البارئ (أسماء الله الحسنى)

البارئ في الإسلام هوأحد أسماء الله الحسنى، ومعناه: واهب الحياة للأحياء، والسالم الخالي من أي عيب، وبرأ الله الخلق: خلقهم، وأوجدهم من العدم.

المعنى اللغوي

يعود أصل حدثة "البارئ" إلى العمل برأ، تقول العرب: برأَ الله تعالى عباده يبرؤهم بُرءاً، بمعنى: خلقهم، والبارئ اسم فاعل بمعنى: الخالق؛ ومن قبيل هذا الاستخدام اللغوي قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما كان يحلف: "لا، والذي فلق الحبة وبرأ النَّسَمَة"، وكذلك قول الشاعر: "وكل نفس على سلامتها... يميتها الله ثمَّ يبرؤها"

وينطق: بريت العودَ أوالقلم أبريه برياً، والمعنى: نحتّه وحددّته، ويُسمّى الذي يسقط منه إذا بُري: البرُاية.

ويذكر فهماء اللغة حتى الباء والراء والهمزة لهما معنيان أصيلان، الأوّل: الخلق، فالله سبحانه وتعالى برأ الخلق يبرؤهم بُرءاً، وهوالبارئ، وقد وصفه بذلك نبيّ الله موسى عليه السلام في قوله: فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ (سورة البقرة، الآية 54) ، واتى في سورة الحديد قوله تعالى: مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا (سورة الحديد، الآية 22) ، وتأويلها: من قبل حتى نبرأ الأنفس ونخلقها، كما ذكر ذلك أهل التفسير.

والبريّة هم الخلائق، ومنه قوله تعالى: أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (سورة البينة، الآية 6)، بمعنى: شرّ الخليقة.

وأما المعنى الثاني: التباعد من الشيء ومزايلته –مأخوذٌ من الزوال-، ومن استخدامات هذا المعنى وصف زوال السقمِ من المريض بأنّه برءَ منه، فينطق: برئت من السقم، وبرأت، أبرأُ بُرءاً.

وفي خط السنة حتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عندما خرج من عند رسول الله - - في وجعه الذي توفي فيه، سأله الناس: : يا أبا الحسن، كيف من الممكن أن أصبح رسول الله - -؟، فنطق: أصبح بحمد الله بارئاً، رواه البخاري، أي معافاً من سقمه الذي كان يشكومنه.

والبراءة تحمل معنى المفاصلة والمباعدة، وعلى ضوء ذلك نفهم قوله تعالى: إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي (سورة الزخرف، الآية 26 و27)، وقوله تعالى: بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ (سورة التوبة، الآية 1)، وكذلك نفهم وصف العرب لأول ليلةٍ من الشهر القمري بأنها: ليلة البراء؛ لمزايلة القمر عن السماء تلك الليلة واختفائه.

ومن أمثلة هذا الاستخدام ما رواه مسلم في سليمه، حتى رسول الله - - يتنفس في الشراب ثلاثاً، ويقول: «إِنَّهُ أَرْوَى ، وَأَبْرَأُ ، وَأَمْرَأُ» والمعنى مأخوذٌ من المزايلة والمباعدة، فيكون مقصود اللفظة النبويّة: حتى الشرب بهذه الكيفيّة أكثر إرواءً للنفس وإبعاداً للعطش.

وأما الاستبراء، وهوالمصطلح الذي يذكره الفقهاء كثيراً في أبواب الطهارة، فالمقصود به حتى يستفرغ المكلّف بقيّة البول، وينقّي موضعه ومجراه حتى يبريهما منه، أي يبينه عنهما، ويحقّق بذلك الطهارة الكاملة.

المعنى الاصطلاحي

من خلال المعاني اللغويّة السابقة يمكن فهم معنى اسم الله "البارئ" بأنّه الموجد والمبدع والخالق سبحانه وتعالى، وذلك بالعودة إلى حتى معنى برأ بمعنى خلق، وأن من معاني هذا الاسم العظيم: فصل الخلائق بعضهم عن بعض والتمييز فيما بينها، أخذاً من معنى المزايلة والمباعدة.

يقول الشيخ السعدي: "البارئ، الذي خلق جميع الموجودات وبرأها، وسواها بحكمته، وصورها بحمده وحكمته، وهولم يزل ولا يزال على هذا الوصف العظيم".
ويبقى معنى ثالث ذكره بعض الفهماء، وهوحتى "البارئ هوالذي خلق الخلق بريئاً من التفاوت، والنقص، والعيب والخلل، وهوالذي خلق الخلق متميزاً بعضه عن بعض"، نطق سبحانه وتعالى: مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ (سورة الملك، الآية 3).

أدلة هذا الاسم من النصوص الشرعيّة

ورد اسم الله البارئ في قوله تعالى: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (سورة الحشر).

وورد مرّتين متتاليتين وصفاً، في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (سورة البقرة).

المراجع

^ قاموس المعاني. نسخة محفوظة 17 يناير 2015 على مسقط واي باك مشين.
↑ مسقط إسلام ويب,معجم أسماء الله الحسنى نسخة محفوظة 11 مايو2020 على مسقط واي باك مشين.
^ [الوجيز في شرح أسماء الله الحسنى,محمد الكوس,الطبعة الرابعة,سنةالنشر1426,صفحة19]