حكم الدمشقي
حكم الدمشقي هوإبن الطبيب أبوالحكم وقد كاد يلحق بابيه في معهدته بالمداواة والأعمال الطبية والصفات البديعة وكان مقيماً بدمشق وعمر أيضاً عمراً طويلاً نطق أبويوسف بن إبراهيم حدثني عيسى بن حكم حتى والده توفي وكان عبد اللَّه ابن طاهر بدمشق في سنة عشر ومائتين وإن عبد اللّه سأله عن مبلغ عمر أبيه فأفهمه أنه عمره مائة وخمس سنين لم يتغير عقله ولم ينقص فهمه فنطق عبد اللَّه عاش حكم نصف التاريخ نطق يوسف وحدثني عيسى أنه ركب مع أبيه حكم بمدينة دمشق إذ اجتازوا بحانوت حجام قد وقف عليه بشر كثير فلما بصر بنا بعض الوقوف نطق أفرجوا هذا حكم المتطبب وعيسى ابنه فأفرج القوم فإذا رجل قد فصده الحجام في العرق الباسليق وقد فصده فصداً واسعاً وكان الباسليق على الشريان فلم يحسن الحجام تعليق العرق فأصاب الشريان ولم يكن عند الحجام حيلة في بتر الدم واستخدمنا الحيلة في بتره بالرفائد ونسج العنكبوت والوبر فلم ينبتر بذلك فسألني والدي عن حيلة فأفهمته أنه لا حيلة عندي فنادى بفستقة فشقها وطرح ما فيها وأخذ أحد نصفي القشرة فجعله على موضع الفصد ثم أخذ حاشية من ثوب كتان غليظ فلف بها موضع الفصد على قشر الفستقة لفاً شديداً حتى كان يستغيث المفتصد من شدته ثم شد ذلك بعد اللف شداً شديداً وأمر بحمل الرجل إلى نهر بردى وأدخل يده في الماء ووطّأ له على شاطئ النهر ونومه عليه وأمر فحسى محات بيض نيمرشت ووكل به تلميذاً من تلامذته وأمره بمنعه من إخراج يده من موضع الفصد من الماء إلا عند وقت الصلاة أويتخوف عليه الموت من شدة البرد فإن تخوف ذلك أذِن له في إخراج يده هنيهة ثم أمره بردها فعمل ذلك إلى الليل ثم أمر بحمله إلى منزله ونهاه عن تغطية موضع الفصد وعن حل الشد قبل استتمام خمسة أيام فعمل ذلك إلا أنه صار إليه في اليوم الثالث وقد ورم عضده وذراعه ورماً شديداً فنفس من الشد شيئاً يسيراً ونطق للرجل الورم أسهل من الموت فلما كان في اليوم الخامس حل الشداد شيئاً يسيراً فوجدنا قشر الفستقة ملتصقاً بلحم الرجل فنطق والدي للرجل بهذا القشر نجوت من الموت فإن خلعت هذا القشر قبل انخلاعه وسقوطه من غير عمل منك تلفت نفسك نطق عيسى فسقط القشر في اليوم السابع وبقي في مكانه دم يابس في خلقة الفستقة فنهاه والدي عن العبث به أوحك ما حوله أوفتّ شيء من ذلك الدم فلم يزل الدم يتحات حتى انكشف موضع الفصد في أكثر من أربعين ليلة وبرأ الرجل.
