جورجيوس بن جبرائيل
جورجيوس بن جبرائيل هوجرجيس (جورجيوس) بن جبرائيل بن بختيشوع (ت 769 / 5152) عالم في الطب ، وطبيب معالج بارع من أهالي مدينة بيت لافاط (جنديشابور) لعله كان مشرفا على بيمارستان جنديشابور (أول مستشفى في الشرق). هوكانت له خبرة بصناعة الطب وفهم بالمداواة وأنواع العلاج وخدم بصناعة الطب المنصور وكان حظياً عنده رفيع المنزلة ونال من جهته أموالاً جزيلة وقد نقل للمنصور خطاً كثيرة من خط اليونانيين إلى العربي نطق فثيون الترجمان حتى أول من إستدعى أبوجعفر المنصور لجورجس هوحتى المنصور في سنة مائة وثمان وأربعين سنة للهجرة سقم وفسدت معدته وإنبترت شهوته وحدثا عالجه الأطباء إزداد سقمه فتقدم إلى الربيع بأن يجمع الأطباء لمشاورتهم فجمعهم فنطق لهم المنصور من تعهدون من الأطباء في سائر المدن طبيباً ماهراً فنطقوا ليس في وقتنا هذا أحد يشبه جورجس رئيس أطباء جندي سابور فإنه ماهر في الطب وله مصنفات جليلة فأنفذ المنصور في الوقت من يحضره فلما وصل الرسول إلى عامل البلد احضر جورجس وخاطبه بالخروج معه فنطق له علي ههنا مسببات ولا بد حتى تصبر علي أياماً حتى أخرج معك فنطق له إذا أنت خرجت معي في غد طوعاً وإلا أخرجتك كرهاً وإمتنع عليه جورجس فأمر بإعتنطقه ولما إعتقل إجتمع رؤساء المدينة مع المطران فأشاروا على جورجس بالخروج فخرج بعد حتى أوصى إبنه بختيشوع بأمر البيمارستان وأموره التي تتعلق به هناك وأخذ معه إبراهيم تلميذه وسرجس تلميذه فنطق له إبنه بختيشوع لا تدع هاهنا عيسى بن شهلا فإنه يؤذي أهل البيمارستان فهجر سرجس وأخذ عيسى معه عوضاً عنه وخرج إلى مدينة السلام ولما ودعه بختيشوع إبنه نطق له لم لا تأخذني معك فنطق لا تعجل يا بني فإنك ستخدم الملوك وتبلغ من الأحوال أجلها ولما وصل جورجس إلى الحضرة أمر المنصور بإيصاله إليه ولما وصل نادى إليه بالفارسية والعربية فتعجب الخليفة من حسن منظره ومنطقه فأجلسه قدامه وسأله عن أشياء فأجابه عنها بسكون فنطق له قد ظفرت منك بما كنت أحبه وأشتاقه وحدثه بعلته وكيف كان إبتداؤها فنطق له جورجس أنا أدبرك كما تحب فأمر الخليفة له في الوقت بخلعة جلية ونطق للربيع أنزله في منزل جليل من دورنا وأكرمه كما تكرم أخص الأهل ولما كان من غد ولج إليه ونظر إلى نبضه وإلى قارورة الماء ووافقه على تخفيف الغذاء ودبره تدبيراً لطيفاً حتى عاد إلى مزاجه الأول وفرح به الخليفة فرحاً شديداً وأمر حتى يجاب إلى جميع ما يسأل ولما كان بعد أيام نطق الخليفة للربيع أرى هذا الرجل قد تغير وجهه لاقد يكون قد منعته مما يشربه على عادته نطق له الربيع لم نأذن له حتى يدخل إلى هذه الدار مشروباً فأجابه بقبيح ونطق له لا بد حتى تمضي بنفسك حتى تحضره من المشروب جميع ما يريده فمضى الربيع إلى قطربل وحمل منها إلى غاية ما أمكنه من الشراب الجيد ولما كان بعد سنتين نطق الخليفة لجورجس أوفد من يحضر إبنك إلينا فقد بلغني أنه مثلك في الطب فنطق له جورجس جندي سابور إليه محتاجة وإن فارقها إنفسد أمر البيمارستان.
وكان أهل المدينة إذا سقموا ساروا إليه وهاهنا معي تلامذة قد ربيتهم وخرجتهم في الصناعة حتى أنهم مثلي فأمر الخليفة بإحضارهم في غد ذلك اليوم ليختبرهم فلما كان من غد أخذ معه عيسى بن شهلا وأوصله إليه فسأله الخليفة عن أشياء وجده فيها حاد المزاج حاذقاً بالصناعة فنطق الخليفة لجورجس ما أحسن ما وصفت هذا التلميذ وفهمته نطق فثيون ولما كان في سنة إحدى وخمسين ومائة ولج جورجس إلى الخليفة في يوم الميلاد فنطق له الخليفة أي شيء آكل اليوم فنطق له ما ترغب وخرج من بين يديه فلما بلغ الباب رده ونطق له من يخدمك هاهنا فنطق له تلامذتي فنطق له سمعت أنه ليست لك امرأة فنطق له لي زوجة كبيرة ضعيفة ولا تقدر تنتقل إليّ من موضعها وخرج من حضرته ومضى إلى البيعة فأمر الخليفة خادمه سالماً إذا يختار من الجواري الروميات الحسان ثلاثاً ويحملهن إلى جورجس مع ثلاث آلاف دينار فعمل ذلك ولما إنصرف جورجس إلى منزله عهده عيسى بن شهلا بما جرى وأراه الجواري فأنكر أمورهن ونطق لعيسى تلميذه يا تلميذ الشيطان لِم أدخلت هؤلاء منزلي امض ردهن إلى صاحبهن ثم ركب جورجس وعيسى ومعه الجواري إلى دار الخليفة وردهن على الخادم فلما اتصل الخبر بالمنصور أحضره ونطق له لِم رددت الجواري نطق له هؤلاء لاقد يكونون معي في بيت واحد لأنا نحن معشر النصارى لا نتزوج بأكثر من امرأة واحدة وما دامت المرأة في الحياة لا نأخذ غيرها فحسن مسقطه من الخليفة وأمر في وقته حتى يدخل جورجس إلى حظاياه وحرمه ويخدمهن وزاد موضعه في عينه وعظم محله نطق فثيون ولما كان في سنة مائة واثنتين وخمسين سنة سقم جورجس سقما صعباً وكان الخليفة يرسل إليه في جميع يوم الخدم حتى يعهد خبره ولما اشتد سقم جورجس أمربه الخليفة فحمل على سرير إلى دار العامة وخرج إليه الخليفة ماشياً وراءه وسأله عن خبره فبكى جورجس بكاء شديدا ونطق له إذا رأى أمير المؤمنين أطال اللّه بقاءه إذا يأذن لي في المصير إلى بلدي لأنظر إلى أهلي وولدي وإن مت قبرت مع آبائي فنطق الخليفة يا جورجس اتق اللَّه وأَسْلِم وأنا أضمن لك الجنة.
نطق جورجس أنا على دين آبائي أموت وحيثقد يكون آبائي أحب حتى أكون إما في الجنة أوفي جهنم فضحك الخليفة من قوله ونطق له وجدت راحة عظيمة في جسمي منذ رأيتك وإلى هذه الغاية وقد تخلصت من الأمراض التي كانت تلحقني نطق له جورجس إني أخلف بين يديك عيسى وهوتربيتي فأمر الخليفة حتى يخرج جورجس إلى بلده وأن يدفع إليه عشرة آلاف دينار وأنفذ معه خادماً ونطق إذا توفي في طريقه فاحمله إلى منزله ليدفن هناك كما آثر فوصل إلى بلده حياً وحصل عيسى بن شهلا في الخدمة وبسط يده على المطارنة والأساقفة يأخذ أموالهم لنفسه حتي أنه خط إلى مطران نصيبين كتاباً يلتمس منه فيه من آلات البيعة أشياء جليلة المقدار ويتهدده متى أخرها عنه ونطق في كتابه إلي المطران ألست تفهم حتى أمر الملك بيدي إذا شئت أسقمته ؤإن شئت عافيته فعندما وقف المطران على الكتاب احتال في التوصل حتى وافى الربيع وشرح له صورته وأقرأه الكتاب فأوصله الربيع إلى الخليفة حتى عهد شرح ما جرى فأمر بنفى عيسى بن شهلا بعد حتى أخذ منه جميع ما ملكه ثم نطق الخليفة للربيع سل عن جورجس فإن كان حياً فأنفذ من يحضره وإن كان قد توفي فاحضر ابنه فخط الربيع إلى العامل بجندي سابور في ذلك واتفق حتى جورجس سقط في تلك الأيام من السطح وضعف ضعفاً فلما خاطبه أمير البلد نطق له أنا أنفذ إلى الخليفة طبيباً ماهراً يخدمه إلى حتى أصلح وأتوجه إليه وأحضر إبراهيم تلميذه وأنفذه إلى الأمير مع كتاب شرح فيه حال جورجس إلى الربيع فلما وصل إلى الربيع أوصله إلى الخليفة وخاطبه الخليفة في أشياء فوجده فيها حاد المزاج جيد الجواب فقربه وأكرمه وخلع عليه ووهب له مالاً واستخلصه لخدمته ولم يزل في الخدمة إلى حتى توفي المنصور ولجورجس من الخط كناشه المشهور ونقله حنين بن إسحاق من السرياني إلى العربي.
