الدكتور محمد سليم العوا من مواليد 1942م، ومن الحاصلين على شهادة الدكتوراه في (الفلسفة في القانون المقارن) من جامعة لندن عام 1972م.

مسقط العوا على الساحة

يتواجد الدكتور العوا على (الحدود الدينية) الداخلية والخارجية، بين الفِرَق والمذاهب الإسلامية وبين الإسلام وغيره من (الأديان) السماوية وخاصة المسيحية، يتبين هذا من المناصب التي يشغلها الدكتور العوا، ومنها ـ حسب مسقطه الرسمي ـ (رئيس جمعية مصر للثقافة والحوار)، (عضوالفريق العربي للحوار المسيحي)، (المجلس الأعلى للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية)، عضولجنة استشارية لإحدى المجلات التي تتحدث عن الدين والقانون من الولايات المتحدة الأمريكية وهي مجلة (Law & Religion) التي تصدرها كلية الحقوق بجامعة Hamline في ولاية Minnesota الأمريكية.

هل هورجل دين؟

الدكتور العوا خرج على الساحة الفكرية الإسلامية بين عشية وضحاها، كان محامياً يعمل في مجال المحاماة، ثم انتشر فجأة في وسائل الإعلام كمفكر ومنظر لعددٍ من القضايا الفكرية المثيرة للجدل، ولم يُعهد عن الدكتور العوا قبل ذلك مجالسته للفهماء ولا لطلاب الفهم، لم يكن له تواجد في الساحة الدعوية لا بقليل ولا بكثير، ثم خرج علينا يتحدث بكلامٍ نطقه معاصرون له، خرج علينا يزعم أنه بعد درس استمر أربعة وعشرين عاماً توصل لعدد من الأفكار تحوم حول السنة النبوية وتحاول تفريغها من حجيتها بزعم حتى بعضها تشريعي وبعضها غير تشريعي.

تطابق الأفكار؟؟

وذات الأفكار التي تحدث بها العوا.. ذات الأفكار بأم عينها... تحدث بها من قبله شيخ الأزهر محمود شلتوت في كتابه (الإسلام شريعة وعقيدة)، وحين قابله أحدهم في حوارٍ بهذا الكلام، نطق إنه من باب المصادفة!!... وهذا عجيب... من باب المصادفة حتى يتطابق بحثان الأول منهما مشهور جداً؟!! من باب المصادفة حتى يبحث (مفكر) ربع قرن من الزمان ولا يعثر على ما نطقه مؤسس التيار الذي يسير هوفيه؟!!

السنة النبوية

الشيخ محمود شلتوت كان يحمل أعلى الألقاب في زمانه (الإمام الأكبر) ويترأس المؤسسة الدينية الأعلى صوتاً في العالم الإسلامي يومها (الأزهر)، وكانت شخصيته مثيرة للجدل والتساؤلات بما طرح من أطروحات فكرية تتعلق بتقسيم السنة النبوية إلى تشريعية وغير تشريعية، عجيب حتىقد يكون هذا حال الشيخ شلتوت، ثم ينقل عنه العوا ويقول أنه تطابق معه من باب المصادفة. حقيقة أنا لا أصدق الدكتور العوا في دعواه لأسبابٍ ثلاث:

الأول: شهرة من تحدث بكلامه قبله، وهوالشيخ محمود شلتوت.

الثاني: لأن العوا لم تظهر عليه أعراض التفكير والتجديد إلا في سن الشيخوخة، ومن أمحل المحال عند العارفين حتى ينشغل المرء بقضيةٍ ما ثم لا تظهر أعراضها عليه. فإن اللسان ينطق بما يحتويه الجنان، شاء المرء أم أبى، ويؤكد ما أمضى إليه السببُ الثالث وهو:

الثالث: حتى الدكتور العوا ليس له نتاج فكري مضطرد، وحال المفكرين أنهم يفكرون.. وينتجون.. يطرحون.. ويتفاعلون مع من يقف على أطروحاتهم مؤيداً أومعارضاً، وهذا ما لا نجده في إنسان العوا، وإنما مؤتمرات ومحاضرات وفضائيات يسوق فيها بعض المفاهيم المشبوهة ، نعم... المفاهيم المشبوهة.

في إحدى الفضائيات المصرية، وفي برنامج القاهرة اليوم، وفي مطلع شهر نوفمبر من عام 2007 تحديداً في الحلقة التي خصصت لمناقشة أمر الكذاب اللئيم زكريا بطرس كان سليم العوا هوضيف البرنامج ونطق نصاً: "الإسلام والنصرانية يسيران في خطين متوازيين"، وشرح ذلك بأنهما لا يتضادان، وربي يقول: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [سورة المائدة: 72]، وربي يقول: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ [سورة المائدة: 73]، ومن أصدق من الله قيلاًُ؟، ومن أصدق من الله حديثاً؟

كذب العوا وخان أمته ومن يثق برأيه.

العوا والشيعة

والشيعة يسبون أمهات المؤمنين وصحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويقفون في صف أعداء الدين ضد الموحدين، والعوا بيننا وبينهم، يحاول حتى يعطي للناس صورة جيدة عن الشيعة، ويدفع عنهم من يتطاول عليهم. في هذا سعية... ردم الفجوات بين الكفر والإيمان، ردم الفجوات بين أهل الهدى وأهل الضلال، ليصير الكل سواء، ليكون الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض، ويكون المتقين كالفجار، وهيهات هيهات.

الحقيقة حتى العوا ظاهرة تتكرر كثيراً في الساحة الفكرية الإسلامية يُدفع بعدد من الأشخاص ممن يحملون ألقاباً فهمية ويزاد لهم بعض الألقاب المهنية (أمين عام.. رئيس.. مستشار.. الخ)، مما يكبر صورتهم في عين العوام، ثم يتحدثون للناس، يتحدثون بكلام يبدوا جميلاً في ظاهرة، مثل (التقريب)، و(السلام)، و(الحوار).. الخ، وهم في حقيقة الأمر عقبة على طريق السائرين إلى ربهم، وهذه بعض الأمثلة السريعة غير العوا:

- أبكار السقاف (1913م ـ 1989م) في عام 1945 صدرت موسوعة ضخمة بعنوان (نحوآفاق أوسع) تحمل اسمها، و(أبكار السقاف) من المعاصرين ومن المعمرين (١٩١٣ م ١٩٨٩ م) ولا يعهد عنها التاريخ سوى أنها إحدى الحسناوات ربيبة القصور وزوجة الأمراء والأثرياء، كان عمرها حين صدرت هذه الموسوعة التي تحمل اسمها اثنين وثلاثين عامًا والكتاب موسوعة ضخمة في أربع مجلدات ويشبه التحقيق الكبير الذي لم تُسبق إليه!!، وكان حينها وقبلها مشغولة.. تخطب ويفسخ خطبتها.. تتزوج ويموت زوجها.. ولم تخط بعده شيئاً يُذكر، مع أنها عمَّرت، وكانت متفرغة، لا زوج ولا أولاد، وكانت مصاحبة لأهل (الفهم) في زمانها، ولوحلف غيري على أنه خط لها فلا أشك أنه يحنث في يمينه.

- ومحمد شحرور الذي أباح الزنا إذا تراضى الزانيان، وجعل حجاب المرأة هولباس البحر المكون من بترتين، بدعوى حتى هذا منصوص عليه في القرآن الكريم، خرج شحرور هذا بموسوعته الفقهية بعد حتى اشتعلت رأسه شيباً، وألقاها بين الناس دون حتى يرعاها، كبنت الحرام التي لا يعهد لها نسب ولا يحملها حسب، لم يدافع عنها ضد من اعترض عليها، وقد اعترض عليها كثيرون وأكدوا عدم صحة نسبها للدين الإسلامي وأنه عوراء عراتى سوداء صلعاء منبتة لا يعهد لها أب ولا أم بيننا، وما دافع الرجل بشيء، اكتفى بالاستمرار في طرح أفكاره المستفزة.

- ومن قبل هؤلاء قاسم أمين خرج يتحدث في الفقه وهوصفر اليدين من الفقه، ثم بان للناس بعد ذلك أنه كُتبَ له.

- ومثل هذا خليل عبد الكريم ، الذي تحدث بأن هناك فترة تكوين للصادق الأمين على يد السيدة خديجة رضي الله عنها، نطق قولاً عظيما، نَسَبَ النبوة للبشر، ففضحه رب البشر الذي أوفد محمداً للناس رسولاً، بانَ بعد ذلك أنه بتر غلاف كتابٍ لقس نصراني لبناني ماروني يدعى جوزيف قذى (أبوموسى الحريري)، وأبدله بغلافٍ آخر مع تعديل سهل في النص، أثار البلبلة في الساحة، يقول باحث، ويقول مفكر، وفضحه ربك، فقد بان أنه كُتب له. والعجيب حتى النصارى يسوقون أفكار هذا الشقي الخاطئ على أنها من بنات أفكاره هو، وعلى أنه مسلم يتحدث عن رسوله صلى الله عليه وسلم.

خطوا هم بأيديهم ودفعوا بما خطوه للساحة الفكرية على يد أحد (المسلمين) هذا هوالمقصود.

- ومثله سيد القمني ـ ولا زال حياً ـ يحاضر في الكنيسة يوم الجمعة وقت الصلاة، يشرح لهم الإسلام (الحقيقي) يقول لهم أنتم أهدى من الذين آمنوا سبيلا، وهو(مسلم) وهو(مفكر) وهم الذين يشيعون كلامه بيننا، وهم الذين ينصبون له المنابر ليتحدث من عليها.

والأمثلة كثيرة، ولكني فقط أردت حتى أبين أننا لا زلنا حيث يريد الآخر، لا زالت الساحة الفكرية الإسلامية يلعب بها (الآخر) بأمثال العوا وشحرور والسقاف وخليل عبد الكريم وسيد القمني، وهذه النماذج الشاذة فكراً وتفكيراً وسلوكاً بين المؤمنين. ولابد حتى نصحوونفهم الناصح للأمة من الغاش لها.

• [المصدر منطقات ومطويات "جلال القصاص" مسقط طريق الإسلام http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=4758]