تقع بلدية الهامل في الجنوب الغربي لمدينة بوسعادة في ولاية مسيلة.

نبذة

تبعد عن بوسعادة بـ10 حدث. علي الطريق الوطني رقم 89 الرابط بين دائرة بوسعادة ودائرة عين الملح وتبعد عن الجزائر العاصمة ب 256 كم

وتنتمي قرية الهامل إلي سلسلة جبال الزاب الأطلس الصحراوي كما يحدها من الجهة الشمالية الشرقية جبل سمساد وارتفاعها 1003م. يحدها من الجهة الغربية جبل عمران ومن الشمال جبل الأخناق أما من الجهة الجنوبية فيحدها دائرة جبل امساعد (عين أغراب), هذا المسقط الذي يتوسط الجبال جعل القرية علي مقعر شديد التضرس بحيث تخترقها شعب كثيرة كما يمر بالمدينة وادي بوسعادة الذي يقسم مدينة بوسعادة إلى قسمين يصب بدوره في شط الحضنة، ومن أبرز المدن التي هي علي حدود مع الهامل هي مدينة بوسعادة التي تقع في الجهة الشمالية الشرقية.

تاريخ البلدية

بلدية الهامل تقع إلى الجنوب من مدينة بوسعادة. تحيط بها من جميع الجهات جبال تشكل ما يشبه الحصن. ويجري أسفلها واد كثير الينابيع، عذب الماء، تزين ضفافه بساتين صغيرة، فيها من شتى أنواع الثمار المعروفة بالمنطقة.

التسمية

يمكن حتى تكون التسمية من كون هذه القرية مهملة في وهدة تحفها الجبال من جميع جهة، بحيث لا يهتدي إليها إلا القاصدون، ولا يقف عندها إلا الوافدون.وبالعمل فهي بمنأى عن طريق القوافل المتنقلة إلى الجلفة عن طريق بوسعادة.ولولا أنها معقل فهمي، ومفهم حضاري ماعهدها غير أبنائها، وأهل الناحية المتاخمة لها، ويحضرني بالمناسبة قول الشيخ سيدي محمد المكي بن عزوز في واحدة من قصائده

• لبلد الأشراف وهوالهامل *** سمي بذا لعل الأصل الكامل

• فأبدل الكاف اختشاء العين ***بالهاء فا لحظه قرير العين

• أوهامل أهلوه في حب النبي ***هاموا بوادي العشق عالي الرتب

• أوبلد الهامل أي يفيد *** دنيا ودينا حائرا يريد

العمارة

إن الغالب في التسميات الأولى للحواضر في وطننا حتى يكتنفها ما يدخله الصوفية في عالم الكرامة، وما يراه معاصرون من قبيل الأسطورة، ولا نملك إلا حتى نسلم لما بلغنا بالتواتر، لأن الروايات الشفوية مصدر من مصادر الخبر إذا عدمنا الأثر الكتابي القديم الذي يؤرخ للحادثة كيف من الممكن أن ما كان.وبلدة الهامل واحدة من هذه الحواضر التي تناقل الرواة حادثة نشأتها على الصورة التي سنوردها حسب ما استقيناها من مصادر نراها موثوقة.

إن الرواة يوردون قصتين ؛ أولاهما: إذا حجاجا نزلوا بعين الماء المسماة اليوم " عين التوتة " فوجدوا غير بعيد منها جملا ضالا... وأخذت أحدهم سنة من النوم، فرأى جده في المنام يقول له " يا عامر لا تفرط في الجمل الهامل " فقام من لحظته، لينبئ رفقته أنه ينوي المكوث بهذا المكان، فمن شاء حتى يبقى معه فليعمل، ومن هنا سمي سيدي أحمد المكان بالهامل، والجبل الذي تتوسده القرية عمران، هذا ما رواه مرجع فرنسي قديم بعض الشيء استند فيه إلى أحد الرواة من أهل المنطقة.

والرواية الثانية – وهي الأكثر تداولا – تقول: إذا جماعة من الحجاج الأشراف، الزهاد الفهماء كانوا في طريق عودتهم من البقاع المقدسة، يغدون السير إلى موطنهم بجبال عمور ؛ مقر سكناهم فداهمهم الليل في هذا المكان الذي كانت به عين ماء تؤمها القبائل المجاورة، لتستقي منها، فصلوا العشاء وغرزوا عصيهم، وناموا.ولما صلوا صبح اليوم الموالي عثر اثنان منهم حتى عصويهما صارتا غصنين لشجرتي توت، مما أنبأهما حتى عليهما حتى يلقيا عصا الترحال بهذا المكان، فأقاما فيه، على حين واصل غيرهما المسير، وبقيا ينتظران الفأل الذي استقر رأيهما حتىقد يكون فيه ما يؤذن بتسمية المكان. فسمعا مناديا ينادي بأعلى جبل عمران ؛ الذي تتوسده القرية ؛:" يا من رأى جملا هاملا." لعله كان ينشد جمله الذي أضله فاستقر رأيهما على حتى تسمى القرية الهامل.

وهذان الحاجان الشريفان الوليان هما: سيدي أحمد بن عبد الرحيم وابن أخيه سيدي عبد الرحيم أعتبر الجحاج ما وقع أمرا إلهيا وإذنا ربانيا لهما بالاستقرار وعمارة المكان وحمل الجميع أيديهم إلى السماء متضرعين إلى الله بالنادىء راغبين إليه في حتى يجعل هذا البلد آمنا مطمئنا عامرا بالدين والفهم.

وما تزال شجرات التوت تعمر المكان وتضلل عين الماء التي هبط بها الحجاج، شاهدا حيا على حتى هذه السيرة –في الجزء الأكبر منها على الأقل ليست من نسج الخيال وإلا بماذا نفسر وجود شجرات التوت في مكان يندر فيه تواجد هذا النوع من الشجر، ولا عهد مثل هذا الشجر في الموطن الأصلي لسكان الهامل. ويضاف إلى الرواية انهم دعوا بأن تكون خالية من السوق. وإن صحت، فقد استجاب لهم ربهم، فلم تقم بالبلدة سوق منذ تأسيسها إلى اليوم، رغم تعدد المحاولات. قد استجاب الله نادىء هذا النفر من الحجاج الأتقياء، الذين نزلوا هذا المكان، لأن هذه القرية عمرت بالدين، منذ ذلك الوقت، ببناء أول مرفق ديني يستقطب الناس، وهوالمسجد، الذي بنوه بجوار العين، لتعليم أبنائهم ومن حولهم، كما سبقت الإشارة إليه. كما حتى هذا ما يؤكده سكان البلدة، من الواقع الذي كانت عليه الحال آنذاك. لأنه إذا كان من معاني الدين الفهم والاستقامة، فإن المأثور حتى هذه البلدة أنجبت رجالا ؛ منهم من ذاع صيته، وعهد مكانه، ومنهم من عاش –على فهمه- مغمورا لا تعهده إلا قلة ممن كانوا يرتادون دروسه، ومنهم عدد كبير كانوا يحفظون كتاب الله، ويعهدون ما تيسر من فقه الشريعة، هؤلاء ضربوا في الأرض يفهمون الناس كتاب الله ومبادئ دينه، متأسين بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خيركم من تفهم القرآن وفهمه".

وقد بلغ من حفظهم للقرآن حتى نطق غير واحد:" إذا كنت مارا في أزقة البلدة وأنت تتلوالقرآن الكريم، فنسيت الآية التي تتلوفإن أول من يلقاك يذكرك ويفتح عليك " ويوضح هذا أيضا حتى لهذه البقعة سابقة في العناية بكتاب الله، وعلوم الدين، ولغة القرآن ؛ عهدوها منذ تأسيس حاضرتهم هذه.

سكان الهامل

ينحدر حجاج الهامل –وهم أول سكانها –من أبى زيد ابن علي الشريف الحسني الذي ينحدر منه غالبية أشراف المغرب الأوسط كما يقرر ذلك الرواة.

فسيدي أحمد هوابن عبد الرحيم بن عبد الله بن أبي زيد بن علي بن موسى بن علي بن مهدي بن صفوان "يسار" بن موسى بن سليمان بن موسى بن عيسى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يتضح من البناءات المحيطة بالعين، حتى العمارة قديمة فالطراز معروف في الحواضر الإسلامية القديمة، ويسهل على الباحث الخبير حتى يحدد تاريخه. وعلى الرغم مما أصابها من هجوم همجي للإسمنت، شوه صورة العمارة التي كانت آية في التناسق، وأتلف ما كان يعتبر مفخرة تراثية، خاصة تلك الشرفات والغرف التي تمر الطرقات تحتها في انسياب بديع... مضى هذا وغيره تحت أطنان من الاسمنت، وعمل التصدع والانهيار عمله بعد حتى هجر المساكن أهلها.ولكن الشواهد ما تزال تصارع الزمن.

يمضى الأستاذ المؤرخ: على دبوز إلى القول بأن قرية الهامل بنيت في القرن السادس هجري: " لهذه المزايا في المكان آثر حفيدا أبي زيد بن علي ؛ عبد الرحيم وأحمد الحلول فيه –الهامل- فبنيا فيه مسجد التوتة، ومساكنهما في القرن السادس هجري ". ولواعتمدنا طريقة الأجيال لما ابتعدنا كثيرا عن هذا التاريخ.

وتمضى بعض الروايات الشفوية إلى القول بأن الهامل أقدم من بوسعادة، وتؤكد أخرى أنهما بنيتا في قرن واحد. والأقرب إلى الصواب حتى بوسعادة أقدم وجودا من الهامل.

عهد السكان في هذه الناحية بأشراف الهامل، بمواصفاتهم آنفة الذكر، وهي مواصفات لا تعدوالحق إذا قلنا حتى فيها ما يميزهم بعض الشئ، عن سواهم من سكان حاضرة بوسعادة وما جاورها. غير حتى هذا لم يكسب القرية مكانتها المرموقة، وصيتها الذائع الذي جعل بعض الكتاب يصفها بمنارة المنطقة عموما إلا بعد حتى شاد فيها الأستاذ سيدي محمد بن أبي القاسم زاويته العامرة، فأمها القاصي والداني والطالب والعالم وذوالحاجة والمسترشد. ولله در سيدي محمد المكي بن عزوز إذ يقول:

فربا الهامل أضحت روضة من يرمها يلف ريفا خصبا

من علوم ورياضيات لهم وخشوع يستنفز الرهــبا

وتلاوات وذكــر وهــدى وأنـاس يتقون السغبا

وفنون أدبــيات بها هي أشهى من مناجاة الظبا

ووفود من أقاصي الأرض في طبقات لم يحسوا النصبا

من يرد دينا يجده أويرد مأرب العاجل يحوي المأربا

مثل ما زمزم من ينوبه مقصدا تم له إذ شربا

روضة من يرها يأنس بها ينشرح صدرا، وينجح مطلبا.

زاوية الهامل

ولد العلامة الجليل أبوعبد الله محمد بن أبي القاسم بن ربيح بن محمد بن عبد الرحيم الشريف الحسني بالبادية بحاسي بحبح قرب مدينة الجلفة في شمال الصحراء، جنوب الجزائر عام 1823م.

نشأ في أسرة كريمة متمسكة بالدين، حالية بالخلق الكريم وبالاستعداد للنبوغ في الفهم والتفوق. وكان جده الثاني الشيخ محمد بن عبد الرحيم من الفهماء الصالحين في زمانه.

حفظ القرآن الكريم في حداثة سنه، عند عمومته النازلين بالحامدية. ثم انتقل لمزيد إتقانه إلي زاوية الشيخ سيدي علي الطيار ناحية البيبان فأقام بها سنتين وعاد منها سنة 1837م ليلتحق بزاوية سيدي السعيد بن أبي داوود بزواوة قرب أقبوا وكانت هي المركز المرتاد لطلاب الفهم الراغبين في التحصيل. ولازم حفيد الشيخ العلامة أحمد بن أبي داوود حتى تخرج عنه في الممضى المالكي وفي جميع علوم الشريعة الإسلامية. وبرع في فنون النحووالصرف والبلاغة وأصول الدين وأصول الفقه والمنطق والفلك، وكان ذا مواهب عظيمة لاتكون إلا لمن خصهم الله بعنايته من عباقرة الإسلام.

تأسيس الزاوية

ببداية سنة 1261 هـ عاد الأستاذ إلى أهله ببلدة الهامل، وما إذا وصل إلى أهله حتى اتىته مجموعة من مشايخ البلدية يعرضون عليه حتى يجلس في المسجد العتيق للتدريس فلم يمانع ولكنه اشترط حتى يحصل على الإذن بذلك من شيخه سيدي أحمد بن أبي داود. ولأن من عرضوا عليه الجلوس يعهدون قيمة هذا الإذن فقد امتثلوا فأوفدوا أربعة من نقباء البلدة إلى شيخه، الذي لم يتردد في ممحررة تلميذه يستحثه على الجلوس للتدريس ويحبب إليه هذا العمل ويذكره أنه مسؤول على تعليم ما تفهم، كما بعث إليه بإجازته العامة التي تخول له حتى يفهم جميع ما تلقاه عن هذا الشيخ.

لقد تجشم هؤلاء النفر مصاعب الطريق ومتاعبها واحتملوا وعثاء السفر من أجل حتى يوفروا لأبنائهم من يقوم على تعليمهم مبادئ دينهم، لأنهم يدركون حتى هذا الجهد الذي يبذلونه لن يمضى سدى، ولعلهم يعهدون بفراسة المؤمن حتى هذا الفتى سيكون له شأن وأي شأن. ولقد عاش منهم من رأى جموع الطلاب يتوافدون على زاويته من جميع حدب وصوب.

تحدث الأستاذ في سيرته الذاتية عن هذه الفترة فنطق:

"... وبعد خمس سنين، قدمت لبلدي ؛ قرية الهامل سنة 1261 هـ فأقمت بها ثماني سنين، لتعليم الناس الفقه وغيره، بزاوية القرية المعلومة؛ المسماة الجامع الفوقاني فلم أفارق الجامع ليلا ولا نهارا إلى تمام سنة 1272 هـ. "

طبقت شهرة الزاوية الأفاق، وأمها الطلبة والزائري من جميع جهات الوطن، من مناطق المدية، بوغار, تيارت, شرشال, سطيف, الجلفة, مناطق المسيلة, المعاضيد، الضلعة, ونوغة وكل أنحاء الجنوب الجزائري.

وتوافد على الزاوية الفهماء والأساتذة من جميع الجهات وتحولت الهامل وزاويتها إلى منتدى ثقافي عربي أصيل ومفهم ديني مشهور، وبلغ المعهد شأنا عظيما وفي هذا يقول الأستاذ محمد علي دبوز:"إن عظمة هذا المعهد كانت بعظمة مؤسسه فعبقريته الفهمية، شخصيته القوية، وإخلاصه وبراعته وحكمته هي التي جعلت المعهد الهاملي يطلع طلوع الشمس قوية زاهرة. فأشتهر سريعا. وبعد حتى كانت قرية الهامل تضم مدرستين قرآنيتين وبعض الكتاتيب الصغيرة عند بداية الاحتلال صارت مركز إشعاع فهمي وديني عظيم، ومفهما نيرا.

بعد تأسيس محمد بن أبي القاسم الزاوية والمعهد بها أصبح هذا الأخير مركزا هاما في المنطقة ارتاده في الفترة الممتدة بين 1883ـ1885 ما بين 200الى ـ300 طالب سنويا يدرسهم أستاذة مجازون مهرة بلغ عددهم في نفس الفترة 12 أستاذا في جميع المعارف والعلوم.

وها هوالمستشرق جاك بيرك يقول في رسالة وجهها إلى شيخ زاوية الهامل سنة 1965

"فيما يتعلق بي حتى تاريخ زاوية الهامل يهم تاريخ المغرب العربي بأسره... وذلك لأنه في نفس هذا التاريخ بالذات ظهرت أيضا في المشرق البعيد بوادر النهضة وخصوصا في بيروت، هل هناك روابط أدبية وثقافية بين معهدكم وبين المدارس الأخرى في الشرق أوالغرب فيما عدا الرحلات الناتجة عن السفر والحج ؟...)

ونذكر حتى أعداد الطلاب ما قبل الثورة اختلفت وتراوحت بين أعداد معتبرة وأعداد متوسطة من 600 إلى 800 طالب.

والعدد المتوسط يتفاوت بين حقبة وأخرى وهذا خاضع للظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المناطق التي عادة ماقد يكون منها طلبة الزاوية والتي لها ولج في التأثير على هذا العدد صعودا ونزولا.

المصدر

• مسقط مركز القاسمي للدراسات والابحاث الصوفية الهامل - نسخة مؤرشفة

المصادر

شخصيات

• محمد بن أبي القاسم الهاملي
• زينب القاسمي