عيسى المعروف بأبي قريش كان صيدلانياً يجلس على موضع نحوباب قصر الخليفة وكان ديناً صالحاً في نفسه وأن الخيزران جارية المهدي وجهت بمائها مع جارية لها إلى الطبيب فخرجت الجارية من القصر فأرت أبا قريش الماء فنطق لها هذا ماء إمرأة حبلى بغلام فرجعت الجارية بالبشارة فنطقت لها إرجعي إليه وإستقصي المسألة عليه فرجعت فنطقت لها ما قلت لك حق ولكن لي عليك البشرى فنطقت كم تريدين البشرى نطق جامة فالوذج وخلعة سنية فنطقت لها إذا كان هذا حقاً فقد سقت إلى نفسك خير الدنيا ونعيمها وإنصرفت فلما كان بعد أربعين يوماً أحست الخيزران بالحمل فوجهت ببدرة دراهم وكتمت الخبر عن المهدي فلما مضت الأيام ولدت موسى أخا هارون الرشيد فعند ذلك أفهمت المهدي ونطقت له إذا طبيباً على الباب أبلغ بهذا منذ تسعة أشهر وبلغ الخبر جورجس بن جبرائيل فنطق كذب ومخرقة فغضبت له الخيزران وأمرت فاتخذ بين يديها مائة خوان فالوذج ووجهت بذلك إليه مع مائة ثوب وفرس بسرجه ولجامه وما مضى بعد ذلك إلا قليل حتى حبلت بأخيه هارون الرشيد فنطق جورجس للمهدي جرب أنت هذا الطبيب فوجه إليه بالماء فلما نظر إليه نطق هذا ماء إبنتي أم موسى وهي حبلى بغلام آخر فرجعت الرسالة بذلك إلى المهدي وأثبت اليوم عنده فلما مضت الأيام ولدت هارون فوجه المهدي إلى أبي قريش فأحضره وأقيم بين يديه فلم يزل يطرح عليه الخلع وبدر الدنانير والدراهم حتى علت رأسه وسير هارون وموسى في حجره وكناه أبا قريش أي أبا العرب ونطق لجورجس هذا شيء أنا بنفسي جربته فصار أبوقريش نظير جرجس بن جبرائيل بل أكبر منه حتى تقدمه في المرتبة وتوفي المهدي وإستخلف هارون الرشيد وتوفي جرجس وسار إبنه تبع أبي قريش في خدمة الرشيد ومات أبوقريش وخلف إثنين وعشرين ألف دينار مع نعمة سنية ونطق يوسف بن إبراهيم حدثني العباس بن علي بن المهدي حتى الرشيد إتخذ مسجداً جامعاً في بستان موسى الهادي وأمر إخوته وأهل بيته بحضوره في جميع يوم جمعة لتولى الصلاة بهم فيه نطق فحضر والدي علي بن المهدي ذلك المسجد في يوم حار وصلى فيه وانصرف إلى داره بسوق يحيى فكسبه حر ذلك اليوم صداعاً كاد يمضى ببصره فأحضر له جميع متطببي مدينة السلام وكان آخر من أحضر منهم عيسى أبوقريش فوافاهم قد إجتمعوا للمناظرة فنطق ليس يتفق للجماعة رأي حتى يمضى بصر هذا ثم نادى بدهن بنفسج وماء ورد وخل خمر وثلج فجعل في مضربة من ذلك الدهن بقدر وزن درهمين وصب عليه شيئاً من الخل وشيئاً من الماء وفت فيه شيئاً من الثلج وحرك المضربة حتى اختلط جميع ما فيها‏.‏

ثم أمر بتصبير راحه منه وسط رأسه والصبر عليه حتى ينشفه الرأس ثم زيادة راحة أخرى فلم يزل يعمل ذلك ثلاث مرات أوأربع حتى سكن عنه الصداع وعوفي من العلة نطق يوسف وحدثتني شكلة أم إبراهيم بن المهدي حتى المهدي هتف بها وهي معه في مضربه بالربدة من طريق مكة بلسان متغير أنكرته فصارت إليه وهومستلق على القفا فأمرها بالجلوس فلما جلست وثب فعانقها معانقة الإنسان لمن يسلم عليه ثم عبرها إلى صدره وزال عنه عقله فجهد جميع من حضرها بأن يخلص يديه من عنقها فما وصلوا إلى ذلك وحضر المتطببون فأجمعوا على حتى الذي به فالج فنطق عيسى أبوقريش المهدي إبن المنصور بن محمد بن علي بن العباس يضربه فالج لا واللَّه لا يضرب أحداً من هؤلاء ولا نسلهم فالج أبداً إلا حتى يبذروا بذورهم في الروميات والصقلبيات وما أشبههن فيعرض الفالج لمن ولده الروميات وأشباههن من نسلهم ثم نادى بالحجام فحجمه فواللَّه ما حتى خرج من دمه إلا محجمة واحدة حتى رد إليه يديه ثم تحدث من المحْجَمةِ الثانية ثم ثاب إليه عقله قبل فراغ الحجام من حجامته ثم طعم بعد ذلك ونادى بأم أسماء بنت المهدي فواقعها فأحبلها بأسماء نطق يوسف ولما اشتدت بإبراهيم بن المهدي علته التي توفي فيها استرخى لحيه وغلظ لسانه في فيه فصعب عليه الكلام وكان إذا تحدث توهمه سامعه مفلوجاً فنادىني وقت صلاة العصر من يوم الثلاثاء لست خلون من شهر رمضان سنة أربع وعشرين ومائتين فنطق لي أما تعجب من عرض هذه العلة التي لم تعرض لأحد من ولد أبي غير إسماعيل ابن موسى أمير المؤمنين ومحمد بن صالح المسكين وإنما عرضت لمحمد لأن أمه كانت رومية وأم أبيه كانت كذلك وكانت أم إسماعيل رومية وأنا فلم تلدني رومية فما العلة عندك في عرض هذه العلة لي عملمت أنه كان حفظ عن أمه قول عيسى أبي قريش في المهدي وولده أنه لا يعهد لعقبه الفالج إلا حتى يبذروا بذورهم في الروميات وأنه قد أمل حتىقد يكون الذي به فالجاً لا عارض الموت فقلت لا أعهد لإنكارك هذه العلة معنى إذ كانت أمك التي قامت عنك دنباونديَّة ودنباوند أشد برداً من جميع أرض الروم فكأنه تفرج إلى قولي وصدقني وأظهر السرور بما سمع مني ثم توفي في وقت طلوع الفجر من يوم الجمعة لتسع خلون من شهر رمضان‏.‏

نطق يوسف حدثني إبراهيم بن المهدي حتى لحم عيسى بن جعفر بن المنصور كثر عليه حتى كاد حتى يأتي على نفسه وأن الرشيد اغتم لذلك غماً شديداً أضر به في بدنه ومنعه لذة المطعم والمشرب وأمر جميع المتطببين بمعالجته فكلهم دفع حتىقد يكون عنده في ذلك حيلة فزادوا الرشيد غماً إلى ما كان عليه منه وإن عيسى المعروف بأبي قريش صار إلى الرشيد سراً فنطق له يا أمير المؤمنين إذا أخاك عيسى بن جعفر رزق معدة سليمة وبدناً قابلاً للغذاء أحسن قبول وجميع الأمور جارية له بما يحب فليس يتمنى شيئاً إلاّ تَمَّ له على أكثر مما يحبه وقد وقي موت أحبته ودخول النقص في ماله والظلم من ناحية سلطانه والاستقصاء عليه والأبدان متى لم تختلط على أصحابها طبائعهم وأحوالهم فتنالهم العلل في بعض الأوقات والصحة في بعضها والغموم في بعضها والسرور في بعضها ورؤية المكاره في بعضها والمحاب في بعضها وتدخلها الروعة أحياناً والفرح أحياناً لم يؤمن على صاحبها التلف لأن لحمه يزداد حتى تضعف عن حمله العظام وحتى يغمر عمل النَّفَس وتبطل قوى الدماغ والكبد ومتى كان هذا عدمت الحياة وأخوك هذا إذا لمن تظهر موجدة عليه أوتغير له أوتقصده بما ينكي قلبه من حيازة مال أوأخذ عزيز عليه من حرمه لم آمن عليه تزايد هذا الشحم حتى يتأتى على نفسه فإن أحببت حياته فاعمل ذلك به وإلا فلا أخ لك فنطق الرشيد أنا أفهم حتى الذي ذكرت على ما قلت غير أنه لا حيلة عندي في التغير له أوغمه بشيء من الأمور فإن تكن عندك حيلة في أمره فاحتل بها فإني أكافئك عنه متى رأيت لحمه قد انحط بعشرة آلاف دينار وآخذ لك منه مثلها فنطق عيسى عندي حيلة إلا أني أتخوف حتى يعجل علي عيسى بالقتل فتتلف نفسي فليوجه معي أمير المؤمنين خادماً جليلاً من خدمه ومعه جماعة يمنعونه مني إذا أمر بقتلي فعمل ذلك به وسار إليه فجسه وأفهمه أنه يضطر إلى مجسة عرقه ثلاثة أيام قبل حتى يذكر له شيئاً من العلاج فأمره عيسى بالانصراف والعود إليه فعمل ذلك وعاد في اليوم الثاني والثالث فلما فرغ من مجسة عرقه نطق له إذا الوصية مباركة وهي غير مقدمة ولا مؤخرة وأنا أرى للأمير حتى يعهد فإن لم يحدث حادث قبل أربعين يوماً عالجته في ذلك بعلاج لا يمضي به إلا ثلاثة أيام حتى يخرج من علته هذه ويعود بدنه إلى أحسن مما كان عليه ونهض من مجلسه وقد أسكن قلب عيسى من الخوف ما امتنع له من أكثر الغذاء ومنعه من النوم فلم يبلغ أربعين يوماً حتى انحط من منطقته واستتر عيسى أبوقريش في تلك الأيام عن الرشيد خوفاً من إعلام الرشيد عيسى بن جعفر تدبير عيسى المتطبب لإسكان الغم قلبه فيفسد عليه تدبيره فلما كان ليلة يوم الأربعين سار إلى الرشيد وأفهمه أنه لا يشك في نقصان بدن عيسى وسأله إحضاره مجلسه أوالركوب إليه فركب إليه الرشيد فدخل عليه ومعه عيسى فنطق له عيسى أطلق لي يا أمير المؤمنين اغتال هذا الكافر فقد قتلني وأحضر منطقته فشدها في وسطه ونطق يا أمير المؤمنين نقص هذا العدوواللّه من بدني بما أدخل علي من الروع خمس بشيزجات فسجد الرشيد شكراً للّه ونطق له يا أخي مَتَعْتُ بك بأبي عيسى - وكان الرشيد كثيراً ما يقول له بأبي عيسى - ردت إليك بعد اللّه الحياة ونعم الحيلة احتال لك وقد أمرت له بعشرة آلاف دينار فأوصل إليه مثلها فعمل ذلك له وانصرف المتطبب إلى منزله بالمال ولم يرجع إلى عيسى ابن جعفر ذلك الشحم إلى حتى فارق الدنيا نطق يوسف وحدثني إبراهيم بن المهدي أنه اعتل بالرقة مع الرشيد علة صعبة فأمر الرشيد بحدره إلى والدته بمدينة السلام فكان بختيشوع جد بختيشوع الذي كان في دهرنا هذا لا يزايله ويتولى علاجه ثم قدم الرشيد مدينة السلام ومعه عيسى أبوقريش فذكر حتى أبا قريش أتاه عائداً فرأى العلة قد أمضىت لحمه وأذابت شحمه وأسارته إلى اليأس من نفسه وكان أعظم ما عليه في علته شدة الحمة نطق أبوإسحاق فنطق لي عيسى وحق المهدي لأعالجنك غداً علاجاًقد يكون به برؤك قبل خروجي من عندك ثم نادى القهرمان بعد خروجه فنطق له لا تدع بمدينة السلام أسمن من ثلاثة فراريج كسكرية تذبحها الساعة وتعلقها في ريشها حتى آمرك فيها بأمري غداة غد ثم بكر إلي ومعه ثلاث بطيخات رمشية قد بردها في الثلج ليلته كلها فلما ولج علي نادى بسكين فبتر لي من إحداهن بترة ثم نطق لي جميع هذه البترة فأفهمته حتى بختيشوع كان يحميني من رائحة البطيخ فنطق لي لذلك طالت علتك فكل فإنه لا بأس عليك فأكلت البترة التذاذاً مني لها ثم أمرني بالأكل فلم أزل آكل حتى استوفيت بطيختين ثم انتهت نفسي فبتر من الثالثة بترة ونطق جميع ما أكلت للذة فكل هذه البترة للعلاج فأكلتها بتكره ثم بتر بترة أخرى وأوما إلى الغلمان بإحضار الطشت ونطق لي جميع هذه البترة أيضاً فما أكلت ثلثها حتى جاشت نفسي وذرعني القيء فتقيأت أربعة أضعاف ما أكلت من البطيخ وكل ذلك مرة صفراء ثم أغمي علي بعد ذلك القيء وغلب علي العرق والنوم إلى بعد صلاة الظهر فانتبهت وما أعقل جوعاً وقد كانت شهوة الطعام ممتنعة مني فدعوت بشيء آكله فأحضرني الفراريج الثلاثة وقد طبخ لي منها سكباج وأجادها طهاتها فأكلت منها حتى تضلعت ونمت بعد أكلي إلى آخر أوقات العصر ثم قمت وما أجد من العلة قليلاً ولا كثيراً‏.‏

واتصل بي البرء فما عادت إلي تلك العلة منذ ذلك اليوم اللجلاج نطق يوسف بن إبراهيم حدثني إسماعيل بن أبي سهل بن نوبخت حتى أباه أبا سهل حدثه حتى المنصور لما حج حجته التي توفي فيها ورافق ابن اللجلاج متطبب المنصور فكانا متى نام المنصور تنادما إلى حتى سأل ابن اللجلاج وقد عمل فيه النبيذ أبا سهل عما بقي من عمر المنصور نطق إسماعيل فأعظم ذلك والدي وبتر النبيذ وجعل على نفسه حتى لا ينادمه وهجره ثلاثة أيام ثم اصطلحا بعد ذلك فلما جلسا على نبيذهما نطق ابن اللجلاج لأبي سهل سألتك عن فهمك ببعض الأمور فبخلت به وهجرتني ولست أبخل عليك بفهمي فاسمعه ثم نطق إذا المنصور رجل محرور تزداد يبوسة بدنه حدثا أسن وقد حلق رأسه بالحيرة وجعل مكان الشعر الذي حلقه غالية وهوفي هذا الحجاز يداوم الغالية وما يقبل قولي في هجرها ولا أحسبه يبلغ إلى قيد حتى يحدث في دماغه من اليبس ما لاقد يكون عندي ولا عند أحد من المتطببين حيلة في ترطيبه فليس يبلغ قيد إذا بلغها إلا مريضاً ولا يبلغ مكة إذا بلغها وبه حياة نطق إسماعيل نطق لي والدي فواللّه ما بلغ المنصور قيد إلا وهوعليل وما وافى مكة إلا وهوميت فدفن ببئر ميمون نطق يوسف فحدثت إبراهيم بن المهدي بهذا الحديث فاستحسنه وسألني عن اسم أبي سهل بن نوبخت فأفهمته بأني لا أعهده فنطق إذا الخبر في اسمه أطرف من حديثك الذي حدثتني عن ابنه فاحفظ عني ثم نطق لي حدثني أبوسهل بن نوبخت أنه لما ضعف عن خدمة المنصور أمره المنصور بإحضار ولده ليقوم مقامه نطق أبوسهل فأدخلت على المنصور فلما مثلت بين يديه نطق لي تسم لأمير المؤمنين فقلت خرخشا ذماه طيماذاه ماذرياد خسروبهمشاذ فنطق لي جميع ما ذكرت اسمك قلت نعم فتبسم ثم نطق لي ما خلق أبوك شيئاً فاختر مني خلة من خلتين قلت وما هما نطق إما حتى أقتصر بك من جميع ما ذكرت على طيماذ وإما حتى أجعل لك كنية تقوم مقام الاسم وهي أبوسهل نطق أبوسهل قد رضيت بالكنية فثبت كنيته وبطل اسمه فحدث بهذا الحديث إسماعيل بن أبي سهل فنطق صدق أبوإسحاق كذا حدثني والدي‏.‏