p.50
  182. ^ Cronin 1994, p.315
  183. ^ Nathan Schur, Napoleon and the Holy Land
  184. ^ النكبة - الجزء الأول - خيوط المؤامرة على يوتيوب من إعداد وإخراج روان الضامن من قناة الجزيرة الفضائية
  185. ^ Wanniski 1998, p.184
  186. ^ Wood 2007, p.55
  187. ^ Scheck 2008, Chapter: The Road to National Unification
  188. ^ Astarita 2005, p.264
  189. ^ Alter 2006, p.61–76
  190. ^ Outhwaite 2003 p.50
  191. ^ Bertman 2002
  192. ^ Abbott 2005,p.3
  193. McLynn 1998, p.666
  194. ^ Repa, Jan (2 December 2005). "Furore over Austerlitz ceremony, BBC News, Friday, 2 December 2005". BBC News. مؤرشف من الأصل في 09 يوليو2018. اطلع عليه بتاريخ 05 أبريل 2010.
  195. ^ Poulos 2000
  196. ^ Geyl 1947
  197. ^ Chandler, p. xliii
  198. ^ Hanson 2003
  199. ^ Cronin 1994, pp.342–3
  200. ^ "Napoleon prophesied". Napoleon Series. مؤرشف من الأصل في 24 أبريل 2019. اطلع عليه بتاريخ 01 نوفمبر 2009.
  201. ^ "Call for Papers: International Napoleonic Society, Fourth International Napoleonic Congress". La Fondation Napoléon. مؤرشف من الأصل في 24 مارس 2016. اطلع عليه بتاريخ 27 يونيو2008.

معلومات

  1. ^ تعرّف نابليون خلال فترة دراسته في بريان على صانع الشمبانيا الشهير "جان ريمي مويت"، ونشأت بين الاثنين صداقة حميمة، حيث كان بونابرت غالبًا ما يزور مويت في قصره ويُمضي عنده عدّة أيام. يُعهد بأن الجنود الفرنسية كانت تفتح زجاجة شمبانيا باستخدام السيف عند جميع فوز تحققه، وهذا يشير على حتى نابليون كان على الأرجح يُنفع صديقه عن طريق شراء الكثير من زجاجات الشمبانيا لجنوده.
  2. ^ على الرغم من تفوق نابليون في حقل الرياضيات، إلا أنه لا يظهر حتى هناك أي صلة بين اسمه ومبرهنة نابليون، كما يقول المؤرخون.
  3. ^ خلال هذه الفترة، كان رؤساء نابليون ومرؤوسوه ينادوه "بونابرت" فقط، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى تقلّد منصب القنصل الأول "مدى الحياة".
  4. ^ يقول بعض المؤرخين بأن نابليون سُجن في الحصن المربع (بالفرنسية: Fort Carré)‏ الواقع في بلدة "انتيب" ولم يوضع تحت الإقامة الجبرية، إلا أنه لا يوجد أي مرشد يُفيد بصحة هذا القول.
  5. ^ صوّرت هذه الحملة في لوحة "بونابرت يعبر جبال الألب" (بالفرنسية: Bonaparte franchissant les Alpes)‏ للفنان "هيپّوليت ديلاروش"، وفي اللوحة الإمبراطورية للفنان "جاك لويس دايڤيد" التي حملت ذات الاسم. وفي اللوحة الأخيرة رُسم نابليون بشكل أقل واقعية حيث يظهر وهويقود هجومًا على صهوة جواده على إحدى المنحدرات الجبلية.
  6. ^ يقول بعض المؤرخين حتى الفرنسيين استخدموا غرف الإعدام بالغاز لقتل عشرات الثوّار الهايتيين دفعة واحدة.
  7. ^ قام نابليون بإهداء البابا عصابة مرصعة بعد الانتهاء من احتفال التتويج. يُرمز إلى هذه العصابة اليوم باسم "عصابة نابليون".
  8. ^ كانت هذه عادة إنگليزية قديمة، تتمثل في قيام أصحاب البيوت بإشعال الشموع ووضعها على حافة الشبابيك المطلة على الشارع إعلانًا بوقوع وقع سعيد.
  9. ^ جرت العادة في العصور السابقة على حتى يتم صناعة أوسكب قناع على وجه الملك أوالقائد المتوفى حديثًا والاحتفاظ به. من المعروف حتى أربعة أقنعة موت خاصة بنابليون ما تزال موجودة: أحدها في متحف الرواق، الواقع في ولاية نيوأورلينز الأمريكية، والثاني في متحف ليڤرپول ببريطانيا، والثالث في هاڤانا، والرابع في مخطة جامعة كارولينا الشمالية.
  10. ^ يستطيع جسد الإنسان حتى يتحمل جرعات كبيرة من الزرنيخ بحال قام المرء باستهلاك كمية معينة منه بانتظام. وفي زمن نابليون كان الناس يتناولون الزرنيخ بكثرة نظراً لأنه كان يُعتبر دواءً شافيًا لكل أنواع الأمراض.
  11. ^ تعرّض نابليون في إحدى الليالي عندما كان برفقة ممثلة تُدعى "مارغريت جورج" إلى نوبة قويّة. وقد جعلت هذه النوبة إضافة إلى نوبات أخرى أقل حدة منها، جعلت المؤرخين يتسائلون عمّا إذا كان نابليون مصاباً بالصرع، وإلى أي درجة كان يُعاني منه بحال كان ذلك سليمًا.
  12. ^ وصل طول قامة نابليون إلىخمسة أقدام وإنشين فرنسيين كما أفاد طبيبه الخاص عند تشريح جثته، أما المصادر البريطانية فتشير إلى حتى طول قامته وصل إلىخمسة أقدام و7 إنشات بريطانية، وكلا القياسين يُقابله من حيث المقياس المتري 1.7 أمتار. أحاط نابليون نفسه بحرّاس شخصيين طوال القامة، وكان يُلقب "بالعريف الصغير" (بالفرنسية: le petit caporal)‏ ويُعتبر هذا اللقب لقبًا رقيقًا يعكس صداقته الحميمة مع جنوده كما يُزعم.

مصادر

دراسات سير ذاتيَّة

  • Asprey, Robert B. (2000), , Basic Books, ISBN , مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020 CS1 maint: ref=harv (link)
  • Cronin, Vincent (1994). Napoleon. HarperCollins. ISBN .
  • D. & P. Kladstrup. . HarperCollins. ISBN .
  • Dwyer, Philip (2008). Napoleon: The Path to Power. Yale University Press. ASIN B00280LN5G. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Fenton, Bresler (1999). . New York: Carroll & Graf. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Hibbert, Christopher, المحرر (1988). "Morrell Avenue / Morrell's Brewery". The Encyclopaedia of Oxford. Macmillan. ISBN .
  • McLynn, Frank (1998). Napoleon. Pimlico. ISBN . ASIN 0712662472. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Schama, Simon (1989). . New York: Alfred A. Knopf. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Roberts, Andrew (2014). Napoleon: A Life. Penguin Group. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Schom, Alan (1998). . Harper Perennial. ISBN .
  • Abbott, John (2005). Life of Napoleon Bonaparte. Kessinger Publishing. ISBN .
  • Bell, David A. (2015). Napoleon: A Concise Biography. Oxford and New York: Oxford University Press. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link) only 140pp; by a scholar
  • Blaufarb, Rafe (2007). Napoleon: Symbol for an Age, A Brief History with Documents. Bedford. ISBN .
  • Chandler, David (2002). Napoleon. Leo Cooper. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Cronin, Vincent (1994). Napoleon. HarperCollins. ISBN .
  • Dwyer, Philip (2008). Napoleon: The Path to Power. Yale University Press. ASIN B00280LN5G. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Dwyer, Philip (2013). Citizen Emperor: Napoleon in Power. Yale University Press. ASIN B00GGSG3W4. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Englund, Steven (2010). Napoleon: A Political Life. Scribner. ISBN .
  • Gueniffey, Patrice. Bonaparte: 1769–1802 (Harvard UP, 2015, French edition 2013); 1008 pp.; vol 1 of most comprehensive recent scholarly biography by leading French specialist; less emphasis on battles and campaigns excerpt؛ also online review
  • Johnson, Paul (2002). Napoleon: A life. Penguin Books. ISBN . ; 200 pp.; quite hostile
  • Lefebvre, Georges (1969). . Columbia University Press. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2016. influential wide-ranging history
    • Lefebvre, Georges (1969). . Columbia University Press. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2016.
  • Lyons, Martyn (1994). Napoleon Bonaparte and the Legacy of the French Revolution. St. Martin's Press. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Markham, Felix (1963). . Mentor. مؤرشف من الأصل في 20 أبريل 2010. ; 303 pp.; short biography by an Oxford scholar online
  • McLynn, Frank (1998). Napoleon. راندوم هاوس. ISBN . ASIN 0712662472. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Roberts, Andrew (2014). Napoleon: A Life. Penguin Group. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Thompson, J.M. (1951). . Oxford U.P. مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2016. , 412 pp.; by an Oxford scholar

دراسات تخصُّصيَّة

  • Alder, Ken (2002). . Free Press. ISBN .
  • Alter, Peter (2006). T. C. W. Blanning and هاغن شولز (المحرر). Unity and Diversity in European Culture c. 1800. Oxford University Press. ISBN .
  • Amini, Iradj (2000). . Taylor & Francis. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Archer, Christon I.; Ferris, John R.; Herwig, Holger H. (2002). . University of Nebraska Press. ISBN .
  • Astarita, Tommaso (2005). . W.W. Norton & Company. ISBN .
  • Bell, David (2007). . Houghton Mifflin Harcourt. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Bordes, Philippe (2007). . Yale University Press. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Brooks, Richard (2000). Atlas of World Military History. HarperCollins. ISBN .
  • Chandler, David (1966). . New York: Scribner. ISBN . OCLC 740560411. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Chandler, David (1973) [1966]. The Campaigns of Napoleon. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Chesney, Charles (2006). Waterloo Lectures:A Study Of The Campaign Of 1815. Kessinger Publishing. ISBN .
  • Connelly, Owen (2006). Blundering to Glory: Napoleon's Military Campaigns. Rowman & Littlefield. ISBN .
  • Cordingly, David (2004). The Billy Ruffian: The Bellerophon and the Downfall of Napoleon. Bloomsbury. ISBN .
  • Cullen, William (2008). Is Arsenic an Aphrodisiac?. Royal Society of Chemistry. ISBN .
  • Driskel, Paul (1993). As Befits a Legend. Kent State University Press. ISBN .
  • Flynn, George Q. (2001). Conscription and democracy: The Draft in France, Great Britain, and the United States. Greenwood Publishing Group. ISBN .
  • Fremont-Barnes, Gregory; Fisher, Todd (2004). The Napoleonic Wars: The Rise and Fall of an Empire. Osprey. ISBN .
  • Fulghum, Neil (2007). "Death Mask of Napoleon". University of North Carolina. مؤرشف من الأصل في 26 يوليو2013. اطلع عليه بتاريخ 04 أغسطس 2008.
  • Gates, David (2001). The Spanish Ulcer: A History of the Peninsular War. Da Capo Press. ISBN .
  • Gates, David (2003). The Napoleonic Wars, 1803–1815. Pimlico. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Godechot, Jacques; et al. (1971). . Holt, Rinehart and Winston. مؤرشف من الأصل في 21 مايو2019.
  • Grab, Alexander (2003). Napoleon and the Transformation of Europe. Macmillan. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Hall, Stephen (2006). . Houghton Mifflin Harcourt. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Harvey, Robert (2006). The War of Wars. Robinson. ISBN .
  • Hindmarsh, J. Thomas; Savory, John (2008). "The Death of Napoleon, Cancer or Arsenic?". Clinical Chemistry. 54 (12): 2092. doi:10.1373/clinchem.2008.117358. مؤرشف من الأصل في 25 أكتوبر 2011. اطلع عليه بتاريخعشرة أكتوبر 2010.
  • Karsh, Inari (2001). . Harvard University Press. ISBN . مؤرشف من الأصل في 13 أبريل 2020.
  • Mowat, R.B. (1924) The Diplomacy of Napoleon (1924) 350 pp. online
  • O'Connor, J; Robertson, E F (2003). "The history of measurement". St Andrew's University. مؤرشف من الأصل في 30 أغسطس 2019. اطلع عليه بتاريخ 18 يوليو2008.
  • Poulos, Anthi (2000). "1954 Hague Convention for the Protection of Cultural Property in the Event of Armed Conflict". International Journal of Legal Information (الطبعة vol 28). 28: 1–44. doi:10.1017/S0731126500008842. مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Richardson, Hubert N.B. A Dictionary of Napoleon and His Times (1921) online free 489pp
  • Roberts, Chris (2004). . Granta. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Schom, Alan (1997). . HarperCollins. ISBN . CS1 maint: ref=harv (link)
  • Schroeder, Paul W. (1996). . Oxford U.P. صفحات 177–560. ISBN . مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 2016. advanced diplomatic history of Napoleon and his era
  • Schwarzfuchs, Simon (1979). Napoleon, the Jews and the Sanhedrin. Routledge. ISBN .
  • Watson, William (2003). . Greenwood Publishing Group. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020. اطلع عليه بتاريخ 12 يونيو2009.
  • Sicker, Martin (2001). . Greenwood. صفحة 99. ISBN . مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020. CS1 maint: ref=harv (link)
  • Wells, David (1992). The Penguin Dictionary of Curious and Interesting Geometry. Penguin Books. ISBN .

دراسات تاريخيَّة ومُذكرات

  • Broadley, Alexander Meyrick (1911). . مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 2019.
  • Dwyer, Philip G. (2004). "Napoleon Bonaparte as Hero and Saviour: Image, Rhetoric and Behaviour in the Construction of a Legend". French History. 18 (4): 379–403. doi:10.1093/fh/18.4.379.
  • Dwyer, Philip (2008). "Remembering and Forgetting in Contemporary France: Napoleon, Slavery, and the French History Wars". French Politics, Culture & Society. 26 (3): 110–22. doi:10.3167/fpcs.2008.260306. مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Englund, Steven. "Napoleon and Hitler". Journal of the Historical Society (2006) 6#1 pp. 151–69.
  • Geyl, Pieter (1982) [1947]. . Penguin Books. مؤرشف من الأصل في 16 مارس 2020.
  • Hanson, Victor Davis (2003). ". The Claremont Institute. مؤرشف من الأصل في 24 أغسطس 2019.
  • Hazareesingh, Sudhir (2005). The Legend of Napoleon. excerpt and text search
    • Hazareesingh, Sudhir. "Memory and Political Imagination: The Legend of Napoleon Revisited", French History (2004) 18#4 pp. 463–83.
    • Hazareesingh, Sudhir (2005). "Napoleonic Memory in Nineteenth-Century France: The Making of a Liberal Legend". MLN. 120 (4): 747–73. doi:10.1353/mln.2005.0119.

وصلات خارجية

  • السلسلة النابليونية
  • الجمعية النابليونية العالمية
  • نابليون بونابرت والشطرنج، إدوارد وينتر (مؤرخ للعبة الشطرنج).
  • سيرة حياة نابليون الأول من هيئة الإذاعة العامة الأمريكية.
  • كتاب مجاني: ذكريات نابليون على مشروع غوتنبرغ
  • جون هولند روز: كتاب مجاني: حياة نابليون الأول على مشروع غوتنبرغ
  • جون گيبسون لوكهارت: كتاب مجاني: تاريخ نابليون بونابرت على مشروع غوتنبرغ
  • وليام ميليگان سلون: كتاب مجاني: حياة نابليون الأول على مشروع غوتنبرغ المجلد. 1/4
  • وليام ميليگان سلون: كتاب مجاني: حياة نابليون الأول. على مشروع غوتنبرغ المجلد. 3/4
  • حكم ناپوليون. كتاب، محمد لطفي جمعة، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
  • النسر الأعظم. كتاب، يوسف البستاني، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
نابليون الأول
عاهل آل بونابرت
ولد: 15 أغسطس 1769 توفي:خمسة مايو1821
المناصب السياسية
لقب جديد
انحلال حكومة الإدارة
قنصل مُؤقت للجمهورية الفرنسية

11 نوفمبر – 12 ديسمبر 1799
إلى جانب:
روجيه دوكوس وعمانوئيل جوزيف سيس

أصبح القنصل الأول
لقب جديد
تأسيس القنصليَّة
القنصل الأول للجمهورية الفرنسية

12 ديسمبر 1799 – 18 مايو1804
إلى جانب:
جان جاك ريجيس دي كامباسيرس (القنصل الثاني)
شارل فرانسوا ليبرون (القنصل الثالث)

أصبح إمبراطورًا
لقب جديد
تأسيس الجمهورية الإيطالية
رئيس الجمهورية الإيطالية

26 يناير 1802 – 17 مارس 1805

شاغر
(أصبح ملكًا)
حامل اللقب التالي
إنريكودي نيكولا
لقب جديد
انحلال الجمهورية الهلڤتيكية
وسيط الاتحاد السويسري

19 فبراير 1803 – 19 أكتوبر 1813

تأسيس اتحاد جديد
ألقاب ملكية
شاغر
الثورة الفرنسية
آخر من حمل اللقب
لويس السادس عشر
كملك الفرنسيين
إمبراطور الفرنسيين

18 مايو1804 – 11 أبريل 1814

تبعه
لويس الثامن عشر
كملك فرنسا ونبرة
شاغر
آخر من حمل اللقب
كارلوس الخامس
كآخر الملوك المتوجين، 1530
ملك إيطاليا

17 مارس 1805 – 11 أبريل 1814

شاغر
حامل اللقب التالي
ڤيكتور عمانوئيل الثاني الساڤويوي
شاغر
آخر من حمل اللقب
لويس السادس عشر
الأمير القسيم لأندورة

1806 – 11 أبريل 1814

تبعه
لويس الثامن عشر
لقب جديد
إنشاء الدولة
حامي اتحاد الراين

12 يوليو1806 – 19 أكتوبر 1813

انحلال الاتحاد
الحاكم التالي:
فرنسيس الأول النمساوي
بصفته في النمسا
لقب جديد عاهل جزيرة إلبا

11 أبريل 1814 – 20 مارس 1815

هُجر اللقب
سبقه
لويس الثامن عشر
كملك فرنسا ونبرة
إمبراطور الفرنسيين
الأمير القسيم لأندورة

20 مارس – 22 يونيو1815

تبعه
لويس الثامن عشر
كملك فرنسا ونبرة
(نابليون الثاني
بحسب وصيَّته)
ألقاب انادىئيَّة بِالأحقيَّة
لقب جديد — المنصب —
إمبراطور الفرنسيين
11 أبريل 1814 – 20 مارس 1815
شاغر
حامل اللقب التالي
نابليون الثاني
تاريخ النشر: 2020-06-01 23:35:27
التصنيفات: مواليد 1769, وفيات 1821, حاصلون على نيشان القديس ألكسندر نيفيسكي, حائزون على وسام القديس أندراوس, فرسان الصوف الذهبي, نابليون, أباطرة فرنسيون, أشخاص تعرضوا لمحاولة اغتيال, أشخاص حرموا كنسيا من قبل الكنيسة الرومانية الكاثوليكية, أشخاص من أجاكسيو, أشخاص من الإمبراطورية الفرنسية الأولى, أشخاص من كورسيكا, أعضاء الأكاديمية الفرنسية للعلوم, أمراء أندورا, أمراء أندورا القرن 19, الصلبان العظمى لوسام القديس جيمس السيف, الصلبان العظمى لوسام المسيح (البرتغال), الموت في المملكة المتحدة, جامعو فنون فرنسيون, جنائز رسمية, حاصلون على وسام عقاب أسود, حكام في أوروبا في القرن 18, حكومة القناصل الفرنسية 1799 ـ 1804, رومان كاثوليك فرنسيون, شخصيات في الحرب والسلم, شخصيات ملكية تنازلت عن العرش, عائلة بونابرت, عسكريون فرنسيون, فرنسيون من أصل إيطالي, قادة عسكريون, قادة عسكريون فرنسيون في حروب الثورة الفرنسية, قادة فرنسا القرن 18, قادة وصلوا إلى السلطة عن طريق انقلاب, ملوك أسروا واحتجزوا خلال الحرب, ملوك القرن 19 في أوروبا, ملوك إيطاليا القرن 19, ملوك فرنسا, ملوك كاثوليك, مواليد في أجاكسيو, وفيات بسبب السرطان, وفيات بسبب سرطان المعدة, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, مقالات تحتوي نصا بالفرنسية, صفحات تستخدم خاصية P1559, صفحات بها بيانات ويكي بيانات, صفحات تتجاهل قيم ويكي بيانات, مواليد 15 أغسطس, صفحات تستخدم خاصية P509, صفحات تستخدم خاصية P119, صفحات تستخدم خاصية P2048, صفحات تستخدم خاصية P463, صفحات تستخدم خاصية P1050, صفحات تستخدم خاصية P22, صفحات تستخدم خاصية P25, صفحات تستخدم خاصية P3373, صفحات تستخدم خاصية P39, صفحات تستخدم خاصية P580, صفحات تستخدم خاصية P582, صفحات تستخدم خاصية P69, صفحات بها مراجع ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P106, صفحات تستخدم خاصية P1412, صفحات تستخدم خاصية P410, صفحات تستخدم خاصية P607, صفحات تستخدم خاصية P166, صور كما في ويكي بيانات, صفحات تستخدم خاصية P345, صفحات تستخدم قالب:صندوق معلومات شخص مع وسائط غير معروفة, مقالات تحتوي نصا بالإسبانية, مقالات تحتوي نصا بالإنجليزية, CS1 maint: ref=harv, وصلات إنترويكي بحاجة لمراجعة, صفحات تستخدم خاصية P214, صفحات تستخدم خاصية P1309, صفحات تستخدم خاصية P244, صفحات تستخدم خاصية P213, صفحات تستخدم خاصية P227, صفحات تستخدم خاصية P906, صفحات تستخدم خاصية P268, صفحات تستخدم خاصية P651, صفحات تستخدم خاصية P1015, صفحات تستخدم خاصية P245, صفحات تستخدم خاصية P409, صفحات تستخدم خاصية P396, صفحات تستخدم خاصية P650, بوابة القرن 18/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, بوابة أعلام/مقالات متعلقة, بوابة علوم عسكرية/مقالات متعلقة, بوابة تاريخ أوروبا/مقالات متعلقة, بوابة فرنسا/مقالات متعلقة, بوابة الإمبراطورية الفرنسية الأولى/مقالات متعلقة, بوابة ملكية/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات, مقالات مختارة, صفحات مختارة بدون رقم النسخة, الصفحات التي لا تقبل ربط البوابات المعادل

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

21 % زيادة بالمساحات المستصلحة بمشروع المليون ونصف فدان 20/21.. انفو جراف

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:27
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 41%

هيئة محلفين أميركية توجه اتهامات إلى لاجئ أفغاني بقتل 4 مسلمين

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:24:14
مستوى الصحة: 84% الأهمية: 87%

الولايات المتحدة تجدد دعوتها إلى وقف التصعيد في ليبيا

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:23:22
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 69%

مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 23 - 8 - 2022 والقنوات الناقلة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:30
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 36%

لأسباب شخصية.. أحمد عبداللطيف يستقيل من رئاسة تحرير «سلسلة الجوائز»

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:03
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 69%

انقطاع مياه الشرب عن مدينة قها بالقليوبية 3 ساعات اليوم لغسيل الشبكات

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:38
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 35%

أحمد كريمة: زواج المتعة خطر وضد كرامة المرأة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:35
مستوى الصحة: 33% الأهمية: 50%

احذر.. رادار المرور يلتقط 1356 سيارة تنطلق بسرعات جنونية

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:37
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 43%

طلاب الثانوية العامة دور ثان يؤدون اليوم امتحان الاقتصاد والإحصاء

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:39
مستوى الصحة: 44% الأهمية: 50%

مصدر روسي: اغتيال الصحفية داريا دوجينا كان يستهدفها هي نفسها

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:57
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 69%

روسيا تدعو الدول النووية الخمس إلى منع صدام نووي بين القوى

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:23:19
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 61%

موسم التحديات.. الزمالك يحسم الدورى الـ14 فى تاريخه.. فيديو

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:33
مستوى الصحة: 35% الأهمية: 49%

الخطوط الجوية البريطانية تلغى 10000 رحلة من مطار هيثرو بين أكتوبر ومارس

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:28
مستوى الصحة: 40% الأهمية: 35%

محامو ترامب يطالبون بتعيين طرف مستقل لمراجعة وثائق "مار إيه

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:23:16
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 55%

وكالة إيرانية تعلن مقتل قائد بـ«الحرس الثوري» في سوريا

المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:24:14
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

ضبط 267 قضية مصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية خلال 24 ساعة

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:29
مستوى الصحة: 39% الأهمية: 46%

وزير الداخلية الجزائري: الإبقاء على مستوى عال من التأهب وال

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:23:15
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 58%

مصرع شخص وإصابة آخرين بعد انهيار سقف مقهى بطنجة(صور)

المصدر: أخبارنا المغربية - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:23:21
مستوى الصحة: 66% الأهمية: 74%

10 كتب جديدة عن مشروع النشر بقصور الثقافة

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-08-23 03:22:04
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية