جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس

عودة للموسوعة

جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس

جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس هوطبيب كان مشهوراً بالفضل جيد التصرف في المداواة عالي الهمة سعيد الجد حظياً عند الخلفاء رفيع المنزلة عندهم كثيري الإحسان إليه وحصل من جهته من الأموال ما لم يحصله غيره من الأطباء نطق فثيون الترجمان لما كان في سنة خمس وسبعين ومائة سقم جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك فتقدم الرشيد إلى بختيشوع حتى يتولى خدمته ومعالجته ولما كان في بعض الأيام نطق له جعفر أريد حتى تتخذ لي طبيباً ماهراً أكرمه وأحسن إليه نطق له بختيشوع ابني جبرائيل أمهر مني وليس في الأطباء من يشاكله فنطق له احضرنيه ولما أحضره عالجه في مدة ثلاث أيام وبرأ فأحبه جعفر مثل نفسه وكان لا يصبر عنه ساعة ومعه يأكل ويشرب وفي تلك الأيام تمطت حظية الرشيد وحملت يدها فبقيت منبسطة لا يمكنها ردها والأطباء يعالجونها بالتمريخ والأدهان ولا ينفع ذلك شيئاً فنطق الرشيد لجعفر بن يحيى قد بقيت هذه الصبية بعلتها نطق له جعفر لي طبيب ماهر وهوابن بختيشوع ندعوه ونخاطبه في معنى هذا السقم فلعل عنده حيلة في علاجه فأمر بإحضاره ولما جاء نطق له الرشيد ما اسمك نطق جبرائيل نطق له أي شيء تعهد من الطب فنطق أبرد الحار وأسخن البارد وأرطب اليابس وأيبس الرطب الخارج عن الطبع فضحك الخليفة ونطق هذا غاية ما يحتاج إليه في صناعة الطب ثم شرح له حال الصبية فنطق له جبرائيل إذا لم يسخط علي أمير المؤمنين فلها عندي حيلة فنطق له وما هي نطق تخرج الجارية إلى هاهنا بحضرة الجمع حتى أعمل ما أريده وتمهل علي ولا تعجل بالسخط فأمر الرشيد بإحضار الجارية فخرجت وحين رآها جبرائيل عدا إليها ونكس رأسه ومسك ذيلها كأنه يريد حتى يكشفها فأنزعجت الجارية ومن شدة الحياء والانزعاج استرسلت أعضاؤها وبسطت يديها إلى أسفل ومسكت ذيلها فنطق جبرائيل قد برئت يا أمير المؤمنين فنطق الرشيد للجارية إبسطي يديك يمنة ويسرة فعملت ذلك وعجب الرشيد وكل من كان بين يديه وأمر الرشيد في الوقت لجبرائيل بخمسمائة ألف درهم وأحبه مثل نفسه وجعله رئيساً على جميع الأطباء ولما سئل جبرائيل عن سبب العلة نطق هذه الجارية أنصب إلى أعضائها وقت المجامعة خلط رقيق بالحركة وانتشار الحرارة ولا جل أنّ سكون حركةِ الجماع تكوّن بغتة جَمُدت الفضلةُ في بطون جميع الأعصاب وما كان يحلها إلا حركة مثلها فاحتلت حتى انبسطت حرارتها وانحلت الفضلة نطق فثيون وكان محل جبرائيل يقوى في جميع وقت حتى حتى الرشيد نطق لأصحابه جميع من كانت له إلي حاجة فليخاطب بها جبرائيل لأني أعمل جميع ما يسألني فيه ويطلبه مني فكان القواد يقصدونه في جميع أمورهم وحاله تتزايد ومنذ يوم خدم الرشيد وإلى حتى انقضت خمس عشرة سنة لم يسقم الرشيد فحظي عنده وفي آخر أيام الرشيد عند حصوله بطوس سقم السقمة التي توفي فيها ولما قوي عليه السقم نطق لجبرائيل لم لا تبرئني فنطق له قد كنت أنهاك دائماً عن التخليط وأقول لك قديماً حتى تخفف من الجماع فلا تسمع مني والآن سألتك حتى ترجع إلى بلدك فأنه أوفق لمزاجك فلم تقبل وهذا سقم شديد وأرجوحتى يمن اللَّه بعافتيك فأمر بحبسه وقيل له حتى بفارس أسقفاً يفهم الطب فوجه من يحضره إليه ولما حضره ورآه نطق له الذي عالجك لم يكن يفهم الطب فزاد ذلك أبعاد جبرائيل وكان الفضل بن الربيع يحب جبرائيل ورأى حتى الأسقف كذاب يريد إقامة السوق فأحسن فيما بينه وبين جبرائيل وكان الأسقف يعالج الرشيد وسقمه يزيد وهويقول له أنت قريب من الصحة ثم نطق له هذا السقم كله من خطأ جبرائيل فتقدم الرشيد بقتله فلم يقبل منه الفضل بن الربيع لأنه كان يئس من حياته فإستبقى جبرائيل‏.‏

ولما كان بعد أيام يسيرة توفي الرشيد ولحق الفضل بن الربيع في تلك الأيام قولنج قاسي أيس الأطباء منه فعالجه جبرائيل بألطف علاج وأحسنه فبرأ الفضل وازدادت محبته له وعجبه به نطق فثيون ولما تولى محمد الأمين وافى إليه جبرائيل فقبله أحسن قبول وأكرمه ووهب له أموالاً جلية أكثر مما كان أبوه يهب له وكان الأمين لا يأكل ولا يشرب إلا بإذنه فلما كان من الأمين ما كان وملك الأمر المأمون خط إلى الحسن بن سهل وهويخلفه بالحضرة بأن يقبض على جبرائيل ويحبسه لأنه هجر قصره بعد موت أبيه الرشيد ومضى إلى أخيه الأمين فعمل الحسن بن سهل هذا ولما كان في سنة اثنتين ومائتين سقم الحسن بن سهل سقماً شديداً وعالجه الأطباء فلم ينتفع بذلك فأخرج جبرائيل من الحبس حتى عالجه وبرأ في أيام يسيرة فوهب له سراً مالاً وافراً وخط إلى المأمون يعهده خبر علته وكيف برأ على يد جبرائيل ويسأله في أمره فأجابه بالصفح عنه نطق فثيون ولما ولج المأمون الحضرة في سنة خمس ومائتين أمر بأن يجلس جبرائيل في منزله ولا يُخدم ووجّه مَن أحضر ميخائيل المتطبب وهوصهر جبرائيل وجعله مكانه وأكرمه إكراماً وافراً كياداً لجبرائيل نطق ولما كان في سنة عشر ومائتين سقم المأمون سقماً صعباً وكان وجوه الأطباء يعالجونه ولا يصلح فنطق لميخائيل الأدوية التي تعطيني تزيدني شراً فاجمع الأطباء وشاورهم في أمري فنطق له أخوه أبوعيسى يا أمير المؤمنين نحضر جبرائيل فإنه يعهد مزاجاتنا منذ الصبا فتغافل عن كلامه وأحضر أبوإسحاق أخوه يوحنا بن ماسويه فثلبه ميخائيل طبيبه وسقط فيه وطعن عليه فلما ضعفت قوة المأمون عن أخذ الأدوية أذكروه بجبرائيل فأمر بإحضاره ولما جاء غيَّر تدبيره كله فاستقل بعد يوم وبعد ثلاثة أيام صلح فسر به المأمون سروراً عظيماً ولما كان بعد أيام يسيرة صلح صلاحاً تاماً وأذن له جبرائيل في الأكل والشرب فعمل ذلك ونطق له أبوعيسى أخوه وهوجالس معه على الشرب مثل هذا الرجل الذي لم يكن مثله ولاقد يكون وسبيله حتى يكرم فأمر له المأمون بألف ألف درهم وبألف كر حنطة ورد عليه سائر ما قبض منه من الأملاك والضياع وصار إذا خاطبه كناه بأبي عيسى جبرائيل وأكرمه زيادة على ما كان أبوه يكرمه وانتهى به الأمر في الجلالة إلى حتى كان جميع من تقلد عملاً لا يخرج إلى عمله إلا بعد حتى يلقى جبرائيل ويكرمه وكان عند المأمون مثل أبيه ونقص محل ميخائيل الطبيب صهر جبرائيل وانحط نطق يوسف بن إبراهيم دخلت على جبرائيل داره التي بالميدان في يوم من تموز وبين يديه المائدة وعليها فراخ طيور مسرولة كبار وقد عملت كردناجاً بفلفل وهويأكل منها وطالبني بأن آكل معه فقلت له كيف من الممكن أن آكل منها في مثل هذا الوقت من السنة وسني سن الشباب نطق لي ما الحمية عندك فقلت تجنب الأغذية الرديئة فنطق لي غلطت ليس ما ذكرت حمية ثم نطق لا أعهد أحداً عظم قدره ولا صغر يصل إلى الإمساك عن غداء من الأغذية جميع دهره إلا حتىقد يكون يبغضه ولا تتوق نفسه إليه لأن الإنسان قد يمسك عن أكل الشيء برهة من دهره ثم يضطره إلى أكله عدم أدم سواه لعلة من العلل أومساعدة لعليلقد يكون عنده أوصديق يحلف عليه أوشهوة تتجدد له فمتى أكله وقد أمسك عن أكله منه المدة الطويلة لم تقبله طبيعته ونفرت منه وأحدث ذلك في بدن آكله سقماً كثيراً وربما أتى على نفسه والأصلح للأبدان تمرينها على أكل الأغذية الرديئة حتى تألفها وأن يأكل منها في جميع يوم شيئاً واحداً‏.‏

ولا يجمع أكل شيئين رديئين في يوم واحد وإذا أكل من بعض هذه الأمور في يوم لم يعاود أكله في غد ذلك اليوم فإن الأبدان إذا مرنت على أكل هذه الأمور ثم اضطر الإنسان إلى الإكثار من أكل بعضها لم تنفر الطبيعة منه فقد رأينا الأدوية المسهلة إذا أدمنها مدمن وألفها بدنه قل عملها ولم تسهل وهؤلاء أهل الأندلس إذا أراد أحدهم إسهال طبيعته أخذ من السقمونيا وزن ثلاثة دراهم حتى تلين طبيعته مقدار ما يلينها نصف درهم في بلدنا وإذا كانت الأبدان تألف الأدوية حتى تمنعها من عملها فهي للأغذية وإن كانت رديئة أشد إلفاً نطق يوسف فحدثت بهذا الحديث بختيشوع بن جبرائيل فسألني إملاءه عليه وخطه عني بخطه نطق يوسف بن إبراهيم حدثني سليمان الخادم الخراساني مولى الرشيد أنه كان واقفاً على رأس الرشيد بالحيرة يوماً وهويتغدى إذ ولج عليه عون العبادي الجوهري وهوحامل صحفة فيها سمكة منعوتة بالسمن فوضعها بين يديه ومعها محشي قد اتخذه لها فحاول الرشيد أكل شيء منها فمنعه من ذلك جبرائيل وغمز صاحب المائدة بعزلها له وفطن الرشيد فلما حملت المائدة وغسل الرشيد يه خرج جبرائيل عن حضرته نطق سليمان فأمرني الرشيد باتباعه وأخفاء شخصي عنه وأن اتفقد ما يفهمه وأرجع إليه بخبره فعملت ما أمرني به وأحسب حتى أمري لم يستتر عن جبرائيل لما تبينت من تحرزه فصار إلى موضع من دار عون ونادى بالطعام فأحضر له وفيه السمكة ونادى بثلاثة أقداح من فضة فجعل في واحد بترة منها وصب عليه خمراً من خمر طيرناباذ بغير ماء ونطق هذا أكل جبرائيل وجعل في قدح آخر بترة وصب عليها ماء بثلج ونطق هذا أكل أمير المؤمنين إذا لم يخلط السمك بغيره وجعل في القدح الثالث بترة من السمك ومعها بتراً من اللحم من ألوان مختلفة ومن شواء وحلواء وبوارد وفراريج وبقول وصب عليه ماء بثلج ونطق هذا طعام أمير المؤمنين حتى خلط السمك بغيره وحمل الثلاثة الأقداح إلى صاحب المائدة ونطق احتفظ بها إلى حتى ينتبه أمير المؤمنين من قائلته نطق سليمان الخادم ثم أقبل جبرائيل على السمكة فأكل منها حتى تضلع وكان حدثا عطش نادى بقدح مع الخمر الصرف فشربه ثم نام فلما انتبه الرشيد من نومه نادىني فسألني عما عندي من خبر جبرائيل وهل أكل من السمكة شيئاً أم لم يأكل فأبلغته بالخبر فأمر بإحضار الثلاثة الأقداح فوجد الذي صب عليه الخمر الصرف قد تفتت ولم يبق منه شيء ووجد الذي صب عليه الماء بالثلج قد ربا وصار على أكثر من الضعف مما كان ووجد القدح الذي السمك واللحم فيه قد تغيرت رائحته وحدثت له سهوكة شديدة فأمرني الرشيد بحمل خمسة آلاف دينار إلى جبرائيل ونطق من يلومني على محبة هذا الرجل الذي يدبرني هذا التدبير فأوصلت إليه المال ونطق إسحاق بن علي الرهاوي في كتاب أدب الطبيب عن عيسى بن ماسة حتى يوحنا بن ماسويه أبلغه حتى الرشيد نطق لجبرائيل بن بختيشوع وهوحاج بمكة يا جبرائيل فهمت مرتبتك عندي نطق يا سيدي وكيف لا أفهم نطق له دعوت لك واللَّه في الموقف نادىء كثيراً ثم التفت إلى بني هاشم فنطق عسى أنكرتم قولي له فنطقوا يا سيدنا ذمي فنطق نعم ولكن صلاح بدني وقوامه به وصلاح المسلمين بي فصلاحهم بصلاحه وبقائه فنطقوا صدقت يا أمير المؤمنين ونقلت من بعض التواريخ نطق جبرائيل بن بختيشوع المتطبب اشتريت ضيعة بسبعمائة ألف درهم فنقدت بعض الثمن وتعذر علي بعضه فدخلت على يحيى بن خالد وعنده ولده وأنا أفكر فنطق مالي أراك مفكراً فقلت اشتريت ضيعة بسبعمائة ألف فنقدت بعض الثمن وتعذر علي بعضه نطق فنادى بالدواة وخط يعطى جبرائيل سبعمائة إلف درهم ثم دفع إلى جميع واحد من ولده فسقط فيه ثلاثمائة ألف نطق فقلت جعلت فداك قد أديت عامة الثمن وإنما بقي أقله نطق أصرف ذلك فيما ينوبك‏.‏

ثم صرت إلى دار أمير المؤمنين كنت عند أبيك وأخوتك فعملوا بي كذا وكذا وإنما ذلك لخدمتي لك نطق فما حالي أنا ثم نادى بدابته فركب إلى يحيى فنطق يا أبت أبلغني جبرائيل بما كان فما حالي أنا من بين ولدك فنطق يا أمير المؤمنين مر بما شئت يحمل إليه فأمر لي بخمسمائة ألف نطق يوسف بن إبراهيم الحاسب المعروف بابن الداية كان لأم جعفر بنت أبي الفضل في قصر عيسى بن علي الذي كات تسكنه مجلس لا يجلس فيه إلا الحسّاب والمتطببون وكانت لا تشتكي علة إلى متطبب حتى يحضر جميع أهل الصناعتين ويكون مقامهم في ذلك المجلس إلى وقت جلوسها فكانت تجلس لهم في أحد موضعين اما عند الشباك الذي على الدكان الكبير المحاذي للشباك وللباب الأول من أبواب الدار أوعند الباب الصغير المحاذي لمسجد الدار فكان الحُسّاب والمتطبببون يجلسون من خارج الموضع الذي تجلس فيه ثم تشتكي ما تجد فيتناظر المتطببون فيما بينهم حتى يجتمعوا على العلة والعلاج فإن كان بينهم اختلاف ولج الحسّاب بينهم ونطقوا بتصديق المصيب عندهم ثم تسأل الحساب عن اختيار وقت لذلك العلاج فإن اجتمعوا على وقت وإلا نظر المتطببون فيما بين الحساب وحكموا لإلزمهم القياس فاعتلت عند اجتماعها على الحج آخر حجة حجتها علة أجمع متطببوها على إخراج الدم من ساقيها بالحجامة واختار الحساب لها يوماً تحتجم فيه وكان ذلك في شهر رمضان فلم يمكن حتى تكون الحجامة إلا في آخر النهار فكان ممن يختلف إليها من الحساب الحسن بن محمد الطوسي التميمي المعروف بالأبح وعمر بن الفرخان الطبري وشعيب اليهودي نطق يوسف بن إبراهيم وكنت متى عرضت للأبح علة أوعاقه عن حضور دار أم جعفر عائق حضرت عنه فحضرت ذلك المجلس في الوقت الذي سقط الاختيار على حجامة أم جعفر فيه فوافيت ابناً لداؤد بن سرافيون حدثا يشبه حتىقد يكون ابن أقل من عشرين سنة قد أمرت أم جعفر بإحضاره مع المتطببين ليتأدب بحضور ذلك المجلس وقد تقدمت إلى جميع من يطيف بها من المتطببين في تعليمه وتوقيفه عناية به لمكان أبيه من خدمتها فوافيته وهويلاحي متطبباً راهباً أحضر دارها في ذلك اليوم من أهل الأهواز في استهلك الماء للمنتبه من نومه ليلاً فنطق ابن داؤد ما اللَّه خلق بأحمق ممن استهلك ماء بعد انتباهه من نومه ووافى جبرائيل عندما نطق الغلام هذا القول باب البيت فلم يدخل المجلس إلا وهويقول أحمق واللَّه منه حتى تتضرم نار على كبده فلم يطفئها ثم ولج فنطق من صاحب الكلام الذي سمعته فقيل له ابن داؤد فعنفه على ذلك ونطق له كانت لأبيك مرتبة جلية في هذه الصناعة وتتحدث بمثل ما سمعته منك فنطق له الغلام فكأنك أعزك اللَّه تطلق استهلك الماء بالليل عند الانتباه من النوم فنطق جبرائيل المحرور الجاف المعدة ومن تعش وأكل طعاماً مالحاً فأطلقه له وأنا أمنع منه الرطبي المعد وأصحاب البلغم المالح لأن في منعهم من ذلك شفاء من رطوبات معدهم وأكل بعض البلغم المالح بعضاً فسكت عنه جميع من جاء ذلك المجلس غيري فقلت يا أبا عيسى قد بقيت واحدة نطق وما هي قلت حتىقد يكون العطشان يفهم من الطب مثل فهمك فيفهم عطشه من مرار أومن بلغم مالح فضحك جبرائيل ثم نطق لي متى عطشت ليلاً فأبرز رجلاً من لحافك وتناوم قليلاً فإن تزايد عطشك فهومن حرارة أومن طعام يحتاج إلى استهلك الماء عليه فاشرب وإن نقص عن عطشك شيء‏.‏

فأمسك عن استهلك الماء فإنه من بلغم مالح نطق يوسف بن إبراهيم وسأل أبوإسحاق إبراهيم بن المهدي جبرائيل عن علة الورشكين فنطق هواسم ركبته الفرس من الكسر والصدر وواسم الصدر بالفارسية الفصيحة ور والعامة تسميه بر واسم الكسر اشكين فإذا جمعت اللفظتين كانتا ورشكين أي هذه العلة من العلل التي يجب حتى يكسر عليها الصدر وهي علة لا تستحكم بإنسان فيكاد ينهض منها وإن من نهض منها لم يؤمن عليه النكسة سنة إلا حتى يخرج منه استفراغ دم كثير تقذفه الطبيعة من الأنف أومن أسفل في وقت العلة أوبعدها قبل السنة فمتى وقع ذلك سلم منه فنطق أبوإسحاق كالمتعجب سنة نطق نعم جعلني اللَّه فداك وعلة أخرى يستخف بها الناس وهي الحصبة فإني ما أمنت على من أصابته من النكسة سنة إلاّ حتى يصيبه بعقبها استطلاق بطن يكاد حتى يأتي على نفسه أويخرج به خراج كثير فإذا اصابه أحد هذين أمنت عليه نطق يوسف ودخل جبرائيل على أبي إسحاق يوماً بعقب علة كان فيها وقد أذن له في أكل اللحم الغليظ فحين جلس وضعت بين يديه كشكية رطبة فأمر بحملها فسألته عن السبب فنطق ما أطلقت لخليفة قط حم يوماً واحداً أكل الكشك سنة كاملة نطق أبوإسحاق أي الكشكين أردت الذي بلبن أم الذي بغير لبن فنطق الذي بغير لبن لا أطلق له أكله سنة وعلى قياس ما يوجبه الطب فليس ينبغي حتى يطلق له أكل الكشك المعمول بلبن إلا بعد استكمال ثلاث سنين وقع ميمون بن هرون نطق حدثني سعيد بن إسحاق النصراني نطق نطق لي جبرائيل بن بختيشوع كنت مع الرشيد بالرقة ومعه المأمون ومحمد الأمين ولداه وكان رجلاً بادناً كثير الأكل والشرب فأكل في بعض الأيام أشياء خلط فيها ودخل المستراح فغشي عليه وأخرج فقوي عليه الغشي حتى لم يشك في موته وأوفد إلي فحضرت وجسست عرقه فوجدته نبضاً خفياً وقد كان قبل ذلك بأيام يشكوامتلاء وحركة الدم فقلت لهم يموت والصواب حتى يحجم الساعة فأجاب المأمون إليه وأحضر الحجم تقدمت بإقعاده فلما وَضَع المحاجم عليه ومصها رأيت الموضع قد احمر فطابت نفسي وفهمت أنه حي فقلت للحجام اشرط فشرط فخرج الدم فسجدت شكراً للَّه وجعل حدثا خرج الدم يحرك رأسه ويَسْفُر لونه إلى حتى تحدث ونطق أين أنا فطيبنا نفسه وغدّيناه بصدر دَرَّاج وسقيناه شراباً وما زلنا نشمه الروائح الطيبة ونجعل في أنفه الطيب حتى تراجعت قوته وأدخل الناس إليه ثم وهب اللَّه عافيته فلما كان بعد أيام نادى صاحب حرصه فسأله عن غلته في السنة فعهده أنها ثلثمائة ألف درهم وسأل حاجبه عن غلته فعهده أنها ألف درهم فنطق ما أنصفناك حيث غلات هؤلاء وهم يحرسوني من الناس على ما ذكروا وأنت تحرسني من الأمراض والأسقام وتكون غلتك ما ذكرته وأمر بإقطاعي غلة ألف ألف درهم فقلت له يا سيدي مالي حاجة إلى الإقطاع ولكن تهب لي ما أشتري به ضياعاً غلتها ألف ألف درهم فجميع ضياعي أملاك لا أقطاع نطق يوسف بن إبراهيم حدثني أبوإسحاق إبراهيم بن المهدي حتى جبرائيل لجأ إليه حين انتهبت العوام داره في خلافة محمد الأمين فأسكنه معه في داره وحماه ممن كان يحاول قتله نطق أبوإسحاق فكنت أرى من هلع جبرائيل وكثرة أسفه على ما تلف من ماله وشدة اغتمامه ما لم أتوهم حتى أحداً بلغ به الوجه بماله مثل الذي بلغ بجبرائيل نطق أبوإسحاق فلما ثارت المبيضة فظهرت العلوية بالبصرة والأهواز‏.‏

أتاني وهومسرور وكأنه قد وصل بمائة إلف دينار فقلت له أرى أبا عيسى مسروراً فنطق إني واللَّه لمسرور عين السرور فسألته عن سبب سروره فنطق أنه حاز العلوية ضياعاً وضربوا عليها المنار فقلت له ما أحب أمرك انتهبت لك العوام جزأ من مالك فخرجت نفسك من الجزع إلى ما خرجت إليه وتحوز العلوية جميع ما تملك فيظهر منك من السرور مثل الذي ظهر فنطق جزعي بما ركبني به العوام لأني أوتيت في منامي وسلبت في عزي وأسلمني من يجب عليه حمايتي ولم يتعاظمني ما كان من العلوية لأنه من أكبر المحال عيش مثلي في دولتين بنعمة واحدة ولولم تعمل العلوية في ضياعي ما عملوا وقد كان يجب عليهم مع فهمهم بصحة طويتي لموالي الذين أنعم اللَّه علي بنعمتهم التي ملكونيها حتى يتقدموا في حفظ وكلائي والوصاة بضياعي ومزارعي وأن يقولوا لم يزل جبرائيل مالاً إلينا في أيام دولة أصحابه ومتفضلاً علينا من أمواله ويؤدي إلينا أخبار سادته فكان الخبر متى تأدى بذلك إلى السلطان قتلني فسروري بحيازة ضياعي وبسلامة نفسي مما كان هؤلاء الجهال ملكوه منها فلم يهتدوا إليه نطق يوسف وحدثني فرخ الخادم المعروف بأبي خراسان مولى صالح بن الرشيد ووصيه نطق كان مولاي صالح بن الرشيد على البصرة وكان عامله عليها أبوالرازي فلما أحدث جبرائيل بن بختيشوع عمارة داره التي في الميدان سأل مولاي حتى يهدي له خمسمائة ساجة وكانت الساجة بثلاثة عشر ديناراً فاستكثر مولاي المال ونطق له أما خمسمائة فلا ولكني أخط إلى ابن الرازي في حمل مائتي ساجة إليك ونطق جبرائيل فليست بي حاجة إليها نطق فرخ فقلت لسيدي أرى جبرائيل سيدبر عليك تدبيراً بغيضاً فنطق جبرائيل أهون علي من جميع هين لأني لا أشرب له دواء ولا أقبل له علاجاً ثم استزار مولاي أمير المؤمنين المأمون فلما استوى المجلس بالمأمون نطق له جبرائيل أرى وجهك متغيراً ثم قام إليه فجس عرقه ونطق له يشرب أمير المؤمنين شربة سكنجبين ويؤخر الغداء حتى يفهم الخبر فعمل المأمون ما أشار به وأقبل يجس عرقه في الوقت بعد الوقت ثم لم يشعر بشيء حتى ولج غلمان جبرائيل ومعهم رغيف واحد ومعه ألوان قد اتخذت من قرع وماش وما أشبه ذلك فنطق إني أكره لأمير المؤمنين حتى يأكل في يومه هذا شيئاً من لحوم الحيوان فليأكل هذه الألوان فأكل منها ونام فلما انتبه من قائلته نطق له يا أمير المؤمنين رائحة النبيذ تزيد في الحرارة والرأي لك الإنصراف فانصرف المأمون وتلفت نفقة مولاي كلها فنطق لي مولاي يا أبا خراسان التمييز بين مائتي ساجة وخمسمائة ساجة واستزارة الخليفة لا يجتمعان نطق يوسف وحدثني جورجس بن ميخائيل عن خاله جبرائيل وكان جبرائيل له مكرماً لكثرة فهمه لأني لم أر في أهل هذا البيت بعد جبرائيل وأفهم منه على عجب كان فيه شديداً وسخف كثير حتى جبرائيل أبلغه أنه أنكر من الرشيد قلة الرزء للطعام أول المحرم سنة سبع وثمانين ومائة وأنه لم يكن يرى في مائه ولا في مجسة عرقه ما يشير على علة توجب قلة الطعام فكان يقول للرشيد يا أمير المؤمنين بدنك سليم سليم بحمد اللَّه من العلل وما أعهد لهجرك استيفاء الغذاء معنى فنطق لي لما أكثرت عليه من القول في هذا الباب قد استوخمت مدينة السلام وأنا أكره الاستبعاد عنها في هذه الأيام أفتعهد مكاناً بالقرب منها سليم الهواء فقلت له الحيرة يا أمير المؤمنين فنطق قد نزلنا الحيرة مراراً فاجحفنا بعون العبادي في نزولنا بلده وهي أيضاً بعيدة فقلت يا أمير المؤمنين فالأنبار طيبة وظهرها فأصح هواء من الحيرة فخرج إليها فلم يزدد في طعامه شيئاً بل نقص وصام يوم الخميس قبل قتله جعفراً بيومين وليلة وأحضر جعفراً عشاءه وكان أيضاً صائماً فلم يصب الرشيد من الطعام كثير شيء فنطق له جعفر يا أمير المؤمنين لواستزدت من الطعام فنطق لوأردت ذلك لقدرت عليه إلا أني أحببت حتى أبيت خفيف المعدة لأصبح وأنا أشتهي الطعام وأتغدى مع الحرم ثم بكر بالركوب غداة يوم الجمعة متنسماً وركب معه جعفر بن يحيى فرأيته وقد أدخل يده في كم جعفر حتى بلغ بدنه فضمه إليه وعانقه وقبل بين عينيه وسار يده في يد جعفر أكثر من ألف ذراع ثم عاد إلى مضربه ونطق بحياتي أما أصطبحت في يومك هذا وجعلته يوم سرور فإني مشغول بأهلي ثم نطق لي يا جبرائيل أنا اتغدى مع حرمي فكن مع أخي تسر بسروره فسرت مع جعفر وأحضر طعامه فتغدينا وأحضر أبا زكار المغني ولم يحضر مجلسه غيرنا ورأيت الخادم بعد الخادم يدخل إلينا فيساره فيتنفس عند مسارتهم إياه ويقول ويحك يا أبا عيسى لم يطعم أمير المؤمنين بعد وأنا واللَّه خائف حتى تكون به علة تمنعه من الأكل ويأمر حدثا أراد حتى يشرب قدحاً أبا زكار حتى يغنيه‏:‏ إذا بني المنذر حين انقضوا بحيث شاد البيعة الراهب أضحوا ولا يرهبهم راهب حقاً ولايرجوهم راغب كانت من الخز لبوساتهم لم يجلب الصوف لهم جالب كأنما جثتهم لعبة سار إلى لبين بها راكب فيغنيه أبوزكار هذا الصوت ولا يقترح غيره فلم تزل هذه حالنا إلى حتى صليتا العتمة ثم ولج إلينا أبوهاشم مسرور الكبير ومعه خليفة هرثمة بن أعين ومعه جماعة كثيرة من الجند فمد يده خليفة هرثمة إلى يد جعفر ثم نطق له قم يا فاسق نطق جبرائيل ولم أحدث ولم يؤمر في بأمر وصرت إلى منزلي من ساعتي وأنا لا أعقل فما أقمت فيه إلا أقل من مقدار نصف ساعة حتى صار إلي رسول الرشيد يأمرني بالمصير إليه فدخلت إليه ورأس جعفر في طشت بين يديه فنطق لي يا جبرائيل أليس كنت تسألني عن السبب في قلة رزئي للطعام فقلت بلى يا أمير المؤمنين فنطق الفكرة فيما ترى أصارتني إلى ما كنت فيه وأنا اليوم يا جبرائيل عند نفسي كالناقة قدم غذائي حتى ترى من الزيادة على ما كنت تراه عجباً وإنما كنت آكل الشيء بعد الشيء لئلا يثقل الطعام علي فيسقمني ثم نادى بطعامه في ذلك الوقت فأكل أكلاً صالحاً من ليلته نطق يوسف حدثني إبراهيم بن المهدي أنه تخلف عن مجلس محمد الأمين أمير المؤمنين أيام خلافته عشية من العشايا لدواء كان أخذه وإن جبرائيل بن بختيشوع باكره غداة اليوم الثاني وأبلغه سلام الأمين وسأله عن حاله كيف من الممكن أن كانت في دوائه ثم دنا منه فنطق له أمر أمير المؤمنين في تجهيز علي بن عيسى بن ماهان إلى خراسان ليأتيه بالمأمون أسيراً في قيد من فضة وبجبرائيل بريء من دين النصرانية حتى لم يغلب المأمون محمداً ويقتله ويحوز ملكه - فقلت له ويحك ولم قلت هذا القول وكيف قلته نطق لأن هذا الخليفة الموسوس سكر في هذه الليلة فنادى أبا عصمة الشيعي صاحب حرسه وأمر بسواده فنزع عنه وألبسه ثيابي وزناري وقلنسوتي وألبسني أقبيته وسواده وسيفه ومنطقته وأجلسني في مجلس صاحب الحرس إلى وقت طلوع لفجر وأجلسه في مجلسي ونطق لكل واحد مني ومن أبي عصمة قد قلدتك ما كان يتقلده صاحبك فقلت حتى اللَّه مغير ما به من نعمة لتغييره ما بنفسه منها وأنه إذا جعل حراسته إلى نصراني والنصرانية أذل الأديان لأنه ليس في عقد دين غيرها التسليم لما يريد به عدوه من المكروه مثل الإذعان لمن سخره بالسخرة وأن يمشي ميلاً حتى يزيد على ذلك ميلاً آخر وإن لطم له خد حول الآخر ليلطم غير ديني فقضيت بأن عز الرجل زائل وقضيت أنه حين أجلس في مجلس متطببه الحافظ عنده لحياته والقائم بمصالح بدنه والخادم لطبيعته أبا عصمة الذي لا يفهم من جميع ذلك قليلاً ولا كثيراً بأنه لا عمر له وأن نفسه تالفة‏.‏

نطق أبوإسحاق فكان على ما تفاءل جبرائيل به نطق يوسف بن إبراهيم وسمعت جبرائيل بن يختيشوع يحدث أبا إسحاق إبراهيم بن المهدي أنه كان عند العباس بن محمد إذ ولج عليه شاعر امتدحه فلم يزل جبرائيل يسمع منه إلى حتى صار إلى هذا البيت وهو‏:‏ لوقيل للعباس يا ابن محمد قل لا وأنت مخلد ما نطقها نطق جبرائيل فلما سمعت هذا البيت لم أصبر لفهمي حتى العباس أبخل أهل زمانه فقلت لا فتبسم العباس ثم نطق لي اغرب قبح اللَّه وجهك أقول هذا الشاعر الذي يشار إليه هوربيعة الرقى نطق يوسف وحدث جبرائيل أبا إسحاق في هذا المجلس أنه ولج على العباس بعد فطر النصارى بيوم وفي رأسه فضلة من نبيذة بالأمس وذلك قبل حتى يخدم جبرائيل الرشيد فنطق جبرائيل للعباس كيف من الممكن أن أصبح الأمير أعزه اللَّه فنطق العباس أصبحت كما تحب فنطق له جبرائيل واللَّه ما أصبح الأمير على ما أحب ولا على ما يحب اللَّه ولا على ما يحب الشيطان فغضب العباس من قوله ثم نطق له ما هذا الكلام قبحك اللَّه نطق جبرائيل فقلت عليّ البرهان فنطق العباس لتأتيني به وإلا أحسنت أدبك ولم تدخل لي داراً فنطق جبرائيل الذي كنت أحب حتى تكون أمير المؤمنين فأنت كذلك نطق العباس لا نطق جبرائيل والذي يحب اللَّهُ من عباده الطاعة له فيما أمرهم به ونهاهم عنه فأنت أيها الملك كذلك فنطق العباس لا واستغفر اللَّه نطق جبرائيل والذي يحب الشيطانُ من العباد حتى يكفروا باللَّه ويجحدوا ربوبيته فأنت كذلك أيها الأمير فنطق له العباس لا ولا تعد إلى مثل هذا القول بعد يومك هذا نطق فثيون الترجمان ولما عزم المأمون على الخروج إلى بلد الروم في سنة ثلاث عشرة ومائتين سقم جبرائيل سقماً شديداً قوياً فلما رآه المأمون ضعيفاً التمس منه إنفاذ بختيشوع ابنه معه إلى بلد الروم فأحضره وكان مثل أبيه في الفهم والعقل والسروولما خاطبه المأمون وسمع حسن جوابه فرح به فرحاً شديداً وأكرمه غاية الإكرام وحمل منزلته وأخرجه معه إلى بلد الروم لما خرج طال سقم جبرائيل إلى حتى بلغ الموت وعمل وصيته إلى المأمون ودفعها إلى ميخائيل صهره ومات فمضى في تجميل موته ما لم يمض لأمثاله بحسب استحقاقه بأفعاله الحسنة وخيريته ودفن في دير مار سرجس بالمدائن ولما عاد ابنه بختيشوع من بلد الروم جمع للدير رهباناً وأجرى عليهم جميع ما يحتاجون إليه‏.‏

ونطق فثيون الترجمان حتى جنس جورجس وولده كانوا أجمل أهل زمانهم بما خصهم اللَّه به من شرف النفوس ونبل الهمم ومن البر والمعروف والأفضال والصدقات وتفقد السقمى من الفقراء والمساكين والأخذ بأيدي المنكوبين والمرهوقين على ما يتجاوز الحد في الصفة والشرح أقول وكانت مدة خدمة جبرائيل بن بختيشوع للرشيد منذ خدمه وإلى حتى توفي الرشيد ثلاثاً وعشرين سنة ووجد في خزانة بختيشوع بن جبرائيل مدرج فيه عمل بخط محرر جبرائيل بن بختيشوع الكبير وإصطلاحات بخط جبرائيل لما صار إليه في خدمته الرشيد يذكر حتى رزقه كان من رسم العامة في جميع شهر من الورق عشرة آلاف درهمقد يكون في السنة مائة وعشرون ألف درهم في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف وستمائة وستون ألفاً ونزله في الشهر خمسة آلاف درهمقد يكون في السنة ستون ألف درهم في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف وثلثمائة وثمانون ألف درهم ومن رسم الخاصة في المحرم من جميع سنة من الورق خمسون ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف ومائة وخمسون ألف درهم ومن الثياب خمسون ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف ومائة وخمسون ألف درهم تفصيل ذلك القصب الخاص الطرازي عشرون شقة الملحم الطرازي عشرون شقة الخز المنصوري عشر شقاق الخز المبسوط عشر شقاق الوشي اليماني ثلاثة أثواب الوشي النصيبي ثلاثة أثواب الطيالسة ثلاثة طيالس ومن السمور والفنك والقماقم والدلق والسنجاب للقبطين وكان يدفع إليه في مدخل صوم النصارى في جميع سنة من الورق خمسون ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين ألف ألف ومائة وخمسون ألف درهم وفي يوم الشعانين من جميع سنة ثياب من وشي وقصب وملحم وغيره بقيمة عشرة آلاف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة مائتان ألف وثلاثون ألفاً وفي يوم الفطر في جميع سنة من الورق خمسون ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ألف ألف ومائة وخمسون ألف درهم وثياب بقيمة عشرة آلاف درهم على الحكايةقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة مائتا ألف وثلاثون ألف درهم ولفصد الرشيد دفعتين في السنة جميع دفعة خمسون ألف درهم من الورق مائة ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ألفا ألف وثلثمائة ألف درهم ولشرب الدواء دفعتين في السنة وجميع دفعة خمسون ألف درهم مائة ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ألفا ألف وثلاثمائة ألف درهم ومن أصحاب الرشيد على ما فصل منه مع ما فيه من قيمة الكسوة وثمن الطيب والدواب وهومائة ألف درهم من الورق فيكون أربعمائة ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة تسع آلاف ألف ومائتا ألف درهم تفصيل ذلك عيسى بن جعفر خمسون ألف درهم زبيده أم جعفر خمسون ألف درهم العباسة خمسون ألف درهم إبراهيم بن عثمان ثلاثون ألف درهم الفضل بن الربيع خمسون ألف درهم فاطمة أم محمد سبعون ألف درهم كسوة وطيب ودواب مائة ألف درهم ومن غلة ضياعه بجندي سابور والسوس والبصرة والسواد في جميع سنة قيمته بعد المقاطعة ورقاً ثماني مائة ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث وعشرين سنة ثمانية عشر ألف ألف ومائة ألف درهم وكان يصير إليه من البرامكة في جميع سنة من الورق ألفا ألف وأربعمائة ألف درهم وتفصيل ذلك يحيى بن خالد ستماية ألف درهم جعفر بن يحيى الوزير ألف ألف ومائتا ألف درهم الفضل ابن يحيى ستماية ألف درهمقد يكون في مدة ثلاث عشرة سنة أحد وثلاثين ألف ألف ومائتي ألف درهمقد يكون جميع ذلك مدة أيام خدمته للرشيد وهي ثلاث وعشرون سنة وخدمته للبرامكة وهي ثلاث عشرة سنة‏.‏

سوى الصلات الجسام فإنها لم تذكر في هذا المدرج من الورق ثمانية وثمانين ألف درهم وثمانمائة ألف درهم ثلاث آلاف ألف وأربعمائة ألف درهم التذكرة الخراج من ذلك ومن الصلات التي لم تذكر في النفقات وغيرها على ما تضمنه المدرج المعمول من العين تسعمائة ألف دينار ومن الورق تسعون ألف ألف وستمائة ألف درهم تفصيل ذلك ما صرفه في نفقاته وكانت في السنة ألفي ألف ومائتي ألف درهم على التقريب وجملتها في السنين المذكورة سبعة وعشرون ألف ألف درهم وستماية ألف درهم ثمن دور وبساتين ومنتزهات ورقيق ودواب والجمازات سبعون ألف ألف درهم ثمن آلات وأجر وصناعات وما يجري هذا المجرى ثمانية آلاف ألف درهم ما صار في ثمن ضياع ابتاعها لخاصته اثنا عشر ألف ألف درهم ثمن جواهر وما أعده للذخائر عن قيمة خمسمائة ألف دينار خمسون ألف ألف درهم ما صرفه في البر والصلات والمعروف والصدقات وما بذل به حظه في الكفالات لأصحاب المصادرات في هذه السنين المقدم ذكرها ثلاثة آلاف ألف درهم ما كابره عليه أصحاب الودائع وجحدوه ثلاثة آلاف ألف درهم ثم وصى بعد ذلك كله عند وفاته إلى المأمون لابنه بختيشوع وجعل المأمون الوصي فيها فسلمها إليه ولم يعترض في شيء منها عليه بتسعماية ألف دينار وجبرائيل بن بختيشوع هوالذي يعنيه أبونواس في قوله‏:‏ سألت أخي أباه عيسى وجبريل له عقل فقلت الراح تعجبني فنطق كثيرها اغتال فقلت له فقدر لي فنطق وقوله فصل وجدت طبائع الإنسا ن أربعة هي الأصل فأربعة لأربعة لكل طبيعة رطل وذكر أبوالفرج علي بن الحسين الأصبهاني في كتاب المجرد في الأغاني هذه الأبيات‏:‏ لجبريل أبي عيسى أخي الأنذال والسفلة أفي طبك يا جبريل ما يشفي ذوي العلة غزال قد سبى عقلي بلا جرم ولا زلة نطق أبوالفرج والشعر للمأمون في جبرائيل بن بختيشوع المتطبب والغناء لمتيم خفيف رمل‏.‏

ومن كلام جبرائيل بن بختيشوع نطق «أربعة تهدم العمر إدخال الطعام على الطعام قبل الإنهضام والشرب على الريق ونكاح العجوز والتمتع في الحمام».

ولجبرائيل بن بختيشوع من الخط رسالة إلى المأمون في المطعم والمشرب كتاب المدخل إلى صناعة المنطق كتاب في الباه رسالة مختصرة في الطب كناشه كتاب في صنعة البخور ألفه لعبد اللَّه المأمون بختيشوع بن جبرائيل بن بختيشوع كان سريانياً نبيل القدر وبلغ من عظم المنزلة والحال وكثرة المال ما لم يبلغه أحد من سائر الأطباء الذين كانوا في عصره وكان يضاهي المتوكل في اللباس والفرش ونقل حنين بن إسحاق لبختيشوع بن جبرائيل خطاً كثيرة من خط جالينوس إلى اللغة السريانية والعربية نطق فثيون الترجمان لما ملك الواثق الأمر كان محمد بن عبد الملك الزيات وابن أبي داود يعاديان يختيشوع ويحسدانه على فضله وبره ومعروفه وصدقاته وكمال مروءته فكانا يغريان الواثق عليه إذا خلوا به فسخط عليه الواثق وقبض على أملاكه وضياعه وأخذ منه جملة طائلة من المال ونفاه إلى جندي سابور وذلك في سنة ثلاثين ومائتين فلما اعتل بالاستسقاء وبلغ الشدة في سقمه أنفذ من يحضر بختيشوع ومات الواثق قبل حتى يوافي بختيشوع ثم صلحت حال بختيشوع بعد ذلك في أيام المتوكل حتى بلغ في الجلالة والحملة وعظم المنزلة وحسن الحال وكثرة المال وكمال المروءة ومباراة الخلافة في الزي واللباس والطيب والفرش والصناعات والتفسيح والبذخ في النفقات مبلغاً يفوق الوصف فحسده المتوكل وقبض عليه ونقلت من بعض التواريخ حتى يختيشوع بن جبرائيل كان عظيم المنزلة عند المتوكل ثم حتى بختيشوع أفرط في أدلاله عليه فنكبه وقبض أملاكه ووجه به إلى مدينة السلام وعرض للمتوكل بعد ذلك قولنج فاستحضره المتوكل واعتذر إليه وعالجه وبرأ فأنعم عليه ورضي عنه وأعاد ما كان له ثم جرت على بختيشوع حيلة أخرى فنكبه نكبة قبض فيها جميع أملاكه ووجه به إلى البصرة وكان سببه الحيلة عليه حتى عبد اللَّه استخط المنتصر أبا العباس الحصيني وكان رديئاً فاتفقا على اغتال المتوكل واستخلاف المنتصر ونطق بختيشوع للوزير كيف من الممكن أن استخطت المنتصر الحصيني وأنت تعهد رداءته فظن عبد اللَّه حتى يختيشوع قد وقف على التدبير فعهد الوزير ما نطقه له بختيشوع ونطق أنتم تفهمون كيف من الممكن أن محبة بختيشوع له وأحسب أنه يبطل التدبير فكيف الحيلة فنطقوا للمنتصر إذا سكر الخليفة فخرَّق ثيابك ولوثها بالدم وادخل إليه فإذا نطق ما هذا فقل بختيشوع ضرب بيني وبين أخي فكاد حتى يقتل بعضنا بعضاً وأنا أقول يا أمير المؤمنين يبعد عنهم فإنه يقول اعملوا فتنفيه فإلى حتى يسأل عنه نكون قد فرغنا من الأمر‏.‏

فعمل ذلك ونكب وقتل المتوكل ولما استخلف المستعين رد بختيشوع إلى الخدمة وأحسن إليه إحساناً كثيرا ولما ورد الأمر إلى ابن عبد اللَّه محمد بن الواثق وهوالمهتدي جرى على حال المتوكل في أنسه بالأطباء وتقديمه إياهم وإحسانه إليهم وكان يختيشوع لطيف المحل من المهتدي باللَّه وشكا بختيشوع إلى المهتدي ما أخذ منه في أيام المتوكل فأمر بأن يدخل إلى سائر الخزائن فكل ما اعترف به فليرد إليه بغير استثمار ولا مراجعة فلم يبق له شيء إلا أخذه وأطلق له سائر ما فاته وحاطه جميع الحياطة وورد على بختيشوع كتاب من صاحبه بمدينة السلام يصف فيها حتى سليمان بن عبد اللَّه بن طاهر قد تعرض له لمنازلة فعرض بختيشوع الكتاب على المهتدي بعد صلاة العتمة فأمر بإحضار سليمان بن وهب في ذلك الوقت فحضر وتقدم إليه بأن يخط من حضرته إلى سليمان بن عبد اللَّه بالإنكار عليه لما اتصل به من وكيل بختيشوع وأن يتقدم إليه بإعزاز منازله وأسبابه بأوكد ماقد يكون وأنفذ الكتاب من وقته مع أخص خدمه إلى مدينة السلام ونطق بختيشوع للمهتدي في آخر من جاء الدار يا أمير المؤمنين ما اقتصدتُ ولا شربت الدواء منذ أربعين سنة وقد حكم المنجمون بأني أموت في هذه السنة ولست أغتم لموتي وإنما غمي لمفارقتكم فحدثه المهتدي بكلام جميل ونطق قلّما يصدق المنجم فلما انصرف كان آخر العهد به ونطق إبراهيم بن علي الحصري في كتاب نور الطرف ونور الظرف أنه تنازع إبراهيم بن المهدي وبختيشوع الطبيب بين يدي أحمد ابن داؤد في مجلس الحكم في عقار بناحية السواد فأربى عليه إبراهيم وأغلظ له فغضب لذلك أحمد بن أبي داؤد ونطق يا إبراهيم إذا تنازعت في مجلس الحكم بحضرتنا أمراً فليكن قصدك أمما وطريقك نهجا وريحك ساكنة وكلامك معتدلاً ووف مجالس الخليفة حقوقها من التوفيق والتعظيم والاستطاعة وريحك ساكنة وكلامك معتدلاً ووف مجالس الخليفة حقوقها من التوفيق والتعظيم والاستطاعة والتوجيه إلى الحق فإن هذا أشكل بك وأجمل بممضىك في محتدك وعظيم خطرك ولا تعجلن فرب العجلة تورث رثياً واللَّه يعصمك من الزلل وخطل القول والعمل ويتم نعمته عليك كما أتمها على آبائك من قبل إذا ربك عليم حكيم‏.‏

فنطق إبراهيم أمرت أصلحك اللّه بسداد وحضضت على رشاد ولست بعائد إلى ما يثلم قدري عندك ويسقطني من عينك ويخرجني من مقدار الواجب إلى الاعتذار فها أنا معتذر إليك من هذه البادرة اعتذار مقر بذنبه باخع بجرمه لأن الغضب لا يزال يستفزني بمراده فيردني مثلك بحلمه وتلك عادة اللَّه عندك وعندنا فيك وهوحسبنا ونعم الوكيل وقد خلعت حظي من هذا العقار لبختيشوع فليت ذلكقد يكون وافياً بأرش الجناية عليه ولن يتلف مال أفاد موعظة وباللَّه التوفيق وقع أبومحمد بدر بن أبي الأصبع المحرر نطق حدثني جدي نطق دخلت إلى بختيشوع في يوم شديد الحر وهوجالس في مجلس مخيّش بعدة طاقات ريح بينهما طاق أسود وفي وسطها قبة عليها جلال من قصب مُظَّهر بدبيقى قد صبغ بماء الورد والكافور والصندل وعليه جبة يماني سعيدي مثقلة ومطرف قد التحف به فعجبت من زيه فحين حصلت معه في القبة نالني من البرد أمر عظيم فضحك وأمر لي بجب ومطرف ونطق يا غلام أكشف جوانب القبة فكشفت فإذا أبواب مفتوحة من جوانب الإيوان إلى مواضع مكسوة بالثلج وغلمان يروحون ذلك الثلج فيخرج منه البرد الذي لحقني ثم نادى بطعامه فأتي بمائدة في غاية الحسن عليها جميع شيء ظريف ثم أتى بفراريج مشوية في نهاية الحمرة واتى الطباخ فنفضها كلها فانتفضت ونطق هذه فراريج تعلف اللوز والبزر قطوناً وتسقى ماء الرمان ولما كان في صلب الشتاء دخلت عليه يوماً والبرد شديد وعليه جبة محشوة وكساء وهوجالس في طارمة في الدار على بستان في غاية الحسن وعليها سمور قد ظهرت به وفوقه جلال حرير مصبغ ولبود مغربية وانطاع أدم يمانية وبين يديه كانون فضة ممضى مخرق وخادم يوقد العود الهندي وعليه خلالة قصب في نهاية الحملة فلما حصلت معه في الطارمة وجدت من الحر أمراً عظيماً فضحك وأمر لي بغلالة قصب وتقدم يكشف جوانبالطارمة فإذا مواضع لها شبابيك خشب بعد شبابيك حديد وكوانين فيها فحم الغضا وغلمان ينفخون ذلك الفحم بالزقاق كما تكون للحدادين ثم نادى بطعامه فأحضروا ما جرت به العادة في السرووالنظافة فأحضرت فراريج بيض شديدة البياض فبشعتها وخفت حتى تكون غير نضيجة ووافى الطباخ فنفضها فانتفضت فسألته عنها فنطق هذه تعلف الجوز المقشر وتسقى اللبن الحليب‏.‏

وكان يختيشوع بن جبرائيل يهدي البخور في درج ومعه درج آخر فيه فحم يتخذ له من قضبان الأترج والصفصاف وشنس الكرم المرشوش عليه عند إحراقه ماء الورد المخلوط بالمسك والكافور وماء الخلاف والشراب العتيق ويقول أنا أكره حتى أهدي بخوراً بغير فحم فيفسده فحم العامة وينطق هذا عمل بختيشوع وحدث أبومحمد بدر بن أبي الأصبغ عن أبيه عن أبي عبد اللَّه محمد بن الجراح عن أبيه حتى المتوكل نطق يوماً لبختيشوع ادعني فنطق السمع والطاعة فنطق أريد حتىقد يكون ذلك غداً نطق نعم وكرامة وكان الوقت صائفاً وحره شديداً فنطق بختيشوع لأعوانه وأصحابه أمرنا كله مستقيم إلا الخيش فإنه ليس لنا منه ما يكفي فأحضر وكلاءه وأمرهم بابتياع جميع ما يوجد من الخيش بسر من رأى فعملوا ذلك وأحضروا جميع من وجدوه من النجادين والصناع فبتر لداره كلها صونها وحجرها ومجالسها وبيوتها ومستراحاتها خيشا حتى لا يجتاز الخليفة في موضع غير مخيش وأنه فكر في روائحه التي لا تزول إلا بعد استعماله مدة فأمر بابتياع جميع ما يقدر عليه بسر من رأى من البطيخ وأحضر أكثر حشمه وغلمانه وأجلسهم يدلكون الخيش بذلك البطيخ ليلتهم كلها وأصبح وقد انبترت روائحه فتقدم إلى فراشيه عملقوا جميعه في المواضع المكورة وأمر طباخيه بأن يعملوا خمسة آلاف جونة في جميع جونة باب خبز سميد دست رقاق وزن الجميع عشرون رطلاً وحمل مشوي وجدي بارد وفائقة ودجاجتان مصدرتان وفرخان ومصوصان وثلاثة ألوان وجام حلواء فلما وافاه المتوكل رأى كثرة الخيش وجدته فنطق أي شيء مضى برائحته فأعاد عليه حديث البطيخ فعجب من ذلك وأكل هووبنوعمه والفتح بن خاقان على مائدة واحدة وأجلس الأمراء والحجاب على سماطين عظيمين لم ير مثلهما لأمثاله وفرقت الجون على الغلمان والخدم والنقباء والركابية والفراشين والملاحين وغيرهم من الحاشية لكل واحد جونة ونطق قد أمنت ذمهم لأنني ما كنت آمن لوأطعموا على موائد حتى يرضى هذا ويغضب الآخر ويقول واحد شبعت ويقول آخر لم أشبع فإذا منح جميع إنسان جونة من هذه الجون كفته واستشرف المتوكل على الطعام فاستعظمه جداً وأراد النوم فنطق لبختيشوع أريد حتى تنومني في موضع مضيء لا ذباب فيه وظن أنه يتعنته بذلك وقد كان بختيشوع تقدم بان تجعل أجاجين السيلان في سطوح الدار ليجتمع الذباب عليه فلم يقرب أسافل الدور ذبابة واحدة ثم أدخل المتوكل إلى مربع كبير سقفه كله بكواء فيها جامات يضيء البيت منها وهومخيش مظهّر بعد الخيش بالدبقي المصبوغ بماء الورد والصندل والكافور‏.‏

فلما إضطجع للنوم أقبل يشم روائح في نهاية الطيب لا يدري ما هي لأنه لم ير في البيت شيئاً من الروائح والفاكهة والأنوار ولا خلف الخيش لا طاقات ولا موضع يجعل فيه شيء من ذلك فتعجب وأمر الفتح بن خاقان حتى يتتبع حال تلك الروائح حتى يعهد صورتها فخرج يطوف فوجد حول البيت من خارجه ومن سائر نواحيه وجوانبه أبواباً صغاراً لطافاً كالطاقات محشوة بصنوف الرياحين والفواكه واللخالخ والمشام التي فيها اللفاح والبطيخ المستخرج ما فيها المحشوة بالنمام والحماحم اليماني المعمول بماء الورد والخلوق والكافور والشراب العتيق والزعفران الشعر ورأى الفتح غلماناً قد وكلوا بتلك الطاقات مع جميع غلام مجمرة فيها ند يسجره ويبخر به والبيت من داخله أزار من اسفيداج مخرم خروماً صغاراً لا تبين تخرج منها تلك الروائح الطيبة العجيبة إلى البيت فلما عاد الفتح وشرح للمتوكل صورة ما شاهده كثر تعجبه منه وحسد بختيشوع على ما رآه من نعمته وكمال مروءته وانصرف من داره قبل حتى يستتم يومه وأدعى شيئاً وجده من التياث بدنه وحقد عليه ذلك فنكبه بعد أيام يسيرة وأخذ له مالاً كثيراً لا يقدر ووجد له في جملة كسوته أربعة آلاف سراويل دبيقي سيتيزي في جميعها تكك ابريسم أرمني وحضر الحسين بن مخلد فختم على خزانته وحمل إلى دار المتوكل ما صلح منها وباع شيئاً كثيراً وبقي بعد ذلك حطب وفحم ونبيذ وتوابل فاشتراه الحسين ابن مخلد بستة آلاف دينار وذكر أنه باع من جملته بمبلغ ثمانية آلاف دينار ثم حسده حمدون ووشى إلى المتوكل وبذل فيما بقي في يده مما ابتاعه ستة آلاف دينار فاجيب إلى ذلك وسلم إليه فباعه بأكثر من الضعف وكان هذا في سنة أربع وأربعين ومائتين للهجرة نطق فثيون الترجمان كان المعتز باللَّه قد اعتل في أيام المتوكل علة من حرارة امتنع منها من أخذ شيء من الأدوية والأغذية فشق ذلك على المتوكل كثيراً واغتم به وصار إليه بختيشوع والأطباء عنده وهوعلى حاله في الامتناع فمازحه وحادثه فأدخل المعتز يده في كم جبة وشي يمان مثقله كانت على بختيشوع ونطق ما أحسن هذا الثوب فنطق بختيشوع يا سيدي ما له واللّه نظير في الحسن وثمنه علي ألف دينار فكل لي تفاحتين وخذ الجبة فنادى بتفاح فأكل اثنتين ثم نطق له بحاجة يا سيدي الجبة إلى ثوبقد يكون معها وعندي ثوب هوأخ لها فاشرب لي شربة سكنجبين وخذه فشرب شربة سكنجبين ووافق ذلك اندفاع طبيعته فبرأ المعتز وأخذ الجبة والثوب وصلح من سقمه فكان المتوكل يشكر هذا العمل أبداً لبختيشوع‏.‏

ونطق ثابت بن سنان بن ثابت إذا المتوكل إشتهي في بعض الزوقات الحارة حتى يأكل مع طعامه خردلاً فمنعه الأطباء من ذلك لحدة مزاجه وحرارة كبده وغائلة الخردل فنطق بختيشوع أنا أطعمك إياه وإن ضرك علي فنطق اعمل فأمر بإحضار قرعة وجعل عليها طيناً وهجرها في تنور وإستخرج ماءها وأمر بأن يقشر الخردل ويضرب بماء القرع ونطق حتى الخردل في الدرجة الرابعة من الحرارة والقرع في الدرجة الرابعة من الرطوبة فيعتدلان فكل شهوتك وبات تلك الليلة ولم يحس بشيء من الأذى وأصبح كذلك فأمر بأن يحمل إليه ثلاثمائة ألف درهم وثلاثون تختاً من أصناف الثياب ونطق إسحاق بن علي الرهاوي عن عيسى بن ماسة نطق رأيت بختيشوع بن جبرائيل وقد اعتل فأمر أمير المؤمنين المتوكل والمعتز حتى يعوده وهوإذ ذاك ولي عهد فعاده ومعه محمد بن عبد اللّه بن طاهر ووصيف الهجري نطق وأبلغني إبراهيم بن محمد المعروف بابن المدبر حتى المتوكل أمر الوزير شفاهاً ونطق له أخط في ضياع بختيشوع فإنها ضياعي وملكي فإن محله منا محل أرواحنا من أبداننا ونطق عبيد اللَّه بن جبرائيل بن عبيد اللَّه بن بختيشوع هذا المذكور مما يشير على منزلة بختيشوع عند المتوكل وانبساطه معه نطق من ذلك ما حدثنا به بعض شيوخنا أنه ولج بختيشوع يوماً إلى المتوكل وهوجالس على سدة في وسط دار الخاصة فجلس بختيشوع على عادته معه على السدة وكان عليه دراعة ديباج رومي وقد أنفتق ذيلها قليلاً فجعل المتوكل يحادث بختيشوع ويعبث بذلك الفتق حتى بلغ إلى حد النيفق ودار بينهما كلام اقتضى حتى سأل المتوكل بختيشوع بماذا تفهم حتى المشوّش يحتاج إلى الشد والقيادة نطق إذا بلغ فتق درّاعة طبيبه إلى حد النيفق شددناه فضحك المتوكل حتى استلقى على ظهره وأمر له في الحال بخلع سنية ومال جزيل.

ونطق أبوالريحان البيروني في كتاب الجماهر في الجواهر حتى المتوكل جلس يوماً لهدايا النيروز فقدم إليه جميع علق نفيس وكل ظريف فاخر وأن طبيبه بختيشوع بن جبرائيل ولج وكان يأنس به فنطق له ما ترى في هذا اليوم فنطق مثل جرياشات الشحاذين إذ ليس قدر وأقبل على ما معي ثم أخرج من كمه درج أبنوس مضبب بالمضى وفتحه عن حرير أخضر انكشف عن معلقة كبيرة من جوهر لمع منها شهاب ووضعها بين يديه فرأى المتوكل ما لا عهد له بمثله ونطق من أين لك هذا نطق من الناس الكرام ثم وقع أنه صار إلى أبي من أم جعفر زبيدة في ثلاث مرات ثلاثمائة ألف دينار بثلاث شكايات عالجها فيها واحدتها أنها شكت عارضاً في حلقها منذرة بالخناق فأشار إليها بالفصد والتطفئة والتغدي بحشووصفه فأحضر على نسخته في غضارة صينية عجيبة الصفة وفيها هذه الملعقة فغمزني أبي علي حملها فعملت ولففتها في طليساني وجاذبنيها الخادم فنطقت له لاطفه ومره بردها وعوضه منها عشرة آلاف دينار فامتنعت ونطق أبي يا ستي إذا ابني لم يسرق قط فلا تفضحيه في أول كراته لئلا ينكسر قلبه فضحكت ووهبتها له وسئل عن الآخرتين فنطق أنها اشتكت إليه النكهة بأخبار إحدى بطانتها إياها وذكرت حتى الموت أسهل عليها من ذلك فجوعها إلى العصر وأطعمها سمكاً ممقوراً وسقاها دردي نبيذ دقل باكراه فغثت نفسها وقذفت وكرر ذلك عليها ثلاثة أيام ثم نطق لها تنكهي وفي وجه من أقول لك بذلك واستخبريه هل زال والثالثة أنها أشرفت على التلف من فواق شديد يسمع من خارج الحجرة فأمر الخدم بأصعاد خوابي إلى سطح الصحن وتصفيفها حوله على الشفير وملأها ماء وجلس خادم خلف جميع جب حتى إذا صفق بيده على الأخرى دفعوها دفعة إلى وسط الدار فعملوا وارتفع لذلك صوت شديد أرعبها فوثبت وزايلها الفواق نطق أبوعلي القياني حدثني أبي نطق دخلت يوماً إلى بختيشوع وكان من أيام الصيف وجلست فإذا هوقد حمل طرفه إلى خادمه ونطق له هات فاتى بقدح فيه نحونصف رطل شراب عتيق وعلى طرف خلالة مضى شيء أسود فمضغه ثم استهلك الشراب عليه وصبر ساعة فرأيت وجهه يتقد كالنار ثم نادى باطباق فيها خوخ جبلي في نهاية الحسن فأقبل يبتر ويأكل حتى انتهى وسكن تلهبه وعاد وجهه إلى حاله فقلت له حدثني بخبرك فنطق اشتهيت الخوخ شهوة شديدة وخفت ضررها فاستخدمت الترياق والشراب حتى نقرت الحجر ليجيد الطحن ونطق أبوعلي القياني عن أبيه نطق كان يختيشوع الطبيب صديقاً لأبي وكان لنا نديم كثير الأكل عظيم الخلق فكان حدثا رآه نطق له أريد حتى هجرب لي شربة وأبرمه إلى حتى وصف له دواء فيه شحم الحنظل وسقمونيا ونطق بختيشوع لأبي ملاك الأمر كله حتى يأكل أكلاً خفيفاً ويضبط نفسه فيما بعد عن التخليط فأطعم بيوم الحمية في دارنا واقتصر على اسفيدباج من ثلاثة أرطال خبر فلما استوفى ذلك طلب زيادة عليه فمنع واعتقله أبي عنده إلى آخر الأوقات ووجه إلى امرأته يوصيها حتى لا تدع شيئاً يؤكل في داره ولما فهم حتى الوقت قد ضاق عليه أطلقه إلى منزله فطلب من امرأته شيئاً يأكله فلم يجد عندها شيئاً وكانت قد أغفلت برنية فيها فتيت على الرف فوجده وأخذ منه أرطالاً ثم أصبح وأخذ الدواء فتحير وورد على المعدة وهي ملأى فلم يؤثر وتعالى النار فنطق قد خرف بختيشوع وعمد إلى عشرة أرطال لحم شرائح فأكلها مع عشرة أرطال خبز وشرب دورقاً ماء بارداً فلما مضت ساعة طلب الدواء طريقاً للخروج من فوق أومن أسفل فلم يجد فانتفخت بطنه وعلا نَفَسه وكاد يتلف وصاحت امرأته واستغاثت بأبي فنادى بمحمل وحمل فيه إلى بختيشوع وكان ذلك اليوم حاراً جداً وكان بختيشوع حين انصرف من داره وهوضجر فسأل عن حاله إلى حتى فهم شرح أمره وكان في داره أكثر من مائتي طير من الطيطويات والحصانيات والبيضانيات وما يجري مجراها لها مسقاة كبيرة مملوءة ماء وقد حمي في الشمس وذرقت فيه الطيور فنادى بملح جريش وأمر بطرحه في المسقاة كله وتذويبه في الماء ونادى بقمع وسقى الرجل كله وهولا يعقل وأمر بالتباعد عنه فأتى من طبيعته فوق وأسفل أمر عظيم جداً حتى ضعف وحفظت قوته بالرائحة الطيبة وبماء الدراج وأفاق بعد أيام وعجبنا من صلاحه وسألنا عنه بختيشوع فنطق فكرت في أمره فرأيت أني حتى اتخذت له دواء طال أمره حتى يطبخ ويسقى فيموت إلى ذلك الوقت ونحن نعالج أصحاب القولنج الشديد بذرق الحمام والملح وكان في المسقاة الماء في الشمس وقد سخن واجتمع فيه من ذرق الحمام ما يحتاج إليه وكان أسرع تناولاً من غيره فعالجته به ونجع بحمد اللّه ونقلت من بعض الخط حتى بختيشوع كان يأمر بالحقن والقمر متصل بالذنب فيحل القولنج من ساعته ويأمر بشرب الدواء والقمر على مناظرة الزهرة فصلح العليل من يومه ولما توفي بختيشوع خلف عبيد اللّه والده وخلف معه ثلاث بنات وكان الوزراء والنظار يصادرونهم ويطالبونهم بالأموال فتفرقوا واختلفوا وكان موته يوم الأحد لثمان بقين من صفر سنة ست وخمسين ومائتين ومن كلام بختيشوع بن جبرائيل نطق الشرب على الجوع رديء والأكل على الشبع أردأ ونطق أكل القليل مما يضر أصلح من أكل الكثر مما ينفع ولبختيشوع بن جبرائيل من الخط كتاب في الحجامة على طريق المسئلة والجواب‏.‏

جبرائيل بن عبيد اللَّه بن بختيشوع كان فاضلاً عالماً متقناً لصناعة الطب جيداً في أعمالها حسن الدراية لها وله تصانيف جليلة في صناعة الطب وكانت أجداده في هذه الصناعة جميع منهم أوحد زمانه وعلامة وقته ونقلت من كتاب عبيد اللَّه ولد هذا المذكور في أخباره عن أبيه جبرائيل ما هذا مثاله نطق إذا جدي عبيد اللَّه بن بختيشوع كان متصرفاً ولما ولي المقتدر رحمه اللّه عليه الخلافة استخطه لحضرته وبقي مدة مديدة ثم توفي وخلّف والدي جبرائيل وأختاً كانت معه صغيرين وأنفذ المقتدر ليلة موته ثمانين فرشا حمل الموجود من رحل وأثاث وآنية وبعد مواراته في القبر اختفت زوجته وكانت ابنة إنسان عامل من أجلاء العمال يعهد بالحرسون فقبض على والدها بسببها وطلب منه ودائع بنت بختيشوع وأخذ منه مالاً كثيراً ومات عقيب مصادرته فخرجت ابنته ومعها ولدها جبرائيل وأخته وهما صغيران إلى عكبراء مستترين من السلطان واتفق أنها تزوجت برجل طبيب وصرفت ولدها إلى عم كان له بدقوقاء وأقامت مدة عند ذلك الرجل وماتت وأخذ ما كان معها جميعه ودفع ولدها فدخل جبرائيل إلى بغداد وما معه إلا اليسير النزر وقصد طبيباً كان يعهد بترمرة فلازمه وقرأ عليه وكان من أطباء المقتدر وخواصه وقرأ على يوسف الواسطي الطبيب ولازم البيمارستان والفهم والدرس وكان يأوي إلى أخوال له يسكنون بدار الروم وكانوا يسيئون عشرتهم عليه ويلومونه على تعرضه للفهم والصناعة ويمجنون معه ويقولون يريد حتىقد يكون مثل جده يختيشوع وجبرائيل وما يرضى حتىقد يكون مثل أخواله وهولا يلتفت إلى مثل أقوالهم واتفق حتى اتى رسول من كرمان إلى معز الدولة وحمل له الحمار المخطط والرجل الذي كان طوله سبعة أشبار والرجل الذي كان طوله شبرين واتفق أنه هبط في قصر فرخ من الجانب الشرقي قريباً من الدكان الذي كان يجلس عليه والدي جبرائيل وصار ذلك الرسول يجلس عنده كثيراً ويحادثه ويباسطه فلما كان في بعض الأيام استنادىه وشاوره بالفصد فأشار به وفصده وتردد إليه يومين فأنفذ له على رسم الديلم الصينية التي كانت فيها العصائب والطشت والإبريق وجميع الآلة ثم استنادىه ونطق له ادخل إلي هؤلاء القوم وانظر ما يصلح لهم وكان مع الرسول جارية يهواها قد عرض لها هبط الدم ولا بقي بفارس ولا بكرمان ولا بالعراق طبيب مذكور إلا وعالجها ولم ينجح فيها العلاج فعندما رآها رتب لها تدبيراً وعمل لها معجوناً وسقاها إياه فما مضى عليها أربعون يوماً حتى برئت وصلح جسمها وفرح الرسول بذلك فرحاً عظيماً فلما كان بعد مدة استنادىه وأعطاه ألف درهم ودراعة سقلاطون وثوباً توثياً وعمامة قصب ونطق له طالبهم بحقك فأعطته الجارية ألف درهم وبترتين من جميع نوع من الثياب وحمل على بغله بمركب واتّبع ذلك بمملوك زنجي فخرج وهوأحسن حالاً من أحد أخواله فلما رأوه وثبوا له وتلقوه لقياً جميلاً فنطق لهم للثياب تكرمون لا لي فلما مضي الرسول انتشر ذكره بفارس وبكرمان بما عمل وكان ذلك سبب خروجه من شيراز‏.‏

فلما ولج حمل خبره إلى عضد الدولة وكان أول تبوئه ولايته شيراز واستدعى به فحضر وأحضر معه رسالة في عصب العين تحدث فيها بكلام حسن فحسن مسقطه عنده وقرر له جار وجراية كالباقين ثم إنه عرض لكوكين زوج خالة عضد الدولة وهووالي كورة جورقب سقم واستدعى طبيباً فأنفذه عضد الدولة فلما وصل أكرم موضعه وأجله إجلالاً عظيماً وكان به وجع المفاصل والنقرس وضعف الأحشاء فركب له جوارشن تفاحي وذلك في سنة سبع وخمسين وثلاثمائة للهجرة فانتفع به منفعة بينة عظيمة فأجزل له عطاءه وأكرمه ورده إلى شيراز مكرماً ثم إذا عضد الدولة ولج إلى بغداد وهومعه من خاصته وجدد البيمارستان وصار يأخذ رزقين وهما برسم خاص ثلاثمائة درهم شجاعية وبرسم البيمارستان ثلاثمائة درهم شجاعية سوى الجراية وكانت نوبته في الأسبوع يومين وليلتين واتفق حتى الصاحب بن عباد رحمه اللَّه تعالى عرض له سقم قاسي في معدته فمحرر عضد الدولة يلتمس طبيباً وكان عمله وعمله مشهوراً فأمر عضد الدولة بجمع الأطباء البغداديين وغيرهم وشاورهم فيمن يصلح حتى ينفذ إليه فلما جمعهم واستشارهم فأشار جميع الأطباء على سبيل الإبعاد له من بينهم وحسداً على تقدمه ما يصلح حتى يلقى مثل هذا الرجل إلا أبوعيسى جبرائيل لأنه متحدث جيد الحجة عالم باللغة الفارسية فسقط ذلك بوفاق عضد الدولة فأطلق له مالاً يصلح به أمره وحمل إليه مركوب جميل وبغال للحمل وسيَّره فلما وصل الري تلقاه الصاحب لقاء جميلاً وأنزله في دار مزاحة العلل بفراش وطباخ وخازن ووكيل وبواب وغيره ولما أقام عنده أسبوعاً استنادىه يوماً وقد أعد عنده أهل الفهم من أصناف العلوم ورتب لمناظرته إنساناً من أهل الري وقد قرأ طرفاً من الطب فسأله عن أشياء من أمر النبض عملم هوما الغرض في ذلك فبدأ وشرح أكثر مما تحتمله المسألة وعلل تعليلات لم يكن في الجماعة من سمع بها وأورد شكوكاً ملاحاً وحلها فلم يكن في الحضور إلا من أكرمه وعظمه خلع عليه الصاحب خلعاً حسنة وسأله حتى يعمل له كناشاً يختص بذكر الأمراض التي تعرض من الرأس إلى القدم ولا يخلط بها غيرها فعمل كناشه الصغير وهومقصور على ذكر الأمراض العارضة من الرأس إلى القدم حسبما أمر الصاحب به وحمله إليه فحسن مسقطه عنده ووصله بشيء قيمته ألف دينار وكان دائماً يقول صنفت مائتي ورقة أخذت عنها ألف دينار وحمل خبره إلى عضد الدولة فأعجب به وزاد موضعه عنده‏.‏

فلما عاد من الري ولج إلى بغداد بزي جميل وأمر مطاع وغلمان وحشم وخدم وصادف من عضد الدولة ما يسره ويختاره نطق وحدثني من أثق إليه أنه ولج الأطباء ليهنئوه بوروده وسلامته فنطق أبوالحسين بن كشكرايا تلميذ سنان يا أبا عيسى غرسنا وأكلت وأردناك تبعد فازددت قرباً لأنه كان كما تقدم ذكره فضحك جبرائيل من قوله ونطق له ليس الأمور إلينا بل لها مدبر وصاحب وأقام ببغداد مدة ثلاث سنين واعتل خسروشاه بن مبادر ملك الديلم وآلت حاله إلى المراقبة ونحل جسمه وقوي استشعاره وكان عنده اثنا عشر طبيباً من الري وغيرها وحدثا عالجوه ازداد سقمه فأنفذ إلى الصاحب يلتمس منه طبيباً فنطق ما أعهد من يصلح لهذا الأمر إلا أبوعيسى جبرائيل فسأله ممحررته لما بينهما من الأنس ومحرر عضد الدولة يسأل إنفاذه ويفهمه حتى حاله قد آلت إلى أمر لا يحتمل الونية في ذلك فأنفذه مكرماً فلما وصل إلى الديلمي نطق له ما أعالجك أوينصرف من حولك من أطباء فصرف الأطباء مكرمين وأقام عنده وسأله حتى يعمل في صورة السقم منطقة يقف على حقيقته وتدبير يختاره ويعول عليه فعمل له منطقة ترجمها في ألم الدماغ بمشاركة فم المعدة والحجاب الفاصل بين آلات الغذاء وآلات التنفس المسمى ذيا فرغما ولما اجتاز بالصاحب سأله عن أفضل استقساط البدن فنطق هوالدم فسأله حتى يعمل له في ذلك كتاباً يبرهن عليه فيه فعمل في ذلك منطقة مليحة بين فيها البراهين التي تدل على هذا وكان في هذه المدة مستعجلاً لعمل كناشه الكبير ولما عاد إلى بغداد وكان عضد الدولة قد توفي فأقام ببغداد سنين مشتغلاً بالتصنيف فتمم كناشه الكبير وسماه بالكافي بلقب الصاحب بن عباد لمحبته له ووقف منه نسخة على دار الفهم ببغداد وعمل كتاب المطابقة بين قول الأنبياء والفلاسفة وهوكتاب لم يعمل في الشرع مثله لكثرة احتوائه على الأقاويل وذكر المواضع التي استخرجت منها وأكثر فيهمن أقوال الفلاسفة في جميع معنى لغموضها وقلة وجودها وقلل من الأقاويل الشرعية لظهورها وكثرة وجودها وفي هذه المدة عمل منطقة في الرد على اليهود جمع فيها أشياء منها جواز النسخ من أقوال الأنبياء ومنها شهادات على صحة مجيء المسيح وأنه قد كان وأبطل انتظارهم له ومنها صحة القربان بالخبز والخمر وعمل منطقات أخر كثيرة صغاراً منها لم جعل من الخمر قربان وأصله محرم وأبان علل التحليل والتحريم وعرض له حتى سافر إلى بيت المقدس وصام به يوماً واحداً وعاد منه إلى دمشق واتصل خبره بالعزيز رحمه اللّه وكوتب من الحضرة بكتاب جميل فاحتج حتى له ببغداد أشياء يمضي وينجزها ويعود إلى الحضرة قاصداً ليفوز بحق القصد فحين عاد إلى بغداد أقام بها وعدل عن المضي إلى مصر ثم إذا ملك الديلم أنفذ خلفه واستنادىه فعند حصوله بالري وقف بها نسخة من كناشه الكبير نطق وبلغني حتى البيمارستان يعمل بها وأنه يعهد به بين أطبائهم إذا ذكر أبوعيسى صاحب الكناش وأقام عند ملك الديلم مدة ثلاث سنين وخرج من عنده على سبيل الغضب وكان قد حلف له بالطلاق أنه متى اختار الانصراف لا يمنعه فلم يمكنه رده واتى إلى بغداد وأقام بها مدة ثم إنه استدعي إلى الموصل إلى حسام الدولة فعالجه من سقم كان به وجرى له معه شيء استعظمه وكان أبداً يعيده عنه وذلك أنه كانت له امرأة عليلة بسقم حاد فأشار بحفظ القارورة واتفق أنه عند حسام الدولة ونطق له هذه الامرأة تموت فانزعج لذلك ونظرت الجارية إلى انزعاجه وصرخت وخرقت ثيابها وولت فاستنادىها في الحال ونطق لها جرى في أمر هذه الامرأة شيء لا أفهمه فحلفت أنها لم تجاوز التدبير فنطق من الممكن أنكم خضبتموها بالحناء نطقت قد كان ذلك فحرد ونطق للجارية أقوالا ثم نطق لحسام الدولة أبشر بعد ثلاثة أيام تبرأ فكان كما نطق فعظم هذا عنده وكان أبداً يعيده ويتعجب منه ولما عاد إلى بغداد كان العميد لا يفارقه ويلازمه ويبايته في دار الوزارة لأجل السقم الذي كان به وحظي لديه ثم إذا الأمير ممهد الدولة أنفذ إليه ولاطفه حتى أصعد إلى ميافارقين فلما وصل إليه أكرمه الإكرام المشهور عند جميع من كان يراه ومن لطيف ما جرى له معه أنه أول سنة ورد فيها سقى الأمير دواء مسهلاً ونطق له يجب حتى تأخذ الدواء سحَراً فعمد الأمير وأخذه أول الليل فلما أصبح ركب إلى داره ووصل إليه وأخذ نبضه وسأله عن الدواء فنطق له ما عمل معي شيئاً امتحاناً له فنطق جبرائيل النبض يشير على نفاذ دواء الأمير وهوأصدق فضحك ثم نطق له كم ظنك بالدواء فنطق يعمل مع الأمير خمسة وعشرين مجلساً ومع غيره زائداً وناقصاً فنطق له عمل معي إلى الآن ثلاثة وعشرين مجلساً فنطق وهويعمل تمام ما قلت لك ورتب ما يستعمله وخرج من عنده مغضباً وأمر حتى يشد رحله ويصلح مسببات الانصراف فبلغ ممهد الدولة ذلك وأنفذ إليه يستفهم خبر إنصرافه فنطق مثلي لا يجرب لأنني أشهر من حتى أحتاج إلى تجربة فأرضاه وحمل إليه بغلة ودراهم لها قدر‏.‏

وفي هذه المدة محرره ملك الديلم بخط جميلة يسأله فيها الزيارة ومحرر ممهد الدولة يسأله في ذلك فمنع من المضي وأقام في الخدمة ثلاث سنين وتوفي يوم الجمعة ثامن شهر رجب من شهور سنة ست وتسعين وثلاثمائة للهجرة وكان عمره خمساً وثمانين سنة ودفن بالمصلى بظاهر ميافارقين ولجبرائيل بن عبيد اللَّه بن بختيشوع من الخط كناشه الكبير الملقب بالكافي خمس مجلدات ألفه للصاحب بن عباد رسالة في عصب العين منطقة في ألم الدماغ بمشاركة فم المعدة والحجاب الفاصل بين آلات الغذاء وآلات التنفس المسمى ذيافرغما ألفها لخسروشاه بن مبادر ملك الديلم منطقة في حتى أفضل استقسات البدن هوالدم ألفها للصاحب بن عباد كتاب المطابقة بين قول الأنبياء والفلاسفة منطقة في الرد على اليهود منطقة في أنه لم جعل من الخمر قربان وأصله محرم‏. ‏ هوأبوسعيد عبيد اللَّه بن جبرائيل بن عبد اللَّه بن بختيشوع ابن جبرائيل بن بختيشوع بن جورجس بن جبرائيل كان فاضلاً في صناعة الطب مشهوراً بجودة الأعمال فيها متقناً لأصولها وفروعها من جملة المتميزين من أهلها والعريقين من أربابها وكان جيد الفهم بفهم النصارى ومذاهبهم وله عناية بالغة بصناعة الطب وله تصانيف كثيرة فيها وأقام بميافارقين وكان معاصر ابن بطلان ويجتمع به ويأنس إليه وبينهما صحبة وتوفي عبيد اللَّه بن جبرائيل في شهور سنة نيف وخمسين وأربعماية ولعبيد اللَّه بن جبرائيل من الخط منطقة في الاختلاف بين الألبان ألفها لبعض أصدقائه في سنة سبع وأربعين وأربعمائة كتاب مناقب الأطباء ذكر فيه شيئاً من أحوالهم ومآثرهم وكان تأليفه لذلك في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة كتاب الروضة الطبية خط به إلى الأستاذ أبي الحسن محمد بن علي كتاب التواصل إلى حفظ التناسل ألفه في سنة إحدى وأربعين وأربعماية رسالة إلى الأستاذ أبي طاهر بن عبد الباقي المعروف بابن قطرمين جواباً عن مسألته في الطهارة ووجوبها رسالة في بيان وجوب حركة النفس كتاب نوادر المسائل مقتضبة من فهم الأوائل في الطب كتاب تذكرة الحاضر وزاد المسافر كتاب الخاص في فهم الخواص كتاب طبائع الحيوان وخواصها ومنافع أعضائها ألفه للأمير نصير الدولة خصيب كان نصرانياً من أهل البصرة ومقامه بها وكان فاضلاً في صناعة الطب جيد المعالجة وقع محمد بن سلام الجمحي نطق سقم الحكم بن محمد بن قنبر المازني الشاعر بالبصرة فأتوه بخصيب الطبيب يعالجه فنطق فيه الرمل ولقد قلت لأهلي إذ أتوني بخصيب ليس واللَّه خصيب للذي بي بطبيب إنما يعهد دأبي من به مثل الذي بي وحدث أيضاً محمد بن سلام نطق كان خصيب الطبيب نصرانياً نبيلاً فسقى محمد بن أبي العباس السفاح شربة دواء وهوعلى البصرة فسقم منها وحمل إلى بغداد فمات بها وذلك في أول سنة خمسين ومائة فاتهم خصيب فحبس حتى توفي فنظر في علته إلى مائه وكان عالماً فنطق نطق جالينوس إذا صاحب هذه العلة إذا صار هكذا ماؤه لا يعيش فقيل له إذا جالينوس من الممكن أخطأ فنطق ما كنت إلى خطئه قط أحوج مني إليه في هذا الوقت ومات من علته.

تاريخ النشر: 2020-06-04 04:19:07
التصنيفات: أطباء سريان

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

من هن الأسيرات الفلسطينيات اللواتي قد تشملهن صفقة تبادل محتملة؟

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:08:04
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 90%

تحرك عاجل في مصر تجاه حدود فلسطين وإعلان حالة الطوارئ

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:55
مستوى الصحة: 87% الأهمية: 97%

الإذاعة الإسرائيلية: عدد ضحايا "طوفان الأقصى" لا يمكن استيعابه

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:58
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 98%

ارتفاع أسعار النفط على خلفية التوتر في الشرق الأوسط بعد هجوم حماس

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:42
مستوى الصحة: 86% الأهمية: 90%

أكثر من ألفي قتيل جراء الزلزال في أفغانستان وعمليات البحث متواصلة

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:46
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 98%

كتائب "القسام" تكشف عن منظومة دفاع جوي محلية الصنع (فيديو)

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:08:11
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 93%

رئيسي: تحولت تنهيدة المظلوم إلى عاصفة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:08:00
مستوى الصحة: 90% الأهمية: 86%

حرب غزة: ارتفاع أسعار النفط بعد هجوم حماس على إسرائيل

المصدر: BBC News عربي - بريطانيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:21
مستوى الصحة: 89% الأهمية: 90%

إسرائيل تعلن فرض "حصار كامل" على غزة يشمل حظر دخول الغذاء والوقود

المصدر: فرانس 24 - فرنسا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:07:30
مستوى الصحة: 88% الأهمية: 88%

الجيش الإسرائيلي يعلن تجنيد 300 ألف جندي احتياط خلال 48 ساعة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2023-10-09 12:08:10
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 100%

تحميل تطبيق المنصة العربية