الشيطان في المسيحية

للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع راجع الشيطان (توضيح)

إبليس تحت أقدام ميخائيل رئيس الملائكة

يطلق الكتاب المقدس أسماء مختلفة على كائن شرير يعيث فسادا في الأرض فيستعمل حدثة شيطان العبرية والتي تعني المقاوم لأنه يقاوم مشيئة الله ،ويستخدم أيضا حدثة إبليس ذات الأصل اليوناني diabolos ومعناها المشتكي ، والشيطان بحسب المسيحية هوكائن روحي له سلطان على زمرة من الكائنات الروحية النجسة الخاضعة له وهم شياطين أيضا ( متىتسعة :34 ) وكان الشيطان في الأصل من ملائكة الله ولكنه وبسبب غروره وكبريائه سقط من المجد الذي كان فيه جارا معه مجموعة من الملائكة الموالين له لتتحول إلى أرواح نجسة حيث افترض أنه يستطيع حتى يصير مثل الإله ( أَصْعَدُ فَوْقَ مُرْتَفَعَاتِ السَّحَابِ. أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.)( أشعياء 14 :13 - 15 ) ، ورغم سقوطه فأنه لم يفقد القوة الملائكية التي كان يتمتع بها فقدراته أقوى بكثير من قدرات الإنسان العادي ، وله ملكات عقلية كالإدراك والتمييز والتذكر وأحاسيس مختلفة كالخوف والألم ( مرقسخمسة :7) والاشتهاء كما أنه يمتلك القدرة على الاختيار ( أفسسستة :12 ) وبسبب تمرد الشيطان أمر الله بطُرده مع أتباعه إلى جهنم بقيود في الظلام محروس من الملائكة ( 2 بطرس 2 : أربعة ) ( يهوذاستة )، ولكن هذا لم يوقفه من العمل بالشر على الأرض ( 1 بطرسخمسة :8 ) .

إلى غير ذلك فالمسيحية تؤمن بوجود نوعين من المخلوقات العاقلة : البشر والملائكة ( ملائكة الله الأخيار والشيطان وملائكته الأشرار ) .

الشيطان بحسب الكتاب المقدس

في العهد القديم

لا يوجد ذكر كثير للشيطان في كتاب العهد القديم لأن الهجريز الأكبر كان دوما موجها نحوالإله الواحد رب الجنود ( 1 صموئيل 17 :45 ) وقوته العظيمة على الأرض ، فجبروته فاق آلهة الوثنيين الذين كانوا يمثلون بطريقة أوبأخرى حضور الشيطان في العالم وهيمنته عليه في الفترة ما قبل قدوم المسيح ( مزمزور 96 :5) ، وذلك تحاشيا لإنغرار بني إسرائيل بقدراته الفائقة مما قد يؤدي لانجذابهم لعبادة الأوثان فعبادة الشيطان ضمنيا كما عملوا من قبل مرات كثيرة ( تثنية 13 :3).

وفي مطلع سفر التكوين أول خط العهد القديم يظهر الشيطان متخفيا بهيئة حيَّة في فردوس عدن ليجرب أم الجنس البشري .. حواء ، فيصف الكتاب الحيَّة بـ (أحيل جميع حيوانات البرية ) ( تكوين ثلاثة :1 ) وبأنها خدّاعة ( تكوين ثلاثة :13 ) ، انفردت تلك الحية بحواء وبأسلوب ماكر دفعتها لتناول ثمر الشجرة التي نهاهم الرب من أكلها واستخدم الشيطان في إغواء حواء الخطيئة ذاتها التي كانت سببا في سقوطه وهي الكبرياء ، حيث نطق لها بأنها إذا أكلت تلك الثمرة هي وآدم فسيصيران كالله عارفين الخير والشر ( تكوين 1 :5 ) ، وبعد حتى سقطت حواء ورجلها بالتجربة عاقبهم الله بأن طردهم من فردوسه إلى أرض الشقاء كما عاقب الحيَّة أيضا فلعنها من بين جميع مخلوقاته ومنح الرب وعده للبشر ووعيده للحيَّة ( وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ ) ( تكوين ثلاثة :15 ) في إشارة لقدوم المسيح من نسل امرأة وليس من رجل حيث تؤمن المسيحية - كما الإسلام - بأن المسيح ليس له أب بشري ، ويسوع سحق الشيطان تحت أقدامه بعمله الكفاري بينما يترصد إبليس في جميع حين عقبه أي المؤمنين بالمسيح ليأخذهم معه إلى الهلاك .

ثم يظهر الشيطان مجددا في سفر أيوب بهيئة المشتكي على المؤمنين في محضر الرب ، حيث يتحدى الله بأنه إذا أوقف نعمه عن أيوب فإن الأخير يفترض أن يجدف عليه سريعا ( أيوب 1 :6 – 12 ) فيسمح الله لإبليس بأن يجرب أيوب إلى حين ولكنه بشرط حتى لا يميته .

وفي سفر إشعياء نجد صورة رمزية للشيطان والذي دعي بزهرة بنت الصبح قاهر الأمم الذي افترض أنه يستطيع حتى يسموبمجده إلى مجد الله فيصير مثل العلي ، وهذا كان سبب سقوطه إلى أسافل الأرض ( إشعياء 14 ) ، ومرة أخرى في سفر حزقيال الإصحاح 28 يعود الكتاب يخبرنا عن سيرة سقوط إبليس بصورة رمزية أيضاقد يكون فيها ملك صور فيتحدث الرب إلى نبيه حزقيال بشيء من الأسف ليحمل مرثاة على الملك الذي كان خاتم الكمال بين أعيانه وملآن بالحكمة والجمال وكان يقيم في جنة عدن وحظي بنعمة الله بأنه كان من الملائكة المقربين حتى وُجِدَ فيه إثم ، فطرحه الرب إلى الأرض ليعاقبه على نجاسته ويتوعده بأنه سيخرج نارا من وسطه لتأكله .

ملف:T Christ.jpg

الشيطان يجرب المسيح-1854 م للرسام الفرنسي آري شيفر

في العهد الجديد

انطلاقا من الوعد الذي أعربه الله في جنة عدن بأن القادم من نسل المرأة يفترض أن يسحق إبليس يقدم لنا العهد الجديد مسيرة حياة المسيح على الأرض كحرب موجهة ضد شرور العالم كثرت فيها لقاءات يسوع المباشرة مع الأرواح النجسة ومع سيدها الشيطان نفسه ، فقبل حتى يباشر المسيح بالتبشير بين الناس مضى إلى البرية ليصوم أربعين يوما وأربعين ليلة وبعدها اتىه الشيطان ليجربه فهزمه يسوع هناك في عقر داره فالبرية كانت بالنسبة للشعوب القديمة أرض نجسة تسرح وتمرح فيها أرواح الشر .

وبعد ذلك يروي لنا إنجيل مرقس فاتحة معجزات المخلص في كفر ناحوم حيث أخرج روح نجس من رجل ممسوس وهناك صرخ ذلك الروح (آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ،يا ترى؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ ) ( مرقس 1 :24 ) ، وعلى هذا المناول تتوالى في الأناجيل الأربعة ققص مماثلة لإخراج تلك الشياطين من الناس وفي جميع مرة كانت تفزع مرتعبة من سلطان المسيح وتعلن للجميع بأنه ابن الله العلي ، وفي وقت لاحق يرسل يسوع تلاميذه ليكرزوا ويمنحهم السلطان لشفاء السقمى ولإخراج الشياطين ( متىعشرة :8 ) وتلك كانت المرة الأولى التي يُمنح فيها في الكتاب المقدس إنسان القوة على إخراج الشيطان وبكل الأحول تلك القوة منحت لأتباع المسيح لتكون على مدى القرون القادمة من العلامات الفارقة في البشارة بالإنجيل ( مرقس 16 :17 )ومن ناحية أخرى لا يشرح الكتاب بوضوح عن سبب وكيفية دخول الأرواح النجسة في البشر ،إلا أنه يبين حتى دخول الشياطين كان يسبب أمراض خطيرة للناس جسدية وعقلية كالبكم ( متىتسعة :32 ) والصرع ( مرقستسعة :17-27 ) والعمى ( متى 12 :22 ) وحتى الجنون ( متى 8:28 ) وفي سفر أعمال الرسل نقرأ سيرة إخراج بولس الرسول لروح نجس من فتاة خادمة وكان ذلك الروح قد وهبها القدرة على العرافة وكان أسيادها يجنون المال بسببها ( أعمال 16 :16-18 ) .

ومن أبرز قصص إخراج المسيح للشياطين هي تلك المذكورة في ( مرقسخمسة :1-20 ولوقاثمانية :26-39 ) حيث التقى يسوع برجل ممسوس كان يعيش في القبور ويصرخ ويضرب نفسه بالحجارة باستمرار وقد حاول الناس ربطه بسلاسل إلا أنه كان يبترها في جميع حين وعندما سأله المسيح ما اسمك أجاب لجئون أي جيش من الشياطين فحدثة لجئون باللغة اللاتينية كانت تستخدم للدلالة على فرقة من الجيش الروماني تضم 6000 جندي ، ورغم عددهم الكبير إلا حتى هؤلاء الشياطين ارتعبوا من لقاء المسيح وترجوه كثيرا حتى لا يرسلهم للهاوية بل إلى قطيع من الخنازير كان يرعى في الجوار فأذن لهم يسوع بذلك وكانت غاية الإنجيل من ذكر ذلك حتى يبين للعالم بأن الشياطين أنفسها تأتمر بأمر المسيح وتخضع لمشيئته ، والسيرة الأخرى ذات الأهمية المماثلة هي الواردة في ( متى 17 :15-21 ومرقستسعة :17-29 ) حيث يرتمي رجل أمام المسيح ويرجوه بأن يشفي ابنه من الروح النجس الذي يعذبه ويسبب له الصرع ويلقيه تارة في النار وتارة في الماء وكان الرجل قد قدم ابنه أولا لبعض تلاميذ يسوع ولكنهم لم يستطيعوا حتى يعملوا له شيئا ولكن بعد حتى انتهره يسوع شفي الغلام فتساءل التلاميذ لما لم يقدروا هم على إخراج الشيطان فأجابهم يسوع (وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ ) ( متى 17:21 ) ، وفي هذا الجواب إشارة إلى حتى الشياطين مراتب مختلفة تتفاوت فيها قوتهم وقدراتهم الفائقة الطبيعة وتستوجب قوة إيمان وممارسات تعبدية معينة من الشخص الذي يمتلك موهبة إخراجها .

في كتاب رؤيا يوحنا صور رمزية عديدة عن الشيطان وحربه ضد الكنيسة حيث ينبئ الكتاب بهزيمة إبليس وجميع أعوانه في نهاية الأزمنة ( رؤيا 20 : 1 – ثلاثة – 7-عشرة ) .