تاريخ قرطاجة الثقافي

عودة للموسوعة

تاريخ قرطاجة الثقافي

فنون قرطاج

للأسف الشديد، لا يبقى أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) إلا ترجمة يونانية لكتاب ماجوحول الزراعة. لكن يذكر المحرر الروماني سالوست في كتابه حرب يوغرطا حتى قرطاج كانت فيها خط عديدة تاريخية وجغرافية، وأنه لم يحترقوا في تدمير قرطاجة، بل أخذهم بعض أمراء نوميديا. يظهر من ما اكتشف في رأس الشمرة حتى أساطيرهم كانت طويلة ومتنوعة. كانوا يتقنوا صناعة الزجاج، والفينيقيون هم الذين اكتشفوا الزجاج، واشتهروا أيضا بصبغ الملابس.


اللغة والثقافة

اللغة البونيقية هي اللهجة الإفريقية للغة الفينيقية، ومن تأسيس قرطاجة حتى نهاية الإمبراطورية الرومانية كانت من أبرز لغات شمال إفريقية. إنها لغة سامية مثل العربية الفصحى، ولذا معظم مفرداتها شبيهة بها، لكنها أقرب إلى العبرية القديمة، ومن أراد حتى يتقن البونيقية فيجب حتى يتقن العبرية. الأبجد البونيقية هي التالي:


خط القديس أوغسطين في القرن الخامس م أي بعد ستة قرون مرت على تدمير قرطاجة ومسحها عن الخريطة ،(( إذا سألت أحد سكان هذا البلد عن هويته ، سيقول لك بلسانه البونيقي أنه كنعاني ...)) . اللسان البونيقي الذي يشير إليه القديس أوغسطين هوالتسمية الرومانية للغة الكنعانية ،أي لغة قرطاجة الفينيقية، فقد دأب الرومان على تسمية الكنعانيين الذين أستوطنوا الشواطىء البحر الأبيض المتوسط الغربية بدءاً من القرن الثالث عشر ق.م بالبونيقيين ترجمة للحدثة اليونانية الفينيقيين ، ومازالت التسمية اليونانية شائعة حتى اليوم على الرغم حتى من يشار إليهم بهذه التسمية لم يستخدموها حتى بعد حتى أصبحت بلادهم على ساحل المتوسط الشرقي تحت الهيمنة اليونانية بدءاً من عام 332 ق.م ، وأصبحت بلادهم على ساحل أفريقيا الشمالي تحت الهيمنة الرومانية بدءا من عام 146 ق.م .

للأسف الشديد لم يتبقى أي كتاب بونيقي (ولا فينيقي) ولكن لدينا أرقام مؤكدة عن عدد من النصوص البونيقية التي ترجمت إلى اللغتين اليونانية واللاتينية خصوصا ، رحلة حانون الملاح ، الترجمة اليونانية لكتاب ماقون حول الزراعة ، لكن يذكر المحرر الروماني سالوست في كتابه (حرب يوغرطا) حتى قرطاجة كانت فيها خط عديدة جغرافية وتاريخية ، وأنها لم تحرق في تدمير قرطاجة ، بل أخذها بعض أمراء نوميديا. يقول أميانوس (إن الملك جوبا الثاني ،يقول نسبة للمراجع البونيقية حتى نبع نهر النيل يقع على جبل في موريتانيا ويطل على المحيط ). ويذكر سالوست أيضا حتى الملك النوميدي هيمبسال الثاني كان قد خط عملا أوأكثر باللغة البونيقية

وينطق إذا حنبعل برقة نفسه كان قد ألف أعمالا باللغتين البونيقية واليونانية

إن القرطاجيين قاموا بنسخ نموذج الملك الآشوري (آشوربانيبعل) من القرن السابع ق.م


ففي قرطاجة، ما إنفكّ الإعتراف بالآخر من تنطقيد السلف والخلف، فلقد كانت قرطاجة، وهي ملكة في المتوسط، تهجر أبوابها مفتوحة على مصراعيها أمام قصّادها والذين يبغون الإقامة فيها، فآوت جاليات لوبية ومصرية وأتروسكانية وإغريقية وأخرى كثيرة وإن لم تذكرها النصوص المتوفّرة. وكان القرطاجيون لا يتعففون من الزواج المختلط بل يقبلون على مصاهرة المقيمين عندهم : فمن بين القادة العسكريين في جيش حنبعل ضابطان يشعران بالإنتماء إلى قرطاجة دون ما تنكّر لجدّهما الإغريقي الأرومة علّه اتى إلى العاصمة البونيقية مهاجرا. ولمّا استطاب العيش فيها تزوّج قرطاجية أنجبت له طفلين ترعرعا في قرطاجة وفيها تعلّما ثم انخرطا في سلك الجيش الحنبعلي وكان أحدهما يسمى (أيْفيقيدس) والثاني (هيبُّقراتس) .

وتجدر الإشارة أيضا إلى فيلسوف قرطاجي اسمه (عزربعل) وكان يسمّى في الأوساط الإغريقية) اقليتوماكوس) وهومن أمّ قرطاجية لم يحتفظ التاريخ باسمها ومن أب إغريقي يسمّى ديوجنيتوس ولعلّه من الجالية الإغريقية التي كانت تقيم بقرطاجة وفيها تشتغل ، لاسيما وقد توفّرت لها ظروف إقامة طيّبة، تنعم بالسّلم والرّخاء وقد تمكّنت تلك الجالية من إنشاء مقدس تمارس فيه عبادة الإلهة ديمتره السيراكوسية. ولم تكن هذه الشعائر الإغريقية تزعج الإلهة القرطاجية تعنيت بل كان إحترام متبادل بين الإلهتين. هذا مع الفهم أنّ محفل الآلهة البونيقية يضمّ آلهة مصرية نذكر منهم أوسيريس وإيزيس ورع. وممّا يثبت قبول هؤلاء الآلهة المصرية وجود أسمائهم في أسماء القرطاجيين والقرطاجيات : فكثيرون من كانوا يتسمّون عبد إيزيس أوعبدرع وهوما يثبت أنّ القرطاجيين لم يقبلوا على ترجمة أسماء الآلهة الذين يدخلون ديارهم. فالإلهة إيزيس المصرية تحافظ على إسمها في قرطاجة. ولئن أشرت إلى هذه الظاهرة، فذلك لأنّ الإغريق لا يعترفون إلاّ بقوالب لسانهم ومقاييسه، حتّى أنّهم إذا تحدثوا عن تعنيت أوعشتروت رأيتهم يذكرون هذه أوتلك مستعملين إسما إغريقيا يعتبرونه مناسبا. ففي النصوص الإغريقية لا تجد إسم تعنيت لأنّه يحجب ويعوّض بإسم( هيرا)أمّا في النصوص اللاتينية فقد تتوارى تعنيت خلف الإلهة( يونو) . ولم تكن تلك المعادلات من باب الإعتباط بل لها أصول وقواعد ليس المجال هنا للخوض فيها.

الامبراطورية الرومانية شرّعت حق استقبال اللاجئين السياسيين. وهوبخاصة ملتقى حضارات الشرق الادنى. واورد عن المؤرخ فيلوستراتس وصفا جميلاً لمدينة قادش التي اسسها ابناء صور في نهاية الالف الثاني قبل الميلاد - نتباهى بمثله اليوم بعد اربعة آلاف سنة - نطق:(( إذا فيها معبداً للعصور القديمة الى جانب معابد للفكر والفن، ومعبد مكرس للحكمة في جميع انحاء الارض، من دون عصبية اوتمييز عرقي اوديني اولغوي)).



وما دمت أتحدث عن قرطاجة، أشير إلى تجربة خاصة : كنّا في شهر أوت من سنة 1992 ضمن ملتقى دولي يعنى بالتاريخ القديم والآثار وقد إلتأم بالوطن القبلي في مدينة بونيقية قرطاجية تقع بين قليبية والهوارية وتسمّى كركوان. ولما كنت أشرف ميدانيا على هذا الملتقى، تولّيت كشف الغطاء عن قبر نقر في الصخر من المدرج إلى الغرفة الجنائزية مرورا بمعبر ضيق طويل، وعند دخول الغرفة الجنائزيّة تبيّن أنّ الضّريح يأوي رفات شخصين دفن أولهما كالجنين، وهي طريقة إقبار شائعة في الأوساط اللّوبية عيانها فهماء الآثار في شمال إفريقيا منذ أقدم العصور القديمة. أمّا الآخر، فثبت أنّها امرأة وذلك على أساس الظّهرة الجنائزية ومنها مرءاتان من برونز، والجدير بالذكر أيضا أنّها أقبرت ترميدًا وجمعت عظامها المحروقة في تابوت من الحجر الجيري.

ففي هذه الغرفة الجنائزية تواجد نوعان من طرق الإقبار : الدفن على هيأة الجنين والترميد، وإستنادا إلى معطيات مادية ثابتة أمكن إستخلاص النتائج التالية : يعود هذا القبر القرطاجي البونيقي إلى ما بين القرن الرابع والقرن الثالث ق.م. تأوي الغرفة الجنائزية رفات رجل أصوله إفريقية وقد يحدث من أرومة محليّة. وإلى جانبه رفات زوجته المرمّدة.

تواجد طريقتي إقبار مختلفتين في نفس الغرفة الجنائزية وهوما يجعلنا نفترض أنّ الرجل الإفريقي تزوّج من امرأة خارجية قد تكون إغريقية أوأتروسكية مع الفهم أنّ الإغريق والأتروسكيين كانوا يرمّدون أمواتهم في غالب الأحيان. تمكّنت المرأة من الحفاظ على هويتها الدينية ولم ير أهلها حرجا من ترميدها وإقبار عظامها المحروقة في نفس الغرفة الجنائزية التي آوت رفات زوجها الإفريقي. كان الزوجان على مستوى من الحب والوئام جعلهما يتقاسمان بيت الحياة وغرفة المماة دون حتى يفرّطا في الهوية الثقافية ولا في العقيدة والطقوس. فهوالحب والإعتراف بالخصوصية. إنّها روعة حضارية.

هكذا كان المجتمع القرطاجي البونيقي متفتّحا لا يعهد التعصّب ولا يعمل على إقصاء الآخر بل يفتح ذراعيه استعدادا لمعانقته دون حتى يتنافى ذلك مع المنافسة الشريفة والمزاحمة في جميع ما يتعلق بشؤون المادّة من صناعة وتجارة وتوسيع مناطق النفوذ. وأيّا كان الأمر، فالقرطاجيون يعترفون بالآخر. ولمّا أشعّت الرّومنة بعد عنف الحروب وضراوتها، توفرت لروما وقرطاج ظروف سلم ووئام، تلك التي ترنّم بها الشاعر اللاتيني ورجليوس Virgile تمجيدا للإمبراطور أوجستوس Auguste ومآثره. على حتى الأفريقيين، يعتبرون قصيدة أنّيوس Enée أهزوجة تراقص أفريقة وتعانقها وتحمل ذكرها. لقد ترومن الأفريقيون، ولا أدلّ على ذلك من مشاهدة المواقع والمعالم وهي عديدة في مختلف أقطار المغرب الكبير. وفضلا عن المعالم والمواقع مثل دقّة Dougga وتاوسدرة Thysdrus وجميلة Cuicul بالجزائر وليلى Volubilis بالمغرب الأقصى وسبراطة ولبدى Lepcis بليبيا، لا بّد من ملاقاة الرجال وقراءة مآثرهم، سياسية كانت أوعسكرية، ولآخرين مآثر أدبية روحية أوفلسفية وفنية : فهذا أبوليوس المداورشي وذاك افرونتون الكرتي وآخر يدعى كلوديوس ألبينوس الهدرمي، فنحن مدينون لبول مونسوPaul Monceau بكتاب أفرده إلى أدباء وشعراء وفلاسفة من أبناء أفريقة الذين أبدعوا باللّغة اللاتينية، ثم لا بدّ من إشارة إلى سبتميوس سيويروس وهومن عظماء الأباطرة وينتمي

تاريخ النشر: 2020-06-04 03:24:43
التصنيفات: تاريخ قرطاجة

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

الكرمة يكشف عن تشكيلة نهضة بركان أمام ديابل نوار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-20 15:28:34
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 58%

مراكش .. انطلاق أشغال الدورة السادسة لمنتدى التعاون العربي – الروسي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2023-12-20 15:26:27
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

الكرمة يكشف عن تشكيلة نهضة بركان أمام ديابل نوار

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-12-20 15:28:32
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 62%

تحميل تطبيق المنصة العربية