التصوف والصوفية

عودة للموسوعة

التصوف والصوفية

'التصوف والصوفية‎

نطق الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ ‏الْمَأْوَى (41) [سورة النازعات]، ونطق رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أحب العباد إلى ‏الله الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يُعهدوا، أولئك هم أئمة الهدى ‏ومصابيح الفهم] رواه أبونعيم إفهم حتى اسم الصوفي لم يكن في الصدر الأول، لكن المعنى كان موجودا، فقد ثبت عن سيدنا ‏عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه نطق: "اخشوشنوا وتمعددوا" ومعنى "اخشوشنوا"، أي ‏الزموا خشونة العيش أي لا تتنعموا، وأما قوله "تمعددوا" فهوالتشبه بمعدّ بن عدنان أحد ‏أجداد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين كانوا على الإسلام، وكان ذا شهامة وملازمة ‏لخشونة العيش‎. ‎ يقول الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية عن التصوف: "الخروج عن جميع خُلُقٍ دني، والدخول ‏في جميع خُلُقٍ سني".‏‎ ‎ ويقول الإمام القشيري في وصف الطائفة الصوفية: "فقد جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه".‏‎ ‎ وعن أبي الحسن الفرغاني نطق: سألت أبا بكر الشبلي ما علامة العارف،يا ترى؟ فنطق: "صدره ‏مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح"، نطق: هذه علامة العارف، فمن العارف،يا ترى؟ نطق: ‏‏"العارف الذي عهد الله عزوجل على ما ورد في كتاب الله، وعمل بما أمر الله، وأعرض عما ‏نهى الله، ونادى عباد الله إلى الله عزوجل". فقلتُ: هذا العارف، فمن الصوفي،يا ترى؟ فنطق: "من صفا ‏قلبه فصفى، وسلك طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، ورمى الدنيا خلف القفا، وأذاق ‏الهوى طعم الجفا". قلت له: هذا الصوفي، ما التصوف،يا ترى؟ نطق:"تصفية القلوب لعلام الغيوب" ‏قلت له : أحسن من هذا ما التصوف ،يا ترى؟ نطق : "تعظيم أمر الله، والشفقة على عباد الله". ‏فقلت له: أحسن من هذا من الصوفي،يا ترى؟ نطق: "من جفا عن الكدر، وخلص من العكر، وامتلأ ‏من الفكر، وتساوى عنده المضى والمدر (أي التراب).‏ وقيل: التصوف الجد في السلوك إلى ملك الملوك‎. ‎ ونطق الحافظ أبونعيم: "التصوف أحوال قاهرة، وأخلاق طاهرة تقهرهم الأحوال فتأسرهم، ‏ويستعملون الأخلاق فتطهرهم، تحلوا بخالص الخدمة، فكفوا عن طوارق الحيرة، وعصموا عن ‏الانقطاع والفترة، لا يأنسون إلا بالله، ولا يستريحون إلا بحبه، فهم أرباب القلوب المراقبون ‏للمحبوب، والتاركون للمسلوب، سلكوا مسلك الصحابة والتابعين ومن نحى نحوهم من ‏المتقشفين والمتحققين، والمميزين بين الإخلاص والرياء، والعارفين بالخطرة والهمة والعزيمة ‏والنية، والمحاسبين للضمائر، والمحافظين للسرائر، والمخالفين للنفوس، والمحاذرين من الخنوس ‏‏[(5)] بدائم التفكر، وقائم التذكر، طلبا للتداني، وهربا من التواني، لا يستهين بحرمتهم إلا ‏مارق، ولا يدعي أحوالهم إلا مائق، ولا يعتقد عقيدتهم إلا فائق، ولا يحسن إلى موالاتهم إلا ‏تائق، فهم سرج الآفاق، والممدود إلى رؤيتهم بالأعناق، بهم نقتدي، وإياهم نوالي إلى يوم ‏التلاق".‏ ونطق معروف الكرخي: "التصوف هوالأخذ بالحقائق، واليأس مما في أيدي الخلائق".‏ ونطق الشيخ زكريا الأنصاري: "التصوف فهمٌ تعهد به أحوال تزكية النفوس، وتصفية ‏الاخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية".‏ وقيل: "التصوف الموافقة للحق، والمفارقة للخلق".‏ ونطق سيد الطائفة الإمام الجنيد البغدادي: "التصوف صفاء المعاملة".‏‎ ‎ وقيل: "التصوف الانكباب على العمل تطرقا إلى بلوغ الأمل".‏‎ ‎ ونطق أبوبكر الطمستاني: "الطريق واضح، والكتاب والسنة قائمان بين أظهرنا، فمن صحب ‏منا الكتاب والسنة، وتغرب عن نفسه والخلق، وهاجر بقلبه إلى الله تعالى، فهوالصادق ‏والمصيب".‏ وقيل: "التصوف تصفية القلب عن موافقة البرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، والتعلق بالعلوم ‏الحقيقية، واتباع الرسول في الشريعة النقية".‏ وقيل: "التصوف الأخذ بالأصول، والهجر للفضول، والتشمير للوصول".‏ وسئل الجنيد بن محمد البغدادي رحمه الله عن التصوف فنطق: "اسم جامع لعشرة معان، ‏الأول: التقلل من جميع شيء من الدنيا عن التكاثر فيها، والثاني: اعتماد القلب على الله ‏عزوجل من السكون إلى الأسباب، والثالث: الرغبة في الطاعات من التطوع في وجود ‏العوافي، والرابع: الصبر على فقد الدنيا عن الخروج إلى المسألة والشكوى، والخامس: التمييز ‏في الأخذ عند وجود الشيء، والسادس: الشغل بالله عزوجل عن سائر الأمور، والسابع: ‏الذكر الخفي عن جميع الأذكار، والثامن: تحقيق الإخلاص في دخول الوسوسة، والتاسع: ‏اليقين في دخول الشك والعاشر: السكون إلى الله عزوجل من الاضطراب والوحشة، فإذا ‏استجمع هذه الخصال استحق بها الاسم وإلا فهوكاذب".‏ ويقول رويم بن أحمد: "التصوف مبني على ثلاث خصال: التمسك بالفقر والافتقار، والتحقق ‏بالبذل والإيثار، وهجر التعرض والاختيار‎". ‎ وقيل: "التصوف المنافسة في نفائس الأخلاق، وفض النفس عن أنفس الأعلاق".‏ وسئل أبوهمام عبد الرحمن بن مجيب الصوفي عن الصوفي فنطق: "فالصوفي لنفسه ذابح، ولهواه ‏فاضح، ولعدوه جارح، وللخلق ناصح، دائم الوجل، يحكم العمل، ويبعد الأمل، ويسد ‏الخلل، عَذَرُهُ بضاعة، (أي يتهم نفسه أنه من أهل التقصير) وحزنه صناعة،وعيشه قناعة، ‏بالحق عارف، وعلى الباب عاكف، وعن الكل عازف".‏ وقيل: "التصوف ابتغاء الوسيلة، إلى منتهى الفضيلة".‏ وسُئل ذوالنون المصري عن الصوفي فنطق: "مَن إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق، وإن سكت ‏نطقت عنه الجوارح ببتر العلائق".‏ ونطق بعضهم في وصفهم: "لهم الأحوال الشريفة، والأخلاق اللطيفة، مقامهم منيف، وسؤالهم ‏ظريف، هم المنبسطون جهرا، المنقبضون سرا، يبسطهم رَوْحُ الارتياح والاشتياق، ويقلقهم ‏خوف القطيعة والفراق، والحاكمون بالعدل، هم مصابيح الدجى وينابيع الرشد والحجى، ‏خصوا بخفيّ الاختصاص، ونقوا من التصنع بالإخلاص، هم الشغفون به وبوده، والمكلفون ‏بخطابه ووعهده، هم المصونون عن مرافقة حقارة الدنيا بعين الاغترار، المبصرون خلق محبوبهم ‏بالفكر والاعتبار، إنهم سُباق الأمم والقرون، وبإخلاصهم يمطرون وينصرون، وإن ليقينهم ‏تنفلق الصخور، وبيمينهم تتفتق البحور، إنهم المضرورون في الأطعمة واللباس، المبرورة ‏أقسامهم عند النازلة والباس، نظروا إلى باطن العاجلة فرفضوها، وإلى بهجتها وزينتها ‏فوضعوها".‏ وقيل: "التصوف بتر العلائق والأخذ بالوثائق".‏ فالصوفي من كان عاملا بشريعة الله تبارك وتعالى وخالف هواه، من لا يتبع نفسه الهوى في ‏المأكل والمشرب والملبس وغير ذلك، بل يقتصر على القدر الذي يحفظ صحة جسده من ‏المأكل والمشرب والملبس، مع بذل الجهد في عبادة الله تبارك وتعالى في أداء الفرائض، والإكثار ‏من النوافل‎. ‎ وأنشدوا: (الخفيف)‏ عمدة الدين عندنا حدثاتٌ أربع نطقهن خير البرية‎ اتق الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعملنَّ بنية‎ ‎ يقول الجنيد: "طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق مسدود إلا على المقتفين ءاثار ‏رسول الله صلى الله عليه وسلم".‏ ويقول سهل التستري: "أصول ممضىنا (يعني الصوفية) ثلاثة: اقتداء بالنبي في الأخلاق ‏والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأفعال".‏ وفي هذا بيان حتى التصوف الحقيقي ليس فقط لبس الصوف دون اتباع للشرع الشريف بل ‏الصوفي الحقيقي هوالذي يتبع الحق ويؤدي حقوق الله عليه، وفي ذلك انشدوا: (البسيط)‏ ليس التصوف لبس الصوف ترقعهُ< ولا بكاؤك إذا غنى المغنونا‎ ‎ بل التصوف حتى تصفوبلا كدر وتتبع الحق والإسلام والدينا‎ وكان سيدنا أحمد الرفاعي رضي الله عنه إذا رأى على فقير جبة صوف يقول له: "يا ولدي ‏انْظر بزيّ من تزييت، وإلى من انتسبت، قد لبستَ لبسة الأنبياء وتحليت بحلية الأتقياء، هذا ‏زيّ العارفين فاسلُك فيه مسالك المقربين وإلا فانزعه".‏ ويروى عن السري السقطي أنه نطق: "المتصوف اسم لثلاث معان: هوالذي لا يطفئ نور ‏معهدته نور ورعه، ولا يتحدث بباطن في فهم ينقضه عليه الكتاب أوالسنة، ولا تحمله ‏الكرامات على هتك أستار محارم الله".‏‎ ‎ ويقول الإمام الرفاعي: "الصوفي هوالفقيه العامل بفهمه، وعلى هذا نطقوا ما اشتهر في ‏وصفهم: الصوفي من لبس الصوف على الصفا، وسلك طريق المصطفى، وأذاق النفس طعم ‏الجفا، وكانت الدنيا منه على القفا".‏‎ ‎ ونطق الجنيد: "ما أخذنا التصوف بالنطق والقيل، ولكن أخذناه بالجوع والسهر وهجر المألوفات ‏والمستحسنات".‏ فالتصوف حاصله اتصاف بالمحامد، وهجر الأوصاف المذمومة مع الزهد في المأكل والملبس ‏وقبل ذلك كله الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بأداء الفرائض واجتناب المحرمات. ‏فالصوفية موصوفون بأنهم هجروا الدنيا فخرجوا عن الأوطان، وهجروا الأخدان [(6)]، ‏وساحوا في البلاد، وأجاعوا الأكباد، وأعرَوا الأجساد، وإنما ينالون من الطعام قدر ما يقيم ‏الصلب للضرورة، كما نطق النبي صلى الله عليه وسلم: [بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه] ‏رواه الترمذي.‏ وأنشدوا: (الطويل)‏ لوكانت الدنيا جزاء لمحسنٍ إذاً لم يكن فيها معيشٌ لظالمِ لقد جاع فيها الأولياء كرامةً وقد شبعت فيها بطون البهائمِ ويقول الكلاباذي: "وعلى هذا سماهم قومٌ جوعية لأن الجوع من صفات القوم وهومن أبرز ‏أمور المجاهدة، ومخالفة النفس وغلبتها، فإن أرباب السلوك قد تدرجوا إلى اعتياد الجوع ‏والإمساك عن الأكل إلا عند الضرورة وخشية الضرر، ووجدوا ينابيع الحكمة في الجوع، لأن ‏الشبع يحرك شهوات الإنسان ويستثيرها، والجوع يحرك الإنسان إلى الطاعة، وكثرت ‏الحكايات عنهم في ذلك.‏ نطق الله تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ ‏وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) [سورة البقرة]. فبشرهم بجميل الثواب في الصبر على ‏مقاساة الجوع.‏ نطق يحيى بن معاذ: "لوحتى الجوع يباع في السوق لما كان ينبغي لطلاب الآخرة إذا دخلوا ‏السوق حتى يشتروا غيره".‏ ونطق أبوسليمان الداراني: "جوع قليل وسهر قليل يبتر عنك الدنيا".‏ وافهم حتى هذا كله لمن لا يخشى على نفسه الضرر والهلاك فالمطلوب حتى يأكل القدر الضروري ‏الذي ينجيه من حتى يضر نفسه ويهلكها.‏ ونطق بشر بن الحارث: "الصوفي من صفا قلبه".‏ ونطق رجل لسهل بن عبدالله التستري: "مَنْ أصحبُ طوائف الناس،يا ترى؟ فنطق: "عليك بالصوفية، ‏فإنهم لا يستكبرون، ولا يستكثرون".‏‎ ‎ وأما تسميتهم بالصوفية فنطقت طائفة: "إنما سموا صوفية لصفاء أسرارهم، ونقاء ءاثارهم".‏ ونطق آخرون: "إنما سموا صوفية لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصفة الذين كانوا على ‏عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،فمن باطنهم الموصوف بالصفاء ، ومن لبسهم وزيهم ‏سموا صوفية ، لانهم لم يلبسوا لحظوظ النفس ما لانَ ملمسه وحسن منظره، وإنما لبسوا لستر ‏العورة، فاكتفوا بالخشن من الشعر والغليظ من الصوف".‏‎ ‎ ثم هذه كلها صفة أهل الصفة الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم ‏كانوا غرباء فقراء مهاجرين، أُخرجوا من ديارهم وأموالهم ووصفهم أبوهريرة وفضالة بن ‏عبيد فنطقا: "يـخرّون من الجوع حتى تـحسبهم الأعراب مجانين"، وكان لباسهم الصوف ‏فلما كانت هذه صفة أهل الصفة في حالهم وزيهم سموا صوفية وصُفّية، وسماهم قوم فقراء، ‏لأن أحدهم لا يملك شيئا وإن ملكَه بذله وذلك لتخليهم من الأملاك.‏ ونطق السهروردي: "بعد عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد عهد الصحابة مَن أخذ ‏منهم الفهم سمي تابعيا، ثم لما تقادم زمان الرسالة وبَعُدَ عهدُ النبوة وانبتر الوحي السماوي، ‏اختلفت الآراء وتنوعت الأنحاء وتفرد جميع ذي رأي برأيه وكدّر استهلك العلوم شوب الأهوية، ‏وتزعزعت أبنية المتقين، واضطربت عزائم الزاهدين، وغلبت الجهالات وكثف حجابها، ‏وكثرت العادات، وتزخرفت الدنيا وكثر خطابها، تفردت طائفة بأعمال صالحة وأحوال ‏سنية، وصدق في العزيمة وقوة في الدين، وزهدوا في الدنيا ومحبتها ، واغتنموا العزلة والوحدة ، ‏واتخذوا لنفوسهم زوايا يجتمعون فيها تارة وينفردون أخرى أسوة بأهل الصفة تاركين ‏للأسباب متبتلين إلى رب الأرباب، فأثمر لهم صالح الأعمال سنيَّ الأحوال، وتهيأ لهم صفاء ‏الفهوم لقبول العلوم، وصار لهم بعد اللسان لسان، وبعد العهدان عهدان... فصار لهم يمقتضى ‏ذلك علوم يعهدونها وإشارات يتعاهدونها، فحرروا لنفوسهم اصطلاحات تشير إلى معانٍ ‏يعهدونها، وتُعرِبُ عن أحوال يجدونها، فأخذ ذلك الخلف عن السلف حتى صار ذلك رسما ‏مستمرا، وخبرا مستقرا في جميع عصر وزمان، فظهر هذا الاسم بينهم وتسموا به وسُموا به".‏ ويقول الإمام الرفاعي الكبير رضي الله عنه: "قيل لهذه الطائفة الصوفية، واختلف الناس في ‏سبب التسمية وسببها غريب لا يعهده كثير من الفقراء، وهوحتى جماعة من مضر ينطق لهم بنو‏الصوفة، وهوالغوث بن مر بن أد بن طابخة الربيط كانت أمه لا يعيش لها ولد، فنذرت إذا ‏عاش لها ولد لتربطن برأسه صوفة وتجعله ربيط الكعبة، وكانوا يجيزون الحاج، إلى حتى منَّ الله ‏بظهور الإسلام فأسلموا وكانوا عبَّادا، ونقل عن بعضهم حديث رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم، فمن صحبهم سمي بالصوفي، وكذلك من صحب مَن صحبهم، أوتعبد ولبس الصوف ‏مثلهم ينسبونه إليهم فينطق: صوفي، ونوَّع الفقراء الأسباب فمنهم من نطق التصوف الصفاء، ‏ومنهم من نطق المصافاة، وغير ذلك، وكله سليم من حيث معناه". إ.هـ‎ ‎ ويقول السهروردي في تسميتهم صوفية للبسهم الصوف: "وهذا الاختيار يلائم ويناسب من ‏حيث الاشتقاق لأنه ينطق: [تصوَّف] إذا لبس الصوف"، ونطق: "ولما كان حالهم بين سير ‏وطير لتقلبهم في الأحوال وارتقائهم من عالٍ إلى أعلى منه... وأبواب المزيد فهما عليهم ‏مفتوحة وبواطنهم معدن الحقائق ومجمع العلوم، فلما تعذر تقيدهم بحال تقيدهم، لتنوع ‏وجدانهم وتجنس مزيدهم، نسبوا إلى ظاهر اللبسة، وكان ذلك أبين في الإشارة إليهم، وأدعى ‏إلى حصر وصفهم، لأن الصوف غالبا على المتقدمين من سلفهم، وأيضا لأن حالهم حال ‏المقربين ولما كان الاعتزاء إلى القرب أمر قاسي يعز كشفه والإشارة إليه، سقطت الإشارة إلى ‏زيهم سترا لحالهم، وغيرة على عزيز مقامهم، حتى تكثر الإشارة إليه وتتداوله الألسنة، فكان ‏هذا أقرب إلى الأدب، والادب في الظاهر والباطن والقول والعمل عماد أهل الصوفة".‏ وفيه معنى آخر: "وهوحتى نسبتهم إلى اللبسة تنبئ عن تقللهم من الدنيا، وزهدهم فيما تدعو‏النفس إليه بالهوى من الملبوس الناعم، حتى إذا المبتدئ المريد الذي يؤثر طريقهم ويحب ‏الدخول في أمرهم، يوطن نفسه على التقشف والتقلل، ويفهم حتى المأكول أيضا من جنس ‏الملبوس، فيدخل في طريقتهم على بصيرة، والإشارة إلى شيء من حالهم في تسميتهم أولى".‏ وقيل: "إنهم لما ءاثروا الذبول والخمول والتواضع والإنكسار والتخفي والتواري كانوا كالخرقة ‏الملقاة والصدفة المرمية التي لا يُرغب فيها ولا يلتفت إليها، فينطق صوفي نسبة إلى الصوفة، ‏كما ينطق كوفي نسبة إلى الكوفة، وهذا ما ذكره بعض أهل الفهم والمعنى المقصود به قريب ‏ويلائم الاشتقاق، ولم يزل لبس الصوف اختيار الصالحين والزهاد والمتقشفين والعباد" انتهى ‏كلام السهروردي.‏ وعلى هذا فإن طرق الصوفية طرق سنية، موافقة للشريعة المحمدية، وفي ذلك يقول الإمام ‏الشعراني في كتاب لواقح الأنوار القدسية: "إياك حتى تقول إذا طرق الصوفية لم يأتِ بها كتاب ‏ولا سنة فإنها أخلاق محمدية".‏‎ ‎ فهاك ما ذكرناه عن أعيانهم وساداتهم ما يُظهر لك حقيقة أمرهم، ظاهرة وباطنه مما يقوي ‏عندك اليقين انهم صفوة القوم، وما ذاك على إلا باقتدائهم بالنبي صلى الله عليه وسلم.‏ (1) مرط : أي كساء.‏ (2) مرحل : فيه صور تشبه الرحل، الرحل ما يوضع على البعير للركوب ، يقول امرؤ ‏القيس:‏ خرجت بها أمشي تجر ورائنا ..... على أثرينا ذيل مرط مرحل (3) الشعر : الصوف.‏ (4) لابيتها : واللابة هي الحرة ، والحرة أرض فيها حجارة سود وللمدينة المنورة لابتان وهي ‏حدود الحرم .‏ (5) الخنوس : التأخر.‏ (6) جمع خدن وهوالصديق المقرب المؤتمن على الأسرار .‏ منقول للفائدة


الصوفية طريق إلى الله

[1]

تاريخ النشر: 2020-06-04 04:07:43
التصنيفات:

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

خبير: من الصعب أن تستوفي مصر حاليا شروط برنامج صندوق النقد

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:36
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 99%

مخالفات مرورية تحت المجهر !

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:19
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 89%

حكومة الدبيبة: لا تراجع عن قصف أوكار المهربين في الزاوية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:07
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 96%

أنجيه يفسخ عقد الجزائري شتي بعد إدانته بالاعتداء الجنسي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:30
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 90%

الخطيب يشكر القطرية زينب المحمود ويدعوها لزيارة الأهلي

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:19:14
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 40%

حكم جديد ضد مرتضى منصور.. الحبس 3 أشهر بتهمة سب الخطيب

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:17:39
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 87%

"صحار الدولي" على بعد خطوة من الاستحواذ على "HSBC" عُمان

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:17:22
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 89%

المملكة «أرض الموعد»

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:27
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 88%

"إيديتا" المصرية للعربية: ندرس التوسع في المغرب ودول أخرى بالمنطقة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:09
مستوى الصحة: 94% الأهمية: 88%

انتخابات تركيا: حزب أردوغان يحصل على 268 مقعداً في البرلمان

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:17:21
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 94%

عقبات تقف أمام رحيل حكيمي عن باريس سان جيرمان

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:19:46
مستوى الصحة: 69% الأهمية: 85%

الأمن البيئي يمكن من تحييد خطر أسد طليق بالرياض

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:33
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 92%

عماد متعب: مقارنة زيزو بأبو تريكة «تهريج»

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:19:14
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 41%

عماد متعب يكشف كواليس طرده من تمرين الأهلي في تونس

المصدر: الأهلى . كوم - مصر التصنيف: رياضة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:19:17
مستوى الصحة: 31% الأهمية: 46%

قمة جدة: تَدْشِيْنُ الحقبة السعودية

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:22
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 97%

الاتحاد الإنجليزي يهدد الأندية بخصم 12 نقطة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:18:25
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 100%

أردوغان: خطاب المعارضة عنصري واستفزازي

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:17:26
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 95%

“لارام” تخطط لمضاعفة أسطولها في الـ10 سنوات المقبلة

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:19:33
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 82%

محافظ بنك اليابان: يجب الحفاظ على سياسة نقدية متساهلة

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-05-30 18:17:20
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 90%

تحميل تطبيق المنصة العربية