اللائكية أوالفهمانية الفرنسية، بالفرنسية laïcité (تنطق [la.isiˈte] )، هي مفهوم يعبر عن فصل الدين عن شئون الحكومة والدولة وكذلك عدم تدخل الحكومة في الشئون الدينية. تواجدت الفهمانية في فترة مبكرة من التاريخ الفرنسي المعاصر استنادا إلى القانون الفرنسي لفصل الكنيسة عن الدولة 1905. في القرن التاسع عشر، امتد تفسير الفهمانية الفرنسية ليضم المساواة في التعامل مع جميع الأديان، وأصبح التفسير أكثر تحديدا في عام 2004.

التسمية

اللائكية -كصياغة عربية- مشتقة من لفظ أجنبي لاتيني هو"laicus" وهوبدوره مأخوذ من اللفظ اليوناني "laos" ومعناه "الشعب". غير حتى استعماله اللاتيني قد تخصص في قسم من "الشعب" وبالتالي لا يشير على الشعب بإطلاق، وإنما يشير على "الشعب" بالمعنى الوطيء للحدثة، وذلك في لقاء "الكاهن" clerc، وهورجل الفهم "العالِم" (من اللفظ اليوناني clêros بمعنى الحظ، الموروث)، والمقصود رجل الدين (المسيحي) المنتظم في سلك الكهنوت الكنسي. وقد ظهر هذا الاستعمال أول مرة في أوروبا في نهاية القرن الأول الميلادي ثم شاع في القرون الوسطى عندما أضفت الكنيسة على نفسها صبغة القداسة. فالأفراد الذين يطلق عليهم لفظ لائكي "laic" كانوا يعتبرون مسيحيين بالتمام والكمال أي أنهم أعضاء كاملي العضوية في "شعب الله"، يؤمنون بالمسيح وهم أتباع خُلَّص له. وكل ما في الأمر أنهم ليسوا أعضاء في التنظيم الكهنوتي الذي تتشكل منه الإمبراطورية البابوية. وإذن فاللائكية في الأصل لا تعني اللادينية وإنما تعني عدم الانتظام في سلك الكهنوت الكنسي. وإذا قلنا إذا رجال الكنيسة -وقد كانوا أكثرية في القرون الوسطى- هم "الخاصة" فإن اللائكيين كانوا هم "العامة". وهذا سليم بمعنيين: بمعنى أنهم ليسوا من رجال الفهم (الديني) من جهة، وأنهم من جهة أخرى ليسوا من رجال السلطة (الدينية) بل هم موضوع لكل سلطة، الدينية منها والسياسية، هم محكومون أجساما وأرواحا.

خلفية

اللائكية إذن حالة قانونية تهم الدولة وهي مبنية على الصراع، أما الفهمنة فحركة داخلية عفوية تاريخية تهم المجتمع. لهذا السبب لا نجد في اللغة الفرنسية مرادفا لحدثة فهماني أوفهمانية. لا وجود لذلك الشخص الذي يتبنى الفهمنة كموقف أيديولوجي أوسياسي. الفهمنة إذن ليست موقفا سياسيا أوأيديولوجيا على عكس اللائكية. كما حتى اللائكية هي تتويج جذري ونهائي لمسار الفهمنة الذي شهده الواقع الفرنسي. فاللائكية مرتبطة أكثر بحالة من اللقاءة بين قوى مختلفة (سياسية، اجتماعية، ثقافية، دينية...) حول السيطرة على مؤسسة الدولة بهدف حتى تصبح الحَكَمَ النهائي في تسيير مختلف المؤسسات بما فيها الدينية. إن الرهان الأساسي في هذه الحالة هوتحقيق استقلالية السياسي. لقاء ذلك تعد الفهمانية نسقا تراكميا من التحولات يفقد معه الدين جاذبيته الاجتماعية.

وتتم هذه الحركية داخل المجتمع وحتى داخل الدين ذاته دون أي لقاءة، بحيث يتنازل الفضاء الديني عفويا عن بعض اختصاصاته لصالح فضاأت أخرى من أجل ضمان تسيير أكثر عقلانية. ومن هذا المنطلق فاللائكية تضع وجها لوجه الديني مع السياسي في شكل صراع بين المؤسسات، وهذا ما يفسر عنف التحول من حالة لأخرى.

النشأة والتطور

تعتبر اللائكية أوالفهمانية الفرنسية من أوضح نماذج ارتباط الفهمانية بالمجتمع، وارتباطها بمؤسسات الدولة وتحييدها القانوني عن تأثير المؤسسة الدينية. فاللائكية تعني الفصل القانوني بين المؤسسة الدينية والدولة كما أقره قانون سنة 1905. لكن هذا الفصل لا يعني إلغاء الدين بل عدم تدخل الدولة في المجال الديني. فأغلب سكان فرنسا كاثولويك وجزء مهم منهم متدينون لكن أغلبهم لائكيون لأن اللائكية لا تلغي الدين أوالتدين. لما تعد اللائكية خصوصية فرنسية،يا ترى؟ هذا مرتبط في الحقيقة بخصوصية التاريخ الفرنسي. فقد لعبت الكنيسة الكاثوليكية دورا بارزا ومؤثرا في المجتمع الفرنسي. كانت فرنسا تسمى في العصور الوسطى بالابنة الكبرى للكنيسة. كما حتى ملوك فرنسا كانوا دائما في صدارة المدافعين عن المؤسسة البابوية وذلك منذ عهد شارلماني في القرن الثامن. نضيف إلى هذا شدة الاختلاف بين الجزأين الشمالي والجنوبي لفرنسا على مستوى التنطقيد الثقافية والاجتماعية. الشمال متأثر بالتعدد الديني لشمال أوروبا ومنفتح وخاضع أكثر لتقليد القانون العهدي (المحلي) أما في الجنوب فتأصلت التنطقيد الكاثوليكية منذ القدم كما طغى القانون الروماني. يمكن حتى نضيف إلى ذلك حروب الأديان الطاحنة التي امتدت لعشريات كاملة خلال القرن السادس عشر. المهم حتى مختلف هذه المعطيات جعلت الحسم الواضح مسألة حتمية وهوما تجلى في الثورة الفرنسية التي فتحت الصراع على مصراعيه بين الجمهورية والكنيسة. هذه الأخيرة لم تعترف بها إلا مع نهاية القرن التاسع عشر. صراع بدأ بقانون وفاقي أمضاه نابليون بونابارت سنة 1802 وانتهى بقانون الفصل سنة 1905.

المملكة المتحدة

أما في التقليد الأنجلوساكسوني، وعلى عكس المسار الفرنسي، نجد حدثة فهمنة (secularisation) وحدثة تفهمن (secularism) وكذلك حدثة عَلماني (secularist). لماذا،يا ترى؟ لأن المسار التاريخي الإنجليزي لم يكن مسارا صداميا يفرض البتر الجذري كما كان الحال في فرنسا.

فالتاريخ الإنجليزي الحديث عموما هوتاريخ تراكمي بطئ وتواصلي بدأ بثورة سنة 1641 ثم تلتها الثورة الثانية سنة 1688. وكانت الثورتان سلميتين ولم تؤديا إلى البتر التام مع التنطقيد القديمة مما يفسر بقاء المؤسسة الملكية إلى اليوم. وضم ذلك علاقة المجتمع والدولة بالدين كمؤسسة كثقافة وكرمز.

لهذا السبب، نرى حتى الدستور الإنجليزي يعترف بالكنيسة الأنجلوساكسونية ككنيسة وطنية، لكن ذلك لم يمنع المنظومة القانونية من حتى تكون مفهمنة أي وضعية وتخضع لعقلنة الحياة البشرية وتنوعها وتغيرها.

لم تشهد بريطانيا ذلك الجدل الفرنسي بين اللائكيين خاصة من المفكرين ومن رجال التعليم، ورجال الدين، بل كانت الفهمنة كمسار تطوري هي العامل الحاسم خاصة وقد تمثلت في موقف سياسي ونظرة فكرية للواقع. نفس هذا التطور شهدته اليابان حيث تعد الفهمانية موقفا سياسيا وفكريا.

بلجيكا

هجريا

الولايات المتحدة

المقترح في المكسيك

انظر أيضا

تاريخ النشر: 2020-06-02 03:00:51
التصنيفات: العلمانية في فرنسا, تاريخ الكاثوليكية في فرنسا, علمانية, قانون فرنسي, كلمات وعبارات في الفرنسية, مفاهيم فلسفية, قالب أرشيف الإنترنت بوصلات واي باك, قالب تصنيف كومنز بوصلة كما في ويكي بيانات, بوابة فرنسا/مقالات متعلقة, بوابة القانون/مقالات متعلقة, بوابة الأديان/مقالات متعلقة, بوابة علم الاجتماع/مقالات متعلقة, بوابة إلحاد/مقالات متعلقة, بوابة السياسة/مقالات متعلقة, جميع المقالات التي تستخدم شريط بوابات

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

رئيس حزب الريادة: «الأحرار الاشتراكيين» له تاريخ عريق

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:43
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 57%

تكريم مستشارة شيخ الأزهر في الهند لجهودها في خدمة اللغة العربية

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:44
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 62%

الأهلي يحدد موعد السفر إلى الإمارات لمواجهة الزمالك

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:23
مستوى الصحة: 41% الأهمية: 38%

مدحت الزاهد: تنوع الآراء واختلافها يفيد الوطن والأمن معاً

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:37
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 63%

الأهلي يعلن قيمة عقد الرعاية الجديد

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:25
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 36%

في غياب الخطيب.. 9 قرارات هامة من مجلس إدارة الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:21
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 49%

بلجيكا أول المبادرين للاستفادة من خطة الملك الجديدة للاستثمار

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:51
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 82%

برلماني : قرارات العفو أبلغ ترجمة لاحترام حقوق الإنسان في مصر

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:48
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

إلزام شركة الرعاية الجديدة بتنظيم معسكرات خارجية للأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:24
مستوى الصحة: 43% الأهمية: 50%

الدولار الأمريكي يتجاوز 11 درهما

المصدر: تيل كيل عربي - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:19:32
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 68%

في ندوة التنسيقية.. أحمد مقلد: يجب إعادة النظر في الأحكام الغيابية 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:38
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

شروق علاء الدين خريجة الألسن رئيسة للمجلس القومي للمرأة ليوم واحد

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:42
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 64%

الحكومة تتوقع ارتفاع مداخيل الدولة إلى 50 مليار درهم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:48
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 85%

لإعادة الأمور إلى نصابها.. الأهلي يعلن سفر مرتجي وتوفيق للإمارات

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:22
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 38%

الدبلوماسية تقود وفدا مغربيا هاما في جولة مفاوضات جديدة مع ألمانيا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:53
مستوى الصحة: 73% الأهمية: 74%

 المستقلين الجدد : قرار العفو الرئاسي يؤكد أحترام الدولة لحقوق الإنسان

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-10-21 00:18:35
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

تحميل تطبيق المنصة العربية