اقتصاديات التعليم

عودة للموسوعة

اقتصاديات التعليم

الاقتصاد

التصنيفات العامة

الاقتصاد الجزئي • الاقتصاد الكلي
تاريخ الفكر الاقتصادي
المنهاجية • الطرق المغايرة

التقنيات

اقتصاد رياضي • اقتصاد قياسي
التجريبي • المحاسبة الوطنية

المجالات والمجالات الفرعية

السلوكي • الثقافي • التطوري
النمو • التنمية • التاريخ
الدولي • أنظمة اقتصادية
النقدي و مالي
عام و فهم اقتصاد الريع
الصحة • العمال • الاداري
المعلومات • نظرية الألعاب
منظمة صناعية  • القانون
الزراعي • الموارد الطبيعية
البيئة • البيئي
الحضري • الريفي • الإقليمي

القوائم

الدوريات · المطبوعات
تصنيفات · المواضيع · الاقتصاديين

بوابة الأعمال والاقتصاد
     

اقتصاديات التعليم economics of education أواقتصاد التعليم أواقتصاد التربية والتعليم فرع من فروع فهم الاقتصاد يبحث في الجوانب الاقتصادية للعملية التربوية بما تتضمنه من تعليم وتدريب في جميع المراحل ومنها تعليم الكبار وتدريبهم، وكذلك تدريب العاملين في أثناء الخدمة والقوى البشرية المتعطلة والباحثة عن عمل. ويهتم اقتصاد التعليم بتكاليف التعليم ومردوده وبالعلاقة بين النفقة والمنفعة، سواء على مستوى الفرد أوعلى مستوى الاقتصاد الوطني.

الطلب على التعليم

ومع حتى الناحية الاقتصادية للتربية والتعليم كان لها شأن في إعداد الأهل أبناءهم للقيام بالأعمال التي كانوا يزاولونها ويتوارثونها فإن هذه الناحية لم تكن موضوعاً لبحث فهمي منفصل. ثم اتىت كتابات عدد من أنصار المدرسة التقليدية (الكلاسيكية) تؤكد دور التعليم والتدريب والمجال في العمل في زيادة الإنتاجية أوتحقيق النمو. وفي النصف الأول من القرن العشرين برزت في كتابات الاقتصادي الفرنسي جان فوراستيه Jean Fourastié والاقتصادي السوفييتي ستروميلن Strumilin العلاقة بين مستوى تعليم القوة العاملة وإنتاجيتها، إضافة إلى العلاقة بين تكاليف التعليم ومردوده. وفي الستينات من القرن العشرين برز الاهتمام باقتصاديات التربية والتعليم على أيدي عدد كبير من الاقتصاديين في أوربة والولايات المتحدة مما مهد لظهور فرع حديث في العلوم الاقتصادية يتناول، بمنهج فهمي، دراسة العلاقة بين تكاليف التعليم والإنفاق عليه من جهة والمردود الذي يترتب عليه، على مستوى ولج الفرد المتلقي للتعليم وكذلك على الدخل القومي، من جهة أخرى. إلى غير ذلك بدأت الاتجاهات الجديدة في فهم الاقتصاد تتناول دور التعليم في تكوين الدخل ودور الاستثمارات في التربية في تكوين رأس المال البشري إضافة إلى تصنيف الإنفاق على التربية بين الإنتاجي والاستهلاكي، والعلاقة بين الإنفاق على التعليم وإنتاجيته. ولقد توسع بعض الاقتصاديين في ضرورة تخطيط التعليم وربطه بتأهيل القوة العاملة اللازمة للاقتصاد الوطني وتكييف بنية التعليم ومضمون المناهج مع متطلبات الاقتصاد.


التعليم والاقتصاد

ما كان ليظهر فرع خاص باقتصاديات التعليم لولا العلاقة المتينة بين الاقتصاد والتعليم، فمن جهة يسهم مستوى التعليم في تحديد مستوى إنتاجية العمل ومن ثم في مستوى النموالاقتصادي، ومن جهة أخرى يتحدد مستوى الإنفاق على التعليم، ومن ثم مستوى التعليم ذاته، بمستوى التطور الاقتصادي في البلد المعني. ومن الملاحظ حتى مستوى التعليم في الدول المتقدمة الغنية أعلى من مثيله في الدول النامية والسبب الرئيس في ذلك يرجع إلى المخصصات التي توفرها البلدان المتقدمة للإنفاق على التعليم. من ناحية أخرى يوفر النظام التعليمي إعداد القوى العاملة كمياً وكيفياً. فتجد المؤسسات الاقتصادية حاجتها من العاملين في سوق العمل. وتعد درجة المواءمة بين مخرجات نظام التعليم وحاجات الاقتصاد الوطني من اليد العاملة أحد معايير مستوى تطور النظام التعليمي، يضاف إلى ذلك التشابه الكبير بين القطاع التربوي والقطاع الاقتصادي فكلاهما يشتمل على عمليات إنتاجية واستهلاكية. فالتعليم في جزء منه عملية إنتاجية يشهجر فيها المفهمون والطلبة والإدارة والمناهج والتقنيات ورؤوس الأموال لإنتاج مخرجات من المعارف والمهارات يحصل عليها الخريجون لتوظيفها في الأعمال الاقتصادية والحصول منها على ولج معين، كما أنه في جزء آخر منه عملية استهلاكية تتضمن تلبية حاجة المتفهمين إلى التفهم والفهم. إلى غير ذلك يجري تحليل العملية التربوية تحليلاً اقتصادياً من حيث المدخلات والمخرجات والعائد المترتب عليها إضافة إلى الحاجة التي تشبعها.

الإنفاق على التعليم والمردود

التعليم عملية مكلفة بحاجة إلى أموال كثيرة لبناء المدارس والمعاهد والجامعات وتجهيزها، كما بحاجة إلى أجور المفهمين والإداريين، إضافة إلى أنها تتطلب اقتطاع زمن كبير من أعمار الطلبة والمتدربين يمضونه في التعليم بدلاً من صرفه في مجال الإنتاج مما يعد فرصة ضائعة يجب أخذها بالحسبان عند حساب تكاليف التعليم، وهوما سماه شولتز «الكسب الضائع». فإذا كان التعليمان الابتدائي والمتوسط ضروريين لتوفير القاعدة الثقافية المقبولة للمواطنين، ويمكن عدهما من الخدمات الاجتماعية المطلوب توفيرها للمواطنين ويتم في سنوات العمر الباكرة قبل حتى يدخل الشخص مجال الإنتاج، فإن التعليمين الثانوي والجامعي يعدان اقتطاعاً من وقت الإنتاج من جهة وأداة لزيادة التأهيل وكسب الخبرات من جهة ثانية. لهذا كله تحسب تكاليف التعليم على أنها مجموع الإنفاق الذي يصرف على التعليم ومؤسساته مضافاً إليها تكلفة الفرصة الضائعة على الأقل في مراحل التعليم الثانوية والجامعية وما بعد الجامعية.

ويتناول اقتصاد التعليم حساب تكاليف التعليم الإجمالية وحساب تكلفة الوحدة التعليمية، مثل الفرع الدراسي أوالفترة أوالصف أوالشعبة وأحياناً تحسب تكلفة الفرد الواحد في الفترة الواحدة أوطوال مدة الدراسة، كما يتناول اقتصاد التعليم البحث في أساليب تمويل التعليم، ومصادره وأعباء التعليم وتوزيعها بين الحكومة والمؤسسات العامة والخاصة وكذلك بين الآباء والطلبة. والهدف من دراسة تكاليف التعليم وتمويله وتوزيع أعبائه هوتحديد مردود التعليم على الفرد وعلى الاقتصاد الوطني، وكذلك توزيع أعبائه بين المواطنين المستفيدين من خدمات التعليم ومن مخرجاته لزيادة دخولهم والحكومة، إذ ينعكس التعليم إيجابياً على نموالاقتصاد الوطني وعلى إيرادات الحكومة نتيجة لذلك.فللإنفاق في مجال التعليم مردود يتجلى زيادة في النموالاقتصادي في فروع الاقتصاد الوطني وأنشطته وزيادة في ولج المتفهمين أنفسهم نتيجة ازدياد إنتاجية عملهم.

يهتم اقتصاد التعليم بدراسة العائدات الاقتصادية المتمثلة في زيادة الدخل القومي والدخل الفردي والمرتبطة بالتعليم والناتجة عنه. ولما كان جميع من الدخلين يتأثر بعوامل أخرى غير التعليم فإن عائدات التعليم تنحصر في ذلك الجزء من الدخل الذي يرجع أصلاً إلى تأثير التعليم والتدريب فقط. ويقترح الفهماء طرائق مختلفة لتحديد هذا الجزء، مثل طريقة الارتباط بين مدخلات نظام التعليم، وخاصة تكاليف التعليم، والدخل القومي أوالفردي الناتج عن ذلك، أوطريقة البواقي التي تقوم على تحديد إسهام جميع من عوامل الإنتاج الأساسية في الناتج وترجع الباقي إلى التعليم. يضاف إلى ذلك حتى هناك طريقة مباشرة توازن بين تكاليف تعليم فرد واحد أومجموعة من الأفراد، والدخل الذي يحصل عليه أويحصلون عليه جراء هذا التعليم.

ولا يجوز خارج دائرة هذه الحسابات، إهمال أثر التعليم في حمل المستوى الثقافي وزيادة الخبرة وتوسيع أفق المتفهمين، مما يؤدي إلى تحسين فرص الرخاء وحمل مستوى المعيشة وتخفيض معدلات الجريمة، وكذلك حمل مستوى الانضباط والتقيد بسيادة القانون وتنمية حس الانتماء الوطني والقومي والإنساني.

غير حتى اقتصاد التعليم يولي اهتماماً أكبر للعلاقة بين تكاليف التعليم ومردوده. وكل الأبحاث، على اختلاف النتائج التي تتوصل إليها، تؤكد حتى للإنفاق على التعليم مردوداً عالياً ولقد أكدت دراسة ستروميلن حتى تكاليف التعليم في الاتحاد السوفييتي السابق تسترد في غضون السنوات السبع الأولى من عمل العمال المؤهلين بسبب زيادة إنتاجيتهم ودخلهم الفردي، وتبقى أجور سنوات الخدمة الثلاثين التالية ربحا حقيقياً صافياً. كما توصل جميع من والش Walsh وبساكاروبولس Psacharopoulus وودهول Woodhall إلى نتائج مماثلة حول درجة الارتباط العالية بين مستوى التعليم والدخل الفردي. وتنشر منظمة اليونيسكودراسات كثيرة حول المضمون نفسه. وتقدم هذه الدراسات نتائج مهمة في مجال الموازنة بين نتائج الاستثمار في جميع من رأس المال البشري ورأس المال المادي وترتيب الأولويات بين فروع التعليم المتنوعة ومراحله بحسب عائداتها الاقتصادية والاجتماعية.

التعليم والنموالاقتصادي

بدأ الاهتمام بدراسة العلاقة بين التعليم والنموالاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد حتى اتضح عدم إمكانية رد تام الناتج إلى عوامل الإنتاج المادية من عمل ورأس مال، بحسب النماذج الاقتصادية الرياضية، فعُدَّ التعليم من بين العوامل الأخرى التي تسهم في النمووأدمجت كلها تحت اسم العامل المتبقي residual factor. واتجهت معظم الدراسات إلى تحري تأثير التعليم في تحقيق الزيادة في الناتج القومي مستخدمة في ذلك أساليب المعالجة الإحصائية مثل حساب الارتباط بين زيادة الإنفاق على التعليم أوزيادة عدد سنوات الدراسة، أوحصول القوى العاملة على تعليم إضافي أوتحسين المستوى التعليمي للعمال من جهة، وزيادة إنتاجية العاملين المتفهمين من جهة أخرى. كما استخدمت أساليب التحليل العاملي Factorial للتوصل إلى حساب دور جميع من عوامل الإنتاج، إضافة إلى حساب دور المستوى التقني للآلات وأداء العمال ومهاراتهم ومستوى تعليمهم أوتدريبهم في توليد الدخل وتحقيق النمو. وقد توصلت معظم الدراسات إلى إثبات إسهام التعليم في النموالاقتصادي إلا حتى الشكوك بقيت قائمة حول دقة نتائج هذه الدراسات.

وتبين من الدراسة التي أجراها دنيسون للنموالاقتصادي في الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات 1909 - 1929 و1929 - 1957 حتى نحو10% من النموالاقتصادي في المدة بين 1909و1929 يرجع إلى تحسن مستوى التعليم سواء في زيادة عدد سنوات الدراسة أوزيادة أيام الدراسة، وأن نحو21% من النموالحاصل في المدة من 1929 إلى 1957 يرجع إلى تأثير التعليم أيضاً. كما قام دنيسون أيضاً بدراسة دور التعليم في زيادة النموفي أوربة في السنوات 1950 - 1962، وتوصل إلى إرجاع 5% إلى 15% من النموإلى تأثير التعليم. في حين أرجعت دراسة قام بها شولتز 20% من النموالاقتصادي الحاصل في المدة من 1929 إلى 1957 في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحسن مستوى التعليم. وهناك دراسات متعددة توصلت إلى نتائج مشابهة، ولكن ثمة دراسات أجريت على البلدان النامية توصلت إلى حتى دور التعليم في النموالاقتصادي كان ثانوياً، واتجهت بعض الكتابات والدراسات إلى نفي أي دور للتعليم في التنمية الاقتصادية، وعلى العكس من ذلك فقد وجدت بعض الدراسات حتى الإنفاق الكثيف على التعليم قد يسهم في الإبقاء على التخلف الاقتصادي والاجتماعي، وهي ترد ذلك الخطأ الذي تقع فيه نظم التعليم عندما تتوسع في التعليم الثانوي والعالي. فتخرج إلى أسواق العمل أعداداً من القوى العاملة تزيد على حاجة هذه الأسواق من اختصاصات محددة أومن الاختصاصات التي لاتتلاءم مع حاجات الاقتصاد أصلاً.

ولكن قناعات الاقتصاديين وفهماء التربية المهتمين بهذا الموضوع بقيت راسخة بأن التعليم يسهم في النموالاقتصادي وبأن تأثيره يزداد بزيادة مواءمته لحاجات الاقتصاد من مخرجات النظام التعليمي من متخرجين ومتدربين وأطر وكفايات. إضافة إلى الهجريز على تقصي تأثير التعليم في المظاهر النوعية للتنمية الاقتصادية وخاصة في المجالات الصحية والثقافية والسكانية إلى جانب الآثار الاقتصادية وضرورة الأخذ بنظم الأولويات في تخطيط التعليم لتعطي الأولوية الأولى للتعليم الابتدائي بسبب ازدياد عائداته الاقتصادية والاجتماعية.


التعليم وإعداد القوى العاملة

إن من الوظائف الرئيسة للتعليم إعداد القوى العاملة إعداداً يتلاءم مع حاجات المجتمع والاقتصاد الوطني. والقوى العاملة المتفهمة المؤهلة تعد عاملاً رئيسياً من عوامل الإنتاج، ويفترض حتى تكون ذات إنتاجية أعلى من القوى غير المتفهمة لذا يُعد التعليم أداة في زيادة الإنتاج وحمل الإنتاجية. غير حتى مردود التعليم يتوقف على حسن مواءمته حاجات الاقتصاد الوطني، لهذا كان تخطيط التعليم وتنظيمه أحد أبرز الجوانب التي يهتم بها اقتصاد التعليم، إلى جانب الاستمرار في التعليم والتدريب في أثناء الخدمة لتحسين مهارات العمال وتجديد معارفهم ومهاراتهم وإعادة تأهيلهم بما يتوافق مع ما استجد في مجالات الفهم والتقنية والاقتصاد.

يذكر شولتز حتى الوظائف الرئيسة الخمس للتعليم هي: تزويد الأفراد بالمعارف والمهارات التي يحتاج إليها الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرة الأفراد على التكيف مع شروط العمل، وكشف مواهب الأفراد وتنميتها، والإعداد لمهنة التدريس، والقيام بالبحوث الفهمية، ويضيف حتى لهذه الوظائف قيمة اقتصادية كبيرة. ومنذ الخمسينات، وخاصة بعد الثورة الصناعية الثانية، برز الاهتمام بإعداد القوى العاملة في مؤسسات التعليم، لأن هذا الإعداد يعد استثماراً جيداً ومربحا حقيقياً، ويوفر للقطاعات الاقتصادية حاجاتها من القوى العاملة، ويمكنها من تطوير إنتاجها وزيادته.

والمشكلة الرئيسية التي تقابل إعداد القوى العاملة تكمن في عدم المواءمة بين مخرجات العملية التعليمية واحتياجات سوق العمل. وقد بينت الدراسات التقويمية، التي أجريت لأنظمة التعليم في الدول المتقدمة وفي الدول النامية، وجود نواقص في المعلومات عن حاجة الاقتصاد الوطني من القوى العاملة، مما جعل هذه الأنظمة غير متناسبة مع حاجات المجتمع. حتى في الدول الاشتراكية السابقة كانت خطط التعليم تستند إلى التسقطات المحسوبة من القوى العاملة التي بحاجة إليها القطاعات المتنوعة، غير حتى بنية الاقتصاد الوطني لم تكن تتطور على نحويمكنها من استخدام معارف الخريجين ومهاراتهم بكفاية عالية مما أحدث فجوة بين تخطيط التعليم والإنفاق عليه والاستفادة من مخرجاته ومردوده. أوبعبارة أخرى فإن تنظيم مردود الإنفاق على التعليم لايقوم على حسن بناء النظم التعليمية فحسب بل يقتضي تعاون النظام الاقتصادي ونظم الاستخدام ليوفر ذلك كله لمخططي العملية التعليمية المعلومات الدقيقة عن الحاجات المستقبلية من القوى العاملة.

يرى بعض الباحثين حتى التوسع التعليمي في الدول النامية وخاصة في الدراسات الجامعية والعليا قد أدى إلى وجود فائض في الخريجين عن حاجة سوق العمل، وإلى وقوع قسم كبير منهم في البطالة المقنَّعة عند توظيف أعداد منهم أكثر من الحاجة أوالبطالة الظاهرة عند عدم استيعابهم في القطاعات الاقتصادية والإدارية. ومع هذا فإن دور التعليم في إعداد القوى العاملة لا يمكن حتى يتقلص، بل لا بد من بذل جهود مكثفة لتطوير تخطيط التعليم وأنظمته وأنظمة التدريب لتغدوأكثر كفاية في تحقيق مهمتها في إعداد الأطر المؤهلة لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني.

التعليم وتكوين رأس المال البشري

إن إسهام القوى البشرية في عمليات الإنتاج والدور الذي تقوم به في هذه العمليات والمعارف والمهارات التي اكتسبتها القوى العاملة عن طريق التعليم، دفع إلى عد القوى البشرية المتفهمة رأس مال ذا قيمة إنتاجية توازي رأس المال المادي المتمثل في الأدوات والتجهيزات المستخدمة في عمليات الإنتاج. يهتم اقتصاد التعليم بإجراء الدراسات حول تأثير رأس المال البشري في الإنتاج وذلك بموازنته برأس المال المادي. وتتوصل هذه الدراسات إلى نتائج تؤكد الدور المتزايد لرأس المال البشري في زيادة الإنتاج وإن كانت مختلفة فيما بينها في تقويم هذا الدور. وقد يظهر أحياناً مردود رأس المال البشري معادلاً لرأس المال المادي، أوأكبر منه أوأقل بحسب الدراسة، ولكن جميع هذه الدراسات تؤكد إسهام رأس المال البشري إلى جانب رأس المال المادي في الإنتاج وتحقيق النموالاقتصادي. ومع حتى رأس المال البشري يتكون نتيجة إنفاق متراكم للأموال لتكوين قوة العمل فإنه مع هذا يتميز من رأس المال المادي من وجوه متعددة فمن جهة يتمثل رأس المال البشري في الإنسان الذي هومزيج من مادة ومشاعر وعواطف، ويختلف التعامل معه عن التعامل مع رأس المال المادي، ومن جهة أخرى فإن رأس المال البشري إذا ما قورن برأس المال الماديقد يكون أكثر دواماً، فهولا يهتلك بالاستعمال كالآلات والسلع المنتجة الأخرى فيفقد مع الاستعمال جزءاً من طاقته الإنتاجية، وإنما يزداد نمواً وقدرة على الإنتاج. فالمعارف التي يكتسبها المتفهم تزداد جودة بالاستعمال والخبرة وتزداد بعدئذ كفايتها الإنتاجية.

الاستثمار في التعليم

في ضوء الدراسات حول مردود التعليم عُدت التربية صناعة مربحة تزيد عائداتها الاقتصادية والاجتماعية زيادة كبيرة على تكاليفها، وهذا ما نادى اقتصادي التعليم إلى تنظيم استثماره ليعطي أفضل مردود. وقد نشطت هذه الدعوة في الستينات وكانت وراء التوسع في الإنفاق على التعليم، بغض النظر عن النتائج السلبية التي تمثلت في تخريج أفواج من قوة العمل المتفهمة تتجاوز حاجة سوق العمل. وقد عارض بعض الدارسين النظرة الاستثمارية للتعليم لأنهم يرون في التعليم عملية إنسانية وظيفتها تكوين القيم الروحية والثقافية، وهم يَعُدون تقويمها من وجهة نظر اقتصادية انحرافاً بها عن دورها الأساسي وحطاً من قدرها. غير حتى هذه المعارضة لم تلق قبولاً واسعاً، ذلك حتى دور العملية التعليمية في تكوين القيم الثقافية لا يتعارض مع دورها في تكوين القيم الاقتصادية، بل يؤكد هذا الدور من حيث الإعداد للعمل الاقتصادي الذي يحمل الإنتاج القومي، ويزيد الدخل الفردي، ويزيد من أوقات الفراغ التي يمكن توجيهها لكسب المزيد من القيم الثقافية والروحية.

والاهتمام بالاستثمار في التعليم وترشيده ضروريان لمعالجة مشكلات مهمة، كالإنفاق على التعليم وكيفية توزيع النفقات على البرامج التعليمية للحصول على أعلى مردود منها بعد حتى ارتفعت نسبة الإنفاق على التعليم وتجاوزت في بعض البلدان مثيلتها في تكوين رؤوس الأموال المادية. وإذا لم تتم الاستفادة من الأموال المستثمرة في التعليم لزيادة المردود الاقتصادي فقد تتأثر عملية النموالاقتصادي سلباً في هذه البلدان.


كفاية التعليم

تهتم الكتابات والبحوث المتعلقة بكفاية التعليم بالعلاقة بين مدخلات النظام التعليمي ومخرجاته، كما تهتم بالاستخدام الرشيد للمدخلات للحصول على أفضل المخرجات.

ويقابل قياس كفاية التعليم معضلة كبيرة تتمثل في تنوّع مدخلات النظام التعليمي من الأوقات التي ينفقها المفهمون والطلاب إلى المنشآت والأدوات والخط والقرطاسية وغيرها. فيكون القياس المادي النقدي الشكل الوحيد الممكن لكمية المدخلات. كما يقابل أيضاً معضلة تعدد المخرجات من المعارف والمهارات التي يكتسبها المتفهمون سواء نجحوا أورسبوا في صفوفهم، إضافة إلى المخرجات غير المباشرة التي تتجلى في زيادة إنتاجية عمل المتفهمين وأثر ذلك في زيادة الدخل القومي والفردي. إضافة إلى تأثير المتفهمين في الحياة الاجتماعية ولهذا تتنوع مقاييس كفاية التعليم، فبعضهم يعتمد الكفاية التقنية التي تقاس بالعلاقة بين كم المدخلات وتنظيمها التقني وكم المخرجات، فالنظام التعليمي الكفي تقنياً هوالذي يحسن تنظيم مدخلاته من المفهمين وساعات التدريس والصفوف وسوى ذلك، ويستخدمها ليصل بها إلى عدد أكبر من المخرجات المطلوبة. والآخر يعتمد الكفاية الاقتصادية التي تقاس بالعلاقة بين تكلفة التعليم ومردوده فتكون العملية التربوية أكثر كفاية إذا تمكنت من إنتاج مخرجات محددة بتكلفة أقل. إلى غير ذلك فقد يحدث نظام تعليمي كفياً من الناحية التقنية وغير كفي من الناحية الاقتصادية إذا كانت النفقات أكثر مما يجب، وقد يحدث الأمر عكس ذلك. ويجري التفريق بين الكفاية الداخلية التي تعني الإنتاجية المباشرة للنظام التعليمي وتتمثل بمعدلات النجاح والرسوب والتخرج، والكفاية الخارجية التي تعني قدرة النظام التعليمي على تخريج متفهمين مؤهلين ومناسبين عددياً لتلبية حاجة المجتمع من القوى العاملة ومجهزين بالمعارف اللازمة لمزاولة المهام التي أعدوا لها.

والكفاية يمكن حتى تقاس على مستوى النظام التعليمي بمجمله وعلى مستوى البلد بكامله، أوتقاس على مستوى النظام التربوي في إحدى المراحل التعليمية أوإحدى المؤسسات التعليمية مثل مدرسة أوجامعة معينة.

وفي الواقع إذا قياس كفاية التعليم تقابل معضلة قياس المخرجات التي يصعب تحديدها، وتستخدم أدوات غير موثوقة مثل الامتحانات واختبارات الأداء وإنتاجية المتفهم في عمله أوالدخل الذي يحصل عليه أوغير ذلك، ولكنها أمور يصعب قياسها بدقة، مما يجعل قياس كفاية التعليم مسألة خلافية بين الباحثين.

وغالباً ما يلجأ إلى القياس النوعي من دون الكمي بحيث يؤخذ ببعض الدلالات للحكم على الكفاية مثل نجاح الخريجين في أعمالهم أوكثافة البحوث الفهمية أوغيرها.

العوائد على التعليم

النقد الماركسي للتعليم في ظل الرأسمالية

انظر أيضاً

  • Academic inflation
  • Educational devaluation

الهوامش

  1. ^ اقتصاديات التعليم, الموسوعة العربية

المصادر

  • شولتز، القيمة الاقتصادية للتربية، ترجمة محمد العفيفي وم. سلطان (المخطة الأنجلوالمصرية، القاهرة 1975).
  • كومبز، أزمة العالم في التعليم من منظور الثمانينات، ترجمة حربي وحلمي وحسان (دار المريخ، الرياض 1987).
  • Roland Bénabou, 1996."Heterogeneity, Stratification, and Growth: Macroeconomic Implications of Community Structure and School Finance," American Economic Review,86(3) p p. 584- 609.
  • Mark Blaug, 1985. "Where Are We Now in the Economics of Education?" Economics of Education Review, 4(1), pp. 17–28. Abstract.
  • Clive R. Belfield, ed., 2006.Modern Classics In The Economics Of Education, Elgar. Description.
  • Eric A. Hanushek, 1986. "The economics of schooling: Production and efficiency in public schools." Journal of Economic Literature 24, no. ثلاثة (September): 1141-1177.
  • Eric A. Hanushek, 1992. "The Trade-off between Child Quantity and Quality," Journal of Political Economy, 100(1), p p. 84-117.
  • Eric A. Hanushek and Finis Welch, ed., 2006. Handbook of the Economics of Education. Chapter titles, v. 1, and v. 2, pp. ix-ixx (detailed Contents).
  • Stephen A. Hoenack, 1996. "The Economics of Education in Developing Countries: An Assessment of the State of the Art," Economics of Education Review, 15(4), pp. 327–338. Abstract.
  • Caroline M. Hoxby, 1999. "The Productivity of Schools and Other Local Public Goods Producers," Journal of Public Economics, 74(1), pp. 1–30 Abstract.
  • _____, 2000. "Does Competition among Public Schools Benefit Students and Taxpayers?" American Economic Review, 90(5), p p. 1209- 1238.
  • Geraint Johnes and Jill Johnes, ed., 2004. International Handbook on the Economics of Education, Elgar. Chapter titles.
  • George Psacharopoulos and Harry A. Patrinos, 2004. "Returns to Investment in Education: A Further Update," Education Economics, 12(2), pp. 111–134. Abstract.
  • Steven G. Rivkin, Eric A. Hanushek, and John F. Kain, 2005. "Teachers, Schools, and Academic Achievement," Econometrica, 73(2), pp. 417–458. Abstract.
  • Sherwin Rosen, 1987. "human capital," The New Palgrave: A Dictionary of Economics, v. 2, pp. 681–90.

Selected entries on education from The New Palgrave Dictionary of Economics, 2008), 2nd Edition:

  • "education in developing countries" by Paul Glewwe. Abstract.
  • "human capital, fertility and growth" by Oded Galor. Abstract.
  • "intergenerational transmission" by Lance Lochner.Abstract.
  • "local public finance" by John M. Quigley. Abstract.
  • "population health, economic implications of" by David Canning and David E. Bloom. Abstract.

وصلات خارجية

  • Economics of Education Review Description & links to article titles.
  • Education Economics Aims & Scope & links to article titles.
  • World Bank, "Economics of Education"


تاريخ النشر: 2020-06-04 10:33:52
التصنيفات: اقتصاديات التعليم, الصحة والتعليم والاقتصاد والرعاية

مقالات أخرى من الموسوعة

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

آخر الأخبار حول العالم

تفاصيل حالة الطقس فى مصر اليوم السبت 16-4-2022

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:21:12
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 66%

70 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. 16 أبريل 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:09
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

حركة القطارات| 70 دقيقة تأخير بين قليوب والمنصورة.. 16 أبريل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:05
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 65%

أعدموا ابنه وفخخوا جثته.. يمني يروي فظائع الحوثيين

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:17:10
مستوى الصحة: 79% الأهمية: 95%

حركة القطارات| 70 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. 16 أبريل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:07
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 52%

تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 16 أبريل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:10
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 66%

فتاة تساعد الأثرياء على اختيار أسماء أطفالهم مقابل مبالغ خيالية

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:49
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 58%

"لا تخرجوا للشوارع".. حاكم خاركيف يناشد  ويسخر من الروس

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:16:42
مستوى الصحة: 80% الأهمية: 100%

لماذا لا يمكن لموسكو تعويض خسارة موسكفا.. إجابة بنص من 1936

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:16:43
مستوى الصحة: 81% الأهمية: 98%

90 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. 16 أبريل

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:06
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 58%

وزارة البيئة: إطلاق مبادرة «لا للأكياس البلاستيكية» في الإسكندرية 

المصدر: بوابة أخبار اليوم - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:14
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 53%

«تويتر» تلجأ لخطة «الحبة السامة» لمنع إيلون ماسك من الاستحواذ

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:48
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

نوفاك: عدد من المشترين وافق على شراء الغاز الروسي بالروبل 

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:17:24
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 88%

دراسة: تشغيل سيمفونية بيتهوفن يقلّل من استهلاك السيارة للطاقة!

المصدر: الإمارات اليوم - الإمارات التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:18:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 57%

انفوجراف .. تعرف  علي أسباب الصداع في رمضان ؟

المصدر: موقع الدستور - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:21:12
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 59%

مكافأة مروع مترو نيويورك لـ5..وحظ المهاجر السوري قد يسعفه

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:17:30
مستوى الصحة: 83% الأهمية: 87%

أزمة مستمرة في سريلانكا.. فرض قيود على التزود بالوقود      

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:17:22
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 87%

سوق دبي تسجل رابع زيادة أسبوعية.. وأبوظبي تستقر

المصدر: العربية - السعودية التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2022-04-16 09:17:26
مستوى الصحة: 82% الأهمية: 95%

تحميل تطبيق المنصة العربية